شرح المحرر - كتاب الزكاة - 04

بسم الله، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

اللهم اغفر لنا، ولشيخنا، وللحاضرين والمستمعين يا رب العالمين.

قال المؤلف -رحمه الله-:

باب: في الحلي والعروض إذا كانت للتجارة

عن ثابت بن عجلان عن عطاء عن أم سلمة -رضي الله عنها- أنها كانت تلبس أوضاحًا من ذهب، فسألت عن ذلك نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: أكنز هو؟ فقال: ((إذا أديت زكاته فليس بكنز)) رواه أبو داود والدارقطني، وهذا لفظه، والحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه، وقال البيهقي: يتفرد به ثابت بن عجلان، وهذا لا يضر، فإن ثابتاً وثقه ابن معين، وروى له البخاري، والله أعلم.

وعن سمرة بن جندب قال: أما بعد: فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعد للبيع" رواه أبو داود.

وروى البيهقي بإسناده عن أحمد بن حنبل حدثنا حفص بن غياث حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما-...

عمرَ، ابن عمرَ.

عن ابن عمرَ -رضي الله عنهما- قال: "ليس في العروض زكاة إلا ما كان للتجارة".

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: في الحلي والعروض إذا كانت للتجارة

عندنا أمران، ترجمة لأمرين، للحلي وهو ما تتحلى به النساء {أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ} [(18) سورة الزخرف] فالمرأة تحتاج إلى أن تتحلى وتتزين، فماذا عما تتزين به وتتحلى به؟ والعروض هي الأموال المعدة للتكسب والبيع والشراء.

"إذا كانت للتجارة" هذا قيد، ومؤثر، ومر بنا مراراً أنه إذا تعقب القيد المؤثر أو الاستثناء أو الوصف المؤثر أكثر من شيء هل يعود إليها جميعها، أو يعود إلى الأخير منها؟ لأن كلام أهل العلم ينبغي أن يكون دقيقاً مضبوطاً بضوابط العلم، الآن الترجمة عندنا "باب: في الحلي والعروض إذا كانت للتجارة" وعلى الخلاف الذي ذكرناه سابقاً، كونه يعود على الأخير، هذا أمر متفق عليه، العروض لا بد أن تكون معدة للتجارة، لكن الحلي هل يشترط أن يكون للتجارة أو لا؟

لا خلاف بين أهل العلم أن الحلي إذا أعد للتجارة أن فيه الزكاة، هذا محل إجماع، لكن إذا لم يعد للتجارة أعد للبس والاستعمال، القيد في الترجمة يخرجه، إذا قلنا: إنه يعود إلى الجملتين معاً، إلى الحلي، يعود إلى اللفظين، إلى الحلي والعروض، شريطة أن تكون للتجارة، مفهوم ذلك أنه إذا لم يكن الحلي ولم تكن العروض للتجارة أنه لا زكاة فيه، مع أن المؤلف في الترجمة لم يصرح لا بوجوب الزكاة، ولا بعدم وجوبها، إنما الأحاديث التي ذكرها تبين مراده من ذلك، فحديث أم سلمة في الحلي المعد للاستعمال، ومع ذلك فيه الزكاة، وأما بالنسبة للعروض فسيأتي الكلام فيها، وهو طويل لأهل العلم.

والكلام في المسألتين لا يسلم من إشكال؛ لأن الأدلة في المسألة الأولى وهي مسألة الحلي متعارضة، وتكاد أن تكون متعادلة، وهي في نظر الشنقيطي -رحمة الله تعالى عليه-، وهو أفضل من بحث المسألة في أضواء البيان من حيث الأثر والنظر، وفي الأخير قال: هي متساوية، وإخراج الزكاة في الحلي إنما هو من باب الاحتياط، يعني لا من باب الوجوب والإلزام؛ لأن الأصل براءة الذمة، والقاعدة أن ما أعد للقنية والاستعمال ولو علت قيمته أنه لا زكاة فيه ((ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة)) ولا أحد من أهل العلم يقول: إن البيت الذي يسكنه، أو السيارة التي يركبها، ولو كانت غالية الثمن أن فيها زكاة، فكل ما يعد للاستعمال والقنية هذا لا زكاة فيه.

على كل حال الأحاديث ذكر منها المؤلف حديث أم سلمة، وفي الباب أيضاً عن عائشة وعبد الله بن عمرو، والأحاديث الثلاثة كلها يستدل بها من يقول بوجوب الزكاة، زكاة الحلي، وهو قول الحنفية.

وعامة أهل العلم أنه لا زكاة في الحلي كسائر المقتنيات للاستعمال.

والأحاديث الثلاثة كلها فيها كلام، وحديث جابر: ((ليس في الحلي زكاة)) أيضاً ضعيف، وإذا ضعفت الأحاديث والأخبار رجع إلى الأصل.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "عن ثابت بن عجلان عن عطاء عن أم سلمة -رضي الله عنها- أنها كانت تلبس أوضاحًا من ذهب" أوضاح من ذهب تلبسها، أسورة في ذراعيها، وقد تلبس المرأة في رجليها، وقد تلبس القروط في أذنيها، وقد تعلق القلادة في عنقها إلى غير ذلك من أنواع ما يتحلى به النساء.

"أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب" والذهب حلال للإناث، حرام على الذكور، كالحرير.

"فسألت، أو قالت: فسألتُ" كأن الكلام عاد إليها، أنها كانت تلبس فسألتُ، أو "فسألت عن ذلك نبي الله -صلى الله عليه وسلم-" يعني مضبوطة فسألتُ، على كل حال الالتفات معروف في النصوص، وفي الأسلوب العربي "فسألت عن ذلك نبي الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: أكنز هو؟" هي تسأل، يعني هل هذا الذي في يدي يدخل في الوعيد الشديد في: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ} [(34) سورة التوبة] "أكنز هو؟ فقال: ((إذا أديت زكاته فليس بكنز))" فالمال الذي تؤدى زكاته ولو كان مطموراً تحت الأرض فليس بكنز، والمال الذي لا تؤدى زكاته ولو كان ظاهراً على وجه الأرض فإنه في العرف الشرعي والاصطلاح الشرعي كنز، يعذب به يوم القيامة.

"((إذا أديت زكاته فليس بكنز)) رواه أبو داود والدارقطني، وهذا لفظه، والحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه، وقال البيهقي: يتفرد به ثابت بن عجلان، وهذا لا يضر، فإن ثابتاً وثقه ابن معين، وروى له البخاري، والله أعلم" على كلٍ الحديث من حيث الصناعة قد يثبت، وقد يقال: إنه يصل إلى درجة الحسن، ويشهد له ما جاء من حديث عائشة وعبد الله بن عمرو، وهذه من أقوى الأدلة على وجوب الزكاة في الحلي، لكن الخصوم يعني في باب المناظرة يسمونهم خصوم، وإلا ليس هناك خصومة بين أهل العلم، إنما هي مناقشات من أجل الوصول إلى الحق، والشافعي -رحمه الله- يقول: والله لا يهمني أن يكون الحق معي أو مع غيري، المقصود أنه يبين الحق، هذه طريقته.

