كتاب الصلاة من سبل السلام (05)
نعم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمدٍ وعلى آله وصحبه والتابعين، أما بعد،
فقد قال المصنِّف –رحمنا الله تعالى وإياه-: "وَعَنْ عَلِيٍّ –رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «أَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ؛ فَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
قال الشارح –رحمه الله-: وَعَنْ عَلِيٍّ –رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-«أَوْتِرُوا يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ فَإِنَّ اللَّهَ وِتْرٌ» فِي النِّهَايَةِ: أَيْ وَاحِدٌ فِي ذَاتِهِ لَا يَقْبَلُ الِانْقِسَامَ وَلَا التَّجْزِئَةَ وَاحِدٌ فِي صِفَاتِهِ لَا شَبِيهَ لَهُ وَلَا مِثْلَ. وَاحِدٌ فِي أَفْعَالِهِ لَا شَرِيكَ لَهُ وَلَا مُعِينَ.
«يُحِبُّ الْوِتْرَ» يُثِيبُ عَلَيْهِ، وَيَقْبَلُهُ مِنْ عَامِلِهِ".
يُثيب هذا من لازم، وإلا ففيه إثبات المحبة لله سبحانه وتعالى.
طالب: ............
أقول: فيه إثبات المحبة لله –سبحانه وتعالى- على ما يليق بجلاله وعظمته، أما الإثابة فهو من لازم المحبة.
"رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ.
الْمُرَادُ بِأَهْلِ الْقُرْآنِ: الْمُؤْمِنُونَ؛ لِأَنَّهُمْ الَّذِينَ صَدَّقُوا الْقُرْآنَ، وَخَاصَّةً مَنْ يَتَوَلَّى حِفْظَهُ، وَيَقُومُ بِتِلَاوَتِهِ وَمُرَاعَاةِ حُدُودِهِ وَأَحْكَامِهِ.
وَالتَّعْلِيلُ بِأَنَّهُ تَعَالَى وِتْرٌ فِيهِ كَمَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: أَنَّ كُلَّ مَا نَاسَبَ الشَّيْءَ أَدْنَى مُنَاسَبَةٍ كَانَ أَحَبَّ إلَيْهِ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ الْأَمْرَ لِلنَّدَبِ لِلْأَدِلَّةِ الَّتِي سَلَفَتْ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْوِتْرِ".
خلافًا للحنفية، والمناسبة والمحبة لأدنى مناسبة إن الله وترٌ يُحب الوتر، لو طردنا ذلك لقلنا: رحيمٌ يُحب الرحمة، كريمٌ يُحب الكرم، عزيزٌ يُحب العزة، وهكذا.
طالب: ............
إلا ما ورد في النص بخلافه، مثل الجبار، لكنه لا يُحب المتجبرين، متكبر، لكنه لا يُحب المتكبرين.
طالب: ............
لا، ليست مطردة، ورد الاستثناء، جبار لا يُحب المتجبرين، متكبر لا يُحب المتكبرين.
طالب: هل يلزم أن يكون لكل صفة اسم؟
لا، العكس، من كل اسمٍ صفة صحيح، لكن لا عكس.
"وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا»، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فِي فَتْحِ الْبَارِي أَنَّهُ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي مَشْرُوعِيَّةِ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ مِنْ جُلُوسٍ".
فعلها النبي –عليه الصلاة والسلام-، وفيها نوع منافاة للأمر في جعل آخر الصلاة وترًا، إذا صلى ركعتين من جلوس ما صار آخر صلاته من الليل وترًا.
طالب: ............
ولذلك صلى بعد الوتر ركعتين وهو جالس، النبي –عليه الصلاة والسلام- فعلهما، لكن هل يكون امتثل الأمر في قوله: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا»؟ ما جعل آخر صلاته بالليل وترًا، إنما جعلها هذا الشفع اللذين هما ركعتين.
طالب: ............
سيأتي كلامه.
"وَالثَّانِي مَنْ أَوْتَرَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَنَفَّلَ مِنْ اللَّيْلِ فهَلْ يَكْتَفِي بِوِتْرِهِ الْأَوَّلِ؟".
غلب على ظنه أنه لا يقوم من الليل، فأوتر قبل أن ينام من باب الاحتياط، ثم قام من الليل، ماذا يصنع؟ هل نقول له: اجعل آخر صلاتك من الليل وترًا يعني أوتر ثانيًّا؟ لا، «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ»، أو نقول له: لا تُصلِّ؛ لأنك أوترت، بل نقول له: أوتر وإن قمت من آخر الليل فصلِّ ما كُتِب لك، والحظ في «اجْعَلُوا» هذا للندب، بدليل أن النبي –عليه الصلاة والسلام- صلى بعد الوتر، وليس للوجوب.
