بلوغ المرام - كتاب البيوع (05)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين، برحمتك يا أرحم الراحمين، أما بعد:
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
وعنه قال: "نهى -صلى الله عليه وسلم- عن النجش" متفق عليه.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعنه" يعني ابن عمر صحابي الحديث السابق "قال: نهى -صلى الله عليه وسلم- عن النجش" بسكون الجيم مصدر نجش ينجش نجشاً مثل ضرب يضرب ضرباً، والمقصود به في الأصل تنفير الصيد واستثارته من مكانه ليصاد، لكي يتبين، إذا كان مختفياً وراء شيء لا يمكن صيده يثار من أجل أن يتبين وينجش؛ ليتضح أمره فيصاد.
وهو في الشرع: الزيادة في السلعة ممن لا يريد شراءها، إما لنفع البائع أو للإضرار بالمشتري، تأتي إلى سلعة تباع سيارة يحرجون عليها في المعارض ثلاثين ألف تقول: واحد وثلاثين ألف وأنت ما تبي السيارة، ولو باعوا عليك وأنت في مجلس الخيار تقول: والله ما لي رغبة، تريد أن يقال: اثنين وثلاثين، تقول: ثلاثة وثلاثين، ويقال: أربعة وثلاثين وهكذا، وأنت لا تريد شراءها إما لتنفع صاحب السيارة، أو لتضر المشتري، فإن كان باتفاق مع البائع اشتركا في الإثم، والنهي هنا للتحريم، وإن كان من غير اتفاق مع البائع فيستقل الناجش بالإثم إذا حصل العقد على هذه الكيفية، وعلى هذه الصورة، أحياناً يكون عكس هذا، يضر البائع يؤتى بالسلعة فيتفق الحاضرون ممن يريد شراء هذه السلعة على عدم الزيادة فيها ليشتركوا فيها، سيارة بخمسين ألف كم نقول: عشرين ألف، والثاني يقول: واحد وعشرين، ويوقفون على هذا، ما تجيب أكثر من هذا، وكل واحد يدلي برأيه ترى ما تسوى أكثر من هذا، بع على الرجل لا يفوتك، هذا إضرار بالبائع وهو أيضاً لا يجوز، لكن الذي يهمنا الزيادة الذي هو النجش.
النجش إذا حصل السيارة تستحق خمسين ألف، فقال الناجش: واحد وخمسين، قال الثاني: اثنين وخمسين وأوصلوها إلى سبعين ألف، ثمانين ألف، واشترى هذا المسكين الذي غرر به؛ لأن بعض الناس يشتري بالتقليد، يشتري بالتقليد ما يعرف الأسعار، ولولا أنها تستحق ما سيمت تسعة وسبعين ألف إلا أنها... أنا بحاجة إليها أزيد زيادة يسيرة فهي تستحق هذا الثمن، إذا اشتريت هذه السيارة التي لا تستحق إلا خمسين ألف بسبعين ألف أو ثمانين ألف، فهل البيع صحيح أو باطل؟ وإذا صحح هل يثبت الخيار للمشتري أو لا يثبت؟ الإثم حاصل، نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن النجش، من حيث الصحة وعدم الصحة المسألة خلافية بين أهل العلم، الظاهرية عندهم أن كل نهي يقتضي الفساد، كل نهي يقتضي الفساد، وعلى هذا البيع الذي تم بهذه الصورة فاسد، وهو عقد باطل تُرد السلعة به، إذا اطلع المشتري على حقيقة الحال يرد السلعة، فالعقد باطل عندهم؛ لأن كل نهي يقتضي الفساد، وهذا قول عند الحنابلة، وهو معروف أيضاً عند المالكية، لكن القاعدة في مثل هذا أن النهي إذا عاد إلى ذات المنهي عنه، ذات المنهي عنه بيع خمر مثلاً، أو بيع كلب، أو بيع خنزير عاد إلى ذات العقد باطل، أو إلى شرطه، عاد النهي إلى شرط العقد يبطل، إذا عاد إلى أمر خارج يصح العقد مع الإثم، ومثلنا لهذه القاعدة بأمثلة مرت بنا مراراً من أوضحها سترة العورة الذي هو شرط لصحة الصلاة بثوب مغصوب، أو بثوب حرير بالنسبة للرجال الصلاة صحيحة وإلا باطلة؟ نعم؟ ستر العورة ويش يصير بالنسبة للصلاة؟ شرط، عاد النهي إلى الشرط، الصلاة صحيحة وإلا باطلة؟
طالب: باطلة.
باطلة لأنه عاد إلى شرط العبادة، لكن إذا عاد إلى أمر خارج صلى وعليه عمامة حرير هل عاد إلى ذات العبادة أو إلى شرطها؟ عاد إلى أمر خارج فصلاته صحيحة، هنا عاد إلى أمر خارج، وعلى هذا يصح العقد عند جمع من أهل العلم، لكن له الخيار إذا عرف أنه زيد عليه له الخيار، فهو مغرر به، لو كانت الزيادة من غير نجش، وسيأتي هذا في باب الخيار يثبت الخيار مطلقاً وإلا لا؟ في النجش هذه يثبت الخيار مطلقاً، مثل المصرات، لكن لو كانت الزيادة فاحشة، الثلث فأكثر يثبت الخيار للزيادة الفاحشة، أما لو كانت أقل من الثلث وليس هناك نجش، وليس هناك تغرير، كم هذه السيارة؟ بسبعين ألف، ثم لما اشترها وجدها ما تسوى إلا خمسين، نقول: الزيادة لا تبلغ الثلث فلا تستحق الإقالة ولا الخيار، ظاهر الفرق وإلا مو بظاهر؟ فهم يحددون الزيادة التي فيها خيار الغبن بالثلث، فإذا كان الثلث فأكثر له الخيار، وإذا كان دون ذلك فلا خيار له، لكن مع وجود مثل هذا النهي من النجش المحرم يثبت له الخيار، ولو كانت الزيادة أقل من الثلث، نعم؟
طالب:.......
لقوله -عليه الصلاة والسلام- الثلث والثلث كثير، هذا اتخذ قاعدة في كثير من الأبواب، من أجل هذا القول منه -عليه الصلاة والسلام-، في حكم النجش فيما لو زاد فهو من حقيقته فيما لو زاد صاحب السلعة، أو زاد الدلال السمسار، كم نقول السيارة؟ خمسين ألف، قال الدلال راح يمين يسار واحد وخمسين، واحد وخمسين، ما في أحد قال: واحد وخمسين، أو صاحب السلعة تنكر وجاء يزود أو ما هو معروف عند الحاضرين وصار يزيد فيها، هذا إيش؟ من حقيقة النجش، شخص جاء بسيارته وحلف بالله أنها سيمت بسبعين ألف هذا في حكم النجش، وهذا -نسأل الله العافية- لو حلف على ذلك، حلف أنها سيمت بمبلغ كذا، المنفق سلعته بالكذب -نسأل الله العافية- باليمين الكاذبة، {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً} [(77) سورة آل عمران] يدخل في هذا، بل قيل: إنه سبب نزول الآية، نعم.
وعن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن المحاقلة, والمزابنة, والمخابرة, وعن الثنيا إلا أن تُعلم" رواه الخمسة إلا ابن ماجه, وصححه الترمذي.
وعن أنس -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المحاقلة, والمخاضرة, والملامسة, والمنابذة, والمزابنة" رواه البخاري.
هذان الحديثان اشتملا على النهي عن صور من البيع، ففي حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- "نهى عن المحاقلة" والنهي عنها أيضاً في حديث أنس، وهي مفاعلة، محاقلة، والمراد بها في تفسير جابر راوي الحديث أنها بيع الرجل الزرع بما يعادله من الحنطة، وهو زرع حنطة، لكنه في سنبله يبيعه بما يعادله من الحنطة، وسبب النهي عدم العلم بالتماثل؛ لأن الحنطة يبست وصار لها كيل معين، ووزن معين، أما ما دام الحب في سنبله لا يمكن الاطلاع على حقيقة مقداره بدقة، فلا يمكن التماثل، والجهل بالتساوي عند أهل العلم في هذا الباب في باب الربا كالعلم بالتفاضل، الجهل بالتساوي كالعلم بالتفاضل.
"نهى عن المحاقلة والمزابنة"، المزابنة مأخوذة من الزبن، وهو الدفع الشديد، وهي بيع التمر، وهو على رؤوس النخل بالتمر الجاف كيلاً، هذه المزابنة تشتري عشر عشرين ثلاثين نخلة، يعني تمر هذه النخل وهو على رؤوسها، أو على الأرض وهو رطب بما يقابله من الجاف، وهذا ممنوع كسابقه، وقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((أينقص الرطب إذا جف؟)) قالوا: نعم، قال: ((فلا إذاً)) لماذا؟ لأنه لا بد من التساوي؛ لأن التمر ربوي لا بد فيه من التساوي، فإذا كان أحدهما رطباً والثاني جاف لا يمكن تحقق التماثل. والمخابرة: المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها من الزرع، وهي المزارعة؛ لأن المخابرة إما مأخوذة من الخبرة؛ لأن الذي يزرعها خبير بالزرع، وصاحب الأرض ليست عنده خبرة، كما هو العادة، أو لأن أول هذه المعاملة إنما حصلت بخيبر.
