في الاصطلاح عند أهل العلم أن المقطوع قسيم للمرفوع والموقوف، فالمرفوع ما أضيف إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، والموقوف ما يضاف إلى الصحابي، والمقطوع ما يضاف إلى التابعي فمن دونه.
والمنقطع ما لم يتصل إسناده، ويشمل أنواع الانقطاع: الإرسال، والإعضال، والانقطاع الظاهر، والانقطاع الخفي، إلى غير ذلك، فالمقطوع في الاصطلاح غير المنقطع، حيث إن المقطوع ما يضاف إلى التابعي فمن دونه، والمنقطع ما في إسناده سقط سواء كان من أوله أو من آخره أو في أثنائه بواحد أو بأكثر، هذا في الجملة يسمى منقطعًا؛ لأنه لم يتصل إسناده، وبعضهم يُطلق (المقطوع) ويريد (المنقطع)، وبعضهم يعكس يُطلق (المنقطع) ويريد به (المقطوع)، لكن هذا الذي ذكرناه أولًا هو اصطلاح الأكثر وهو الذي استقر عليه الأمر، ولذلك لا يرون الجمع بين المقطوع مع الاتصال، يقولون: (هذا مرفوع متصل)، ويقولون: (هذا موقوف متصل)، ولا شك أن النظر مختلف بين الرفع والاتصال، وكذا بين الوقف والاتصال، يبقى المقطوع وهو ما أضيف إلى التابعي، فلم يروا أن يُطلق عليه (الموصول) و(المتصل) بأن يقال: (هذا مقطوع متَّصل) أو (هذا مقطوع موصول)؛ للتنافر اللفظي بين القطع والاتصال، فالمقطوع من القطع، والموصول من الاتصال، وبينهما تنافر لفظي، وإلا ففي الحقيقة أن الجهة منفكَّة، فالنظر من حيث الاصطلاح في (المقطوع): إلى النسبة، والنظر من حيث الاصطلاح في (الموصول): إلى اتصال الإسناد، وحينئذٍ فلا يُمنع منه إلَّا من جهة التنافر اللفظي فقط، وإلَّا إذا بُيِّن وقيل: (إن هذا "مقطوع" يعني مضاف إلى التابعي الحسن البصري، وهو "متصل" إلى الحسن)، أو: (إن هذا "مقطوع" بمعنى أنه مضاف إلى التابعي سعيد بن المسيب، وهو "متصل" إلى سعيد) أو إلى من دونهما، فلا إشكال في ذلك؛ لأنه واضح.
وفي قول الله تعالى: {فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ} [الحج: ٤] إذا نظرنا فقط إلى الكلمتين مجردتين قلنا: (بينهما تنافر)، لكن إذا نظرنا إلى المعنى، {يضله} عن سبيل الله وصراطه المستقيم، و{يهديه} إلى عذاب السعير، -نسأل الله العافية- فلا إشكال، فإذا انفكَّت الجهة فلا مانع، لكن ينبغي أن يُبيَّن مُتعلَّق اللفظ ومتعلَّق ما يناقضه في اللفظ.