شرح ألفية الحديث للحافظ العراقي (09)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدًا طيبًا مباركًا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الحافظ -رحمه الله تعالى-:
المرفوع:
وَسَمِّ مَرْفُوْعًا مُضَافًا لِلنَّبي
|
|
وَاشتَرَطَ (الخَطِيْبُ) رَفْعَ الصَّاحِبِ
|
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول الناظم -رحمه الله تعالى-: "المرفوع" لما انتهى من الأقسام الثلاثة التي هي عمدة هذا الفن وخلاصته ذكر تقسيمًا ثانيًا للأخبار بحسب من يضاف إليه الخبر، فذكر المرفوع، وقدمه على غيره لشرف النسبة؛ لأنه ينسب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، والمرفوع: اسم مفعول من الرفع، الذي هو المصدر، تقول: رفع الحديث يرفعه رفعًا، فالذي ينسبه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- رافع، والخبر مرفوع.
يقول:
وَسَمِّ مَرْفُوْعًا مُضَافًا لِلنَّبي |
|
...................................
|
صلى الله عليه وسلم، هذا المرفوع، وكما سمعنا قدم لشريف النسبة، أو لشرف النسبة، بخلاف الموقوف والمقطوع "سم مرفوعًا مضاف للنبي" يعني من أقواله -عليه الصلاة والسلام- وأفعاله وتقريراته وأوصافه، كل هذه إذا أضيفت للنبي -عليه الصلاة والسلام- دخلت في المرفوع.
...................................
|
|
واشترط الخطيب رفع الصاحبِ |
الخطيب البغدادي اشترط لتسمية الخبر مرفوعًا أن يكون مما يرفعه الصحابي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومفهومه أن ما يرفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- أو من دونه لا يكون مرفوعًا، سم مرفوعًا مضافًا للنبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني لو قال المتأخر منا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسمى مرفوعًا، ولو قاله قبلنا بقرون قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسمى مرفوعًا، ولو قال البخاري: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسمى مرفوعًا، ولو قال التابعي: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسمى مرفوعًا، ومن باب أولى إذا قال ذلك الصحابي، اشترط الخطيب البغدادي رفع الصحابي، أن يكون هذا الخبر مما يرفعه الصحابي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، فإذا رفعه التابعي لا يسمى مرفوعًا، لو قال سعيد بن المسيب: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يسمى مرفوعًا، هذا الاشتراط يوحي ويشم من كلام الخطيب، لكن الحافظ ابن حجر يرى أن كلامه لا على سيبل الاشتراط، وإنما هو على سبيل الغالب، الغالب أن يكون المرفوع مما يصرح الصحابي برفعه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، والأحاديث المضافة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- إنما جاءتنا عن طريق صحابته الذين سمعوا كلامه وشاهدوا أفعاله فعليهم المعول في هذا، فالغالب أن الذي يضيف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- من شاهده أو سمعه، وإن لم يكن ذلك شرط، لكن مرفوعات التابعين كثيرة جدًّا، مرفوعات من دونهم من المصنفين المتأخرين أيضًا كثيرة، فكثيرًا ما يقول الفقهاء: الدليل على ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-، لا ينسبونه لأحد، فيضيفونه هم ولو تأخرت أزمانهم وأعصارهم، ومع ذلك هو مرفوع، فقول الخطيب سواء كان صريحًا في الاشتراط، أو كونه هو الغالب، حقيقة قول مرجوح، قال:
ومن يقابله بذي الإرسالِ |
|
فقد عنى بذاك ذا اتصالِ
|
من يقابل المرفوع بالمرسل، من يقابل المرفوع بالإرسال، من يقابل الرفع بالإرسال فيريد بالرفع من خلال المقابلة، يريد به الاتصال، فإذا قال: رفعه فلان وأرسله فلان ماذا يريد؟ فيما يقابل المرسل، يعني أنه وصل إسناده، إذا قال: رفعه زيد وأرسله عمر، فمرادهم برفعه؟ نعم؟ وصل إسناده إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، والذي أرسله معناه قطع إسناده؛ ولذا قال:
ومن يقابله بذي الإرسالِ |
|
فقد عنى بذاك ذا اتصالِ
|
لأن فهم الكلمة إنما يتم بمعرفة ضدها "فبضدها تتميز الأشياء" إذا عرفنا المرسل عرفنا ما يقابله؛ لأنهم لا يقابلون بين شيئين إلا وهما متقابلان من حيث المعنى، نعم.
الْمُسْنَدُ
وَالمُسْنَدُ المَرْفُوْعُ أوْ مَا قَدْ وُصِلْ
|
|
لَوْ مَعَ وَقفٍ وَهوَ في هَذَا يَقِلْ
|
بعد أن أنهى الكلام على المرفوع المضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- جزمًا، أردفه بالمسند، ولم يردفه بالموقوف المضاف إلى الصحابي على ما سيأتي، إنما أردفه بالمسند؛ لأن من معاني المسند المرفوع، في قوله: "والمسند المرفوع" والمسند: اسم مفعول من أسند الحديث يسنده فهو مسنِد والحديث مسنَد، وذكرنا في المسانيد في الدرس الماضي أن المسند يطلق بإزاء الكتاب، الذي رتب على مسانيد الصحابة، ويطلق ويراد به الكتاب الذي تذكر فيه الأحاديث بالأسانيد، قلنا: من هذا تسمية الإمام البخاري كتابه الجامع الصحيح: المسند، ويطلق بإزاء الخبر المرفوع، ويطلق بإزاء الموصول على ما سيأتي.
