جاء في وصف شريح –رحمه الله- أنه إذا أحرم كان كالحية الصماء لا يتكلم، بل مجرد تسبيح وذكر وتهليل وتلاوة وقيام. فهل يقال: إن شريحًا في هذه الصفة، يُمدح أكثر من غيره ممن يبرز للناس وينفعهم إما ببدنه، وهذا موجود -ولله الحمد- بكثرة في الشباب، أو بعلمه وهذا موجود -ولله الحمد- في الشيوخ؟، نقول: إن النفع المتعدي أفضل من النفع القاصر. فكونه يبرز للناس، ويتصدى لإفتائهم ونفعهم، ويصدرون عن رأيه في هذا الباب، كعطاء –رحمه الله- وغيره من سادات الأمة من الصحابة والتابعين والأئمة إلى يومنا هذا، فهذا هو الأصل. وهذه وظيفة النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهو منذ أن خرج من المدينة إلى أن رجع إليها وهو يفتي الناس في مسائل الحج، فمن يحمل العبء بعده هو الوارث. والناس لا شك أنهم منازل، ومثل شريح في هذه الصفة أفضل ممن يصرف وقته في الكلام المباح، فضلًا عن الكلام المكروه أو المحرم. والله المستعان.