المشقة لذاتها ليست مقصدًا شرعيًا، فلا يعدل الإنسان من الأمر الأسهل الذي تتأدى به العبادة على الوجه الأكمل إلى الأمر الأشد، ولذا لو قال شخص: (بدلاً من أن أذهب إلى المسجد مع الطريق المستقيم الذي لا تزيد مجموع خطاه على خمسين خطوة –مثلًا-، أذهب وأدور في الحي ثم أرجع إلى المسجد، وأحصل بدلاً من الأجر اليسير على الأجر الكثير تبعًا لكثرة الخطا)، نقول: لا أجر لك؛ لأن الأجر المرتب على المشقة إذا كانت هذه المشقة مما تتطلبها العبادة، وكذلك لو قال: (أنا أحج، وبدلاً من أن يكون الطريق مستقيمًا إلى مكة أذهب وأتنقل بين المدن آلاف الكيلو مترات حتى أصل إلى مكة من الجهة المقابلة؛ لأجل أن تزيد المشقة)، نقول: لا تؤجر على هذا، والله -جل وعلا- عن تعذيب الإنسان نفسه غني، فإذا اقتضت العبادة المشقة أُجِر عليها وإلا فلا.