بلوغ المرام - كتاب الحج (4)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يقول جابر -رضي الله تعالى عنه- ثم اضطجع: يعني النبي -عليه الصلاة والسلام-، حتى طلع الفجر: يعني صلى المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ثم اضطجع.
حتى طلع الفجر: فهم من ذلك بعضهم أنه ترك صلاة الليل، وترك الوتر، والمعروف عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه لم يترك الوتر لا سفراً ولا حضراً، فهل نقول إن هذه الليلة على وجه الخصوص لا صلاة فيها غير الفرائض، حتى الوتر الذي كان يلازمه النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ أو نقول إن جابراً ما أطلع على ذلك، كما أنه خفي عليه بعض الأشياء؛ لأن كونه لازم النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يعني أنه لازمه ملازمة الظل، ما يلزم هذا، فالملازمة تعني طول المكث والبقاء، لكن لا يعني أنها ملازمة تامة مائة بالمائة، ولذا خفي عليه بعض الأمور مما ذكره غيره حتى في هذه الليلة، ولعل النبي -عليه الصلاة والسلام- استيقظ وصلى وجابر نائم.
فالقاعدة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما ترك الوتر لا سفراً ولا حضراً، وعدم الذكر لا يعني عدم الوجود، لا سيما في ما دل الدليل على وجوده بنصوص أخرى.
فصلى الفجر: لما طلع الفجر، صلى الفجر حين تبين له الصبح: يعني في أول وقتها بأذان إقامة كالمعتاد.
ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام: جبل هناك يقال له قزح, فأتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعا وكبر وهلل؛ لأنه مع زحمة الناس وكثرتهم لا يتمكن جميع الناس من الوقوف عند هذا المشعر، فلو وقف كل إنسان في مكانه وذكر الله -جل وعلا- ودعاه وهلل وكبر حتى يسفر جداً، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، وهذا ديدنه -عليه الصلاة والسلام- بعد صلاة الصبح يجلس في مصلاه، ويذكر الله -جل وعلا- حتى تنتشر الشمس، أما في هذا المكان استقبل القبلة فدعا وكبر وهلل، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً، فدفع قبل أن تطلع الشمس؛ مخالفة للمشركين الذين كانوا لا ينصرفون من مزدلفة حتى تطلع الشمس، وينتظرون طلوعها فيقولون: أشرق ثبير"؛ كي ما نغير، فخالفهم النبي -عليه الصلاة والسلام- فدفع قبل أن تطلع الشمس.
حتى أتى بطن محسر فحرك قليلاً: أسرع من نحو رمية حجر؛ لأن هذا محل عذاب، فمثل أماكن العذاب والغضب لا ينبغي البقاء والمكث فيها، ولذا جاء النهي عن دخول بلاد المعذبين إلا باكين أو متباكين، والصلاة في مواضع الخسف والعذاب ترجم الإمام البخاري بهذا وذكر بعض ما يدل على ذلك.
فحرك قليلاً ثم سلك الطريق الوسطى: التي تخرج إلى الجمرة: الكبرى غير الطريق التي خرج منها من منى إلى عرفة، تخرج على الجمرة الكبرى.
حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة: أتى الجمرة جمرة العقبة، وهي كالحد بين منى ومكة، ولذا يختلف أهل العلم، يعني هل هي في منى أو خارج منى مما يلي مكة؟ محل خلاف بين أهل العلم، من يقول أنها من منى يقول إن رمي الجمرة تحية منى، فكيف تحيا وهي خارج منى؟ وأهل القول الآخر يقولون الطواف تحية البيت وهو خارج البيت، الطواف تحية البيت، والطواف يكون خارج البيت وأيش المانع من أن يكون تحية الشيء خارجه؟ وعلى كل حال هي من الحرم سواء كانت من منى أو من مكة هي من الحرم، وأنتم ترون الحدود قريبة جداً منها.
حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة مثل حصى الخذف: مثل البندق، مثل الباقلا، مثل الحمص كبير الحمص، والنبي -عليه الصلاة والسلام- لما جمع له الحصى رفعه بيده وقال: ((بمثل هذا فارموا، إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو))، وبعض الناس يرمي بالحجارة الكبيرة وبعضهم بقطع الحديد وبعضهم بالنعال، وكل هذا من الغلو الذي جاء النهي عنه.
مثل حصى الخذف: حصى الخذف الذي يرمى به بين الأصابع صغير، وقد جاء النهي عن الخذف، وليس فيها إقرار لجوازه لكنه مثل ما هو معروف عندهم ويتداولونه بالخذف وإن كان منهياً عنه.
رمى من بطن الوادي: رمى من بطن الوادي، ثم انصرف إلى المنحر فنحر: -عليه الصلاة والسلام- نحر البدن التي جاء بها من المدينة، والتي جاء بها علي -رضي الله تعالى عنه- من اليمن فنحر بيده الشريفة ثلاثاً وستين، وترك الباقي لعلي -رضي الله تعالى عنه- وذبح عن نسائه البقر.
فنحر ثم ركب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأفاض إلى البيت: يعني بعد أن رمى ونحر وحلق شعره أفاض إلى البيت فطاف به طواف الإفاضة، هو طواف الركن -ركن الحج والذي لا يصح إلا به-.
