الأحرف السبعة اختُلف فيها اختلافًا كثيرًا، وأطال العلماء في بيان المراد بها، واختلفت نظراتهم إلى هذا الحديث، لكن الذي يظهر -والله أعلم- أن المراد بها لغات القبائل ولهجاتهم في أول الأمر؛ لأن القرآن نزل على الصحابة وفيهم بل أكثرهم كبار سن لا تطاوعهم ألسنتهم أن يقرؤوا على حرف واحد، فقريش لها لغة إن شئت فقل: لهجة، وهذيل كذلك، وثقيف كذلك، فإذا أراد الهذلي أن يقرأ بلغة قريش قد لا يتسنى له ذلك لا سيما إذا كان كبير السن وهو في الأصل أمي.
ومثَّل أهل العلم للقراءات السبع بمثل: تعال، وهلم، وأقبل، وهذا هو الأقرب، هذا بالنسبة للأحرف السبعة.
أما القراءات السبع وهي الباقية إلى الآن بعد أن جمع عثمان –رضي الله عنه- المصاحف وجعلها على حرف واحد، على الحرف الأخير الذي تمت عليه العرضة الأخيرة بين جبريل والنبي -عليه الصلاة والسلام-، وبقي خطُّه ورسمه يحتمِل هذه القراءات السبع التي هي الباقية إلى الآن، وأما الأحرف السبعة التي فيها اختلاف كبير في اللفظ مثل: أقبل، وهلم، وتعال، هذه ارتفعت بالعرضة الأخيرة، وأجمع الصحابة -رضوان الله عليهم- على عدم إثباتها في المصحف، وفعله عثمان -رضي الله عنه- ولم ينكره منهم أحد، وهو الحق -إن شاء الله تعالى-، هذا لا يتردد فيه مسلم أن الموجود بين الدفتين هو القرآن لا يَنقص منه شيء ولا يَزيد عليه شيء، مصون من الزيادة والنقصان {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر: ٩]، والأمة معصومة قطعًا من أن تُفرِّط بشيء من دينها ومما أوجب الله عليها، أي معصومة من أن تُجمع على ذلك، كما أجمعوا على ترك الأحرف ما عدا حرف واحد أثبته عثمان –رضي الله عنه- في المصاحف التي كتبها وبعث بها إلى الأمصار، فالصحابة أجمعوا على ما أثبته عثمان في المصحف الإمام وما بعث به إلى الأمصار.
وأما الكتب في هذه المسألة، فقد أُلِّف فيها كتب خاصة، وأيضًا بُحثت المسألة في كتب علوم القرآن كـ(البرهان) و(الإتقان) وغيرهما، وأيضًا في مقدمات التفاسير لا سيما المطولة كـ(تفسير الطبري)، وقد أبدع الإمام الطبري -رحمه الله تعالى- في بحث هذه المسألة، وكذلك ابن كثير في المقدمة، وغيرهما.