"وَالثَّانِي مَنْ أَوْتَرَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَتَنَفَّلَ مِنْ اللَّيْلِ هَلْ يَكْتَفِي بِوِتْرِهِ الْأَوَّلِ وَيَتَنَفَّلُ مَا شَاءَ أَوْ يَشْفَعُ وِتْرَهُ بِرَكْعَةٍ ثُمَّ يَتَنَفَّلُ؟ ثُمَّ إذَا فَعَلَ هَذَا هَلْ يَحْتَاجُ إلَى وِتْرٍ آخَرَ أَوْ لَا؟
أَمَّا الْأَوَّلُ فَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْوِتْرِ وَهُوَ جَالِسٌ، وَقَدْ ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَجَعَلَ الْأَمْرَ فِي قَوْلِهِ: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا» مُخْتَصًّا بِمَنْ أَوْتَرَ آخِرَ اللَّيْلِ، وَأَجَابَ مَنْ لَمْ يَقُلْ بذلك: بِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ هُمَا رَكْعَتَا الْفَجْر".
لكن ركعتا الفجر إنما تُفعلان من قيام لا من جلوس، فالكلام فيه نظر.
طالب: نظير هذا كون المغرب وتر النهار مع راتبتها.
لا، ما يلزم مع راتبتها، وتر النهار باعتبار أنها وقعت في آخر جزء من النهار، يعني ملاصقة لآخر جزء من النهار، «إِلَّا الْمَغْرِبِ فَإِنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ»، وهذه وتر الليل حقيقةً؛ لأنها وقعت في الليل.
طالب: ............
لا، هو يُشكِل على حديث الباب «اجْعَلُوا» أمر «آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا»، فالذي يُصلي ركعتين من جلوس ما جعل آخر صلاته بالليل وتر.
طالب: ............
«اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ» ظاهر ما يحتاج إلى تأويل مثل هذا، لكن الرسول –عليه الصلاة والسلام- فعل الركعتين، هل نقول: إن هاتين الركعتين خاصتان به، والأمر للأمة، هاتان الركعتان خاصتان به، أو نقول: إنه فعل هاتين الركعتين؛ ليُبين أن الأمر ليس للوجوب، وإنما هو للاستحباب؟
طالب: ............
بعد غروب الشمس، لكن باعتبارها ملاصقة لآخر جزءٍ من النهار، والوتر ينبغي أن يكون في آخر جزء من الليل شُبِّهت به، إنما ما هي بوتر النهار حقيقةً في الحقيقة؛ لكن لهذا «إِلَّا الْمَغْرِبِ فَإِنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ، وَإِلَّا الْصُّبح فإنها تُطوَّل فِيهَا الْقِرَاءَةَ».
طالب: ............
ما فيه إشكال؛ لكن الأفضل أن يُجعَل آخر الصلاة بالليل وترًا.
"وَجَعَلَ الْأَمْرَ فِي قَوْلِهِ: «اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا» مُخْتَصًّا بِمَنْ أَوْتَرَ آخِرَ اللَّيْلِ، وَأَجَابَ مَنْ لَمْ يَقُلْ بذلك: بِأَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ هُمَا رَكْعَتَا الْفَجْر، وَحَمَلَهُ النَّوَوِيُّ عَلَى أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَلَ ذَلِكَ لِبَيَانِ جَوَازِ النَّفْلِ بَعْدَ الْوِتْرِ، وَجَوَازِ التَّنَفُّلِ جَالِسًا.
وَأَمَّا الثَّانِي فَذَهَبَ الْأَكْثَرُ إلَى أَنَّهُ يُصَلِّي شَفْعًا مَا أَرَادَ، وَلَا يَنْقُضُ وِتْرَهُ الْأَوَّلَ؛ عَمَلًا بِالْحَدِيثِ".
إذا نقض وتره الأول صار عنده في الليل أكثر من وتر، فإذا أوتر في أول الليل، ثم نقضه في آخر الليل، ثم أوتر في آخر صلاته صار أوتر ثلاث مرات، والرسول –عليه الصلاة والسلام- يقول: «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ».
"وَعَنْ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ»، رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالثَّلَاثَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ".
في صحيح مسلم هذا؟ هو في الصحيح؟
طالب: ............
«لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ» عندكم؟ ما خرَّجه؟
خل التخريج هذا معروف أنه تخريج من هجر.
طالب: ............
ما ينفع هذا، «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ».
طالب: ............
في مسلم.
"فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُوتِرُ بَلْ يُصَلِّي شَفْعًا مَا شَاءَ، وَهَذَا نَظَرٌ إلَى ظَاهِرِ فِعْلِهِ، وَإِلَّا فَإِنَّهُ لَمَّا شَفَعَ وِتْرَهُ الْأَوَّلَ لَمْ يَبْقَ إلَّا وِتْرٌ وَاحِدٌ هُوَ مَا يَفْعَلُهُ آخِرًا، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِك".
هذا الكلام فيه نظر؛ لأنه قال: "إلا وتر واحد" فيه ثلاثة أوتار، هو ما شابه وتره الأول بركعةٍ ملاصقة، يعني ما قرن هذا الوتر بركعةٍ ثانية، لا، إنما شفعه بعد قيام بعد ساعتين أو ثلاث أو خمس، نعم فعلها ابن عمر، لكن هو معارض للنص «لَا وِتْرَانِ فِي لَيْلَةٍ»، وهذا ثلاثة.