فصلى بمكة الظهر: بعد أن طاف طواف الإفاضة صلى الظهر، وجاء من حديث ابن عمر -وهو صحيح- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى الظهر بمنى، وهنا يقول صلى بمكة الظهر، ولعله -عليه الصلاة والسلام- صلاها بمكة ثم أعادها بأصحابه لما رجع إليهم بمنى، والحديث على طوله محل عناية من أهل العلم، منهم من تكلم على فقهه، ومنهم من جمع طرقه ورواياته، وللشيخ الألباني -رحمه الله تعالى- كتاب اسمه حجة النبي -عليه الصلاة والسلام- ذكر فيه هذا الحديث برواياته فأجاد وأحسن -رحمة الله عليه-، وابن المنذر صنف فيه جزءاً كبيراً تكلم على فوائده واستنبط منه ما يزيد على مائة وخمسين فائدة، وبعضهم ضعف هذا العدد ذكر، وأجملنا الكلام فيه؛ لأن ظرف الدورة ما يسمح للإفاضة وهناك أربعة أشرطة متداولة ومعروفة في شرح حديث جابر في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام- من أراده رجع إليها.
قال الإمام الحافظ ابن حجر: وعن خزيمة بن ثابت -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا فرغ من تلبيته في حج أو عمرة سأل الله رضوانه والجنة، واستعاذ برحمته من النار)) [رواه الشافعي بإسناد ضعيف].
هذا الحديث الذي ذكره الحافظ عن خزيمة بن ثابت -رضي الله تعالى عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان إذا فرغ من تلبيته في حج أو عمرة: يعني فرغ من التلبية كلها، والفراغ من التلبية إنما يكون برؤية البيت أو بالاستلام أو بمباشرة رمي الجمرة، إذا فرغ منها سأل الله رضوانه والجنة، واستعاذ برحمته من النار، والخبر ضعيف لا يثبت بمثله حكم، ضعيف؛ لأنه من رواية أبي واقد صالح بن محمد بن أبي زائدة، وهو ضعيف عند أهل العلم.
وعن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نحرت هاهنا ومنىً كلها منحر، فانحروا في رحالكم، ووقفت هاهنا وعرفة كلها موقف، ووقفت هاهنا وجمع كلها موقف)) [رواه مسلم].
هذا جزء من حديث جابر الطويل في صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((نحرت هاهنا)): وهذا من التوسعة على الناس، من شفقته -عليه الصلاة والسلام- ورحمته بأمته، ولو لم يقل مثل هذا الكلام -عليه الصلاة والسلام- لتحرى الناس النحر في المكان الذي ينحر فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو لا يستوعب الناس، ولو لم يقل مثل هذا الكلام لتحرى الناس المكان الذي وقف فيه النبي -عليه الصلاة والسلام- سواء كان بعرفة أو بجمع، والمكان إن قصدوا نفس المكان فهو لا يستوعبه، قد يقتتلون عليه، لكن من شفقته -عليه الصلاة والسلام- أن قال مثل هذا، ((نحرت هاهنا ومنىً كلها منحر)) يعني مكان للنحر.
((فانحروا في رحالكم)): كل إنسان ينحر هديه في رحله في مكانه الذي أقام فيه بمنى، وهذا من التوسعة على الناس، وكونه يمنع مثل هذا ويجبر الناس على النحر في مكان معين لا شك أن الداعي إليه مراعاة المصلحة؛ لأنه مع كثرة الناس وازدحامهم لا شك أن الناس يتأذون بهذا، الإنسان ما يجد مكان يجلس فيه فكيف ينحر والدم يسيل والمخلفات وأمور، وينبعث منها روائح في اليوم الثاني والثالث، فمع الكثرة لا يتسن هذا ولذا رأى القائمون على هذه الأعمال تحديد أماكن للنحر، ولا بأس فيه؛ لأن المنظور فيه إلى المصلحة.
((ووقفت هاهنا)): كما وصف جابر -رضي الله تعالى عنه- أن بطن دابته إلى الصخرات، ومستقبل القبلة -عليه الصلاة والسلام-.
((وعرفة كلها موقف)): نعم، بحدودها، ومعروف أن الحج عرفة، فإذا وقف الإنسان في مكان لا يجزم بأنه في عرفة، فهذا يعرض حجه للخطر والبطلان، فعليه أن يتأكد أنه داخل حدود عرفة، وليرفع عن بطن عرنة؛ فلا يجزيء الوقوف فيه عند جماهير أهل العلم، ولذا جاء قوله: ((وارفعوا عن بطن عرنة))، وإن كان هناك قول للإمام مالك أنه من عرفة والوقوف فيه يجزئ مع التحريم فهو من عرفة، ولو لم يكن من عرفة ما احتيج إلى الإشارة إليه، ما قال: لا تقفوا في مزدلفة ولا تقفوا بمنى؛ لأنها ليست من عرفة، لكن المرجح هو قول الجمهور، عامة أهل العلم على أن بطن عرنة ليس من عرفة.
((ووقفت هاهنا)): يعني بمزدلفة، ((وجمع)): وهو اسم لها؛ لأنه يجتمع فيه الناس، ((كلها موقف)): جمع يجتمع فيه الناس، الحمس وقريش وغيرهم كلهم يجتمعون بمزدلفة، لكن عرفة الحمس لا يخرجون إلى عرفة.
المقصود أن مزدلفة كلها موقف من أولها إلى آخرها هي داخل الحدود، والوقوف بعرفة ركن من أركان الحج لا يصح إلا به، والحج عرفة كما جاء في الحديث، وأما الوقوف بمزدلفة والمبيت بها فهو واجب من واجبات الحج، ولذا رخص النبي -عليه الصلاة والسلام- للسقاة والرعاة، لمَّا استأذنوه رخص لهم، ولو لم يكن واجباً لما احتاجوا إلى الإذن، ولو كان ركناً -كما يقول بعض أهل العلم- لما رخص لهم؛ لأن الركن جانب الشيء الأقوى الذي لا يتم إلا به، لا يمكن أن يرخص لشخص عن الوقوف بعرفة، فدل على أن المبيت بمزدلفة واجب من واجبات الحج، وليس بركن، وليمس بمستخب كما يقول بعضهم.
وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء إلى مكة دخلها من أعلاها وخرج من أسفلها. [متفق عليه].
يقول -رحمه الله تعالى-:
وعن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما جاء إلى مكة: عام الفتح، دخلها من أعلاها: من ثنية يقال لها كداء -بالفتح والمد- من أعلاها، وخرج من أسفلها: من كُدى -بالضم والقصر- هناك محل ثالث يقال له تصغير كُدَيْ.
المقصود أن الدخول إلى مكة من أعلاها والخروج من أسفلها، هذا ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- وهل هذا الأمر مقصود شرعاً فيستحب أو ليس بمقصود؛ لأنه هو طريقه وهو الأيسر له -عليه الصلاة والسلام- ؟
الدخول من الأعلى يتطلب النزول إليها وهذا سهل، بينما الخروج من أسفلها أيسر، لو صار العكس لو دخل من الأسفل وخرج من الأعلى لتطلب ما يشق عليه، ويجور عن طريقه، فمن رأى إلى هذه المسألة من هذه الحيثية قال هذا حصل اتفاقاً، فالحاج يفعل الأرفق به، ومنهم من يقول أن الدخول من أعلاها يقتضي أن يدخل إلى البيت مستقبلاً البيت، وبعضهم يستحب هذا، ويقول الحنابلة وغيرهم يستحب دخول مكة من أعلاها، والمسجد من باب بني شيبة، يعني كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومنهم من يقول يفعل الأرفق ولا يترتب عليه شيء.
الدخول من الأعلى من ثنية كداء بالفتح والخروج من كدى بالضم، ولذا يقولون افتح وادخل، واضمم واخرج، ومثل هذا الكلام يوردونه لضبط الكلمات، لضبط بعض الكلمات التي تحتاج إلى ضبط تضبط بمثل هذا؛ لأن الضبط بالشكل يعتريه ما يعتريه، ومع تناقل الرواة يحصل فيه التصحيف، لكن إذا قيل مثل هذا خلاص انضبطت الكلمة ما تحتاج إلى شكل ولا غيره، افتح وادخل واضمم واخرج، يقول عثمان بن حرام، أو حرام بن عثمان بلفظ ضد الحلال، خلاص ما فيه أحد بيقول حزام ولا خزام ولا أبداً؛ خلاص انضبطت ولهم تصرفات في ضبط الكلمات تدل على عنايتهم بها، التصحيف والتحريف ما يتطرق إلى اللفظ يتطرق إلى المعنى يتبعه المعنى، فعلى طالب العلم أن يعنى بالضبط، ولذا يرى جمع من أهل العلم أن كل كلمة تضبط، وكل حرف يضبط؛ لأن التبين وعدمه أمور نسبية، يعني تكون هذه الكلمة واضحة عندك تقرؤها قال بدون إشكال، لكن يأتي من يقرؤها على غير هذا، لكن الأكثر من أهل التحقيق على أنه إنما يُشْكَل المشكِل، وبقية الكلمات ما تحتاج إلى ضبط.
وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى، حتى يصبح ويغتسل، ويذكر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. [متفق عليه].
وعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- انه كان: ابن عمر، لا يقدم مكة: لا يقدم إليها، ويرد عليها، إلا بات بذي طوى: ذي طوى مكان معروف من أحياء مكة، في المناسك عند المتأخرين يقولون: هو المكان المعروف الآن بالزاهر.
إلا بات بذي طوى حتى يصبح ويغتسل: الطرق كانت وما زالت طويلة، لكن الوسائل بعض الناس بهذا المبيت وهذا الانتظار للصبح والاغتسال يذهب إلى مكة ويؤدي النسك ويرجع إلى بلده، لكن لطول المسافات ومشقة الانتقال بين البلدان يحتاجون لمثل هذا، الآن بإمكانك تحضر الدرس بعد العشاء وتروح إلى مكة وتصلي الصبح هناك وتؤدي النسك وترجع بكل راحة في الفترة التي بات فيها ابن عمر.
النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى بذي الحليفة خمسة أوقات، وبعض الناس يتصور هذا في زمن الذي يعيشون فيه الآن زمن السرعة والعجلة وزمن يسمونه زمن الاتصالات والتقارب، بإمكانه الخمسة الأوقات يؤدي النسك ويرجع، لكن هناك فوائد تترتب على مثل هذا التريث وهذا التأني؛ لأن وجوده -عليه الصلاة والسلام- في ذي الحليفة مثل وجوده في المدينة، هو القدوة والأسوة هنا وهناك، وأفعاله شرع -عليه الصلاة والسلام- يمكن بعض الناس نسي حاجة ضرورية في المدينة بإمكانه أن يرجع ويأخذ أو يوصي أو يفعل ما يشاء، فهذه العجلة التي توجد الآن بين الناس ما لها مبرر، يعني هم مستعجلون على أي شيء على أيش؟
نعم جاء في السفر وأنه قطعة من العذاب، ويمنع الإنسان نومه وراحته، لكن يبقى أن العجلة التي يستعملها الناس!! بعض الناس يحتاج إلى راحة ولا يرتاح، يحتاج إلى راحة ويعرض نفسه للخطر ويقول لا زمن السرعة حتى توطن الناس على هذا وتربوا بحيث لو وجد أدنى عائق لهم ضاقت عليهم الدنيا بما رحبت، تجد كثيراً من الناس إذا أراد أن يلف يمين -والأصل أن اليمين ما يحتاج إلى انتظار- وجد أمامه سيارة ضاقت به الدنيا كأن القيامة قامت، والسبب هو هذه السرعة المتلاحقة التي تربى الناس عليها، أعمر وقتك بطاعة الله واذكر الله وسبح بهذه المدة ولا يفوتك شيئاً، لكن الناس تربوا على هذا، وإذا ركب السيارة كأن وراءه سبع أو عدو أو حريق أو شيئاً من هذا، ثم إذا وصل إلى المكان الذي يريد لا شيء، والله المستعان يبيت بذي طوى حتى يصبح ويغتسل والدنيا ملحوق عليها، يؤدي العبادة براحة وطمأنينة بعد أن أخذ ما يكفيه من الراحة، ليس معنى هذا أن الإنسان يضيع وقته بنوم وروحات وجيات ويجعل الطريق أيام من أجل أيش؟ لا هذا ولا ذاك؛ المسألة تحتاج إلى توسط، لا عجلة تشبه عجلة المجانين ولا أيضاً تريث يضيع الأوقات بدون فائدة، أقصد من هذا أن الإنسان يلزم الهدوء والطمأنينة والرفق في أموره كلها، ويتوسط أيضاً في أموره كلها، يصبح ويغتسل.
