شرح الموطأ - كتاب النكاح (3)
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء واغفر للحاضرين والسامعين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله-: باب ما جاء في كراهية إصابة الأختين بملك اليمين والمرأة وابنتها
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبيه أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- سئل عن المرأة وابنتها من ملك اليمين توطأ إحداهما بعد الأخرى فقال عمر -رضي الله تعالى عنه-: "ما أحب أن أخبرهما جميعا ونهى عن ذلك"
أخبرهما.
أحسن الله إليك.
"ما أحب أن أخبرهما جميعا ونهى عن ذلك"
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن رجلا سأل عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- عن الأختين من ملك اليمين هل يجمع بينهما؟ فقال عثمان -رضي الله تعالى عنه-: أحلتهما آية وحرمتهما آية فأما أنا فلا أحب أن أصنع ذلك، قال: فخرج من عنده فلقي رجلا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن ذلك فقال: لو كان لي من الأمر شيء ثم وجدت أحدا فعل ذلك لجعلته نكالا".
قال ابن شهاب أراه علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه-.
وحدثني عن مالك أنه بلغه عن الزبير بن العوام -رضي الله تعالى عنه- مثل ذلك.
قال مالك -رحمه الله- في الأمة تكون عند الرجل فيصيبها ثم يريد أن يصيب أختها: إنها لا تحل له حتى يحرم عليه فرج أختها بنكاح أو عتاقة أو كتابة أو ما أشبه ذلك يزوجها عبده أو غير عبده.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد فيقول المؤلف -رحمه الله-: باب ما جاء في كراهية إصابة الأختين بملك اليمين والمرأة وابنتها
معلوم بالدليل القطعي أنه لا يجوز الجمع بين الأختين، وأن تجمعوا بين الأختين، وكذلك لا يجوز الجمع بين المرأة وبنتها، يعني الربيبة حرام على زوج الأم والأم حرام على زوج البنت، هذا أمر معلوم، معروف، لا يختلف فيه وهذا بالنسبة للأحرار، وأما بالنسبة لملك اليمين فمسكوت عنه إلا ما يتناوله عموم قول الله -جل وعلا-: وأحل لكم ما وراء ذلك، والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم، فليس فيه تقييد بأختين ولا ببنت وأمها، أو أم وبنتها، وأم وعمتها، وأم وخالتها، وامرأة وعمتها، وامرأة وخالتها، هذا إذا كان من ملك اليمين فهو يحتمل أن تتناوله النصوص العامة، التي تقدم بعضها أنها أن تتزوج المرأة على عمتها أو على خالتها، أو يقال: إن هذا خاص بالأحرار، وأما بالنسبة للإماء والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم، ولذا يختلف أهل العلم في مثل هذا.
يقول: حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبيه أن عمر بن الخطاب سئل عن المرأة وابنتها من ملك اليمين توطأ إحداهما، سئل عن المرأة وابنتها توطأ يعني من ملك اليمين توطأ إحداهما بعد الأخرى، يملك الأم ثم يملك البنت، هل تكون البنت ربيبة فلا يجوز له أن يطأها، ربائبكم اللاتي في حجوركم، أو تكون داخلة في قوله: إلا ما ملكت أيمانكم، فقال عمر: "ما أحب أن أخبرهما جميعا" أخبرهما، لا يحب أن يطأ الاثنتين التي جاء المنع منهما في حق الأحرار، وينظر إلى فرجين يحرم الجمع بينهما بالنسبة في الأحرار، والإماء مثله، لأن العلة واحدة وأما ما يتناوله عموم إلا ما ملكت أيمانكم فإن هذا يكون مخصوصا بما جاء في الجمع بين المرأة وابنتها، وبين البنت وأمها، والبنت وأختها، والمرأة وعمتها، وهكذا.
ما أحب أن أخبرهما جميعا، يعني ما أحب أن أطأهما جميعا، فالخبرة الباطنة التي لا تحصل لكل أحد، إنما تحصل للزوج فقط، أو السيد فقط، لا يحب أن يجمع بين من حرم الله عليه، بين ما حرم الله عليه الجمع بينهما، والخبرة والمخابرة تطلق على الحرث، والنساء حرث.
