إن كان القصد بهذه المبالغة إطالة هذه الجلسة، بحيث يتخلَّف عن الإمام كثيرًا، فهذا خلاف السنة، «إنَّما جُعل الإمام ليُؤتمَّ به» [البخاري: 688]، ثم عُطفتْ أفعال المأموم على أفعال الإمام بالفاء؛ لتقع مباشرة بعد أفعاله.
أما هذه الجلسة الخفيفة التي تقع بين الركعتين الأولى والثانية، والثالثة والرابعة، فهذه سنة مطلقًا، ثبتتْ من فعله -عليه الصلاة والسلام- في الصحيح [البخاري: 823]، وثبتتْ من قوله في حديث المسيء في (البخاري) أيضًا [6251]، وثبتتْ من حديث أبي حميد -رضي الله عنه- في صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- بحضرة عشرة من الصحابة -رضي الله عنهم- [أبو داود: 730]، فهي سنة مطلقًا. ولا يقال: إنه لا يفعلها إلا المحتاج إليها؛ لأن الحاجة إلى تركها أدعى من الحاجة إلى فعلها، وهذا أمر مُشاهَد ومُجرَّب، فهل قيام الإنسان من السجود إلى الركعة التي تليها أيسر، أو أن يَثني رجليه، ثم يقوم؟ القيام مباشرة أيسر، كما نرى في كبار السن ومرضى الركب، فهؤلاء تجد الأيسر لهم أن يقوموا مباشرة من السجود، أما أن يجلسوا جلسة خفيفة، ثم بعد ذلك يَثنوا ركبهم، ثم يقوموا، فهذا صعب عليهم، فكيف يقال: إنه قد يحتاج إليها كبير السن؟ أقول: إن كبير السن يحتاج إلى تركها، وحاجته إلى تركها أدعى من حاجته إلى فعلها، ومادام ثبتتْ من فعله وقوله -عليه الصلاة والسلام- فلا كلام لأحد.
أما تسميتها: (جلسة استراحة)، فهذه تسمية طارئة، لا يدل عليها دليل من الكتاب ولا من السنة، وإنما سُمِّيت: (استراحة)؛ لأن بعض أهل العلم توقَّع أن المصلي يستريح بها، وأقول: هي زيادة تكليف، وليست للراحة.