شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (20)
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، اللهم اغفر لشيخنا والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال الإمام مسلم -رحمه الله تعالى-: "وحدثنا يحيى بن يحيى ومحمد بن رمح قالا: أخبرنا الليث ح وحدثنا قتيبة قال: حدثنا ليث عن ابن شهاب عن عروة ابن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يهدي من المدينة فأفتل قلائد هديه ثم لا يجتنب شيئاً مما يجتنب المحرم".
وحدثنيه حرملة بن يحيى قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب بهذا الإسناد مثله.
وحدثناه سعيد بن منصور وزهير بن حرب قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ح وحدثنا سعيد بن منصور وخلف بن هشام وقتيبة بن سعيد قالوا: أخبرنا حماد بن زيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: كأني أنظر إليّ أفتل قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنحوه.
وحدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال: سمعت عائشة -رضي الله عنها- تقول: "كنت أفتل قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي هاتين، ثم لا يعتزل شيئاً ولا يتركه".
وحدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب قال: حدثنا أفلح عن القاسم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "فتلت قلائد بدن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي ثم أشعرها وقلدها، ثم بعث بها إلى البيت، وأقام بالمدينة فما حرم عليه شيء كان له حلاً.
وحدثنا علي بن حجر السعدي ويعقوب بن إبراهيم الدورقي قال ابن حجر: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن القاسم وأبي قلابة عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبعث بالهدي أفتل قلائدها بيدي ثم لا يمسك عن شيء لا يمسك عنه الحلال".
وحدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا حسين بن الحسن قال: حدثنا ابن عون عن القاسم عن أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: "أنا فتلت تلك القلائد من عهنٍ كان عندنا، فأصبح فينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حلالاً يأتي ما يأتي الحلال من أهله، أو يأتي ما يأتي الرجل من أهله".
وحدثنا زهير بن حرب قال: حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "لقد رأيتني أفتل القلائد لهدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الغنم فيبعث به ثم يقيم فينا حلالاً".
وحدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قال يحيى: أخبرنا وقال الآخران: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "ربما فتلت القلائد لهدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيقلِّد هديه ثم يبعث به، ثم يقيم لا يجتنب شيئاً مما يجتنب المحرم".
وحدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قال يحيى: أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "أهدى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرة إلى البيت غنماً فقلدها".
وحدثنا إسحاق بن منصور قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثني أبي قال: حدثني محمد بن جحادة عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: كنا نقلد الشاء فنرسل بها، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حلال لم يحرم عليه منه شيء.
حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أن ابن زياد كتب إلى عائشة أن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "من أهدى هدياً حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر الهدي، وقد بعثت بهديي، فاكتبي إليَّ بأمرك، قالت عمرة: قالت عائشة: "ليس كما قال ابن عباس، أنا فتلت قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي، ثم قلدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده، ثم بعث بها مع أبي، فلم يحرم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيء أحله الله له حتى نحر الهدي".
وحدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن مسروق قال: سمعت عائشة -رضي الله عنها- وهي من وراء الحجاب تصفق وتقول: كنت أفتل قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي ثم يبعث بها، وما يمسك عن شيء مما يمسك عنه المحرم حتى ينحر هديه".
وحدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الوهاب قال: حدثنا داود ح وحدثنا ابن نمير قال: حدثنا أبي قال: حدثنا زكريا كلاهما عن الشعبي عن مسروق عن عائشة بمثله عن النبي -صلى الله عليه وسلم-".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وحدثنا يحيى بن يحيى ومحمد بن رمح قالا: أخبرنا الليث ح وحدثنا قتيبة قال: حدثنا ليث عن ابن شهاب عن عروة ابن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يهدي من المدينة" يعني بالإمكان أن يبعث الإنسان هديه إلى البيت وهو مقيمٌ في بلده، ولا يلزم أن يصحبه معه، وإذا بعث به وهو في بلده صار حلالاً، ولا يلزمه شيء ممن يلزم المحرم بمجرد بعث الهدي، فلا يمتنع عما أحل الله له إلا إذا دخل في النسك، نوى الدخول في النسك، والهدي يختلف عن الأضحية، فإذا بعث الهدي لا يمسك عن شيء، بينما إذا أراد أن يضحي فلا يجوز أن يمس من شعره ولا من بشرته شيئاً، فهنا تقول -رضي الله عنها-: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يهدي من المدينة، فأفتل قلائد هديه" القلائد: ما يقلده الهدي، ويشترك فيه الجميع من الإبل والبقر والغنم، فهي تُقلد نعال مثلاً، وتجلل أيضاً، وأما الإشعار فهو خاصٌ بالإبل والبقر، أما الغنم فإنها لا تشعر، "فأفتل قلائد هديه -عليه الصلاة والسلام-، ثم لا يجتنب شيئاً مما يجتنب المحرم" يبقى حلالاً كما كان، أقول: عائشة -رضي الله عنها- ساقت الخبر لأنه وجد في زمنها من يرى الإمساك ممن بعث الهدي، إذا بعث الهدي لزمه أن يمسك تشبهاً بمن دخل في النسك، أو تشبهاً بمن أراد أن يضحي؛ لكن قولها: "فما حرم عليه شيء كان حلٌ له، ويصنع ما يصنع الرجل مع أهله" كأنها تريد أنه لا يجتنب ما يجتنبه المحرم، وأنه لا يصير محرماً بمجرد ذلك، سيأتي عن ابن عباس أنه كان يرى أن من بعث الهدي يلزمه أن يمسك، وهل يلزمه الإمساك عن كل ما يمسك عنه المحرم، أو هو مشبه بمن أراد التضحية؟ عائشة سيأتي أنه إذا بعث هديه له أن ينام مع أهله، وأن يصنع مع أهله ما كان يصنعه قبل ذلك، فليس بمحرم، وليس بمشبه للمحرم، وابن عباس يرى أنه يمسك، وكذلك ابن عمر، والمعروف عند أهل الرأي؛ لكن جماهير أهل العلم على ما قالت عائشة -رضي الله تعالى عنها-.
يقول: "وحدثنيه حرملة بن يحيى قال: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب بهذا الإسناد مثله.
وحدثناه سعيد بن منصور وزهير بن حرب قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن عائشة -رضي الله عنها- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ح وحدثنا سعيد بن منصور وخلف بن هشام وقتيبة بن سعيد قالوا: أخبرنا حماد بن زيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كأني أنظر إلي" يعني تستذكر ما حصل منها، ويحتمل أن يكون في آخر عمرها، وقد مضى عليه ما يقرب من نصف قرن، فتتذكر هذا، "كأني أنظر إلي" وتؤكد ذلك، يعني ما هي المسألة بمسألة غلبة ظن، المسألة علم قطعي كالمرئي، ولذا قالت: "كأني أنظر إلي أفتل قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنحوه".
"وحدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه قال: سمعت عائشة تقول: "كنت أفتل قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي هاتين، ثم لا يعتزل شيئاً ولا يتركه" بما في ذلك النساء والشعر والأظفار، وكل شيء يجتنبه المحرم، أو من أراد التضحية.
"وحدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب قال: حدثنا أفلح عن القاسم عن عائشة قالت: "فتلت قلائد بدن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي ثم أشعرها" وإشعار البدن بضرب صفحة السنام بالسكين حتى يخرج الدم، وهو مشروعٌ عند الجمهور، وفعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومنع منه بعض أهل العلم؛ لأن فيه تعذيباً لهذا الحيوان؛ لكن إذا ثبت عن أرحم الناس بتشريعٍ من الله -جل وعلا- فلا أحد أرحم من الله -جل وعلا- بالنسبة له -عز وجل-، وبالنسبة للمخلوقين لا أرحم من النبي -عليه الصلاة والسلام-، {رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} [(128) سورة التوبة].
طالب:.......
لا، شطف هكذا، من جهة واحدة..
مثله الوسم، منع بعضهم من الوسم من وسم الإبل والغنم وغيرها من الحيوانات، وقال: إنه تعذيب وكي، ولا يعذب بالنار إلا الله -جل وعلا-؛ لكن فعله أرحم الناس، النبي -عليه الصلاة والسلام- يسم إبل الصدقة، وإذا ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- فلا كلام لأحدٍ معه.
"ثم أشعرها وقلدها، ثم بعث بها إلى البيت، وأقام بالمدينة، فما حرم عليه شيء كان حلاً له" فعندنا إشعار وتقليد وتجليل، الإشعار مثل ما ذكرنا يضرب صفحة السنام بالسكين حتى يخرج الدم، والتقليد تفتل القلائد، شيء من الصوف والعهن، وتعلق النعال أيضاً هي قلائد، ويقلد الجميع، وأما الإشعار فهو خاصٌ بالإبل، والبقر أيضاً في حكمها؛ لأنها تتحمل، وأيضاً شعرها لا يستر الإشعار، بينما الغنم لو أشعرت مع ضعفها شعرها يستر فلا يرى، وأما التجليل فللجميع أيضاً، بأن يوضع الجل والجلال عليها.
طالب:.......
نفس ما كان... نعم..
طالب:.......
لكن فيها سنام صغير، لكن فيها سنام صغير.
طالب:.......
.......إيه.
"فما حرم عليه شيء كان حلاً له".
"وحدثنا علي بن حجر السعدي ويعقوب بن إبراهيم الدورقي قال ابن حُجْر: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أيوب عن القاسم وأبي قلابة عن عائشة قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يبعث بالهدي أفتل قلائدها بيدي ثم لا يمسك عن شيء لا يمسك عنه الحلال" يعني هو حلال، لم يتلبس بإحرام؛ لأن الإحرام نية الدخول في النسك ولم توجد، ويختلف بعث الهدي عن الأضحية؛ لأن الأضحية فيها نص.
"وحدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا حسين بن الحسن قال: حدثنا ابن عون عن القاسم عن أم المؤمنين قالت: "أنا فتلت تلك القلائد من عهنٍ" من صوف، العهن هو الصوف، "كان عندنا، فأصبح فينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حلالاً، يأتي ما يأتي الحلال من أهله، أو يأتي ما يأتي الرجل من أهله" يجامع أهله؛ لأنه حلال ما حرم عليه شيء، وهي تقول هذا كله رداً على من يقول: بأنه يمسك حتى ينحر الهدي كابن عباس وابن عمر وغيرهما.
يقول: "وحدثنا زهير بن حرب قال: حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "لقد رأيتني أفتل" هناك تقول: "كأني أنظر" وهنا تقول: "لقد رأيتني أفتل القلائد لهدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الغنم فيبعث به، ثم يقيم فينا حلالاً" كسابقه.
"وحدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قال: يحيى أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا" وهذا من عناية مسلم ودقته في التفريق بين صيغ الأداء، "حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: "ربما فتلت القلائد لهدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيقلد هديه ثم يبعث به، ثم يقيم لا يجتنب شيئاً مما يجتنب المحرم" ربما هذه استعمالها في الأصل للتقليل، وربما استعملت للتكثير؛ لكن الأصل فيها والأكثر أنها للتقليل، فهل التقليل في الامتناع أو في البعث، أو في فتل القلائد، الهدي يقلد، والهدي يجلل والهدي يشعر، وتقول: "ربما فتلت القلائد لهدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيقلد هديه ثم يبعث به" والشاهد منه: "ثم يقيم لا يجتنب شيئاً مما يجتنبه المحرم" وهذا لا يتعدى إليه حرف التقليل؛ لكن "ربما فتلت" يعني قد تفتل هي وقد يفتل غيرها، وما دامت (ربما) تأتي للتكثير فلتكن هنا للتكثير.
قال: "وحدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قال: يحيى أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: "أهدى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرة إلى البيت غنماً فقلدها" والغالب؟ هي تقول: أهدى مرة، والغالب أنه يهدي الإبل، البدن، "فقلدها" فالغنم تقلد كالإبل والبقر، وتجلل أيضاً؛ لكنها لا تشعر على ما تقدم.
"وحدثنا إسحاق بن منصور، قال: حدثنا عبد الصمد قال: حدثني أبي، قال: حدثني محمد بن جحادة عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: "كنا نقلد الشاء فنرسل بها" كنا تدل على الاستمرار والكثرة، وهذا من فعلها، وليس من عمله -عليه الصلاة والسلام-، قالت: "كنا نقلد الشاء فنرسل بها، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حلال لم يحرم عليه منه شيء" يعني هذا كسابقه، أنه أهدى غنماً، فكانت تقلد الشاء كما كانت تقلد غيرها مما يهدى "ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- حلال" يدل على أنه له نصيب في هذا الهدي، لم يحرم عليه منه شيء.
ثم قال: "حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن أنها أخبرته أن ابن زياد كتب إلى عائشة" وعبد الله بن زياد متأخر، لم يدرك عائشة، والمرجح عند أهل العلم كما في صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك وسنن أبي داود أنه زياد ابن أبي سفيان المعروف بـ(زياد بن أبيه) "أن ابن زياد كتب إلى عائشة: أن عبد الله بن عباس قال: من أهدى هدياً حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر الهدي، وقد بعثت بهديي فاكتبي إليَّ بأمرك" بعث الهدي سنة لكنها أميتت، يعني ما يذكر أن أحد بعث الهدي من بلده إلى مكة، فكأنها سنة أميتت، فأحيائها مطلوب، ومن أحيا سنة كان له أجرها وأجر من عمل بها، ولا يمنع أن الإنسان، يعني إذا في صفر في محرم في ربيع في أي شهر من الشهور يبعث بشاة أو بغيرها، يجللها ويقلدها ويبعث بها مع من يراه لتذبح هناك، ليحيي هذه السنة، والأمر سهل يعني ما، الناس الآن وسع الله عليهم؛ لكن الغفلة، يعني ما نعرف أحد بعث بالهدي، والله المستعان.
طالب:.......
وهو تطوع ما يحرم عليه شيء، ما يلزمه شيء إلا إذا دخل في النسك، إلا إذا نوى الدخول في نسك.
