طالب التقسيط هذا الذي يريد أن يشتري سيارة من جهةٍ سواء كانت شركة أو مصرفًا أو فردًا، له أن يختار هذه السيارة، إذا كان بحاجة إلى استعمالها أو إلى بيعها والإفادة من قيمتها فيما يسمى بمسألة التَّوَرُّق، أما إن كان بحاجة هذه السيارة فهو الدَّيْن الذي ذكره الله -جل وعلا-، وهو حلال بالإجماع إذا كان بحاجة إلى السيارة، وإن كان بحاجة إلى قيمتها فهي مسألة التورُّق، وهي جائزة عند جماهير أهل العلم.
لكن يبقى النظر في كيفية العقد بينه وبين من أراد أن يستدين منه، ثم بعد ذلك لا بد أن يملك الطرف الأول -الذي هو المصرف- السيارةَ ملكًا تامًّا مستقرًّا، ولو ذهب مُريدُ هذه السيارة وعَيَّنَهَا بمجرد الوعد لا بعقد؛ لأن العقد لا يجوز إلا إذا تم مِلْكُهَا من قِبَل الدائن ملكًا تامًّا مستقرًّا ويقبضها قبضًا شرعيًّا ويحوزها، ثم بعد ذلك يبيعها على مريد الدَّيْن -مريد السيارة-، ثم بعد ذلك يَقبضها قبضًا معتبرًا لمثلها، فإن كان مُريدًا لها يستعملها، هذا لا إشكال فيه، وإن كان مُريدًا لقيمتها يبيعها على طرفٍ ثالث غير مَنْ باعها عليه؛ لئلا تكون عِينَة، فإذا باعها على طرف ثالث فإنها هي مسألة التورُّق التي عامة أهل العلم على جوازها.
وأما بالنسبة لمقدار الربح ثلاثة بالمائة أو أقل أو أكثر، فهذا لا إشكال فيه -إن شاء الله تعالى-.
فعلى كل حال لطالب التقسيط أن يختار السيارة بالوعد لا بالعقد، فإذا قال الدائن: لا مانع عندي، أي سيارة تريد؟ وقال له: أريد سيارة كذا وَذَكَرَ مواصفاتها ومكانها، ثم ذهب الدائن واشتراها ومَلَكَها ملكًا تامًّا مستقرًّا، بحيث لو تلفت كانت من ضمانه من غير أن يُلزم مُريد التقسيط بشيء بمجرد الوعد فلا مانع من ذلك، ثم بعد ذلك إذا مَلَكَها ملكًا تامًّا مستقرًّا يُبرم العقد معه، ثم يقوم باستعمالها إن كان مُريدًا لاستعمالها، أو ببيعها على طرف ثالث غير الطرف الأول إذا كان مُريدًا لقيمتها.