السند المُأَنَّن كالسند المُعَنْعن عند جمهور أهل العلم.
........................... |
| وَحُكْمُ (أَنَّ) حُكمُ (عَنْ) فَالجُلُّ |
سَوَّوْا، وَللقَطْعِ نَحَا (البَرْدِيْجِيْ) |
| حَتَّى يَبِينَ الوَصْلُ في التَّخْرِيجِ |
البرديجي: أحمد بن هارون يرى أن (أنَّ) منقطعة حتى يَبين الوصل، وتختلف عن (عن)، فالمُأَنَّن يختلف عن السند المُعَنْعن عنده، ونسب القول بهذا ابنُ الصلاح للإمام أحمد ويعقوب ابن شيبة، واستدل بحديث (عن محمد بن الحنفية أنَّ عمارًا مرَّ بالنبي -صلى الله عليه وسلم-) قال: (منقطع)؛ بينما الرواية الأخرى (عن محمد بن الحنفية عن عمار أنه مَرَّ بالنبي -عليه الصلاة والسلام-) قال: (متصل)؛ لأن الأول (أنَّ عمارًا)، والثاني (عن عمار)، فحكى عن أحمد ويعقوب بن شيبة أن الأول منقطع، والثاني متصل، فقال: إن أحمد ويعقوب بن شيبة يفرقان بين (أنَّ) و(عن)، استدلالًا بهذا الحديث، لكن قال الحافظ العراقي في ألفيته:
........................ |
| كذا لَه ولم يُصوِّب صَوْبهْ |
يعني ما أدرك السبب في التفريق، وهو أنه ليس لمجرد تغيُّر الحرف، ولكن محمد بن الحنفية حينما يقول: (أنَّ عمارًا مرَّ بالنبي -صلى الله عليه وسلم-) هو يحكي قصة لم يُدركها، فهي حصلت قبل ولادته، فالرواية منقطعة، فمثلًا لو أن طالب علم ممن عمره ثلاثون سنة يقول: (أنَّ الشيخ فلان)، ممن مات قبل أربعين سنة، هل نقول: (متصل)؟! قطعًا لا، لكن لو أنَّ هذا الشيخ طالت به الحياة وأدركه هذا الطالب ثم روى القصة عنه من لفظه (عن فلان وقال لي: كذا) صارت متصلة، وليس مرد ذلك إلى اختلاف الحرف وإنما المردُّ في كون الراوي يحكي قصة لم يشهدها بـ(أنَّ) فتكون منقطعة، فقول محمد بن الحنفية: (أنَّ عمارًا مرَّ بالنبي -صلى الله عليه وسلم-) فهل هو أدرك النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ لا، لم يدركه، إذن هو يحكي قصة لم يشهدها، فهي منقطعة، وحينما يقول: (عن عمار أنَّه مرَّ بالنبي -عليه الصلاة والسلام-) يحكي القصة عن صاحبها –وهو عمار- وقد أدركه، ولذا قال الحافظ العراقي: (كذا له -يعني لابن الصلاح- ولم يصوِّب صوبهْ) يعني ما أدرك السبب الحقيقي لحكم أحمد ويعقوب بن شيبة، والأصل أن حكم (أنَّ) حكم (عن).