يقول: "وقد بعثت بهديي فاكتبي إليَّ بأمرك، قالت عمرة: قالت عائشة: ليس كما قال ابن عباس" وهم -رضي الله عنه وأرضاه- "أنا فتلت قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي، ثم قلدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده، ثم بعث بها مع أبي" لكن الذي يجعل مثل هذه الأمور تنسى أننا هذا آخر عهدنا بصحيح مسلم في هذه الأبواب من يوم نطبقه إلى الجاية، صح وإلا لا؟ يعني حتى بعد من أول الناس يقرؤون الأبواب في كل زمان؛ لكن اتجهوا إلى قراءة أبواب العلم في المناسبات، وهذا جيد يعني يذكر وينفع، وقرب العهد يفيد وينفع؛ لكن مع ذلك مثل هذا إذا طبقنا الكتاب اليوم، هذا آخر عهد -إن شاء الله تعالى- إلى السنة الجاية، نبي ننسى بعث الهدي، ونبي ننسى كل شيء، والله المستعان، العلوم مزاحمة؛ لكن الموفق ما ينسى، وأنا ما فعلته أنا يعني لكن سنة يعني أميتت، ما في أحد يبعث، وهذا زياد معروف، يعني ما هو من العباد وإلا من النساك، حتى نسبه مطعونٌ فيه؛ لكن السلف والصدر الأول عندهم حرص على تطبيق السنة، وإحنا أخذتنا الغفلة، وانشغلنا بأمور دنيانا عن أمور ديننا، وإلا ويش يكلف؟ يعني الولائم والمناسبات تترى، ومع ذلك لو بعث إنسان ببدنة وإلا بشاة وإلا بخروف وإلا بشيء ما يكلفه شيء، والله المستعان.
طالب:......
إحياء سنة، نعم.
طالب:......
التقليد بالنعال مع الحبال التي تفتل من صوف، يعني الذي يعلق بها النعل.
طالب:......
لا، سنة، سنة، التقليد والإشعار والتجليل كلها سنة.
طالب:......
كلها مهجورة.
طالب: لكن يا شيخ هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- من كان يتولى ذبحه وتوزيعه على الفقراء؟
وكيله، يوكل، من يذهب به، يعني بعث مع أبي بكر وتولاه.
طالب: ما كان في الزمان الأول ناس مخصصين يستقبلون الهدايا؟
لا لا، الآن اللي كل شيء متيسر، التلفون، اتصل واحد واحنا جالسين في مجلس قال: عندنا طلاب علم يعتمروا بالنيابة في رمضان في العشر الأواخر العمرة بمائة ريال، يطلع إلى الحل من مكة ويرجع يؤدي عمرة، عمرة في رمضان بمائة ريال بالنيابة، كل شيء متيسر، بالهاتف، اتصل بعد ساعة قال: انتهى، الأمور متيسرة والحمد لله؛ لكن الغفلة؛ لكن ويش نحتاج الآن؟ الآن لو نبي نبعث، في محرم مثلاً نبي نبعث هدي مثلاً احتمال، من بيذكرنا اللحين؟ خلاص طبقنا الكتاب ونسينا، مو هذا هو الحاصل؟ هذا الحاصل؛ لكن أمور دنيانا ما ننساها.
طالب:.......
لأنه متيسر في الأشهر، دعنا من المواسم، نحن الآن يمكن ما يدخل لو تبي تبعث وإلا بيتعثر؛ لكن في محرم وفي صفر وفي الأشهر الأخرى ما.... كل شيء متيسر.
طالب: من بعثه الآن يلزمه الفتل والتقليد؟
ما هي مسألة لزوم، كل المسألة سنن؛ لكن أيش المانع أنه يفتل وإلا يترك زوجته تفتل؟ يعني يحيي هذه السنن.
طالب:.......
المقصود...
طالب:.......
لا، يعرفن يا رَجال، لا، يعرفون يا ابن الحلال، البزران اللي يدرسون كل شيء يسونه، بنات الابتدائي يسوون كل شيء، عندهم الأشغال اليدوية يشتغلون، ما هم..
"قالت عائشة -رضي الله عنها-: "ليست كما قال ابن عباس: أنا فتلت قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي، ثم قلدها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيده، ثم بعث بها مع أبي" يعني مع أبي بكر "فلم يحرم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شيء أحله الله له حتى نُحر الهدي".
"وحدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن مسروق قال: سمعت عائشة وهي من وراء الحجاب تصفق وتقول: "كنت أفتل قلائد هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي" من وراء حجاب وهي في بيتها، فكأنها سمعت من يجادل، وينازع في هذا، كابن عباس أو ابن عمر، فصفقت لتلفت الانتباه، وهي من وراء حجاب، وتقول: "كنت أفتل قلائد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بيدي، ثم يبعث بها، وما يمسك عن شيء مما يمسك عنه المحرم حتى ينحر هديه".
يقول: "وحدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الوهاب قال: حدثنا داود ح وحدثنا ابن نمير قال: حدثنا أبي قال: حدثنا زكريا وكلاهما عن الشعبي عن مسروق عن عائشة بمثله عن النبي -صلى الله عليه وسلم-". نعم.
حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يسوق بدنة قال: «اركبها» فقال يا رسول الله: إنها بدنة، فقال: «اركبها ويلك» في الثانية أو في الثالثة.
وحدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي عن أبي الزناد عن الأعرج بهذا الإسناد، وقال: بينما رجل يسوق بدنة مقلدة.
حدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة -رضي الله عنه- عن محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذكر أحاديث منها، وقال: بينما رجل يسوق بدنة مقلدة قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ويلك اركبها» فقال: بدنة يا رسول الله، قال: «ويلك اركبها، ويلك اركبها».
وحدثني عمرو الناقد وسريج بن يونس قالا: حدثنا هشيم قال: أخبرنا حميد عن ثابت عن أنس قال: وأظنني قد سمعته من أنس ح وحدثنا يحيى بن يحيى واللفظ له قال: أخبرنا هشيم عن حميد عن ثابت البناني عن أنس قال: مر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برجل يسوق بدنة فقال: «اركبها» فقال: إنها بدنة، قال «اركبها» مرتين أو ثلاثاً.
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع عن مسعر عن بكير بن الأخنس عن أنس قال: سمعته يقول: مُر على النبي -صلى الله عليه وسلم- ببدنة أو هدية، فقال: «اركبها» قال: إنها بدنة أو هدية، فقال: «وإن».
وحدثناه أبو كريب قال: حدثنا ابن بشر عن مسعر قال: حدثني بكير بن الأخنس، قال: سمعت أنساً يقول: مُر على النبي -صلى الله عليه وسلم- ببدنة فذكر مثله.
وحدثني محمد بن حاتم قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير قال: سمعت جابر بن عبد الله سئل عن ركوب الهدي؟ فقال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهراً».
وحدثني سلمة بن شبيب قال: حدثنا الحسن بن أعين قال: حدثنا معقل عن أبي الزبير قال: سألت جابراً عن ركوب الهدي، فقال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «اركبها بالمعروف حتى تجد ظهراً».
