المؤلفات في آيات الأحكام كثيرة جدًّا ومتنوعة، منها المبسوط ومنها المتوسط ومنها المختصر، وفي المذاهب كلها أُلِّف في آيات الأحكام كما أُلِّف في أحاديث الأحكام.
ومن أعظم ما يُذكر في هذا الباب من المطولات (الجامع لأحكام القرآن) للقرطبي، فهذا جمع فأوعى، مشحونٌ من الأحكام، ويبحث الأحكام بأدلتها، وما قيل فيها من أقوال، ويستوعب ذلك بأطول مما يوجد في بعض كتب المذاهب التي تُنسب إليها هذه الأقوال، فالكتاب عظيم ومرتَّب، وقد تصل بعض المسائل في بعض الآيات إلى ستين مسألة، أو خمسين مسألة، أو أربعين مسألة، أو أكثر أو أقل، المقصود أنه كتابٌ حافلٌ جامعٌ على اسمه.
ومن ذلك (أحكام القرآن) لابن العربي، و(أحكام القرآن) للجصاص الحنفي، و(أحكام القرآن) للشافعي مما جمعه الإمام البيهقي من كلام الإمام الشافعي ومن مؤلفاته، هذه كتب موجودة ومتداولة.
ومن ذلكم من المختصرات (الإكليل في استنباط التنزيل) للسيوطي، في جزءٍ متوسط، وفيه فوائد وتنبيهات نافعة على اختصاره، لكن لا عطر بعد عروس، كل الصيد في جوف الفراء -في (تفسير القرطبي)-.
وهذه الكتب وأعني بذلك على سبيل المثال: (تفسير القرطبي)، وهو يدرس المسائل بأدلتها بخلافها وقد يُرجِّح، لكن الإشكال أن مثل هذه الكتب تَنسِب إلى المذاهب، وتَرجع إلى كتب المذاهب، ولكن إنما يُطمَئن الطمأنينة التامة من هذا الكتاب وهو مالكي المذهب إذا نَقل عن المالكية، لكن قد ينقل عن المذاهب الأخرى من كتب غير معتمدة عندهم، وعلى طالب العلم حينئذٍ أن يتأكَّد من نسبة هذا القول إلى ذلك المذهب من كُتب أصحابه، والله أعلم.