شرح الموطأ - كتاب صلاة الخوف
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للحاضرين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله-: كتاب صلاة الخوف: باب صلاة الخوف:
حدثني يحيى عن مالك عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات عمن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم ذات الرقاع صلاة الخوف: أن طائفة صفت معه وصفت طائفة وجاه العدو، فصلى بالتي معه ركعة، ثم ثبت قائمًا، وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا، فصفوا وجاه العدو، وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته، ثم ثبت جالسًا، وأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات أن سهل بن أبي حثمة حدثه: أن صلاة الخوف أن يقوم الإمام ومعه طائفة من أصحابه، وطائفة مواجهة العدو فيركع الإمام ركعة ويسجد بالذين معه ثم يقوم فإذا استوى قائمًا ثبت وأتموا لأنفسهم الركعة الباقية ثم يسلمون وينصرفون والإمام قائم، فيكونون وجاه العدو، ثم يقبل الآخرون الذين لم يصلوا فيكبرون وراء الإمام فيركع بهم الركعة ويسجد ثم يسلم، فيقومون فيركعون لأنفسهم الركعة الباقية ثم يسلمون.
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال: يتقدم الإمام وطائفة من الناس فيصلي بهم الإمام ركعة، وتكون طائفة منهم بينه وبين العدو لم يصلوا، فإذا صلى الذين معه ركعة استأخروا مكان الذين لم يصلوا ولا يسلمون، ويتقدم الذين لم يصلوا فيصلون معه ركعة ثم ينصرف الإمام وقد صلى ركعتين فتقوم كل واحدة من الطائفتين فيصلون لأنفسهم ركعة ركعة بعد أن ينصرف الإمام، فيكون كل واحدة من الطائفتين قد صلوا ركعتين، فإن كان خوفًا هو أشد من ذلك صلوا رجالًا قيامًا على أقدامهم أو ركبانًا مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها.
قال مالك قال نافع: لا أرى عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- حدثه إلا عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد بن المسيب أنه قال: ما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الظهر والعصر يوم الخندق حتى غابت الشمس.
قال مالك -رحمه الله-: وحديث القاسم بن محمد عن صالح بن خوات أحب ما سمعت إليّ في صلاة الخوف.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب صلاة الخوف أو "كتاب صلاة الخوف" كتاب صلاة الخوف المراد صفتها، صفة صلاة الخوف، الخوف مصدر خاف يخوف خوفًا إذا فزع، وهو ضد الأمن، والخوف والفزع والذعر معانيها متقاربة، الخوف يطلب من المسلم أن يكون خائفًا من الله -جل وعلا-، راجيًا له -سبحانه وتعالى-، أما ما يدعو إلى الخوف والذعر والفزع هذه أمور محرمة، وهي أشد الخوف على الإنسان، بل والحيوان أشد عنده من الجوع والعطش، فالأمن شأنه عظيم، الأمن في شريعة الإسلام وفي غيرها وعند العقلاء كافة شأنه عظيم؛ ولذا جاء تقديمه على الجوع {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ} [(155) سورة البقرة] فدل على أن الأمن أهم من الأكل والشراب، وبعض المفسرين أراد أن يطبق هذه الآية على الحيوان فجاء بحيوان كسير مربوط ووضع عنده العلف وربط أمامه ذئب، فلما أصبح جاء والطعام -العلف- على حاله ما أكل؛ لأنه لم يأمن، فإذا كان هذا في الحيوان فما شأن الإنسان؟! كيف يأمن الإنسان على نفسه؟ كيف يأمن على عرضه؟ كيف يأمن على دينه؟ كيف يعبد ربه على الوجه المطلوب منه وهو خائف؟ ولذا الأمن من أعظم النعم من الله -جل وعلا-، والذي يتعرض لزعزعته أو خلله متعرض لأمرٍ عظيم، وحفظ الأمن من أوجب الواجبات على ولي الأمر، كما هو مقرر في كتب أهل العلم، فالأمن شأنه عظيم، والخوف والذعر شأنه خطير أيضًا، فنهتم بهذا الأمر.
ومن أسباب الخوف، الأسباب المؤدية للخوف: الإخلال بأوامر الله -جل وعلا-، لا سيما ما يتعلق بالتوحيد {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ} [(82) سورة الأنعام] يعني لهم الأمن التام، وهو مطلق يشمل أمن الدنيا والآخرة {وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا} لماذا؟ {يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا} [(55) سورة النــور] ولا شك أن المحافظة على التوحيد الذي هو أصل الدين سببٌ لاستمرار الأمن، وخلط هذا التوحيد ومزجه بشيء من الشرك لا شك أنه من أعظم أسباب زوال الأمن وحصول الخوف.
على كل حال إذا حصل هذا الخوف والمفترض أن يكون من عدو، المفترض أن يكون الخوف من عدو، وما جاء في هذه الأحاديث كله في غزوات مع الأعداء.
صلاة الخوف شرعت في غزوة ذات الرقاع، في ذات الرقاع، ووردت على وجوه وصفات متعددة، يقول الإمام أحمد -رحمه الله-: تفعل هذه الوجوه كلها؛ لأنها كلها ثابتة واختلافها اختلاف تنوع، وهي على حالات أحوال يتحرى فيها الأحوط للصلاة، والأبلغ في الحراسة، كل صورة من هذه الصور تنزل على الوضع المناسب لها.
هذه الصلاة مشروعة للنبي -عليه الصلاة والسلام- ولأمته من بعده خلافًا لأبي يوسف الذي يقول: إنها لا تصلى مع غيره -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الله -جل وعلا- قال: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ} [(102) سورة النساء].. إلى آخر الآية، ففعل هذه الصلاة مشروط بكونه -عليه الصلاة والسلام- فيها، فدل على أنها لا تفعل مع غيره، والجمهور على أنها تفعل مع غيره في حياته وبعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-، وفعلها الصحابة من بعده، فدل على أنها ليست خاصة به.
وأما قوله -جل وعلا-: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ} [(102) سورة النساء] فهو نظير قوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [(103) سورة التوبة] هل يقول قائل: إن الصدقة لا تؤخذ بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- لأن الأمر متجه إليه؟ لا يقوله أحد، إذًا صلاة الخوف مستمرة.
