التعليق على تفسير القرطبي - سورة التكاثر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله بسم الله الرحمن الرحيم.
"تفسير سورة التكاثر، وهي مكية في قول جميع المفسرين، وروى البخاري أنها مدنية، وهي ثماني آيات، بسم الله الرحمن الرحيم، قوله تعالى: { أَلۡهَىٰكُمُ ٱلتَّكَاثُرُ ١ حَتَّىٰ زُرۡتُمُ ٱلۡمَقَابِرَ ٢ } التكاثر: ١ - ٢ فيه خمس مسائل؛ الأولى: قوله: { أَلۡهَىٰكُمُ ٱلتَّكَاثُرُ } التكاثر:1 ألهاكم: شغلكم قال:
.......................... |
|
فألهيتها عن ذي تمائم مُغْيَل |
أي شغلكم."
لا لا، محول، عن ذي تمائم محول، هذا الذي صاحب حول، يعني عن صبي لها صغير بلغ الحول، علقت عليه التمائم خشية العين.
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع |
|
............................ |
هذا يجهر بمعصيته وفجوره، نسأل الله العافية.
" أي شغلكم المباهاة. "
والمغيل المرضع التي ترضعه ويعتريها الحبل الحمل، فترضعه غيلة، والغيلة هي التي يسمونها المهل، التي ترضع المهل.
" أي شغلكم المباهاة بكثرة المال والعُدد عن طاعة الله. "
العَدد.
" والعَدد عن طاعة الله. "
كانوا يتباهون بكثرة أموالهم وأعدادهم وأتباعهم حتى وصلوا إلى القبور، ثم بانت لهم الحقائق بعد ذلك.
" حتى متم ودفنتم في المقابر، وقيل: ألهاكم أنساكم التكاثر أي من الأموال والأولاد، قاله ابن عباس والحسن، وقال قتادة: أي التفاخر بالقبائل والعشائر. وقال الضحاك: أي ألهاكم التشاغل بالمعاش والتجارة، يقال: لهيت عن كذا بالكسر، ألهى لِهْيًا ولِهْيانًا. "
لَهِيًّا ولِهيانًا.
" ألهى لَهِيًّا ولِهْيانًا إذا سلوتُ عنه. "
سلوتَ.
" إذا سلوتَ عنه وتركت ذكره وأضربت عنه، وألهاه أي شغله، ولهّاه به تلهية أي علله، والتكاثر المكاثرة، قال مقاتل وقتادة وغيرهما: نزلت في اليهود حين قالوا: نحن أكثر من بني فلان، وبنو فلان أكثر من بني فلان، ألهاهم ذلك حتى ماتوا ضُلّالاً. وقال ابن زيد: نزلت في فخذ من الأنصار. وقال ابن عباس ومقاتل والكلبي: نزلت في حيين من قريش بني عبد مناف وبني سهم تعادوا وتكاثروا. "
تعادُّوا.
" تعادُّوا وتكاثروا بالسادة والأشراف في الإسلام فقال كل حي منهم: نحن أكثر سيدًا وأعزُّ عزيزًا وأعظم نفرًا وأكثر عائذًا، فكثر. "
كثر بنو عبد مناف.
" فكثر بنو عبد مناف سهمًا. "
يعني زاد سهمهم على غيرهم.
" ثم تكاثروا بالأموات فكثرتهم سهم، فنزلت ألهاكم التكاثر بأحيائكم. "
حتى وصلوا إلى الأموات يعدونهم يتكثرون بهم على غيرهم.
" فنزلت ألهاكم التكاثر بأحيائكم، فلم ترضوا حتى زرتم المقابر مفتخرين بالأموات، وروى سعيد عن قتادة قال: كانوا يقولون نحن أكثر من بني فلان، ونحن أعد من بني فلان، وهم كل يوم يتساقطون إلى آخرهم، والله مازالوا كذلك حتى صاروا من أهل القبور كلهم، وعن عمرو بن دينار: حلف أن هذه السورة نزلت في النجار. "
في بني النجار أم.. أو في التجار؟ في التجار نعم.
" نزلت في التجار، وعن شيبان عن قتادة قال: نزلت في أهل الكتاب. قلت: الآية تعم جميع ما ذكر وغيرَه. "
كل ما يحصل به التكاثر يدخل، كل ما يتكاثر به ويلهي ويشغل يدخل في هذا، حتى إن بعضهم أدخل فيه التكاثر بالكتب التي شغلت بعض طلاب العلم وأهل العلم عن التحصيل؛ لأن وجودها وكثرتها لا شك أنها مشغلة وملهية، ابن خلدون في تاريخه يقول: كثرة التصانيف يعني الكتب مشغلة عن التحصيل، يعني تصور أن عندك مائة تفسير، وأشكل عليك آية فماذا تفعل؟ ففيمَ تقرأ؟ وممَ تأخذ؟ لكن لو عندك خمسة، ستة، عشرة، فبإمكانك أن تراجع هذه التفاسير في هذه الآية.