يقول الناظم -رحمه الله تعالى-: "والمسند المرفوع" هذا قوله، (أو) هذه لتنويع الخلاف.
.....................أو ما قد وصل |
|
لو مع وقف وهو في هذا يقل
|
هذان قولان.
والثالث: الرفع مع الوصل معا
|
|
شرط به الحاكم فيه قطعا
|
"المسند المرفوع" يعني إذا قال: هذا حديث مسند يعني مرفوع، سواء كان متصلًا أو منقطعًا، وبهذا قال الإمام الحافظ ابن عبد البر في مقدمة التمهيد "المسند المرفوع" سواء كان رفعه بسند متصل أو منقطع، المقصود أن تكون فيه النسبة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهو مرادف عند ابن عبد البر للمرفوع، هذا هو القول الأول في تعريف المسند.
.....................أو ما قد وصل |
|
لو مع وقف وهو في هذا يقل
|
الخطيب البغدادي أنتم تسمعون الخطيب في كل باب من أبواب علوم الحديث، ويقول ابن نقطة: كل من صنف في علوم الحديث بعد الخطيب فهم عيال على كتبه، وله عناية في هذا الباب، وفي هذا الشأن، وهو إمام من أئمة المسلمين، وله مصنفات في أكثر أنواع علوم الحديث، ومعول ابن الصلاح في شرح هذه الأنواع بالدرجة الأولى على كتب الخطيب، ثم يأتي من يأتي من يقول: إن الخطيب تأثر بعلم الكلام، ولوث هذا العلم الشريف بما تأثر به، لا أدري ماذا يكون علوم الحديث لولا كتب الخطيب؟ واعتماد أهل العلم بعده على كتبه، ومعولهم عليه، يعني كون الإنسان يتأثر بشيء هل معنى هذا أنه انتهى بالكلية؟ هذا إذا سلمنا بأنه تأثر بعلم الكلام، مع أن البيهقي متأثر بعلم الكلام، يعني نرد ما جاء عن البيهقي؟ هل نرد ما جاء عن البيهقي؟ هل نقول: سنن البيهقي ما نستفيد منها؛ لأنه تأثر بعلم الكلام؟ كلام ليس بصحيح، وكذلك كتب الخطيب، معول الخطيب في كتبه على أئمة هذا الشأن، وجمع أقوالهم في كتبه، ونفع الله بها نفعًا عظيمًا، ثم يأتي من يقول: إن الخطيب تأثر بعلم الكلام وأدخل بعض المصطلحات.....، إذًا لا نقبله، ما هو بصحيح هذا، وإذا قيل مثل هذا في الخطيب فسيأتينا النقل عن الغزالي، والنقل عن الرازي، والنقل عن الجويني، كيف نقول بهذا؟ وهم أهل الكلام، عمد أهل الكلام، هل نمسخ أقوالهم؟ وعلوم الحديث..، الحديث رواية مبني على السماع وعلى الرواية والتلقي، ومثل هؤلاء لا قيمة لهم في علم الرواية، حتى يصرحون أن بضاعتهم في الحديث مزجاة، أعني مثل الغزالي، مثل الرازي، مثل الآمدي، مثل هؤلاء المتكلمين، لكن لا نختلف، أو لا يختلف أحد في أن بعض أنواع علوم الحديث تدرك بالرأي، يعني إذا نقلنا قولاً للإمام أحمد وقولاً لكذا، وذكرنا مثال في بعض المناسبات أظنه في هذا الدرس، ذكرنا مثال حينما قال ابن الصلاح: إن الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة يفرقان بين السند المعنن والسند المأنن، فيحكمان للمعنعن بالاتصال والمأنن بالانقطاع، من خلال خبر عن محمد بن الحنفية عن عمار أن النبي -عليه الصلاة والسلام- مر به، فقال الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة: متصل، والرواية الأخرى عن محمد بن الحنفية: أن عمارًا مر به النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: منقطع، ابن الصلاح قال: مرده اختلاف الصيغة، فهم غير ابن الصلاح أنه إذا قيل: عن محمد بن الحنفية عن عمار أن هذا متصل، سببه أن محمد بن الحنفية يروي عن صاحب القصة، وإذا قال: عن محمد بن الحنفية أن عمارًا مر به النبي -عليه الصلاة والسلام- محمد بن الحنفية يروي قصة لم يشهدها، يحكي قصة لم يشهدها، فهل مثل هذا الفهم يحتاج إلى نقل، أو يحتاج إلى تأمل؟ نعم؟ يحتاج إلى تأمل، ولذا المسائل التي تحتاج إلى تأمل يشترك فيها كل من لديه قدرة على هذا التأمل، سواء كان من أهل الحديث أو من غيرهم، يعني أنت لما تنقل عني مثلًا تنقل عني عن الشيخ فلان، شيخ أنت ما أدركته، أو أدركته ولم تجتمع به مثلًا، تنقل عني عن الشيخ أنه قال كذا، أو حصل بيني وبينه كذا، عني أنه حصل بيني وبين فلان كذا، حينما تنقل الكلام عني وأنا صاحب القصة يكون الكلام ماذا؟ متصل، لكن لما تقول أنت: إن فلان قال له فلان أو ذكر له فلان، أو حصل له مع فلان تحكي قصة ما شهدتها، ولا حضرتها تكون ماذا؟ منقطعة، فمثل هذه الأمور وكثير من مباحث علم المصطلح يدرك بهذه الكيفية، يدرك بهذه الطريقة، أما ما مرده إلى النقل فليسوا من أهل النقل، فينبغي أن يحرر الكلام؛ ولذا لو أخلينا علم المصطلح من هذا الفهم الذي يبديه بعضهم والحكمة ضالة المؤمن يأخذها ممن جاء بها ومن مباحث أصول الفقه الذي لهم فيه اليد الطولى؛ لأنهم أهل نظر، وإن لم يكونوا أهل أثر؛ نعم، لهم فيه اليد الطولى، من مباحثه ما يتعلق بالسنة، وأبدوا فيه شيئًا من البراعة، لكن يبقى أن ما مرده إلى النقل لا يعول عليهم فيه، والمسألة مسألة إنصاف، أما إذا سمعنا أو عتبنا على شخص، أو نقمنا عليه شيء ننفسه بالكلية هذا ما هو بمنهج، ما بمنهج سوي، ولا زال العلماء يَدْرُسون ويُدَرِسون كتب المصطلح وفيها هذه الأقوال، بل جعلوا من مزايا توضيح الأفكار للصنعاني وترجيحه على غيره؛ لأنه يجمع بين قواعد المحدثين وقواعد الأصوليين، ثم يقول من يقول: إن الخطيب لوث هذا العلم بما أدخل فيه وفعل وترك.
