إذا عرفنا الفرق بين الفقر والمسكنة {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: ٦٠] العطف يقتضي المغايرة، فالمساكين غير الفقراء، والمعروف عند جمهور أهل العلم أن الفقر أشد، وأن الفقير من لا يجد شيئًا، والمسكين من يجد بعض الكفاية، والفقر مُلجِئ، كاد الفقر أن يكون كفرًا، والمسكنة نعم يَقصر عليه بعض الأشياء، لكن عنده ما يقوم به صلبُه. والنبي -عليه الصلاة والسلام- من تأمل عيشه كما جاء في (الشمائل) وما ثبت في الصحيحين وغيرهما من شظف العيش عرف حاله، وعرف مقدار هذه الدنيا عنده وعند الله -جل وعلا-، حيث لا تساوي جناح بعوضة، وكان الشهر يمر يُرى الهلال ثم الهلال ثم الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين لا يوقد في بيته -صلى الله عليه وسلم- نار [البخاري: 6459]، وخرج من بيته وما أخرجه إلا الجوع [مسلم: 2038]، ومع ذلك يجد بعض كفايته ويدَّخر قوت سنته [البخاري: 5357]، لكنه قد يتصدق به ويبقى بدون طعام؛ إيثارًا للآخرة، وادِّخارًا لثواب أعماله موفَّرة له في الجنة، والله المستعان.
السؤال
كيف الجمع بين تعوُّذ النبي -صلى الله عليه وسلم- من الفقر وبين دعائه -صلى الله عليه وسلم- أن يُحشر مسكينًا؟
الجواب