غيرهم يقول: إن هذه الأحاديث على خلاف الأصل، طيب من يقول بوجوب زكاة الحلي -من خلال هذا الحديث- هل يلغي النصاب أو لا يلغيه؟ يقول بالوجوب إذا بلغت نصاباً أو بالوجوب مطلقاً؟ نعم؟

طالب:.......

يعني يقيده بالأدلة الأخرى، فإذا لم يبلغ النصاب هل فيه زكاة وهو حلي؟ وحديث الباب نصاب أو غير نصاب؟ هو ما يدرى في الحقيقة، لكن ليس فيها بيان أنها بلغت، والغالب أنها لا تبلغ النصاب، لا سيما إذا كان المستعمل يسير، فعموم الأحاديث القائلة بوجوب الزكاة زكاة الحلي معناها أنه بلغ نصاب أو لم يبلغ.

على كل حال المسألة من عضل المسائل، والأدلة فيها متكافئة، والاحتياط إخراج الزكاة، والأصل براءة الذمة، والأصل أيضاً أن المستعمل لا زكاة فيه، وأن ما يقتنيه الإنسان للاستعمال فلا زكاة فيه.

وجاء ما يدل في بعض الأحاديث أن الزكاة بالنسبة للحلي هو الإعارة، كما جاء في قوله: {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [(7) سورة الماعون] يعني توعد على منع الماعون من إعارته، فقد يؤاخذ الإنسان إذا حبس ما يحتاج إليه، وطلب منه، وهو في حال غنى عنه، فمن أهل العلم من يحمل الزكاة المذكورة في هذا الحديث، وما جاء في معناه على الزكاة اللغوية التي تشمل المال والمنفعة، فإذا أعير هذا الحلي فهذه زكاته، وهذا جواب عن هذه الأحاديث، والأحاديث لا شك أن فيها قوة، والقول بموجبها قول له حظ من النظر، ويُفتى به الآن، يعني بعد أن انتشرت هذه الأحاديث، وعرفت في أوساط الناس، ووجد من يتحرر من المذاهب من أهل العلم، قالوا بوجوب زكاة الحلي، وإلا فما كانت الفتوى على هذا، وعلى كل حال الرجال يعرفون بالحق والدليل، والحق لا يعرف بالرجال، فما دام هذه الأدلة فيها قوة فإخراج الزكاة من الحلي له وجه، والإلزام يحتاج إلى أمر أوضح وأصرح من هذه الأدلة مع وجود المعارض.

وعلى كل حال من أخرج الزكاة احتياطاً فله حظ من النظر، ومن قال بوجوبها مستنداً على هذه الأحاديث أيضاً عنده ما يعتمد عليه، ومن عمل بالأصل وأن جميع ما يقتنى ورأى أن هذه الأدلة لا يمكن أن تقاوم الأصل، فله أيضاً نصيبه من النظر، ولا شك أن الاحتياط في إخراج زكاة الحلي.

قال -رحمه الله-: "وعن سمرة بن جندب قال: أما بعد" كأنه خطب خطبة كما هو شأن الخطب أن تبتدئ بالحمد والثناء والصلاة، ثم قال: أما بعد، كسائر الخطب، أو كتب كتاباً ثم قال فيه بعد ذلك: أما بعد، وأما بعد سنة مأثورة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، رواها عنه أكثر من ثلاثين صحابياً في خطبه ومكاتباته.

يقول: "أما بعد: فإن" عرفنا في كتاب الجمعة أن (أما) حرف شرط وتفصيل، و(بعد) قائم مقام الشرط، وجواب الشرط ما بعد الفاء "فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" وذكرنا في ذلك الباب الأقوال الثمانية في أول من قالها لأهل العلم.

جرى الخلف (أما بعد) من كان بادئاً
ويعقوب أيوب الصبور وآدم

 

بها عُد أقوال وداود أقربُ
وقس وسحبان وكعب ويعربُ

فقال بعضهم: إنها فصل الخطاب الذي أوتيه داود -عليه السلام-، ولا تتأدى السنة إلا بهذا اللفظ، ولا تتأدى السنة بإبدال (أما) بالواو كما يتداوله كثير من الناس الآن، ولا تحتاج إلى (ثم) كما يقوله بعض الناس اليوم، تجده يحدث ثم يقول: (ثم أما بعد) ما نحتاج إلى (ثم) إلا إذا احتجت إليها مرة ثانية لتنتقل من أسلوب إلى آخر.

"أما بعد: فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعد للبيع" رواه أبو داود" لكنه حديث ضعيف، فيه أكثر من مجهول.

زكاة عروض التجارة نقل عليها الإجماع، إجماع أهل العلم، ولم يخالف في ذلك إلا الظاهرية، والظاهرية يختلف أهل العلم بالاعتداد في أقوالهم وفاقاً وخلافاً، هل يمكن أن ينقل الإجماع مع خلافهم أو لا ينقل؟ يقول النووي: ولا عبرة بقول داود؛ لأنه لا يرى القياس الذي هو أحد أركان الاجتهاد، الظاهرية لا يرون الزكاة في عروض التجارة؛ لأن أدلتها -ومنها حديث الباب- قد لا تثبت، يعني بالتصريح بها، وأما من العمومات الأخرى من نصوص الكتاب، وصحيح السنة، والقياس، وأيضاً الإجماع الذي ذكره ابن المنذر وغيره تدل على وجوب الزكاة في عروض التجارة، فثبوت الزكاة في عروض التجارة بالكتاب، يقول الإمام البخاري -رحمه الله تعالى-: "باب صدقة الكسب والتجارة"؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [(267) سورة البقرة] قال ابن جرير: أي بتجارة أو صناعة.

ويقول الله -جل وعلا-: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [(103) سورة التوبة] {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [(103) سورة التوبة] عروض التجارة أموال وإلا ليست أموال؟ أموال بلا خلاف، {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [(103) سورة التوبة] فعروض التجارة أموال، فيجب أن يؤخذ منها هذه الصدقة، والمراد بها الزكاة.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ} [(267) سورة البقرة] يعني من تجارة أو صناعة أو غيرهما.

من السنة حديث الباب، لكنه فيه ضعف، ونقل الإجماع على وجوب الزكاة في عروض التجارة ابن المنذر وابن هبيرة وغيرهما، ولم يخالف في ذلك إلا أهل الظاهر، وأهل الظاهر معروف الخلاف في اعتبارهم في الإجماع والخلاف.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "الأئمة الأربعة وسائر الأمة على وجوب الزكاة في عروض التجارة، والقياس يقتضي ذلك فإنها –يعني عروض التجارة- مال نام أشبه بقية الأموال الزكوية" يعني بخلاف ما تقدم، فإن شيخ الإسلام وابن القيم لا يرون الزكاة في الحلي المعد للاستعمال؛ لأنه ليس بمال نام، وإنما هو معد كسائر ما يستعمل من المقتنيات التي اتفق أهل العلم على عدم وجوب الزكاة فيها.

"وروى البيهقي بإسناده عن أحمد بن حنبل قال: حدثنا حفص بن غياث قال: حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: ليس في العروض زكاة إلا ما كان للتجارة" هذا من كلام ابن عمر، وهو صحيح إلى ابن عمر، لكنه موقوف عليه، والعبرة بالعمومات التي ذكرها أهل العلم، وترجم عليها البخاري "باب ما جاء في زكاة الكسب والتجارة".