"المسند المرفوع" هذا قول ابن عبد البر، يعني المسند يرادف المرفوع
.....................أو ما قد وصل |
|
لو مع وقف وهو في هذا يقل
|
فإذا قلنا: هو المرفوع قلنا: سواء كان بإسناد متصل أو منقطع، وهذا ما صرح به ابن عبد البر بأنه سواء كان انقطع أو اتصل، مالك عن نافع عن ابن عمر، هذا مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مسند مرفوع متصل، لكن مالك عن ابن عمر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- مسند مرفوع، لكنه منقطع، هذا يدخل في المسند عند ابن عبد البر، لكنه لا يدخل في المسند عند الخطيب؛ لأنه يجعل المسند الموصول، المسند ما اتصل سنده، سواء كان رفع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو وقف على الصحابي، أو من دونه؛ ولذا قال:
................................... |
|
لو مع وقف وهو في هذا يقل
|
يعني إطلاق المسند على الموقوف قليل، يعني أكثر ما يطلق المسند عند الخطيب على ماذا؟ على المتصل المرفوع، لكن لا يمنع الخطيب من تسمية المتصل الموقوف مسندًا، وإن كان أقل من إطلاقهم المسند على المرفوع المتصل، الحاكم جمع بين الأمرين، يقول: لا يسمى مسندًا حتى يجتمع فيه الأمران، القول الأول قول ابن عبد البر، والثاني قول الخطيب.
وَالثالِثُ الرَّفْعُ مَعَ الوَصْلِ مَعَا
|
|
شَرْطٌ بِهِ (الحَاكِمُ) فِيهِ قَطَعَا
|
وهذا يرجحه الحافظ ابن حجر أنه لا يسمى مسندًا حتى يكون مرفوعًا بسند متصل، وهذا ما قطع به الحاكم.
المتصل والموصول
وَإنْ تَصِلْ بِسَنَدٍ مَنْقُوْلاَ
|
|
فَسَمِّهِ مُتَّصِلًا مَوْصُوْلا
|
اختلفوا لأن كل واحد نظر وسبر في إطلاقات الأئمة، جمع مجموعة من إطلاق الأئمة فوجودهم يطلقونه على المرفوع، وجدهم يطلقونه بإزاء المرفوع، ولم يتأخر الرفع في جميع ما رفعه، هذا من ابن عبد البر، الخطيب جمع مجموعة من إطلاقات الأئمة مما يطلقونه في المسند وجدهم يطلقونه على ما اتصل إسناده، بغض النظر عن الرفع والوقف، والحاكم جمع مجموعة وجدهم يطلقونه بإزاء المتصل المرفوع، فكل حسب ما وقع له. نعم؟
طالب:.........
لو مع وقفٍ، يعني ولو كان الخبر موقوفًا.
طالب:.........
على الصحابي نعم، لكن إطلاقهم المسند على المتصل الموقوف أقل من إطلاقهم المسند على المتصل المرفوع، ثم أردف المسند الذي من معانيه المتصل، في تعريف الخطيب والحاكم أردفه بالمتصل والموصول.
المتصل كذا بالإدغام، ويقال فيه: موصول، ويقال فيه أيضًا: مؤتصل بالهمز، وهذه منقولة عن الإمام الشافعي، بل موجودة في كتبه، يعبر عن المتصل بالمؤتصل، حتى قالوا: إنها لغة الإمام الشافعي، ومنهم من يقول: إنها لغة أهل الحجاز، لغة الإمام الشافعي، ابن الحاجب في تصريفه المسمى بالشافية، قال: مؤتعد ومؤتسر لغة الإمام الشافعي، وهو بدلًا من أن يقول: متعد ومتزر ومتصل، مؤتعد ومؤتز ومؤتصل بالهمز. يقول:
وإن تصل بسند منقولا
|
|
فسمه متصلًا موصولا
|
قدم المسند على المتصل، وإن كان المسند يطلق على المرفوع، وإن كان منقطعًا عند ابن عبد البر، وقدموه على المتصل، لماذا؟ لأن المتصل ينظر فيه إلى الإسناد بغض النظر عن النسبة، وأما المسند فالمنظور فيه إلى النسبة، والأكثر على أنه المرفوع، فألحق به، وأما المتصل فينظر فيه إلى الإسناد بأن يكون كل راوٍ من رواته قد تلقاه ممن فوقه بطريق معتبر من طرق التحمل، سواء كان مرفوعًا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، أو موقوفًا على الصحابي.
