بلوغ المرام - كتاب الجنائز (2)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
قال الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر -يرحمه الله تعالى-:
وعن أم عطية -رضي الله عنها- قالت: دخل علينا النبي -صلى الله عليه وسلم- ونحن نغسل ابنته فقال: ((اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر، وجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور)) فلما فرغن آذنه فألقى إلينا حقوه فقال: ((أشعرنها إياه)) متفق عليه، وفي رواية: ((ابدأن بميامينها ومواضع الوضوء منها)) وفي لفظ للبخاري: "فضفرنا شعرها ثلاثة قرون فألقيناه خلفها".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المصنف -رحمه الله تعالى-:
وعن أم عطية، أم عطية اسمها: نُسيبة أو نَسيبة بالضم أو بالفتح، والأكثر على الضم، بنت كعب أو بنت الحارث الأنصارية صحابية جليلة شهيرة روت عدة أحاديث، وهي من المراجع في غسل الميت، هي مرجع للصحابة والتابعين في تغسيل الميت؛ لأنها حضرت غسل بنت النبي –عليه الصلاة والسلام- على الخلاف في حضورها واحدة أو اثنتين.
"قالت: دخل علينا النبي -صلى الله عليه وسلم- ونحن نغسل ابنته" دخوله -عليه الصلاة والسلام- على هؤلاء الجمع من النسوة التي يغسلن البنت، إما أن يكون مع علمهن بذلك، وفعل ما يجب فعله تجاه الرجال، أو على القول المرجح عند جمع من أهل العلم أنه لا يجب الاحتجاب من النبي -عليه الصلاة والسلام-، "ونحن نغسل ابنته" الجملة حالية، والبنت هذه هي زينب، هذا هو المشهور، وهو الذي جاء في بعض روايات الصحيح، زينب زوج أبي العاص، وهي أم أمامة التي حملها النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو يصلي، زوج أبي العاص بن الربيع، وكانت وفاتها في أول سنة ثمان من الهجرة، وقع في رواية عند ابن ماجه وغيره أنها أم كلثوم، وفي البخاري عن ابن سيرين: "لا أعلم أي بناته" على كل حال تعيين المبهم هنا بكونها زينب هذا أكثر وأشهر، وإن جاء ما يدل على أنها أم كلثوم، ولا مانع من أن تكون أم عطية شهدت غسل البنتين، ما في ما يمنع أن تكون شهدت غسل البنتين، فمن نقل أنها زينب فباعتبار، ومن نقل أنها أم كلثوم فالاعتبار الثاني، "ونحن نغسل ابنته فقال: ((اغسلنها ثلاثاً))" هذا من الأدلة على وجوب تغسيل الميت، وأنه فرض كفاية، وتقدم الكلام في المسألة عند قوله: ((اغسلوه بماء)) وعند المالكية وجه أنه سنة وليس بواجب، والمعتمد عند عامة أهل العلم أنه على الوجوب الكفائي ((اغسلنها ثلاثاً)) هل العدد واجب وإلا ليس بواجب؟ هل المأمور به الغسل والعدد قدر زائد على الواجب كما في غسل الحي، منهم من يرى أن تعميمه بالماء كافي كالحي، ومنهم من قال: أول عدد بدء به الثلاث فهو أقل المجزي، فالأمر بالثلاث، الأمر بالغسل ثلاثاً أو خمساً أو أكثر، وهذا على التخيير الذي مرده الحاجة، وليس مرده التشهي، ((اغسلنا ثلاثاً)) إن كفى، كفت الثلاثة بها ونعمت، أو زدن على ذلك إن لم تكفِ خمساً، أو أكثر من ذلك، منهم قال: إن السبع لا يزاد عليها، بدليل أنه قال في بعض الروايات: ((أو سبعاً)) ومنهم من قال: يزاد عن السبع ما دامت الحاجة قائمة، مع أن ابن عبد البر قال: لا أعلم أحداً قال بمجاوزة السبع على أنه جاء في بعض الروايات: ((اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر من ذلك إن رأيتن)) لكن ابن عبد البر -رحمه الله-، قال: لا أعلم قائلاً بمجاوزة السبع على أن الرواية التي أشرنا إليها، ورواية أبي داود: ((أو سبعاً أو أكثر من ذلك إن رأيتن)) فهذا دليل على مشروعية الزيادة على السبع إن دعت إلى ذلك الحاجة، يعني إن لم يكفِ السبع ((إن رأيتن ذلك)) يعني إن رأيتن الحاجة داعية إلى ذلك، فمرد هذه الروية الحاجة، وليس مردها التشهي ((بماء وسدر)) كما جاء في تغسيل المحرم ((اغسلوه بماء وسدر)) وهنا قال: ((اغسلنها بماء وسدر)) فالسدر له خصوصيات، له خصوصيات، ينظف ويلين جسد الميت، فيه التنظيف، وفيه تلين جسد الميت، ويقوم مقامه ما توجد فيه هذه الخصوصيات ((واجعلن في الآخرة)) يعني في الغسلة الآخرة كافور، اجعلن في الغسلة الأخيرة كافوراً لأنه طيب الرائحة، ويساعد في طرد الهوام، وفي بقاء الجثة دون تغير ((واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور)) هذه شك من الراوي، هل قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: اجعلن في الآخرة كافوراً أو قال: أو شيئاً من كافور؟ شيئاً من كافور يدل على التكثير أو التقليل؟ التقليل، فهل ينافي ما جاء في الرواية الأخرى: ((اجعلن في الآخرة كافوراً))؟
طالب:........
ما ينافي، لماذا؟ نعم؟
طالب:........
لا ما يكفي هذا يعني نكرة في سياغ الإثبات فلا تعم فتنصرف إلى أدنى شيء، "فلما فرغن آذناه" أي أعلمناه "فألقى إلينا حقوه" بفتح الحاء وقد تكسر، وهو الإزار، والأصل في الحقو أنه معقد الإزار، المحل الذي يعقد فيه الإزار، وأطلق على الإزار من باب إطلاق المحل وإرادة الحال، "فقال: ((أشعرنها إياه))" يعني اجعلنه شعاراً لها، والشعار هو اللباس الذي يلي جسد الميت، ويلامس شعره، هذا هو الشعار، ولذا جاء في الحديث المذكور في مناقب الأنصار بعد غنائم حنين قال لهم: ((الأنصار شعار، والناس دثار)) فهم شعار بمنزلة الشعار الذي يلبس مما يلي الجسم فهم أقرب الناس إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- "فقال: ((أشعرنها إياه)) وتسمية ما يلي البدن شعار لأنه يلامس شعر البدن من غير فاصل بخلاف الدثار الذي يلبس فوقه، الآن الشعار أقرب ما يكون إلى الثوب وإلا الفنيلة؟ نعم الفنيلة التي تلي شعر البدن، والثوب يسمى: دثار، ((أشعرنها إياه)) متفق عليه، وفي رواية: ((ابدأن بميامينها ومواضع الوضوء منها)) ابدأن بميامينها يعني بالجهة اليمنى منها، ومواضع الوضوء هاتان الجملتان بينهما اختلاف أو بينهما اتحاد؟ اختلاف وإلا اتحاد؟ نعم؟
طالب:......