سم.

قال -رحمه الله-:

باب: زكاة المعدن والركاز

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((العجماء جبار، والبئر جبار، والمعدن جبار، وفي الركاز الخمس)) متفق عليه.

وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن الحارث بن بلال بن الحارث عن أبيه -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخذ من المعادن القبلية صدقة، وأنه أقطع بلال بن الحارث العقيق أجمع، فلما كان عمر بن الخطاب قال لبلال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يقطعك إلا لتعمل، قال: فأقطع عمر بن الخطاب للناس العقيق" رواه البيهقي، وشيخه الحاكم من حديث نَعيم بن حماد.

نُعيم، نُعيم.

من حديث نُعيم بن حماد عن الدراوردي عنه، وقال الحاكم: احتج البخاري بنعيم بن حماد، ومسلم بالدراوردي.

بالدراوردي، الدراوردي.

بالدراوردي، وهذا حديث صحيح ولم يخرجاه، كذا قال، والمشهور ما رواه مالك عن ربيعة عن غير واحد من علمائهم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقطع بلال بن الحارث المزني معادن القبلية، وهي من ناحية الفرع، فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم.

قال الشافعي -رحمه الله-: "ليس هذا مما يَثبُت"...

يُثبِت.

مما يثبت أهل الحديث، ولو أثبتوه لم يكن فيه رواية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا إقطاعه، فأما الزكاة في المعادن دون الخمس فليست مروية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: زكاة المعدن والركاز

المعدن: ما يوجد في الأرض من ذهب وفضة ونحاس ونفط وغيرها مما يستفاد منه، هذه معادن، والركاز ما يوجد مدفوناً في الأرض، وإن كان هذا الركاز المدفون من دفن الجاهلية، فهذا يملكه آخذه بدون تعريف، وعليه أن يخرج منه الخمس، وإن كان عليه علامة مسلمين أو في بلاد مسلمين فإنه لا بد من تعريفه كسائر ما يلتقط.

قال -رحمه الله-: "عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((العجماء جرحها جبار))" العجماء البهيمة، سميت عجماء تشبيهاً لها بالأعاجم الذين لا يتكلمون؛ لأن كلام الأعاجم عند أهل العربية لا يدخل في مسمى الكلام؛ لأن تعريف الكلام عندهم هو اللفظ المركب المفيد بالوضع، بالوضع يعني العربي، وعلى هذا كلام الأعاجم ليس بكلام، لا يدخل في حد الكلام، والكلام الذي لا يفهم وجوده مثل عدمه، فكأنه غير موجود، فسميت عجماء؛ لأنها لا تتكلم، والمراد بذلك الدواب، إذا كسرت شيء أو جرحت أو أتلفت فإن جرحها جبار، هدر؛ لأن على أرباب الأموال حفظ أموالهم، وجاء التحديد بأن على أهل الأموال حفظ أموالهم بالنهار، وعلى أهل الدواب العكس...، على أن أهل الأموال حفظها عليهم بالليل، وعلى أهل الدواب حفظها في النهار كذا؟ نعم؟ أو العكس؟

طالب: العكس.

نعم الدواب الأصل فيها أن تسعى في النهار، هذا إذا كانت بدون قائد، أما إذا كان معها صاحبها فإنه يضمن ما أتلفت؛ لأن عليه أن يكفها عما تتلف، لكن إذا كانت ترعى بمفردها، وأتلفت شيئاً في النهار، فإنه جبار على أهل المواشي أن يحفظوها بالليل، وإن كان الحديث عاماً ((العجماء جرحها جبار)) يعني هدر مطلقاً لا يضمن، لكن جاء ما يدل على أن على أرباب المواشي أن يحفظوها بالليل، وكثير ما يحصل منها الضرر.

كم من حادث في الطرقات حصل بسبب هذه الحيوانات، كم من قائد سيارة في الليل يمشي فاصطدم ببعير مثلاً، الحكم في النهار يختلف عن الحكم بالليل، لكن أحياناً تحصل مسائل معضلة في مثل هذا الباب، تجد صاحب السيارة قد أسرع سرعة لا يملك معها السيارة، فاصطدم بهذا الجمل أو بهذه الناقة لا شك أن عليه كفل مما حصل، وتجد صاحب الدابة أهمل هذه الدابة، فجعلها تتسبب في حوادث السيارات، ومثل هذه الأمور إذا كان صاحب السيارة يمشي بسرعة معتادة، والسيارة ليس فيها شيء من الخلل، المقصود أن مثل هذه الأمور يعتريها ما يقتضي النظر للقاضي؛ لأنه قد يكون السائق احتاط لنفسه، وتفقد السيارة، ومشى السرعة المطلوبة، لكن هذا البعير قطع الطريق فجأة، هذا يضمن صاحب البعير، أما إذا كان صاحب السيارة قد اجتاز الطريق بسرعة أكثر، أو لم يتفقد سيارته، فحصل فيها خلل، أو أراد أن يحرفها فانقلبت به السيارة لضعفها، أو لعدم تكامل متطلباتها، فإن هذا أيضاً عليه كفل من الحادث، وهذه مسائل لا شك أنها بالنسبة للقضاة يحصل عندهم بسببها إشكالات كبيرة.

فكونها جرحها جبار ليس بمطلق، لكنها في الأصل ليست من أهل التكليف، فعلى الإنسان أن يحتاط لنفسه من هذه الدواب، يعني شخص يمشي بين رعية من الإبل، يمشي، فخبطته إحدى هذه الدواب فوقصته فمات جبار، هدر، هو الذي عرض نفسه لها، فلا شك أن هناك من الصور ما يخرج عن هذا الحديث.

((والبئر جبار)) شخص حفر بئراً يستقي منها الناس، فجاء شخص فوقع فيها، هذا هدر، لكن لو أن صاحب البئر الذي حفر غطاها بغطاء لا يمنع من السقوط فيها، ولا يعرف أنها بئر، جاء بلوح رقيق ووضعه فوقها، ووضع فوقه التراب، ثم جاء واحد وسقط يضمن وإلا ما يضمن؟ يضمن؛ لأنه هو الذي غره وغشه بهذا.

ذكر الشاطبي -رحمه الله- في الموافقات أن اثنين ممن يدعون وصول الغاية في التوكل يمشيان في طريق فوقعا في بئر، ومن توكلهم على حد زعمهم أن الناس يمرون بهم ولا يطلبون منهم إخراجهم، حتى جاء قوم قالوا: إن هذه البئر في طريق الناس، فلو طممناها -يعني سقفناها-، وهما يسمعان تحت، فسكتا حتى طمت عليهم البئر وماتا فيها، يعني هل هذا من التوكل؟ ليس هذا من التوكل، هذا من التفريط، فعل السبب لا ينافي التوكل.

((البئر جبار)) عرفنا أنه إذا كانت ليس في طريق فيه شيء من الغرة، أما إذا وجد فيه شيء من الغرة، مثلما قلنا: لو وضع عليها لوح رقيق، وذر عليه شيء من التراب بحيث يتورط من يمشي عليها فيسقط، هذا يضمن بلا شك.

