هذه المرأة التي عاهدت الله وأكَّدت الامتناع من فتح هذا البرنامج بالعهد مع الله -جل وعلا-، الذي يظهر أن حكمه حكم اليمين المؤكَّدة، فحينئذٍ إذا احتاجتْ إلى فتحه ورأتْ أن فتحه خير من الاستمرار في إغلاقه، مع حاجتها إليه بحيث تتواصل مع أهلها، وهو خيرٌ من ذلك، فيدخل في حديث عبد الرحمن بن سمرة –رضي الله عنه-، يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إذا حلفتَ على يمين فرأيتَ غيرها خيرًا منها فأْتِ الذي هو خير، وكفِّر عن يمينك» [البخاري: 6622]. وهذا الحديث في (البخاري).
يقول أبو عمر ابن عبد البر في (التمهيد): (واختلفوا في مَن حلف بحق الله، أو بعهد الله، أو ميثاقه، أو نحو ذلك، فقال مالك: مَن حلف بحق الله فهو يمين، قال: وكذلك عهد الله، وميثاقه، وكفالته، وعزته، وقدرته، وسلطانه)، يعني كأنه حلف بالله أو باسم من أسمائه أو بصفة من صفاته.
شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- قال: (فإذا قال: أعاهد الله أني أحج العام، فهو نذر وعهد ويمين، وإن قال: لا أكلم زيدًا، فيمين وعهد لا نذر)، على كل حال الذي يظهر أن هذه المعاهدة وإن كان أمرها أشد والوفاء بها ألزم لكن إذا رأتْ خيرًا منها فتأتي الذي هو خير.
وفي قوله -جل وعلا-: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} [التوبة: 75]، فاللام هذه توحي بأن العهد فيه شَوْب يمين، كأنه قال: (والله لئن آتانا من فضله لنصَّدَّقنَّ)، فهذا الذي نقض ذلك العهد وقطع ذلك اليمين بعد أن أغناه الله أعقبه نفاقًا في قلبه، فهو يختلف عمَّا نحن فيه، ذاك في الآية: من خيرٍ إلى ضدِّه، {لَنَصَّدَّقَنَّ} الصدقة خير، والضد خلافه، وفي السؤال: العهد وإن كان في أصله خيرًا، لكن العمل بضده خيرٌ من البقاء عليه، ولهذا يقال: تُكفِّر عن يمينك، وتأتي الذي هو خير، لا سيما وأن فتح هذا البرنامج لا يترتَّب عليه ضرر ولا مفسدة، وفيه خيرٌ من صلةٍ ونحوها، والله أعلم.