المزارعة تعطي زيداً من الناس أرضاً، عشرة آلاف متر، عشرين ألف متر، وتقول: ازرعها على بعض ما يخرج منها، ازرع لي هذه الأرض وصفِ لي بالسنة خمسمائة صاع، أو لي النصف الشمالي من الأرض، ما يخرجه النصف الشمالي من الأرض، نعم؟ هذا النوع الممنوع من المزارعة، وهو الذي جاءت به النصوص، احتمال أن الأرض لا تخرج خمسمائة، أو تخرج خمسمائة فقط، فيكون عمل المزارع هباء، فيتضرر بذلك، إذا قال: لي النصف الشمالي ولك النصف الجنوبي احتمال أن النصف الشمالي ينتج والجنوبي ما ينتج، أو العكس، فيحصل الضرر بأحدهما، والضرر ممنوع في الشرع، لكن إذا كانت المزارعة والمخابرة على جزء مشاع، على ربع نصف ما تنتجه الأرض مثلاً، على الربع، على النصف، لا بأس، وعلى هذا تنزل نصوص الجواز؛ لأنهما في هذه الحالة يشتركان في الغنم والغرم، إذا تضرر صاحب الأرض تضرر صاحب الزرع، ما يتضرر أحدهما على حساب الثاني، فإذا أنتجت هذه الأرض عشرة آلاف صاع، فلصاحب الأرض النصف وللمزارع النصف، أنتجت هذه الأرض مائة صاع لصاحب الأرض النصف وللمزارع النصف، فيشتركان في الغنم والغرم، وهذه هي الصورة الجائزة من المزارعة.
"عن الثنيّا" والمراد بها الاستثناء، وقد تخفف فيقال: ثنيا، ويراد بها الاستثناء في حديث ماعز اعترف عند النبي -عليه الصلاة والسلام- بالزنا، اعترف، ثم ثنى ذلك عليه مراراً؛ لأنه لو قلت: ثنى صارت مرتين فقط، ولذلك ضبط الكلمة ثنى يعني كرر مراراً، وهنا هي ثني يعني استثناء هذا هو الأصل وقد تخفف.
"إلا أن تُعلم" لا بد أن يكون الاستثناء معلوماً، بعتك هذه البضاعة إلا كذا، لا بد أن يكون معلوماً، بعتك هذه الصبرة إلا عشرة أصواع، عشرين صاع، بعتك هذه البضاعة إلا ربعها، يكون معلوم، لكن لو قال: بعتك هذه إلا بعضها، بعتك هذه البضاعة إلا بعضها، يصح الاستثناء وإلا ما يصح؟ لا يصح؛ لأن المستثنى غير معلوم، والبعض متردد بين أدنى شيء، وبين أكثر شيء، وإن كان بعضهم يقف في الاستثناء على النصف، ولا يجيز استثناء أكثر من النصف، المقصود أن مثل هذه الأمور لا بد من أن تكون معلومة لئلا توقع في الخصومة والشجار والنزاع.
"إلا أن تُعلم" هذا استثناء تعقب جمل، فعوده على آخرها متفق عليه، عن الثنيا إلا أن تعلم، لكن هذا الاستثناء إلا أن تعلم هل يعود على الجمل السابقة، نهى عن المحاقلة إلا أن تعلم، نهى عن المزابنة إلا أن تعلم، نهى عن المخابرة إلا أن تعلم، نهى عن الثنيا إلا أن تعلم، يعني الاستثناء المتعقب للجمل المتعددة هل يعود إليها جميعها أو إلى الأخير فقط؟ نعم؟
طالب:.......
إيه لكن كيف نعرف أنه رجع في هذا إلى الأخير أو إلى الأول أو إلى الثاني؟
طالب:.......
نهى عن المحاقلة إلا أن تعلم ويش صار؟ نهى عن المزابنة إلا أن تعلم، كيف؟
طالب:.......
إلا أن تعلم، نهى المحاقلة إلا أن تعلم، معلوم أن الزرع معلوم قدامك، والآصوع معلومة من..، كلها معلومة.
طالب:.......
لا، لا، هذه الأمور فاعلها ضمير مستتر يعود إلى مثنيات، مثنيات مجازية يجب أن يؤنث، نعم؟
طالب:.......
لكن هل هناك قاعدة تضبط هذا الأمر وإلا ما في قاعدة؟ نعم؟
طالب:.......
في مثال رددناه مراراً، وهو قوله -جل وعلا- في القذف، القاذف، القذفة جاء في حكمهم، جاء فيهم ثلاثة أمور، {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(5) سورة النــور] يعني هذا الاستثناء يعود إلى الثلاث الجمل، أو إلى الأخيرة فقط؟ أم ماذا؟ نعم؟
طالب:.......
فقط، الجلد الحد إجماعاً لا يسقط؛ لأنه حق آدمي، الفسق يرتفع اتفاقاً، الوصف بالفسق يرتفع اتفاقاً، لكن الجملة الوسطى يتناولها الاستثناء أو لا يتناولها؟ تقبل شهادته وإلا ما تقبل إذا تاب؟
طالب:.......
إذا ارتفع الفسق الذي هو سبب رد الشهادة يعني عدنا إلى قبولها، وهذه حجة من يقول: إنه يعود إلى الجملتين، أما من يقول وهو قول موجود عند أهل العلم، وكثير من أهل التحقيق يميلون إليه، وأن شهادته تبقى مردودة، والاستثناء لا يعود إلا للأخيرة، نعم، ولقوله: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [(4) سورة النــور] قرن بالتأبيد، نعم؟ مع أنه لو قرن بالتأبيد هل التأبيد معناه الدوام على هذا التأبيد، أو معناه طول أمده؟ نعم؟ أو تعليقه بوصف يرفعه كما هنا؟ {وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا} [(95) سورة البقرة] مع أنه جاء: {وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} [(77) سورة الزخرف] المقصود أن التأبيد هل معناه التأبيد المستمر أو أن معناه في الأصل طول الأمد؟
طالب: الثاني.
لكن أنت افترض أن هذا الشخص حتى لو قلنا: إنه طول الأمد كما يقول بعضهم، نعم، حتى لو قلنا هذا لو أن شخصاً قذف محصنة، وشهد عليه الشهود وجلد، ثم تاب وحسنت توبته من الغد، ما في طول أمد، نقبل شهادته وإلا ما نقبل؟ الأصل أن الذي ترد شهادته بالنص..، الذي تقبل شهادته العدل، والذي يقابل العدل الفاسق، {إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [سورة الحجرات] فتثبتوا، يدل على أنه إذا لم يتحقق هذا الوصف الذي رُتب عليه عدم قبول الشهادة إذا ارتفع ارتفع حكمه وتقبل الشهادة، والمسألة خلافية، وإذا قررنا هذا عرفنا هذا، وهو أنه استثناء تعقب ثلاث جمل عاد إلى الأخيرة بالاتفاق، ولم يعد إلى الأولى بالاتفاق، والثانية هي محل الخلاف، نرجع إلى عندنا؛ لأنه يوضح ما عندنا، نقول: الاستثناء يعود إلى الأخيرة اتفاقاً: "عن الثنيا ألا تعلم" لكن هل عوده إلى الأولى يرفع النهي؟ هذه محاقلة معلومة، وقلنا عن المحاقلة في تفسير جابر: الرجل يبيع الزرع بجنسه، الزرع من الحنطة في سنبله بحنطة جاهزة للأكل، هل نستطيع أن نقول: إلا أن تعلم يمكن أن يعود إلى هذا؟ لأن لو علمت ما صارت محاقلة، فلا يمكن العلم بها، لا يمكن أن نعلم بدقة ما التساوي مع المبدل منه، فهذه الجملة لا تعود إلى الجملة الأولى: نهى عن المحاقلة؛ لأن هذا الشرط لن يتحقق، ولو تحقق ما صارت محاقلة، وقل مثل هذا في المزابنة والمخابرة.
وفي حديث أنس: "نهى عن المحاقلة" وهذه تقدمت، والمخاضرة: المخاضرة قالوا عنها: إنها بيع الزروع والثمار وهي خضراء، لم يبدو صلاحها، زرع أخضر ما بدا صلاحه، على رؤوس النخل ثمره وهو أخضر، لم يبدو صلاحه، قبل أن يزهي، وبدو الصلاح إنما يكون بإيش؟ إن يحمر أو يصفر، وبدو الصلاح في العنب أن يتموه حلواً، وبدو الصلاح في الحب أن يشتد، فإذا بيع قبل هذه الصلاحية للاستعمال فإنه يكون حينئذٍ من باب المخاضرة من وصفه، الغالب أن لونه أخضر في هذه الحالة، الزرع أخضر، ثم النخل أو طلعه أخضر، والعنب أخضر، في هذه الحالة.
والملامسة: الملامسة تأتي إلى صاحب سلعة وتقول: أي شيء أو أي سلعة ألمسها يقوم لمسها مقام رؤيتها يكفيني اللمس، في ظلام مثلاً ويعطيك الثوب تلمسه تقول: شريت، أو يعطيك الثوب وهو مصفود، مصفد، تلمسه تقول: خلاص اشتريناه من دون أن تنشره، هذه ملامسة، وفيها غرر وجهالة، نعم لأن اللمس وحده لا يكفي، اللمس وحده لا يكفي، طيب ماذا عن بيع الأعمى، وشراء الأعمى، الأعمى وسيلته؟ عنده وسيلة غير اللمس؟ نعم؟ كيف؟
طالب:.......