وهل تفعل في الحضر والسفر؟ الجمهور على أنها تفعل في الحضر والسفر، ابن الماجشون منعها في الحضر وهو قولٌ عند مالك لقوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ} [(101) سورة النساء] وأيضًا جاء فعلها في الغزوات، الغزوات التي تتطلب الأسفار، وسيأتي أنه -عليه الصلاة والسلام- في غزوة الخندق في آخر أحاديث الباب أخر الصلوات حتى غابت الشمس، ولو كانت تجوز في الحضر لما أخر هذه الصلوات حتى غابت الشمس فدل على أن صلاة الخوف لا تفعل في الحضر إنما تفعل في السفر، والأكثر على أنها تفعل حضرًا وسفرًا عند الحاجة إليها، إذًا لماذا أخر النبي -عليه الصلاة والسلام- الصلوات عن وقتها حتى غربت الشمس؟ أخر الظهر والعصر حتى غابت الشمس؟ وأهل العلم يقررون تبعًا لأهل المغازي والسير أن غزوة ذات الرقاع قبل الخندق، لكن ابن القيم -رحمه الله تعالى- يقول: وكونها في السنة الرابعة قاله ابن إسحاق وغيره من أهل السير والمغازي وتلقاه الناس عنهم، يقول ابن القيم: وهو مشكلٌ جدًّا، فإنه قد صح أن المشركين حبسوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الخندق عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء فصلاهن جميعًا، وذلك قبل نزول صلاة الخوف، والخندق بعد الرقاع سنة خمس، قال: والظاهر أن أول صلاة صلاها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الخوف في عسفان، ولا خلاف بينهم أن عسفان كانت بعد الخندق، إذا كانت أول صلاة صلاها صلاة الخوف بعسفان وعسفان كانت بعد الخندق، إذًا ماذا عن ذات الرقاع تكون قبلها وإلا بعدها؟ بعدها، وهل يكون هناك إشكال إذا كانت ذات الرقاع وعسفان كلها بعد الخندق يكون في إشكال؟
طالب:.......
نعم أخر الصلوات لأن صلاة الخوف لم تكن شرعت، فلما شرعت صلاة الخوف صليت الصلوات في أوقاتها، وتجوز حينئذٍ لا يعكر على القول بجوازها في الحضر كونه أخر الصلوات في الخندق؛ لأن الخندق متقدمة على عسفان وعلى ذات الرقاع.
صنيع الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- في صحيحه يؤيد كلام ابن القيم؛ لأن البخاري -رحمه الله- رتب الغزوات في أولويتها تبعًا لأوليتها فجعل غزوة الخندق متقدمة في الترتيب على غزوة ذات الرقاع، فالخندق عنده رقم تسعة وعشرين في كتاب المغازي، وذات الرقاع رقم واحد وثلاثين، فدل على أنه يرى أن ذات الرقاع كانت بعد الخندق، وحينئذٍ يرتفع الإشكال الذي يريده مثل ابن الماجشون.
أشار البيهقي إلى أن ذات الرقاع اسمٌ لغزوتين مختلفتين، فالذي قال: إن ذات الرقاع قبل الخندق سنة أربع يقصد بها الأولى من غزوتي ذات الرقاع، والذي قال: إنها بعد الخندق يقصد بها الثانية التي حصلت فيها صلاة الخوف، هذا ما أشار إليه البيهقي.
عرفنا أن صلاة الخوف جاءت على وجوه متعددة، يقول الإمام أحمد: ستة أو سبعة كلها صحت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعلى هذا تفعل كلها في الأحوال المناسبة لكل صفة، على أن يراعى في ذلك الأحوط للصلاة والأبلغ في الحراسة.
وذكر ابن حبان في صحيحه تسع صور لصلاة الخوف، أما من حيث الورود فكما سمعتم الإمام أحمد ست أو سبع وابن حبان تسع، لكن من حيث التصوير تبعًا لعدد ركعات الصلاة وتبعًا لاختلاف مواقع العدو فيمكن أن تصل الصور إلى أكثر من ذلك؛ لأن المسألة مسألة محافظة على الصلاة، وأداء الصلاة على وجهٍ يكون أقرب إلى الوجه الذي شرعت عليه في الأمن، ومع ملاحظة الحراسة والاحتياط من العدو، فإذا افترضنا أن هذه الصلاة في ثنائية إذا كانت الصلاة ثلاثية يزيد صورة، إذا كانت الصلاة رباعية يزيد صورة وهكذا، وإذا كان العدو في جهة اليمين، جهة الشمال، جهة الخلف، الأمام، المقصود أن هذه الصور أصلها ما صح عنه -عليه الصلاة والسلام-، والتصرف تبعًا لذلك ملاحظةً لأداء الصلاة في وقتها، وهذا من أهم المهمات أن تؤدى الصلاة في وقتها، وأن تؤدى جماعة، وصلاة الخوف من أقوى الأدلة على وجوب صلاة الجماعة؛ لأنها إذا لزمت المحافظة على صلاة الجماعة في هذا الظرف مع شيء من الخلل اللاحق بالصلاة من أجل المحافظة على الجماعة فالمحافظة عليها في الأمن من باب أولى.
يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: باب صلاة الخوف، عندنا هو كتاب واحد كتاب صلاة الخوف، وباب واحد باب صلاة الخوف، كتاب صلاة الخوف وباب صلاة الخوف، الترجمة واحدة، الكبرى والصغرى بلفظٍ واحد كتاب صلاة الخوف وباب صلاة الخوف، ويحتاج إلى الباب إذا كان معه أبواب أخرى، إذا كان الكتاب مشتملاً على أبواب يحتاج له إلى الترجمة الصغرى، لكن إذا كان هو الباب نفسه هل نحتاج إلى ذكر الباب؟ يعني مثلًا لو كان: كتاب صلاة الخوف، باب مشروعية صلاة الخوف، باب صفة صلاة الخوف، باب في صفةٍ أخرى وهكذا نحتاج إلى هذا التباين، لكن فيما معنا: كتاب صلاة الخلاف نحن نحتاج إلى هذه الترجمة الكبرى لأن صلاة الخوف مستقلة، لا يمكن إدخالها مع صلاة العيد ولا مع صلاة الكسوف ولا مع صلاة الجمعة، هي صلاة مستقلة يحتاج إفرادها إلى ترجمة كبرى كغيرها من الصلوات، لكن كون هذا الكتاب لا يوجد تحته أبواب متعددة نحتاج إلى ذكر هذه الترجمة الصغرى، وهي أيضًا بلفظ الكبرى نحتاج إليها؟ ما نحتاج إلا لو كان في هناك تراجم فرعية غير هذه.
وعلى كل حال المتقدمون لا يمكن أن يحاسبوا على دقة التصنيف والترتيب كمحاسبة المتأخرين، وأشرنا مرارًا أن المتقدمين لهم طرقهم وتصرفاتهم في كتبهم، قد يكون فيها شيء من الاختلاف عما جرى عليه المتأخرين.
طالب:.......
هل يحتاج إليها فؤاد عبد الباقي؟ هل يحتاج إليها وهو رقّم الكتاب على ما جاء في المعجم المفهرس؟ هو تبع -فؤاد عبد الباقي- تبع في ترقيمه ما جاء في المعجم المفهرس لألفاظ الحديث، فهذه الشروح القديمة ماذا فيها؟ الباجي معكم وإلا الاستذكار؟ ماذا فيه من التراجم؟ الاستذكار وإلا الباجي؟ ماذا فيه من التراجم؟
طالب:.......
باب صلاة الخوف، وفيه كتاب صلاة الخوف.
طالب:.......
بعد ما ندري عن الطابع احتمال يصير تبع فؤاد عبد الباقي ليرتاح في الترقيم، قد يكون هذا، يمكن يتصرف.