يقول:
وَإنْ تَصِلْ بِسَنَدٍ مَنْقُوْلاَ
|
|
فَسَمِّهِ مُتَّصِلًا مَوْصُوْلا
|
سواء قلت: هذا حديث موصول أو متصل معناه واحد، إذا اتصل إسناده، بأن يكون كل راوٍ من رواته قد تلقاه ممن فوقه بطريق معتبر، هم يقولون: قد سمعه من شيخه، لكن التلقي أعم من أن يكون بطريق السماع، فإذا قلنا: بطريق معتبر من طرق التحمل ما ورد علينا ما ورد على قولهم: سمعه.
وَإنْ تَصِلْ بِسَنَدٍ مَنْقُوْلاَ
|
|
........................................
|
يعني متنًا منقولًا بسند متصل.
........................................
|
|
فَسَمِّهِ مُتَّصِلًا مَوْصُوْلا
|
فسمه متصل.
سَوَاءٌ المَوْقُوْفُ وَالمَرْفُوْعُ
|
|
........................................
|
سواء الموقوف على الصحابي والمرفوع، يعني يستوي في ذلك الموقوف والمرفوع، فإذا قال البخاري مثلًا: مالك عن نافع عن ابن عمر من قوله قلنا: متصل، مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- متصل، إلا أن الأول موقوف، والثاني مرفوع.
...................................
|
|
ولم يروا أن يدخل المقطوعُ
|
لكن إذا روينا بسند متصل، روى الإمام البخاري أو مسلم أو أبو داود أو الترمذي أو الإمام أحمد بسند متصل عن الحسن البصري، أو عن سعيد بن المسيب نقول: هذا منقطع أو متصل أو موصول؟ نقول: متصل؟ يقول: لم يروا أن يدخل المقطوع.
طالب:........
لا هو المقطوع سيأتي تعريفه أنه ما يضاف إلى التابعي، المقطوع: ما يضاف إلى التابعي، فهل إذا روينا عن تابعي بسند متصل نقول: متصل وإلا ما نقول: متصل؟ نعم؟ يعني متصل إلى سعيد، هو معروف في الإسناد ما فيه فوق سعيد أحد، كما أنه ليس فيه فوق أبي هريرة أحد، نستطيع أن نقول: هذا متصل إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ونستطيع أن نقول: هذا متصل إلى أبي هريرة، لكنهم لم يروا أن يدخل المقطوع، أن نقول: متصل إلى الحسن أو متصل إلى سعيد؛ لأن المقطوع ما يضاف إلى التابعي فمن دونه، ما روى أن يدخل هذا في المتصل والموصول، لماذا؟
طالب:........
لا، ما هي مسألة حجية، نعم.
طالب:........
فيه انقطاع هو؟ ما فيه انقطاع، لكنهم يسمونه مقطوعًا، إذًا تنافر لفظي بين أن نقول: متصل مقطوع، يعني نصف خبر مقطوع بأنه متصل، قالوا: هذا تنافر لفظي، لكن ما المانع أنه إذا انفكت الجهة أن يوصف الشيء بلفظين متنافرين، إذا انفكت الجهة يوصف بوصف باعتبار ويوصف بوصف منافٍ له باعتبار آخر، {فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ} [(4) سورة الحـج] ما المانع؟ فيه مانع؟ ما فيه مانع، لكن من باب الحساسية في التعبير والدقة فيه، لكن ما فيه ما يمنع، يعني لو قلت مثلًا: جاء زيدٌ القصير الطويل، وأنت لاحظت انفكاك جهة، قصير في قامته، طويل في عمره مثلًا، فيه شيء مدرك ما يوقع في لبس، يعني دخل شخص قصير وعمره مائة سنة، فقلت: جاء زيد الطويل القصير، ما فيه شك أن هذا فيه تناف لفظي، لكن ما انفكاك الجهة وأمن اللبس وما المانع أن نصفه بالوصفين المتنافرين؟ لكن إذا وجد اللبس جاء شخص عمره عشرون سنة، وقامته قصيرة، وقلنا: جاء زيد الطويل القصير، كيف يفهم السامع ما يرفع عنه هذا التنافر؟ المتكلم قاله باعتبار صحيح، قصير في قامته، وقصير في عمره الحسي المحسوس، لكنه طويل في عمره المعنوي، عمر مبارك، أنجز في عشرين السنة ما لم ينجز في مائة سنة، وطول العمر يكون بكثرة السنين، ويكون أيضًا بالبركة فيه، كما قيل في حديث: ((من سره أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه)) قالوا: إن طول العمر هذا المراد به البركة فيه، لكن هذا يوقع في لبس، شيء لا يراه المخاطب يوقع في لبس، لكن لو دخل شخص عمره مائة سنة وقصير القامة، أو العكس طويل القامة وقصير العمر ممكن، يفهمه السامع والمخاطب ولا يقع في لبس، أما الثاني يوقع في لبس، فمثل هذا هو الذي ينفى للتنافر، أما أن يقال: متصل لأن كل واحد ممن رواه وتحمله ممن فوقه بطريق معتبر متصل، وهو مقطوع باعتبار إضافته إلى التابعي فمن دونه، هم عندهم هذه الحساسية للتنافر اللفظي فقط، نعم.