طيب الوصف نعم الوصف لكن المسألة الوصف يصلح حتى في حال الظلام، جاء في حال الظلام بثوب وقال: صفته كذا وكذا وكذا، ثم إذا أصحبت إن طابق الوصف وإلا فخيار الخلف في الصفة، هل من هذا النوع الأعمى؟ لا بد أن يوصف له وصف دقيق، ثم إن بان غير ذلك.. نعم؟
طالب:.......
الأعمى؟
طالب:.......
لكن أن افترض أن أعمى اشترى ثوب ولمسه ووجده من النوع الذي يريد ووضعه في أبطه ومشى، لما لبسه إذا به إلى حد الركبة، يرجعه وإلا ما يرجعه؟ إذاً ما يكفي اللمس، طيب افترضنا المسألة في أعمى في غاية النباهة، الآن كثير منهم يعرف العملات المختلفة، نعم يعرف تعطيه ورقة يقول لك: هذه خمسمائة، نعم، هذه خمسمائة، تعطيه ثانية يقول لك: هذه مائة، تعطيه ثلاثة يقول لك: هذه عشرة، وبعضهم عنده طريقة إذا أعطيته العملة وضعها في يده هكذا، يعرف مقاسها، وبسرعة فائقة، يعرف إذا وصلت إلى هذا الحد فهي كذا، ويعرف يقيس الثوب، يعني عنده نباه، بل ذكروا أشياء قد لا يهضمها كثير من الناس، وهي بالفعل حقائق، فالأعمى الذي من هذا النوع في غاية النباهة، يمكن أن يقول: أنا والله ما دريت وهو قايس وشايف طوله وعرضه ويمين ويسار، ولونه، حتى قال بعضهم: الألوان يدركها بعضهم، فالمسألة مسألة كيفية الحصول على حقيقة الشيء، وإدراك حقيقته بدقة، فإذا كان هذا الأعمى من النوع الذي عرف بأنه أبصر من المبصرين يكفي اللمس، ويقيس عرضه وطوله، نعم، هل نقول: إن هذا يكفي؟ أو نقول: إن هذا في حكم الملامسة وله الخيار؟ نعم؟ لأنه اشترى بهذه الطريقة التي جاء النهي عنها، فله الخيار؛ لأنه اشترى بالطريقة التي جاء النهي عنها، وفي مثل هذه الحالة ما يترك الأمر لاختلاف الأفراد، يعطى قاعدة عامة، ولذا يرى جمع من أهل العلم أن شراء الأعمى موقوف على الإجازة، مثل الشراء بالصفة، فإذا اختلف الوصف له الخيار، كمن يشتري سلعة غائبة، أو في ظلام لا يمكنه التحقق والتأكد منها، ومنهم من نظر إلى بعض العميان، وأن عندهم من النباهة ما ليس عند المبصرين، وقال: إن هذا بإمكانهم أنه يتأكدوا مما يريدون وأجازوا شراء الأعمى، لكن لو ادعى أنها خرجت على خلاف ما يريد، ادعى أنها ظهرت على خلاف ما يريد، طيب افترض أنه يريد ثوب له ليلة العيد، جاء يشتري ثوب، فأعطي ثوب امرأة، المادة واحدة، صوف، كله صوف، لمسه وقال: والله صوف طيب، أعطني إياه، وشاله، ووصل البيت فإذا هو..، هذا لا إشكال في كونه يرد، نعم؟ كونه توصف له السلعة من قبل البائع ثم يتبين أنها على خلاف الوصف هذا أيضاً لا إشكال في كونه يرد، لكن إذا تأمل في السلعة ونظر فيها من جميع الوجوه، ووصفت له، ووجد الوصف مطابق، هل نقول: إنك اشتريت بالملامسة؟ نعم؟ لا مثل هذا يلزم البيع إذا وجدت المطابقة.
"والمنابذة" أنبذ لي ثوبك، وأنبذ لك ثوبي؛ لأن هذه الصيغ كلها مفاعلة الأصل فيها أن تكون من طرفين، أي ثوب نبذته إليك فهو عليك بكذا، وأي ثوب نبذته علي فهو علي بكذا، والمزابنة تقدمت.
طالب:.......
يشترط عدم الترجيع ما يملك؛ لأن هناك خيار العيب فإذا وجد العيب ترد، خيار الخلف في الصفة.
طالب:.......
وين؟ إيه، لا، لا، لكن بعضهم يشترط مدة معلومة للترجيع، يعني يقول: خلال أربعة وعشرين ساعة ترجعه، ما عدا ذلك فلا، فإذا كان يتمكن من النظر في السلعة، وقبل المدة صحت، نعم، لكن إذا كان لا يتمكن من النظر فيها خلال أربعة وعشرين ساعة، ولا تبين عيوبه إلا بمدة أكثر من ذلك يحتاج إلى المدة الكافية.
طالب:.......
يشتري بقيمتها سلعة أخرى، نعم؟
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
اشمغة.
طالب:.......
يعني إذا قيل له إيش؟ قال: أريد شماغ مقاس ستين مثلاً، فأعطى شماغ مقاس إيش؟ ستين؟
طالب:.......
إيه لكن نوعية الشماغ وماركته.
طالب:.......
وتبين أن في قيمته غبناً، كون الإنسان يفرط في حال الشراء لا يعذر، يعني جاء المحل قال: بكم الشماغ؟ قال: بمائة، ثم طلع ووجده يباع ثمانين....... يفرط، ما يعذر، لكن إن كان فيه عيب لك خيار العيب، إن كان فيه غبن ما يسوى إلا خمسين يمديك ترجعه بخيار الغبن، أما أن تسترسل وتشتري من غير تأمل هذا العهدة عليه، نعم؟
طالب:.......
نعم الإلزام بالاستبدال، الأصل أنه يستحق القيمة، هذا الأصل، ولو طالبه لألزمه بدفع القيمة، كونه يشتري به بضاعة أخرى مما يحتاجه هذا الأمر إليه، ولو ألزمه دفع القيمة للزمه إذا كان له الخيار، أما خيار غبن، أو خيار عيب، وإلا خيار خلف، أو أي نوع من الخيار، نعم؟
طالب:.......
ويش هو؟
طالب:.......
ويش فيها؟ يعني أنت اشتريت شريط وسمعته وانتهيت منه، أو اشتريت شريط ووجدت التسجيل فيه رديء نعم تعيده إلى صاحبه، وتأخذ مثله بقيمته؛ لأن هذا عيب، نعم يا سليمان.
وعن طاوس عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تلقوا الركبان, ولا يبيع حاضر لباد)) قلت لابن عباس: ما قوله: ((ولا يبيع حاضر لباد?)) قال: لا يكون له سمساراً" متفق عليه، واللفظ للبخاري.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-...
الحديث الثاني مثله.
طالب:.......
ويش هو؟ هاه؟
طالب:.......
المنابذة قلنا: إن يقول أحدهما لصاحبه: أي ثوب نبذته إلي فهو علي بكذا، أو أي ثوب أنبذه لك فهو عليك بكذا.
الحديث الثاني الذي يليه.
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تلقوا الجلب، فمن تلقي فاشتري منه فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار)) رواه مسلم.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في الحديث المتفق عليه: "عن طاوس" وهو ابن كيسان "عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تلقوا الركبان))" والحديث الذي يليه: ((لا تلقوا الجلب)) يعني من يجلبون السلع إلى البلدان سواء كانت من القرى أو من البوادي.
((لا تلقوا الركبان)) يعني حتى تصل هذه السلع مع ركبانها -مع جلبها- إلى السوق، والنهي عن تلقي الركبان ينظر فيه إلى الجالب –الراكب- وينظر فيه أيضاً إلى مصلحة أهل السوق؛ لأن المتلقي هذا يريد فائدته فقط، بغض النظر عن فائدة الجالب وبعض النظر عن فائدة أهل السوق، فيشتري هذه السلعة من هذا الجالب قبل أن يعرف الجالب ما تستحقه من قيمة وبعض النظر عن مصلحة الجالب، ثم يبيعها بالسوق، فلا يستفيد لا الجالب ولا أهل السوق، والشرع نظره إلى المصالح، مصالح جميع الأطراف، والمصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة، فيترك الجالب والركبان إلى أن يصلوا إلى السوق، فإذا وصلوا إلى السوق وعرفوا الأقيام والأسعار، ثم باعوا على بينة وعلى بصيرة سواء كان بسعرها أو بأقل، وحينئذٍ ينتفع الناس كلهم، ولا يتضرر الجالب؛ لأنه إذا تلقي والسلعة تستحق ألف، ثم قال هذا المتلقي: سلعتك لا تستحق إلا خمسمائة، ووثق به الجالب، تضرر الجالب، فهل يبيعها هذا المتلقي في السوق بخمسمائة وخمسين، أو ستمائة وهي تستحق ألف؟ يبيعها بألف، وحينئذٍ يتضرر الجالب ولا يستفيد أهل السوق، لكن إذا جلب صاحب السلعة من البادية، أو من القرى ببضاعته، ثم وصل إلى السوق وعرف أن هذه السلعة تستحق كذا باعها بما تستحق أو بنازل يسير واستفاد من يشتري منه، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض، أما أن يحصل الضرر الكبير بالجالب أو بأهل السوق فلا، وهذا هو سبب النهي عن التلقي.