طالب:.......
هذا لو وجدت الترجمة، لو وجدت ترجمة أخرى ولم يذكر تحتها حديث قلنا: إنه بيض لهذه الترجمة ولم يوجد حديثًا على شرطه، لكن ما وجد ترجمة أصلًا، على كل حال هذه مسألة يسيرة ما فيها شيء.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن يزيد بن رومان" المدني مولى آل الزبير "عن صالح بن خوات" بن جبير بن النعمان الأنصاري المدني من ثقات التابعين "عمن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" هذا مبهم وإبهام الراوي يضر وإلا ما يضر؟
طالب:.......
نعم جهالة ذات إبهام الراوي، لكن إذا كان صحابيًّا "عن رجل صحب النبي -عليه الصلاة والسلام-" فجهالته لا تضر، وهنا يقول: "عمن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" فهو صحابي، واختلف في تعيينه فقيل: هو سهل بن أبي حثمة بدليل الحديث الذي يليه عن صالح بن خوات أن سهل بن أبي حثمة حدثه أن صلاة الخوف.
طالب:.......
يقول: المحقق بشار عواد المعروف يقول: "لا أصل لها في النسخ أو الشروح" أي عبارة: كتاب صلاة الخوف، الترتيب الفني للتأليف يقتضيها، يقتضي هذه الترجمة الكبرى؛ لأنها صلاة مستقلة لا علاقة لها بصلاة العيدين، كما أنها لا علاقة لها بصلاة الكسوف، إذًا تحتاج إلى ترجمة كبرى كصلاة العيدين وكصلاة الكسوف، على كل حال هذا أمرٌ سهل.
يقول: "عمن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" الحديث الذي يليه عن صالح بن خوات أن سهل بن أبي حثمة حدثه أن صلاة الخوف، لكن هل في الطريق الأخرى ما يدل على أن سهل بن أبي حثمة صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الخوف؟ "أن سهل بن أبي حثمة صلى مع النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاة الخوف، والرواية الأخرى تدل على ذلك وإلا ما تدل؟ ليس فيها ما يدل، فالقول بأنه سهل بن أبي حثمة قيل به والاستدلال بالحديث الثاني يعني كونه روى الخبر عن سهل بن أبي حثمة لا إشكال فيه، لكن هل يقال: إن سهل بن أبي حثمة هو الذي صلى مع النبي -عليه الصلاة والسلام- فيفسر به المبهم؟
طالب:.......
هذه الصلاة مع النبي -عليه الصلاة والسلام- فهي مرفوعة، صلاة ذات الرقاع النبي -عليه الصلاة والسلام- هو الإمام لا إشكال في هذا، ما هو البحث يا أخي في هذا، لكن الواسطة بين صالح بن خوات ومن صلاها مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، صالح بن خوات يروي الحديث عمن؟
طالب:.......
نعم، في هذه في الرواية الثانية سهل بلا شك وصرح به، لكن سهل هذا هو الذي صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ لأن الرواية الثانية ما قال: صليت صلاة الخوف مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لنقول هو هو؛ لأنه قال: إن سهل بن أبي حثمة حدثه أن صلاة الخوف، وعلى كل حال يقول ابن حجر: الراجح أنه أبوه خوات بن جبير، إذًا ما الذي يمنع أن يكون المبهم هو سهل بن أبي حثمة؟ وتفسره الرواية الأخرى، يقول: الراجح أنه أبوه خوات بن جبير ويؤيده أن سهلًا لم يكن في سن من يخرج في تلك الغزوة لصغره، لكن لا يمنع أن يروي سهل بن أبي حثمة هذه الصفة عن غيره من الصحابة الذين حضروا، حضروا صلاة غزوة ذات الرقاع مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فيكون من مراسيل الصحابة، ولذا ما جاء بصيغةٍ تدل على أنه حضر، هو أن سهل بن أبي حثمة حدثه أن صلاة الخوف؛ ولذا يمكن أن يروي صالح بن خوات الخبر عن اثنين، يروي عن سهل بن أبي حثمة، وسهل بن أبي حثمة لم يحضر إذًا روى هذه القصة عن صحابيٍ آخر ممن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فتكون من مراسيل الصحابة، ويكون صالح بن خوات كما في الطريق الأخرى رواها عمن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والاحتمال الأقوى أنه أبوه كما قال ابن حجر، نعم؟
طالب:.......
ما الذي يمنع أنه قال: عن صالح بن خوات عن أبيه وقد صلى مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، وحذف من بعده عن أبيه، نعم؟
طالب:.......
لأمرٍ من الأمور؛ لأن الإبهام -أقول-: له أهداف ومقاصد، قد يكون في وقت أو في ظرف أو في مناسبة لو صرح باسمه لما قبل الخبر، بينه وبين من يسمعون الخبر شيء فيبهم، وهذه من أهداف الإبهام.
على كل حال الخبر لا إشكال في ثبوته، وهو في الصحيحين وغيرهما، وسواءً عرفنا هذا المبهم أو لم نعرفه فلا فرق؛ لأنه صلى مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إذًا هو صحابي، والصحابة كلهم عدول.
"عمن صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم ذات الرقاع" غزوة وقعت في مكانٍ من أرض نجد بأرض غطفان، وعرفنا سابقًا متى وقعت؟ وهل كانت قبل الخندق أو بعد الخندق؟ وسميت ذات الرقاع لأن أقدام المسلمين نقبت من الحفاء فكانوا يلفون عليها الخرق، أو لأنهم رقعوا راياتهم، أو لأن أرضها ذات ألوان تشبه الرقاع، أو لشجرة نزلوا تحتها، يعني فيها ألوان أوراقها ملونة، أو جبل هناك فيه بياض وحمرة وسواد، وزعم ابن حبان أنها سميت ذات الرقاع؛ لأن خيلهم كان بها سواد وبياض فلعله تصحف عليه الجبل بخيل، لجبلٍ كان هناك فظنها خيلاً، والخيل لا تشبه الرقاع إلا إذا كانت ذات ألوان، على كل حال هذا تصحيف وارد، ورجح السهيلي الأول أقدام المسلمين نقبت من الحفاء، لم ينتعلوا وليس عليهم خفاف، وكانت تباشر الأرض، والأرض فيها الحصى والشوك فحفيت ونقبت من الحفاء فلفوها بالخرق بالرقاع التي هي الخرق، السهيلي رجح هذا لثبوته عن أبي موسى في الصحيحين وغيرهما وكذا النووي، يحتمل أن يكون السبب هذا وأن يكون غيره؛ لأن الأرض ذات ألوان، أو لجبل هناك فيه ألوان أو للجميع، على كل حال ما نص عليه الصحابي أولى ما يفسر به ما يحتاج إلى تفسير.
"صلاة الخوف، أن طائفة" الطائفة: القطعة من الجيش، وأقلها واحد، وأقل ما تقوم به صلاة الخوف ثلاثة: إمام ومأموم وحارس، هذا أقل ما تقوم به صلاة الخوف، إمام ومأموم وحارس {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ} [(2) سورة النــور] يعني يكفي واحد؛ لأن أقل ما يطلق عليه طائفة الواحد.
