قوله: ((لا يحل)) يعني يحرم، ((لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر)) يعني مسلمة؛ لأنها هي الممتثلة لمثل هذه التوجيهات الشرعية، وهذا لا يعني أنَّ غير المسلمة يجوز أن تسافر، أو يُسافَر بها من قبل المسلمين- لا - ؛ لأنها مخاطبة بفروع الشريعة، وهذا منها، وحينئذ يتجه الخطاب إلى من مكَّنَها، قد يقول قائل: هو يسافر بالشغالة يمين ويسار من غير محرم، وهي المكلفة هي المخاطبة بهذا النفي وإثبات الحُرْمَة؟ نقول هذا تعاون، إعانة لها على ارتكاب المحرم، والإعانة على ارتكاب المحرم مُحَرَّمَة، {وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [(2) سورة المائدة]. ((أن تسافر مسيرة يوم وليلة ليس معها حُرْمة)) قد يقول قائل: الآن ما هي مسيرة يوم وليلة؛ تسافر للحج ساعة، ساعة ونصف وهو واصلةٍ جدة، ما تحتاج إلى محرم؟ نقول تحتاج إلى محرم؛ لأن قوله: ((مسيرة يوم وليلة)) لا مفهوم له، لا مفهوم له بدليل أنَّهُ اختلف التحديد، في بعض الروايات ثلاثة أيام، وفي بعضها مسيرة يوم، وفي بعضها مسيرة ليلة، المقصود أنَّها لا تسافر بدون مَحْرَم، ومع الأسف الشديد توسَّعَ النَّاس في ذلك، يجعل بنته، زوجته، أخته تسافر، ويومياً تُسافر بدون محرم، تعمل في بلدٍ آخر وتذهب وتأتي على اعتبار أنها مع جمع من النسوة! نقول ما يكفي ((إلا مع ذي محرم منها))، يعني من محارمها، ومحرمها زوجها أو من تحرم عليه على التَّأبيد، هذا المحْرم، أما الجمع من النسوة، هذا وإن قال به بعض أهل العلم؛ لكن ما يكفي ((إلا مع ذي محرم))، يعني محرم منها. بعض الشراح قال: محرم منه، يعني محرم منه يعني امرأة من نسائه تكفي، التَّوسُّع في هذا الباب أورث مشاكل كثيرة، والتَّسَاهُل والتَّسَامح في مثل هذا يُعَرِّض الأعراض للانْتِهَاك، والآنْ يُبْنَى على مثل هذه المسائل مسائل أخرى، يُسْأَل عنها لتكون شرعية ومبنية على أمور ممنوعة، شخص يسأل يقول: هل يجوز تأخير صلاة الفجر إلى الساعة السَّابعة؟!! لماذا؟ يقول هو يسافر بمدرسات من بلد إلى بلد ولا يتمكَّن من الصلاة إلا إذا وصل البلد الثاني؟! يريد أن يبني مسائل شرعية على أمور غير مشروعة أصلاً، ما يُمكن أن تنضبط الفتوى بهذه الطريقة، ابْنِ نتائج شرعية على مُقَدِّمات شرعية، امرأة تسافر بدون محرم، يقول: لا أستطيع أن أقف في منتصف الطريق وأصلي، نقول له اترك هذه المهنة! طيب من يُوَصِّل هؤلاء المدرسات؟ يوصلونهن أولياء الأمور، أولياء أمورهن يوصلونهن، المسألة موازنة بين المصالح والمفاسد، إذا كان يستطيع أن يوصلها امتثالاً لهذا الخبر ((إلا مع ذي محرم)) وإلا تُتْرَك، ما هناك ضرورة ولله الحمد، أما أنْ تُرْتَكَب المُحَرَّمات لأمور لا ضرورة داعية إليها، ما وصل الأمر إلى حدِّ الضرورة، ومع ذلك يبنون عليه تأخير صلاة الصبح، طيب تصلي قبل ما تمشي، يقول: نطلع قبل صلاة الفجر بساعة! ولا نصل إلا بعد طلوع الشمس بساعة!!! يريد أن يؤخر صلاة الفجر لماذا؟ لأنه يوصل مدرسات بدون محرم، {ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ} [(40) سورة النــور]، بعض الناس يتسامح يقول: سلِّم المرأة إلى المطار، سلمها حتى تركب الطائرة، وتُستَلم من المطار الثاني!!! كم حصل من عطل ومن خلل؟، كم حصل من مضايقة في الطائرات للنساء؟ كم حصل من مضايقة في القطار للنساء؟ يقول سلِّمها للقطار في محطة القطار، واستقبلها هناك، أو يستقبلها محرم آخر هناك! نقول: يا أخي اتق الله في محارمك، التَّسامح والتَّساهل إلى هذا الحد يورث مشاكل، طيب تعطل القطار، تعطل القطار في آخر السفر، قبل سنتين أو ثلاث في منتصف الطريق في الظلام وبين أشجار والقطار فيه أكثر من خمسمائة امرأة ولا فيه إلا يمكن خمسين رجل، هؤلاء النسوة بذمة من؟ يتحمل أولياء الأمور، فمثل هذا التساهل يجرُّ إلى كوارث، أيش المانع، يا أخي لا تسافر البتة هو الحاجة أو الضرورة إلى هذا السفر، الحج ركن من أركان الإسلام ومبانيه العظام إذا لم تجد المرأة محرم تُلزَم بالحج؟ ما تلزم بالحج؛ بل من شروط وجوب الحج على المرأة وجود محرم، والله المستعان.