صرح أهل العلم بأنه لا مانع من وضع المصحف على الأرض إذا كانت طاهرةً، مع استشعار القارئ عظمة كلام الله -جل وعلا-، وأنه مجرد ظرف طاهر ومكان طاهر يوضع عليه المصحف، وإن كان المكان المرتفع أولى.
والوضعُ يختلف عن الإلقاء الذي هو من عظائم الأمور، وفيه استخفاف بكلام الله -جل وعلا-، أما مجرد وضعه على الأرض فلا مانع منه فيما قرره أهل العلم، وبهذا نفهم الفرق بين وضع الركبتين على الأرض وبين البروك كبروك البعير المنهي عنه في الحديث «إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير، وليضع يديه قبل ركبتيه» [أبو داود: 840]، «يضع» مجرد وضع، مثلما قلنا في وضع المصحف، وهو وضع أي شيء يوضع على الأرض مجرد وضع، لكن بروك البعير هو النزول بقوة، إنما يقال: برك البعير وحَصْحَصَ البعير، إذا أثار الغبارَ وفرَّق الحصى، هذا المنهي عنه، فلا يبرك كما يبرك البعير بقوة على الأرض، وإنما يضع ركبتيه قبل يديه، ولا تعارض بين صدر الحديث وعجزه على هذا خلافًا لمن يقول: إن فيه نوعَ تعارضٍ وقلبٍ على الراوي، فهذا ليس فيه شيء من ذلك، وإنما هذا المراد منه، والله أعلم.
فالرابط بين هذا وبين وضع المصحف أنه يوضع على الأرض مجرد وضع، والمنهي عنه -مثلما نظَّرنا في هذا الحديث- هو البروك كما يبرك البعير بقوة، وذلك بأن يثير الغبار ويفرِّق الحصى، أما إذا وضع ركبتيه مجرد وضع فهذا لا يدخل في النهي، بل فيه «وليضع يديه قبل ركبتيه»، وكذلك وضع المصحف إذا وضعه مجرد وضع.