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلاً يسوق بدنة" يعني وهو يمشي وراءها، "فقال: «اركبها» قال: يا رسول الله: إنها بدنة، فقال: «اركبها ويلك»" في المرة الثانية أو في المرة الثالثة، اركبها اركبها ويلك، أو اركبها اركبها اركبها ويلك، فدل على جواز ركوب البدنة المهداة، وأكثر الروايات مطلقة ليست مقيدة بالحاجة، وبعضها مقيدة بالحاجة، فمع الاستغناء عنها لا ينبغي ركوبها؛ لكن إن احتاجها وليس معه ظهرٌ غيرها، يعني افترض أنه ساق هدياً –بدنة- ومعه أخرى عليها متاعه، وأخرى ليس عليها شيء، هل يفضل أن يركب البدنة التي أهدها أو يركب راحلته؟ يركب راحلته؛ لكن إذا لم يكن معه غيرها يركبها.
"وحدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة بهذا الإسناد، وقال: بينما رجل يسوق بدنة مقلدة".
ثم قال: "وحدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا عبد الرزاق قال: حدثنا معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذكر أحاديث منها، وقال: بينما..." وهذه قطعة من صحيفة همام بن منبه التي يرويها عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفيها مائة وثلاثين حديث أو اثنين وثلاثين حديث، يعني جمل، يمكن فصل بعضها من بعض وتصير أحاديث، واقتصر منها هنا الإمام -رحمة الله عليه- هنا على ما يحتاجه، والبخاري أيضاً يقتصر منها على ما يحتاجه في الأبواب، وذكروا منها جملاً كثيرة بهذا السياق عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكر أحاديث، يعني أكثر من مائة وثلاثين حديث منها هذا الحديث.
والبخاري -رحمه الله- يقول: عن همام بن منبه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة» ثم يأتي بالجملة التي يريدها من هذه الصحيفة، فالبخاري يذكر الجملة الأولى ثم يعطف عليها ما يريد، ولو كانت الجملة رقم مائة، ومسلم...
طالب:...... هذا ما حدثنا؟
مسلم الذي يقول: هذا ما حدثنا.
طالب: والبخاري؟
يقول: هذا ما حدثنا أبو هريرة...، البخاري يسوق الإسناد سياق عادي: عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة» هذه الجملة الأولى في الصحيفة عنوان، ثم يسوق منها ما يريد.
طالب: هنا يا شيخ معمر حدثه همام بما في الصحيفة؟
نعم بما في الصحيفة، إيه، الصحيفة هذه مجموعة في المسانيد، الكتب المرتبة على الأبواب ما يجمعونها يذكرونها جملة؛ لأن فيها جمل كثيرة ما يحتاجونها؛ لكن الذين يصنفون الكتب على المسانيد ما يهمهم إلا أن هذا الحديث من حديث أبي هريرة، فيسوق الصحيفة كاملة كالإمام أحمد، ولتكن الجملة الأولى بالحج، والثانية في البيوع، والثالثة بالصلاة، والرابعة بالزكاة، وهكذا، فالذين يصنفون على الأبواب يصنفون هذه الجمل كل جملة في باب يناسبها، وأما الذي يسوق الحديث على المسانيد ما عنده مشكلة؛ لأن بقية الأحاديث المنفصلة التي لا ارتباط لبعضها ببعض يذكر حديث في البيوع، ثم حديث في الصلاة، المهم أنها أحاديث فلان.
طالب:.......
وش هي؟
طالب:.......
هناك صحف كثيرة؛ لكن هذه من أشهر الصحف، نعم.
"فذكر أحاديث منها، وقال: بينما رجل يسوق بدنة مقلدة، قال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ويلك اركبها» فقال: بدنة يا رسول الله" يعني هذه بدنة أو هي بدنة "قال: «ويلك اركبها، ويلك اركبها».
"وحدثني عمرو الناقد وسريج بن يونس قالا: حدثنا هشيم قال: أخبرنا حُميد عن ثابت عن أنس قال: "وأظنني قد سمعته من أنس" هنا لم يجزم بنسبته، لم يجزم حميد، لم يجزم حميد وإلا ثابت؟ حميد، الشراح يقولون: حميد، "وأظنني قد سمعته من أنس" يعني من دون واسطة "من أنس ح وحدثنا يحيى بن يحيى واللفظ له قال: أخبرنا هشيم عن حميد عن ثابت البناني عن أنس قال: مر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برجل يسوق بدنة فقال: «اركبها» فقال: إنها بدنة، قال: «اركبها» مرتين أو ثلاثاً".
"وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع..."
«اركبها» مرتين أو ثلاثاً، يعني إذا ركب ثم نزل، ثم ركب ثانية، ثم نزل، ثم ركب ثالثة، ثم نزل، خلاص ما عاد يركب رابعة؟
طالب:.......
كرر اركبها، اركبها، وليس المراد به أن يكون الركوب ثلاث مرات، الأمر به ثلاثاً.
"وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع عن مسعر عن بكير بن الأخنس عن أنس قال: سمعته يقول: مُر على النبي -صلى الله عليه وسلم- ببدنة" أو إيش؟ يقول: مر على النبي -صلى الله عليه وسلم- ببدنة...
طالب:.......
عندكم إيش؟ طيب، مُر على النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الفاعل ما هو موجود، ما ذكر، ومقتضى مَر أنه المذكور يحتمل أن يكون أنس؛ لكنه غيره، "مُر على النبي -صلى الله عليه وسلم- ببدنة أو هدية، فقال: «اركبها» قال: إنها بدنة أو هدية، فقال: «وإن»" يعني: وإن كانت كذلك، له شاهد من العربية؟
قالت بنات الحي: يا سلمى وإن |
| كان فقيراً معدماً قالت: وإن |
يعني: وإن كان كذلك.
"وحدثناه أبو كريب قال: حدثنا ابن بشر عن مسعر قال: حدثني بكير بن الأخنس قال: سمعت أنساً يقول: "مُر على النبي -صلى الله عليه وسلم- ببدنة، فذكر مثله".
ثم قال: "وحدثني محمد بن حاتم قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير قال: سمعت جابر بن عبد الله سئل عن ركوب الهدي؟ فقال: سمعت النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: «اركبها بالمعروف»" يعني لا تَجُرْ عليها، إنما يكون ركوبك بالمعروف لا تضر بها، بعد أن أخرجتها من مالك لله -جل وعلا-، "«اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها»" بمعنى إذا احتجت إلى الركوب "«حتى تجد ظهراً»".
"وحدثني سلمة بن شبيب قال: حدثنا الحسن بن أعين قال: حدثنا معقل عن أبي الزبير قال: سألت جابراً عن ركوب الهدي؟ فقال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «اركبها بالمعروف حتى تجد ظهراً»".
وهل هذا القيد معتبر؟ أكثر الروايات ليس فيها هذا القيد؛ لكن إذا وجد القيد فالمطلق يحمل على المقيد.
طالب:.......
قال: إنها بدنة أو هَدِّية، هذا اللي تقصد؟
طالب: لا هو قال: هَدْيَة.
من اللي ضبطها هذا؟
طالب: الشيخ.....
من هو؟
طالب: صفي الرحمن......
ما يمكن، ما تجي، أنها بدنة أو هَدْيَة؟ أو هديه؟
طالب:......
لا لا، ما يمكن يا أخي، هدية هذه ناقة مهداة إلى البيت، هذا الهدي، الهدي والهدية بمعنىً واحد.
طالب:.......
نعم، لا، لا ما في إشكال أبداً، سم.