"أن طائفة صلت معه -عليه الصلاة والسلام-، وصفت طائفة وجاه -يعني مواجهة- العدو" كل هذا حرص على الاقتداء به -عليه الصلاة والسلام-، والمحافظة على الصلاة في وقتها، والمحافظة على الصلاة جماعة، "وجاه العدو، فصلى بالتي معه ركعة، ثم ثبت قائمًا" صلى ركعة، ركع قام وسجد سجدتين ثم قام الركعة الثانية فثبت قائمًا -عليه الصلاة والسلام- "ثم ثبت قائمًا وأتموا لأنفسهم" الركعة التي بقيت لهم، ثم تشهدوا وسلموا ثم جاءت..، انصرفوا هؤلاء وجاه العدو، ثم جاءت الطائفة الأخرى -الذين كانوا وجاه العدو- فصلى بهم الركعة وثبت جالسًا حتى أتموا الركعة الثانية، ثم تشهد بهم وسلم بهم، وهذا تمام العدل بين الأتباع، صلى بكل طائفة ركعة، وأولئك أدركوا أول الصلاة وهؤلاء أدركوا آخرها "وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا فصفوا وجاه العدو فجاء الطائفة الأخرى" التي كانت تحرس في وجاه العدو "فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت جالسًا" لم يسلم، استمر جالس -عليه الصلاة والسلام- وأتموا لأنفسهم الركعة الثانية ثم سلم بهم -عليه الصلاة والسلام-، وهذه الصفة واضحة جدًّا، وقد ذهب إليها جماعة ورجحها الشافعي لا سيما إذا كان العدو في غير جهة القبلة، وهذا في الصلاة الثنائية، فالثلاثية ماذا يصنع ليعدل بين الأتباع؟ هل نقول: يصلي الركعة الأولى كاملة والثانية إذا ركع وقام رفع من الركوع ينتظر يصلي بهم ركعة ونصف؟ أو نقول: إن العدل بقدر الإمكان ينتظر في التشهد الأول مثلًا ثم يتمون لأنفسهم ويسلمون، وتأتي الطائفة الأخرى فيسلم بهم؟ قال: "وهذا في الثنائية وإن كانت ثلاثية انتظر في التشهد الأول، كذلك في الرباعية على القول بأنها تصلى في الحضر، وينتظر في التشهد أيضًا" الرباعية ما فيها إشكال مثل الثنائية يتم فيها العدل، وظاهر القرآن مطابقٌ لما دل عليه هذا الحديث، ظاهر القرآن مطابق لما دل عليه هذا الحديث بقوله تعالى: {وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ} [(102) سورة النساء] فهذه الكيفية أقرب إلى موافقة المعتاد من الصلاة في تقليل الأفعال المنافية للصلاة والمتابعة للإمام؛ لأن من الصور مما صح أن يصلي بالطائفة الأولى ركعة ثم ينصرفون من غير إتمام لصلاتهم، ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلي بهم الركعة الثانية فيتمون ثم يذهبون للحراسة ويرجع أولئك لإتمام صلاتهم هذه صورة من الصور، لكن الصورة التي جاءت في حديث الباب هي أقرب إلى تقليل الأفعال المنافية للصلاة، وقلنا: إن المختار من هذه الصلوات الأحوط للصلاة والأبلغ في الحراسة، وعلى كل حال هذه الصورة واضحة إذا كان العدو في غير جهة القبلة فمثل هذه الصورة واضحة، على كل حال ثبت قائمًا لينتظر هذه الطائفة تتم صلاتها وتأتي الطائفة الأخرى، وثبت قائمًا ولا يدرى هل كان ساكتًا أو كان يقرأ ويطيل القراءة؟ على كل حال هذا أمرٌ مسكوتٌ عنه، ثم ثبت قائمًا وأتموا لأنفسهم؛ لأنه لو تصور طول القراءة هنا كيف يتصور طول التشهد في آخر الصلاة؟ نعم؟
طالب:.......
اقتداء، اقتداء، وإلا لو قسموا أكثر من جماعة لو صاروا جماعات لا شك أن الجماعة الواحدة أهيب وأجمع للكلمة وأهيب عند العدو، لكن لو قسموا قسمين أو أقسام حسب ما يتيسر الأمر فيه سعة، لكن لا يتم الاقتداء إلا بهذا، وليعرف العدو أن الكلمة مجتمعة، والله المستعان.
يقول: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن القاسم بن محمد -بن أبي بكر أحد الفقهاء- عن صالح بن خوات أن سهل بن أبي حثمة" عبد الله، وقيل: عامر "حدثه: أن صلاة الخوف" صفتها "أن يقوم الإمام -مستقبل القبلة- ومعه طائفة من أصحابه وطائفة مواجهة العدو" أي وجوههم إلى العدو "فيركع الإمام ركعة ويسجد بالذين معه" يركع ركعة ثم يسجد بالذين معه "ثم يقوم، فإذا استوى قائمًا ثبت وأتموا لأنفسهم الركعة الباقية -في مكانهم- ثم يسلمون وينصرفون" الآن الرواية الثانية مطابقة للأولى؟ نعم؟
طالب:.......
طائفة صلت معه وطائفة وجاه العدو، فصلى بالتي معه ثم ثبت قائمًا وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا، ثم إلى أن جاءت الطائفة الأخرى وصلى بهم الركعة التي بقيت ثبت جالسًا حتى أتموا لأنفسهم ثم سلم بهم، هذه الصورة يقوم الإمام مستقبل القبلة ومعه طائفة من أصحابه وطائفة مواجهة العدو، فيركع الإمام ركعةً ويسجد بالذين معه كما سبق ثم يقوم فإذا استوى قائمًا ثبت وأتموا لأنفسهم الركعة الباقية ثم يسلمون، ثبت قائمًا وأتموا لأنفسهم، فإذا استوى قائمًا ثبت وأتموا لأنفسهم الركعة الباقية في مكانهم ثم يسلمون، إلى هذا الحد فيه اختلاف وإلا ما فيه؟ ما فيه اختلاف، ثم يسلمون وينصرفون والإمام قائم، نعم فيه فرق؟
طالب:.......
ما فيه فرق، أين؟
طالب:.......
كلها قائم، ثبت قائمًا، الركعة الأولى ثبت قائمًا، الركعة الثانية ثبت جالسًا، نعم؟
طالب:.......
هنا ثم سلم..
طالب:.......
لا، الكلام في الطائفة الأولى، ثبت قائمًا إلى أن أتموا لأنفسهم فسلموا وانصرفوا للحراسة ثم جاءت الطائفة الثانية، "ثم يسلمون وينصرفون والإمام قائم فيكونون وجاه العدو، ثم يقبل الآخرون الذين لم يصلوا فيكبرون وراء الإمام فيركع بهم الركعة ويسجد بهم ثم يسلم" هذا محل الاختلاف "فيقومون فيركعون لأنفسهم الركعة الباقية ثم يسلمون" في الطريق الأولى: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ثبت جالسًا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم، في الطريق الثانية سلم قبلهم سلم ثم قاموا فأتموا لأنفسهم الركعة الباقية ثم سلموا.