نعم لو أراد أن يوتِر آخر الليل، وأراد أن يقتدي بالإمام في التراويح فأوتر معه فشفعه بركعةٍ تابعة لهذا الوتر فهذا صحيح، لكن ما هو معناه أنه يُسلَّم مع الإمام في الوتر، ثم إذا قام في آخر الليل جاء بركعةٍ منفردة، ثم صلى ما كُتِب له، ثم أوتر هذه ثلاث مرات أوتر.
طالب: ............
كيف؟
طالب: ............
هذا نفي، والنفي يُراد به النهي الأصل، بل هو أبلغ من النهي.
طالب: ............
من باب التراويح أم من باب الوتر؟
طالب: ............
لا، ما يُسلِّم يأتي بالركعة مباشرة.
طالب: ............
تُكتب له؛ لأنه ما انصرف قبله.
طالب: زاد عليه.
نعم.
إن أوتر فليشفع، وإن ترك الوتر باعتباره أوتر أولًا فلا بأس، وإلا إن أوتر معه فليشفع.
طالب: ............
نعم يقوم؛ لأنه يثبت تبعًا ما لا يثبت استقلالًا.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لَمَّا سُئِلَ عَنْ ذَلِك: إذَا كُنْت لَا تَخَافُ الصُّبْحَ وَلَا النَّوْمَ فَاشْفَعْ ثُمَّ صَلِّ مَا بَدَا لَك ثُمَّ أَوْتِرْ.
وَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُوتِرُ، أَيْ: يَقْرَأُ فِي صَلَاةِ الْوِتْرِ بِـــ{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى:1] أَيْ: فِي الْأُولَى بَعْدَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ وَ{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون:1] أَيْ: فِي الثَّانِيَةِ بَعْدَهَا وَ{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] أَيْ: فِي الثَّالِثَةِ بَعْدَهَا. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ، وَزَادَ -أَيْ النَّسَائِيّ- وَلَا يُسَلِّمُ إلَّا فِي آخِرِهِنَّ.
الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى الْإِيتَارِ بِثَلَاثٍ وَقَدْ عَارَضَهُ حَدِيثُ «لَا تُوتِرُوا بِثَلَاثٍ»، وَهُوَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ، وَقَدْ صَحَّحَ الْحَاكِمُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ كَرَاهِيَةَ الْوِتْرِ بِثَلَاثٍ".
«لَا تُوتِرُوا بِثَلَاثٍ» بأن تجلسوا بعد الثانية محمولٌ على هذا، فتشبهوها بالمغرب.
"وَقَدْ قَدَّمْنَا وَجْهَ الْجَمْعِ ثُمَّ الْوِتْرُ بِثَلَاثٍ أَحَدُ أَنْوَاعِهِ كَمَا عَرَفْت فَلَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ.
فَذَهَبَتْ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْهَادَوِيَّةُ إلَى تَعْيِينِ الْإِيتَارِ بِالثَّلَاثِ تُصَلَّى مَوْصُولَةً، قَالُوا: لِأَنَّ الصَّحَابَةَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْإِيتَارَ بِثَلَاثٍ مَوْصُولَةٍ جَائِزٌ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا عَدَاهُ فَالْأَخْذُ بِهِ أَخْذٌ بِالْإِجْمَاعِ وَرُدَّ عَلَيْهِمْ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْإِجْمَاعِ كَمَا عَرَفْت".
هذا الإجماع فيه نظر.
"وَلِأَبِي دَاوُد وَالتِّرْمِذِيِّ نَحْوُهُ، أَيْ: نَحْوُ حَدِيثِ أُبَيٍّ عَنْ عَائِشَةَ وَفِيهِ كُلُّ سُورَةٍ مِنْ سَبِّحْ، وَالْكَافِرُونَ فِي رَكْعَةٍ مِنْ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ كَمَا بَيَّنَّاهُ، وَفِي الْأَخِيرَةِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ".
في الثالثة؟
طالب: في الأخيرة.
نعم.
"{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص:1] وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ، فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ لِينٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ خُصَيْفًا الْجَزَرِيَّ وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالدَّارَقُطْنِيّ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: إسْنَادُهُ صَالِحٌ".
طالب: فيه لين، هل هذه المرتبة تكون بعد الحسن لغيره وقبل الضعيف؟
لا، ضعيف ضعيف.
طالب: ............
يقبل الانجبار، لكن مثل ما قال فيه: ضعيف، اللين ضعيف.
طالب: ............
هو أقل ضعفًا، لكنها من مراتب الضعيف.
طالب: ............
أقل ضعفًا من الضعيف، لكنها من مراتب الضعف، يعني لو صرَّحوا بأن قالوا: فلان ضعيف وفلان فيه لين، الأصل أن هذا الذي فيه لين لو تُوبِع لصار مقبولًا.
طالب: ينتقل إلى درجة الحسن يا شيخ؟
نعم، والضعيف أيضًا ضعفه منجبر لو تُوبِع لصار حسنًا لغيره.
طالب؟ لكن الذي فيه لين ما يصل إلى الحسن لذاته؟
لا ما يصل.
طالب: ............
صدوق ما يفرق.
"قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: إسْنَادُهُ صَالِحٌ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: أَنْكَرَ أَحْمَدُ وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ زِيَادَةَ الْمُعَوِّذَتَيْنِ، وَرَوَى ابْنُ السَّكَنِ لَهُ شَاهِدًا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ بِإِسْنَادٍ غَرِيبٍ.
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «أَوْتِرُوا قَبْلَ أَنْ تُصْبِحُوا»، رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
هُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْوِتْرَ قَبْلَ الصُّبْحِ، وَلِابْنِ حِبَّانَ أَيْ: مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: «مَنْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ وَلَمْ يُوتِرْ فَلَا وِتْرَ لَهُ».
وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ الْوِتْرُ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَإِمَّا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ قَضَاؤُهُ فَلَا؛ إذْ الْمُرَادُ مَنْ تَرَكَهُ مُتَعَمِّدًا فَإِنَّهُ قَدْ فَاتَتْهُ السُّنَّةُ الْعُظْمَى حَتَّى إنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ تَدَارُكُهُ، وَقَدْ حَكَى ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ السَّلَفِ أَنَّ الَّذِي يَخْرُجُ بِالْفَجْرِ وَقْتُهُ الِاخْتِيَارِيُّ، وَأَمَّا وَقْتُهُ الِاضْطِرَارِيُّ فَيَبْقَى إلَى قِيَامِ صَلَاةِ الصُّبْحِ، وَأَمَّا مَنْ نَامَ عَنْ وِتْرِهِ وَنَسِيَهُ فَقَدْ بَيَّنَ حُكْمَهُ الْحَدِيثُ".
طالب: ............
لا، ليس بصحيح.
طالب: ............
نعم وقت واحد، ينتهي بطلوع الصبح.
"وَهُوَ قَوْلُهُ: وَعَنْهُ -أَيْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ نَامَ عَنْ الْوِتْرِ أَوْ نَسِيَهُ فَلْيُصَلِّ إذَا أَصْبَحَ أَوْ ذَكَرَ» لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ".
طالب: أما في هذا الحديث دلالة على وجوب الوتر، يعني حتى إن نسي الناسي لم يسقط عنه؟
يقضيه، يقضي السُّنَّة «الوترَ ليسَ بِحَتمٍ».
طالب: حديث؟
حديث نعم، وتقدم مرارًا، تقدم الكلام فيه كثيرًا في نفس الباب، أنت ما حضرت الأسبوع الماضي؟
طالب: لا.
هذا الإشكال.
"لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ حَيْثُ كَانَ نَائِمًا، أَوْ ذَكَرَ إذَا كَانَ نَاسِيًا. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا النَّسَائِيّ.
فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ نَامَ عَنْ وِتْرِهِ أَوْ نَسِيَهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ نَامَ عَنْ الْفَرِيضَةِ أَوْ نَسِيَهَا أَنَّهُ يَأْتِي بِهَا عِنْدَ الِاسْتِيقَاظِ، أَوْ الذِّكْرِ، والْقِيَاسِ أَنَّهُ أَدَاءٌ، كَمَا عَرَفْت فِيمَنْ نَامَ عَنْ الْفَرِيضَةِ، أَوْ نَسِيَهَا".
أو القضاء إن خرج وقتها فالقياس أنه قضاء، لكنها تأخيرٌ لعذر، فلا يتم فيه، مثل قضاء الحائض الصيام ما هو بقضاء، لكن هي معذورةٌ فيه.
طالب: ............
كيف؟
طالب: ............
مثل من نام عن الفريضة، نقول: لو نام عن صلاة الصبح إلى الضحى مثلًا، هو يقول: أداء في الصبح خلاص هذا وقتها، نقول: لا، هي قضاء.
طالب: ............
يصلي شفعًا، الذي يصلي ثلاث يصلي أربعة، والذي يصلي خمسة يصلي ستة إلى آخره، الرسول –عليه الصلاة والسلام- يصلي اثنتي عشرة ركعة.
طالب: ............
ما يلزم الدعاء.
طالب: ............
لا، ما يدعو.
طالب: بالنسبة لقضاء الصيام يا شيخ إذا كان على الإنسان يوم أو يومان ونسي هل هو قضاهم أم لم يقضهم، هل يُشرع له أن يُعيدهم؟
كيف يعيدهم؟ في المسألة هذه أم براءة ذمة.
طالب: هو كان عليه يوم أو يومان في رمضان، ونسي؟
الأصل أنه ما قضاها.
طالب: لكن فيه احتمال.
الأصل أنه لم يقضها، الشك لا يُزيل اليقين.
طالب: يُعيدها؟
لا بُد.
طالب: حتى لو كان قضاها ما يحصل له شيء؟
المقصود أنها في ذمته، هذا الأصل، وهو شك هل قضاها أو لم يقضها؟ هذا شك، والشك لا يُزيل اليقين، يلزمه إعادتها.
طالب: لو أعادهم وكان...
ثم تذكر أنه سبق أن قضاهم ما عليه شيء.
طالب: ............
والله لو اعتنى بالصور الثلاث فلا بأس.
طالب: ............
ما يلزم الذي جاء النص بقضائه يُقضى وإلا فلا، الذي في السُّنَّة الأصل إذا فات وقتها فما تُقض،ى هذا من خصائصه- عليه الصلاة والسلام-.