الْمَوْقُوْفُ
وَسَمِّ بالمَوْقُوْفِ مَا قَصَرْتَهُ
|
|
بِصَاحِبٍ وَصَلْتَ أوْ قَطَعْتَهُ
|
مما أنهى الناظم -رحمه الله تعالى- ما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- صراحة هو ما يحلق به، وما اختلف في رفعه، ما اختلف في إطلاقه على المرفوع وغيره جاء بما لم يختلف في عدم رفعه، وهو الموقوف، والموقوف اسم مفعول من الوقف، وقف الخبر يقفه فهو واقف، والخبر موقوف.
يقول:
وَسَمِّ بالمَوْقُوْفِ مَا قَصَرْتَهُ
|
|
بِصَاحِبٍ .............................
|
يعني اقتصرت فيه في نسبته على الصحاب، والمراد بالصاحب الصحابي
وَسَمِّ بالمَوْقُوْفِ مَا قَصَرْتَهُ
|
|
بِصَاحِبٍ .............................
|
يعني ولم تتجاوزه إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- سمه بالموقوف "وصلت أو قطعته" يعني ما أضيف إلى الصحابي موقوف سواء كان الإسناد متصل إلى هذا الصحابي أو فيه انقطاع، كله يسمى موقوفًا، مثل ما مثلنا، مالك عن ابن عمر موقوف منقطع، مالك عن نافع عن ابن عمر موقوف متصل، والعبرة بهذا كله بالنسبة، فإذا نسب إلى الصحابي فهو موقوف، بغض النظر عن الانقطاع والاتصال، واشترط الحاكم عدم الانقطاع لتسميته موقوفًا، فالمنقطع لا يسمى موقوفًا، كما اشترط فيما تقدم في المرفوع، واشترط الخطيب ماذا؟ رفع الصاحب، أن يكون مما يرفعه الصحابي، وهنا اشترط الحاكم عدم الانقطاع، لكن هذا الاشتراط شاذ، فالعبرة بالنسبة إلى الصحابي، فإذا نسب إلى الصحابي من قوله أو فعله فهو موقوف، ويختلفون في إضافة تقرير الصحابي إليه، ما يقوله الصحابي وما ينطق به يضاف إليه، يقال: قال ابن عمر كذا، قال أبو هريرة كذا، موقوف عليه، وكذلك ما يفعله، فعل عمر كذا، وفعل أبو بكر كذا، كله موقوف، لكن إذا فعل بحضرته، إذا فعل بحضرة الصحابي شيء من قبل غيره وسكت عنه، هل نضيفه إلى الصحابي؟ فعلى سبيل المثال مروان دخل المقبرة وجلس، وأبو هريرة حاضر ولم ينكر عليه، ودخل أبو سعيد وأنكر عليه، ننسب إلى أبي سعيد الإنكار، لكن هل ننسب إلى أبي هريرة السكوت، التقرير باب من أبواب السنة المرفوعة، يعني ما فعل بحضرته -صلى الله عليه وسلم- وسكت عنه هذا تقرير، لكن ما فعل بحضرة الصحابي وسكت عنه هل نقول: إنه أقره، وننسب إليه هذا؟ أو نقول: لعله سكت لأمر من الأمور، لمصلحة راجحة مثلًا؟ نعم؟ هل نستطيع أن نقول: مذهب أبي هريرة جواز الجلوس أو أنه أفضل؟ لا؛ لأنه أقر مروان وسكت عنه، حتى ما نقول: أقر، هو سكت لأمر من الأمور، قد تكون المصلحة راجحة في سكوته في تقديره، وهذا يحصل إلى وقتنا هذا، تجد مثلًا يستدل بفعل شيخ من الشيوخ، عالم من العلماء فعل بحضرته أمر، وسكت لما يترتب على هذا السكوت من مصلحة، أو لما يترتب على الإنكار من مفسدة، فهل نستطيع أن نقول: هذا مذهب فلان؟ كما قيل به في مسألة أثيرت قيل: فعل بحضرة الشيخ فلان ولا أنكر، وما يدريك ما الذي يحتف بهذه المسألة؟ فلا ينسب التقرير إلا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقال من قال: إن الموسيقى فعلت بحضرة الشيخ فلان وما أنكر، والطبول فعلت بحضرة فلان من الناس، لا ينسب قولًا له، لماذا؟ لما يعتريه من تقدير مصلحة راجحة في هذا الظرف؛ لأنه قد يكون في جعبته منكر عظيم جدًّا يريد أن ينكره على هذا، فلو أنكر عليه منكره الخفيف بالنسبة للمنكر الشديد يمكن فاته الكبير، أو بعد حمل في نفسه عليه شيء، ورده ردًّا يمكن ما يقبل منه شيئًا بعد ذلك، فالمسألة مسألة مصالح ومفاسد، والتقرير لا ينسب لغير النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني هل نستطيع أن نقول: من مذهب أبي هريرة الجلوس في المقبرة قبل أن توضع الجنازة لأنه أقر مروان أو سكت على مروان؟ لا، عنده مصلحة راجحة، ولكن جاء أبو سعيد وأنكر أخذ بيديه، أنكر بالفعل، والناس يتفاوتون في تقدير هذه الأمور، إلى يومنا هذا وبعض الناس تفوت المصالح وهو ينتظر مصلحة، وبعض الناس يرتكب مفاسد وهو يقدر مصلحة، لكن المصلحة بنظر من؟ المسألة مصلحة الدين والأمة بمجموعها، أما مصالح خاصة لا ينظر إليها، المقصود أن مثل هذا التقرير لا يعلق عليه ولا يرتب عليه حكم، هم غير معصومين من جهة، الأمر الثاني: أنهم قد يسكتون لتقدير مصلحة راجحة، أو خشية مفسدة، لكن قد يأتي من يرتكب العزيمة بغض النظر عن أي مصلحة؛ لأن هذه مفسدة محققة في تقدير الثاني، مفسدة محققة، والمصلحة المرجوة أو المفسدة المخوفة مظنونة، وكثير ممن يناقش في بعض المسائل يقول: ما تدرون عن شيء، نحن ندرأ مفاسد أعظم، فلا شك أنهم أعرف بهذه الأمور، وأكثر تقديرًا للمصالح والمفاسد، لكن يبقى أن بعض المفاسد مظنونة، وقد تكون من تسويل الشيطان وتثبيطه، على كل حال التقرير لا يمكن أن ينسب إلا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه هو الذي لا يَقر ولا يُقر على خطأ.