ابدأن بميامينها مقتضى هذه الجملة أن تغسل الرجل اليمنى قبل اليد اليسرى؛ لأن الرجل اليمنى من الميامن واليد اليسرى من المياسر والميامن تغسل قبل المياسر ((ابدأن بميامينها)) الجملة الثانية تدل على العكس أن اليد اليسر تغسل قبل الرجل اليمنى، ويش صار بينهما تضاد وإلا اتفاق؟ نعم ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ الجملة الأولى: ((ابدأن بميامينها)) تقتضي أن تغسل الرجل اليمنى قبل اليد اليسرى، ومواضع الوضوء يعني وابدأن بمواضع الوضوء منها تقتضي العكس أن تغسل اليد اليسرى قبل الرجل اليمنى؛ لأنها كذلك في الوضوء، كيف نوجه؟ يعني في الغسلة التي فيها الوضوء يقدم مواضع الوضوء، وما عداها من الغسلات يقدم الشق الأيمن، يعني جاء في غسل الحي أنه يتوضأ وضوءه للصلاة، وعلى هذا يغسل اليد اليسرى قبل الرجل اليمنى يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يفيض الماء على رأسه ثلاثاً ثم يغسل شقه الأيمن بما فيه رجله اليمنى ثم شقه الأيسر بما فيه اليد اليمنى، فعلى هذا ما في تنافي، فيبدأ بالميامن في الغسلة التي فيها الوضوء، ويبدأ بالميامن في الغسلة التي لا وضوء فيها، وأما البدائية بمواضع الوضوء فيكون في الغسلة التي فيها الوضوء، "وفي لفظ للبخاري: "فضفرنا شعرها" يعني جعلناه ضفائر بعد نقضه وغسله يجعل ضفائر، ثلاثة قرون، ثلاثة ضفائر ويلقى خلف المرأة هذا ما يدل عليه الحديث، وبه قال الجمهور "فضفرنا شعرها ثلاثة قرون" ثلاثة ضفائر "فالقينها -هذه القرون وهذه الضفائر- خلفها" يعني مثلما يضفر الحبل معروف ضفر الشعر نُحيل بضفر الشعر "فليدعها ولو بضفير" يعني حبل مضفور مجدول مثلما يجدول الشعر، نعم أظن هذا واضح، "فألقينها خلفها" وبهذا قال الأكثر، وقال الحنفية بأنه يلقى الشعر مرسلاً من غير ضفر خلفها وعلى وجهها يفرق، وحديث الباب دليل على ما ذهب إليه الجمهور، وهو حديث متفق عليه، الحنفية ما أخذوا بهذا الحديث كأنهم رأوا أن هذا من تصرف أم عطية ومن معها دون أمره -عليه الصلاة والسلام-، "قالت: فضفرنا شعرها" ما في ما يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرها أمر النسوة أن يضفرنا شعرها، هذه حجة الحنفية، لكن جاء في بعض الروايات: ((أجعلن لها ثلاثة قرون)) فهذا نص قاطع حاسم للنزاع، مع أن تصرف هؤلاء النسوة في مثل هذا الموضع لا يكون إلا عن علمه -عليه الصلاة والسلام- وتوجيهه، والوضوء والغسل تعبدي بالنسبة للميت؛ لأن المؤمن طاهر حياً وميتاً ليس بمحدث هو طاهر، لكن يتجدد سيمته في ظهور أثر الغرة والتحجيل، هذا بالنسبة للوضوء، وأما بالنسبة للغسل فهو للتنظيف، وهو تعبدي يعني لو قدر أنه اغتسل غسلاً مبالغ في تنظيفه قبيل وفاته يكفي وإلا ما يكفي؟ لا يكفي لأنه تعبدي، نعم.
قال -رحمه الله-:
"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كفن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف ليس فيها قميص ولا عمامة" متفق عليه.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كفن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ثلاثة أثواب" لا سبعة كما جاء في بعض الروايات الضعيفة، وجمع بعضهم بين هذه الرواية وراوية السبعة أن هذا ما اطلعت عليه عائشة، لكن الصواب أنه كفن في ثلاثة أثواب، وفي حديث المحرم: ((كفنوه في ثوبيه)) ذلك يدل على أن الثوبين يكفي، والثلاثة أكمل، والواحد الذي يغطي جميع البدن هو أقل القدر المجزئ، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إنما فعل به الأكمل، ثلاثة أثواب جاء بيانها في طبقات ابن سعد عن الشعبي إزار ورداء ولفافة إزار ورداء ولفافة، أثواب بيض يعين يستحب أن يكون الكفن أبيض، وجاء في الحديث: ((ألبسوا من ثيابكم البياض، وكفنوا فيها موتاكم)) فإنها أطيب وأطهر، ((البسوا من ثيابكم البياض فإن أطيب وأطهر وكفنوا فيها موتاكم)) قد يقول قائل: ما دام هذا هو المأمور به البسوا من ثيابكم البياض أولاً الأمر أمر استحباب لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لبس الألوان الأخرى، لبس الحلة الحمراء ولبس..، فدل على أن الأمر للاستحباب، نقول: ما دام الأمر هنا ((البسوا من ثيابكم البياض)) لماذا تتابع الناس لا سيما أهل العلم والفضل على عدم اعتماد الأبيض في جميع ما يلبس، يعني إن لبس شماغ إلى أحمر، إن لبست بشت إلى أسود وإلا غيره من هذه الألوان، يعني ما يلبسون البياض، على كل حال من أهل العلم من يعتني بهذا ويلبس البياض، إن لبس لبس أبيض ولبس غترة بيضاء ولبس بشت أبيض وهكذا، لكن ما دام ثبت أن النبي –عليه الصلاة والسلام- لبس الألوان الأخرى فلا ضيق في المسألة، فإذا لبس الثوب الأبيض ولبس معه غيره صدق عليه أنه لبس البياض مع أن العناية بالأبيض ينبغي أن تكون أوفر وأكثر، ثلاثة أثواب بيض، الحنفية يستحبون المخطط؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- سجي ببرد حبرة، الخبرة المخطط، وسبق بيان معنى التسجية وهو أنها التغطية، غطي النبي -عليه الصلاة والسلام- بعد وفاته وقبل غسله بهذا البرد الحبرة، ولو غطي به بعد تكفينه لينزع عنه بعد ذلك كما يوضع البشت على الرجل إذا مات أو المرأة على الكفن، إنما الأكفان الأفضل أن تكون بيضاء ثلاثة أثواب بيض سحولية سحول قرية في اليمن ترد منها هذه الأثواب، ومنهم من يقول: إنها مأخوذة من السحل وهو الغسل، لكن المرجح أنها قرية باليمن سحولية، وسحول جمع سحل، والنسبة إلى الجمع إذا قلنا: إنها مأخوذة من السحل وهو الغسل، قلنا: سحول جمع سحل، والنسبة إلى الجمع شاذة، فالمرجح أنها نسبة إلى البلدة التي في اليمن، "من كرسف" من قطن، والقطن بارد على الجسد "ليس فيها قميص ولا عمامة" استحب بعض العلماء التكفين في القميص، النبي -عليه الصلاة والسلام- كفن في ثلاثة أثواب التي ليس فيها القميص، وما كان الله ليختار لنبيه إلا الأفضل، فكيف يقال باستحباب القميص؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- كفن عبد الله بن أبي في قميصه فكيف يفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- خلاف الأفضل؟ نعم؟
طالب:.......