ويذكر ذلك عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: يعني من فعله ويرفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فيستحب فعل مثل هذا لا سيما إذا كان تعقب هذا السفر تعب يحتاج معه إلى راحة.
منهم من يرى أنه لا يدخل مكة بالليل حتى يصبح أخذاً من هذا الحديث، لكن المسألة مسألة حاجة إلى الراحة وعدمها؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل مكة من الجعرانة ليلاً.
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه كان يقبل الحجر الأسود ويسجد عليه، [ رواه الحاكم مرفوعاً والبيهقي موقوفاً].
أما بالنسبة للتقبيل فهو ثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- وجاء الحث عليه وأن الحجر الأسود يمين الله، المقصود أن له فضائل، وهذا الحديث اختلفوا في رفعه ووقفه، هل هو موقوف على ابن عباس من فعله، أو هو مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- والوقف هو المتيقن.
وعنه -رضي الله عنه- قال: "أمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يرملوا ثلاثة أشواط ويمشوا أربعاً ما بين الركنين" [متفق عليه].
وعنه: يعني ابن عباس -رضي الله عنهما-، قال أمرهم النبي -عليه الصلاة والسلام-: أمرهم، والأصل في الأمر الوجوب، والرمل عند عامة أهل العلم مستحب، فالأمر هنا أمر ندب.
أن يرملوا: بمعنى أنهم يهرولون في الأشواط الثلاثة، وأن يمشوا الأربعة الباقية، وأن يمشوا ما بين الركنين، وهذا في عمرة القضاء؛ لأن المشركين مما يلي الحجر، لا يرونهم إذا مشوا بين الركنين، وعرفنا أنه في حجة الوداع استوعب من الركن إلى الركن الشوط كامل بالرمل، والعلة التي من أجلها شرع الرمل ارتفعت، وبقي الحكم كعلة القصر سببها الخوف ثم ارتفع الخوف وأمن الناس واستمر الحكم.
حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول خب ثلاثاً ومشى أربعاً، وفي رواية رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا طاف في الحج أو العمرة أول ما يقدم فإنه يسعى ثلاثة أطواف بالبيت ويمشي أربعة" متفق عليه.
يعني هو بمعنى حديث ابن عباس، لكن الذي يرجح عدم وجود حديث ابن عمر في الأصل في البلوغ قوله في الحديث الذي يليه: وعنه، يعني لو كان حديث ابن عمر ثابت لقال: وعن ابن عباس ما قال وعنه، وإلا اقتضى قوله وعنه أي عن ابن عمر وهو يريد حديث ابن عباس في الذي بعده، فهذه قرينة على أن حديث ابن عمر لا يوجد في النسخ الأصلية، يعني وجد في بعضها دون بعض لكن يبقى أنه مرد الضمير إلى ابن عباس الذي هو راوي حديث الذي قبل الذي قبله، نعم يدل على أن حديث ابن عمر ما هو موجود، وإلا لصرح بذكر ابن عباس، وقال في الحديث الذي يليه وعنه.
انظر في الكتاب الحديث الذي يليه وعنه مقتضاه أنه عن ابن عمر، لو وجد هذا الحديث لكان المقتضى أن يكون ابن عمر، لكن مع عدم هذا الحديث يصح أن يقول وعنه ويريد ابن عباس راوي الحديث الذي قبله.
على كل حال حديث ابن عمر في الصحيحين وغيرهما يقول -رضي الله عنهما- أنه كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول، يعني أول ما يقدم مكة -سواء كان طواف عمرة أو طواف قدوم- فإنه يخب ثلاثاً يرمل يهرول يسرع ثلاثاً ويمشي أربعة ثلاثة أشواط ويمشي أربعة، وفي رواية رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا طاف في الحج أو العمرة أول ما يقدم فإنه يسعى ثلاثة أشواط في البيت ويمشي أ ربعة، وهذا الحديث يغني عنه الحديث الذي قبله ولذا لا يوجد في كثير من النسخ.
وعنه -رضي الله عنه- قال: "لم أر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستلم من البيت غير الركنين اليمانيين" [رواه مسلم].
وعنه: يعني عن ابن عباس، وذكرنا أنه لو كان حديث ابن عمر موجود لما قال وعنه، لأعاد صرح، قال وعن ابن عباس، وإلا لاقتضى أن يكون هذا الحديث عن ابن عمر؛ لأنه أقرب مذكور.