" وفي صحيح مسلم عن مطرِّف عن أبيه قال: أتيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يقرأ: { أَلۡهَىٰكُمُ ٱلتَّكَاثُرُ } التكاثر:1 قال: يقول ابن.. "
في كتاب اقتضاء العلم العمل، الخطيب البغدادي يقول: وهل التكاثر والتباهي وكنز الكتب إلا ككانز الفضة والذهب لاسيما إذا كان ما يستفيد منها، أما إذا كان يستفيد ويعدها للرجوع عند الحاجة، فهذا ما فيه إشكال.
" قال: «يقول ابن آدم مالي مالي، وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت، وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس»، وروى البخاري عن ابن شهاب أخبرني أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «لو أن لابن آدم واديًا من ذهب لأحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب، ويتوب الله على من تاب»، قال ثابت عن أنس عن أبيّ: كنا نرى هذا من القرآن حتى نزلت:{ أَلۡهَىٰكُمُ ٱلتَّكَاثُرُ } التكاثر:1 قال ابن العربي: وهذا نص صحيح مليح غاب عن أهل التفسير، فجهلوا وجهّلوا، والحمد لله على المعرفة. وقال ابن عباس: قرأ النبي -صلى الله عليه وسلم-: { أَلۡهَىٰكُمُ ٱلتَّكَاثُرُ } التكاثر:1 قال: تكاثر الأموال: جمعها من غير حقها، ومنعها من حقها، وشدها في الأوعية. "
" الثانية: قوله تعالى: { حَتَّىٰ زُرۡتُمُ ٱلۡمَقَابِرَ } التكاثر:2 أي حتى أتاكم الموت فصرتم في المقابر زوارًا ترجعون منها كرجوع الزائر إلى منزله من جنة أو نار، يقال لمن مات: قد زار قبره. وقيل."
يعني عرف الأعرابي أن الموتى يُبعثون من قوله- جل وعلا-: { حَتَّىٰ زُرۡتُمُ ٱلۡمَقَابِرَ } التكاثر:2 لما سمعها قال: بعث القوم ورب الكعبة؛ لأن الزائر ما يمكث في المكان الذي يزوره، لا بد أن يرجع منه.
" وقيل: أي ألهاكم التكاثر حتى عددتم الأموات على ما تقدم، وقيل: هذا وعيد، أي اشتغلتم بمفاخرة الدنيا حتى تزوروا القبور فتروا ما ينزل بكم من عذاب الله عز وجل.
الثالثة: قوله تعالى: { ٱلۡمَقَابِرَ } التكاثر:2 جمع مقبَرة ومقبُرة بفتح الباء وضمها، والقبور جمع القبر، قال:
أرى أهل القصور إذا أُميتوا |
|
بنوا فوق المقابر بالصخور |
أبوا إلا مباهاة وفخرًا |
|
على الفقراء حتى في القبور |
وقد جاء في الشعر المقبَر، قال:
لكل أناس مَقبَر بفنائهم |
|
فهم ينقصون والقبور تزيد |
وهو المقبُري. "
المقبُري.
"وهو المقبُريّ لأبي سعيد المقبُري، وكان يسكن المقابر، وقبرت الميت أقبُره وأقبِره قبرًا أي دفنته، وأقبَرته أي أمرت بأن يقبر، وقد مضى في سورة عبس القول فيه، والحمد لله. "
{ أَمَاتَهُۥ فَأَقۡبَرَهُۥ } عبس:21 .
طالب: ...................
نعم، ماذا فيه؟
طالب: ...................
سعيد بن كيسان المقبري ما له بيت، لكن ما يلزم أنه يصلي، وما يلزم أن يكون... ما عندكم ناس يسكنون..؟
طالب: ...................
الحاجة.
طالب: ...................
لا ما يصلون، ما تصح الصلاة، لا ما يصلون.
" الرابعة: لم يأتِ في التنزيل ذكر المقابر إلا في هذه السورة، وزيارتها من أعظم الدواء للقلب القاسي؛ لأنها تذكر الموت والآخرة، وذلك يُحمل على قصر الأمر والزهد في الدنيا وترك الرغبة فيها، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروا القبور، فإنها تزهد في الدنيا، وتذكر الآخرة»، رواه ابن مسعود، أخرجه ابن ماجه، وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة: «فإنها تذكر الموت»، وفي الترمذي عن بريدة: «فإنها تذكر الآخرة» قال: هذا حديث حسن صحيح، وفيه عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لعن زوارات القبور، قال: وفي الباب عن ابن عباس وحسان بن ثابت قال أبو عيسى: وهذا حديث حسن صحيح، وقد رأى بعض أهل العلم أن هذا كان قبل أن يرخص النبي -صلى الله عليه وسلم- في زيارة القبور، فلما رخّص دخل في رخصته الرجال والنساء، وقال بعضهم: إنما كُره زيارة القبور للنساء؛ لقلة صبرهن وكثرة جزعهن. قلت. "
ولذا جاء اللعن: «لعن الله زوارات القبور».