هنا ليس فيها قميص وهو كفن -عليه الصلاة والسلام- ابن أبي في قميصه، نعم؟
طالب:.......
ابن أبي يفيده التبرك؟ يفيده منافق! أولاً: هي مكافئة لولده المؤمن المسلم الصادق وجبراً لخاطره، ومكافئة للأب الذي كساء العباس قميصاً، نعم هذه مكافئة لئلا تبقى له منة على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وجبراً لخاطر ولده، وعلى كل حال هم يجيبون على حديث الباب: "ليس فيها قميص ولا عمامة" بعض الناس يظن أن هذا نص قاطع في المسألة، نعم نص قاطع في..، هم يقولون: ليس فيها يعني ليس في الثلاثة، الثلاثة إزار ورداء ولفافة، وأيضاً قميص، فيكون القميص ليس في الثلاثة، قدر زائد على الثلاثة، لكن هذا ليس هو الظاهر من النص، الظاهر من النص الاقتصار على الثلاثة دون غيرها لأنه قال: كفن في ثلاثة أثواب يعني فقط ليس فيها قميص ولا عمامة، فلا يتسحب التكفين لا بالقميص ولا بالعمامة، اللهم إذا لا يوجد لفائف ولا يوجد إلا هذا القميص يكفن به، والمسألة مسألة إيش؟ استحباب، الواجب من الكفن كما أسلفنا ما يستر البدن ولو كان قطعة واحدة، فإن لم يوجد ما يستر جميع البدن سترت العورة، فإن زاد على ذلك فليجعل في أعالي البدن، ويجعل على الرجلين شيء من الحشيش، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- في عمه حمزة ومصعب بن عمير الذين ماتوا قبل أن تبسط الدنيا وتتوسع، نعم.
قال -رحمه الله-:
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: لما توفي عبد الله بن أبي جاء ابنه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أعطني قميصك أكفنه فيه" فأعطاه إياه، متفق عليه.
هذا الحديث الذي أشرنا إليه أنفاً، وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: لما توفي عبد الله بن أُبي رأس المنافقين، الذي نهي النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الصلاة عليه، أخباره كثيرة شهيرة في مضاداته ومحاداته للدعوة ولصحابها -عليه الصلاة والسلام-، ومات على نفاقه -نسأل الله السلامة والعافية- قال لما توفي عبد الله بن أُبي جاء ابنه إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: "أعطني قميصك أكفنه فيه" "أعطني قميصك" هذه محبة جبلية من الابن تجاه أبيه وإلا فهو عدو، المنافق -نسأل الله السلامة والعافية- لا تجوز مودته ولا محبته، لكن هذه جبلة بحيث لو خالفت هذه المحبة والمودة الحكم الشرعي، هل يجرؤ عبد لله الابن أن يطلب مثل هذا لو جاء النهي عن ذلك؟ لا، المودة والمحبة الجبلية لو عارضت المحبة الشرعية صارت محرمة، ((أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما)) فإذا قدم هذه المودة الجبلية على أوامر الله وأوامر رسوله ما صار الله ورسوله أحب إليه مما سواهم، لكن الولد مجبول على حب أبيه، والبحث عن شيء عله أن ينفعه، فطلب من النبي -صلى الله عليه وسلم- القميص ليكفنه فيه، فأعطاه النبي -عليه الصلاة والسلام- قميصه، وقلنا: إن هذه مكافئة، لما أسر العباس في بدر كساه ابن أبي قميصاً، فأراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يكافئه، جاء ما يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما دفن ابن أبي..، وهل الدفن حقيقة أو يراد إرادة الدفن، أقول: لما دفن عبد الله بن أبي كساه النبي -عليه الصلاة والسلام- قميصه، فهل المراد أنه لما دفن نبشه النبي -عليه الصلاة والسلام- وألبسه قميصه ونفث فيه من ريقه، أو أنه لما أراد دفنه لما دلوه في قبره كساه النبي -عليه الصلاة والسلام- قميصه، الفعل الماضي يطلق ويراد به حقيقته، وهو حصول الفعل والفراغ منه، ويطلق ويراد به الشروع فيه، ويطلق ويراد به إرادته، والرواية الثانية صحيحة أنه لما دفن في البخاري وغيره، لكن هذه الرواية متفق عليها أنه أعطاه القميص قبل أن يكفن، والرواية الثانية أنه لما دفن ألبسه قميصه فاحتمال أنه نبشه بعد دفنه، واحتمال أنه قبل أن يدفن بعد أن دلي في قبره ألبسه القميص، وللتوفيق بين هاتين الروايتين..، الروايتين بمجموعهما تدلان على أنهما قميصان، صح وإلا لا؟ القميص الذي طلبه الابن وأعطاه إياه أعطني قميصك أكفنه فيه، فأعطاه النبي -عليه الصلاة والسلام- قميصه، يعني هل هذا هو القميص الذي كفنه فيه بعد دفنه؟ الذي يظهر من السياق أنهما اثنان؛ لأن هذا طلبه الابن فأعطاه إياه ليكفنه، لما جاء يطلب القميص من النبي -عليه الصلاة والسلام- ليكفنه هل يكون كفن وإلا ما كفن؟ ما كفن إلى الآن، فيكفن في هذا القميص، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما جاء إليهم بعد دفنه، وأخرجه من قبره ونفث فيه من ريقه وألبسه قميصه يدل هذا على شيء ثاني، منهم من يقول: إن ما جاء في هذا الحديث حديث ابن عمر هو مجرد عدة، وعده أن يعطيه القميص "أعطني قميصك أكفينه فيه فأعطاه النبي -عليه الصلاة والسلام-" يعني بالعدة، قال: أبشر لك ما طلبت، فلما حصل ما حصل ذهب إليه وكفنه فيه، وألبسه إياه في قبره، منهم من يقول: هما قميصان، ويش المانع أن يكونا اثنين، لكن مجموع النصوص يدل على أنه قميص واحد، وهذه مكافئة له لما حصل منه مع عم النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أسر، مثل هذا التصرف من النبي -عليه الصلاة والسلام- لا شك أنه يترتب عليه مصالح، هذا كبير قوم ومثل هذه التصرفات تأثر في قومه، وله ابن مصاب به فتخفيف المصيبة على الابن بهذا التصرف، لا شك أنه لائق بخلقه -عليه الصلاة والسلام-، وقلنا: إن هذا الحديث دليل لمن يستحب التكفين بالقميص؛ لأن هذا فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وذاك ما فعل به، على أنه يمكن التوفيق بينهما بأن تكون الثلاثة غير القميص والعمامة، لكن الظاهر من النص أن القميص لا يوجد في أكفانه -عليه الصلاة والسلام- وإنما أكفانه ثلاثة فقط، نعم.