((البئر جبار)) إذا كانت واضحة للناس، يستقون منها، ويعرفون مكانها، لكن لو جاء أعمى ويمشي وسقط في بئر، يضمن وإلا ما يضمن؟ إذا حفرها إنسان متبرعاً بها لسقي الناس، وعرفها الناس، وصاروا يستقون بها، ويردون عليها انتهى، انتهت مسئوليته، فمن يقع فيها حينئذٍ جبار، لكن لو جاء أعمى فسقط فيها، هل نقول: يضمن صاحب البئر أو نقول: إن الأعمى مفرط؟

طالب: الأعمى مفرط.

يعني الأصل أن الأعمى يتخذ قائد، أو يتخذ عصى يستعين بها لمعرفة ما أمامه، لكنه إذا فرط فيضمن، فلا ضمان له، فهو هدر حينئذٍ.

((والمعدن جبار)) يعني الذي يسقط فيه؛ لأنه يحفر كالبئر، ويستخرج ما فيه جبار.

((وفي الركاز الخمس)) في الركاز: ما يوجد من دفن الجاهلية فيه الخمس، طيب لماذا الخمس والأموال تتفاوت؟ العشر، نصف العشر، ربع العشر، وهنا الخمس أشد؛ لأن حصوله ليس فيه أدنى كلفة، يعني المعشرات الخارج من الأرض إذا كان يسقى بماء السماء فيه العشر، لكن صاحبه ينتظره لمدة عام، ويتعب عليه من جهات أخرى بالحرث والذر، وتعديل الماء، وما أشبه ذلك، فيه أتعاب، لكن الركاز؟ حفر حفرة في دقائق، واستخرج هذا الركاز، هذا ليس فيه تعب، فضوعف فيه المأخوذ، وإن لم يكن زكاة، إنما فيه الخمس، ومصرفه مصرف الفيء.

طالب:......

في المصالح العامة، نعم؟

طالب:.......

ويش هو؟

طالب:......

يُعرّف، يعرف إذا كان عليه علامة مسلم يعرف.

طالب: حديث ابن عباس.

المقصود أنه يعرف ما جاء أحد، تعريفه ما يضره.

قال -رحمه الله-: "وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن الحارث بن بلال بن الحارث عن أبيه -بلال بن الحارث -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أخذ من المعادن القبلية الصدقة، وأنه أقطع بلال بن الحارث العقيق أجمع" الحديث مضعف عند أهل العلم، وفيه انقطاع، والصواب فيه ما سيأتي، ما رواه مالك عن ربيعة عن غير واحد من علمائهم، هذا فيه انقطاع غير واحد من علمائهم، قال: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أخذ من المعادن القبلية الصدقة، وأنه أقطع بلال بن الحارث العقيق أجمع، فلما كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال لبلال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يقطعك إلا لتعمل، قال: فأقطع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- للناس العقيق" الإقطاع: وهي أن ولي الأمر يهب ويعطي بعض الناس ما يختص به دون غيره من الأراضي الموات، فهل يتم الملك بمجرد الإقطاع، أو يكون هذا ليس بتمليك، وإنما هو مجرد اختصاص؟ فإن تم الإحياء ملك وإلا فلا؟

قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لبلال: "إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يقطعك إلا لتعمل، قال: فأقطع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- للناس العقيق" يعني الإقطاع ما زال جارٍ، لكن هل يفيد التمليك أو يفيد الاختصاص؟

طالب: الاختصاص.

أولاً: الخبر -خبر الباب- ضعيف، يعني لا يستدل به على أن الإقطاع لا يفيد التمليك، وأنه مجرد اختصاص كما صنع عمر -رضي الله عنه-، الخبر ضعيف، فنرجع إلى الأصل، ولي الأمر –السلطان- إذا أعطى يعطي تمليكاً أو اختصاصاً؟ هو إذا أعطى مال فلا شك أنه تمليك، وإذا أعطى أرضاً مواتاً وجاء في الخبر: ((من أحيا أرضاً ميتة فهي له)) فبالإحياء يملك، ولو لم يقطعه، إذا سبق إلى أرض مباحة ليست لأحد ثم أحياها ملكها بالنص، أما إذا أقطعها ولم يقم بإحيائها، إن أقطعها فأحياها فلا إشكال، وإن أقطعها ثم تحجرها ولم يحيها فهذا محل خلاف بين أهل العلم، ومن يقول بأنه ملك يقول: كما يعطيه السلطان من سائر الأموال، وإذا أعطى السلطان من غير تطلع ولا استشراف جاء الأمر بأخذ عطية السلطان، في صحيح مسلم دون أن يستشرف المسلم لمثل هذه الأعطيات، الاستشراف مكروه، وفي صحيح مسلم: ((أما إذا كان ثمناً لدينك فلا)) يعني إذا أعطيت شيء ومن وراء هذه العطية أهداف بأن تتنازل عن شيء في مقابل هذه العطية فلا.

نأتي إلى حديث الباب: "فلما كان عمر بن الخطاب قال لبلال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يقطعك إلا لتعمل" هذا قد يستند إليه ويعتمد عليه من يرى أن الإقطاع مجرد اختصاص، ولا يملك إلا بالإحياء، والذي يقول: إن المقطع يملك بمجرد الإقطاع، وأن ولي الأمر له أن يتصرف في الأراضي الموات حسب المصلحة، حسب ما تقتضيه المصلحة، فإنه يملكه كسائر الأموال، يعني لو أعطاك مبلغ من المال من بيت المال من غير نظر ولا استشراف تملك هذا المال وتتصرف فيه كيفما شئت.

"لم يقطعك إلا لتعمل قال: فأقطع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- للناس العقيق" أخذه من بلال ووزعه على الناس.

"رواه البيهقي وشيخه الحاكم، من حديث نُعيم بن حماد عن الدراوردي عنه، قال الحاكم: احتج البخاري بنعيم بن حماد" لكن لم يحتج به على سبيل الاستقلال، وعلى سبيل الاحتجاج، إنما خرج له في الشواهد، "ومسلم بالدراوردي" نعم خرج الإمام مسلم للدراوردي، وقال: "هذا حديث صحيح ولم يخرجاه" يعني البخاري ومسلم "كذا قال" وإذا قيل من قبل أهل العلم: كذا قال، فهذا دلالة على عدم الاقتناع بما قال، "والمشهور ما رواه مالك عن ربيعة عن غير واحد من علمائهم" ما رواه مالك في الموطأ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، الذي من طريقه يروى هذا الخبر "عن غير واحد من علمائهم" ربيعة ما أدرك إلا أنس بن مالك، فهل يكون غير واحد من علمائهم من الصحابة أو من التابعين؟ من التابعين، قد يقول قائل: إن غير واحد ومن العلماء لا تضر جهالتهم؛ لأنهم جمع من أهل العلم، يجبر بعضهم بعضاً، ولو لم تعرف أسماؤهم، وهذه طريقة لبعض أهل العلم، التوثيق بالكثرة مع الجهالة، يعني أفرادهم مجاهيل لا تعرف أعيانهم، لكن بمجموعهم ووصفهم بأنهم من أهل العلم يكفي هذا، كما روى ابن عدي عن عدة من شيوخه قصة البخاري في قلب الأحاديث، يقول أهل العلم: ابن عدي ثقة، ويروي عن عدة من شيوخه، لم يسمهم، لكن بمجموعهم تنجبر هذه الجهالة، جهالة الأفراد تنجبر بالمجموع بالعدة، فبعضهم يجبر بعضاً.