وَسَمِّ بالمَوْقُوْفِ مَا قَصَرْتَهُ
|
|
بِصَاحِبٍ وَصَلْتَ أوْ قَطَعْتَهُ |
يسمون الموقوف على الصحابي الأثر الفقهاء من الشافعية ومنهم أبو القاسم الفوراني حيث نسب إلى الفقهاء الخراسانيين أنهم يسمون الموقوف الأثر.
وَبَعضُ أهْلِ الفِقْهِ سَمَّاهُ الأثَر
|
|
................................... |
وبعض أهل الفقه سماه الأثر، يعني في مقابل المرفوع الذي يسميه الخبر، يسمون المرفوع الخبر، ويسمون الموقوف أثر، وأهل الحديث يطلقون الأثر على المرفوع والموقوف، وبعضهم يقول: الأثر المرفوع، والخبر هو الموقوف، الأثر ما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- بإزاء الحديث، والخبر: هو ما يضاف إلى غيره، خلاف ما يقوله بعض الفقهاء، هناك كتب سميت بهذا الاسم: تهذيب الآثار للطبري، على مقتضى قول بعض أهل الفقه: إنه يشمل آثارًا موقوفة على الصحابة، لكن واقع الكتاب أنه في الأخبار المرفوعة، وقد يذكر شيئًا يسيرًا من الآثار الموقوفة على الصحابة، لكن الغالب فيه المرفوع، معرفة السنن والآثار للبيهقي فيه المرفوع، وفيه الموقوف، لكن المرفوع أكثر، شرح معاني الآثار، ومشكل الآثار للطحاوي كلها فيه المرفوع والموقوف مما يدل على أن الأثر يطلق عند أهل العلم، ويراد به المرفوع، والموقوف:
................................... |
|
وإن تقف بغيره قيِّد تبر
|
والأثر باعتبار إطلاقه على الحديث نسب إليه من يُعنى بالحديث، فمثل ما تقدم في نسبة الحافظ العراقي إلى الأثر:
يقول راجي ربه المقتدر
|
|
|
وانتسب على الأثر جماعة من عهد السلف إلى يومنا هذا، وهم ينتسبون، ولو قلت محمد ناصر الدين الألباني الأثري فيه شيء؟ لأنه ينتسب إلى الحديث، وابن باز الأثري، وفلان الأثري، وسمى بعضهم نفسه ممن هو دونه بمراحل: الأثري؛ لأن عنده شيء من الاهتمام بالحديث، لكن كون الإنسان يسمى نفسه، هذه فيه شيء من التزكية، أما كونه يعرف بهذه بين الناس، بين الخاص والعام، وينسب إليه، هذا شرف بلا شك؛ لأنه حينئذٍ ينسب إلى ما يعنى به بحق إلى ما ينسب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-.
................................... |
|
وإن تقف بغيره قيد تبر
|
"تقف بغيره قيد تبر" الأصل أن الموقوف ما يضاف إلى الصحابي، لكن إذا أردت أن تصف بالموقوف ما تضيفه إلى التابعي، فقيده، فقل: هذا موقوف على سعيد، موقوف على الحسن وهكذا "وإن تقف بغيره" يعني بغير الصحابي، وفي نسخة "بتابع"، "وإن تقف بتابع قيد تبر" تبر: يزكوا عملك، فأعمال البر هي التي تزكي الأعمال، نعم؟
طالب:......
لا، هذه المسألة..، فرق بين أن يسكت شخص فعل بحضرته شيءٌ، أو عدد يسير فعل بحضرتهم شيء، أو يسكت الجميع، يسكت، يجتمع العلماء كلهم، ويفعل منكر بين أيديهم، ولا ينكرون، اللهم إلا إذا كانوا بين يدي ظالم يخشون سطوته، فهذا شيء آخر، الإجماع السكوتي فيما إذا ذكر بعضهم حكمًا شرعيًّا، ولم يعارض أحد، ولم يعارض، هذا إجماع سكوتي، أما أن يسكت الجميع ما يكون إلا إذا كان السكوت من أهل الإجماع، إذا كان من أهل الإجماع، يعني افترضنا أن جميع أهل العلم وجدوا في مكان، وفعل بحضرتهم منكر هذا إجماع، لكن لو وجد بعضهم ممن لا ينسب إليه الإجماع، وسكتوا لتقدير مصلحة، أو خشية مفسدة، ما يعتبر إجماع.
طالب:......
يسمى إجماعًا؟
طالب:......