وعنه -رضي الله عنه- قال: لم أرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستلم من البيت غير الركنين اليمانيين: وهما الركنان الباقيان على قواعد إبراهيم -عليه السلام- بخلاف الركنين الآخرين؛ فإن قريشاً لما بنوا البيت قصرت بهم النفقة فقصروا به دون القواعد وبقي جزء من البيت دون قواعد إبراهيم، معروف بالحجر ستة أذرع تقريباً من البيت لكن قصرت بهم النفقة، ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية لنقضت البيت وأعدته على قواعد إبراهيم)) هذه أمنيته -عليه الصلاة والسلام- ومنعه من ذلك التشويش على الناس واضطرابهم ودخول الشك إلى بعضهم، ولذا ينبغي أن يجتنب مثل هذا التصرف إذا خيفت المفسدة، وأي بيت أعظم من بيت الله، فإذا خشيت المفسدة يترك الأمر على ما كان. يستلم الركن اليماني والركن الذي يليه الذي فيه الحجر، ويقال لهما اليمانيان من باب التغليب، وبعضهم يستلم الأركان الأربعة ويدعي أنه لا يهجر شيئاً من أركان البيت، لكن الاقتداء به -عليه الصلاة والسلام- هو الأصل فيبقى أن الاستلام لهذين الركنين، أما استلام الركن الذي فيه الحجر تقبيل الحجر واستلامه والإشارة إليه والتكبير عند محاذاته هذا كله ثابت، وفي هذا الركن أكثر من مزية؛ كونه على قواعد إبراهيم وكونه فيه الحجر، الركن الذي قبله هو على قواعد إبراهيم ولذا من تمكن أن يستلمه استلمه، وإلا لا يفعل غير ذلك، لا يشير ولا يكبر؛ لأنه لم يثبت في حقه إشارة ولا تكبير، لكن إذا أمكن استلامه فالنبي -عليه الصلاة والسلام- استلمه، أما الأركان الباقية فليست على قواعد إبراهيم ولذا لا تستلم ولا يشار إليها غير الركنين اليمانيين بتخفيف الياء، والأصل في ياء النسب أنها مشددة: ياء كيا الكرسي زيدت للنسب، يعني مشددة والياء هنا ياء نسب، وينصون على أنه لا بد من التخفيف؛ لأن الألف قامت مقام إحدى اليائين، الحرف المشدد عبارة عن حرفين وإلا لو قلت اليمني أو اليمنيين لا بد من التشديد، الألف هذه المزيدة قامت مقام الياء التي حذفت مع التخفيف، الأصل أن ياء النسب مشددة تقول ابن تيميّة وإلا ابن تيمية؟ تيميَّة ياء نسب.
فكونه لا يستلم من البيت غير هذين الركنين فلا يستلم بقية الأركان ومن باب أولى غيرهما، فلا يمسح مقام ولا يمسح باب ولا يمسح عمود ولا شيء، كل هذه من البدع المحدثة بل من وسائل الشرك وادعاء النفع من غير الله -جل وعلا-.
امرأة تقبل وتتمسح بالمقام يقال لها هذا شبك حديد يعني جيء به من المصنع جديد بعد، ما ينفع، تقول عندكم ما ينفع وإلا عندنا ينفع، هذا هو ردها نسأل الله السلامة والعافية.
ونحن نعيش ولله الحمد في تحقيق للتوحيد بسبب الدعوة المباركة التي قام بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله- وإلا أهل هذه البلاد وغيرهم كلهم دخلهم ما دخل لكن التجديد الذي قام به الإمام المجدد -رحمة الله عليه- ما زلنا نتفيأ ظلاله ونرجو الله -جل وعلا- أن يديم هذه النعمة التي هي السبب الحقيقي للأمن، {وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًاَ} لماذا؟ {يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [(55) سورة النــور].
فالشرك هو السبب الحقيقي لاختلال الأمن، ويأتي الوافدون إلى هذه البلاد ببدعهم وشركهم أحياناً الشرك الأكبر، والمأمول أن تكثف الجهود لنفعهم ودعوتهم والحيلولة أيضاً بينهم وبين شركهم؛ لأنه أعظم المنكرات وإنكاره من أوجب الواجبات، فلا يستلم غير هذين الركنين، نعم، ولذا أردف الحافظ هذا الحديث في الاستلام قول عمر -رضي الله تعالى عنه- بعد أن قبل الحجر.
طالب:.............
لا هو من رواية ابن عباس وعن ابن عباس والشارح نص على هذا.
طالب: .........
وين؟ هو مروي عن ابن عمر هذا اللفظ، لكن ما هو بنفس اللفظ يعني، المقصود أنه جاء من حديث ابن عمر ومن حديث ابن عباس لكن قوله وعنه والشارح نص على أنه ابن عباس يدل على أن حديث ابن عمر أيضاً، حديث ابن عمر ترى لا حاجة إليه زايد.
وعن عمر -رضي الله عنه- أنه قبل الحجر الأسود وقال: "إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك" [متفق عليه].
مناسب جداً أن يردف الكلام السابق والأحاديث السابقة بمثل هذا؛ لئلا يرد على بعض القلوب أن الحجر ينفع، للعناية به والاحتفاء به فالنصوص الصحيحة الصريحة قد يقول قائل إنه ينفع ولولا أنه ينفع ما أمرنا بتقبيله ولا مسحه ولا، أردفه بقول عمر -رضي الله تعالى عنه- بعد أن قبل الحجر:
إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع: فالنافع والضار هو الله -جل وعلا- لا غيره، ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك: هذا اقتداء وائتساء بالنبي -عليه الصلاة والسلام- هذه أمور شرعية يقتدى بها، لكن حق الله -جل وعلا- لا بد من العناية به والتنبيه عليه، وهذا من احتياطه -رضي الله تعالى عنه- واهتمامه بحماية التوحيد وسده الذرائع الموصلة للشرك.