"وَعَنْ جَابِرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ مِنْ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ، وَذَلِكَ أَفْضَلُ»، رَوَاهُ مُسْلِمٌ
فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ تَأْخِيرَ الْوِتْرِ أَفْضَلُ، وَلَكِنْ إنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ قَدَّمَهُ؛ لِئَلَّا يَفُوتَهُ فِعْلًا، وَقَدْ ذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ إلَى هَذَا، وَإِلَى هَذَا وَفِعْلِ كُلٍّ بِالْحَالَيْنِ وَمَعْنَى كَوْنِ صَلَاةِ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةً تَشْهَدُهَا مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ.
وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إذَا طَلَعَ الْفَجْرُ فَقَدْ ذَهَبَ وَقْتُ كُلِّ صَلَاةِ اللَّيْلِ» أَيْ النَّوَافِلِ الْمَشْرُوعَةِ فِيهِ، وَالْوِتْرِ عَطْفٌ خَاصٌّ عَلَى عَامٍّ فَإِنَّهُ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ عَطَفَهُ عَلَيْهِ؛ لِبَيَانِ شَرَفِهِ «فَأَوْتِرُوا قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ»، فَتَخْصِيصُ الْأَمْرِ بِالْإِيتَارِ لِزِيَادَةِ الْعِنَايَةِ بِشَأْنِهِ، وَبَيَانِ أَنَّهُ أَهَمُّ صَلَاةِ اللَّيْلِ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ وَقْتُهُ بِذَهَابِ اللَّيْلِ، وَتَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ النَّائِمَ وَالنَّاسِيَ يَأْتِيَانِ بِالْوِتْرِ عِنْدَ الْيَقِظَةِ إذَا أَصْبَحَ، وَالنَّاسِي عِنْدَ التَّذَكُّرِ فَهُوَ مُخَصَّصٌ لِهَذَا، فَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِذَهَابِ وَقْتِ الْوِتْرِ بِذَهَابِ اللَّيْلِ عَلَى مَنْ تَرَكَ الْوِتْرَ لِغَيْرِ الْعُذْرَيْنِ.
وَفِي تَرْكِ ذَلِكَ لِلنَّوْمِ مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَائِشَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذَا لَمْ يُصَلِّ مِنْ اللَّيْلِ مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ النَّوْمُ أَوْ غَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ صَلَّى مِنْ النَّهَارِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَكَأَنَّهُ تَدَارُكٌ لِمَا فَاتَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ.
قُلْت: وَقَالَ عَقِيبَهُ: سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى قَدْ تَفَرَّدَ بِهِ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ".
روى الترمذي هذا؟
طالب: ............
التخريج.
طالب: ............
ليس الحديث هذا.
طالب: ............
لا، التخريج، التخريج. مُسلم مُسلم.
طالب: ............
لا لا.
طالب: ............
هو لمسلم.
طالب: ............
أيهم؟
طالب: ............
نعم كمِّل.
"وَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي الضُّحَى أَرْبَعًا، وَيَزِيدُ مَا شَاءَ اللَّهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
هَذَا يَدُلُّ عَلَى شَرْعِيَّةِ صَلَاةِ الضُّحَى، وَأَنَّ أَقَلَّهَا أَرْبَعٌ، وَقِيلَ: رَكْعَتَانِ، وَهَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ: وَرَكْعَتَيْ الضُّحَى.
وَقَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: لَعَلَّهُ ذَكَرَ الْأَقَلَّ".
طالب: ............
أيهم؟
طالب: ............
لا؛ لبيان الجواز
"لَعَلَّهُ ذَكَرَ الْأَقَلَّ الَّذِي يُوجَدُ التَّأْكِيدُ بِفِعْلِهِ، قَالَ: وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ صَلَاةِ الضُّحَى: وَأَنَّ أَقَلَّهَا رَكْعَتَانِ، وَعَدَمُ مُوَاظَبَةِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى فِعْلِهَا لَا يُنَافِي اسْتِحْبَابَهَا؛ لِأَنَّهُ حَاصِلٌ بِدَلَالَةِ الْقَوْلِ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْحُكْمِ أَنْ تَتَظَافَرَ عَلَيْهِ أَدِلَّةُ الْقَوْلِ، وَالْفِعْلِ لَكِنَّ مَا وَاظَبَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى فِعْلِهِ مُرَجَّحٌ عَلَى مَا لَمْ يُوَاظِبْ عَلَيْهِ انْتَهَى.
وَأَمَّا حُكْمُهَا فَقَدْ جَمَعَ ابْنُ الْقَيِّمِ الْأَقْوَالَ فَبَلَغَتْ سِتَّةَ أَقْوَالٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهَا سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ.
الثَّانِي: لَا تُشْرَعُ إلَّا لِسَبَبٍ".
في صلاة الضحى ستة أقوال، أطال ابن القيم –رحمه الله- في بيانها وأدلتها.
طالب: الصواب الأول يا شيخ.
سُنَّة نعم.
طالب: ............
ماذا؟
طالب: ............
ما فيه إشكال؛ لأنه قال: وركعتي الضحى «وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ تَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى».