قال ابن عبد البر: "وهذا القول الذي رجع إليه مالك" الصورة الثانية، عرفنا الفرق بين الصورة الأولى والثانية، في الصورة الأولى انتظر حتى سلم بهم، وفي الصورة الثانية سلم قبلهم وأتموا لأنفسهم، يعني قضوا ما فاتهم على الجادة؛ ولذا يقول ابن عبد البر: "وهذا الذي رجع إليه مالك بعد أن قال بحديث يزيد بن رومان -الأول- وإنما رجع إليه -رجع إلى الثاني- للقياس على سائر الصلوات أن الإمام لا ينتظر المأموم" يعني وإن انتظر في الركعة الأولى انتظر الطائفة الثانية ليصلي بهم مثل ما صلى بالطائفة الأولى، إلا أنه في الركعة الثانية لا ينتظر في التشهد حتى يصلي الطائفة الثانية الركعة الثانية وإنما يسلم، ثم إذا سلم قاموا لقضاء ما فاتهم على الجادة، يقول: "للقياس على سائر الصلوات أن الإمام لا ينتظر المأموم، وأن المأموم إنما يقضي بعد سلام الإمام؛ ولذا رجع الإمام مالك -رحمه الله تعالى- إلى هذه الصورة، وعلى كل حال هذه الصور كلها ثابتة وصحيحة يجوز العمل بها كلها.
يقول: "وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف" عن صلاة الخوف يعني عن صفتها، "قال: يتقدم الإمام وطائفة من الناس" يعني بحيث لا يبلغهم سهام العدو، بحيث يكونون في مأمن من أن يرشقهم النبال والسهام "فيصلي بهم الإمام ركعة، وتكون طائفة منهم بينه" أي بين الإمام ومن معه "وبين العدو ولم يصلوا" لأنهم يحرسون، يحرسون هؤلاء المصلين من سهام الأعداء "فإذا صلى الذين معه ركعة استأخروا مكان الذين لم يصلوا" فحينئذٍ يكونون في وجه العدو، "ولا يسلمون" بل يستمرون في الصلاة، ينتقلون إلى الحراسة وهم في صلاة "ولا يسلمون ويتقدم الذين لم يصلوا" يتقدمون إلى جهة الإمام "فيصلون معه ركعة ثم ينصرف الإمام -من صلاته بالتسليم- وقد صلى ركعتين، فتقوم كل واحدة من الطائفتين فيصلون لأنفسهم ركعة ركعة" الصورة واضحة وإلا ما هي بواضحة؟ يصلي ركعة بهذه الطائفة، بالطائفة الأولى والطائفة الأخرى تحرس، إذا صلوا ركعة معه -عليه الصلاة والسلام- انصرفوا إلى الحراسة من غير إتمام للصلاة، يحرسون وهم في الصلاة، ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلي بهم الركعة التي بقيت له، ثم بعد ذلك يقضي الأولون والآخرون ما فاتهم، أو ما بقي عليهم من الصلاة ركعة ركعة، على حسب ما تقتضيه مصلحة الحراسة، وهم بهذه الركعة التي صلوها معه -عليه الصلاة والسلام- أدركوا فضل الجماعة، وكونهم يصلون ما بقي لهم فرادى أو كل اثنين أو كل خمسة أو كل مجموعة الأمر فيه سعة، الجماعة أدركوها، والأمر فيه سعة، كمن فاته شيء مع الإمام إذا وجد أكثر من شخص فاتهم ركعة أو ركعتين يقتدي بعضهم ببعض في الصلوات في حال الأمن لا بأس، نعم؟
طالب:.......
نعم يؤذن ويقام لها؛ لأنه لو كان العدو في جهة القبلة جاء في بعض الصفات ما يناسب أنه يصلي يجعلهم صفين فيصلي الركعة الأولى بالصف الأول، ثم يستأخر أصحاب الصف الأول إلى الصف الثاني ويتقدم أصحاب الصف الأول ويصلي بهم الركعة التي بقيت، ثم بعد ذلك يتمون لأنفسهم، المقصود أنه مثل ما ذكرنا الوجوه كلها صحيحة والصور ثابتة، ستة أو سبعة أو تسعة على ما قال ابن حبان, وعلى الإمام أن يفعل الأحوط للصلاة، الأقل مخالفة للصلاة، الأحوط لها والأبلغ في الحراسة.
ويتقدم الذين لم يصلوا للإمام فيركعون معه ركعة، ثم ينصرف الإمام من صلاته بالتسليم وقد صلى ركعتين، فتقوم كل واحدة من الطائفتين فيصلون لأنفسهم ركعة ركعة، وبالتكرار؛ لأن كل واحد منهم يصلي لنفسه ركعة، يعني كل واحد منهم تخصه ركعة، ليس معنى هذا أن الجميع يصلون ركعة، لا، بل كل واحد منهم يصلي ركعة وهذه فائدة التكرار.
بعد أن ينصرف الإمام من الصلاة فيكون كل واحدة من الطائفتين قد صلوا ركعتين، وهنا يقول الحافظ ابن حجر: "لم تختلف الطرق عن ابن عمر في هذا، وفي ظاهرهم أنهم أتموا في حالة واحدة" يعني في ظاهر اللفظ يدل على أنهم أتموا في حالة واحدة، في آنٍ واحد، الطائفة الأولى والطائفة الثانية، ويحتمل أنهم أتموا على التعاقب وهو الراجح من حيث المعنى، وإلا لو أتموا في آنٍ واحد للزم على ذلك تضييع الحراسة المطلوبة، وإفراد الإمام وحده، ويرجحه ما رواه أبو داود عن ابن مسعود ولفظه: ثم سلم فقام هؤلاء -أي الطائفة الثانية- فقضوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا ثم ذهبوا ورجع أولئك إلى مقامهم فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا، ظاهر حديث ابن مسعود أن الطائفة الثانية لما سلم الإمام أتموا في مكانهم، ثم انصرفوا إلى جهة الحراسة فأتت الطائفة الأولى فأتموا لأنفسهم، وظاهره أن الطائفة الثانية والت بين ركعتيها ثم أتمت الطائفة الأولى بعدها، وهذه الصفة اختارها أشهب والأوزاعي والحنفية، ورجحها ابن عبد البر لقوة إسنادها، ولموافقتها الأصول في أن المأموم لا يتم صلاته قبل سلام إمامه.