" قلت: زيارة القبور للرجال متفق عليه عند العلماء، مختلف فيه للنساء، أما الشوابّ فحرام عليهن الخروج، وأما القواعد فمباح لهنّ ذلك، وجائز لجميعهن ذلك، إذا انفردن بالخروج عن الرجال، ولا يختلف في هذا، إن شاء الله، وعلى هذا المعنى يكون قوله: «زوروا القبور عامًّا»، وأما موضع أو وقت يخشى فيه الفتنة من اجتماع الرجال والنساء فلا يحل، ولا يجوز. "
بل قطعًا لا يجوز لا اتباع المرأة للجنازة ولا زيارتها للقبور؛ لما جُبلت عليه من الجزع والنياحة، وما حرّم الله عليها فإنها ليست بذات صبر، فإذا رأت الأموات جزِعت وناحت وصاحت، ولذلك جاء اللعن.
طالب: ...................
يعني هل تسلم؟
طالب: ...................
كما أنها تصلي على الميت إذا جيء به إلى المسجد وهي موجودة تصلي مع الناس، وهن شقائق الرجال، لكن لا يترتب على ذلك مشي وراء الجنازة ولا زيارة للقبور، ولا شيء، ما تدخل، محظور.
طالب: ...................
لا لا، لا تتبع الجنازة، ما يجوز.
طالب: ...................
مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- يأتون يسلمون، المحظور دخول المقبرة، أما مرورها بالسور ما فيه إشكال كغيرها، أما دخولها فهو الممنوع، ودخول الحجرة النبوية غير متيسر لا للرجال ولا للنساء.
طالب: ...................
والله المنع يحتاج إلى دليل؛ لأنه ليس فيه زيارة، وليس فيه دخول ولا شيء.
طالب: ...................
على كل حال لا تتبع الجنازة، المرأة لا تتبع الجنازة.
طالب: ...................
ماذا؟
طالب: ...................
لا ولا المقبرة ولا شيء، أين تروح؟
طالب: ...................
هو معه أهله وصلى على الجنازة، ويروح يدفن ويرجع وهو بالسيارة.
طالب: ...................
لا لا، داخل المقبرة ما يجوز بحال.
" فبينا الرجل يخرج ليعتبر، فيقع بصره على امرأة فيفتتن، وبالعكس فيرجع كل واحد من الرجال والنساء مأزورًا غير مأجور، والله أعلم. "
ليست هذه هي العلة، وإلا لو كانت هذه العلة لجرت ومشت على صلاتهن في المساجد، يفتتن بهن الرجال، ويفتتن بالرجال، لكن ليست هذه العلة.
" الخامسة: قال العلماء: ينبغي لمن أراد علاج قلبه وانقياده بسلاسل القهر إلى طاعة ربه أن يكثر من ذكر هاذم اللذات ومفرق الجماعات وموتم البنين والبنات، ويواظب على مشاهدة المحتضرين وزيارة قبور أموات المسلمين، فهذه ثلاثة أمور ينبغي لمن قسى قلبه ولزمه ذنبه أن يستعين بها على دواء دائه، ويستصرخ بها على فتن الشيطان وأعوانه. "
لكن إذا كان القلب لا يستفيد من هذه الأمور كلها، تردد على المقبرة، وينظر إلى القبور، ويقف على شفير القبر وقلبه غافل لاهٍ، بل وجد من يدخن على شفير القبر، أناس يتحاكون، وناس يتعازمون عل القبور، وواحد يقول والله إني أنظر في الحفرة حفرة القبر أو حفرة الزيت ما بينهما فرق، القلوب لا شك أنه غطى عليها الران، نسأل الله العافية، على الإنسان أن يعالج قلبه.
طالب: ...................
ينشل نعم، يستغلون الفرص، كلٌّ على ما هو عليه، كلٌّ على ما جبل عليه.
" فإن انتفع بالإكثار من ذكر الموت وانجلت به قساوة قلبه فذاك، وإن عظم عليه ران قلبه واستحكمت فيه دواعي الذنب، فإن مشاهدة المحتضرين وزيارة قبور أموات المسلمين تبلغ في دفع ذلك ما لا يبلغه الأول؛ لأن ذكر الموت إخبار للقلب بما إليه المصير. "
نعم، وليس الخبر كالمعاينة، الخبر أقل في التأثير من المعاينة، ولذلكم لما أخبر الله- جل وعلا- موسى بأن قومه عبدوا العجل ماذا حدث؟ ما فيه شك أنه تأثر لكن لما رآهم ألقى الألواح.
" وقائم له مقام التخويف والتحذير، وفي مشاهدة من احتُضر وزيارة قبر من مات من المسلمين معاينة ومشاهدة، فلذلك كان أبلغ من الأول قال -صلى الله عليه وسلم-: «ليس الخبر كالمعاينة»، رواه ابن عباس، فأما الاعتبار بحال المحتضرين فغير ممكن في كل الأوقات، وقد لا يتفق لمن أراد علاج قلبه في ساعة من الساعات، وأما زيارة القبور فوجودها أسرع والانتفاع بها أليق وأجدر، فينبغي لمن عزم على الزيارة أن يتأدب بآدابها، ويحضر قلبه في إتيانها، ولا يكون حضه منها التطواف على الأجداث فقط، فإن هذه حالة تشاركه فيه بهيمة، ونعوذ بالله من ذلك، بل يقصد بزيارته وجه الله تعالى، وإصلاح فساد قلبه أو نفع الميت بما يتلو عنده من القرآن والدعاء. "
قراءة القرآن في المقبرة أو عند القبور لا شك أنها من الأمور المبتدعة، فلا ينتفع لا هو ولا صاحب القبر، بل يأثم بذلك، يعتمدون على أحاديث ضعيفة مثل قراءة يس، «اقرؤوا يس على موتاكم»، وهذا الخبر ضعيف، ولو صح المراد به من حضره الموت يعني المحتضر كما قاله الشراح.
