جاء في الحديث الصحيح عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: "نذرتْ أختي أن تمشي إلى بيت الله حافية، فأمرتْني أن أستفتي لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فاستفتيتُه، فقال: «لتمشِ ولتركب»، وهذا الحديث متفق عليه، [البخاري: 1866 / ومسلم: 1644]. فإذا عَجِز الناذر عن وفائه بنذره فعليه أن يكفِّر كفارة يمين، هذا في عموم النذر، كأن نذر أن يصلي ألف ركعة وعجز، أو نذر أن يصلي في كلِّ يومٍ كذا ركعة ثم لمَّا كبر وتقدَّمتْ به السن عَجِز عن ذلك، فإنه يكفِّر كفارة يمين، وفي حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "مَن نذر نذرًا لم يُسمِّه فكفارته كفارة يمين، ومَن نذر نذرًا في معصية فكفارته كفارة يمين، ومَن نذر نذرًا لا يُطيقه فكفارته كفارة يمين، ومَن نذر نذرًا أطاقه فليفِ به" [أبو داود: 3322]، وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «مَن نذر أن يطيع الله فليطعه، ومَن نذر أن يعصيه فلا يعصه» [البخاري: 6696].
هذه المرأة نذرتْ صيامًا، وقلنا في مسألة عموم النذر: إذا عَجِز الناذر أن يفي بنذره فعليه أن يكفِّر كفارة يمين، لكن إذا كان النذر صيامًا، وعجز الناذر عنه، فهذه مسألة مختلفة عن المسألة الأولى عند جمع من أهل العلم، فيرى بعضهم أنه يكفِّر كفارة يمين كغير الصيام من وجوه النذر، ويرى بعضهم أنه كصيام رمضان، بمعنى أنه يكفِّر عن كل يوم فيطعم مسكينًا، فلا يلتزم بكفارة اليمين التي هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، فهذه كفارة اليمين انتهينا منها، لكن إذا كان متكرِّرًا وهو صيام وأوجبه على نفسه بالنذر صار حكمه حكم صيام رمضان، فكل يوم يعجز عنه يكفِّر عنه بإطعام مسكين، وهذا القول موجَّه عند الحنابلة وغيرهم، وإن كان القول الآخر رواية عن الإمام أحمد -رحمه الله- وعن جمع من أهل العلم، والله أعلم.