قال -رحمه الله-:
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم)) رواه الخمسة إلا النسائي وصححه الترمذي.
هذا الحديث فيه الأمر بلبس الأبيض من الثياب، وهو خير الثياب وأطيب وأطهر؛ لأن القذر يظهر فيها أكثر من غيرها فيسارع إلى تنظيفها وتطهيرها؛ لأن الألوان الأخرى قد يقع عليها شيء من الوسخ أو شيء من النجاسة أيضاً فلا يشعر به بينما البياض يشعر به إذا وقع عليه شيء، ولذا جاء وصفها بأنها أطيب وأطهر يمكن تطهيرها، ويرى ما يقع عليها بخلاف الألوان الأخرى.
((البسوا من ثيابكم البياض)) وقلنا: إنه إذا كان غالب ما عليه البياض فلا يضره أن يلبس معه غيره، ولذا لبس النبي –عليه الصلاة والسلام- غير البياض؛ لبيان أن هذا الأمر أمر استحباب، والذي يعتني بهذا الأمر لا يلبس إلا البياض لا شك أنه أسعد بمثل هذا النص، الذي لا يلبس إلا البياض حتى الغترة البيضاء والبشت الأبيض هو أسعد بهذا النص، لكن من يعتني بثوبه وجعله أبيض وجعل ما زاد على ذلك بلون أخر لا يثرب عليه، ومنهم من يقول: إنه في وقت من الأوقات وهذا قبل ثلاثين سنة معروف يعني اشتهر بين الناس أن الغترة البيضاء لا يلبسها إلا الناس الأقل في الاستقامة والالتزام، وأما أهل الفضل والخير والصلاح يلبسون الشماغ الأحمر، حتى كان جواب بعض أهل العلم بهذا، سئل قيل له: يا شيخ لماذا لا تلبس غترة بيضاء والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((البسوا من ثيابكم البياض)) فكان جوابه: لما لبستها أنت وأمثالك تركناها، لكن يبقى أن من يعنى بالبياض أسعد بمثل هذا النص.
((البسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم)) لأنها أطيب وأطهر ((وكفنوا فيها موتاكم)) وتقدم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كفن بثلاثة أثواب بيض، وعرفنا أنه لو لم يرد إلا هذا النص لقلنا: إن الأصل في الأمر الوجوب، لكن لبس النبي -عليه الصلاة والسلام- غير الأبيض بلا شك، نعم.
قال -رحمه الله-:
وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه)) رواه مسلم.
هذا الحديث حديث جابر -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه)) وسيأتي حديث بعد هذا: ((لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سريعاً)) هذا الحديث صحيح في مسلم حديث جابر في مسلم صحيح ((إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه)) ليكون النوعية حسنة، وللون حسن، والكمية كافية ضافية، هذا إحسان الكفن من كل وجه، إحسان الكفن من كل وجه هو ما يقتضيه هذا الأمر، وفي حديث علي حديث ضعيف سيأتي: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((ولا تغالوا في الكفن فإن يسلب سلباً سريعاً)) لأنه مآله إلى الذهاب والبلاء، لكن الأمر بإحسانه مطلوب لحديث جابر، والمغالاة ممنوعة سواء كانت في الكفن أو في غيره، النهي عن المغالاة لا تعارض الأمر بإحسان الكفن، يكون إحسانه بدون مغالاة وبدون إسراف، نعم.
قال -رحمه الله-:
وعنه -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد، ثم يقول: ((أيهما أكثر أخذاً للقرآن؟)) فيقدمه في اللحد، ولم يغسلوا ولم يصلّ عليهم" رواه البخاري.
هذا الحديث عنه أي عن جابر -رضي الله تعالى عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يجمع بين الرجلين في قتلى أحد في ثوب واحد، هذا يتطرقه إحتملان: الاحتمال الأول أن الرجلين يدرجان في كفن واحد، بمعنى أنهما يلفان لفاً واحداً هذا إيش؟ الاحتمال الأول، والاحتمال الثاني: أن الرجلين يقسم بينهما الثوب الواحد، يقسم بين الرجلين ثوب واحد، استعمال الأول للضرورة ما وجد إلا ما يكفن به المجموع يعني الاثنين، يعني يدرجان أدارج واحد، إدراج واحد؛ لأنه لو قطع الكفن الثوب الصغير القطعة الصغيرة التي تكفي للفهما مرة واحدة معاً لو قطعت بين اثنين قد لا تكفي كما هو الاحتمال الثاني، فهذا للضرورة وهو الاحتمال الأول، أما الاحتمال الثاني، وهو الذي يراه بعضهم أنه هو المتعين أن الثوب الواحد يقسم بين الاثنين فإن كفت جميع البدن وإلا غطت العورة والرأس وما يليه أفضل من أن يدرج الاثنان إدراجاً واحداً بحيث تمس بشرتهما بشرة الأخر، يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد؛ لأن القتل كثر في غزوة أحد، ولا شك أن مثل هذا يوجد حاجة وضرورة إلى كثرة الثياب وكثرة القبور.
يقول: "يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد، ثم يقول: ((أيهما أكثر أخذاً للقرآن)) فيقدمه في اللحد" بمعنى أنه يجعل في القبر الواحد أكثر من واحد أيضاً، لكن الذي يظهر أنهم يجعلون بين كل اثنين شيء من التراب، أيهما أكثر قرآناً فيقدمه في اللحد، وهذا لا شك أنه فرع من فروع ما يكسبه القرآن صاحبه من الرفعة والتقديم والإجلال والإكرام في الدنيا والآخرة، إن الله يرفع بهذا القرآن أقواماً، ويضع به آخرين، فيقدم الأكثر قرآناً أكثر أخذ للقرآن فمعنى هذا أنه يقدم الأحفظ أو يقدم الأعرف في القراءة؛ لأنه قد يوجد أحفظ لكنه لا يحسن القراءة، قد يوجد أحفظ وأجود قراءة لكنه تعامله مع القرآن ومخالفته للقرآن وعدم عمله بالقرآن ظاهر، فما المراد؟ وهذا مثله يقال: ((يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله)) يعني إذا وجدنا شخص حافظ مجود لكن عليه آثار المخالفات أنه يقدم على غيره نقول: لأنه أقرأ؟ أو نقول: بأن المراد بأهل القرآن كما قال ابن القيم هم العالمون به العاملون به ولو لم يحفظوه؟ نعم؟ كيف؟
طالب:........
