جاء في الصحيح أن رجلًا من الصحابة كان يُكرِّر قراءة الإخلاص في كل ركعة، فسُئل النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: «سلوه لأيِّ شيءٍ يصنع ذلك؟»، فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أخبروه أن الله يحبه» [البخاري: 7375]، وقال: «حبُّك إيَّاها أدخلك الجنة» [البخاري: قبل 775] كما في حديث آخر، فالتكرار على هذه الصفة لا بأس به، وإن كان المفهوم من الحديث أنه يقرأ الفاتحة ويقرأ سورة بعدها، ثم يقرأ سورة الإخلاص. وفي (صحيح البخاري) عن أبي سعيد -رضي الله عنه- أن رجلًا سمع رجلًا يقرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] يُردِّدها، فلما أصبح جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكر ذلك له، وكأن الرجل يتقالُّها، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن» [5013]. وفي الحديث بالنسبة لتكرار السورة الواحدة في الركعتين جاء في السنن أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قرأ سورة {إِذَا زُلْزِلَتِ} [الزلزلة: 1] في الركعتين: الأولى والثانية [أبو داود: 816]، وعلى هذا فلا مانع من ذلك في سورة الزلزلة بالنص، وأما في غيرها من السور فمحل توقُّف، فليُقتصر على ما ورد، هذا الأولى والأصح، وإن قال بعضهم بأن هذا يسري على جميع السور، فالحكم في واحدة منها حكم في جميعها، والله أعلم.
(وهل يسري الحكم في هذا على جميع الصلوات سواء النافلة أو الفريضة؟)، سورة الزلزلة قرأها النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في (سنن أبي داود) في الفريضة، وإن تردَّد الصحابي هل كانت قراءته -عليه الصلاة والسلام- لها في الركعتين من باب النسيان أو تعمَّد ذلك، والأصل أنها لو كانت نسيانًا لذَكر ذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- كما ذكره في مواضع مما حصل منه -عليه الصلاة والسلام- من النسيان، وعلى كل حال قراءة الزلزلة في الركعتين أحيانًا لها أصل، وأما قراءة غيرها وغير سورة الإخلاص فالمسألة تحتاج إلى دليل ينهض لتكرارها في الركعتين، والله أعلم.