فإن كان الأمر خوفًا أشد من ذلك، يعني هنا يتمكنون من أن يصلي بهم طائفة، لكن هناك صور من صور الخوف يزداد فيها الخوف بحيث لا يستطيعون الصلاة على هذه الطريقة، الأمر أعظم من ذلك، فإن كان الأمر خوفًا أو أشد من ذلك لكثرة العدو فخيف من قسمهم لذلك، يعني نصف الجيش لا يكفي لصد العدو، إنما لا بد أن يكون الجيش كله أو جله في مواجهة العدو، فإن كان الأمر أشد خوفًا من ذلك لكثرة العدو فخيف من قسمهم؛ لذلك صلوا رجالًا قيامًا على أقدامهم أو ركبانًا، يعني بحسب الإمكان، يعني لو قدر أنهم إذا جلسوا يخفى أمرهم على العدو يصلون جلوس، إذا ركبوا برزوا للعدو يصلون وقوفًا، وهكذا على ما يتيسر لهم قيامًا على أقدامهم أو ركبانًا على دوابهم، مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها، يعني إلى جهة القبلة أو إلى غير جهة القبلة، حسب ما يتيسر و{لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} [(286) سورة البقرة] وبهذا قال الجمهور، لكن قال المالكية: لا يصنعون ذلك حتى يخشوا فوات الوقت، يعني لا يفرطون بأركان الصلاة وواجبات الصلاة إلى هذا الحد إلا إذا خشوا فوات الوقت، لا شك أن الصلاة ولو في آخر الوقت مع كمال الصلاة أفضل من الصلاة في أول وقتها مع الخلل في الصلاة، يعني كصلاة من ينتظر وجود الماء، إذا كان يغلب على ظنه وجوده ولو في آخر الوقت أفضل من أن يصلي بالتيمم في أول الوقت.
ثم قال: "وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب أنه قال: ما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الظهر والعصر يوم الخندق حتى غابت الشمس" وعرفنا أن صلاة الخوف شرعت أو لم تشرع؟ خلاف، فالذي يقول: إنها لم تشرع صلاة الخوف يقول: ما صنعه في غزوة الخندق منسوخ، ولا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها، بل تصلى الصلاة على أي حال أمكنت من الوجوه الجائزة، وإذا قلنا: إن صلاة الخوف مشروعة قلنا: غزوة الخندق بالحضر، وصلاة الخوف لا تصلى بالحضر، وقد قال به جمعٌ من أهل العلم، وعرفنا أن غزوة الخندق متقدمة على ذات الرقاع فتكون لم تشرع بعد، فيكون ما صنعه في غزوة الخندق منسوخًا "أنه قال: ما صلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- الظهر والعصر يوم الخندق حتى غابت الشمس" عمدًا لانشغاله بالقتال، وذلك قبل شرعية صلاة الخوف على الخلاف السابق، أو لأنها لا تشرع في الحضر على قول، وهذا كله تقدم.
"ما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الظهر والعصر" وعند النسائي عن ابن مسعود أنهم شغلوه عن أربع صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء، هذا عند النسائي من حديث ابن مسعود، شغلوه عن أربع صلوات في الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله، وقوله: أربع تجوز لماذا؟ لأن العشاء لم يخرج وقتها، لأن العشاء لم تفت، ومقتضى حديث علي وجابر في الصحيحين وغيرهما أنه لم يفت غير العصر، عند النسائي أربع صلوات، وعندنا من كلام سعيد أنهم شغلوه عن الظهر والعصر، حديث ابن مسعود عند النسائي أربع صلوات، وجاء عن جابر وعلي في الصحيحين وغيرهما أنه لم يفت غير العصر، فمال ابن العربي إلى الترجيح، فقال: إنه الصحيح، لأنه لم يفت إلا العصر؛ لأنها هي المتفق عليها، لم يفت إلا العصر لأنها في الصحيحين، فهي أرجح.
وجمع النووي بعد أن أراد أن يثبت أن كل ما ذكر صحيح، شغلوه عن العصر وحدها، شغلوه عن الظهر والعصر معًا، شغلوه عن الأربع الصلوات كما في حديث ابن مسعود عند النسائي، النووي يقول: الجمع ممكن، كيف يمكن الجمع؟ لأنه يقول: يوم الخندق، ما معنى يوم الخندق؟ الخندق يوم وإلا أيام؟ أيام، الخندق أيام، فيحتمل أنه في يوم شغلوه عن العصر فقط، وفي اليوم الثاني عن الظهر والعصر، وفي اليوم الثالث شغلوه عن أربع أوقات والعكس أيضًا، ما الذي يمنع، هي غزوة وكلها صحيحة؟ المقصود أنها أيام ما هو بيوم، يعني يوم كيوم الخندق هل يراد به الأربع والعشرين ساعة يوم الخندق؟ لا، يقصد به في غزوة الخندق المشتملة على أيام، فالقول هذا متجه.
طالب:.......
اختلف، نعم، هنا جابر قال كلامًا، علي قال كلامًا، ابن مسعود قال كلامًا، صح وإلا لا؟ ابن مسعود تحدث عن يوم من الأيام، جابر تحدث عن اليوم الثاني، علي تحدث عن اليوم الثالث وهكذا، سهل، تصوره واضح.
على كل حال صلاة الخوف من إضافة الشيء إلى سببه، فسببها الخوف فمتى وجد الخوف -نسأل الله السلامة والعافية- يوجد المسبب.
"قال مالك: وحديث القاسم بن محمد عن صالح بن خوات أحب ما سمعت في هذا" أحب ما سمعت إلي في صلاة الخوف، أي: الحديث الثاني، أحب ما سمعت إلي في صلاة الخوف، فيقتضي أنه سمع في كيفيتها صفات متعددة، وهي كذلك، فقد جاءت عنه -عليه الصلاة والسلام- صفات حملها بعض العلماء على اختلاف الأحوال، وآخرون على التوسع والتخيير، يعني أن الإمام مخير بأن يصلي هذه الصلاة وهذه الصلاة، ووافقه على ترجيح الصفة التي رجحها في الحديث الثاني الشافعي وأحمد وداود لسلامتها من كثرة المخالفة، وكونها أحوط لأمر الحرب مع تجويزهم الصفة الأخرى، وتقدم النقل عن الإمام أحمد أنه جوز الأوجه كلها.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
حيث إنه من المقرر أننا دخلنا في كتاب العيدين من ثلاثة أسابيع، لكن تأخذنا كثيرًا الإطالة في مسائل لا يترتب عليها كبير فائدة.