طالب: يا شيخ -أحسن الله إليك- مر معنا أنها أخبرته أن ابن زياد كتب إلى عائشة الحديث الذي قبل..
إيه، أول الباب.
طالب: تعتبر هذه رواية لابن زياد في مسلم؟
بالمكاتبة، "فاكتبي إلي" بالمكاتبة، نعم.
"حدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا عبد الوارث بن سعيد عن أبي التياح الضبعي قال: حدثنا موسى بن سلمة الهذلي قال: انطلقت أنا وسنان بن سلمة معتمرين قال: وانطلق سنان معه ببدنة يسوقها، فأزحفت عليه في الطريق، فعيي بشأنها إن هي أبدعت كيف يأتي بها؟ فقال: لئن قدمت البلد لأستحفين عن ذلك، قال: فأضحيت، فلما نزلنا البطحاء قال: انطلق إلى ابن عباس نتحدث إليه، قال: فذكر له شأن بدنته، فقال: على الخبير سقطت، بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بست عشرة بدنة مع رجل، وأمّرَه فيها، قال: فمضى ثم رجع فقال: يا رسول الله: كيف أصنع بما أبدع على منها؟ قال: «انحرها، ثم أصبغ نعليها في دمها، ثم اجعله على صفحتها، ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك».
وحدثناه يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن حُجر قال: يحيى أخبرنا وقال الآخران: حدثنا إسماعيل بن علية عن أبي التياح عن موسى بن سلمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث بثمان عشرة بدنة مع رجل، ثم ذكر بمثل حديث عبد الوارث، ولم يذكر أول الحديث.
حدثني أبو غسان المسمعي قال: حدثنا عبد الأعلى قال: حدثنا سعيد عن قتادة عن سنان بن سلمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن ذؤيباً أبا قبيصة حدثه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يبعث معه بالبدن، ثم يقول: «إن عطب منها شيء فخشيت عليه موتاً فانحرها، ثم اغمس نعلها في دمها، ثم اضرب به صفحتها، ولا تطعهما أنت ولا أحد من أهل رفقتك»".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "حدثنا يحيى بن يحيى قال: أخبرنا عبد الوارث بن سعيد عن أبي التياح الضبعي قال: حدثني موسى بن سلمة الهذلي قال: انطلقت أنا وسنان" ومر بنا مراراً أن الضمير المنفصل هنا يؤتى به ليتوصل إلى العطف على ضمير الرفع المتصل، لذا لا يجوز العطف على ضمير رفع متصل إلا بفاصل، والفاصل هنا الضمير المنفصل، "وسنان بن سلمة معتمرين قال: وانطلق سنان معه ببدنة يسوقها فأزحفت عليه بالطريق" يعني كلت وأعيت، "فعيي بشأنها إن هي أُبدعت" كذلك هو من الكلال، عيي تعب بشأنها، بسببها "إن هي أبدعت" يعني عيي عن معرفة ماذا يصنع بها؟ عجز وحار في ذلك "إن هي أبدعت" يعني زاد عليها الكلل والتعب ماذا يصنع بها؟ وخشي أن تموت، "فقال: لئن قدمت البلد" الذي فيه أهل العلم الذين يجيبونه إذا سأل، "لأستحفين عن ذلك" يعني لأبالغ في البحث عن حكم هذه المسألة، "قال: فأضحيت، فلما نزلنا البطحاء قال: انطلق إلى ابن عباس نتحدث إليه، فذكر له شأن بدنته، فقال: على الخبير سقطت" يعني الخبر عندي، وأنا أعرف الناس بهذا، ويأخذ من هذا أهل العلم أنه إذا كان الشخص عنده شيء من العلم متأكد منه، وأنه أتقنه وضبطه وحرره أنه لا مانع أن يقول: أنه يعرف هذه المسألة، ويتميز بمعرفتها، وقد ضبطها وحررها وأتقنها، وتعب عليها، ولذا يقول: "على الخبير سقطت، بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بست عشرة بدنة" وسيأتي أنها ثمان عشرة، قالوا: مفهوم العدد ملغى، هي ستة عشرة وزيادة، "مع رجل، وأمّره فيها" أن يذبحها إذا وصل، ويفرقها على المساكين، "قال: فمضى ثم رجع فقال: يا رسول الله: كيف أصنع بما أبدع علي منها؟" يعني من وصل إلى حد يغلب على الظن أنه يهلك، "قال: «انحرها»" لا تفوت، أدرك ذكاتها "«انحرها ثم أصبغ نعليها»" يعني هي تقلد بنعلين، اصبغ هذين النعلين بدمها "«اصبغ نعليها في دمها، ثم اجعله على صفحتها»" اجعل هذا النعل والدم أيضاً على صفحتها؛ لكي يعرفها من يمر بها، "«ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك»" لماذا؟ لئلا يسرع في ذبحها بحجة أنها يؤول أمرها إلى العطب، وهو في حقيقة الحال من أجل أن يأكل منها، ولو ترك مثل هذا المجال للناس، مع أن المسألة أمانة كالراعي مثلاً، يعني لو طرأ له كل أسبوع أن يذبح له تيس من الغنم، ثم إذا جاء صاحبه قال: والله جاه ما، اعتراه ما اعتراه، مثل هذا يقال له: لا تأكل، اذبحه وخله على جنب، هنا نحسم المادة ما يمكن يتطاول ويذبح من غير غلبة ظن أنه يؤول إلى الهلاك، نعم والمرأة التي كانت ترعى، ورأت الغنم واحدة من الغنم، الخروف أو الشاة بعد أن سقطت كادت أن تتلف ذبحتها، والراعي أمين؛ لكن لو فتح المجال لهم أن يأكلوا مثل هذا الأمين الذي معه الهدي، مؤتمن سواءٌ كان منه أو من غيره؛ الآن هو أخرجه من ذمته، يقال: لا تأكل، وهذا سد للذريعة، لأن لو قيل له: كل، كان لأدنى سبب يقول: هاتوا، فهذا من باب سد الذريعة.
"«ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك»" قد يقول قائل: تترك في البر، يمكن تأكلها السباع، تأكلها الطيور، ويحرم منها المسلم الذي تعب عليها؟ العادة أن الجواد المعروفة التي يسلكها الناس في أسفارهم أنها جواد مطروقة من قبل غيرهم، فمن جاء بعدهم ينظر إليها ويعرف أنها هدي، وقد عطب فيأكل منها.
طالب:.......
إيه، يعرفون، يُعرف أن هذه...
طالب:.......
لا ثابت القطع، الإشعار ثابت.
طالب:.......
إيه يصبغ بالدم الذي يسفح منها، بعد ذبحها.
طالب: حتى تعرف.
حتى تعرف، زيادة على الإشعار.
طالب:.......
لا، لا، مع ذلك، زيادة في هذا كله.
طالب:.......
على كل حال إذا فعل أكثر من هذا له أجره، لكن لا يلزم به، الإنسان حريص على أن يستفاد من ما يقربه ويقدمه إلى الله -جل وعلا-، إنما أهداها للثواب، فلو تركها أو غلب على ظنها أنها لا تؤكل ثوابه يختلف عن ثوابه فيما لو تولاها ووزعها على المساكين؛ لكن في السابق صعب عليهم،... ماتت هذه الناقة التي زنتها مائتين كيلو مثلاً، قطعها ووزعها وراح بها صعب في البر؛ لكن الآن الأمور ميسورة، ولله الحمد؛ لأنها في الأصل محمولة، أقول: في هذا الوقت هي في الأصل محمولة.
