التوابُ من أسماءِ اللهِ -جلَّ وعلا-، ومعناه أنه يقبَلُ توبةَ التائبين -وهم كثر-، فكان لصيغة المبالغةِ وجهٌ. لكن بالنسبةِ للمخلوقِين فالتائبُ منهم أفضلُ من التوَّابِ، وذلك من وجهين:
- الأول: أن الوصف بالتائب يدل على أن هناك ذنبًا واحدًا قد تاب منه صاحبه ولم يتكرر منه، وهو أفضل وأكمل ممن يقارفها، وأما الوصف بالتواب فهو مشعر بحصول ذنوب كثيرة، ولا شك أن من لم يُقارِفِ الذنوبَ أكملُ وأفضلُ ممن يُقارِفُها، وإذا كان اللهُ يحبُّ التوَّابَّين فهو يحِبُ التائبين.
- الثاني: أن التوبة إذا تمَّتْ بشروطِها تهدِمُ ما قبلَها، وتبدَّل السيئات إلى حسناتٍ، فالذي يُكْثِرُ من الذنوبِ، ويتوب حتى يستحِقَّ أن يوصَفَ بأنه توَّابٌ، ليس بأفضلَ من الذي لم يعص الله إلا مرةً واحدةً ثم تابَ وبُدِّلَتْ هذه المعصيةُ حسنةً؛ لأن حسنات المطيعِ مُضاعَفَةٌ، والحسناتُ المُبْدَلَةُ عن السيئاتِ لها حكمُ البدلِ غيرُ مُضاعَفَةٍ. وإن كان في كلامِ شيخِ الإسلامِ ما يَدلُّ على أنها أيضًا تُضاعَفُ، لكن العدلَ الإلهيَّ يَقتَضي أن هذا أمْيَزُ من ذاك.