نعم المسألة مهمة جداً شخص حفظ القرآن ونائم عن القرآن، وغفل عن القرآن، وارتكب ما يخالف القرآن مثل هذا يقتضي التقديم؟ حمله للقرآن وبال عليه مثل هذا، حمله للقرآن وبال عليه، لكن ظاهر النص ((أيهم أكثر أخذاً للقرآن)) أنه يقدم في الدنيا والله -جل وعلا- يتولاه في الآخرة، إن كانت هناك مخالفات، كما هو ظاهر قوله: ((يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله)) يعني تقدم الخلاف في ذلك، الحنابلة يقولون: الأحفظ للقرآن هو الأولى بالإمامة، والجمهور يقولون: الأفقه هو الأولى بالإمامة، هذا تقدم، يعني هل يقدم الأحفظ، وإن خفي عليه كثير من مسائل الفقه المتعلقة بالصلاة كما هو منطوق الحديث، وهو مدلول قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فإن كانوا في القراءة سواء فأعلموهم بالسنة)) دل على أن السنة التي فيها أحكام الصلاة مرتبة متأخرة عن القراءة وحفظ القرآن فيظهر شرف حامل القرآن في الدنيا، وأما في الآخرة يتولاه الله، إن كان مخالف يحاسب على مخالفاته، وهذا هو الذي يظهر، ينظر كم يحفظ هذا وكم يحفظ هذا ويقدم الأحفظ والأكثر حفظ، وأما الأوصاف الأخرى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [(13) سورة الحجرات] لو كان هذا اتقى وأفضل، وهذا أحفظ يقدم الأتقى أو يقدم الأكثر أخذاً للقرآن؟ يعني مقتضى الحديث الأكثر أخذاً للقرآن وأما التقوى تنفعه عند الله -جل وعلا- في الآخرة؛ لأن أيضاً حتى المفاضلة بالتقوى يعني تحتاج إلى شيء من الدقة قد يخفى أمر كثير من الناس إذا أردت المفاضلة بينهما؛ لأن عند هذا لما ليس عند هذا، عند هذا ما ليس عند الأخر، نعم؟ لكن هذا وصف فاصل هذا كم يحفظ؟ وهذا كمن يحفظ؟ وقدمه.
"فيقدمه في اللحد" وعرفنا أن هذا من باب قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((إن الله يرفع بهذا القرآن أقواماً ويضع به آخرين)) {وَمَن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِمٍ} [(18) سورة الحـج] "فيقدمه في اللحد ولم يغسلوا" نعم الشهداء لا يغسلون "ولم يصل عليهم" الشهيد لا يحتاج إلى من يشفع له، بل هو يشفع لغيره، والصلاة على الميت شفاعة له ودعاء له بالمغفرة، وحط الذنوب والأوزار، والشهادة تجب هذه الذنوب من غير طلب، يغفر للشهيد كل شيء عند أول قطرة من دمه إلا الدين، فلا يصلى على الشهيد ولا يغسل، كما هو مدلول هذا الحديث، بعض السلف مثل سيعد والحسن يقول: يجب غسله كغيره، لكن الحديث الصحيح حديث الباب نص في المسالة، أنه لا يغسل، وجاء أنه يدفن بدمه، ويبعث يوم القيامة وجرح إيش؟
طالب: يثعب.
نعم اللون لو الدم، والريح ريح المسك، فإذا غسلناه أذهبنا هذا الأثر، فتغسيله المعتمد أنه لا يغسل، وبهذا قال الجمهور، وذهب بعض السلف كالحسن وسيعد بن المسيب إلى أنه يغسل، ولكن الحديث حجة عليهم، ولا يصلى على الشهيد، كما هو مدلول الحديث، وقول الجمهور أن الشهيد لا يصلى عليه؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يصل على قتلى أحد، وذهب أبو حنيفة -الحنفية- وإسحاق إلى أنه يصلى عليه كغيره بعموم أدلة الصلاة على الميت؛ ولأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى على شهداء أحد بعد ثماني سنين كالمودع لهم، يعني هل في هذا دليل؟ يعني لم يصل عليهم في أول الأمر هنا، لم يغسلوا ولم يصل عليم دفنوا ولا صلي عليهم، يعني في أول الأمر، صلى عليهم النبي -عليه الصلاة والسلام- كالمودع لهم، هذا دليل من؟ دليل الحنفية، وعندهم الصلاة على القبر، لهم فيها شروط، ولا يدخل فيها طول المدة ثمان سنين، فماذا عن الصلاة على شهداء أحد بعد ثمان سنين كالمودع لهم؟ يعني كيف يجبون عنها الجمهور؟ الذين قالوا: إن الشهداء لا يصلى عليهم؟ يعني صلاة لغوية وهي الدعاء، بهذا قال جمع من أهل العلم، ومنهم من قال: مر عليهم وصلى عليهم صلاة الجنازة، وهذا من خصوصياتهم، ولذا لم يذكر أنه طلب من الصحابة أن يخرجوا معه للصلاة عليهم كما فعل بالنجاشي، فهذا من باب الخصوصية، وحملها على اللغوية ما في ما يمنع والصلاة في اللغة يعني الدعاء، يعني دعا لهم خرج إلى المقبرة خرج إليهم في قبورهم ودعا لهم، ويسلك مثل هذا من أجل التوفيق بين النصوص، يعني جاءت الأخبار المتواترة التي منها حديث الباب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يصل على شهداء أحد، كونه صلى الله عليهم بعد ثمان سنين كالمودع لهم لا يمنع أن تكون الصلاة لغوية وهي الدعاء، بدليل أنه لم يجمع الصحابة كما هي عادته في الصلاة على الجنازة، ما قال: اخرجوا نصلي على شهداء أحد، كما نعى النجاشي للصحابة وخرج وصلى عليه، فالمرجح أن الشهيد لا يصلى عليه، نعم؟
طالب:.......
وين؟
طالب:.......
صلوا عليه أرسالاً، يعني ما صلوا عليه جميعاً بإمام لا.
طالب:.......
من الشهداء، لكن الشهداء معهم ما يشهد لهم من الدم، وهذه نصوص، أقول: هذه نصوص، وهذا فعل صحابته به -عليه الصلاة والسلام-، يعني صلوا عليه وودعوه ويش المانع؟ وهو كغيره، ويبقى أن الشهيد له أحكامه، ولو يوجد في الأمة من هو أتقى وأورع وأخدم للإسلام والمسلمين من الشهداء صلي عليه؛ لأنه تشمله النصوص، ويبقى أن عدم الصلاة على الشهيد بالنصوص، نعم.
قال الإمام الحافظ -رحمه الله-:
وعن علي -رضي الله عنه- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا تغالوا في الكفن فإنه يسلب سريعاً)) رواه أبو داود.
هذا الحديث المروي عن علي -رضي الله تعالى عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((لا تغالوا في الكفن فإن يسلب سلباً سريعاً)) رواه أبو داود بإسناد ضعيف؛ لأنه من رواية الشعبي عن علي فهو منقطع؛ لأن الدارقطني وغيره نصوا على أنه لم يسمع من علي إلا حديث واحد وليس هذا، الأمر الثاني أن فيه علة أخرى وهي عمرو بن هشام الجنبي أيضاً ضعيف، وعلى كل حال المنع من المغالاة دلت عليه النصوص الأخرى المستفيضة من نصوص الكتاب والسنة التي تنهى عن الإسراف والتبذير، فالمغالاة نوع وضرب من الإسراف والتبذير، فلا يغالى في كفن ولا في غيره، ((فإنه يسلب سلباً سريعاً)) لأنه يبلى ويذهب وتأكله الأرض فلا داعي للمغالاة فيه، ولذا لما أوصى أبو بكر -رضي الله تعالى عنه- أن يغسل ثوبه الذي عليه ويكفن فيه قيل له: إن هذا خلق، قال -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-: إن الحي أولى بالجديد من الميت، الحي أولى بالجديد من الميت، والكفن إنما هو للمهلة للصديد والقيح والهوام والحشرات، وأما بالنسبة إلى الحي فإنه يعبد الله فيه، ويستقبل فيه إخوانه، ويحضر به الجمع والجماعات، فهو أولى به، وعلى كل حال الحديث ضعيف، ومعناه صحيح، فالمغلاة والمبالغة ممنوعة لا بالنسبة إلى الحي ولا بالنسبة للميت.