التلقي من أين يبدأ؟ من خارج السوق أو من خارج البلد؟ أو المسألة مربوطة بما يعرف به السعر؟ يعني لو جاء واحد جلب عليكم بضاعة ووقف بطرف الدمام وسأل كم تسوي هذه؟ ما يدرون، يدرون كم تسوى؟ حتى ينزل إلى السوق الذي هو محل البيع والشراء؟ نعم؟ المقصود ألا يتلقى قبل المكان الذي يعرف به الثمن، ويرتفع به الغرر، يعني لو قبل السوق بشارع واحد، وسأل، نعم، هذا شخص معه سمن، أو صل إلى شارع قبل سوق السمن، شارع كله اتصالات وأجهزة وسألهم ما يدرون لا يجي بألف ولا ريال، يحصل به العلم بالسعر؟ ما يحصل به حتى يصل إلى المكان الذي يعرف به السعر بحيث لا يغبن.
((ولا يبيع حاضر لباد)) لا تلقوا أصلها لا تتلقوا الركبان، جمع راكب ويستوي في ذلك الواحد والجماعة، لكن هم في الغالب إنما يدخلون جماعة، وفي الغالب يدخلون ركبان، لكن لو جاءوا على الأقدام مشاة، نعم ومعهم سلع يجوز تلقيهم وإلا ما يجوز؟ لا ما يجوز؛ لأن هم في الغالب يقدمون هكذا، والأمر جرى على الغالب.
((ولا يبيع حاضر لباد)) حاضر لباد، وفيه ما فيه الذي قبله، ((لا يبيع حاضر لباد)) بل يترك البادي ينزل إلى السوق ويبع لنفسه ليستفيد ويستفاد منه، لكن إذا كان لا يعرف يبيع هل معنى هذا أنه يترك ولا يعان على بيع سلعته بأجرة أو تبرع؟ لأن البيع بيع الحاضر للبادي إذا نزل بسلعته إلى السوق ثم جاء هذا الحاضر إلى هذا الباد وقال: أبيع لك سلعتك، وأصير دلال سمسار بالأجرة، نعم؟ قال: أبيع لك بالأجرة.
ولذا يقول ابن عباس، قلت لابن عباس: ما قوله: ((ولا يبيع حاضر لباد؟)) قال: لا يكون له سمساراً".
والبخاري -رحمه الله تعالى- ترجم على هذا الحديث وقيد النهي بالأجرة، باب: لا يبع حاضر لباد بأجرٍ، نعم فدل عل أنه لو تبرع جاز، يعني من باب أنه يخدم أخاه بغير مقابل، ومثل هذه الأمور ينبغي أن تسود بين المسلمين فيحصل بينهم التعاون من غير مشاحة ولا مقابل، لكن هل الأجرة لها أثر إذا نظرنا إلى حقيقة الأمر؟ ما العلة في النهي عن بيع الحاضر للبادي؟ نعم؟ العلة أن يستفيد أهل السوق؛ لأنه إذا تولها الحاضر الذي يعرف الثمن بدقة ما استفاد الناس، وهذا البادي في الغالب لن يخسر على أي حال، هذا البادي هو الذي صنع هذه السلعة، أو استخلص هذا السمن، أو صنع هذا الأقط أو غيره، فإذا باعه على الناس واستفادوا منه كلهم حصل المراد الشرعي، فكون الإنسان يتولى البيع الحاضر الذي يعرف الثمن بدقة فيستفيد البائع دون سائر الناس لا يتحقق الهدف الشرعي من نهي البيع الحاضر للبادي، نعم؟
طالب:.......
((ولا يبيع حاضر لباد)) من أهل العلم من يرى أن هذا الخبر منسوخ، هذا الحديث منسوخ، وأن التوكيل في البيع والشراء جائز، والبيع بأجرة والسمسرة هذا توكيل في البيع، ومنهم من يحمل هذا النهي على قول الحاضر للبادي: أبيع لك هذا السلعة لكن ما أبيعها الآن لأننا إذا قلنا من يسوم ما تأتي بالسعر الذي نريده تتركها عندي أيام فأبيعها لك على التراخي ليحصل لك السعر الذي تريد، ضع هذه السلعة عندي لأبيعها لك على التدريج بأعلى من هذا السعر منهم من يحمل النهي في هذا الحديث على هذه الصورة دون غيرها، وسواء كانت الصورة الأولى مجرد سمسرة تباع في وقتها أو بيع بالتدريج كلها موجودة في أسواق المسلمين، جاء شخص بسلعة، جاء البادي بسيارته يبي يبعها، وقال صاحب المعرض: وقفها عندي على شان نعرضها، نعم، وقفها عندي نعرضها؛ لأنه لو قلنا: من يسوم؟ انكسرت السلعة، ما تجيب لك عشرين ألف، ولو وقفناها تجيب لك ثلاثين، حكم هذا البيع؟ حكم هذا العرض؟ نعم؟
طالب:.......
مو قلنا: بعض أهل العلم نزل النهي عن قول الحاضر: ضع عندي هذه السلعة لأبيعها لك على التدريج، هذه الصورة على هذا القول جائزة وإلا غير جائزة؟ غير جائزة، إذاً ما الصورة الممنوعة في بيع الحاضر على البادي، إذا عرفنا أنه يكون له سمسار، نعم، يكون له سمسار دلال بأجرة، جاء البادي بالأقط بالسمن بالإبل بالغنم ووجد شخص دلال وأعطاهن إياه يبعهن له، يجوز وإلا ما يجوز؟ هذا أنه...... حاضر وهذا باد، ينطبق عليه النهي في الحديث، "ولا يكون له سمسار" لا يكون سمسار، وهل هناك فرق بين أن يكون سمسار بالأجرة أو بغير أجرة؟ الجمهور على أنه لا فرق، والبخاري -رحمه الله تعالى- ترجم على الحديث بالأجرة، باب: لا يشتري حاضر لباد بالسمسرة، وكأنه فهم أن السمسرة معناها الأجرة، ليست هي مجرد البيع، أو الدلالة كما يقول الناس، فيكون النهي في هذه الصورة من باب أن هذا الأمر مما ينبغي أن يعان فيه المسلم من غير أخذ أجر عليه، فما الصورة الممنوعة في هذا الحديث؟ يعني من يرى أن الحديث منسوخ، وأنه يجوز بيع الحاضر للبادي مطلقاً، سواء كان بأجرة أو بغير أجرة، باعه مباشرة فيمن يزيد، أو باعه على التدريج، كل هذا جائز، والخبر منسوخ عندهم، لكن هل تصح دعوى النسخ من غير معرفة تاريخ للحديث؟ نعم؟ منهم من يرى أنه منسوخ، وهذا عند أبي حنيفة ومجاهد وعطاء، وإذا استنصحك فانصح له، والدين النصيحة، تترك هذا الأعرابي المسكين يمكن يضحك عليه، وتأخذ السلعة بنصف قيمتها أو أقل، الآن في سوق الكتب وأنتم طلبة علم، أحياناً يرث الورثة كتب نفيسة من أبيهم، أبوهم عالم وعنده مكتبة فيها نفائس الكتب، وقد يكون فيها مخطوطات، هؤلاء الورثة لا يعرفون قدرها، فلو نزلوا بها السوق، وراحوا بها إلى الحراج، وبيعت كالأثاث المستعمل بثمن بخس، لو جاء شخص قال: أنا أعرف هذه الكتب نفائس، ولا يجي أحد يضحك عليكم ويبيعها بما تستحق، يلام وإلا ما يلام؟ يعني هل تعلمون أن من أبناء العلماء من حصل منهم بعد أن مات أبوهم الذي عنده مكتبة عظيمة ونفيسة أخرجوها للشارع؟ ما يدرون عن قيمة هذه الكتب، وفيها مخطوطات، وفيها المطبوعات القديمة، ما يدرون، وماذا لو جاء شخص إلى بيت هؤلاء وهم لا يعلمون واشتراها بواحد بالمائة من قيمتها غبن هذا، ويأتي في الحديث اللاحق: ((لا تلقوا الجلب، فمن تلقي فاشتري منه فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار)) يعني لو عرف أصحاب هذه الكتب أنها تستحق عشرة أو عشرين ضعف هم بالخيار.
طالب:.......
نعم؟
طالب:.......
في غبن كبير هذا.
طالب:.......
أي بيع؟
طالب:.......
ما هو بغبن هذا، الشيء اليسير الذي لا يزيد عن الثلث ليس بغبن، فيما قرره أهل العلم ليس بغبن، ومن أهل العلم من يرى أنه لا غبن البتة، لو وجدت كتاب يستحق ثلاث آلاف فجابه لك وراث وقال: بثلاثمائة ريال بعشر القيمة، منهم من يقول: ليس بغبن هذا، الدنيا كلها ليس فيها غبن، الغبن متى؟ {ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} [(9) سورة التغابن] يعني الدنيا كلها ما تسوى الغبن، ولذا لا يثبت بعضهم خيار الغبن، المقصود أن من أهل العلم من يرى أن الخبر منسوخ، وإذا قلنا بهذا انحل كثير من الإشكالات التي أوردناها، نعم، وأما على القول بأن الحديث محكم، ((لا يبع حاضر لباد)) لا يكون له سمسار لا يبيعه لا بأجرة ولا بغير أجرة، نعم وأيضاً لا يبع له فوراً ولا بالتدريج، المسلمون منذ قرون متطاولة وهم هذه طريقتهم، والسمسرة معروفة، إذاً نحتاج على صورة محررة ينطبق عليها هذا النهي، ويخرج عنه ما عداها، من يذكر لنا صورة يمكن ينطبق عليها هذا النهي؟ يعني هل يمكن أن يستعمل هذا النهي على عمومه وإطلاقه؟ لا يبع حاضر لباد، طيب البادي هذا لا بد أن يأتي بأعرابي مثله يبع له على شان نخلص من كلمة حاضر؟ نعم؟
طالب:.......