طالب: ............
هو مواظبٍ عليها ما يتركها لا سفرًا ولا حضرًا.
طالب: ............
سُنَّة.
طالب: ............
هو سُنَّة مؤكدة لا يُترك في السفر ولا في الحضر، لكن لو تركه فما عليه شيء إلا لو استمر على تركها فإنه يُذم.
طالب: ............
لا، ما يلزم أي شيء، يترتب عليه ثواب ولم يُرتَّب على تركه عقاب، سُنَّة عند الجمهور.
"الثَّالِثُ: لَا تُسْتَحَبُّ أَصْلًا.
الرَّابِعُ: يُسْتَحَبُّ فِعْلُهَا تَارَةً وَتَرْكُهَا تَارَةً فَلَا يُوَاظَبُ عَلَيْهَا.
الْخَامِسُ: يُسْتَحَبُّ الْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهَا فِي الْبُيُوتِ.
السَّادِسُ: أَنَّهَا بِدْعَةٌ، وَقَدْ ذَكَرَ هُنَالِكَ مُسْتَنَدَ كُلِّ قَوْلٍ.
هَذَا وَأَرْجَحُ الْأَقْوَالِ أَنَّهَا سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ كَمَا قَرَّرَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ نَعَمْ وَقَدْ عَارَضَ حَدِيثَ عَائِشَةَ هَذَا حَدِيثُهَا الَّذِي أَفَادَهُ قَوْلُهُ.
وَلَهُ -أَيْ: لِمُسْلِمٍ- عَنْهَا -أَيْ عَنْ عَائِشَةَ- أَنَّهَا سُئِلَتْ هَلْ كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي الضُّحَى؟ قَالَتْ: لَا، إلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِهِ.
فَإِنَّ الْأَوَّلَ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّيهَا دَائِمًا لِمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ كَانَ فَإِنَّهَا تَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ، وَالثَّانِيَةُ دَلَّتْ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لَا يُصَلِّيهَا إلَّا فِي حَالِ مَجِيئِهِ مِنْ مَغِيبِهِ، وَقَدْ جُمِعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ كَلِمَةَ كَانَ يَفْعَلُ كَذَا لَا تَدُلُّ عَلَى الدَّوَامِ دَائِمًا بَلْ غَالِبًا، وَإِذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى خِلَافِهِ صَرَفَتْهَا عَنْهُ كَمَا هُنَا فَإِنَّ اللَّفْظَ الثَّانِيَ صَرَفَهَا عَنْ الدَّوَامِ وَأَنَّهَا أَرَادَتْ بِقَوْلِهَا: لَا، إلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِهِ. نَفْيَ رُؤْيَتِهَا صَلَاةَ الضُّحَى وَأَنَّهَا لَمْ تَرَهُ يَفْعَلُهَا إلَّا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَاللَّفْظُ الْأَوَّلُ إخْبَارٌ عَمَّا بَلَغَهَا فِي أَنَّهُ مَا كَانَ يَتْرُكُ صَلَاةَ الضُّحَى إلَّا أَنَّهُ يُضَعِّفُ هَذَا قَوْلُهُ: (وَلَهُ) –أَيْ: لِمُسْلِمٍ- وَهُوَ أَيْضًا فِي الْبُخَارِيِّ بِلَفْظِهِ فَلَوْ قَالَ: وَلَهُمَا كَانَ (عَنْهَا) أَيْ: عَائِشَةَ".
طالب: أو من مغيبه؟
جاء من سفر.
"مَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي قَطُّ سُبْحَةَ الضُّحَى. بِضَمِّ السِّينِ وَسُكُونِ الْبَاءِ أَيْ نَافِلَتَهُ، (وَإِنِّي لَأُسَبِّحُهَا) فَنَفَتْ رُؤْيَتَهَا لِفِعْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَهَا، وَأَخْبَرَتْ أَنَّهَا كَانَتْ تَفْعَلُهَا، كَأَنَّهُ اسْتِنَادٌ إلَى مَا بَلَغَهَا مِنْ الْحَثِّ عَلَيْهَا وَمِنْ فِعْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَهَا فَأَلْفَاظُهَا لَا تَتَعَارَضُ حِينَئِذٍ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: مَا رَأَيْته سَبَّحَهَا أَيْ دَاوَمَ عَلَيْهَا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: يُرَجَّحُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ، وَهُوَ رِوَايَةُ إثْبَاتِهَا دُونَ مَا انْفَرَدَ بِهِ مُسْلِمٌ وَهِيَ رِوَايَةُ نَفْيِهَا، قَالَ: وَعَدَمُ رُؤْيَةِ عَائِشَةَ لِذَلِكَ لَا يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْوُقُوعِ الَّذِي أَثْبَتَهُ غَيْرُهَا هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ.
قُلْت: وَمِمَّا اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي إثْبَاتِهَا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ: أَنَّهُ أَوْصَاهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَنْ لَا يَتْرُكَ رَكْعَتَيْ الضُّحَى. وَفِي التَّرْغِيبِ فِي فِعْلِهَا أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ وَفِي عَدَدِهَا كَذَلِكَ مَبْسُوطَةٌ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ".