طالب: والدعاء- حفظك الله- الدعاء عند القبر ذهب للدعاء.
الدعاء لصاحب القبر لا إشكال فيه، وهذا مما ينتفع به المزور، أما دعاء الله عند القبر رجاء بركة البقعة، فهذه بدعة، ودعاء صاحب القبر شرك.
" ويتجنب المشي على المقابر والجلوس عليها، ويسلم إذا دخل المقابر، وإذا وصل إلى قبر ميته الذي يعرفه سلّم عليه أيضًا، وأتاه من تلقاء وجهه؛ لأنه في زيارته كمخاطبته حيًّا، ولو خاطبه حيًّا لكان الأدب استقباله بوجهه، فكذلك هاهنا، ثم يعتبر بمن صار تحت التراب وانقطع عن الأهل والأحباب بعد أن قاد الجيوش والعساكر، ونافس الأصحاب والعشائر، وجمع الأموال والذخائر، فجاءه الموت في وقت لم يحتسبه، وهولٍ لم يرتقبه، فليتأمل الزائر حال من مضى من إخوانه، ودرج من أقرانه الذين بلغوا الآمال، وجمعوا الأموال، كيف انقطعت آمالهم ولم تغن عنهم أموالهم، ومحا التراب محاسن وجوههم، وافترقت في القبور أجزاؤهم، وترمل من بعدهم نساؤهم، وشمل ذل اليتم أولادهم، وأقسم غيرهم. "
اقتسم.
" واقتسم غيرهم طريفهم وتلادهم. "
يعني أموالهم القديمة والحديثة.
" وليتذكر ترددهم في المآرب وحرصهم على نيل المطالب، وانخداعهم لمواتاة الأسباب، وركونهم إلى الصحة والشباب، وليعلم أن ميله إلى اللهو واللعب كميلهم، وغفلته عما بين يديه من الموت الفظيع والهلاك السريع كغفلتهم، وأنه لا بد صائر إلى مصيرهم، وليحضر بقلبه ذكر من كان مترددًا في أغراضه وكيف تهدمت رجلاه، وكان يتلذذ بالنظر إلى ما خُوِّله وقد سالت عيناه، ويصول ببلاغ نطقه وقد أكل الدود لسانه، ويضحك لمواتاة دهره وقد أبلى التراب أسنانه، وليتحقق أن حاله كحاله ومآله كمآله، وعند هذا التذكر والاعتبار تزول عنه جميع الأغيار الدنيوية، ويقبل على الأعمال الأخروية، فيزهد في دنياه، ويقبل على طاعة مولاه، ويلين قلبه، وتخشع جوارحه. "
الله المستعان، اللهم أحيِ قلوبنا.
" قوله تعالى: { كَلَّا } التكاثر: ٣ قال الفراء: أي ليس الأمر على ما أنتم عليه من التفاخر والتكاثر والتمام على هذا. { كَلَّا سَوۡفَ تَعۡلَمُونَ } التكاثر:3 أي سوف تعلمون عاقبة هذا. { ثُمَّ كَلَّا سَوۡفَ تَعۡلَمُونَ } التكاثر:4 وعيد بعد وعيد، قاله مجاهد، ويحتمل أن يكون تكراره على وجه التأكيد والتغليظ، وهو قول الفراء، وقال ابن عباس: كلا سوف تعلمون ما ينزل بكم من العذاب في القبر، ثم كلا سوف تعلمون في الآخرة إذا حل بكم العذاب، فالأول في القبر، والثاني في الآخرة، فالتكرار للحالتين، وقيل: كلا سوف تعلمون عند المعاينة أن ما دعوتكم إليه حق، ثم كلا سوف تعلمون عند البعث أن ما وعدتكم به صدق. وروى زر بن حبيش عن علي- رضي الله عنه- قاله: كنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت هذه السورة. "
قاله.. أم قال؟
طالب: ...................
قال، نعم قال.
