العيني في شرحه على (صحيح البخاري) يقصد في كثير من نقوله الحافظ ابن حجر –رحمهما الله- هو لا يسميه؛ بل يبهمه، فيقول: (قال بعضهم)، (قال بعض الشراح)، (زعم بعضهم)، ثم يتعقبه في مواطن كثيرة جدًا، فكتاب العيني مملوء من النقول عن ابن حجر والتعقبات والاستدراكات عليه، وقد أجاب الحافظ ابن حجر عن هذه الاعتراضات بكتابٍ أسماه: (انتقاض الاعتراض) وهو مطبوع في مجلدين، قال القسطلاني: (لكنه لم يجب عن أكثرها، ولعله كان يكتب الاعتراضات ويبيض لها ليجيب عنها فاخترمته المنية)، أو يقال: أنه رأى أن كلام العيني وجيه فلم يتعقبه، ولا بن حجر كتاب آخر اسمه: (الاستنصار على الطاعن المعثار) وهو صورة فُتيا عما وقع في خطبة شرح (صحيح البخاري) للعيني.
وكذلك فهناك كتاب نفيس ومؤلفه متأخر، واسمه عبد الرحمن البوصيري المتوفى سنة أربعٍ وخمسين وثلاثمائة وألف، اسمه (مبتكرات اللآلئ والدرر في المحاكمة بين العيني وابن حجر) مجلد واحد، يذكر قول ابن حجر ثم يذكر رد العيني واعتراضه، ثم يحكم بما يراه صوابًا، والكتاب جيد، إلا أن الموضوع نفسه يحتمل أكثر من ذلك ويحتاج إلى تكميل وتتميم؛ فقد ذكر فيه ثلاثمائة وثلاث وأربعين محاكمة بينهما، والمحاكمات أكثر من ذلك، وقد دونت شيئًا منها.