ونهى عن ذلك"
ولا شك أن الدليل ليس بقطعي، دلالة النصوص على مثل هذا ليست قطعية، إلا ما ملكت أيمانكم عمومه يشمل الجميع، لكن يبقى أن الأصل في الفروج المنع والاحتياط، المنع والاحتياط، فإذا كان الدليل محتملا فالمنع هو المتجه.
ثم قال: وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن رجلا سأل عثمان -رضي الله عنه- عن الأختين من ملك اليمين هل يجمع بينهما؟ فقال عثمان: أحلتهما آية، إلا ما ملكت أيمانكم، يعني عموم هذا، أو هذا الاستثناء يتناول الأختين، ويتناول الربيبة مع الأم، والعكس، والبنت والمرأة مع عمتها، وخالتها، يتناول جميع الممنوعات بالنسبة للأحرار.
أحلتهما آية وحرمتهما آية، وأن تجمعوا بين الأختين، فأما أنا فلا أحب أن أصنع ذلك، فلا أحب أن أصنع ذلك، لورعه لم يفت بالتحريم، ولورعه أيضا لا يرى الجمع، لا يرى الجمع ورعا منه، ولا يفتي بالتحريم، وهذا في باب الاحتياط ظاهر، لكن يبقى أن الفروج الأصل فيها المنع والاحتياط، فلا يقدم إلا على ما أبيح، ما كانت إباحته ظاهرة لا خفاء فيها.
قال: فخرج من عنده فلقي رجلا من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسأله عن ذلك فقال: لو كان لي من الأمر شيء ثم وجدت أحدا فعل ذلك لجعلته نكالا".
يعني لعزرته، تعزيرا بالغا، يمتنع هو ومن يعلم بخبره عن مثل هذا الفعل، ويكون هذا من باب التعزير؛ لأن الدليل ليس بصريح، فيعزر على هذا.
قال ابن شهاب أراه علي بن أبي طالب. يعني أظن هذا الصحابي الذي سأله ذلك الرجل هو علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-.
قال: وحدثني عن مالك أنه بلغه عن الزبير بن العوام مثل ذلك.
بلغه مثل ذلك عن الزبير، يعني مثلما قال علي -رضي الله تعالى عنه- وأن من فعل ذلك يستحق التعزير.
قال مالك في الأمة تكون عند الرجل فيصيبها، يعني يطأها، ثم يريد أن يصيب أختها: إنها لا تحل له، يعني لا يحل له الجمع بينهما، وأن تجمعوا بين الأختين، وهذه الآية تشمل الأحرار والإماء، أنها لا تحل له حتى يحرم عليه فرج أختها بنكاح، إما أن يخرجها من ملكه ببيع، أو يزوجها ينكحها عبدا أو حرا لا يملك طول أمة، طول حرة ويخشى العنت، إما بنكاح أو عتاقة، يعتقها، أو كتابة أو ما أشبه ذلك، المقصود أنه يحدث فيها ما يمنعه من وطئها، كطلاق الأخت الحرة، يعني الأخت الحرة إذا أراد أن يتزوج أختها فإنه لا يجوز له أن يتزوجها حتى يطلق أختها أو تموت، المقصود أنه لا بد من الفراق، أو ما أشبه ذلك، يزوجها عبده أو عبده غيره، يزوجها عبده أو عبده غيره، أو يزوجها حرا لا يستطيع طول حرة ويخشى على نفسه العنت، نعم.
طالب:.....
إذا كان الطلاق رجعيا؟
طالب:.....
يعني فترة الاستبراء، فترة للاستبراء، يعني مثل عدة الحرة، حتى يعلم براءة رحمها.
طالب:.....
نعم، هو لو كان طلاق، قلنا رجعي، قلنا: إنها زوجة، مازالت في عصمته، لكن لو كان طلاقا بائنا.
طالب:.....