" قال: كنا نشك في عذاب القبر حتى نزلت هذه السورة، فأشار إلى أن قوله: { كَلَّا سَوۡفَ تَعۡلَمُونَ } التكاثر:3 يعني في القبور، وقيل: كلا سوف تعلمون إذا نزل بكم الموت وجاءتكم رسل لتنزع أرواحكم، ثم كلا سوف تعلمون إذا دخلتم قبوركم وجاءكم منكر ونكير، وحاط بكم هول السؤال، وانقطع عنكم الجواب. قلت: فتضمنت السورة القول في عذاب القبر، وقد ذكرناه في كتاب التذكرة أن الإيمان به واجب، والتصديق به لازم، حسبما أخبر به الصدق، وأن الله تعالى يحيي العبد المكلف في قبره برد الحياة إليه، ويجعل له من العقل في مثل الوصف الذي عاش فيه؛ ليعقل ما يُسأل عنه وما يجيب به ويفهم ما أتاه من ربه وما أُعد له في قبره من كرامةٍ وهوان، وهذا هو مذهب أهل السنة والذي عليه الجماعة من أهل الملة. "
وقد أنكر عذاب القبر المعتزلة، أنكروا والأدلة عليه من الكتاب والسنة متظاهرة { ٱلنَّارُ يُعۡرَضُونَ عَلَيۡهَا غُدُوّٗا وَعَشِيّٗاۚ وَيَوۡمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدۡخِلُوٓاْ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ أَشَدَّ ٱلۡعَذَابِ } غافر:46 فعرضهم عليها غدوًا وعشيًا هذا في القبور، في البرزخ، النبي -عليه الصلاة والسلام- مر بقبرين قال: «إنهما ليعذبان، وما يعذبان في كبير»، وهما في القبر، على كل حال الأدلة ظاهرة، واتفق على إثبات عذاب القبر أهل السنة والجماعة.
طالب: ...................
لا، هو أصل الإيمان باليوم الآخر الإيمان بالبعث وتفاصيله، ما فيه شك أن الإيمان به على حسب قوة ما جاء فيها من النص، فما كان دليله قطعيًّا يكون إنكاره كفرًا، بخلاف ما كان دليله على اصطلاحهم يكون أمره لا يصل إلى الكفر، لكن إذا صح الدليل فلا يسوغ لأحد إنكاره.
" وقد ذكرناه هناك مستوفى، والحمد لله، وقيل: كلا سوف تعلمون عند النشور أنكم مبعوثون، ثم كلا سوف تعلمون في القيامة أنكم معذبون، وعلى هذا تضمنت أحوال القيامة من بعث وحشر وسؤال وعرض إلى غير ذلك من أهوالها وأفزاعها حسب ما ذكرناه في كتاب التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة، وقال الضحاك: { كَلَّا سَوۡفَ تَعۡلَمُونَ } التكاثر:3 يعني الكفار.{ ثُمَّ كَلَّا سَوۡفَ تَعۡلَمُونَ } التكاثر:4 قال المؤمنون: وكذلك كان يقرؤها الأولى بالتاء، والثانية بالياء. قوله تعالى: { كَلَّا لَوۡ تَعۡلَمُونَ عِلۡمَ ٱلۡيَقِينِ } التكاثر:5 أعاد كلا، وهو زجر وتنبيه؛ لأنه عقّب كل واحد بشيء آخر، كأنه قال: لا تفعلوا فإنكم تندمون، لا تفعلوا فإنكم تستوجبون العقاب، وإضافة العلم إلى اليقين كقوله تعالى: { إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ حَقُّ ٱلۡيَقِينِ } الواقعة:95، وقيل: اليقين هاهنا الموت، قاله قتادة، وعنه أيضًا: البعث؛ لأنه إذا جاء زال الشك أي لو تعلمون علم البعث، وجواب لو محذوف أي لو تعلمون اليوم من البعث ما تعلمونه إذا جاءتكم نفخة الصور، وانشقت اللحود عن جثثكم كيف يكون حشركم، لشغلكم ذلك عن التكاثر بالدنيا، وقيل: كلا لو تعلمون.. "
لآمنتم وصدقتم وأيقنتم بما أمامكم.
" وقيل: { كَلَّا لَوۡ تَعۡلَمُونَ عِلۡمَ ٱلۡيَقِينِ } التكاثر:5 أي لو قد تطايرت الصحف، فشقي وسعيد، وقيل: إن كلا في هذه المواضع الثلاثة بمعنى ألا، قاله ابن أبي حاتم، وقال الفراء: هي بمعنى حقًّا، وقد تقدم الكلام فيها مستوفى. "
" قوله تعالى: { لَتَرَوُنَّ ٱلۡجَحِيمَ ) التكاثر: ٦ هذا وعيد آخر، وهو على إضمار القسم، أي لترون الجحيم في الآخرة، والخطاب للكفار الذين وجبت لهم النار، وقيل: هو عام كما قال:{ وَإِن مِّنكُمۡ إِلَّا وَارِدُهَا } مريم:71 فهي للكفار دار وللمؤمنين ممر، وفي الصحيح: فيمر أولهم كالبرق ثم كالريح ثم كالطير. "
عندك علم اليقين وحق اليقين وعين القين ثلاث مراتب، أدناها علم اليقين، ثم حق اليقين، ثم عين اليقين، مثّل لذلك ابن القيم بأنه لو ذكر لك من قبل الثقات أن العسل يباع في الأسواق قال: إن العسل موجود في السوق يباع، وهم ثقات وعدد وجمع هذا لا تشك في علمهم وهذا علم، لكن إذا ذهبت إلى السوق ورأيته بعينك هذا أعلى أم أقل؟ أعلى وأشد، هذا صار حق اليقين، ثم بعد ذلك إذا أخذت منه وأكلت فهذا عين اليقين، يعني ما فيه أي تردد، ولا يعتريه شيء؛ لأن الخبر وإن كان المخبر ثقة أو ثقات فقد يعتريه خطأ لا يلزم أن يكون كذبًا، لكن قد يخطئ المخبر، وإذا رأيته قد تكذب عينك لأمر من الأمور، إما لضعف بصر أو لشدة زحام وتقول: أن هذا، بعض الناس يكذب بصره لاسيما إذا عورض مثل الجارية أو زوجة عبد الله بن رواحة لما رأته قالت: اقرأ القرآن، فقرأ شيئًا من شعره، قالت: صدق الله، وكذب بصري: لكن إذا أكل منه، فما بقي يحتمل شيئًا بعد.