لماذا أنكر أبو سعيد هذا، أنكر أبو سعيد؛ لأن المسألة ورد فيها نص، ويرويه أبو هريرة قال: هذا يعلم، نعم.
المقطوع
وسم بالمقطوع قول التابعي
|
|
وفعله وقد رأى للشافعي
|
تمام القسمة فيمن يضاف إليه الخبر المقطوع، بعد أن ذكر المرفوع المضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، والموقوف المضاف إلى الصحابي، المقطوع ما يضاف إلى التابعي، ومن دونه كما قرر ذلك ابن حجر، وغيره، يسمى مقطوعًا، والقطع هذا مجرد اصطلاح، والمقطوع اسم مفعول من القطع، قطع يقطع قطعًا فهو قاطع، والخبر مقطوع, وجمعه مقاطع ومقاطيع، والبصريون سوى الجرمي يثبون الياء جزمًا، فيقولون: مقاطيع هذا رأي البصريين، يثبتون الياء، وأما الكوفيون، وأما الكوفيون مع الجرمي -وهو بصري- في جواز الحذف، يجيزون الحذف، وإن كان الأصل إثبات الياء، واختاره ابن مالك، فيجيزون مقاطع ومقاطيع، مثل مساند ومسانيد، مفاتح ومفاتيح، واختاره ابن مالك، وقال البلقيني: الأولى ألا تثبت، يعني مثل مفاتح، ومفاتح جاءت في القرآن بالإثبات، أو بالحذف؟ بحذف الياء: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ} [(59) سورة الأنعام].
يقول الناظم -رحمه الله تعالى-:
وسم بالمقطوع قول التابعي
|
|
................................... |
يعني ومن دونه على ما اختاره ابن حجر وغيره "وفعله"، "قول التابعي وفعله" يعني إذا خلا عن قرينة إرادة الرفع، أو كان مما يحتمله الرأي والاجتهاد على ما سيأتي في حكم ما لا يقال بالرأي.
"وقد رأى" من الذي رأى؟ ابن الصلاح:
فحيث جاء الفعل والضمير
|
|
لواحد ومن له مستور
|
يريد بذلك ابن الصلاح "وقد رأى" أي ابن الصلاح "للشافعي" للإمام الشافعي، ومن بعده الطبراني، والدارقطني، والحميدي، عبروا بالمقطوع عن المنقطع "وقد رأى للشافعي تعبيره به" يعني بالمقطوع "عن المنقطع" الذي لم يتصل إسناده، مالك عن ابن عمر مقطوع في تعبير الإمام الشافعي، ومن معه، الدارقطني، والحميدي، والطبراني "تعبيره به عن المنقطع" الذي لم يتصل إسناده "قلت" الحافظ العراقي، وهذا من زياداته، والزيادة مجرد التسمية، تسمية القائل، تسمية صاحب الاصطلاح، وإلا فابن الصلاح أشار إلى أن منهم من يستعمل المنقطع بإزاء المقطوع ما يضاف إلى التابعي:
................................... |
|
قلت وعكسه اصطلاح البردعي
|
عكس تعبير الشافعي، ومن معه "اصطلاح البردعي" أبو بكر أحمد بن هارون البرديجي البردعي، بردعة وبرديجة متقاربتان، فيطلق البردعي البرديجي احمد بن هارون المنقطع، ويريد به ما يضاف إلى التابعي، عكس ما أثر على الإمام الشافعي، ومن معه، وقد اعترض بعضهم على إدخال المقطوع في علوم الحديث، يقول: إذا أدخلنا الموقوف في علوم الحديث باعتبار أنه يدخل في عموم ما يتحدث به، وسبق في توجيه ما يحفظه الإمام البخاري:
وفيه ما فيه لقول الجعفي
|
|
أحفظ منه عشر ألف ألف
|
فالموقوف يجعله العلماء مع المرفوع، باعتبار أنه قد يحتاج إليه في فهم الخبر؛ لأن الصحابي أعرف بفهم ما روى، فالموقوف قد يحتاج إليه في فهم الخبر، وأيضًا قول الصحابي الخلاف بين أهل العلم قوي في كونه مما يحتج به، أو لا يحتج به، أما قول التابعي فلم يقل أحد بأنه يمكن أن يحتج به؛ ولذا اعترض بعضهم إدخال المقطوع في مباحث علوم الحديث، وأجيب عن ذلك بأن بعض المقطوعات المضافة إلى التابعين قد تكون مرفوعة؛ لأنها مما لا تدرك بالرأي، وقد يحتاج إليها؛ لأنها أحد ما يعتضد به المرسل، على ما سيأتي في بابه، أحد ما يعتضد به المرسل، على ما سيأتي في كلام الإمام الشافعي في باب المرسل، أما الفروع فالأفضل أن تكون متتابعة، يعني الأفضل أن نشرحها غدًا -إن شاء الله تعالى- كلها الفروع السبعة التي تعي ما ذكرنا.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
