نعم، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يذكر الله في جميع أحيانه ولو كان جنبًا، ولا تمنعه الجنابة إلا من القرآن، فالحائض والجنب لا يقرآن القرآن، وأما ما عدا ذلك من الأذكار فإنه يزاولها ولا يمنعه ذلك منها، فالحائض تدعو، والإشكال أنها إن احتاجت أن تدعو بما في القرآن من الأدعية كمثل قول الله –جل وعلا-: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: ٢٠١ ]، أو غير ذلك من الأدعية الموجودة في القرآن، فهل لها أن تدعو على أنه دعاء، أو عليها أن تمسك بناءً على أنه قرآن؛ لأنها حائض والحائض عند الجمهور لا تقرأ القرآن؟ المقصود أنها في مثل هذه الحالة إذا كانت تدعو بنية الدعاء لا على أنه قرآن فلا مانع من ذلك، وإن كانت بنية التلاوة فلا.
ومثل هذا الساجد والراكع فهو منهي عن قراءة القرآن، فلا يجوز له أن يقرأ القرآن وهو ساجد أو راكع، لكن إذا جاء به على أنه دعاء مثل ما قلنا في قول الله -عز وجل-: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً}، وقوله: {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان: ٧٤]، وما أشبه ذلك على أنه دعاء، لا مانع منه إن -شاء الله تعالى-.