طريقتهم في تحزيب القرآن كما جاء في الصحيحين وغيرهما تنطلق من قوله -عليه الصلاة والسلام- لعبد الله بن عمرو –رضي الله عنهما-: «اقرأ القرآن في سبعٍ ولا تزد» [البخاري: 5054 / ومسلم: 1159]، فهم يحزبون القرآن على ثلاث -يعني من السور- في اليوم الأول، وفي اليوم الثاني خمس، وفي الثالث سبع، وفي الرابع تسع، وفي الخامس إحدى عشرة، وفي السادس ثلاث عشرة، وفي السابع المفصَّل، فالبقرة وآل عمران والنساء في اليوم الأول، والمائدة والأنعام والأعراف والأنفال والتوبة في اليوم الثاني، ثم يونس وهود ويوسف والرعد وإبراهيم والحجر والنحل في اليوم الثالث، ثم من الإسراء إلى آخر الفرقان في اليوم الرابع، ثم من الشعراء إلى يس في اليوم الخامس، ثم من يس إلى ق في اليوم السادس، ثم من ق إلى الناس في اليوم السابع، هذه طريقتهم في التحزيب وهي متقاربة، اليوم الأول والثاني على خمسة أجزاء وفي البقية على أربعة تقريبًا تزيد قليلًا أو تنقص قليلًا، المقصود أنها متقاربة، وعلى هذا التقسيم يقرأ الإنسان القرآن في سبع من غير مشقة، ولو جلس من صلاة الصبح إلى ارتفاع الشمس وزاد على ذلك قليلًا لكفاه ذلك، وإن اقتصر على ارتفاع الشمس وخرج إلى عمله ومهنته ثم جلس مدة يسيرة ربع ساعة أو نصف ساعة في وقت آخر أكمل حزبه من غير أن يتأثر عمله في دينه ولا في دنياه، ولكن الحرمان موجود لدى كثير من الناس.
هذا لمن أراد أن يُطبِّق وصية النبي -عليه الصلاة والسلام- لعبد الله بن عمرو «اقرأ القرآن في سبع ولا تزد»، ومِن السلف مَن يزيد فيقرأ القرآن في ثلاث «لا يفقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث» [أبو داود: 1390] كما جاء في الحديث، ولكن بعضهم قرأه في أقل وحَمَل الحديث على أن يكون ديدنه ذلك، وأما استغلال المواسم والفرص والمضاعفات والأماكن الفاضلة فيُكثرون فيها من قراءة القرآن طلبًا للأجر والثواب المرتب على القراءة، فإن في كل حرف عشر حسنات، وإذا صحب ذلك التدبر والترتيل كان الأجر أعظم، وفضل الله لا يُحد، والله المستعان.