على كل حال افترض أن هذه الأمة حبلت منه، حامل منه، ثم أراد أن يطأ أختها، وأعتقها وهي حامل منه، وأراد أن يطأ أختها، هل يقال إنها مثل الحرة كالطلاق الرجعي؟ المرأة الحرة إذا طلقت وهي حامل طلاق سنة، ما في إشكال، لكنها مازالت في العدة حتى تضع، حتى تضع الحمل، هذا إذا كان الطلاق رجعيا، بإمكانه أن يراجعها؛ لأنها زوجة ترث، مادامت في العدة، أما هذه إذا أخرجها من يده وباعها انتهت العلاقة بينهم، نعم.
أحسن الله إليك.
باب النهي عن أن يصيب الرجل أمة كانت لأبيه
حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- وهب لابنه جارية فقال: "لا تمسها فإني قد كشفتها".
وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن المحبر
المجبر.
أحسن الله إليك.
عن عبد الرحمن بن المجبر أنه قال وهب سالم بن عبد الله لابنه جارية فقال: "لا تقربها فإني قد أردتها فلم أنشط إليها".
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن أبا نهشل بن الأسود قال للقاسم بن محمد: إني رأيت جارية لي منكشفا عنها وهي في القمر فجلست منها مجلس الرجل من امرأته، فقالت: إني حائض فقمت فلم أقربها بعد أفأهبها لابني يطؤها فنهاه القاسم عن ذلك".
وحدثني عن مالك عن إبراهيم بن أبي عبلة عن عبد الملك بن مروان أنه وهب لصاحب له جارية ثم سأله عنها فقال: "قد هممت أن أهبها لابني فيفعل بها كذا وكذا"، فقال عبد الملك: لمروان كان أورع منك وهب لابنه جارية، ثم قال: لا تقربها فإني قد رأيت ساقها منكشفة".
يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى: باب النهي عن أن يصيب الرجل أمة كانت لأبيه
يعني عكس الباب السابق، عكس الباب السابق، هناك في الجمع بين الموطوءات، وهنا في الجمع بين الواطئين.
يقول:حدثني يحيى عن مالك أنه بلغه أن عمر بن الخطاب وهب لابنه جارية فقال: "لا تمسها فإني قد كشفتها".
وهبها له تكون بالنسبة له ملك يمين، أمة، ويستفيد منها بكل ما يستفاد من الأمة إلا في الوطء؛ لأن أباه قد وطئها، فيشملها قول الله -جل وعلا-: ولا تنكحوا ما نكح آبائكم من النساء، فأبوه قد نكحها، والنكاح يطلق على الوطء، كما يطلق على العقد، فلا يجوز له أن يطأها، وقد وطأها أبوه، والعكس، لو كانت الهبة منا لولد إلى الأب، وقد وطئها الابن قبل ذلك لا يجوز للأب أن يطأ.
وفي حكم الوطء الاطلاع على ما لا يطلع عليه إلا الزوج أو السيد، الاطلاع على ما لا يطلع عليه إلا الزوج أو السيد.
قال: وحدثني عن مالك عن عبد الرحمن بن المجبر أنه قال وهب سالم بن عبد الله لابنه جارية فقال: "لا تقربها فإني قد أردتها فلم أنشط إليها".
أردتها يعني أراد أن يجامعها، ففعل المقدمات، وجلس بين شعبها، لكنه لم يستطع أو لم ينشط أن يجامعها بعد أن كشفها واطلع عليها على ما لا يطلع عليه إلا الزوج أو السيد، نعم.
طالب:.....
كيف؟
طالب:.....
فلم أنشط إليها، وفي بعض النسخ: فلم أنبسط إليها.
طالب:.....
كيف؟
طالب:.....
المعنى واحد على كل حال، المعنى واحد كأنه فعل مقدمات، ورأى أنه لا يتابع، إما باختياره أو بغير اختياره، إما أن يكون عزف عنها باختياره، أو لم يستطع ذلك، على كل حال أنه اطلع منها على ما لا يطلع عليه إلا الزوج، أو السيد.
قال: وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن أبا نهشل بن الأسود قال للقاسم بن محمد، وكل هذا يؤيد أن الدخول يحصل بإرخاء الستور، ولو لم يحصل هناك مسيس، وهذا قول معروف عند الحنابلة وغيرهم، وإن كان النص على المس.
