قال ابن تيمية: (وله أن يأخذ الحصى من حيث شاء ولكن لا يرمي بحصى قد رمي به)؛ لأنه مستعمل في عبادة. والفقهاء ينظرونه بالماء المستعمل في رفع الحدث، ويمثلون بهذا في المسائل الخلافية التي يورد على المخالف من الاحتجاج ما يخالف فيه. فلو قيل لمالكي -مثلًا-: لا يجوز الرمي بحجر أو بحصى قد رمي به. فقال المالكي: ما الدليل؟ قيل: لأن الماء المستعمل في رفع حدث، لا يجوز استعماله لرفع حدث. فقال المالكي: أنا لا أوافقك، فالماء المستعمل لرفع حدث، أنا أرفع به الحدث. ولذا يشترطون في الإيراد في المناظرات، أن يكون المورد متفق عليه بين الخصوم. وكثير من أهل التحقيق يرون أن كون الحجر قد رمي به لا أثر له؛ لأن الحجر لا يتأثر، فهو ليس مثل الماء. وعلى هذا لو نقص منه حصاة، أو سقطت منه، ثم أخذ حصاة من قرب المرمى ورمى بها، فليس فيه إشكال، والاحتمال قائم على أنها قد رمي بها. لكن لو أخذ من الحوض ورمى بها، فهذا هو محل الخلاف.
وشيخ الإسلام -رحمه الله- لا شك أن النفس ترتاح وتطمئن لما يختاره، لكن قوله ليس بملزِم. فإذا كان بالإمكان أن يأخذ حجرًا لم يرم به فهذا هو الأصل. لكن إن لم يجد، وشق عليه أن يرجع، لأنه لم يصل إلا بشق الأنفس، فنقول له: الأمر فيه سعة -إن شاء الله تعالى-.