((يُجاء برجل فيطرح في النار فيَطحن فيها)) وفي رواية: ((فيُطحن فيها كطحن الحمار برحاه)) يطحن، يدور مثل دوران الحمار بالرحى ((فيطيف به أهل النار)) يتعجبون يستغربون كيف يأتي هذا؟ يجتمعون عليه، كيف؟ كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ إيش اللي جابك هنا؟! ((فيطيف به أهل النار فيقولون: أي فلان)) ما شأنك؟ ما الذي أتى بك؟ ((ألست كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول لهم: إني كنت آمر بالمعروف ولا أفعله، وأنهى عن المنكر وأفعله)) هذا خطر عظيم كون الإنسان يأمر وينهى ويُوجِّه وينصح وهو أبعد الناس عما يقول؛ لكن أهل العلم بل جمهورهم على أنه لا يشترط في الآمر والناهي أن يكون غير متلبس بمعصية؛ بل عندهم أن الجهة منفكة، عليك أن تؤدي ما أمرت به من أمر، وما كلفتَ به من إنكار ((من رأى منكم منكراً فليغيره)) ومع ذلك أنت مُؤاخذ بما تفعل من المنكرات، وإلا لو اشترطت العصمة لتعطَّل هذا الركن العظيم من أركان الإسلام، شعيرة من شعائر الإسلام، على حد تعبيرات المعاصرين يقولون: الأمر والنهي صمام الأمان، وبه يدفع الله -جل وعلا- الشرور؛ لأن المنكر إذا ظهر ولا يوجد من ينكره عمَّت العقوبة الجميع؛ لكن إذا وجد من ينكره ارتفعت هذه العقوبة، وليس هذا بمبرر -مثل هذا الكلام- لأن يقع الناس في أهل الحسبة، يقول: ها شف يطحن في النار وهو يأمر وينهى، ما كل من يأمر وينهى صادق، صحيح ما كل من يأمر وينهى صادق، لكن الأمر والنهي لا بد منه، وليسوا بمعصومين، وليست أخطاؤهم بأكثر من أخطاء غيرهم؛ لأنه قد يقول قائل من السفهاء الذين يكتبون: ها شوف يأمر وينهى من أهل الحسبة ويطحن في النار كما يطحن..، لو جلس في بيته أفضل له، لا يأمر ولا ينهى، نقول: لا ما هو بصحيح، عليه أن يأمر وعليه أن ينهى، وعلى المأمور أن يأتمر، وعلى المنهي أن ينتهي، وحساب الجميع على الله -عز وجل-.