قال: "وحدثناه يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن حُجر قال: يحيى أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا" وهذا مر نظيره، وهو من عناية مسلم ودقته في تحري ألفاظ الرواة حتى في صيغ الأداء، "وقال الآخران: حدثنا إسماعيل بن علية عن أبي التياح عن موسى بن سلمة عن ابن عباس أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعث بثمان عشرة -ويجوز ثماني عشرة- بدنة مع رجل، ثم ذكر بمثل حديث عبد الوارث ولم يذكر أول الحديث" يعني القصة ما ذكرها.
قال: "حدثنا أبو غسان المسمعي قال: حدثنا عبد الأعلى قال: حدثنا سعيد عن قتادة عن سنان بن سلمة عن ابن عباس أن ذؤيباً أبا قبيصة حدثه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يبعث معه بالبدن، ثم يقول: «إن عطب منها شيء فخشيت عليه موتاً فانحرها، ثم اغمس نعلها في دمها، ثم اضرب به صفحتها، ولا تطعهما أنت ولا أحد من أهل رفقتك» وهذا حسم للمادة، وسداً للذريعة على ما تقدم.
حدثنا سعيد بن منصور قال: وزهير بن حرب قالا: حدثنا سفيان عن سليمان الأحول عن طاووس عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان الناس ينصرفون في كل وجه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا ينفرن أحدٌ حتى يكون آخر عهده بالبيت» قال زهير: ينصرفون كل وجه، ولم يقل: في.
حدثنا سعيد بن منصور وأبو بكر بن أبي شيبة واللفظ لسعيد قالا: حدثنا سفيان عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض".
حدثني محمد بن حاتم قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال: أخبرنا الحسن بن مسلم عن طاووس قال: كنت مع ابن عباس -رضي الله عنهما- إذ قال زيد بن ثابت: تفتي أن تصدر الحائض قبل أن يكون آخر عهدها بالبيت؟ فقال له ابن عباس: إما لا، فسل فلانة الأنصارية، هل أمرها بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: فرجع زيد بن ثابت إلى ابن عباس يضحك، وهو يقول: "ما أراك إلا قد صدقت".
حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا ليث ح وحدثنا محمد بن رمح قال: حدثنا الليث عن ابن شهاب عن أبي سلمة وعروة أن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "حاضت صفية بنت حيي بعد ما أفاضت، فقالت عائشة: فذكرت حيضتها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أحابستنا هي؟» قالت: فقلت: يا رسول الله إنها قد كانت أفاضت، وطافت بالبيت، ثم حاضت بعد الإفاضة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «فلتنفر».
حدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى وأحمد بن عيسى قال أحمد: حدثنا، وقال الآخران: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب بهذا الإسناد، قالت: طمثت صفية بنت حيي، زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع، بعدما أفاضت طاهراً، بمثل حديث الليث.
وحدثنا قتيبة يعني ابن سعيد قال: حدثنا ليث وحدثنا زهير بن حرب قال...
ما عند حاء؟
إلا عندنا حاء.
وحدثنا قتيبة يعني ابن سعيد قال: حدثنا ليث ح وحدثنا زهير بن حرب قال: حدثنا سفيان ح وحدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الوهاب قال: حدثنا أيوب كلهم عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- أنها ذكرت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن صفية قد حاضت بمعنى حديث الزهري.
وحدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب قال: حدثنا أفلح عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: "كنا نتخوف أن تحيض صفية قبل أن تفيض، قالت: فجاءنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «أحابستنا صفية؟» قلنا: قد أفاضت، قال: «فلا إذن».
حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله إن صفية بنت حيي قد حاضت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لعلها تحبسنا، ألم تكن قد طافت معكن بالبيت؟» قالوا: بلى، قال: «فاخرجن».
حدثني الحكم بن موسى قال: حدثنا يحيى بن حمزة عن الأوزاعي لعله قال: عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة عن عائشة -رضي الله عنها- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أراد من صفية بعض ما يريد الرجل من أهله، فقالوا: إنها حائض يا رسول الله، قال: «وإنها لحابستنا؟» فقالوا: يا رسول الله إنها قد زارت يوم النحر، قال: «فلتنفر معكم».
حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ واللفظ له قال: حدثنا أبي قال: حدثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لما أراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ينفر إذا صفية على باب خبائها كئيبة حزينة، فقال: «عقرى حلقى، إنك لحابستنا» ثم قال لها: «أكنت أفضت يوم النحر؟» قالت: نعم، قال: «فانفري».
وحدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب عن أبي معاوية عن الأعمش ح وحدثنا زهير بن حرب قال: حدثنا جرير عن منصور جميعاً عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- نحو حديث الحكم غير أنهما لا يذكران كئيبة حزينة.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "حدثنا سعيد بن منصور وزهير بن حرب قالا: حدثنا سفيان عن سليمان الأحول عن طاووس عن ابن عباس قال: كان الناس ينصرفون في كل وجه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" "كان الناس ينصرفون في كل وجه" هذا الكلام في حجة الوداع، فلما أنهوا نسكهم، وجميع متعلقات الحج، أنهوا المبيت والرمي في أيام التشريق، تفرقوا كلٌ انصرف في وجهه، "كان الناس ينصرفون في كل وجه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا ينفرن أحدٌ»" يعني "كان الناس" كان الناس في هذه الحجة أو فيها وفي ما تقدم من زيارة لهذا البيت من عُمَرْ؟ أو للحجة هذه؟ "كان الناس ينصرفون" يعني كان الناس إذا أنهوا نسكهم ينصرفون، فهل يتناول جميع الأنساك السابقة؟ يعني عمرة القضاء، عمرة الجعرانة مثلاً "ينصرفون في كل وجه" وقبل أن ينصرفوا في هذه المرة، يعني في حجة الوداع قال لهم النبي -عليه الصلاة والسلام-: «لا ينفرن أحدٌ» أو في هذه الحجة لما أنهوا نسكهم تفرقوا وانصرفوا؟
طالب: يظهر يا شيخ أنه غير الحجة هذه فيما تقدم في الحج.
يعني ظاهر السياق يشمل العمر السابقة؟ الاحتمال قائم.
طالب:.......