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أن أبا نهشل بن الأسود قال للقاسم بن محمد: إني رأيت جارية لي منكشفا عنها، يعني منكشف عنها ثوبها، وهي في القمر، يعني في ضوء القمر، فأعجبه ما رأى منها، فجلس منها مجلس الرجل من امرأته، فهي ملك يمين، جارية له، يجوز له أن يطأها، يعني ملك يمين، فجلست منها مجلس الرجل من امرأته، فما الذي منعه منها؟ فقالت: إني حائض، فقمت فلم أقربها بعد، يعني نشط إليها لما رأى منها ما رأى في ضوء القمر، ثم بعد ذلك وجد المانع فعزفت نفسه عنها، فلم يقربها بعد، أفأهبها لابني يطؤها فنهاه القاسم عن ذلك".
لأنه رأى منها، واطلع منها على ما لا يطلع عليه إلا الزوج أو السيد، وعلى هذا لا يجوز أن يطلع على ما اطلع عليه أبوه أو ابنه، وهذا بالعقد أو بالملك الصحيح، فيما يسوغ له أن يطأ وطئا صحيحا، وعلى هذا لو أن رجلا زنى بامرأة هل تحرم على ولده أو على أبيه؟ تحرم وإلا ما تحرم؟
طالب:.....
على ما تقدم أن الزنا لا يحرم، ولا تترتب عليه الآثار، فإذا كان وطئ بالفعل وهنا مجرد محاولة، ولم يوجد وطء، يحرم، إذا كان بمبرر صحيح شرعي، إما بعقد، أو بملك يمين، وهذا هو الذي تترتب عليه آثاره الشرعية، أما ما كان بزنا وشبهه فإنه لا يقتضي التحريم فالمحرم لا تترتب عليه آثار شرعية نعم.
طالب:.....
يقول: عموم، اللفظ النكاح فيما قرره شيخ الإسلام، ذكرناه سابقا، أن النكاح اللفظ إذا سيق مساق التحريم فإنه يتناول العقد فقط، ويتناول الوطء فقط، يتناول كل واحد على انفراده، فيصح على الموطوءة بزنا أنها نكحها الأب، ولا تنكحوا ما نكح آبائكم.
على رأي شيخ الإسلام أن النكاح يطلق على الوطء بمفرده كما أنه يطلق على العقد بمفرده فيدخل الزنا في قوله -جل وعلا-: ولا تنكحوا ما نكح آبائكم من النساء، هذا على مقتضى رأي شيخ الإسلام، أما ما يقرره كثير من أهل العلم أن الزنا لا تثبت به الأحكام، الزنا لا تثبت به الأحكام الشرعية؛ لأنه ليس بعقد كما أنه لا تثبت به الثيبوبة والإحصان، لا يثبت به مثل هذا، المرأة إذا وطئت بزنا لا تزال بكرا، والرجل إذا زنا فهو بكر حكما، لا يرتفع عنه الوصف، ولا ينتقل إلى الإحصان بمجرد الوطء بالزنا، هم يريدون أن يطردوا الباب ويجعلونه واحدا، وإن كانت الآية عموم لفظ النكاح يشمل الوطء فقط.
قال: وحدثني عن مالك عن إبراهيم بن أبي عبلة عن عبد الملك بن مروان أنه وهب لصاحب له جارية أنه وهب، عن عبد الملك بن مروان أنه وهب لصاحب له جارية ثم سأله عنها فقال: "قد هممت أن أهبها لابني فيفعل بها كذا وكذا"، فقال عبد الملك: لمروان كان أورع منك، يعني أباه، لمروان كان أورع منك، وهب لابنه جارية، ثم قال: لا تقربها فإني قد رأيت ساقها منكشفة".
يعني اطلع منها على ما لم يطلع عليه إلا الزوج، لكن مجرد انكشاف الساق يعني من غير قصد، ومن غير إرادة للنكاح قد ينكشف ساق المحرم، المحرم البنت أو الأخت، أو ما أشبه ذلك، وهذا لا يقتضي أن يكون، هذا يعني لا يختص به الزوج أو السيد، يعني مجرد انكشاف الساق لا يكفي، نعم، إلا إذا صاحب قصد للوطء كشف ساقها ثم رجع عن ذلك، لكنه هنا: فإني قد رأيت ساقها منكشفة، ولا شك أن مثل هذا ورع، هذا مزيد تحري وورع.