قال -رحمه الله-:
وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لها: ((لو متِ قبلي لغسلتك)).. الحديث رواه أحمد وابن ماجه، وصححه ابن حبان.
يقول -رحمه الله تعالى-:
وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((لو متِ قبلي لغسلتك)) وسبق قول عائشة: "لو استقبلنا من الأمر ما استدبرنا ما غسل النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا نساؤه" ففي هذا ما يدل على أن للزوج أن يغسل زوجته والعكس له أن يغسل الزوجة، وفاطمة -رضي الله عنها- كما في الحديث الآتي: أوصت أن يغسلها علي، فما زالت الرابطة والعلاقة موجودة بين الزوجين، بدليل أنه تستمر حتى في الجنة، المقصود أن الرابطة ما انقطعت فهو أولى الناس بالإطلاع عليها، وهي أولى الناس بالإطلاع عليه، ومن أهل العلم من يقول: انقطعت الرابطة بالموت، فالمرأة لا تغسل زوجها، والزوج لا يغسل زوجته، ومنهم من يفرق يقول: إيش؟ ها؟
طالب:.......
الزوجة تغسل والزوج لا يغسل، لماذا؟ ها؟
طالب:.......
نعم لأن المرأة تعتد والزوج لا يعتد، يعني لو ماتت المرأة خلاص انتهى منها، ما انتهت جميع العلائق، لكن لو مات الزوج بقيت حبيسة من أجله حتى تخرج من عدته، والصواب ما يدل عليه الحديث أن للزوج أن يغسل زوجته وللزوجة أن تغسل زوجها، وأما بالنسبة للرجل بين النساء وللمرأة بين الرجال غير الأزواج نعم فقد جاء في المراسيل لأبي داود عن مكحول أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((إذا ماتت المرأة مع الرجال ليس فيهم امرأة، والرجل مع النساء ليس فيهن رجل فإنهما يُيممان ويدفنان)) يعني إذا ماتت المرأة بين رجال تُيمم ولا تغسل، وإذا مات رجل بين نساء يُيمم ولا يغسل؛ لأن الرجال لا يجوز أن يطلعوا على النساء، والنساء لا يجوز لهن أن يطلعن على الرجال، وهذا في حال الموت ففي حال الحياة من باب أولى التي فيها الافتتان من الطرفين، وإذا كان هذا في حال الموت ففي حال الحياة من باب أولى، وقال بهذا جمع من أهل العلم أن التغسيل يسقط، لا يغسل الرجل إذا لم يجد رجل يغسله، ولا تغسل المرأة إذا لم تجد امرأة تغسلها، منهم من يرى إرسال الماء على الرجل أو على المرأة من بُعد، يسقط به الواجب، وتنتفي به المفسدة، نعم.
قال الإمام الحافظ -رحمه الله-:
وعن أسماء بنت عميس -رضي الله عنها- أن فاطمة -رضي الله عنها- أوصت أن يغسلها علي -رضي الله تعالى عنه-. رواه الدارقطني.
الدارقطني روى هذا الحديث بإسناد لا بأس به مقبول في الجملة، ويشهد له الحديث السابق، يشهد له الحديث السابق عن أسماء بنت عميس -رضي الله عنها- أن فاطمة -رضي الله عنها- أوصت أن يغسلها علي -رضي الله عنه-، أسماء بنت عميس كانت تحت من؟
طالب:.......
قبله.
طالب:جعفر.
جعفر الطيار نعم وبعده تحت أبي بكر، وبعد تحت علي، فلها علاقة بالموضوع، قد يقول قال: إيش دخل امرأة أبي بكر في فاطمة وزوجها أوصت ما أوصت؟ لا لا هي تزوجت علي بعد فاطمة، فاطلعت على مثل هذا، فاطمة -رضي الله عنها- أوصت أن يغسلها علي، فدل على أن الرجل يغسل زوجته، ويشهد له ما تقدم من حديث عائشة: ((لو متِ قبلي لغسلتك)) وتقدم مراراً قول عائشة: "لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل النبي -عليه الصلاة والسلام- غير نسائه" وأوصى أبو بكر امرأته أسماء أن تغسله، المقصود أن هذا بين الزوجين جائز، بل لو قيل: إن المرأة أولى الناس بتغسيل زوجها، وأن الزوج أولى الناس بتغسيل زوجته لاطلاعه على ما لم يطلع عليه غيره كان له وجه، على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- غسله علي -رضي الله عنه-، واستعان ببعض الصحابة فدل على أن الرجال يغسلهم الرجال، والنساء يغسلهن النساء، والرجل يغسل الرجل، والمرأة تغسل المرأة، وعند الفقهاء بالنسبة للجنسين يفرقون بين من بلغ السبع وبين من لم يبلغ السبع، فالذي بلغ السبع له عورة محترمة مأثرة في الناظر، فلا يغسله إلا جنسه، وأما ما دون السبع فللمرأة أن تغسل ما دون السبع، وللرجل أن يغسل ما دون السبع، نعم.
قال الحافظ -رحمه الله-:
وعن بريدة -رضي الله عنه- في قصة الغامدية التي أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- برجمها في الزنا قال: "ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت" رواه مسلم.
يقول المؤلف –رحمة الله عليه-:
وعن بريدة -رضي الله عنه- في قصة الغامدية التي زنت، وقصتها معروفة، وجاء وصفها أو نسبتها إلى جهينة، وهل هما اثنتان أو واحدة، الغامدية والجهنية أن امرأة من جهينة وهذه غامدية وبعض الشراح يذهب إلى أن غامد بطن من جهينة قصتان في الصحيح غامدية والجهنية فهل هما اثنتان أو واحدة؟ يعني سياق القصتين متقارب جداً حتى جعل بعض أهل العلم يقول: إن القصة واحدة، وغامد بطن من جهينة، فهل هذا الكلام مجته وإلا ما هو بمتجه؟ ما عندنا أحد من غامد ومن جهينة؟ ها؟
طالب:.......
ما جئنا بشيء.
طالب:.......
ها؟
طالب:.......
إيه معروف إحنا نسمع بغامد ونسمع بجهينة، لكن هل بينهما اتصال في النسب، نعم؟
طالب:.......
لكن لو قيل -أنت غامدي أنت- لو قيل لك: إن من جهينة فخذ يقال لهم: غامد غير غامد الذي تعرف الطائفة الكبيرة المعروفة، يعني هذا ممكن ألا يمكن هذا؟ ما يمكن أن يكون غامد غير الطائفة المعروفة غير القبيلة المعروفة نعن غيرهم في فخذ من جهينة يقال لهم: غامد ممكن؟
طالب:.......
