المؤمنون يرون الله جل وعلا في الجنَّة، ويُحجب عنه الكفَّار، ورؤية الله جل جلاله أعظم ما يُتنعَّم به في الجنةِ.
أما في الدنيا، فلا يُطيق شيءٌ من مخلوقاته أن يثبت أمام الباري سبحانه وتعالى، قال تعالى: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} [الأعراف: 143]. والله جل جلاله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «حجابه النُّور» [مسلم (179)]، وفي رواية: «النار» [الطيالسي (493)، وأحمد (19587)، والطبرانيُّ في الأوسط (6025)]، ففي الدنيا لا يُمكن أن يُرى، كما جاء في الحديثِ المرفوعِ: «لن يرى أحدٌ منكم ربَّه حتى يموتَ» [مسلم (2931)].
وأما في الآخرة فالمؤمنون يرون ربَّهم كما يُرى القمر ليلة البَدر صحوًا ليس دونه سحاب، كالبدر ليل الست بعد ثمان - كما يقول ابن القيم رحمه الله [نونية ابن القيم (ص: 313)]-، يعني: ليلة أربع عشرة إذا لم يُوجد سحابٌ ولا قَتَرة.
ففي حديث جَرير بن عبد الله البجليِّ رضي الله عنه، قال: «كنا جلوسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمرِ ليلة البدر فقال: «إنَّكم ستَرون ربَّكم كما ترون هذا القمرَ لا تُضامون في رؤيته» [البخاري (554)، ومسلم (633)] وفي رواية: «تُضارون» [أحمد (19205)]. وقد جاء بلفظ: «الشَّمس» [البخاري (806)، ومسلم (182)]. فليس من أحد من أهل الجنة سيُصيبه ضررٌ أو ضيمٌ، أو زحامٌ، أو صعوبةٌ في إمكانِ الرؤيةِ. وهذا الحديث من أصحِّ الأحاديثِ، وهو متفق عليه، وقد جاء أيضًا من حديث أبي هريرة [البخاري (806)، ومسلم (182)]، وابن عمر [الترمذي (2553)، وأحمد (4623)] وغيرهما رضي الله عنهم، ونصَّ بعضهم على أنه من المتواترِ.