" وفي الصحيح: فيمر أولهم كالبرق، ثم كالريح، ثم كالطير، الحديث، وقد مضى في سورة مريم. وقرأ الكسائي وابن عامر: لتُروُن بضم التاء من أريته الشيء أي تحشرون إليها فترونها، وعلى فتح التاء هي قراء الجماعة أي لترون الجحيم بأبصاركم على البعد، ثم لترونها عين اليقين أي مشاهدة، وقيل: هو إخبار عن دوام مقامهم في النار، أي هي رؤية دائمة متصلة، والخطاب على هذا للكفار، وقيل: معنى { لَوۡ تَعۡلَمُونَ عِلۡمَ ٱلۡيَقِينِ } التكاثر:5 أي لو تعلمون اليوم في الدنيا علم اليقين فيما أمامكم مما وصفت لترون الجحيم بعيون قلوبكم، فإن علم اليقين يريك الجحيم بعين فؤادك، وهو أن تتصور لك تارات القيامة وقطع مسافاتها.{ ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيۡنَ ٱلۡيَقِينِ } التكاثر:7 أي عند المعاينة بعين الرأس، فتراها يقينًا لا تغيب عن عينك. { ثُمَّ لَتُسۡـَٔلُنَّ يَوۡمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ } التكاثر:8 في موقف السؤال والعرض. قوله تعالى: { ثُمَّ لَتُسۡـَٔلُنَّ يَوۡمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ } التكاثر:8 روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم أو ليلة، فإذا هو بأبي بكر وعمر فقال: «ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟» قال: الجوع يا رسول الله، قال: «وأنا والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما قوما» فقاما معه فأتى رجلاً من الأنصار، فإذا هو ليس ببيته.. "
ما جاء في صفة عيشه -عليه الصلاة والسلام- من الأحاديث الصحيحة فيه معتبر للمسلم، وفيه أيضًا مراجعة لحسابه، فبدلاً من أن يتشبث بهذه الدنيا، وأكرم الخلق على الله وأفضلهم وأشرفهم يمر الشهر والشهران ثلاثة أهلة، هلال ثم هلال ثم هلال ما يوقد في بيته نار، ويخرجه الجوع، ويربط الحجر على بطنه من الجوع، لو كانت هذه الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرًا منها شربة ماء، ومع ذلك الكفار يتنعمون؛ لأن الدنيا جنة الكافر وسجن المؤمن بخلاف الآخرة.
" فأتى رجلاً من الأنصار، فإذا هو ليس في بيته، فلما رأته المرأة قالت: مرحبًا وأهلاً، فقال لها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أين فلان؟» قالت: يستعذب لنا الماء، إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه ثم قال: الحمد لله، ما أحد اليوم أكرم أضيافًا مني، قال: فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب فقال: كلوا من هذه، وأخذ المدية فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إياك والحَلُوب»، فذبح لهم، فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا، فلما أن شبعوا ورووا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر وعمر: «والذي نفسي بيده لتسألن عن نعيم هذا اليوم يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم»، خرجه الترمذي وقال فيه: هذا والذي نفسي بيده من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة ظل بارد ورطب طيب وماء بارد.. "
والحديث في صحيح مسلم، الحديث في الصحيح.
