(جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد) لمحمد بن محمد بن سليمان، وهو من المتأخرين، جَمَعَ فيه الفوائد من الكتابين: (جامع الأصول) لأبي السعادات ابن الأثير، وهو يضم (البخاري) و(مسلم) و(أبا داود) و(الترمذي) و(النسائي) و(الموطأ)، فابن الأثير لم يُدخل (ابن ماجه)، وإنما جعل (الموطأ) سادس الكتب، وهو قول معروف عند أهل العلم في سادس الكتب الستة، فمنهم من يجعل السادس (الموطأ) كما فعل ابن الاثير، وقبله رزين العبدلي في (تجريد الأصول)، ومنهم من يجعل السادس (سنن الدارمي)، ومنهم من يجعل السادس (سنن ابن ماجه)؛ لكثرة زوائده وفوائده على الكتابين المذكورين.
وأول من جعله سادس الكتب أبو الفضل بن طاهر، وتبعه مَن كتب في الأطراف وفي الرجال وغيرها، وعلى كل حال ابن الأثير جعل (الموطأ) هو السادس.
فمحمد بن محمد بن سليمان المغربي هذا أخذ في كتابه (جمع الفوائد) من (جامع الأصول)، وأخذ أيضًا من (مجمع الزوائد) للحافظ نور الدين الهيثمي الذي جمع فيه ما في (مسند الإمام أحمد)، و(مسند أبي يعلى الموصلي)، و(مسند أبي بكر البزار) و(معاجم الطبراني الثلاثة)، هذه الزوائد على الكتب الستة التي هي أصول الإسلام.
فلو جُمع بين هذين الكتابين لأفاد فائدة عظيمة جدًا، وقام صاحب هذا الكتاب (جمع الفوائد) فانتقى من الكتابين، ولا يقال: إنه جمعَ الكتابين؛ لأنه يقول: (جمع الفوائد "مِن" جامع الأصول ومجمع الزوائد)، ولذا يُخطئ من يكتب في كتب التخريج ودراسة الأسانيد أن هذا الكتاب جَمَعَ الكتب كلها. فإذا قلنا: (مسند الإمام أحمد) و(أبي يعلى)، و(البزار) و(معاجم الطبراني الثلاثة) إضافةً إلى الكتب الستة التي جمعها (جامع الأصول)، فهذا كمٌّ كبير، قد يستغني به طالب العلم، ولو أُضيف (ابن ماجه)، ثم بعد ذلك جُرِّد مثلاً زوائد (البيهقي) و(ابن أبي شيبة) و(مصنف عبد الرزاق) وهكذا، لانتفع طالب العلم، ولتكونت لديه ذخيرة علمية كبيرة. أما القول: بإن هذا الكتاب جمع الكتب التي جمعها (جامع الأصول) وجمعها (مجمع الزوائد)، فهذا الكلام ليس بدقيق وإن قال به بعضُ مَن كتب في كتب التخريج ودراسة الأسانيد، لكنه انتقى منها، وعلى كل حال هذا كتاب لطيف يمكن حمله في الأسفار. وقد طُبع لأول مرة في الهند في جزئين صغيرين ضُمَّا في مجلد واحد، وفيه قدر كبير من الأحاديث التي يستفيد منها طالب العلم.
والملاحظ عليه: أنه لم يجمع جميع ما في هذه الكتب بل انتقى منها.
ولا أذكر ملاحظات سوى ذلك إلا أنه لا يُبيّن ما في الحديث من ضعف.
وعلى كل حال هو كتاب نافع يعتني به طالب العلم، وهو خفيف المحمل، لو نقله معه في الأسفار استفاد منه فائدة كبيرة.
والملاحظ على أصليه:
- الأصل الأول (جامع الأصول)، وهو حقيقة عمل مشكور لابن الأثير، لكن يبقى أنه لم يعتمد فيه على الأصول، فقد يخرّج الحديث وينسبه (للـبخاري)، وقد أخذه من المستخرجات التي لا تلتزم بلفظ (البخاري)، فتجد فرقًا بين اللفظ المعزو (للبخاري) في (جامع الأصول) وبين ما في (صحيح البخاري)، وقُل مثل هذا في بقية الكتب؛ لأنه أخذ عنها بوسائط المستخرجات.
- أيضاً في أصله الثاني (مجمع الزوائد) جَمَعَ بين هذه الكتب، ونفع الله به نفعًا عظيمًا، لكن يبقى أن في كثير من أحكامه تساهلًا، فالذي يُقلده على هذا التساهل يقع في شيء من الخلل في الأحكام على الأحاديث.