وهنا يقول: "عن غير واحد من علمائهم" ويبقى أنهم مجموعة من التابعين، من علماء التابعين، فيكون الخبر حينئذٍ مرسلاً "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقطع لبلال بن الحارث المزني معادن القبلية، وهي ناحية الفرع، فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم" يعني لا يؤخذ منها أجرة على الأرض، أو مزارعة، أو مخابرة، أو مساقاة، إنما يؤخذ منها الزكاة، فكأنهم ملكوا هذه الأرض، وصارت ملكاً لهم، لكن يبقى أن الخبر مرسل، والمرسل من قبيل الضعيف عند الجمهور.

واحتج مالك كذا النعمانُ

 

به وتابعوهما ودانوا

مالك يذكر مثل هذا للاحتجاج به؛ لأنه يعمل بالمرسل.

واحتج مالك كذا النعمانُ
ورده جماهر النقادُ

 

به وتابعوهما ودانوا
للجهل بالساقط في الإسنادِ

هنا فيه سقط، هؤلاء المجموعة من العلماء لا يدرى من رووا عنه هذا الخبر.

"قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: ليس هذا مما يثبت أهل الحديث" مالك ما عنده مشكلة في مثل هذا؛ لأنه يعمل بالمراسيل، والمراسيل عنده حجة، وكذلك عند أبي حنيفة.

الشافعي لا يحتج بالمراسيل إلا بالشروط التي ذكرها، أربعة شروط: منها ما يتعلق بالمرسِل، ومنها ما يتعلق بالمرسَل، وفصلها الإمام الشافعي في رسالته، وأما من جاء بعده من بعد الشافعي فإنهم كلهم لا يحتجون بالمراسيل.

"قال الشافعي -رحمه الله تعالى-: ليس هذا مما يثبت أهل الحديث، ولو أثبتوه لم يكن فيه رواية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا إقطاعه، فأما الزكاة في المعادن دون الخمس فليست مروية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه.

"أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقطع لبلال بن الحارث المزني معادن القبلية" انتهى المرفوع المضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- انتهى "وهي من ناحية الفرع" هذا تحديد لموقعها ليس من الخبر، ليس مما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكذلك قوله: "فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم" لا يمكن نسبة هذا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، فالمرفوع منه قوله: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أقطع لبلال بن الحارث المزني معادن القبلية" هذا المرفوع وهو الذي تلزم به الحجة، وأما ما عداه فليس فيه ما يدل على رفعه، ولذا قال الشافعي: "ولو أثبتوه" يعني لو كان صحيح الخبر "لم يكن فيه رواية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا إقطاعه" فأما الزكاة "لا يؤخذ منها إلا الزكاة دون الخمس" فليست مروية عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما هو واضح من السياق.

سم.

قال -رحمه الله-:

باب: صدقة الفطر

عن ابن عمرٍ

عمرَ

عن ابن عمرَ -رضي الله عنهما- قال: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-...

الآن عمر مصروف وإلا ممنوع من الصرف؟

طالب: ممنوع من الصرف.

لماذا؟

طالب: العلمية.

العلمية والعدل، معدول عن عامر يقولون، لكن الذي يرى أنه مأخوذ من جمع عمرة، عمر، هاه؟

طالب: يصرفه.

يصرفه، على هذا أنت.... نعم.

قال -رحمه الله-: "عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير" أحياناً يكون للصرف وعدمه لكل منهما وجه، مثل حسان وعفان وحمران وأبان، ابن مالك يرى أن أبان مصروف، وغيره يقول: من صرف أبان فهو أتان، فيعني تقتدي بإمام ولك وجه تكون النون أصلية ليست مزيدة مع الألف فيكون مصروفاً، ثم بعد ذلك تواجه بمثل هذا الكلام هذا فيه، فيه صعوبة، نعم؟

نعم.

قال: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة، متفق عليه، وهذا لفظ البخاري، وفي لفظ آخر: فعدل الناس به نصف صاع من بر.

وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: كنا نعطيها في زمان النبي -صلى الله عليه وسلم- صاعاً من طعام، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من زبيب، فلما جاء معاوية، وجاءت السمراء قال: أرى مداً من هذا يعدل مدين، متفق عليه، واللفظ للبخاري، وفي لفظ: أو صاعاً من أقط، وقال أبو داود: حدثنا حامد بن يحيى حدثنا سفيان قال: حدثنا مسدد حدثنا يحيى...

قال: حدثنا، قال: حدثنا، كلها قال: حدثنا.

قال: حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن ابن عجلان سمع عياضاً قال: سمعت أبا سعيد الخدري -رضي الله عنه- يقول: لا أخرج أبداً إلا صاعاً، إنا كنا نخرج على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صاع تمر أو شعير أو أقط أو زبيب، هذا حديث يحيى، زاد سفيان بن عيينة فيه: أو صاعاً من دقيق، قال حامد: فأنكروا عليه، فتركه سفيان، قال أبو داود: فهذه الزيادة وهم من ابن عيينة، وقال النسائي: لا أعلم أحداً قال في هذا الحديث دقيق غير سفيان بن عيينة، قال البيهقي: ورواه جماعة عن ابن عجلان، منهم حاتم بن إسماعيل، ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح، ويحيى القطان، وأبو خالد الأحمر، وحماد بن مسعدة وغيرهم، فلم يذكر أحد منهم الدقيق غير سفيان، وقد أنكروا عليه فتركه.

أُنكر.

وقد أنكروا عليه فتركه.

أو أنكر عليه...

وعن أبي يزيد الخولاني عن سيار بن عبد الرحمن عن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات، رواه أبو داود، وابن ماجه والحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه، وليس كما قال، فإن سياراً وأبا يزيد لم يخرج لهما الشيخان، وأبو يزيد الخولاني هو الصغير، قال فيه مروان بن محمد: كان شيخ صدق.

كان شيخَ صدقٍ.

كان شيخ صدق، وسيار قال أبو زرعة: لا بأس به، وقال أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الدراقطني: رواة هذا الحديث ليس فيهم مجروح، وقال أبو محمد المقدسي: هذا إسناد حسن، والله سبحانه أعلم.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: صدقة الفطر

يعني ما تقدم في صدقة الأموال، في صدقات وزكوات الأموال، وما في هذا الباب صدقة لكنها لا تتعلق بالأموال، إنما تتعلق بالبدن، وسببها الفطر من رمضان، سببها الفطر من إضافة المسبب إلى سببه، فهذه الصدقة إنما تلزم بإكمال العدة بغروب الشمس من آخر يوم من رمضان، هذا وقت وجوبها، فمن مات قبل غروب الشمس من آخر يوم من رمضان لا تلزمه صدقة فطر، ومن غابت عليه الشمس، وأكمل العدة فإنها تلزمه.

"عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير" جاء في الرواية الأخرى: "صاعاً من طعام، أو صاعاً من زبيب، أو صاعاً من أقط" تنصيص على هذه الخمسة؛ لأنها الغالب فيما يقتات في ذلك الزمان، والطعام يدخل فيه كل مطعوم يقتات في أي بلد من البلدان، كما جاء في كفارة اليمين {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [(89) سورة المائدة] وإلا فما الفائدة أن نعطي شعير وهو لا يؤكل؟ وهي طعمة للمساكين، أغنوهم عن السؤال في ذلك اليوم، تعطيهم صاع من شعير وهم لا يأكلونه، إنما المقصود فيما يقتات.

"صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير، من المسلمين" الزكاة، زكاة الأموال إنما تجب على من عنده مال، الآن العبد ما عنده مال تجب، لكنها تجب على سيده، وإذا قلنا: إن العبد يملك فإنها تجب في ماله، والجمهور على أنه لا يملك ولو مُلك.

"على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير، من المسلمين" فتجب على الغني والفقير، لكن شريطة أن يجدها زائدة عن قوت يومه وليلته "على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير، من المسلمين" فزكاة الفطر تزكية، طهرة للصائم، وطعمه للمساكين، والكافر ليس أهلاً للتطهير، ولا للتزكية، فلا تجب عليه، وإذا كانت تجب طهرة للصائم، فكيف تجب على الصغير الذي لا يلزمه الصيام؟ هذا خرج مخرج الغالب، والمسلمون حكمهم واحد، وكلهم بحاجة إلى التزكية والتطهير.

"وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة" هذا أفضل الأوقات لإخراج زكاة الفطر بعد أن يخرج، يخرجها معه إذا أراد أن يصلي بعد صلاة الصبح، وأراد أن يذهب إلى صلاة العيد يوزعها في ذلك الوقت، ولو قدمها في ليلة العيد فلا مانع، وجاء عن الصحابة ما يدل على تقديمها قبل العيد بيوم أو يومين لا أكثر؛ لأن المراد بها إغناء الفقراء في ذلك اليوم، فلو قدمت لهم أكثر من هذا الوقت لأكلوها قبل ذلك اليوم، ثم احتاجوا إلى ما يغنيهم في ذلك اليوم.

"وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة" أما إذا أخرها عن الصلاة فإنها حينئذٍ تكون صدقة من الصدقات على ما سيأتي، ولا تكون زكاة فطر، ولا تترتب عليها آثارها، تكون تزكية للنفس وتكميلاً وتزكية للصيام الذي حصل فيه شيء من اللغو والرفث على ما سيأتي.

"وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة" الآن هذا شخص خرج بزكاة الفطر بكيس فيه عشرة آصع مربوط، ولما أراد أن يسلمها لأهل بيت فقراء، أراد أن ينزلها من السيارة انحل الرباط، وانكبت في الأرض، فأخذ يجمعها إن استمر في جمعها فاتته الصلاة، وهو يبحث عن أفضل الأوقات، انحل الوكاء فانكبت، إن ذهب يشتري غيرها قد لا يجد؛ لأن الناس يتجهون إلى المصلى، وإن أخذها يجمعها فاتت الصلاة، في تأخيرها بعد الصلاة في مثل هذه الصورة يؤثر وإلا ما يؤثر؟ هذا أمر مما يملكه ابن آدم وإلا ما..؟ هل يكلف في مثل هذا؟ نعم؟ هذا خارج عن إرادته هذا، نعم؟

طالب:......

طيب هل يمكن أن يقول للمساكين للفقير الذي يريد استلامها له ولأهل بيته استلموها من الأرض؟ يا إخوان مسائل واقعة هذه، ويحصل فيها شيء من الحرج، نقول: الآن، هذا الحاصل زكاتي زكاة فطر وإلا صدقة من الصدقات؟

طالب:......

هو ذهب بها معه، وفي طريقه إلى المصلى يبحث عن أفضل الأوقات "وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة" يعني صلى الفجر وذهب يؤديها، فانحل الوكاء وانكبت، ما وجد من يشتري منه، أو ليس معه ما يشتري به، وإن أخذ يجمعها فاتته الصلاة، أو لم يستطع جمعها حتى تنتهي الصلاة، هاه؟

طالب:.......

اتقوا الله ما استطعتم، نقول: هذا قصد وله ما قصد، ولن يحرمه الله -جل وعلا- ما قصد.

"وفي لفظ آخر: فعدل الناس به نصف صاع من بر".

"وعن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: كنا نعطيها في زمان النبي -صلى الله عليه وسلم- صاعاً من طعام، أو صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، أو صاعاً من زبيب، فلما جاء معاوية وجاءت السمراء" الحنطة، حنطة الشام "قال: أرى مداً من هذا يعدل مدين، متفق عليه، واللفظ للبخاري".

إن كان يعدل في القيمة فالقيمة لا أثر لها؛ لأن بعض الأنواع أضعاف بعض الأنواع في القيمة، وإن كان يعدلها في قيمة الغذاء فهذا أيضاً لا قيمة له؛ لأن بعض الأنواع المذكورة أفضل منها في الغذاء كالتمر مثلاً.

"أرى مداً من هذا يعدل مدين" وعلى كل حال هذا اجتهاد من معاوية -رضي الله عنه-، وخولف في اجتهاده، وافقه من وافقه، وخالفه من خالفه، والأصل ما كان يدفع في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، والسمراء التي جاءت في عهد معاوية هي داخلة في قوله: "صاعاً من طعام" فلا يجوز دفع أقل من الصاع لا من السمراء ولا من غيرها، ومعاوية -رضي الله عنه وأرضاه- اجتهد، وله أجر اجتهاده، لكن الصواب في قول غيره.

"متفق عليه، واللفظ للبخاري، وفي لفظ: أو صاعاً من أقط، وقال أبو داود: حدثنا حامد بن يحيى قال: حدثنا سفيان، قال: وحدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى عن ابن عجلان سمع عياضاً، قال: سمعت أبا سعيد الخدري -رضي الله عنه- يقول: لا أخرج أبداً إلا صاعاً، إنا كنا نخرج على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صاع تمر، أو شعير، أو أقط، أو زبيب" يعني لا أقلل مما كنت أخرجه على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم-، يعني الناس مع طول العهد قد يتنازلون عن بعض الأمور، لكن العبرة بما كان في عهده -عليه الصلاة والسلام-.

"لا أخرج أبداً إلا صاعاً، إنا كنا نخرج على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" هذا هو تمام الاتباع، بل هذا هو الاتباع بعينه، والنقص من ذلك نقص بالاتباع، ولو اجتهد من اجتهد، ولو كان هذا المجتهد ممن تبرأ الذمة بتقليده، ولو كان ولياً من أولياء الأمور، إذا كان فعله يخالف ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن معاوية هو ولي الأمر، وهو إمام المسلمين، وعدل الصاع مما ذكر بنصف صاع بمدين من السمراء، ومع ذلك خالفه أبو سعيد والحق معه؛ لأن العبرة بما كان على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولا عبرة بقول من خالفه كائناً من كان.