العادة جرت بأن نمشي على هذا، وأن نشرك الإخوان والطلاب في الدرس، أنا لا يهمني أن نأخذ قدرًا معينًا من الكتاب أو ننهي كتابًا ونحن ما فهمناه، أما كون ها المسائل لا يترتب عليها كبير فائدة، لكن ما دخل كتاب الخوف وباب الخوف هنا؟ يعني إن كان القصد أن الصلاة لا تصلى هذه معضلة مشكلة، وإن كان القصد أنه لماذا ذكر باب الخوف وأفرد بباب بعد كتاب الخوف فهذه منهجية يحتاجها كل طالب علم، كون الإنسان يدركها أو لا يدركها هذه يمكن يدركها بعدين -إن شاء الله-، وأما كون المسائل متفاوتة ولو اقتصرنا على ما فيه فائدة دون غيره لاختلفنا في تقدير الفائدة، تقدير الفائدة نسبي، ولاقتصرنا على كلمة التوحيد، هذه أعظم فائدة نعم؛ لأن استغراقنا في بيان الصلاة وكتاب الصلاة على حساب كلمة التوحيد، لكن لا بد من المرور على جميع أبواب الدين، نعم كوننا نخفف الشرح هذا سهل يعني ما يعجز عنه أحد تخفيف الشرح، كوننا نمشي على أي طريقة ما هي مشكلة هذه، أنا أعرف واحد من المشايخ بدأ بعدنا بالبخاري بأربع سنوات وتقدمنا بمراحل، هذه طريقة ومنهج، هناك شرح للبخاري في مجلد لطيف، وشرح في عشرين ثلاثين مجلدًا، كلٌ له فائدته، الذي ينتهي على طول ينتهي، القراءة لا يعجز عنها أحد لا سيما من الحاضرين، يعرفون كلهم يقرؤون، لكن الكلام في الفائدة وتقرير الفائدة.
يقول: كثير على حساب الوقت ومسائل أهم؟
هو لا شك أن كل شيء له ضريبة، إن أردنا البسط والتوسع لا شك أنه على حساب الوقت، وعلى حساب الأبواب اللاحقة والكتب الأخرى والعلم، على أن نجعل في بالنا أن العلم لا ينتهي ولن ينتهي، ما يمكن أن ينتهي العلم، كوننا نمشي على طريقة واحدة وعلى وتيرة واحدة، ونشرك الإخوان، وتفتق المسائل وتوضح وتبسط وهذا مطلب لكثير من الإخوان، يعني إذا طلب مثل هذا الاختصار فبعض الإخوان يطلب لماذا نختصر هكذا؟ لأنه سمع بعض الدروس أوسع من هذا الشرح، والطريقة الحوارية هي التي نستعملها الآن ونشرك الإخوان طريقة من أنفع الطرق لطلاب العلم، أنا كوني أمسك الكتاب وأشرح وأنا ماشي هذا يمشي الكتاب لا بأس، لكن فهم من فهم ولم يفهم من يفهم هذه مشكلة بعد، فإذا رأيتم أن نمشي مشينا، المسألة لكم أنا ما يخصني شيئًا في الباب.
طالب:.......
لا ما هو معناه أننا نمشي أننا نقرأ قراءة، ما هو بصحيح بعد، لا أنا أقول: حتى كلامي أنا ما هو معناه أننا نقرأ قراءة، نشرح ولا نلتفت للإخوان كلهم يعني، من يمسك يمسك، والذي يكتب يكتب، أنا لا يضيرني أن أسرع أو أخفف أو أطيل، ما يضيرني هذا، لكن أنا أرى كثيرًا من الإخوان يصر على أن نطيل، وسمعنا ونسمع كثيرًا أن ميزة هذه الدروس بالبسط، وإلا الاختصار ما يعجز عنه أحد، أنا أقدر أشرح لكم الكتاب هذا بشهر، ما المانع؟ وهناك دورة وضعت..، تعجبون كثيرًا يعني لما أقل لكم: إن واحد من المشايخ وضع دورة لمدة شهر قرئت عليه الكتب الستة شهر واحد، انظر كون الواحد يسكت ويقرأ عليه هذا ما يعجز عنه أحد سهل، يعني ما هي مبالغة ترى واقعة يعني، يقرؤون اثنا عشر ساعة باليوم متواصلة ولا يتكلم بكلمة تسمى دورة، يسمونها دورة، موجود هذا.
بالنسبة ليوم الجمعة ما زال الصحابة يصلون من دخولهم المسجد إلى دخول الإمام، فالذي يظهر أنه يوم الجمعة ليس فيه وقت للنهي بل هو مستثنى.
المقصود بذلك القياس الذي لا يستند إلى دليل، هذا يستند إلى دليل نص في الموضوع، لكن كون القياس يؤيد هذا الحديث دون الحديث الآخر هو مرجح ولا يعتمد عليه، وهذه الكلمة كون القياس لا يعتد به في العبادات ولا يدخل في العبادات هذه مسألة نظرية، يتفق عليها أهل العلم، لكنهم عند التطبيق تجدون في كتب المذاهب كلها استعمال القياس في العبادات.
صبغ المرأة لشعرها بغير الأسود وإذا سلم من التشبه لا شيء فيه -إن شاء الله تعالى-.
على كل حال هذه حقوقهم، وتكاليفهم كبيرة جدًّا، لا يناسبهم إلا هذا السعر، والهدف من إنشائها كما عرفنا منهم ليس الهدف منها الكسب المادي، هذا أصل المقصد الأصلي..، وعلى كل حال كلامنا فيها وفي غيرها سئلت عنها مرارًا وجوابي واحد: أن السلامة لا يعدلها شيء، والمعافى من هذه الآلات هو بخير على كل حال، لكن إذا كان مبتلى بآلات أخرى فهي خير الموجود الآن، هي خير الموجود، أما كون أحد بدون علمهم وبدون رضاهم يوصل هذه الإفادة من هذه القناة بمبلغٍ أقل لا شك أنه مضرٌ بهم، ولا ضرر ولا ضرار في الشرع، والله أعلم.
ما ثبت عنه بالأسانيد الصحيحة يقبل، سواءً سمعه من النبي -عليه الصلاة والسلام- مباشرة أو لم يسمعه لصغر سنه، أقل أحواله أن يكون من مراسيل الصحابة، ومراسيل الصحابة نقل الاتفاق على أنها حجة.
فلما قال: سمع الله لمن حمده تنبه من سجد، وسؤالي من قام من سجوده وركع لوحده قبل أن يسجد الإمام هل تعتبر صلاته صحيحة أم لا، أم يجب عليه الإعادة؟
الركوع يرى جمعٌ من أهل العلم أن الركعة تفوت بفواته، وأنه هو الركن الوحيد الذي تفوت الركعة بفواته بمفرده، وأما ما عداه فلا بد من فوات ركنين، فإذا سجد الإمام ورفع من السجود سجد المأموم بعده يدرك السجدة ولو رفع ما لم يسجد للثانية، أما الركوع إذا رفع الإمام فاته، فات الركوع وبفواته تفوت الركعة، هذا قول جمع من أهل العلم، ومنهم من يقول: إن الركوع شأنه شأن غيره، كون الركعة إذا جاء والإمام راكع ورفع الإمام قبل أن يركع فوات الركعة؟ لا؛ لأنه الركوع الذي فات، بل لأنه فات ركنان الذي هو ركن القراءة وركن الركوع، لكن الأحوط في مثل هذه الصورة أن تعاد الركعة.
