فتنة الناس بكتب الرحلات ظاهرة، ولا أدل على ذلك من غلاء أثمانها، ولو قيل: إن أغلى ما يباع على مستوى سوق الكتب والورَّاقين الرحلات والذكريات لما كان مبالغًا فيه، فتجد أنفس نسخة من (صحيح البخاري) لا تعادل شيئًا بالنسبة لطبعة من طبعات (رحلة ابن بطوطة) المعتنى بها، وقد بيعت (الرحلة) بخمسة آلاف، بل زيد على ذلك. وهناك رحلات فيها فوائد، لكنها لا تسلم من المخالفات، وهناك رحلات ما فيها إلا اطلاع على آثار ومعالم ومشاهد، وليس فيها فوائد علمية، ومنها (رحلة ابن بطوطة) هذه، فليس فيها فائدة علمية ألبتة، اللهم إلا إن كانت جغرافية أو تاريخية أما بالنسبة للفوائد العلمية فلا شيء فيها. وهناك رحلة ابن رشيد واسمها: (ملء العيبة بما جُمع بطول الغيبة) في خمسة مجلدات، هذه رحلة نفيسة، فيها فوائد حديثية لا توجد في الكتب المصنفة في علوم الحديث.