لاشك أن ترتيب الجملة الثانية على الأولى يقتضي ذلك، وأن أولى ما يستعان به على تحصيل العلم التقوى، والعلم الذي لا يحصِّل التقوى ولا يورِث الخشية من الله -جل وعلا- فإنه لا ينفع، قال تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء} [فاطر: 28]، وهذا حصر، فالعلماء هم الذين يخشون الله -جل وعلا-، فإذا لم توجد هذه الخشية انتفى الوصف المرتب عليها وهو العلم، فالذي لا يعمل بعلمه ويخرم ما تقرر عنده من خلال هذا العلم من فعل واجبات وترك محظورات فإن هذا ليس بعلم، بل هو جهل لقوله -جل وعلا-: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة} [النساء: 17]، يقرر أهل العلم أن كل من عصى الله فهو جاهل ولو عرف الحكم بدليله؛ لأن العلم في الحقيقة ما نفع، وهذا لم ينتفع بعلمه، إذن هو جاهل، ولو قلنا: إن التوبة لا تصح إلا من الجاهل الذي لا يعرف الحكم، خالفنا ما عليه إجماع أهل العلم من أن من يعرف الحكم إذا وقع في أمر محظور وعصى الله -جل وعلا- ثم تاب منه فالتوبة تهدم ما كان قبلها، فتقبل توبته بشروطها ولو كان عارفًا للحكم، فكثير ممن يشرب الخمر -مثلاً-يعرف أنه محرم، ويعرف دليله من الكتاب والسنة، فهل نقول: إن مثل هذا ليس له توبة؟! ما قال أحدٌ من أهل العلم بهذا، إنما المراد بالجاهل الذي لا يعمل بعلمه، فكل من عصى الله فهو جاهل.
السؤال
قال الله تعالى: {واتقوا الله ويعلمكم الله} هل يقتضي هذا أن تقوى الله سبب لحصول العلم؟
الجواب