عجيب، يعني أنت مصر إلا أن تكون منكم هذه؟! عجيب! خليها من جهينة يا أخي.
طالب:.......
يعني هذا مرده إلى جهينة بحيث يُسألوا هل عندهم فخذ يقال له: غامد وإلا لا؟ نعم؟ كيف؟
طالب:.......
يعني الشيباني النسبة..، الإمام أحمد بن حنبل الشيباني هل هم الشيابنة الذين هم فرع من عتيبة؟
طالب:.......
لا، .... ليسوا منهم، شيبان الشيابين هؤلاء فخذ من عتيبة غير الشيباني الذي ينسب إليهم أحمد، ألا يمكن أن يكون مثل هذا؟ لأن فحول الذين قالوا: غامد بطن من جهينة ما هو من فراغ، يعني شراح كبار ما هم يتخرصون، فاحتمال قائم، وأنت إيش يضرك أن تكون هذه المرأة ما هي من غامد؟ يعني المسألة متصور، ما هي متصورة؟ يعني ألا تتصور أن جهينة فيها بطن يقال لها: غامد ما تدري عنه، يمكن صغيرين، يمكن فخذ صغير انقرض وانتهى، شيء ما بلغك احتمال يعني؛ لأن الأسماء تتكرر في هذه القبيلة وفي تلك القبيلة، وإذا رجعت إلى الأنساب للسمعاني تجد النسبة متحدة الفلاني الفلاني وكل نسبة تتجه إلى قبيلة من قبائل العرب، هذا متصور يعني والتصوير بالشيباني تراه مطابق لما نحن فيه، نعم.
هذه الغامدية التي حصل منها ما حصل، ورجمت وتابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وفي رواية: ((لو تابها صاحب مكس)) يعني توبة نصوح، أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- برجمها؛ لأنها زنت وهي محصنة فأمر بها، ثم أمر بها، فصلي عليها ودفنت، دل على أن المحدود الميت بحد يصلى عليه، الميت بالحد يصلى عليه؛ لأنه مسلم والمسلم يصلى عليه، لكنه لم يصل عليها أمر بها فصلي عليها هو أمر بها فرجمت ما باشر الرجم -عليه الصلاة والسلام-، وأمر بها فصلي عليها ولم يباشر الصلاة عليها فدل على أن الإمام لا يباشر مثل هذه الأمور لا سيما الصلاة على من كانت سبب وفاته فيه شيء نعم لئلا يقال: إن فعلها صحيح، ولو لم يكن فعلها صحيح ما صلى عليها النبي -عليه الصلاة والسلام-، قد يظن بعض الناس المرأة تابت توبة نصوح وانتهينا منها، توبة نصوح ولا إشكال وماعز يسبح في أنهار الجنة وما عندنا مشكلة بالنسبة للأشخاص، لكن يبقى أن الفعل قبيح الذي من أجله رجمت، فلو صلى عليها الإمام مثلاً واعتنى بشأنها.... حد بعض الناس يقول: من أجل أن يصلي عليه الإمام، أو صلى عليها الإمام فدل على أن فعلها لا شيء فيه، فمثل هذا إذا مات بطريقة بالحد الذي أصله ارتكاب مخالفة لا يصلي عليه الإمام، العلماء بينهم خلاف في الصلاة على الفساق وعلى من قتل في حد، وعلى المحارب، وعلى ولد الزنا، على كل حال هم في دائرة الإسلام، ويصلى عليهم، لكن يبقى أن علية القوم وأشراف الناس والإمام على وجه الخصوص يتورع عن الصلاة عليها.
انتهى الوقت يا شيخ.
حديث جابر مثله.
قال -رحمه الله-:
وعن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- قال: أُتي النبي -صلى الله عليه وسلم- قتل نفسه بمشاقص فلم يصلى عليه. رواه مسلم.
هذا الرجل الذي باشر قتل نفسه بمشاقص جمع مشقص وهو النصل العريض ترك النبي -عليه الصلاة والسلام- الصلاة عليه عقوبة له، وردع وزجر لمن أراد أن يفعل مثل فعله، ومباشرة قتل النفس جريمة كبيرة من كبائر الذنوب، ويأتي يوم القيامة بمشاقصه، ومن قتل نفسه بحديدة أو قتل نفسه بسم أو ترد من جبل وما أشبه يكرر فعله يوم القيامة -نسأل الله السلامة والعافية-، فمباشرة قتل النفس حرام لا تجوز بحال، ولا يوجد في النصوص ما يدل عليها، وإن جاء في النصوص ما يدل على التسبب، لكن المباشرة لا يوجد في النصوص ما يدل عليها، فمثل هؤلاء لا يصلى عليهم من قبل الإمام وإلا فهم في دائرة الإسلام، والمسلمون مطالبون بالصلاة عليهم، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"أهل العلم ينصون على أن زكاة الفطر تتبع البدن فيخرجها الإنسان عن نفسه في مكان إقامته التي فيه بدنه، وجمع من أهل التحقيق لا يرون مانعاً أن يخرجها الأب عن ولده المسافر، لا مانع إن يخرجها الأب عنك، لكن إن أخرجتها عن نفسك فهو أحوط.
هو يقول: سائمة ولم يقصدها للتجارة زكاتها زكاة بهيمة الأنعام، وأما هذه النية المبيتة أنه لو جاء سعر مغري باع، لو أن إنساناً أغري بثمن كبير في ثوبه الذي على جسده باعه، أو في بيته الذي يسكنه باعه، هذه النية لا تكفي لتكون عرض تجارة.
لا يجوز إلا إذا كان محرماً.
الذي يظهر أنها من الحديث؛ لأن الهادم للذات والقاطع لها أعم من أن يكون الموت أو غيره، فليس دلالتها على الموت لغوية بحيث يعرفها الصحابة فيكتفى بقول: أكثروا ذكر هادم اللذات، فالذي يهدم اللذات ويقطعها لا يختص بالموت بل المرض يقطع اللذة، الهم يقطع اللذة، فجاء الحديث لتعيين القاطع الحقيقي.
الفتن على إطلاقها نعم مثل ما ذكر الناقل فيها ما ينفع (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) التغابن: ١٥ فبالمعنى الأعم الفتن فيها ما ينفع بما فيها الأموال والأولاد لكن من أطلق واستعاذ بالله من الفتن مراده بذلك الفتن التي تضره تضره لا سيما في دينه ولذا جاء التنصيص على من مضلات الفتن التي تضله عن دينه وتشغله عنه والا الأصل في الفتنة هي ما يشغل الإنسان كادت أن تفتنني في صلاتي يعني تشغلني عن صلاتي والأموال والأولاد فتنة ومأمور بطلبها مع أنها منصوص على أنها فتنة لكنها فتنة بالمعنى الأعم لأنها تشغل تشغل صاحبها فالتعوذ بالله منها يعني الإنسان حينما يتعوذ بالله من الفتن هل يتعوذ بالله من الأولاد والأموال أو من شر هذه هؤلاء الأولاد وهذه الأموال التي تشغله عن دينه؟ فإطلاق الفتنة على الأموال والأولاد باعتبار أن الشغل يتسبب عنها فهي من إطلاق السبب على مسببه فمن أطلق وقال نعوذ بالله من الفتن أراد من ذلك الفتن المضلة لا يريد بذلك المعنى الأعم وإلا بإمكانه ألا يسعى في كسب المال وبإمكانه ألا يتزوج فيحصل له الأولاد وهذا على خلاف مراد الله جل وعلا.