يعني الصيغة (كان) الأصل فيها أنها تدل على الاستمرار، يعني كانوا فيما مضى إذا أنهوا نسكهم ينصرفون، وما في نسك تقدم هذا إلا يعني على سبيل الاستقلال والوقوع، العُمر العُمر النبوية أربع، عمرة الحديبية، وهل انصرفوا منها من كل وجه؟ وإلا ما تمكنوا منها؟ صدوا عنها، هذه ما تحسب في هذا الباب، وإن كانت معدودة في عمره -عليه الصلاة والسلام-، وأجرها ثابت وكامل، عمرة القضاء، وعمرة الجعرانة، والعمرة الرابعة التي مع حجته -عليه الصلاة والسلام-، فهل نقول: أنهم كانوا فيما تقدم من أنساك ينصرفون ولا قيل لهم شيء، وفي هذا النسك الذي هو حجة الوداع قال لهم النبي -عليه الصلاة والسلام-: «لا ينفرن أحدٌ»؟ أو في هذه الحجة، في المرات السابقة ما قال شيء، في هذه الحجة قال لهم؟ فإذا نظرنا إلى عموم النسك، وأنهم ينصرفون من أنساكهم من غير وداع، فأمرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يوادعوا، يطوفوا للوداع إذا انتهوا من نسكهم، اتجه شمول الوداع للحج والعمرة؛ لأن (كان) هذه تدل على الاستمرار، وأيضاً هي ماضية، وهنا يقول: "كان الناس ينصرفون في كل وجه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا ينفرن أحدٌ»" وهذا احتمال، الاحتمال الثاني: أنهم في هذه الحجة، لما أدوا ما عليهم، وكان آخر ما عندهم الرمي في اليوم الثالث عشر أو الثاني عشر تفرقوا، ويكون: كانوا ينصرفون بالأمس مع الذين تعجلوا، كانوا ينصرفون الذين تعجلوا بالأمس؟ ومن فرغ من نسكه في اليوم الثالث عشر مثلاً انصرف أو كاد ينصرف، ثم أكد النبي -عليه الصلاة والسلام-، وبهذا يكون الوداع خاص بالحج؛ لأنه تكرر من النبي -عليه الصلاة والسلام- العُمَر ولا أمر بالوداع، وهذا قولٌ معتبر عند أهل العلم، إنما كان الأمر بالوداع في الحج، وهذه عمدة من يقول: أن العمرة لا وداع لها، اعتمر النبي -عليه الصلاة والسلام- مراراً ولا أمر بالوداع، وحج وأمر بالوداع.
طالب:.......
بعيد، بعيد، فيه بعد؛ لأنه حتى ينصرفوا حتى في الإسلام، يعني هل وادع في عمرة القضاء؟ هل وادع في عمرة الجعرانة؟ في الإسلام كانوا ينصرفون.
طالب:.......
يكون خاص بالحج، ما يلزم أن يكون ناسخ، وأن العمرة لا تحتاج إلى وداع بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما اعتمرت عائشة ما قال لها: وادعي بعد الحج، ما حُفظ عنه أنه قال: طوفي للوداع، فدل على أن العمرة لا تحتاج إلى وداع.
طالب:.......
ما بنا نتعرض لهذا اللحين، بس الوقت يباغتنا.
طالب:.......
وين؟ يقول هذا الحديث: كانوا ينصرفون، ينصرفون من حج، ومن عمرة، ومن نسك، فأمرهم النبي -عليه الصلاة والسلام- أن لا ينصرفوا.
"كان الناس ينصرفون في كل وجه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا ينفرن أحدٌ حتى يكون آخر عهده بالبيت»" والبيت المراد به المسجد؟ الكعبة، وعلى هذا يتعين أن يكون الطواف بالبيت هو آخر العهد، ما يقول: أنا والله صليت بالبيت ويكفي، أو سعيت ويكفي، ولذا جاء التصريح بهذا عند البيهقي وغيره: «حتى يكون آخر عهده بالبيت الطواف» والبيت يكفي عن ذكر الطواف؛ لأن الطواف بالبيت، والصلاة في المسجد، قال زهير: "ينصرفون كل وجه ولم يقل: في"، وهذا أيضاً من دقة الإمام مسلم، وشدة تحريه، الحرف (في)، ينصرفون كل وجه، و(كل) منصوب على نزع الخافض، بينما هو مصرحٌ به في الرواية الأخرى: "ينصرفون في كل وجه" وسواءٌ وجد الحرف أو حذف سيان ما يختلف المعنى، ومع ذلك نبه الإمام مسلم على فروق الروايات، ومنها: "في".
قال: "حدثنا سعيد بن منصور وأبو بكر بن أبي شيبة، واللفظ لسعيد قالا: حدثنا سفيان عن ابن طاووس عن أبيه عن ابن عباس قال: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض"، الأصل في الأمر الوجوب، والتخفيف عن الحائض يدل على أنه ليس بركن، فالركن لا يخفف فيه، والتخفيف يدل على أن ما عدا الحائض يشدد في أمره، فهو واجب، يُلزَم من تَرَكه بدم عند الجمهور، الإمام مالك يقول: سنة لا يلزم بتركه شيء؛ لكن الذي يظهر أنه من خلال النص، ومن خلال التخفيف عن الحائض قول الجمهور.
"وحدثني محمد بن حاتم قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال: أخبرني الحسن بن مسلم عن طاووس قال: كنت مع ابن عباس إذ قال زيد بن ثابت: تفتي -يعني يا ابن عباس- أن تصدر الحائض قبل أن يكون آخر عهدها بالبيت؟" زيد يرى أن الأمر شامل للجميع، الحائض وغير الحائض، كما تطوف الحائض للإفاضة إذا طهرت كذلك يلزمها أن تطوف للوداع، "تفتي أن تصدر الحائض قبل أن يكون آخر عهدها بالبيت، والرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: «لا ينفرن أحد»" نكرة في سياق النهي فهي شاملة، «حتى يكون آخر عهده بالبيت» بما في ذلك الحائض على حد رأي وزعم زيد بن ثابت؛ لكن التصريح: إلا أنه خفف عن المرأة الحائض يخرجها من هذا العموم، "فقال له ابن عباس: إما لا" إما ألا تصدقني ولا توافقني دع قولي "سل فلانة" اسأل فلانة؛ لأنه حصل لها أن حاضت قبل الوداع أيش صار عليها؟ بماذا أفتاها النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ يعني صاحبة قصة يرجع إليها، صاحب القصة يضبط قصته ويتقنها، ولا ينساها، وحينئذٍ يرجع إليه، "فسل فلانة الأنصارية هل أمرها بذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: فرجع زيد بن ثابت إلى ابن عباس يضحك وهو يقول: ما أراك إلا قد صدقت" يعني سألها فقالت: أنه خفف عنها.
طالب:.......
فلانة الأنصارية، امرأة من الأنصار، عندها هذا العلم تُسأل عنه، يُرجع إليها فيه.
قال: "حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا ليث ح وحدثنا محمد بن رمح قال: حدثنا الليث عن ابن شهاب عن أبي سلمة وعروة أن عائشة قالت: حاضت صفية بنت حيي بعد ما أفاضت" يعني بعد ما طافت طواف الإفاضة، "قالت عائشة: فذكرت حيضتها لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أحابستنا هي؟»" دليلٌ صريح على أن الحائض تحبس الرفقة مهما كلفهم، وهذا أفضل الخلق وأشرف الخلائق ينحبس، وصحابته ينحبسون معه، «أحابستنا هي؟» دليل على أن الحائض لا تطوف حتى تطهر «افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت» فهي تحبس الرفقة حتى تطهر، ولا يرخص لها في أن تطوف وهي حائض مهما كلفها، وكلف رفقتها؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: «أحابستنا هي؟» "قالت: فقلت: يا رسول الله إنها قد كانت أفاضت" طواف الإفاضة حصل قبل الحيض، "وطافت بالبيت، ثم حاضت بعد الإفاضة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «فلتنفر»" لأن الحائض لا يلزمها الوداع.