"هذا حديث يحيى، زاد سفيان بن عيينة فيه: أو صاعاً من دقيق" الدقيق ليس بمحفوظ، بل هو لفظ منكر شاذ تفرد به سفيان "قال حامد: فأنكروا عليه، فتركه سفيان" لما خالفه الناس تركه بعد أن ضبط عنه، وحدث به عنه، ثم بعد ذلك تركه.

"قال أبو داود: فهذه الزيادة وهم من ابن عيينة" طيب ابن عيينة إمام حافظ حجة، مجمع على توثيقه وعدالته وضبطه وحفظه وإتقانه، كيف يأتي بهذه الزيادة، وتكون وهماً من حديثه، ويخالف بها حديث الناس؟ نقول: من الذي يعرى أو يعرو من الخطأ والنسيان كما قال الإمام أحمد؟ لا بد أن يقع الخطأ، لا بد أن يقع الخلل، مهما كان الراوي في الحفظ والضبط والإتقان؛ لأنه ليس بمعصوم.

"قال أبو داود: فهذه الزيادة وهم من ابن عيينة، وقال النسائي: لا أعلم أحداً قال في هذا الحديث دقيق غير ابن عيينة، قال البيهقي: ورواه جماعة عن ابن عجلان، منهم حاتم بن إسماعيل، ومن ذلك الوجه أخرجه مسلم في الصحيح ويحيى القطان، وأبو خالد الأحمر، وحماد بن مسعدة وغيرهم، فلم يذكر أحد منهم: الدقيق غير سفيان، وقد أنكروا عليه فتركه" نعم هكذا يجب على المحدث إذا بان له الخطأ أن يرجع، أما إذا بان له الخطأ وأصر وعاند على خطئه فإنه يجرح بهذا الخطأ، أما إذا بان له الخطأ ثم تركه فإن هذا لا يؤثر فيه مثل هذا الخطأ.

يعني بعض الناس يعمد إلى نوع رخيص، وبعضهم يعمد إلى نوع غالي، أما إذا كان خبيثاً رديئاً فهو داخل في قوله: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ} [(267) سورة البقرة] أما إذا كان نوع أقل جودة من الأعلى، وهو مما يأكله أوساط الناس فلا بأس به، وكل على حسب ما تطيب به نفسه، وتجود به لربه.

قال -رحمه الله-: "وعن أبي يزيد الخولاني عن سيار بن عبد الرحمن عن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر" فرض، فرض أوجب أو قدر؟ {قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [(14-15) سورة الأعلى] قالوا: تزكى زكاة الفطر، نعم زكاة الفطر، وهنا: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" هل نقول: إن المراد بفرض أوجب، أو نقول: فرض قدر؟ أو نقول: فرض أوجب وقدر؟ التقدير حاصل من النبي -عليه الصلاة والسلام-، التقدير بالصاع حاصل من النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفرض زكاة الفطر وإن كانت الإشارة إليه بالقرآن إلا أنه ليس بصريح في الفرضية، {قَدْ أَفْلَحَ} [(14) سورة الأعلى] لا يدل على الوجوب، لكن الوجوب إنما يؤخذ من السنة، هذه مسألة، فالفرض هنا بمعنى الإيجاب والتقدير، وإن كان يرد عليه ما يرد على استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى، يعني فرضت الصلاة ركعتين ركعتين، الجمهور يقولون: قدرت، والحنفية يقولون: أوجبت؛ لأن القصر عندهم واجب، هنا نقول: فرض رسول الله، هل نقول: أوجب أو قدر أو هما معاً؟ لأن الوجوب عرف بالسنة، والتقدير أيضاً عرف بالسنة، لكن هل يؤخذ الفرض الذي هو بمعنى الوجوب وبمعنى التقدير من لفظ واحد، أو من نصوص متعددة؟ يعني لو لم يكن عندنا إلا هذا الحديث: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر صاعاً من تمر" يعني هذا فيه تقدير، فنقول: قدر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفي النص الثاني: "فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهرة للصائم" نقول هنا: المراد به الإيجاب، طيب الإيجاب الفرض والواجب معناهما واحد وإلا يختلف معناهما؟

طالب:.......

فرض يعني أوجب، هناك فرض صاعاً يعني قدر، وهنا فرض زكاة الفطر طهرة، يعني أوجب زكاة الفطر طهرة للصائم، يعني أوجبها، الفرض والواجب ما الفرق بينهما؟ نعم؟

طالب:.......

واحد؟ ما في فرق؟

طالب:.......

عند الجمهور ما في فرق، عند الحنفية يفرقون بين الفرض والواجب، فالواجب عندهم ما ثبت بدليل ظني، والفرض ما ثبت بدليل قطعي، طيب زكاة الفطر وجبت بدليل ظني أو قطعي؟ على اصطلاحهم؟

طالب: قطعي.

ليش قطعي؟ عندهم قطعي؟

طالب:.......

لا تنظر إلى اللفظ الشرعي، انظر إلى الاصطلاح، مجرد عن اللفظ الشرعي، نعم زكاة الفطر عندهم ثبتت بدليل ظني، يعني كغيرهم، يعني لم تثبت بالقرآن أو بمتواتر السنة، فهي ثبتت بدليل ظني، على هذا زكاة الفطر عند الحنفية فرض وإلا واجب؟ على اصطلاحهم؟

طالب: واجب.

واجب، ويعرفون أن الصحابي يقول: فرض رسول الله، ولا ينكرون هذا الخبر، ولا ما جاء في معناه، ويقولون: زكاة الفطر واجبة؛ لأنها ثبتت بدليل ظني، طيب الصحابي وهو أعرف بالأساليب الشرعية والمدلولات اللغوية يقول: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأنتم تقولون: لا، ليست بفرض، وإنما واجبة، يستدل الحنفية على وجوب صلاة العيد بقوله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(2) سورة الكوثر] ثبت دليل قطعي، لكنهم يقولون: واجبة، وليست بفريضة، لماذا؟

طالب:.......

نعم الدلالة ظنية وليست بقطعية، الدلالة ظنية فصلاة العيد واجبة وليست بفرض، وهنا زكاة الفطر واجبة وليست بفرض عندهم؛ لأنها ثبتت بدليل ظني، والصحابي يقول: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يعني أوجب، الذي لا يفرق بين الفرض والواجب لا يرد عليه مثل هذا الإشكال، لكن الذين يفرقون ويقولون: إن زكاة الفطر واجبة وليست بفريضة، والصحابي يقول: فرض، لا شك أن مثل هذا الحديث وارد على اصطلاحهم.

"فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طهرة للصائم" الحكمة والعلة من شرعية زكاة الفطر أنها تطهر الصائم من اللغو والرفث، الصائم الذي يصوم مدة تصل إلى خمس عشرة ساعة، لا بد أن يعتريه ما يعتريه في أثناء هذه المدة من نطقه أو بعض أفعاله أو تصرفاته من المخالفات فهذه تطهره "من اللغو" الكلام الغير مرضي "والرفث" الفاحش من القول، لا سيما ما يتعلق بالنساء.

