((إنَّهُ لا يَذِلُّ من وَالَيْت)) مَنْ كَانَ وَلِيًّا لله -جلَّ وعلا-؛ رَفَعَهُ الله -جلَّ وعلا-؛ بِحيثُ لا يَسْتَطِيعُ أحدٌ إذْلالَهُ، أوْلِيَاءُ الله -جلَّ وعلا-، العِزَّةُ لهُم، فلا يَسْتَطِيعُ أحد أنْ يُذِلَّهُم، وجَاءَ بعد هذهِ الجُملة عند البيهقي: ((ولا يَعُزُّ منْ عَادَيْت)) عَدُو الله -جلَّ وعلا- ذَلِيل، عَدُو الله ذليل سواءً كان عدو مُعاداة تامَّة بالكُفر والجُحُود أو فيهِ شيءٌ مِمَّا يُغضِب الله -جلَّ وعلا- من الفِسْق والمَعَاصِي والفُجُور فهي ذِلٌّ على صاحِبِها، يقول الحسن البصري -رحمهُ الله-: "فإنَّهم وإنْ طَقْطَقَتْ بهم البَرَاذِين وهَمْلَجَت بهم البِغال"؛ فإنَّ ذُلَّ المَعْصِيَة لا يُفَارِقُهُم، يعني مهما ظَهَر بهم المَظْهَر من أُبَّهَ وتعالي وارتفاعٍ على النَّاس؛ فإنَّ هذا هُم في حقيقة أُمُورِهِم في شَقاء وذُلّ، وتَجِد الإنسان وإنْ كانَ مُطاعاً مُهاباً بِجُيُوشِهِ وبعُدَّتِهِ وعَتَادِهِ؛ إلاَّ أنَّهُ ذليل لأحْقَر حُرَّاسِهِ؛ لأنَّ هذا الحَارِسْ الذِّي عند الباب يَسْتَطِيع أنْ يُمَكِّنْ العَدُو الذِّي يَقْتُلُهُ، ولِذلك يقول بعضُ أهلِ العِلم: "إنَّ المُلُوك عبيدٌ لِعَبِيدِهِم"... فهل هذا ملك ُتَشَبَّثْ بِهِ؟! واللهُ المُستعان، وإذا عَرَفْنا الجَزَاء الأَوْفَى عِنْدَ الله – جلَّ وعلا – لِآخِر من يَدْخُل الجَنَّة ويَخْرُج من النَّار أنْ يَتَمَنَّى مُلك أَعْظَم مَلِك فِي الدُّنيا، فَيُقال: لَكَ مِثْلُهُ، ومِثْلُهُ، ومِثْلُهُ، وعشرةُ أمْثَالِهِ، هذا وأَدْنَاهُم ومَا فِيهِمْ دَنِي، هذا يمكن أَدْنَى أهل الجَنَّة مَنْزِلَة، عَشْرَة أَمْثَال مُلْك ذُو القَرْنَيْن، أو هَارُون الرَّشِيد، أوْ أَعْظَم مَلِك في الدُّنْيا، ويَأتِي من يَمْلِكْ حِفْنَة من النَّاس أو شِبْر من الأرْض، ويَسُومُ النَّاس سُوء العَذَابْ –نسألُ الله العَافِيَة– ويَتَرَفَّعْ عليهم ويَتَعَالى، وإذا وَقَعَ الذُّباب على أَنْفِهِ ما اسْتَطَاعْ أنْ يَصْنَعَ شَيْئاً، واللهُ المُستعان.