ترى بعض الإخوان يكررون مراراً أننا نترك الأسئلة الشفوية، لكن لا بد من التفاعل مع الدرس، نريد صورة ينطبق عليها النهي الذي عندنا في الحديث، ولا يبع حاضر لباد؛ لأنه في أسواق المسلمين منذ مئات السنين والدلالين والسماسرة موجودين، ويبيعون فوراً، ويبيعون على التدريج، هذا موجود.
طالب:.......
ويش يخشى منه؟
طالب:.......
لا هو الآن الملاحظ مصلحة أهل السوق، الملاحظ في الحديث أن يبع البادي لنفسه فيستفيد الناس من ورائه.
طالب:.......
لا، لا، تلقي الركبان لئلا يتضرر صاحب السلعة، هنا ما عنده مصلحة البائع هذا إلا الأجرة، والأجرة ما تتغير نسبتها واحدة، نعم؟
طالب:.......
قضينا من التلقي، التلقي لئلا يتضرر الركبان، فيشتري منهم هذا المتلقي سلعهم بأثمان بخسة، إذا نزلوا إلى السوق وعرفوا الأسعار ما في إشكال، عندنا مسألة بيع الحاضر للبادي، الملاحظ في هذه الجملة أن يتولى البادي بيع السلعة بنفسه ليستفيد منه الناس، أهل السوق، يستفيد التاجر ويستفيد من ورائه المستهلك، هذا الأصل، وهذا السمسار إذا تولاها بنفسه ما استفاد أحد، لا سميا إذا قال: ضعها عندي أبيعها لك على التدريج، هذا ما يستفيد أحد، ما هو مخلٍ فيها فرصة، نعم؟ تلقى الركبان هو محتاج هذه السلعة، نفترض شخص يريد سمن، وقال: لو نزل السوق أخذوه الناس، ما تركوه، أنا با اتلقاهم من أجل السلعة لا من أجل ضرر صاحبها في قيمتها، السلعة هذه تستحق ألف ريال، هذا السمن يستحق ألف، وتلقى الركبان، وقال: ترى سلعك تستحق بالسوق ألف، لكن أنا محتاج أنا با أدفع لك ألف، هذا فيه ضرر على الركبان؟ ما فيه ضرر، لكن يبقى أنه لو
لم يتلقى ووصل به إلى السوق هي تستحق ألف وأنت محتاج، والثاني أيضاً محتاج تبي تزيد على الألف، فلا ينتفي المحظور، لا تتلقى أصلاً، إن كنت محتاج زد، نعم، من يأتي بصورة...؟ نعم؟
طالب:.......
((ولا يبع حاضر لباد)) يعني الحاضر لا يقصد البادي للبيع له، وإنما إذا عرض عليه البادي أن يبيع له جاز، يعني ما يصدق عليه أنه باع حاضر لباد إذا قصده البادي؟ نعم؟ لا هو التمثيل بالبادي وإلا بعضهم يقول: أهل القرى لا يعرفون الأسعار مثل البوادي، فهل الوصف بالبادي من باب المثال، وأن الجهل في البوادي أكثر من غيرهم، فصار المثال بهم، وفي حكمهم من يشترك معهم في الوصف، الذي هو الجهل، بعضهم يعمم على هذا، لكن يبقى أن الصورة التي يمكن أن نطبق عليها الحديث، ولا تختلف مع ما مشى عليه الناس من قرون باطلاع من أهل العلم، وعدم كف لهم، وعدم منع لهم، هل يمكن في يوم من الأيام أن أهل الحسبة يدورون على المعارض يقولون: لا توقفوا السيارات تبيعونها بـ...، خلوا صاحب السيارة يبيعها كسب وإلا خسر؟ يمكن يوجد مثل هذا؟ ما يمكن يوجد مثل هذا؟ ما يمكن يوجد مثل هذا، ولا يمكن أن تتفق أيضاً الأمة من قرون على مثل هذه الأمور وتكون أيضاً داخلة في المنع، إذاً ما الصورة التي تدخل في المنع؟
طالب:..........
من المستفيد؟
طالب: الحاضر.
((ولا يبع حاضر لباد)) ما زال الإشكال؟ نعم؟
طالب:.......
يعني يكون هو المستفيد الوحيد؟ نعم؟ بحيث تكون أجرته أكثر من أجرة المثل، نعم؟ يعني يقدرها بتقديرين، يقدر السلعة بتقديرين، يعني يقول للبادي: كم تقدر سعلتك؟ ما يدري يقول: بخمسين، نعم يقول: كم تستحق سلعتك خمسين، ثم يذهب بها إلى السوق ويبيعها فيمن يزيد بدل الخمسين بمائة، يقول صاحبها: أنا راضي بالخمسين من الأصل، يعني صاحبها راضي بالخمسين، ولي الزود، يمكن أن يطبق على مثل هذا؟ فيه بعد، نعم؟
طالب:.......
لا، البادي ساكن البادية، هو ساكن البادية.
طالب:.......
هذا الأصل فيه، لكن إذا اشترك مع البادي في الجهل بقيمة السلعة صار له حكمه، نعم؟
طالب:.......
يعني في الحوائج الأصلية، نعم؟
طالب:.......
لا هذا بيجي الاحتكار، يا الله يا الإخوان هاه يا شيخ، صور لنا صورة يمكن ندخلها في الحديث من غير إشكال؟ يا الله.
طالب:.......
لحظة، لحظة، خلونا نشوف الشيخ ويش عنده؟ هذا جاء بسمن، أعرابي جاء بسمن هل يجوز أن يتولى حاضر بيع هذا السمن لهذا الأعرابي؟ أنت افترض أن هذا أعرابي يستحي أن يرفع صوته بين الناس، والسمسرة والدلالة عيب عند كثير من القبائل، يقول: والله ما أبيعه لو أتركه، وجاء واحد من الحضر يمتهن هذه المهنة وقال: أبي أبيعه لك، نقول: حرام عليك تبيعه له وإلا لا؟ النهي صريح والحديث متفق عليه، في صورة واضحة من هذا؟ هو التفريق بين الحوائج الأصلية وغير الأصلية له أصل، ولذا عمر -رضي الله عنه- يأخذ من أصحاب السلع من غير المسلمين في الحوائج الأصلية نصف العشر، وفي غير الأصلية العشر، يأخذ من الحنطة نصف العشر، ومن غيرها نصف العشر؛ لأن الناس بحاجة ماسة إلى الحنطة، فهم يفرقون بين الحوائج الأصلية التي يحتاجها الناس كلهم، وبين الحوائج التي لا يحتاجها الناس كلهم، أنت افترض شخص جلب تمر، أو جلب حاجة أصلية تمس إليها الحاجة، وشخص جالب تحف، أو مناظر، يستوي الحكم؟ نعم؟ يستوي الحكم بين حاجة أصلية يحتاجها أهل البلد وبين تحفة من التحف أو رسم أو شغل يدوي جميل أو شيء من هذا؟ لا يستويان، هو ما شك أن تفريق..، لكن نحتاج إلى ما يخرجنا من هذا الإشكال، نعم؟
طالب:.......
قلت لابن عباس: ما قوله: ((ولا يبيع حاضر لباد?)) قال: "لا يكون له سمساراً" ما يكون دلال، يعني حسم المادة، يعني الدلالة من الحاضر للبادي لا تجوز لهذا الخبر.
طالب:.......
هذا إذا حصل إيش؟ إذا حصل غبن، نعم.
طالب:.......
طيب هذا الأصل، يعني لو قال: دعها لي أبيعها لك على التصريف بالتدريج.
طالب:.......
ويدخل في مثل هذا لو جاء الأعرابي بسيارته يبي يبيعها قال: وقفها أبيعها لك على الراحة، يدخل وإلا ما يدخل؟
طالب:.......
يدخل، لو جاء واحد من وسط البلد ومعه سيارته، وراح المعرض.... ووقفها لي أبيعها لك على التدريج، هذا ما هو ببادي من وسط البلد، يدخل وإلا ما يدخل؟ نعم؟
طالب:.......
نعم؟
طالب:.......
للجهل بالسعر؟ لكن يعرف السعر، يقول: سيارتي أعرفها، هاه؟
طالب:.......
هو الخبر ما فيه ما يشير إلى مسألة تركها عند الحاضر وبيعها بالتدريج، وبيعها على سعر، في حسم للمادة، لا يبع حاضر لباد، يعني اللي بيقف عند ظاهر الحديث، وهو مذهب الظاهرية واللائق بهم، أنه لا يمكن خلاص، لو جاء بدلال سمسار أعرابي وجعله يبيع ما في إشكال؛ لأن النهي عن أن يبيع الحاضر للبادي، لكن بيع حاضر لحاضر جائز، بيع بادي لبادي جائز، على مقتضى مفهوم المخالفة من الحديث، وهو اللائق بمذهب الظاهرية، لكن هل يمكن أن يقال بمثل هذا أن الأثر في الجنس، جنس السمسرة هل هو أعرابي أو حاضر؟ له أثر في الحكم؟ يعني هل البداوة والحضارة وصف مؤثر في تغيير الحكم؟ ما لها أثر، نعم؟
طالب:.......