طالب:.....
يقول: فإني قد رأيت ساقها منكشفة.
طالب:.....
لا، لا، كل النصوص التي تقدمت تدل على ما دون الجماع، تدل على ما دون الجماع.
طالب:.....
على كل حال هو قول: لمروان كان أورع منك، هذا من باب الورع.
طالب:.....
تجوز له رؤيته لكن مع ذلك أن القدر الذي يشترك فيه هذه الأمة مع المحرم لا يقتضي التحريم، لا يقتضي التحريم، إنما يقتضي التحريم ما فوق ذلك مما يختص به الزوج أو السيد، لكن تركها، أوصاه من باب الورع، من باب الورع نعم.
أحسن الله إليك.
باب النهي عن نكاح إماء أهل الكتاب:
قال مالك: لا يحل نكاح أمة يهودية ولا نصرانية؛ لأن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} فهن الحرائر من اليهوديات والنصرانيات، وقال الله -تبارك وتعالى-: {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات} فهن الإماء المؤمنات.
قال مالك: فإنما أحل الله فيما نرى نكاح الإماء المؤمنات ولم يحلل نكاح إماء أهل الكتاب اليهودية والنصرانية؟
قال مالك: والأمة اليهودية والنصرانية تحل لسيدها بملك اليمين. ولا يحل وطء أمة مجوسية بملك اليمين.
يقول -رحمه الله- تعالى: باب النهي عن نكاح إماء أهل الكتاب:
يجوز نكاح المحصنات الأحرار العفيفات من نساء أهل الكتاب، لكن الإماء من أهل الكتاب لا يجوز نكاحهن، يجوز نكاحهن بملك اليمين، يجوز وطئهن بملك اليمين، ولا يجوز بالنكاح؛ لأن نكاح الأمة لا يجوز حتى في المسلمة، حتى الأمة المسلمة لا يجوز نكاحها، بمعنى أنه يعقد عليها، وهي ملك لغيره، إلا بشرط أن لا يجد طول الحرة، وأن يخشى على نفسه العنت كما تقدم، وإذا أبيح نساء أهل الكتاب الأحرار وهو مستثنى من تحريم المشركات ولذا قال في نهاية الباب: ولا يحل وطء أمة مجوسية بملك اليمين، كما أنه لا يجوز نكاح المرأة الحرة المجوسية، ولا عموم المشركات، ولم يستثن منهم، من المخالف في الدين إلا نساء النساء المحصنات الأحرار من أهل الكتاب.
قال مالك: لا يحل نكاح أمة يهودية ولا نصرانية؛ لأن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} يعني هل هذا مخصص من قوله -جل وعلا-: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن} أو نقول: إن أهل الكتاب ليسوا بمشركين ولو كان فيهم شرك فلا نحتاج إلى مخصص؟ {لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين} فالذي يقرره جمع من أهل العلم ومنهم الحافظ ابن رجب -رحمه الله- أن أهل الكتاب ليسوا بمشركين، هم كفار إجماعا، كفار إجماعا، قالوا: ومن شك في كفرهم كفر إجماعا أيضا، أهل الكتاب اليهود والنصارى، لكن هل يقال لهم مشركون أو يقال فيهم شرك؟ وفرق بين أن يكون الشخص مشركا أو فيه شرك، فرق بين أن يكون جاهليا أو فيه جاهلية، فرق بين هذا وهذا، فالذي يقرره الحافظ ابن رجب أنهم ليسوا بمشركين، وإنما فيهم شرك، مثل هذا بعض غلاة المبتدعة الذين يصرفون لبعض المخلوقين بعض حقوق الله -جل وعلا-، هل يقال إنهم مشركون، أو يقال فيهم شرك؟ يعني الأصل فيهم التوحيد، ثم دخل عليهم الشرك كما دخل على اليهود والنصارى، ويكون حينئذ فرق بين هذا وهذا، والشرك إذا وجد أحبط العمل، هذا ما فيه إشكال ولا خلاف، قد يقول قائل: ما الفائدة، ما داموا كفار لماذا لا نقول مشركين، يعني أهل الكتاب؟ الفرق لمجرد أننا هل نحتاج إلى مخصص يخرج نساء أهل الكتاب من قوله -جل وعلا-: {لا تنكحوا المشركات} أو لا نحتاج إلى مخصص؛ لأنهم لا يدخلون أصلا في النص، وإذا احتجنا إلى مخصص فالمخصص موجود، و المحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، هذا مخصص موجود، والخلاف يقرب من أن يكون لفظيا، حتى في المسلم الذي أصله الإسلام ثم يشرك بصرف شيء من حقوق الرب -جل وعلا- لأحد من خلقه الخلاف لفظي، لئن أشركت ليحبطن عملك، وهذا قيل في حق أفضل الخلق، لئن أشركت ليحبطن عملك، إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، المشرك خالد مخلد في النار، لكن هل يقال: إنه مشرك، وحكمه حكم المشركين الأوائل الذين ما عرفوا الدين؟ أو يقال: إن أصله الإسلام ودخل في الإسلام بيقين، ونحتاج إلى مزيد تحر في إخراجه منه؟ هذا هو الفرق يعني، وإلا إذا ثبت أنه أشرك وابتدع بدعة مخرجة عن الملة هذا حكمه حكم الكفار، لكن نحتاج إلى مزيد تثبت في إخراجه مما دخل فيه بيقين.
يعني إذا نظرنا إلى الأمم الشرقية مثلا، في تايلاند مثلا قرروا في دستورهم أن الديانة الأصلية المعتمدة في الدولة البوذية، هؤلاء مشركون بلا شك، نعم، وإذا نظرنا في بعض أقطار المسلمين من يقول: لا إله إلا الله، ويطوف على قبر، ويطلب من صاحبه الحوائج، هذا شرك أكبر نسأل الله العافية، هل نقول إن هذا مثل هذا، أو نقول هذا من الأصل ما دخل في الإسلام؟ فهو كافر قطعا يقينا، وهذا الأصل فيه الإسلام، ثم بعد ذلك ننظر في توافر الأسباب وانتفاء الموانع لنطبق عليه حكم المشرك الذي يخلد في النار أو يعذر بجهله، أو لوجود مانع آخر، هل نقول إن حكمهم واحد؟ هل نقول إن هذا الأصل فيه الإسلام وفيه شرك؟ يعني مثلما يقال الآن أن بعض الناس أتى بناقض فحكمه كفر، خرج من الملة، ولا يعذر بإكراه ولا بضغط ولا بغيره، بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما عذر هرقل، لما ضغط عليه، نقول: الفرق ظاهر، هرقل الأصل فيه الكفر، ليس بمسلم، فلا يدخل في الإسلام إلا بيقين، ومن قيل إنه خرج من الإسلام بمكفر أكره عليه هو في الإسلام بيقين لا يخرج منه إلا بيقين، فرق بين هذا وهذا، الإكراه لا يعذر فيه، بدليل أن هرقل أكره، نقول: فرق بين من الأصل فيه الإسلام، دخل فيه بيقين لا يخرج إلا بيقين، تقبل فيه الموانع، ومن كان الأصل فيه الكفر لا يدخل فيه إلا بيقين، نعم.
طالب:.....
المقصود أنه عندنا النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((كذب، مات على نصرانيته)) هذا النص القاطع عندنا، ((كذب الخبيث مات على نصرانيته)) هذا حديث هذا.
قال مالك: لا يحل نكاح أمة يهودية ولا نصرانية؛ لأن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم} فهن الحرائر من اليهوديات والنصرانيات، وقال الله -تبارك وتعالى-: {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات}؛ لأن نكاح الأمة خلاف الأصل، خلاف الأصل، فيقتصر فيه على مورد النص، من فتياتكم المؤمنات، فهن الإماء المؤمنات.