يقول: من ألغى هذه الركعة واستأنف من جديد من بداية الركعة الثانية هل عمله صحيح؟
ما معنى ألغى؟ هو إذا فاته الركوع وقلنا: إن الركعة لا تدرك بعد فوات الركوع هي تُلغى تلقائيًا، وعليه متابعة الإمام، ثم يأتي بركعة بدل هذه الركعة، كونه ألغى هذه الركعة واستأنف من جديد؛ أي أنه قطع الصلاة وكبر للإحرام مرة ثانية لتكون بداية الركعة الثانية هي أول صلاته، على كل حال صلاته صحيحة، لكن لا ينبغي له أن يقطع صلاته لمجرد هذا.
يقول: ما الواجب على من سجد هو السؤال الأول؟
يعني إن سجد وسمع الإمام يقول: سمع الله لمن حمده إن علم قبل ذلك وأدرك الركوع مع الإمام أدرك الركعة، وإن فاته الركوع فالأحوط أن يعيد الركعة، أن يأتي بركعة بدل هذه الركعة.
طالب:.......
إذا طال الفصل يستأنف الصلاة من جديد.
وهو شرحٌ مكمل هو إكمال إكمال المُعِلم، الأصل المعِلم للمازري، ثم إكمال القاضي عياض، ثم إكمال إكمال المعلم للأوبي، ومكمل إكمال الإكمال للسنوسي، هذه سلسلة في مجموعها يحصل شرح لا بأس به لصحيح مسلم، إذا ضمَّ إليها النووي والقرطبي في المفهم، وفتح الملهم، ولا يزال الكتاب بحاجة إلى شرحٍ يحل جميع الإشكالات، وعلى كل حال هو شرحٌ من الشروح، ونقل من الشروح التي سبقته، وهو جيد في الجملة.
نبهنا مرارًا على طبعات دار الكتب العلمية طبعات تجارية لا تصحح، قد يكتبون صححها لجنة بإشراف الناشر، لكن الواقع أنها لا تصحح وليس فيها أحد ممن يعتمد عليه في التصحيح، فطبعاتها تجارية ليست طبعات محققة علمية بحيث يعتمد عليها طالب العلم، ونبهنا على هذا مرارًا، وأكثر المطابع الموجودة الآن لا يوجد فيها لجان علمية تتولى تصحيح الكتب، إنما الطبعات القديمة صححت بواسطة لجان علمية من أهل العلم صححوها، والذي يغلب على الظن أن الهدف من بداية الطباعة ليس هو التجارة وإنما نشر العلم بدليل الدقة، وما يصرف على هذه الكتب من أوقات، قد يستمر الكتاب عشر سنوات يطبع، أو عشرين سنة أحيانًا الكتب الكبار لتضمن دقتها ولا يخرج حرف إلا مُتأكد منه.
أما الآن أبدًا المطابع يطبع شباب وشابات كثيرٌ منهم غير مسلمين من غير شاشات، ما ينظرون ما يطبعون، فقط يضربون الأرقام، الحروف؛ لأن القصد التجارة؛ لأنه لو تأخروا في التصحيح والمراجعة وكذا الموظفون هؤلاء يحسبون عليهم، حسابهم يحتاجون إلى أموال، والمسألة تجارية، فالطبعات الجديدة لا يعتمد عليها إلا إذا عرف أن هذه الطبعة اعتني بها، وجمع لها نسخ، واطلع على أصول لم يطلع عليها في الطبعات القديمة، وهذا نبه عليه مرارًا.
في طبعة المكتبة التجارية مصطفى محمد سنة (54) طيبة، وبعدها أيضًا سنة (73) من مطبعتهم مطبعة الاستقامة جيدة، هناك طبعة قديمة المطبعة الخيرية أيضًا طبعة نفيسة، وعلى هامشها سنن أبي داود، طبعة طيبة، وقبلها الطبعة الكستلية في أربعة مجلدات كبار سنة ألف ومائتين وحدود ثمانين أو خمسة وثمانين هذه طبعة نفيسة، لكن يبقى أن الطبعات المتداولة الآن الصف الجديد لا يوثق بها.
صاحب التفسير أبو عبد الله القرطبي معروف من أئمة المالكية، وشيخه أبو العباس صاحب المفهم، أبو العباس شيخ صاحب التفسير، صاحب المفهم شيخ لصاحب التفسير، وكثيرًا ما يقول في تفسيره: ولقد سمعت شيخنا أبا العباس يعني نظير ما يقوله ابن القيم في كتبه، ويقصد بذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، هل هو يقلد ابن القيم وإلا لا؟
طالب:.......
بعد ابن القيم؟
طالب:.......
شيخ الإسلام بعده، بعد القرطبي بلا شك، من الطرائف واحد من الباحثين نقل رأي لشيخ الإسلام من تفسير القرطبي، يقول: إن القرطبي يقول: سمعت شيخنا أبا العباس يظنه شيخ الإسلام.
لا يجوز قبول هذه الهدايا، ولو كانت في تقديرك أنها لا تؤثر على العمل، لا يجوز قبولها بحال.
يذكر في كتب الطب وابن القيم يذكر لعسر الولادة وغيرهم، لكن المسألة مسألة دعاء، ومنهم من يقول: إذا كتبت سورة الزلزلة وقرئت على من تعسرت ولادتها تسهل ولادتها، المسألة مسألة تجربة وإلا فالقرآن شفاء.
أفضل التحقيق لمسند أحمد هو تحقيق الأرناوط الذي ظهر في خمسين مجلدًا، طبعة كاملة ومحققة ومدروسة الأسانيد، ولا يعني أن كل ما فيها صواب، لكن هي أفضل الموجود، وأكمل الموجود.
هذا قال به جمعٌ من أهل العلم وهو الظاهر؛ لأنه لو كان لفظه من الله -جل وعلا- كالقرآن لما جاز التصرف فيه من قبل الرواة، لمَّا جازت روايته بالمعنى علم أن اللفظ الموجود في دواوين الإسلام ليس من الله -جل وعلا-، بدليل أن الحديث الواحد حديث أبي ذر: ((يا عبادي)) الحديث القدسي المشهور يوجد في مسلم بلفظ، ويوجد في غيره بألفاظ مختلفة، فدل على أنه تجوز روايته بالمعنى كالحديث النبوي، نفرق بينهما من حيث النسبة، الحديث النبوي نقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والحديث القدسي نقول: فيما يرويه عن ربه، أو قال الله -تبارك وتعالى- أو هكذا، كلاهما {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [(3 -4) سورة النجم].
من بعض الإخوان الذين لهم اجتهاد في بعض الأمور، نقول: لهم اجتهادات في بعض الأمور مما يوجد الخلاف بينهم، لعل هذا من فئة يريد أن يطلب العلم على فئة لا مانع كلهم -إن شاء الله- من أهل العلم، وكلهم على خير وفضل وإن اختلفت اجتهاداتهم واختلفت طرقهم ووسائلهم في تحقيق الهدف الصحيح، وكلهم على عقيدة واحدة ومذهبٍ واحد ما بينهم اختلاف إلا اختلاف في بعض وجهات النظر، لا تقتضي أن يحذر البعض من البعض الآخر إلا من كانت لديه بدعة ظاهرة أو بدعة مغلظة مثل هذا يُكف ضرره، يحذر منه، مثل هذا يحذر منه.