"من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين" فالعلة مركبة من أمرين: طهرة للصائم، وطعمة للمساكين، طيب قد يقول قائل: أنا حفظت صيامي من غروب الشمس من آخر يوم من شعبان من دخول الشهر إلى خروجه لا لغو ولا رفث، هل يلزمني زكاة فطر؟ نقول: نعم، العلة مركبة من أمرين: إن سلمت من أحدهما لم تسلم من الآخر "طعمة للمساكين" يقول: حفظت صيامي من أول لحظة دخل فيها الشهر إلى آخر لحظة، وبلدي لا يوجد فيه مساكين، تجب عليه زكاة الفطر وإلا ما تجب؟ الآن علة منصوصة، والعلماء يقولون: إن العلل المنصوصة يدور معها الحكم وجوداً وعدماً، إذا قال: بلدي لا يوجد فيه مساكين، قلنا: عندك لغو ورفث، بعض العلة، إذا قال: ما عندي لغو ولا رفث، قلنا: عندك مساكين في سائر أقطار الأرض، يعني إن لم تجد المساكين في بلدك، والأصل في زكاة الفطر أن تكون في البلد الذي فيه البدن، ولا يجوز نقلها عنه إلا إذا لم يوجد فيه مساكين هذا أمر ثاني.

"وطعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات" يعني يقضيها قضاءً، وبعضها يراها أداء في يوم العيد، لكن هذا الحديث جعل الحد الفاصل الصلاة، فما كان قبل الصلاة له حكم، وما كان بعد الصلاة له حكم.

"ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات" رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجاه" نعم البخاري خرج لعكرمة عن ابن عباس، لكنه لم يخرج لسيار وأبي يزيد، فكلام الحاكم ليس بصحيح.

قال المؤلف: "وليس كما قال، فإن سياراً وأبا يزيد لم يخرج لهما الشيخان، وأبو يزيد الخولاني وهو الصغير، قال فيه مروان بن محمد: كان شيخ صدق" يعني مقبول، ليس فيه طعن ينزل حديثه عن درجة القبول "وسيار قال أبو زرعة: لا بأس به، وقال أبو حاتم: شيخ، وذكره ابن حبان في الثقات" على كل حال حديثهما ممن يحسن، فالحديث حسن.

"وقال الدراقطني في رواة هذا الحديث: ليس فيهم مجروح، وقال أبو محمد المقدسي: هذا إسناد حسن، والله أعلم" وهو كما قال، والله أعلم.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

"
يقول المفسرون: تقدير الكلام كذا، عند شرح الآية، أو يقولون: هناك كلام محذوف تقديره كذا، ألا يكون ذلك من القول على الله بما لم يقله؟

أحياناً السياق يتطلب ذلك، السياق لا بد فيه من تقدير، ولا يستقيم الكلام إلا بتقدير {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ} [(106) سورة آل عمران] نعم؟
طالب:.......
لا، في آية آل عمران {أَكْفَرْتُم} [(106) سورة آل عمران] {فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم} [(106) سورة آل عمران] إيش معنى كفرتم؟ لا بد أن يقال: في الكلام حذف، تقديره: فيقال لهم: أكفرتم؟ ونكتفي بهذا، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

يقول: حلي المرأة المستعمل هل فيه زكاة؟

هو موضوع هذا الدرس، وقلنا: إن الإخراج يكون من باب الاحتياط.

يقول: هل يجوز تشقير الحواجب للنساء؟ وهل هو من النمص المنهي عنه؟

هو ليس بنمص، لكن إذا سبغ بلون البشرة بحيث يقول من رأى هذه المرأة: إنها نامصة، ولا شعر في وجهها هذا له حكم النمص.

امرأة احترق شعرها، وتشوهت خلقتها، هل لها أن تصل شعرها؟ وهل هذا تغيير؟

نعم، لا يجوز لها أن تصل شعرها، لكن إذا أجرت عمليات تجميلية وزرع شعر، وما أشبه ذلك هذا له حكمه.

يقول: رجل صلى الفجر ثم رجع لصلاة الركعتين حسبما يقول للاستخارة.

يعني صلاها بعد صلاة الفجر، وما بعد صلاة الفجر وقت نهي، والاستخارة وقتها موسع، ينتظر إلى أن تطلع الشمس، على كل حال هو فعل، وبعضهم يرى ممن يتوسع بذوات الأسباب، وأنها تفعل في أوقات النهي يرى أن مثل هذا لا شيء فيه، هو في الحقيقة أمر مشكل جداً، ينتظر حتى يخرج وقت النهي.
المقصود ما هو بهذا السؤال.

يقول: فبعد أن انتهيت من الركعة الأولى انضم إلي رجل فما أدري ما أفعل؟

جاء رجل فاتته الصلاة، ورأى هذا يصلي فظن أنه يصلي الفريضة، أو يصلي النافلة التي فاتته، فانضم إليه.
فلم أدر ما أفعل، ثم انضم آخر -صارت جماعة- فحولت نيتي إلى الإمام، وجهرت في الثانية، فما أدري عن هذا الفعل؟
لا شك أن هذا على قول من يقول بصحة صلاة المفترض خلف المتنفل أن هذا لا إشكال فيه، تصح صلاتك وصلاتهم، أنت متنفل، ثم بعد ذلك إذا سلمت تدعو بدعاء الاستخارة.

يقول: إذا أوجبنا الزكاة على عروض التجارة، ومن ثم أوجبناها على صاحب التجارة إذا حال الحول على أرباحه، ألم نأخذ الزكاة من ماله مرتين؟

إذا حال الحول على أصل المال فتؤخذ الزكاة على الأصل، وعلى الربح معاً، فربح التجارة ونتاج السائمة حولهما حول أصلهما.

ماذا على من صلى أربع ركعات دون جلوس أوسط نهاراً، قاصداً أو ناسياً؟

جاء في الحديث: ((صلاة الليل مثنى مثنى)) فلا تجوز الزيادة على الركعتين في التطوع بالليل إلا في الوتر له أن يوتر بثلاث، وله أن يوتر بخمس، وله أن يوتر بسبع، وله أن يوتر بتسع بسلام واحد، جاء في الحديث في بعض رواياته: ((صلاة الليل والنهار مثنى مثنى)) لكن الزيادة: ((والنهار)) لا يثبتها كثير من أهل العلم، وحينئذٍ فلا مانع من أن يتطوع بالنهار بأكثر من ركعتين بأربع بسلام واحد، وجاء ما يدل على ذلك في الأربع التي قبل صلاة العصر.

يقول: يكثر في هذه الأيام دعوات ترسل بالجوال، هل هذا الدعاء يدخل في الدعاء لأخيه بظهر الغيب؟

لا، إذا أخبره برسالة الجوال ما صارت ظهر الغيب، نعم إذا أخبره بالرسالة أو بمكاتبه، أو قال له في وجهه هذا ليس بظهر الغيب، إنما يدعو له بغيبته، ولا يخبره بذلك، ولا يكتب له بذلك، هذا ظهر الغيب.

وهل إذا كانت الرسالة مبدوءة بالسلام يجب رد السلام شفهياً، أو برسالة؟

كالمكتوب، إذا جاءك الخطاب من أحد وفيه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تقول: وعليكم السلام ورحمة وبركاته، ولا يلزم أن ترسل له.