نعم هذا فيه علاقة بالدرس، وأما القول المعتمد، والصحيح في قول العلماء على شرط الشيخين، ومن القائل بأن المقصود به رجال الصحيحين؟ ذكرنا فيما تقدم أقوال أهل العلم في المراد بشرط الشيخين، ذكرنا قول ابن طاهر، والحازمي، والقول الذي اعتمده أهل العلم، وتصرفات الحاكم تقويه، وهو أن المراد بشرط الشيخين رجال الصحيحين، وعلى هذا الذهبي، وقبله ابن الصلاح، والنووي، وابن حجر، والعراقي، وجمع من أهل العلم كلهم اعتمدوا هذا القول، والسخاوي رجحه، وذكر له أمثلة من المستدرك نفسه؛ لأن الذي شهر وأكثر من ذكر هذه الكلمة هو الحاكم، فيعتنى بكتابه لفهم كلامه، وذكرنا أن تصرف الحاكم في المستدرك يقوي هذا القول بدليل أنه يذكر الحديث، ويذكر فيه راوٍ، وهذا الراوي يحتمل أن يكون ممن خرج له الشيخان، أو أحدهما، أو لا؛ لأنه يشتبه في النسبة، أوفي الكنية، أو في الاسم بغيرهم ممن خرج له الشيخان، وقال في حديث من طريق أبي عثمان، وقال أبو عثمان: هذا ليس هو النهدي، ولو كان النهدي لقلت إنه على شرط الشيخين، فهذا دليل على أنه يريد بشرط الشيخين رجال الشيخين، وقلنا في قوتها إنه يشكل على هذا قوله في مقدمة المستدرك: وأنا استعين الله على إخراج أحاديث رواتها ثقات، احتج بمثلها الشيخان، وقلنا: إن الحافظ ابن حجر قال: إن الحاكم استعمل المثلية في أعم من حقيقتها ومجازها، فاستعملها في حقيقتها حينما يخرج الأحاديث من طريق رواة لم يخرج لهم الشيخان، وإنما هم بمنزلتهم، وبمثابتهم مثلهم يعني في القوة، واستعمل المثلية في غير حقيقتها في مجازها عنده، حينما يخرج الحديث من طريق رواة خرج لهم الشيخان بأعيانهم، فالمسألة كأن القول هذا هو الراجح، وأما ما ذكره أبو الفضل بن طاهر بأن شرط الشيخين أن يخرجا لرجال اتفق على ثقتهم يعني مجمع على أنهم ثقات، وعرفنا أن في رجال الشيخين رجال الصحيحين مما تكلم فيه من قبل أهل العلم، وإن كان الغالب أن توثيق الشيخين للراوي لا سيما إن كان الحديث ممن..؟ مما يدور على هذا الراوي، فهذا توثيق عملي لهذا ا لراوي، ومع ذلك الشيخان ينتقيان من أحاديث الراوي ولو كان فيه مغمز، أو مطعن، على قلة هؤلاء الرواة الذين مسوا بضرب من التجريح الخفيف، الشيخان ينتقيان من أحاديثهم، وينظران فيما ووفق عليه هذا الراوي مما اختلف فيه، فإذا غلب على الظن أن هذا الراوي ضبط هذا الحديث، ولو كان فيه شيء؛ جرح خفيف يعود على حفظه وضبطه، فإن هذا لا يؤثر، ولهما دقة نظر في هذا الباب لا يدانيهما، ولا يقاربهما غيرهم، ولو لم يكن لهذين الكتابين إلا تلقي الأمة لهما بالقبول، ويكثر الكلام، وكثرت المصنفات في العصر الحديث حول الصحيحين، ورجال الشيخين، وترتيب الصحيحين، وتكرار البخاري، وكونه يورد أحاديث في غير مظانها، وأنه يحتاج إلى ترتيب، فيه كلام لبعض الشراح حينما يعجز الشارح عن الربط بين الحديث والترجمة؛ ينتقد البخاري، فأحيانًا يقول: إن الكتاب ما بيض، وأحيانًا يقول: لعل هذا تصرف من النساخ، حتى قال بعضهم في بعض المواضع: كذا، وهذا تعجرف، والمسكين ما يدري أنه أتي من قصوره؛ لا أقول: من تقصيره، أقول: من قصوره، وإلا التقصير يحصل، لكن التقصير ممن يبرع في بعض المواضع، أما القصور فمعروف أنه سببه قصور الفهم
يعني إذا كان الحديث في المتابعات والشواهد، لا من الأصول التي بنا عليها البخاري، أو مسلم كتابه، هو ما فيه شك أن الرواة الذين تكلم فيهم جل رواياتهم في الشواهد، وليست في الأصول، ومع ذلك تخريج البخاري لراوٍ من الرواة، أو مسلم لراوٍ من الرواة، ولو كان في المتابعات والشواهد، مثل ما قالوا في الحديث الذي تكلم فيه، ولو روي بغير إسناد عند البخاري، ولو صدر بصيغة التمريض أن وجوده في مثل هذا الكتاب الذي تلقته الأمة بالقبول يشعر بأن له أصلًا يركن إليه، ويؤنس به، فكيف إذا جزم به، أو ذكر إسناده كاملًا، على كل حال المسألة معروفة عنده أهل العلم، والصحيحان صارا مثارًا أو مجالًا للأخذ والرد في العصر الأخير، تبعًا للدين بكاملة، الذي صار بحيث تلوكه ألسنة السفهاء الذين لا علم لهم، وعندهم شيءٌ من رقة الدين، وفي أنفسهم أشياء على الدين وأهله، فإذا هدموا الصحيحين، أو تكلموا في الصحيحين، أو تطاولوا على الشيخين، فمن دونهما أمره سهل؛ لأن الأمة لا تغار على حديث في غير الصحيحين مثل ما تغار على ما في الصحيحين، فإذا تطاول هؤلاء السفهاء على البخاري، أو على مسلم؛ يعني على كتابيهما فسهل أن يتطاولوا على السنن، أو على المسند، أو غيره، والله المستعان.