قال: "حدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى وأحمد بن عيسى قال أحمد: حدثنا وقال الآخران: أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب بهذا الإسناد، قال: طمثت صفية بنت حيي -حاضت- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع بعدما أفاضت طاهراً" يعني طافت للإفاضة طاهراً، يعني حال كونها طاهراً، "بمثل حديث الليث".
"وحدثنا قتيبة يعني ابن سعيد قال: حدثنا ليث ح وحدثنا زهير بن حرب قال: حدثنا سفيان ح وحدثني محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الوهاب قال: حدثنا أيوب كلهم عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها ذكرت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن صفية قد حاضت بمعنى حديث الزهري".
"وحدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب قال: حدثنا أفلح عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: كنا نتخوف أن تحيض صفية -لأنه قرب وقت عادتها- قبل أن تفيض، قالت: فجاءنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: «أحابستنا صفية؟» قلنا: قد أفاضت، قال: «فلا إذن»" يعني إذاً فلن تحبسنا.
قال: حدثنا يحيى بن يحيى قال: قرأت على مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة أنها قالت لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا رسول الله إن صفية بنت حيي قد حاضت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لعلها تحبسنا، ألم تكن قد طافت معكن بالبيت؟» قالوا: بلى، قال: «فاخرجن»" هذا كله دليلٌ على أن الحائض يلزمها أن تطوف للإفاضة طاهراً، ولا يلزمها طواف الوداع.
قال: حدثني الحكم بن موسى قال: حدثني يحيى بن حمزة عن الأوزاعي لعله قال: عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة عن عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أراد من صفية بعض ما يريد الرجل من أهله" لأنه حل التحلل الكامل، وهي كذلك، "فقالوا: إنها حائض يا رسول الله، قال: «وإنها لحابستنا؟»" فيه إشكال وإلا ما فيه إشكال؟ يعني هذا النص يدل على أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- عنده علم بأنها أفاضت وإلا ما عنده علم؟ يقول: «وإنها لحابستنا» عنده علم أنها طافت للإفاضة؟
طالب:.......
أنا أريد أن أقرر إشكال الآن، يعني قوله: «وإنها لحابستنا» ولا تحبس إلا إذا كانت لم تطف للإفاضة، فهذا اللفظ يدل على أنه لم يعلم بأنها طافت للإفاضة، فكيف يطلبها لما يريده الرجل من امرأته وهو لا يحل منها إلا إذا طافت للإفاضة؟ يعني هل يمكن أن يقال: أنه يريد أن يباشرها مجرد مباشرة؟ الإشكال ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ قوله: «وإنها لحابستنا» يدل على أنه ليس عنده علم، ولذلك لما أخبروه قال: «فلا إذن» فدل على أنه ما كان يعلم أنها أفاضت، فكيف يطلبها لما يريده الرجل من أهله وعليها طواف الإفاضة؟ وبقي التحلل الثاني الذي يحل به كل شيء؟ من يجيب عن هذا الإشكال؟
طالب:.......
مباشرة، ويجوز للمرأة إذا لم تحل التحلل الثاني أن يباشرها زوجها؛ لأنه يحرم على المرأة ما يحرم على الرجل.
طالب:.......
يعني محظورات الإحرام تختلف فيه الرجال عن النساء؟ ألا تلزم باللوازم كلها المترتبة على المخالفات مثل الرجل إلا ما يتعلق باللباس، نعم يا إخوان، ترى الوقت معنا، «وإنها لحابستنا» هو قبل على كلام أبو عبد الله لما أرادها ظنها طافت مع نسائه، نفرت مع نسائه، ثم قيل له: إنها حائض، لما أرادها كما يريد الرجل من أهله، وقد ظن أنها طافت معهم، يعني غلب على ظنه أنها طافت معهم؛ لكن لما قالوا: أنها حائض، وأنها لا تصلح للاستمتاع أراد أن يسأل بعد، يبي يتأكد هل طافت معكم وإلا بتحبسنا؟ ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ يعني لما أرادها لنفسه، ما يريده الرجل من أهله، هو على أساس أنها طافت مع نسائه -عليه الصلاة والسلام-؛ لأنه يعرف أن نسائه قد طفن، فقيل له: إنها حائض، غلب على ظنه بعد ذلك، أو خشي -عليه الصلاة والسلام- أنها بعد ما طافت؛ لأنه أحياناً بعض الناس يُطلب منه شيء ثم يمتنع منه، ثم يتوقع أن ما وراءه أيضاً..، يعني مثل قول عمر -رضي الله عنه- لعثمان، عثمان دخل متأخر وعمر يخطب، فكأن عمر عتب عليه، لماذا تأخرت؟ قال: مجرد أن توضأت وجئت، قال: والوضوء أيضاً بعد؟ يعني هذه المرأة التي لا تصلح للمعاشرة، لماذا لا تكون بعد تحسبنا إذا ما طافت؟ يعني يتصور هذا، هذا واضح، تصوره واضح.
"«وإنها لحابستنا» فقالوا: يا رسول الله إنها قد زارت يوم النحر، قال: «فلتنفر معكم».
حدثنا محمد بن المثنى وابن بشار قالا: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة ح وحدثنا عبيد الله بن معاذ واللفظ له قال: حدثنا أبي قال: حدثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: لما أراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن ينفر إذا صفية على باب خبائها كئيبة حزينة، فقال: «عقرى حلقى إنك لحابستنا» ثم قال لها: «أكنت أفضت يوم النحر؟» قالت: نعم، قال: «فانفري».
وحدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب عن أبي معاوية عن الأعمش ح وحدثنا زهير بن حرب قال: حدثنا جرير عن منصور جميعاً عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- نحو حديث الحكم غير أنهما لا يذكران كئيبة حزينة".
وبهذا يكون طواف الوداع بالنسبة للحاج واجب، يلزم بتركه دم كسائر الواجبات، وأما بالنسبة للعمرة فالخلاف معروف، والمسألة محتملة، واعتمر النبي -عليه الصلاة والسلام- مراراً، ولم يأمر بطواف الوداع، وإنما أمر به في الحج، والأحوط أن يطوف الإنسان للوداع.
بعض الناس يؤخر طواف الإفاضة حتى يريد الخروج ويكتفي به عن طواف الوداع من باب تداخل العبادات، إذا لم يكن بعده سعي بأن كان قارن أو مفرد وسعى بعد طواف القدوم هذا ما فيه أدنى إشكال؛ لكن إذا كان بعده سعي كالمتمتع يكفي طواف الإفاضة عن طواف الوداع؟ إما أن يعيد طواف الوداع، يطوف للإفاضة ثم يسعى ثم يطوف للوداع، أو يقدم السعي على الطواف، حديث أسامة بن شريك: سعيت قبل أن أطوف، قال: «افعل ولا حرج» هذا حل، الحل الثالث: أن يطوف ثم يسعى، وإذا كانت هناك مشقة شديدة جداً بإعادة الطواف فقد قال بعضهم: أنه يكتفي به لقرب عهده بالبيت والمشقة تجلب التيسير.
والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"