من توسَّع في فضول الكلام، وأطلق لسانه في القيل والقال، وصار هذا شأنه وديدنه تجده تَرِد عليه مواسم الطاعات كالعشر الأواخر من رمضان، وعشر ذي الحجة، والحج، ويوم عرفة، والمواسم الفاضلة التي تضاعف فيها الأجور، ويريد أن يحفظ نفسه، ويجتمع قلبه على كتاب الله -جل وعلا- مثلًا، ثم لا يستطيع.
ومدة أداء فريضة الحج لا تزيد عن أربعة أيام، ومع ذلك لا يستطيع ولا يوفَّق مَن ديدنه الخوض في «القيل والقال» أن يحفظ نفسه في هذه الأيام المعدودة؛ لأنه ما تعرّف على الله في الرخاء، ليعرفه في الشدة، فمثل هذا لا يُعان على اغتنام هذه الأوقات الفاضلة، وتراه إذا قيل له: إن السلف يختمون كل ليلة في العشر الأواخر، استبعد هذا وعدَّه ضربًا من الخيال؛ لأنه يقيس الناس على نفسه.