مثلما قال الأخ تقصد، أنه قال البادي للحاضر أو الحاضر للبادي في أول الأمر قبل الاتفاق: كم تستحق هذه السلعة؟ قال: خمسين، فعرف هذه الحاضر أنه يريد خمسين فقط، هذا ما قدره في نفسه ويقتنع به، فباعه الحاضر بالتدريج أو جملة أو بالإلحاف في السعي والطلب باعها بمائة، قال: صاحبها قدر خمسين أعطيه خمسين، هل هذا المقصود؟ يعني افترض أنت أن البادي جاء بهذه السلعة وقال للحاضر أو حاضر ثاني الحاضر قال للحاضر أو البادي قال للحاضر: بع لي هذه صفِ لي مائة، والزود لك، فباعها بثلاثمائة وإيش يكون الحكم؟ قال: صفِ لي بهذه السلعة مائة والقدر الزائد لك، فحرج عليها ودلل عليها فباعها بثلاثمائة، السمسار ماذا يستحق من هذه الثلاثمائة؟
طالب: مائتين.
يعني هذا حسب إيش؟ الاتفاق، نعم؟ وهذا قول ابن عباس، ((المسلمون على شروطهم)) واشترطوا على هذا واتفقوا عليه، لكن عامة أهل العلم وجمهورهم على أنه ليس له إلا أجرة المثل، لماذا؟ لأن الأجرة المتفق عليها في العقد مجهولة، ما يدرى تزيد عن المائة عشرة عشرين ثلاثين خمسين مائة مائتين، مجهولة، فيبطل المتفق عليه، ويرجع بالمسألة إلى أجرة المثل.
طالب:.......
إيه طيب.
طالب:.......
إيه، لكن مع ذلك الأمر المتفق عليه مجهول بينهما، هل يعرفه الطرفان؟ الأجرة ما يعرفها الطرفان، احتمال تستحق مائة، أو أقل من مائة، أو أضعاف المائة، تكون الأجرة وهي القدر الزائد عن المائة مجهولة، فيبطل العقد الذي اتفقا عليه، ويرجعون في مثل هذه المسألة إلى العرف، كم يستحق يعطى، نعم؟
طالب:.......
ويش الفرق بين الأعرابي والبدوي؟ الأعراب هم سكان البادية.
طالب:.......
لا، لا، ما في فرق، على كل حال لو يتبرع أكثر من واحد نحتاج إلى أن يُبحث في كتب أهل العلم في المذاهب، وما قاله المشايخ في هذه المسألة؛ لأنه حقيقة إذا طبقناه على ما نعيشه من واقع، وما عاشه المسلمون منذ قرون الإشكال باقي، فنحتاج إلى هذه.
طالب:.......
نعم؟
طالب:.......
لا إذا وجدت التهمة سواء كان أعرابي وإلا حاضر وإلا بادي كله الحكم واحد، إذا وجدت تهمة، لا المسألة مفترضة في ارتفاع التهمة، الآن في الجملتين السابقتين: ((لا تقلوا الركبان)) الملاحظ في هذه الجملة مصلحة الركبان، نعم؟
طالب:.......
من هو الذي يغلبهم؟
طالب:........
لا ما ينزل لهم شيء، لكن ما يغلبون، ما ينزل لهم شيء، لكن الملاحظ في الدرجة الأولى في ((لا تلقوا الركبان)) مصلحة الركبان، والملاحظ في الجملة الثانية مصلحة السوق، وعلى كل حال الشرع يلاحظ المصالح كلها، نعم؟
لعلنا نرجئ بقية الكلام في الحديث إلى أن تحضر بحوث مختصرة في هذه المسألة، وتقرأ غداً بدل الأسئلة.
طيب.
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تلقوا الجلب)) وهو مصدر بمعنى المجلوب، مثل الحبل بمعنى المحبول والمحمول، ((فمن تلقي فاشتري منه)) هو تلقي الركبان، تلقى الركبان وتلقى الجلب فاشترى هذا المتلقي السلعة ((فمن تلقي فاشتري منه فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار)) يعني رب السلعة أتى السوق فوجد هذا المتلقي اشتراها بنصف قيمتها له الخيار، اشتراها بثلثي قيمتها له الخيار، وهذا يدلنا على صحة العقد، نعم؟ هل الخيار يثبت في العقود الباطلة؟ لا ما يثبت في العقود الباطلة؟ ما تحتاج إلى خيار، الخيار إنما يثبت في العقود الصحيحة، فهو صحيح إلى إجازة صاحب السلعة بعد مجيئه إلى السوق، نعم.
وعنه -رضي الله عنه- قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبيع حاضر لباد, ولا تناجشوا, ولا يبيع الرجل على بيع أخيه, ولا يخطب على خطبة أخيه, ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها" متفق عليه.
ولمسلم: ((لا يسِمُ المسلم على...)).
لا يسوم، لا يسوم.
أو لا يسم؟ لا يسم؟
طالب: نعم المثبت هكذا.
على أساس أنها ناهية، وإذا قلنا: إنها نافية ((لا يسوم)) مثل: ((لا يبيع)) فهي نافية، ويراد منها النهي، نعم.
ولمسلم: ((لا يسِمُ المسلم على سوم المسلم)).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعنه" أي عن أبي هريرة صحابي الحديث السابق "قال: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبيع حاضر لباد" وهذا تقدم الكلام فيه، وسيأتي أيضاً مزيد إيضاح.
"ولا تناجشوا" ومضى الكلام في النجش، الذي هو الزيادة في السلعة من غير إرادة لشرائها لنفع البائع أو للإضرار بالمشتري.
"ولا يبيع الرجل على بيع أخيه" (لا) هذه نافية، ولو كانت ناهية لقال: (لا يبع) فتحذف الياء الثانية لالتقاء الساكنين، والنفي هنا يراد منه النهي، وهو أبلغ من النهي الصريح "ولا يبيع الرجل على بيع أخيه" باع زيد سيارته على عمرو بخمسين ألف، فيأتي أحد ويقول لعمرو: أنا عندي لك سيارة أفضل منها بأربعين ألف، وهذا يتصور في مدة الخيار أو بعد انتهاء مدة الخيار؟ هو في مدة الخيار؛ لأنه يضمن فسخ البيع، لكن بعد مدة الخيار، مدة الخيار لا إشكال فيها أنه لا يجوز قطعاً، لكن لو جاء له بعد مدة الخيار وقال: عندي لك سيارة أفضل منها بأربعين ألف يجوز وإلا ما يجوز؟
طالب:........
لا، لا،..... الفرق خمسة آلاف، عشرة آلاف، نعم يؤثر على نفسيته، وقد يتسبب في إحراج البائع، يذهب المشتري ويتظلم عنده ويتأذى، لكن لو ذهب للبائع وقال له: أنت بعت سيارتك بخمسين ألف وأنا سيارتي أفضل منها مستعد أن أبيعها بأربعين ألف لو خفضت لصاحبك قليلاً، يعني ينتفع به لا بأس، أما أن يذهب إلى المشتري محاولاً إفساد البيع هذا هو المحرم، إذا أراد أن يشتري شيئاً في المستقبل لا بأس، أما الآن في الوقت الحاضر هذا ما غير يورث الحزن في قلبه، وأيضاً الإحراج للبائع.
"ولا يبيع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه"، تقدم زيد لخطبة امرأة ثم علم عمرو أن زيداً تقدم فقال: أنا أفضل منه قطعاً بيقدمونني عليه، ثم ذهب يخطبها، لا يجوز له أن يخطبها، حتى يعلم أنه رد، أو يأذن له، إذا استأذنه قال له: والله أنا بحاجة ماسة إلى امرأة، وهذه المرأة أنا غافل عنها حتى سبقتني وأنت لست بحاجة، أو أنا أحوج منك، أو المواصفات الموجودة فيها تلاءمني أكثر من ملاءمتك ثم أذن له لا بأس، أما أن يذهب بعد علمه بخطبة أخيه وجزمه بأنه لم يُرد هذا لا يجوز، والشرع حينما يصدر عنه مثل هذه النواهي لإسعاد الناس، لكي يعيشوا بتبادل المشاعر الطيبة بينهم، ولا يكن بينهم شحناء ولا بغضاء، وأكثر ما يؤتى الناس من هذه الأبواب.
"ولا يخطب على خطبة أخيه، ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها" شخص عنده زوجة، عنده أم أولاده، فخطب امرأة فقالت له: لا بد أن تطلق زوجتك الأولى، أنا لا أرضى بزوج عنده امرأة، حتى تطلقها أقبلك وإلا فلا، وتضغط عليه حتى يطلقها، لا يجوز لها ذلك.
"ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها" ما الذي في إنائها؟ هذا تصوير، النص فيه تصوير لما يحصل من الزوج لزوجته، وأن ما في الإناء خير واصل لهذه المرأة من هذا الزوج، فكأن هذه المرأة التي اشترطت الطلاق كفأت ما في هذا الإناء الذي تنتفع به أختها.
