مَن حفظ القرآن وضَمِن ذلك، ورزقه الله -جل وعلا- ومنحه هذه المرتبة العليَّة السنيَّة لا يخلو:
- إما أن يكون ممن يحتمل التعدُّد والتنويع، وهذه الطريقة تناسب كثيرًا من المتعلمين، فبعض الطلاب يناسبه أن يقرأ في أكثر من فنٍّ في آنٍ واحد؛ لأنه لا يشتَّت ذهنه، وهو مع ذلك أيضًا ملول لو قيل له: (اقرأ في علم واحد، والزم علم الحديث إلى أن تنتهي، ثم انتقل إلى غيره) يَمل، فمثل هذا إذا كان لا يشتَّت في تنويع العلوم يُنصح بأن يقرأ من العلوم أكثر من فنٍّ في آنٍ واحد، وليس معنى هذا أنه في ساعة واحدة أو في مجلس واحد يقرأ أكثر من فنٍّ، وإنما يُخصِّص -مثلًا- أول النهار لفنٍّ، ثم يليه فنٌّ، ثم بعد صلاة الظهر فنٌّ، ثم بعد صلاة العصر رابع، وهكذا.
- وإما أن يكون ممن لا يحتمل مثل هذا، كحال بعض الناس إذا قرأ في أكثر من كتاب تشتَّت، وعنده صبر وجَلَد على أن يمسك الكتاب بالطريقة التي ذكرناها إلى أن ينتهي، فمثل هذا يقال له: الزم علمًا واحدًا.
فالناس يتفاوتون، منهم الملول، ومنهم الصبور والدؤوب، وكلٌّ يسلك ما يناسبه.