قال مالك: فإنما أحل الله فيما نرى نكاح الإماء المؤمنات ولم يحلل نكاح إماء أهل الكتاب اليهودية والنصرانية؟
قال مالك: والأمة اليهودية والنصرانية تحل لسيدها بملك اليمين، تحل لسيدها بملك اليمين، كالأمة المسلمة، بخلاف النكاح الذي فيه عقد، الذي فيه عقد، فإذا منع من نكاح الأمة المسلمة إلا بالشروط فلأن يمنع من نكاح الأمة اليهودية أو النصرانية من باب أولى، وتحل الأمة بمجرد ملك اليمين سواء كانت مسلمة أو يهودية أو نصرانية.
ولا يحل وطء أمة مجوسية بملك اليمين؛ لأنها مشركة، وقد حرم على المسلم أن ينكح المشركة حتى تؤمن.
طالب: حتى لو كانت؟؟؟؟
نعم، إيه؟
طالب:.....
أو في معناه، المقصود أنهم كفار خالدون مخلدون في النار، هذا ما فيه إشكال، هذا أمر مجمع عليه، ثم بعد ذلك هل يقال إنهم مشركون من أجل أن نطلب مخصص لقوله: ولا تنكحوا المشركات، أو ليسوا بمشركين فلا نحتاج إلى مخصص كما قال ابن رجب؟ وإذا طلبنا مخصصا فالمخصص موجود يعني، فالخلاف في نظري يقرب من اللفظي.
طالب:.....
الأمة يعني في السبي مثلا غزا المسلمون الكفار المشركين فسبوا منهم، سبايا أوطاس مثلا.
طالب:.....
سبايا أوطاس، لا توطأ أمة حتى تسبرأ، فهذه الغاية، لكن يعارض ذلك ولا تنكحوا المشركات، وهل المقصود النكاح بالعقد أو النكاح الشامل للعقد وملك اليمين الذي هو يساوي الوطء؟ المسألة خلافية بين أهل العلم، ومالك يقول: ولا يحل وطء أمة مجوسية بملك اليمين، والحديث أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال في سبايا أوطاس: ((لا توطأ حتى تستبرأ)) نعم يدل على أن المشركة توطأ نعم.
أحسن الله إليك.
باب ما جاء في الإحصان
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال {المحصنات من النساء}
هن أولات الأزواج ويرجع ذلك إلى أن الله حرم الزنا.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب وبلغه عن القاسم بن محمد أنهما كانا يقولان" إذا نكح الحر الأمة فمسها فقد أحصنته.
قال مالك: وكل من أدركت كان يقول ذلك تحصن الأمة الحر إذا نكحها فمسها فقد أحصنته.
قال مالك: يحصن العبد الحرة إذا مسها بنكاح ولا تحصن الحرة العبد إلا أن يعتق وهو زوجها فيمسها بعد عتقه فإن فارقها قبل أن يعتق فليس بمحصن حتى يتزوج بعد عتقه ويمس امرأته.
قال مالك: والأمة إذا كانت تحت الحر ثم فارقها قبل أن تعتق فإنه لا يحصنها نكاحه إياها وهي أمة حتى تنكح بعد عتقها ويصيبها زوجها فذلك إحصانها والأمة إذا كانت تحت الحر فتعتق وهي تحته قبل أن يفارقها فإنه يحصنها إذا عتقت وهي عنده إذا هو أصابها بعد أن تعتق
وقال مالك: والحرة النصرانية واليهودية والأمة المسلمة يحصن الحر المسلم إذا نكح إحداهن فأصابها.
يقول -رحمه الله- تعالى: باب ما جاء في الإحصان
الإحصان يطلق ويراد به الوطء بالنكاح الصحيح، وهو الذي تترتب عليه آثار الحدود، الوطء بنكاح صحيح، تترتب عليه آثار الحدود، من فرق بين الثيب والبكر بهذا فالثيب من وطئ بنكاح صحيح، أو وطئت بنكاح صحيح، والبكر من لم يطأ في نكاح صحيح، ولو حصل منه الوطء لا بنكاح صحيح، وكذلك البكر من النساء، يطلق الإحصان ويراد به العفة، المحصنات من الذين أوتوا الكتاب، العفيفات من أهل الكتاب، وله عدة إطلاقات.