ولمسلم: ((لا يسم المسلم على سوم أخيه)) لا يسوم المسلم أو لا يسم، إذا قلنا: إنها ناهية، مثل: (لا يبع) ولا يسم أو لا يسوم المسلم على سوم أخيه، يعني هل المسألة مفترضة فيمن يزيد؟ سلعة يحرج عليها بعشرة، ثم يقول واحد: بإحدى عشر، والثاني: باثني عشر هل يدخل في هذا (لا يسم على سوم أخيه)؟ أو إذا عرف أنه ركن إليه لكن العقد لم يبرم بعد؟ نعم؟ ركن إليه ولا يطلب المزيد على ما أعطاه أخوه، ثم يأتي قال: لا أنا أزيد على هذا، يدخل في النهي، نعم.
طالب:.......
إذا كان لا يعلم معذور، إذا علم فيما بعد؟ نعم عليه أن ينسحب.
طالب:.......
عليه أن ينسحب، نعم، لكن الإثم ما عليه في الأصل، نعم؟
طالب:.......
أقوى صيغة النفي ويراد به النهي أقوى؛ لأنه في الخبر صيغة النهي خبر، والرسول عليه -الصلاة والسلام- يخبر عن المسلم، نعم أن هذا شأنه لا يبيع على بيع أخيه، فإذا كان هذا شأن المسلم فالبيع على بيع الأخ ليس من شأن المسلم، إنما هو من شأن غير المسلمين، نعم.
وعن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة)) رواه أحمد, وصححه الترمذي والحاكم, ولكن في إسناده مقال، وله شاهد.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((من فرق بين والدة وولدها))" يعني من الأرقاء في البيع ((فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة)) وهو ظاهر في ملك اليمين، لا يبيع الأم على أسرة ويبيع الولد على أسرة أخرى، أو هذه في بلد وولدها في بلد، ويسعى في التفريق بينهما ليحرم كل واحد منهما من الآخر، وهل يشمل مثل هذا الحديث المطلقة التي لها حق الحضانة شرعاً ما لم تتزوج، فيسعى جاهداً ليفرق بين الولد وأمه فيجلب على هذه المسألة بما أوتي من وسائط ومن بيان وليبين للجهات أن الأم ليست أهلاً للحضانة، فيفرق بينها وبين ولدها، والأصل أن الحضانة حق شرعي لها، يدخل في هذا أو لا يدخل، يدخل في عموم الحديث؟ يدخل، وإن كان الأصل في ملك اليمين ((من فرق بين والدة وولدها فرق الله)) والولد يشمل الذكر والأنثى ((بينه وبين أحبته يوم القيامة)) روه أحمد، وصححه الترمذي والحاكم، ولكن في إسناده مقال" لأن فيه حيي بن عبد الله المعافري، وقد اختلف فيه، وله شاهد من حديث عبادة من الصامت عند الدارقطني بإسناد ضعيف، وعلى كل حال الحديث حسن، نعم.
طالب: اللفظ موجود عندي.
نعم؟
طالب: اللفظ موجود اللي ذكرته...
ويش هو؟
طالب: اللي هو حديث عبادة.
إيه أعطنا حديث علي.
طالب:.......
لا، لا، مثل هذا يعني بالنسبة للأولاد المملوكين؟
طالب:.......
إيه ما دون التكليف، أعطنا الحديث الذي يليه فإنه في معناه.
وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أبيع غلامين أخوين فبعتهما, ففرقت بينهما، فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((أدركهما, فارتجعهما، ولا تبعهما إلا جميعاً)) رواه أحمد, ورجاله ثقات, وقد صححه ابن خزيمة, وابن الجارود وابن حبان والحاكم والطبراني وابن القطان.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: "أمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أبيع غلامين أخوين" أرقاء لكنهما أخوان، يقول: "فبعتهما ففرقت بينهما" باع أحدهما على زيد، والثاني على عمرو، ووضع الأرقاء يختلف عن وضع الأحرار، الأرقاء مشغولون بالخدمة، ولا يراعى شعورهم، ولا شؤونهم مثلما يراعى شؤون الأحرار، فتجدهما في بلد واحد، لكن لا يتمكن هذا من رؤية هذا إلا في القليل النادر؛ لأنه مشغول بخدمة الأسياد، وليس لهم شأن يفرض على أسيادهم تمكينهم من زيارة أقاربهم.
يقول: "فبعتهما ففرقت بينهما، فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ((أدركهما فارتجعهما، ولا تبعهما إلا جميعاً)) فدل على أن البيع صحيح وإلا غير صحيح؟ غير صحيح ((فارتجعهما، ولا تبعهما إلا جمعياً)) رواه أحمد، ورجاله ثقات، وقد صححه ابن خزيمة وابن حبان... إلى أخره.
طيب افترضنا أن شخص عنده غلامين فذهب بهما إلى السوق فقال: من يشتري الغلامين؟ التفريق هذا يستحق عشرة آلاف، وهذا يستحق عشرة آلاف، وإذا ضم إلى بعض الاثنين من يسوم إحدى عشر ألف أثنى عشر ألف، وقد لا يزيد ثمنه مع ثمن الواحد؛ لأنه قد لا يوجد في المحل من يرغب أو يتحمل نفقة اثنين، يقول الله: أنا حاجتي بواحد، حاجتي بشخص واحد، أولاً: ليس عندي من العمل من يستحق أن اشتري اثنين، الأمر الثاني: والله ما عندي استعداد اصرف على اثنين أنا عاجز عن أولادي، ما وجد من يشتريهما معاً، يعني ما هي بالسلع تعرض فلا تمشي إلا بالتفريد، نعم، افترضنا أن هذين الغلامين ذُهب بهما إلى السوق فقيل: من يسوم؟ قال: والله تبيع علي واحد وإلا اثنين، ما عندي إلا عشرة آلاف، الثاني كذلك: أنا والله عاجز عن عيالي ما أبي إلا واحد، بل العكس كم تعطيني وأخذ الثاني، ما هو باحتمال هذا؟ نعم؟ ويش نقول؟ نفرق وإلا ما نفرق؟ ما نفرق هذا ظاهر، لا نفرق ولو نزلت القيمة، يعني أنت افترض أن شخص معه ثوبين وأنت ما تحتاج إلا واحد قال: خذ الثاني، قال: وأنا إيش أسوي به؟ أو أحذية أو أي نوع من الأنواع التي لا يحتاج منها إلا واحد، لكن التفريق في غير هذه الصورة أمره سهل؛ لأن أمره لصاحبه، لكن هذان غلامان لوحظ الأثر النفسي عليهما فلم يصح بيعهما بالتفريق لهذا الخبر، ولو تضرر صاحبهما؟ يعني لو تضرر؟ قيل: بكم نبيع؟ هذا قال: أنا ابي هذا بعشرين ألف لحاله، وأنا ابي هذا بعشرين كم ذولاء؟ أربعين، لكن الجميع ما أبيهم إلا بعشرة، العشرة يا الله تنفق على الثاني لمدة، ويش يسوي؟ نعم؟
طالب:.......
يبيع بعشرة؟ نعم؛ لأن هناك من الأوامر الشرعية والنواهي الشرعية ما فيه ابتلاء للمكلف، شخص عنده أخشاب من نوع معين لو قال: من يسوم؟ من نوع معين من نوع غالٍ جداً يعني، أخشاب سقوف، لو قال: من يسوم؟ اللوح يمكن هو على تقديرهم هم في سوقهم، وهذه مسألة حقيقية، اللوح مقدر بمليون ريال، وهي عشرين لوح، بكم؟ عشرين مليون، عرضها في السوق ما وجد من يحتاجها، وهو متكلف عليه قريب من هذا المبلغ، ما وجد من يحتاجها، اتصل عليه في معبد وثني في دولة شرقية، قالوا: بمائة مليون، يبيع وإلا ما يبيع؟ ابتلاء، نعم هذا ابتلاء، نعم ما يبيع، وهنا لو قال: الواحد بعشرين، نعم، هذا بعشرين وهذا بعشرين، وقيل: لا والله ما نبيهم جميعاً إلا..، لأنه حتى التفريد أحياناً أنفع للمشتري من وجوه؛ لأنه لو اجتمعوا الأخوين الاثنين يمكن بعضهم يكسِّل بعض، ويلهو بعضهم ببعض، وإذا مرض هذا مرضه الثاني، وإذا أكل هذا طلب الثاني، نعم، لا شك أن هذا ابتلاء ولا يجوز التفريق بينهما لهذا الحديث، ولو فرق بينهما فالعقد ليس بصحيح، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هناك أمور لا بد فيها من الغرر، لا يمكن أن تكون معرفة الثمن، الثمن معروف، لكن معرفة مقابله بدقة مائة بالمائة، استأجرت محل، أنت استأجرت محل، استهلاكك لهذا المحل يعني بما فيه كهرباؤه وماؤه، وهاتفه، لا يدري صاحب المنزل هل تستهلك من الماء عشرة ريالات، أو مائة ريال، هذه أمور تثبت تبعاً، ولا يدري هل تسكن البيت شهراً أو ستكنه سنة، أو لا تسكنه البتة، هذه أمور..، وسكنى البيت لا شك أن له أثر على البيت.