" وكنى الرجل الذي من الأنصار فقال: أبو الهيثم بن التيهان، وذكر قصته. قلت: اسم هذا الرجل الأنصاري مالك بن التيهان، ويكنى أبا الهيثم، وفي هذه القصة يقول عبد الله بن رواحة يمدح بها أبا الهيثم بن التيهان:
فلم أرَ كالإسلام عزًّا لأمة |
|
ولا مثل أضياف الإراشي معشرًا |
نبي وصديق وفاروق أمة |
|
وخير بني حواء فرعًا وعنصرًا |
فوافوا لميقات وقدر قضية |
|
وكان قضاء الله قدرًا مقدرًا |
إلى رجل نجد يباري بجوده |
|
شموس الضحى جودًا ومجدًا ومفخرًا |
وفارس خلق الله في كل غارة |
|
إذا لبس القوم الحديد المسمرًا |
ففدى وحيى ثم أدنى قراهم |
|
فلم يقرهم إلا سمينًا متمرًا |
وقد ذكر أبو نعيم الحافظ عن أبي عسيب مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: خرج علينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلاً، فخرجت إليه، ثم مر بأبي بكر فدعاه فخرج إليه، ثم مر بعمر فدعاه فخرج إليه، فانطلق حتى دخل حائطًا لبعض الأنصار، فقال لصاحب الحائط: «أطعمنا بُسرًا»، فجاء بعذق فوضعه فأكلوا، ثم دعا بماء فشرب فقال: «لتسألن عن هذا يوم القيامة»، قال: وأخذ عمر العذق فضرب به الأرض حتى تناثر البسر نحو وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: يا رسول الله، إنا لمسؤولون عن هذا يوم القيامة؟ قال: «نعم، إلا من ثلاث كسرة يسد بها جوعته، أو ثوب يستر به عورته، أو جحر يأوي إليه من الحر والقر»."
يعني بيت يؤويهم من الحر والقر، يعني بقدر ما يؤويه، بقدر الحاجة، لا يزيد على ذلك، وما زاد عن الحاجة فإنه يُسأل عنه.
" واختلف أهل التأويل في النعيم المسؤول عنه على عشرة أقوال؛ أحدها: الأمن والصحة، قاله ابن مسعود. الثاني: الصحة والفراغ، قاله سعيد بن جبير، وفي البخاري عنه- عليه السلام-: «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ»."
لأنهم لا يستغلونها حسبما ينبغي، والشيء إذا لم يُستغل ويضيع ويفرط فيه هذا الغبن.
" الثالث: الإدراك بحواس السمع والبصر، قاله ابن عباس، وفي التنزيل: { إِنَّ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡبَصَرَ وَٱلۡفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَٰٓئِكَ كَانَ عَنۡهُ مَسۡـُٔولٗا } الإسراء:36 . "
يعني إذا ما شُكرت هذه النعم فإنه يسأل عنها فضلاً عن أن تستعمل فيما لا يرضي الله- جل وعلا.
" وفي الصحيح عن أبي هريرة وأبي سعيد قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «يؤتى بالعبد يوم القيامة فيقول له: ألم أجعل لك سمعًا وبصرًا ومالاً وولدًا؟». الحديث خرّجه الترمذي وقال فيه: حديث حسن صحيح. الرابع: ملاذّ المأكول والمشروب، قاله جابر بن عبد الله الأنصاري، وحديث أبي هريرة يدل عليه. الخامس: أنه الغداء والعشاء، قاله الحسن. السادس: قول مكحول الشامي أنه شبع البطون وبارد الشراب وظلال المساكن واعتدال الخلق واعتدال.. "
الخلُق ومثله الخلْق.
" الخلُق ولذة النوم. ورواه زيد بن أسلم عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لتسألن يومئذٍ عن النعيم، يعني عن شبع البطون»، فذكره ذكره الماوردي وقال: وهذا السؤال يعم الكافر والمؤمن إلا أن سؤال المؤمن تبشير بأن يجمع له بين نعيم الدنيا ونعيم الآخرة، وسؤال الكافر تقريع أن قابل نعيم الدنيا بالكفر والمعصية، وقال قوم: هذا السؤال عن كل نعمة إنما يكون في حق الكفار، فقد روي أن أبا بكر لما نزلت هذه الآية قال: يا رسول الله، أرأيتُ أكلة أكلتها معك في.. "
أرأيتَ.
" أرأيتَ أكلة أكلتها معك في بيت أبي الهيثم بن التيهان من خبز شعير ولحم وبسر قد ذنَّب وماء عذب، أتخاف علينا أن يكون هذا من النعيم الذي نسأل عنه فقال -عليه السلام-: «ذلك للكفار ثم قرأ { وَهَلۡ نُجَٰزِيٓ إِلَّا ٱلۡكَفُورَ } سبأ: ١٧ » ذكره.. "
لكن الحديث الصحيح في مسلم وغيره قال النبي تلا الآية النبي -عليه الصلاة والسلام- إثر أكلهم ما ذكر.
ذكره.
لكن ما يلزم أن يكون نتيجة السؤال فيها شيء من التثريب أو شيء مما يواجه به المسؤول إذا كان من الكفار أو ممن كفر النعمة على الأقل، أقول: هؤلاء حصلت لهم هذه النعمة والمجزوم بهم أنهم يستعملونها فيما يرضي الله ويستعينون بها على ذلك.
طالب: ...................
هو «ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان» يقرره، يذكر نعمه التي أنعم عليهم بها، وأيضًا يسأله عما صنع بها؛ «لن تزول قدما عبد حتى يسأل عن كذا وكذا وكذا».
" ذكره القشيري أبو نصر، وقال الحسن: لا يسأل عن النعيم إلا أهل النار. وقال القشيري: والجمع بين الأخبار أن الكل يسألون، ولكن سؤال الكفار توبيخ؛ لأنه قد ترك الشكر، وسؤال المؤمن سؤال تشريف؛ لأنه شكر، وهذا النعيم في كل نعمة. قلت: هذا القول حسن؛ لأن اللفظ يعم، وقد ذكر الفريابي قال: حدثتنا ورْقاء. "
حدثنا ورْقاء.
