"قال عروة: "وثويبة مولاة لأبي لهب" أبو لهب عم النبي -عليه الصلاة والسلام-، مات على الكفر نسأل الله العافية، ونزلت فيه السورة الكاملة، فيه وفي امرأته "مولاة لأبي لهب كان أبو لهب أعتقها" سبب العتق أنها بشرته بولادة النبي -عليه الصلاة والسلام-، بشرت أبا لهب سيدها بولادة النبي -عليه الصلاة والسلام- فأعتقها، "فأرضعت النبي -صلى الله عليه وسلم-" فلما مات أبو لهب..، ثويبة هذه جاءت في السير أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يكرمها، وكانت تدخل عليه لأنها أمه من الرضاعة بعد ما تزوج خديجة، بعد زمن، بعد دهر طويل، وكان يرسل إليها الصلة من المدينة بعد ما هاجر، إلى أن كان سنة سبع بعد فتح خيبر ماتت.
"كان أبو لهب أعتقها، فأرضعت النبي -صلى الله عليه وسلم-" أعتقها فأرضعت، يعني عتقها قبل إرضاعه أو بعده؟ نعم؟ قبل، العطف بالفاء، ومعلوم أن العتق فور الولادة قبل الرضاعة "فأرضعت النبي -صلى الله عليه وسلم- فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشر حيبة" رآه العباس يقول: لما مات أبو لهب رأيته في منامي بعد حول في شر حال، نسأل الله السلامة والعافية، إذا كان هذا عدو الدعوة إلا أنه مات على الكفر في شر حال، وأخوه أبو طالب الذي نصر الله به الدعوة، ودافع عن النبي -عليه الصلاة والسلام- إلا أنه لم يسلم وهو في ضحضاح من نار، وفي رواية: عليه شراكان من نار يغلي منهما دماغه، فكيف بعدو الدعوة هذا؟! نسأل الله السلامة والعافية.
"أريه بعض أهله بشر حيبة" والحيبة: بكسر الحاء الحالة "قال: ماذا لقيت؟ قال أبو لهب: لم ألقَ بعدكم خيراً" هذه رؤيا، لكنها لا شك أنها من المقطوع به أنه لم يلقَ خيراً، ولن يلقى خيراً، ما دام مات على كفره "لم ألقَ بعدكم خيراً غير أني سقيت من هذه بعتاقة ثويبة" وأشار إلى النقرة التي تحت إبهامه، يعني بين الإبهام والتي تليها، النقرة هذه، لو بعض الناس عاد يصير ما فيه نقرة، إذا صار مليء ما يصير فيها نقرة، "سقي" يعني هل هذا يعارض {إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} [(50) سورة الأعراف]؟ نعم هو ما طلب من أهل الجنة من قبل أهل النار أن يسقوهم من الماء أو مما رزقهم الله؟ إيش كان الجواب؟ {إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} [(50) سورة الأعراف] السقي حرام على الكافرين، لكن هذا خاص بأبي لهب مكافأة له، يعني هل الكافر تنفعه نفقاته وصدقاته؟ وما منعهم أن تقبل منهم... إلا أنهم كفروا، لا يقبل منهم، {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [(65) سورة الزمر] لكن هذا من فضل الله -جل وعلا- أن سقاه في النقرة التي بين الإبهام والتي تليها، نقرة قد تكون كثير من الناس ما..، إشارة إلى حقارة ما سقي من الماء وقلته، لو يلغ فيه ولوغ انتهى، نعم على كل حال الكفر شأنه عظيم، والكافر مخلد في النار {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} [(48) سورة النساء].