الهداية قسمان:
القسم الأول: هداية لا يَملكها إلا الله سبحانه وتعالى، فهي خاصة به جل جلاله، وهي هداية التوفيق والقَبول، وقد جاء نفيها عن أكملِ الخلقِ صلى الله عليه وسلم؛ فقال تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56].
القسم الثاني: هداية يملكها النبيُّ صلى الله عليه وسلم ومن تَبعه وسار على هديه من دُعاة الحقِّ، وهي هداية الدَّلالة والإرشادِ، وجاء فيها قول الله جل جلاله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشورى: 52]، وقوله تعالى: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9].
فالمعنى الأوَّل للهداية خاص بالله سبحانه وتعالى، وهو جل جلاله يهدي أيضًا بالمعنى الثاني، بمعنى أنه يوفِّق العبد، ويلهمه، ويجعل نفسه قابلة مذعنة، كما في قوله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} [فصلت: 17] يعني دلَلناهم وأرشَدناهم، ومنه قول الله جل جلاله: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد: 10] يعني: طريق الحقِّ وطريق الضَّلال.
فهداية الدَّلالة والإرشاد للجميعِ، وقد جاءت في نصوصِ الكتابِ والسنةِ على أتمِّ وجه وأكمله، لكن من الناس من يوفَّق للهداية الأخرى، ومنهم من لا يوفَّق حسبما جرى به القلمُ السابقُ والقضاء من الله جل جلاله.