على كل حال بِرّ الوالدين واجب، وعند التعارض بين مطالب الوالدين ومطالب الزوج بعد الزواج، فحق الزوج على زوجته مُقدَّم على غيره مُطلقًا، فهو مُقدَّم على جميع الحقوق من حقوق المخلوقين، فإذا تعارض طلبُ الوالد أو الوالدة مع الزوج فحق الزوج مقدَّم، ومثل هذا يُقال فيما إذا تعارض حقُّ الوالد مع الوالدة، وقد سُئل الإمام مالك -رحمه الله تعالى-: أمرني أبي فنهتني أمي؟ قال: أطعْ أباك ولا تعصِ أمك.
وبعض الناس قد يتصور أن هذا الكلام حيدة عن الجواب، وأنه ليس فيه جواب كافٍ ولاشافٍ، كيف يطيع أباه ولا يعصي أمه في الأمور المتعارضة مثل هذا؟
لا شك أنه إذا أمره أبوه فطاعته واجبة، وإذا نهته أمه عن طاعة أبيه فإن كان الاشتغال بطاعة أبيه يُفوِّت لها مصلحةً فحقُّ الأم أعظم، وإن كان لا يُفوِّت لها مصلحةً ولا تتضرر بطاعته، فنهيها له معصية؛ لأنها تنهاه عن بره بأبيه ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. فلا شك أن هذه الأمور تجب مراعاتها، وأن الإنسان يخرج من المسألة برضا جميع الأطراف، لكن إذا لم يُمكن فهناك مقاطع للحقوق، فأولى الناس بالبر الأم ثم الأب، لكن المرأة حقُّ زوجها أعظم من حق والديها، فزوجوها بطوعهم واختيارهم فانتقلت الحقوق إليه مع وجود حقوق للوالدين، على ألَّا تتعارض مع حقوق الزوج.
فالسائلة هنا ليست بعاقة، لكن عليها أن تسعى وتُسدد وتُقارب بإرضاء والدتها بالأسلوب والطريقة المناسبة، وتُقنع زوجها بأن تُكثر من زيارة أمها؛ لترضى عنها، وبالتفاهم يحصل الخير الكثير –إن شاء الله تعالى-.