يذكرون عن علي -رضي الله عنه- أنه لما قال عمر هذا الكلام قال فيما يرويه الأزرقي: "بلى يا أمير المؤمنين هو يضر وينفع" وهذا لا يصح ولا يثبت عن علي، ولا يمكن أن يقول علي -رضي الله عنه- الإمام الموحد مثل هذا الكلام؛ الذي نشأ على التوحيد وما سجد لغير الله -جل وعلا- يمكن أن يقول بلى يضر وينفع ليس بصحيح، بل هذا من وضع من أشربوا عبادة غير الله -جل وعلا- من الأحجار وغيرها، كما قال أمير المؤمنين وهو في الصحيحين: "لا تضر ولا تنفع" هذا أمر معلوم من الدين بالضرورة أن النافع والضار هو الله -جل وعلا- لا أحد يضر، ولو أن الأمة اجتمعت لنفع أحد لم يرد الله -جل وعلا- نفعه ما نفعوه بشيء، وبالمقابل لو اجتمعوا على ضره ما ضروه كما جاء في الحديث القدسي.
وعن أبي الطفيل -رضي الله عنه- قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يطوف بالبيت ويستلم الركن بمحجن معه ويقبل المحجن" [رواه مسلم].
يقول وعن أبي الطفيل: اسمه عامر بن واثلة آخر الصحابة موتاً على الإطلاق.. متى مات؟
سنة عشر ومائة، على رأس مائة سنة من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ما من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة)) -يعني من مقاله إلى وفاة أبي الطفيل، هذا المرجح عند أهل العلم، ومنهم من يقول مات على رأس المائة- المقصود أنه آخر الصحابة موتاً -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-.
قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يطوف بالبيت ويستلم الركن بمحجن معه ويقبل المحجن؛ لأنه يطوف على البعير، فإذا حاذى الركن استلمه بالمحجن، والمحجن هو العصا معكوف الرأس فيستلمه ويقبل المحجن، وعلى هذا إن أمكن التقبيل مباشرة فهو الأصل، إن استلمه بيده قبل يده، وإن استلمه بالمحجن قبل المحجن، إن لم يتيسر له كل هذا أشار إليه.
التقبيل مع كونه مشروعاً مطلوباً هل هو مقرون بالطواف أو هو مشروع بالإطلاق ولو من غير طواف؟
طالب: مقرون بالطواف.
فقط يعني الذي ما يطوف ما يشرع له يقبل الحجر؟
طالب: ...........
نعم؛ لأنه جاءت أحاديث مطلقة غير مقترنة بطواف، نعم بعد ما صلى عاد واستلم فما في طواف، فهو مشروع مطلقاً، لكن ينبغي أن لا يترتب على هذه السنة محظور من مزاحمة الرجال للنساء أو التضرر بأن يتضرر في نفسه أو يضر غيره، ولذا جاء في الحديث ما يدل على نهي عمر -رضي الله تعالى عنه- من مزاحمة الناس؛ لأن الرجل قوي وكان ابن عمر -رضي الله تعالى عنه- يحرص على تقبيله ومع ذلك يزاحم وليس هذا من السنة، السنة يحرص عليها بأن لا يتضرر ولا يضر غيره، وبعض الناس يحرص على السنة ويخفى عليه فقه تطبيق السنة، قد يفقه السنة لكن لا يفقه كيف يطبق السنة، بعض الناس يحرص على الصف الأول ثم بعد ذلك يأتي ويؤذي الناس يزاحم الناس حتى يصل إلى الصف الأول، وبعض الناس يفعل من السنة ما جاء عنه -عليه الصلاة والسلام- كالمجافاة مثلاً ثم يؤذي من بجواره، وبعض الناس تجده إذا تورك اعتمد على جاره بحيث لو قام جاره سقط.
التورك سنة لكن كيف تطبق السنة؛ لأن بعض الناس يخالف السنة يعني نجد شخص بدين ومتين ولا يعرف كيف يطبق السنة ويتورك حتى بين السجدتين ثم عاد الذي بجانبه ما يصدق أن الصلاة تنتهي.
فعلى الإنسان أن يحرص على العلم بالسنة وعلى تطبيق السنة وعلى فقه التطبيق، المجافاة مع الإمام يعني بالنسبة للمأموم إذا كان يتضرر بها من بجواره لا شك أنه تركها أولى هي سنة لكن أيضاً أذية المصلين لا تجوز بحال، فلنفهم هذا ونعيه جيداً، مثل ما قلنا في الصف الأول بعض الناس يجي ويزاحم الناس ويتخطى الصفوف ويصف بين اثنين عرضه متر والمكان ما يسع قدم هذا ليس بصحيح هذا يشغل نفسه ويشغل غيره ويذهب بلب الصلاة الذي هو الخشوع، وإلصاق القدم بالقدم كانوا يفعلونه في عهده -عليه الصلاة والسلام- وكان يأمر بالتراص، لكن ليس هذا التراص الذي يضيق النفس ويذهب بلب الصلاة حتى وجد بعض الناس عنده ردة فعل من هذا الأمر حيث يترك فجوة كبيرة ويعرض صلاته وصلاة جاره للبطلان أحياناً، بعض الناس ما يتسع خلقه وصبره على مثل هذه التصرفات، وبعض الناس عنده حساسية تامة في الرجل قد يخرج من صلاته إذا أوذي بمثل هذا، لكن يبقى أن السنة سنة ويبقى أن دين الله -جل وعلا- وسط وهذا قلناه في مسائل الصلاة السابقة في التراص في الصف وسد الفرج وخلل الصفوف ومن وصل صفاً وصله الله، لكن يبقى أننا بالقدر المطلوب ما نزيد على هذا.