الباغية {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} [(9) سورة الحجرات] أنت وصفتها بأنها باغية، إيش معنى باغية ومعها الحق؟! {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} [(9) سورة الحجرات] على كل حال إذا ترددت في الأمر فالعزلة، كما فعل بعض الصحابة.
هذا استثناء من الشارع وإذا جاء النص من الشرع ليس لأحد كلام فمثل هذا جعل الله فيه الشفاء بدلالة الإذن فيه المحرم استعماله على الوجه الذي حُرِّم من أجله الوجه الذي حرم والحكمة والعلة إذا ارتكبت العلة التي من أجلها حرم الحرير فيه أكثر من وجه يلبس من أجل نعومته ومن أجل الفخر فيه والتعالي على الناس لكن لنعومته يصلح للتداوي به من الحِكة والجرب وما أشبه ذلك وإذا قلنا أن التحريم والعلة النعومة فقط قلنا يحرم كل ناعم ولم يرد بذلك نص لأنه قد يكون الشيء له أكثر من من وجه يعني ألا يمكن أن تطفئ الحريق بالخمر؟ يمكن أن تطفئ الحريق بالخمر وهكذا إذا كان الشيء له أكثر من وجه فيحرم ما حرم من أجله والميتة إنما حرم أكلها فهي تحرم من وجه دون وجه وهنا يقال مثل ذلك في الحرير.
على كل حال هما قولان لأهل العلم.
نعم يطلق الظلم على الكفر ويطلق على الشرك كما فسر النبي -عليه الصلاة والسلام- قوله جل وعلا: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) الأنعام: ٨٢ قال «الظلم الشرك ألم تسمع إلى قول العبد الصالح (إن الشرك لظلم عظيم ) لقمان: ١٣ » ويطلق الظلم على ما دون ذلك يطلق الظلم على ما دون ذلك فأي أنواع الظلم وهو وضع الشيء في غير موضعه وهو ظلم الإنسان نفسه أو من تحت يده ظلم يعني أنت تحضر لابنك ولزوجك شيء من باب الشفقة عليهم والإكرام لهم وهو ضار لهم في أديانهم ظلمتهم تكون ظالمًا لهم وباعث على هذا الظلم المحبة لهم فلا شك أن الظلم متفاوت الظلم متفاوت (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه) البقرة: ١١٤ يعني هل نستطيع أن نقول إذا أراد شخص أن يجلس بعد الصلاة صلاة الصبح إلى أن تنتشر الشمس ثم جاء المسئول عن المسجد وأغلق الأبواب وأطفأ الأنوار وأخرجه نقول هذا أظلم الناس لا يمكن هذا عنده شيء من الظلم لكن ظلم دون ظلم ظلم دون ظلم ( وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ) الحج: ٢٥ هذه الآية هذه الجملة تعقّبت قول الله جل وعلا (الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ) الحج: ٢٥ يعني العاكف في المسجد المقيم بالمسجد الحرام حكمه حكم البادي الذي يقدم إلى مكة ليصلي فريضة واحدة الحكم واحد فهذا العاكف لو تعرَّض لهذا البادي وأقامه من مكانه هذا ظالم داخل في قوله جل وعلا: (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم) الحج: ٢٥ لكن ظلم مناسب للفعل فالظلم متفاوت وكل شيء بحسبه.
يعني كونه يسمع قرع النعال لا دلالة فيه أنه يسمع غيره.
الأصل الثاني وأنه لا يحمل هذا الفعل على الخصوصية إلا بدليل يقتضي التخصيص فإذا وجدنا دليلاً يقتضي التخصيص بقي الأمر أو النهي بالنسبة للأمة على مقتضاه الأصلي وهو الوجوب أو التحريم وفعله عليه الصلاة والسلام خاص به وإذا لم نجد دليل يدل على الخصوصية قلنا أن فعله صارف لقوله من الوجوب إلى الاستحباب أو من التحريم إلى الكراهة.
يقول: ذكر شيخ الإسلام في الفتوى أن ابن عمر -رضي الله عنه- أوصى بأن يقرأ عليه عند دفنه بفواتيح البقرة وخواتيمها، وكذلك أثر على بعض الصحابة فهل ينكر على من يوصي بذلك، وهو يقرأ فواتيح البقرة وخواتيمها عند دفن الموتى، والإمام أحمد -هذا قاعدة مستقلة ما لها علاقة بالكلام- يرى الأخذ بفعل الصحابي ما لم يخالف.
لكن هل فعله من هو أفضل من ابن عمر، أولاً: هل ثبت ذلك في المرفوع؟ ما ثبت إلا ما يفهم من قوله: ((اقرؤوا على موتاكم)) و((لقنوا موتاكم)) مع إمكان تخريجه على وجه يصح دون معارضة للنصوص، فهل ينكر؟ نعم ينكر؛ لأنه لم يفعله من هو أفضل من ابن عمر وإلا لك أن تدخل الماء في عينيك حتى يكف بصرك، ولك أن تفعل ما فعله ابن عمر وتقتدي به وهو صحابي مؤتسي من خيار الأمة، لكن في الأمة من هو خير منه -رضي الله عن الجميع-.
تقدم ما جاء فيه، وأنه حديث ضعيف، ((من غسل ميتاً فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ)).
وهل إذا غسلت المرأة تفك ضفائر الشعر أفيدونا؟
هذا في الحديث الأول من هذا الدرس -إن شاء الله تعالى-.
لا شك أن العقل هو مناط التكليف، وفيه حديث: ((رفع القلم عن ثلاثة)) هو مناط التكليف، ((والمجنون حتى يفيق)) فغير العاقل لا يكلف، وخطابات الشرع كلها موجهة إلى القلب، خطابات الشرع في الكتاب والسنة وتعليق الصلاح والفساد كله معلق بالقلب، فدل على أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين القلب والعقل، فجُل أهل العلم يقولون: إن العقل محله القلب، ومعروف عند الأطباء أن العقل محله الدماغ، ويستدلون على ذلك بأمور حسية، يعني يمكن أن يغير القلب الذي هو المضغة في الجسد المحسوس، وما يتغير شيء من حال الشخص، وإذا تأثر دماغه تأثر عقله، وقول الإمام أحمد فيه جمع بين هذه الأقوال والنظر إلى ما جاء في النصوص وإلى ما يشهد به الواقع فيقول: العقل محله القلب وله اتصال بالدماغ، يعني مثل ما نقول: الكهرباء لا بد من وجود موجب وسالب، لا بد من ذلك، فالموجب في القلب، والسالب في الدماغ.
نعم تبرأ براءة موقوفة حتى يقضى هذا الدين، ولذا استمر النبي -صلى الله عليه وسلم- يسأل ما فعل الديناران، ولما قضيت قيل: الآن بردت جلده، على كل حال تبرأ براءة مؤقتة إلى أن يقضى.