" حدثنا ورْقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى: { ثُمَّ لَتُسۡـَٔلُنَّ يَوۡمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ } التكاثر:8 قال: كل شيء من لذة الدنيا. وروى أبو الأحوص عن عبد الله عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إن الله تعالى ليعدد نعمه على العبد يوم القيامة حتى يعد عليه سألتني فلانة أن أزوجكها فيسميها باسمها فزوجتكها»، وفي الترمذي عن أبي هريرة.. "
مخرّج هذا؟
طالب: ...................
نعم، غالب عليه الضعف.
" وفي الترمذي عن أبي هريرة قال: لما نزلت هذه الآية { ثُمَّ لَتُسۡـَٔلُنَّ يَوۡمَئِذٍ عَنِ ٱلنَّعِيمِ } التكاثر:8 قال الناس: يا رسول الله، عن أي النعيم نُسأل؟ فإنما هما الأسودان، والعدوّ حاضر، وسيوفنا على عواتقنا. "
التمر والماء، لما سئلت قيل: ما طعامكم قالت: الأسودان التمر والماء.
" والعدوّ حاضر، وسيوفنا على عواتقنا قال: «إن ذلك سيكون»، وعنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن أوّل ما يسأل عنه يوم القيامة يعني العبد أن يقال له: ألم نصحح لك جسمك»."
نصح ألم نصح.
"«ألم نصحَّ لك جسمَك ونرويك من الماء البارد؟» قال: حديث ابن عمر قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إذا كان يوم القيامة دعا الله بعبد من عباده فيوقفه بين يديه فيسأله عن جاهه، كما يسأله عن ماله، والجاه من نعيم الدنيا لا محالة»، وقال مالك- رحمه الله-: إنه. "
مقدم عند كثير من الناس الجاه الذي هو حب الشرف مقدم على المال، كما أن المال مقدم عند قوم آخرين على الجاه وغيره، فمن الناس من رغبته في الجاه يحب السيطرة والسيادة، ويأمر وينهى، ومنهم المال أهم عليه؛ لأن الجاه معنوي إذا احتاج شيئًا ما نفعه جاهه إلا بذل، والمال ينفعه مع عز، وكلاهما مفسدان لدين المرء، «ما ذئبان جائعان أرسلا في زريبة غنم بأضر لها من حب الشرف والمال لدين المرء».
" وقال مالك- رحمه الله-: إنه صحة البدن وطيب النفس، وهو القول السابع، وقيل: النوم مع الأمن والعافية، وقال سفيان بن عيينة: إنما سد الجوع وستر العورة من خشن الطعام واللباس لا يسأل عنه المرء يوم القيامة، وإنما يسأل عن النعيم، قال: والدليل عليه أن الله تعالى أسكن آدم الجنة فقال له: { إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعۡرَىٰ ١١٨ وَأَنَّكَ لَا تَظۡمَؤُاْ فِيهَا وَلَا تَضۡحَىٰ ١١٩ } طه: ١١٨ - ١١٩ فكانت هذه الأشياء الأربعة ما يُسد به الجوع، وما يدفع به العطش، وما يستكنّ فيه من الحر، ويستر به عورته لآدم- عليه السلام- بالإطلاق لا حساب عليه فيها؛ لأنه لا بد له منها. قلت: ونحو هذا الذي ذكره القشيري أبو نصر قال: إن مما لا يُسأل عنه العبد لباسًا يواري سوأته، وطعامًا يقيم صلبه، ومكانًا يكنّه من الحر والبرد. قلت: وهذا منتزع من قوله -عليه السلام-: «ليس لابن آدم حق في سوى هذه الخصال؛ بيت يسكنه، وثوب يواري عورته، وجلف الخبز والماء» خرجه الترمذي. "
ماذا قال عنه خرّجه؟
طالب: ...................
ما أعيد تخريجه.
" وقال النضر بن شميل: جلف الخبز ليس معه إدام. وقال محمد بن كعب: النعيم هو ما أنعم الله علينا بمحمد -صلى الله عليه وسلم-، وفي التنزيل.. "
لا شك أن هذه هي أعظم النعم الذي دلك وهداك وأرشدك إلى الدين، الذي هو رأس مالك وسبب نجاتك.
" وفي التنزيل: { لَقَدۡ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ إِذۡ بَعَثَ فِيهِمۡ رَسُولٗا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ } آل عمران:164 وقال الحسن أيضًا: والمفضل هو تخفيف الشرائع وتيسير القرآن، قال الله تعالى: { وَمَا جَعَلَ عَلَيۡكُمۡ فِي ٱلدِّينِ مِنۡ حَرَجٖ } الحج:78، وقال تعالى: { وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ } القمر:17 قلت: وكل هذه نعم فيُسأل العبد عنها هل شكر ذلك أم كفر؟ والأقوال المتقدمة أظهر، والله أعلم. "
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه...
"