طالب: ............
هو إذا عمل عملًا داوم عليه، لكن قد يترك؛ لبيان الجواز -عليه الصلاة والسلام-.
طالب: ............
إذا كان في مقامٍ يُخشى أن يُقتدى به في الاستمرار فيُظن الوجوب مثل مقامه –عليه الصلاة والسلام- فلا بأس، أما إذا كان من سائر الناس فلا؛ لأنها تقوم مقام الصدقة التي على البدن «يُصْبِحُ عَلى كُلِّ سُلامَى مِنْ أَحدِكُمْ صَدَقةٌ» إلى أن قال: «وَيُجْزِئ مِنْ ذلكَ ركْعتَانِ منَ الضُّحَى» فهي في كل صبح. وأوصاني خليلي بثلاث -حديث أبي هريرة- ركعتي الضحى.
طالب: ............
مندوبة، لكنها على الجسم في كل صُبح.
طالب: ............
ما فيه إشكال أنها للندب، لكنها ندب مستمر حين نُصبح في كل صبح.
طالب: ............
في الرواتب فقط.
طالب: ............
ما رأيته، تقول عائشة: ما رأيته سبَّحها.
طالب: ............
قال الشارح: "لهما" المقصود أنه حتى النفي هي نفت مرتين، مرة ما رأته يُسبِّحها، وإني لأسبِّحها، المرة الثانية فيها نفي من غير فعلٍ له.
طالب: ............
إلا أن يأتي من مغيب.
"وَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «صَلَاةُ الْأَوَّابِينَ» الْأَوَّابُ الرَّجَّاعُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِتَرْكِ الذُّنُوبِ وَفِعْلِ الْخَيْرَاتِ «حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ» بِفَتْحِ الْمِيمِ مِنْ رَمِضَتْ بِكَسْرِهَا أَيْ تَحْتَرِقُ مِنْ الرَّمْضَاءِ وَهُوَ شِدَّةُ حَرَارَةِ الْأَرْضِ".
هذا من باب ماذا؟ من باب؟
طالب: ............
رمض من باب فهِم.
"أَيْ تَحْتَرِقُ مِنْ الرَّمْضَاءِ وَهُوَ شِدَّةُ حَرَارَةِ الْأَرْضِ مِنْ وُقُوعِ الشَّمْسِ عَلَى الرَّمْلِ وَغَيْرِهِ، وَذَلِكَ يَكُونُ عِنْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ، وَتَأْثِيرُهَا الْحَرُّ.
وَالْفِصَالُ جَمْعُ فَصِيلٍ: وَهُوَ وَلَدُ النَّاقَةِ سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِفَصْلِهِ عَنْ أُمِّهِ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهَا عَدَدًا.
وَقَدْ أَخْرَجَ الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ ثَوْبَانَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّك تَسْتَحِبُّ الصَّلَاةَ هَذِهِ السَّاعَةَ، قَالَ: «تُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَيَنْظُرُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- فِيهَا بِالرَّحْمَةِ إلَى خَلْقِهِ، وَهِيَ صَلَاةٌ كَانَ يُحَافِظُ عَلَيْهَا آدَم وَنُوحٌ، وَإِبْرَاهِيمُ وَمُوسَى وَعِيسَى»، وَفِيهِ رَاوٍ مَتْرُوكٌ".
ضعفه ظاهر.
"وَوَرَدَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ أَنَّهَا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ".
طالب: شيخ حين ترمض الفصال هذا يكون قبل الظهر؟
نعم، قبل الظهر.
طالب: ............
قبل الزوال، إذا جاء الزوال، وقام قائم الظهيرة مُنِعت الصلاة.
طالب: ............
يعنى من عشرة ونصف لإحدى عشرة.
طالب: فإذا صلى الإنسان وفقه الله إلى الجلوس إلى الشروق وصلى؟
هي وقتها من ارتفاع الشمس، وقت صلاة الضحى من ارتفاع الشمس.
طالب: هل يكون حصل له هذا الأجر؟
يحصل.
طالب: ............
لا، لو وهي ترمض الفصال.
طالب: يُصلي مرة ثانية؟
إذا صلى مرة ثانية حصل الأجرين معًا، إنما صلاة الضحى تتأدى إذا جلس وارتفعت الشمس صلى.
طالب: ............
نعم لو صلاها كفته عن الضحى وعن هذه عن هذا صلاة الأوابين؛ لأنها في وقت صلاة الضحى، لكن لو صلى في أول الوقت حين طلوع الشمس حصل له أجر صلاة الضحى، لكن ما حصل له صلاة الأوابين.
طالب: ............
هذا وقتها؛ لشدة الحر.
طالب: ............
هذا أدرك صلاة الأوابين، لكنه ما أدرك الأجر المرتَّب على الجلوس.
طالب: نستطيع نقول: إن وقتها من ارتفاع الشمس ووقت الفضيلة من حين ترمض الفصال؟
في صلاة الضحى؟
طالب: نعم.
هو من ارتفاع الشمس إلى الزوال هذا وقتها.
طالب: وقت جواز ووقت فضيلة.
لكن صلاة الأوابين حين ترمض الفصال.
