معلوم أن الأصواف تُجزّ والبهيمة حيّة، وكذلك الأوبار والأشعار غالبًا، كما أن البهيمة إذا ذُبحت يُجزّ شعرها، أو يُبقى على الجلد، وهو طاهر بالآية {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ} [النحل: 80]، سواء أخذ منها في حال الحياة، أو بعد مفارقتها الحياة بذبح أو موت، وهذا على أن الصوف حكمه حكم المتصل، أما إذا قلنا: إن الصوف والظفر أحكامهما أحكام المنفصل، فلا إشكال ولا نحتاج إلى مثل هذا التقرير، وهذه المسألة خلافية بين أهل العلم. ومَن أراد القاعدة والتمثيل عليها فعليه بـكتاب (القواعد) لابن رجب –رحمه الله-، حيث ذكر هذه القاعدة: (شعر الحيوان وظفره في حكم المنفصل عنه لا في حكم المتصل) وما يتفرع على ذلك من أحكام، وكأن أهل العلم يميلون إلى أنها في حكم المنفصل، وأن الحيوان لا يتأثر بجزّها ولا يشعر بذلك.
أما ما يدخل في الأيمان والنذور من ذلك كأن يحلف أن لا يمسّ بهيمة فمسّ شعرها، وقلنا: إن الشعر في حكم المنفصل، فإنا نقول: إنه لم يمسّ البهيمة. لكن مثل هذا المثال يَخرج بكون الأيمان والنذور مردُّها إلى الأعراف، والعُرف لا شك أنه جارٍ على أن مَن وضع يده على بهيمة فقد مسّها، والإمام مالك يُرجعه إلى نيته.