فابن عمر -رضي الله تعالى عنه- كان يزاحم وأحياناً يرعف خشمه أنفه يخرج منه الدم ويعود لكن هذا ليس من السنة في شيء، ولذا جاء في الخبر يا عمر -في الخبر المسند وغيره- يا عمر إنك رجل قوي لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعفاء، ومن باب أولى المنع إذا ترتب على ذلك محظور من التصاق بين الرجال والنساء ويوجد من مرضى القلوب من يستغل مثل هذه الظروف، فمثل هذا يجب منعه وجميع الوسائل الموصلة إلى تحقيق بعض الرغبات من مرضى القلوب.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"يقول: هل نوم الرسول -عليه الصلاة والسلام- بذي طوى سنة يقاس عليه أن النوم قبل أداء العمرة سنة أيضاً؟
عليه أن يعود وهو مازال محرماً حتى يطوف ويسعى ويحلق أو يقصر.
هذه ديون على أملياء تزكى إذا حال عليها الحول الدين إذا كان عند مليء يزكى كل ما حال عليه الحول بخلاف الدين الذي على معسر.
السائل يقول كيف نوفق بين هذا الحديث أعلاه مذكور في أصل التقويم وبين حديث الخمس الفواسق الذي ثبت وصفه بأنه فاسق والعلة منصوصة فيقتل لا سيما وقد جاء الحث على قتله من غير تقييد.
المسألة ذكرناها في درس مضى، وقلنا أن الصبي لم يجر عليه قلم التكليف، من أهل العلم من يرى أنه لا يثبت له أجر ولا عليه وزر وإنما يؤمر وينهى من أجل التمرين، فهذه الحجة إذا كان ليس فيها أجر لا تهدى، وقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ولك أجر)) يعني الأم، فالأم تهدي ثوابها هذا الأجر الذي ثبت لها لمن شاءت.
يقول: أنا طالب للعلم مغرم به وعندي مشكلة أريد الإرشاد والدلالة للأصلح مشكلتي أنني منقطع لطلب العلم حفظاً للقرآن ولحفظ المتون ولكني لا أشارك في أي مجال من غير طلب العلم كثير من الإخوان يطلبون مني المشاركة في الدعوة والأنشطة الدعوية فأمتنع لا رغبة عن ذلك ولكن لعلمي من نفسي أن ذلك يشغلني عن التأصيل فهل ذلك حسن أو هو من حيل الشيطان ومكره علماً أن لي معلماً ولي مجلس شهري فهل أنا مصيب؟
على كل حال إذا انشغل بطلب العلم.
يقول: توضيح أكثر جعلت لي حد عشر سنوات وبعدها أبدأ في إلقاء الكلمات العامة فقط المشكلة أخشى من الإنقطاع والقعود والخمول وعدم الظهور..
كلام بعضه مكرر..
المشكلة أخشى من الظهور يعني مرة ثانية والمشاركة من القطع بطلب العلم والانشغال عن ذلك لأنني لا أستطيع أن أجمع بين عملين أو مجالين؟
على كل حال الأصل التعلم قبل كل شيء، أن يبدأ بالعلم ثم العلم، وعلى الإنسان أن يحرص بقدر الإمكان أن يعلم ما تعلمه، وأن يبلغ ما بلغه؛ لأن العمر ليس بمضمون الإنسان يقول أعكف على العلم عشر سنوات خمس سنوات عشرين سنة ثم بعد ذلك أفيد، لا؛ وما يدريك أنك تموت قبل ذلك، فاحرص بقدر الإمكان ولا تعرض نفسك لمواقف تحرج فيها ويطلب منك أكثر مما عندك، وإذا طلب منك مثل هذا قل الله أعلم ولا يضيرك، فعلى الإنسان من تعلم شيئاً أن يبلغه لغيره.
الأصل أن يكبر كل ما حاذى الركن كبر، وجاء في حديث عمر وغيره عند البيهقي استقبله وقال: بسم الله والله أكبر، فإن سمى فلا بأس وإن اقتصر على التكبير فهو الأصل.
المطلوب عمله عند الطواف، هو يقول لا أتجرأ على قوله، هو كلام شنيع يعني بجانب الرب -جل وعلا- سب لله جل وعلا في الطواف، فماذا يفعل من سب الله ورسوله، نسأل الله العافية يكفر، هذا يكفر، عليه أن يأتي بالشهادة من جديد إذا كان في حج أو عمرة بطل، بطل النسك كله، وعليه أن يعيده نسأل الله السلامة والعافية، وإذا كان بعد النسك فيعتريه من الخلاف ما يعتري من ارتد ثم عاد إلى الدين، هل يحبط عمله بمجرد الردة أو لا بد أن يموت على كفره؟ المسألة معروفة عند أهل العلم لكن إعادتها هو الأحوط.
إذا كان الباعث على اليمين الثانية هو الباعث على اليمين الأولى تكفي كفارة واحدة، وإذا تعددت الأسباب فبعددها .
من أهل العلم من يرى أن التكبير لبداية الطواف وأنه لا داعي له عند نهايته، لكن إذا استحضرنا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كلما حاذى الركن كبر فالنهاية كالبداية، وفي حديث جابر في المسند وغيره بإسناد حسن أنهم كانوا يطوفون مع النبي -عليه الصلاة والسلام- فيمسحون الركن الفاتحة والخاتمة ولا مسح دون تكبير.
إذا كان الكلام مؤكد وأنه بالفعل بحثتم عن مكان ولم تجدوا فلا شيء عليكم، وإن كان المسألة مسألة تفريط سمعتم الناس يقولون ما فيه مكان وصدقتم فعليكم بترك هذا النسك دم عند جمهور العلماء؛ لأنه واجب، المبيت واجب.