تأتي بمفردك إلى المكتب العقاري تقول: بكم هذه الشقة؟ يقول: بعشرة آلاف في السنة تقول: هذا العربون واكتب العقد، وتكتبون العقد، لكن أليس هناك فرق بين أن يسكن في هذه الشقة رجل وزوجته ما عندهم أولاد، أو رجل وزوجته وأولاده العشرة الذين يحدثون الأضرار بالمسكون؟ فهناك تفاوت في استعمال المستأجر، مثل هذا التفاوت يتجاوز فيه؛ لأن مثل هذه الأمور لا يمكن ضبطها كم عندك من الأولاد؟ يمكن يسألك عن أولادك وأنت تبي تستأجر؟ والله أولادك ستة لا، لا بد يصيرون خمسة ما نقدر نأجرك، وأنت تعلم ما يصير مثل هذا، هذه أمور تعارف الناس عليها من غير نكير.
وهذا الذي يدخل الحمام مثلاً في وقت في القرون المفضلة كانت الحمامات موجودة، ويدخل الإنسان الحمام، ويستعمله، ويغتسل فيه بأجرة معينة كانت الحمامات موجودة في الشام، وفي مصر، وفي سائر الأقطار، نعم؟ لكن ما يدرى كم يستهلك هذا الذي دخل الحمام، قد يضبط بالوقت يقال: تدخل الحمام لمدة ساعة، تدخل الحمام لمدة نصف ساعة، لكن استهلاك هذا المستأجر للماء ينضبط وإلا ما ينضبط؟ ما يمكن ضبطه، فمثل هذه الأمور يتسامح فيها.
فكونه يشترك بمائة ريال في هذه الصالة الرياضية، والمسألة مفترضة في صالة لا محظور فيها، ألعاب يستفيد منها تخفيف الوزن ويسمونه كمال الأجسام والقوة والنشاط هذه يستعملونها، لكن افترضنا أن هذه المسألة في محل لا محظور فيه، فكونه يستعمل هذه الألعاب كلها يستوي مع كونه لا يرغب في لعبة من الألعاب التي تعينه؛ لأن ما كل الناس اتجاههم واحد، فهو متاح له أن يلعب كيفما شاء، كونه تنازل عن بعض هذه الأمور، الأمر لا يعدوه، بعد لو اشترك بمائة ريال ولا حضر إيش نقول؟ ما عليه شيء، يدفع المائة وكونه يحضر هذا الأمر إليه، كما لو اشترى علبة لبن مدتها ثلاثة أيام أربعة أيام، ثم تركها أسبوع نقول: رجعها خلاص فسدت، هو الذي فوت على نفسه هذا الأمر، كيف؟
طالب:.......
إيه الاشتراك الطبي البون كبير جداً، الاشتراك الطبي لا يتيحون له العلاج بجميع أنواعه، الأمر الثاني هذه المدة هذا الذي اشترك بريال معروف أنه يأتي كل يوم، اتفق على هذا، كونه يتنازل عن هذا نعم الأمر إليه، لكن الاشتراك الطبي لو جاءهم كل يوم يرضون، كل يوم بيكشف يرضون؟ ما يرضون، يرضون إذا مرض، وكونه يمرض أو لا يمرض هذا غيب، احتمال ما يمرض أبداً، واحتمال أن يمرض بمرض عضال يحتاج إلى مائة ضعف مما دفع، بون كبير هذا.
بيع الحصاة واحدة الحصا، يعني أنت جالس بمنى في خيمتك جمعت لك سبعة آلاف حصاة، وكل سبع بريال، هذه السبعة الآلف تبي....... نهى عن بيع الحصاة عموم الحديث يشمل مثل هذا؟ لا، لا؛ لأن الحصا تستعمل استعمال مباح، يمكن هناك حصا للبناء، خرسانة وإلا شيء نقول: هذا الحصا لا يجوز بيعه؟
لا ليس بيسر ولا مغتفر؛ لأن الناس منهم من يأكل عشرة أضعاف غيره.
لكن الأصل الإجابة على الجميع متعذر، الإجابة على جميع الأسئلة متعذر، لكن سليمان ينتقي منها، ونحن كذلك.
كلام جبريل يكون من الحديث المرفوع بالإقرار النبوي، يكون من قسم التقرير، إذا صح سنده وألقاه جبريل، كيف نعرف أن جبريل قال هذا الكلام؟ نعم؟ هل يقوله لأبي بكر؟ هل يقوله لعمر؟ هل يقوله...؟ إنما يقوله للنبي -عليه الصلاة والسلام- فإذا أقره النبي -عليه الصلاة والسلام- اكتسب الرفع من هذه الحيثية.
هذه أجرته، وهذا عسبه، وهذا ثمن مائه، البرسيم والشعير مال تدفع فيه الدراهم، أما كونه يقول: ما أخذت أجرة، إنما أخذت علف، ولا أخذت مال، ولا أخذت دراهم، نقول: هذا مثل فعل اليهود، أذابوا الشحم وجملوه وباعوه، قالوا: ما بعنا شحم، على كل حال مثل هذا تحايل على النص فلا يجوز.
لا يجوز بحال، تسديد الدين لا بد أن يكون بطريقة شرعية.
هذه الأسهم كلما حال عليها الحول تزكى، والزكاة دين الله في المال، ويجب أن يخرج هذا الدين مع ديون الآدميين، وهو في المرتبة الثالثة من مراتب الحقوق المتعلقة بالتركة.
الأول: مؤونة التجهيز.
والثاني: الديون المتعلقة بعين التركة كالديون بالرهن.
والثالث: الديون المطلقة، ومنها حقوق الله -جل وعلا-.
والرابع: الوصية.
والخامس: الإرث.
بيع التقسيط إذا اشترى سلعة يحتاجها وإلا فالانهماك في الديون جاء التحذير منه، ومن أخذ أموال الناس تكثراً جاء الوعيد عليه، لكن من احتاج إلى سلعة فاشتراها بالتقسيط، {إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [(282) سورة البقرة] لا بد أن تكون السلعة مما يجوز بيعها، وتباح منفعتها، والثمن معلوم، والأقساط معلومة، والآجال معلومة.
هذا عين الربا، ((الذهب بالذهب -مثلاً بمثل- رباً إلا هاء وهاء)) فلا يجوز بيعه إلا مثلاً بمثل يداً بيداً، تجعل السبائك في كفة والمصوغ بعد أن تخرج منه المواد غير الذهب كالخرز ونحوه، فتجعل هذه في كفة وهذه في كفة، فإذا استوى قلب الميزان ولسانه جاز البيع حينئذٍ على أن يأخذ ويعطي، والصياغة لا تحول الذهب من كونه ذهب إلى كونه سلعة، فالصناعة لا تؤثر في حكمه، وهذا قول عامة أهل العلم، وقد أنكر الصحابة على معاوية -رضي الله تعالى عنه- لما باع الجام بأقل من وزنه مقابل الصناعة، وهذا قول ينسب لشيخ الإسلام، المقصود أن عامة أهل العلم على أنه يجري فيه الربا، ولذا القلادة التي فيها خرز جاء الأمر بتصفيتها من هذه المواد التي ليست ذهب لتتم المماثلة.
يقول: وهل ممكن أبيع الذهب بمائتين وخمسين ريال سبيكة غير مشكلة على حلي ووزنها خمسة كيلو مثلاً، ثم أشتري من نفس البائع ذهب مشكل على حلي وزنه ثلاثة كيلو بنفس السعر؟
إذا بعت الذهب غير المصوغ بالريالات، واستلمت القيمة، فاشترِ بهذه القيمة ما يقابلها من الذهب المصوغ، سواءً كان وزن أول المبيع أو لا؛ لأنك الآن ما بعت ذهب بذهب، ولا اشتريت ذهب بذهب، إنما بعت ذهب بدراهم، واشتريت ذهب بدراهم، لكن وعلى كل حال لا بد من التقابض.
هذا هو الأصل، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أثبت: ((إن للموت لسكرات)) وقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: "أنه يوعك كما يوعك الرجلان منكم" قال ابن مسعود: "ذلك أن لك أجرين؟ قال: ((أجل)) جاء في الشهيد أن سكرة الموت تخفف عليه، على كل حال مثل هذا ليس بعلامة تشديد السكرة على الإنسان وتخفيفها لا يدل على فضل ولا على عدمه؛ لأن تشديد السكرة عليه قد يضاعف له به الأجور، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يوعك كما يوعك الرجلان منكم؛ لأن له أجرين، فإذا وعك كما يوعك الثلاثة صار له ثلاثة أجور وهكذا، وإذا خف عليه الأمر لا شك أن هذا مما يعاقب به الإنسان، فترفع به، أو ترفع به درجاته، إما تكفر به سيئات كانت عنده، وإلا ترفع درجاته كما هو شأن النبي -عليه -الصلاة والسلام-.
معناه أنه لا يبقى من القيمة شيء، التي تم صرفها في الحال.
هذه شرحناها بالأمس، وقلنا: إن هيئة كبار العلماء أصدروا حكماً بتحريمها، وذكرنا بالأمس أيضاً السبب في التحريم.
الضمان الذي يؤخذ في مقابله ثمن له وقع في السلعة، يعني إذا كان الجوال مثلاً بدون ضمان بألف، وبضمان بألف ومائتين، فهاتان المائتان في مقابل صناعة مجهولة، وإصلاح مجهول، فيمنع من هذه الحيثية، أما إذا قال صاحب المحل: أنا أبيعك الجوال بألف سواءً أتيتنا به لنصلحه لك، أو لم تأتنا، وليس لها وقع في الثمن، ولا اتخذ قيمة محددة من أجل إصلاحه فلا بأس؛ لأن الإصلاح حينئذٍ يكون تبرع من البائع.