طالب: لكن هذه الصلاة مختلفة عن صلاة الضحى؟
ما هي مختلفة، متداخلة ومختلفة، متداخلة من وجه إذا فُعِلت في هذا الوقت أجزأت عن الاثنتين، ومختلفة إذا صُليِّت في أول الوقت قبل حرارة الشمس.
طالب: يعني ما نستطيع أن نقول: هذا وقت فضيلة لصلاة الضحى؟
لا.
"وَعَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّ-: «مَنْ صَلَّى الضُّحَى اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةٍ بَنَى اللَّهُ لَهُ قَصْرًا فِي الْجَنَّةِ»، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَاسْتَغْرَبَهُ، قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ.
وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قُلْت لِأَبِي ذَرٍّ يَا عَمَّاهُ أَوْصِنِي قَالَ: سَأَلَتْنِي عَمَّا سَأَلْت عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ".
"يَا عَمَّاهُ" بالنسبة للسن، وإلا بالنسبة للنسب فما بينهما نسب.
طالب: أبو ذر أكبر؟
نعم أكبر بكثير.
"فَقَالَ: «إنْ صَلَّيْت الضُّحَى رَكْعَتَيْنِ لَمْ تُكْتَبْ مِنْ الْغَافِلِينَ، وَإِنْ صَلَّيْت أَرْبَعًا كُتِبْت مِنْ الْعَابِدِينَ، وَإِنْ صَلَّيْت سِتًّا لَمْ يَلْحَقْك ذَنْبٌ، وَإِنْ صَلَّيْت ثَمَانِيًّا كُتِبْت مِنْ الْقَانِتِينَ، وَإِنْ صَلَّيْت ثِنْتَيْ عَشْرَةَ بُنِيَ لَك بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ».
وَفِيهِ حُسَيْنُ ابْنُ عَطَاءٍ ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ وَقَالَ: يُخْطِئُ وَيُدَلِّسُ، وَفِي الْبَابِ أَحَادِيثُ لَا تَخْلُو عَنْ مَقَالٍ".
طالب: ............
ضعيف ضعيف.
طالب: ............
كله، كله.
"وَعَنْ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْتِي فَصَلَّى الضُّحَى ثَمَانِيَ رَكَعَاتٍ. رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ عَنْهَا: أَنَّهَا مَا رَأَتْهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُصَلِّي سُبْحَةَ الضُّحَى، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَثْبَتَتْ فِيهِ صَلَاتَهُ فِي بَيْتِهَا، وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهَا نَفَتْ الرُّؤْيَةَ، وَصَلَاتُهُ فِي بَيْتِهَا يَجُوزُ أَنَّهَا لَمْ تَرَهُ، وَلَكِنَّهُ ثَبَتَ لَهَا بِرِوَايَةٍ، وَاخْتَارَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا الْوَجْهَ، وَلَا بُعْدَ فِي ذَلِكَ".
والله فيه ما فيه، والله فيه بُعد، كونه يبلغها عن غيرها أنه صلى في بيتها! مع أن بيتها أيش كُبرُه؟
طالب: ............
البيت ما كُبرُه هذا؟
طالب: ............
لكن البيت كله ما كُبرُه؟
طالب: ............
غرفة -والله المستعان-.
لا لا، فيه بُعد.
"وَلَكِنَّهُ ثَبَتَ لَهَا بِرِوَايَةٍ وَاخْتَارَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هَذَا الْوَجْهَ، وَلَا بُعْدَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي بَيْتِهَا لِجَوَازِ غَفْلَتِهَا فِي ذلك الْوَقْتِ فَلَا مُنَافَاةَ، وَالْجَمْعُ مَهْمَا أَمْكَنَ هُوَ الْوَاجِبُ.
فَائِدَةٌ: مِنْ فَوَائِدِ صَلَاةِ الضُّحَى أَنَّهَا تُجْزِئُ عَنْ الصَّدَقَةِ الَّتِي تُصْبِحُ عَلَى مَفَاصِلِ الْإِنْسَانِ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَهِيَ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ مَفْصِلًا لِمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ الَّذِي قَالَ فِيهِ: وَتُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَا الضُّحَى".
الجماعة والإمام؟
طالب: ............
يكفي يكفي.
طالب: الآن يا شيخ قلتم: إن هذا القول فيه بُعد، وبُعده واضح، ولكن كيف نجمع بين الحديث: ما رأيته صلى سبحة الضحى، وحديث ابن حبان، كيف يكون الجمع؟
نسيت أنه صلى في بيتها فنفت، وذكرت فأثبتت.
طالب: يكون تحديثها بعيدًا عن بعض بالحديثين؟
بعيد.
طالب: ............
فيه إثبات، وفيه نفي.
طالب: ............
يُحمل الإثبات على ذلك، وإذا جاء من السفر بدأ في المسجد فصلى فيه ركعتين.
طالب: ............
لا، ليست واجبة، لكنها من شكر النِّعمة.
طالب: ............
الجلوس بعد الصبح من فعله –عليه الصلاة والسلام- صحيح، في صحيح مسلم، ومن قوله: بمجموع طرقه ثابت.