الآن لو عرفنا لماذا يضعون الأذخر في القبور، ولماذا يوضع في أسقف البيوت؟ يوضع في القبور بين اللبن؛ لئلا ينهال التراب إلى الميت فليس مقصوداً لأنه، لكن هو حشيش ناعم يمنع انهيال التراب إلى الميت؟
الملتزم بين الركن والباب، وحكم الدعاء عنده الالتزام إلصاق الصدر والبدن بهذه بهذا الجزء من الكعبة ما بين الركن والباب، والدعاء عنده يتحرى، فعله ابن عمر وابن عباس وجمع من الصحابة وليس فيه شيء مرفوع.
ليس له أصل هو حادث، لكن الحاجة داعية إليه؛ لأن كثيراً من الناس لا يدري من أين يبدأ الطواف، لا يدري ولا يعلم من أين يبدأ الطواف، لكن سائل يسأل يقول انه ابتدأ الطواف من رجل إسماعيل وين رجل إسماعيل، يعني يقصد من المقام مثل هذا يعرف كيف يبدأ؟ ما يعرف، فرأى أهل العلم في وقت من الأوقات أنه من المصلحة أن توضع علامة تدل على بداية الطواف، فإذا كانت المصلحة راجحة والمفسدة مغمورة فالدين دين مصالح ودرء مفاسد، لكن إذا زادت المفسدة -كما يلاحظ الآن- يوجد زحام شديد بسببه يقف الناس عليه وبعضهم يصلي يقصد هذا الخط ويصلي عليه، ولذلك فيه من يطالب بإزالته ووضع علامات تخلو من المفاسد، وحكمه حكم الخطوط ألي الآن المستعملة في الصفوف كلها حادثة، لكن إذا حققت مصلحة اتجه القول بها.
كل هذا من البدع.
الهدي النفل لا بأس، أما الواجب فلا يجب إلا بموجب، والعمرة ليس لها طواف وداع؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- اعتمر مراراً ولم يذكر أنه قال: ليكن آخر عهدكم بالبيت، ولم يأمر عائشة لما طافت وسعت أن تطوف للوداع.
المقصود أن العمرة ليس لها طواف، وبعض العلماء يرى أن النص عام شامل، فإن تيسر أن يطوف الإنسان إذا أراد أن ينصرف سواء كان في حج أو عمرة فهو أحوط، وإلا فالأصل أن العمرة ليس لها وداع.
طالب: حديث "إن عبداً أصححت له جسمه لا يفد لي كل خمسة أعوام فهو محروم".
هذا صححه بعضهم، ومعناه صحيح، حتى الذي لا يفد وهو يستطيع وهو صحيح البدن ويتيسر له يحج كل سنة محروم الذي لا يحج كل سنة محروم، الحرمان نسبي، نعم، فالحرمان نسبي.
طالب: ما يؤخذ منه تأثيمه....؟
لا لا ما يؤخذ، لا لا الحرمان لا لأنه لا يجب الحج إلا مرة واحدة؛ النصوص القطعية تدل على هذا.
المسألة تكلمنا عليها في درس مضى، ويذكر أن بعض المشايخ أفتوا بأن لها ذلك، لكن المرد في هذا والحكم إلى النص، وأنه لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم.
يعني ما حسب حسابه أنه لما قدم إلى الحج أنه سينتهي في يوم كذا؟ إذا كانت المسألة مسألة فريضة وركن من أركان الإسلام، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((أحابستنا هي)) ما يقف أمام هذه شيء أبداً، مهما كانت الظروف؛ يعني الحج ركن الإسلام والطواف ركن الحج وإذا فرطنا بالركن شو يبقى؟
كذلك بالنسبة لشدة الزحام للمرأة الحامل ألا يكون ذا وجاهة؟
أنت بتشترط وهي فرض لا بد أن تلاحظ أمرها وتأتي في الأوقات التي يخف فيها الزحام وتسدد وتقارب؛ لأنه لا بد أن نستشعر عظمة هذه العبادة، وأنها ركن من أركان الإسلام أما التساهل متى ما بغى جاء متى ما بغى، رجع... من كانت عليه أمارات التعب ويخشى عليه أن يفوته الحج بسبب المرض يشترط مثل ضباعة على ما سيأتي.
نعم.
هذا يبحث عنه بعض الإخوان ويأتي به غداً، ولو بحثه أكثر من واحد عاده يصير أحسن.
يدعو نعم يرفع يديه ويدعو.
أما بالنسبة لأوائلهم كعلي والحسين وعلي بن الحسين زين العابدين، ومحمد بن علي وجعفر الصادق كلهم أئمة، أئمة هدى ومروياتهم في الصحيحين وغيرها ولا نقاش فيه، من مرويات جعفر عن أبيه الباقر عن جابر حدبث حجة النبي -عليه الصلاة والسلام- وخرجها الأئمة في كتبهم، وأهل السنة أهل عدل وإنصاف، ما قالوا أن جعفر الصادق عمدة الشيعة ووضع عليه الشيء الكثير، ما عليه ذنب مما وضع عليه، الكلام فيما يضعه هو، وهو عدل ثقة عند أهل العلم لا يوجد ما يمنع من تقرير حديثه، أما من جاء بعدهم فهم كغيرهم من عادي الناس لهم وعليهم.
الأصل أن العبادات المفروضة من قبل الله -جل وعلا- على عباده أن لا يتدخل فيها أحد، هذا الأصل، لكن إذا رأى ولاة الأمر باستشارة أهل العلم ممن تبرأ الذمة بتقليدهم رأوا أن المصلحة ظاهرة في التحديد وأن الخطر محقق مع عدمه لهم ذلك، فلهم ذلك.