يقول -رحمه الله- تعالى: باب ما جاء في الإحصان
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال: {المحصنات من النساء} هن أولات الأزواج، هن أولات الأزواج، يعني ذوات الأزواج، يعني لا يجوز نكاح المحصنات من النساء اللواتي في ذمم الأزواج، ويرجع ذلك إلى أن الله حرم الزنا.
فمن وطئ امرأة وهي تحت رجل، تحت زوج، هذا هو الزنا الموجب للحد.
قال: وحدثني عن مالك عن ابن شهاب وبلغه عن القاسم بن محمد أنهما كانا يقولان، ابن شهاب والقاسم، كانا يقولان: إذا نكح الحر الأمة فمسها فقد أحصنته.
لماذا؟ لأنه وطئ بنكاح صحيح، فهو محصن.
قال مالك: وكل من أدركت كان يقول ذلك تحصن الأمة الحر إذا نكحها فمسها فقد أحصنته.
لكن ملك اليمين؟ رجل بكر ما تزوج، فاشترى جارية، فوطئها، تحصن وإلا ما تحصن، على الضابط الذي ذكروه في الإحصان والثيبوبة أنه لا يندرج تحته هذه الصورة، يعني ما وطئ بنكاح صحيح، إنما وطئ بملك يمين.
قال مالك: وكل من أدركت كان يقول ذلك تحصن الأمة الحر إذا نكحها فمسها فقد أحصنته.
قال مالك: يحصن العبد الحرة إذا مسها بنكاح، يحصن العبد الحرة إذا مسها بنكاح، ولا تحصن الحرة العبد، لماذا؟ الحرة لا تحصن العبد، إلا أن يعتق؛ لأنه لا أثر لإحصانه وعدمه، ما دام عبد سواء وطئ بنكاح أو لم يطأ، مادام عبد حده نصف ما على المحصنين من العذاب.
طالب:.....
كيف؟
طالب:.....
يقول هنا: ولا تحصن الحرة العبد، نعم، ولو نكحها، إلا أن يعتق، لماذا؟ لأنه لا أثر لإحصانه، ما دام عبد فليس من، فليس حده الرجم، إنما الحد فيه مطلقا الجلد، إلا أن يعتق، وهو زوجها، فإذا عتق وهو زوجها، فقد وطئ بنكاح صحيح، وهو حر حده الرجم كالحر، فيمسها بعد عتقه فإن فارقها قبل أن يعتق فليس بمحصن، يعني الحرة تحت العبد بالنكاح يصح وإلا ما يصح؟
طالب:.....
ليش؟ ويش المانع؟
طالب:.....
بريرة لما عتقت حرة، اختارت نفسها، لكن لو اختارته، صح وإلا ما صح؟ يصح، ما في إشكال.
طالب: ابتداء.
ابتداء واستمرارا ما في إشكال، إذا رضيت به، ورضي أهلها، ما في ما يمنع، والأولاد يتبعون الأم في الحرية والرق
فإن فارقها قبل أن يعتق فليس بمحصن حتى يتزوج بعد عتقه ويمس امرأته.
فليس بمحصن يعني حكما بمعنى أنه لا يتجه إليه حكم المحصن إذا زنا.
قال مالك: والأمة إذا كانت تحت الحر ثم فارقها قبل أن تعتق، الأمة إذا كانت تحت الحر ثم فارقها يعني بنكاح قبل أن تعتق، فإنه لا يحصنها نكاحه إياها وهي أمة، مثلما قلنا في العبد أن حدها ولو وطئت بنكاح صحيح أن حدها نصف ما على المحصنات من العذاب، والرجم لا يتنصف، إذا تجلد نصف الحد، حتى تنكح بعد عتقها ويصيبها زوجها فذلك إحصانها، والأمة إذا كانت تحت الحر فتعتق وهي تحته قبل أن يفارقها فإنه يحصنها إذا عتقت وهي عنده إذا هو أصابها بعد أن تعتق، إذا هو أصابها بعد أن تعتق.
وقال مالك: والحرة النصرانية واليهودية والأمة المسلمة يحصن الحر المسلم يحصن الحر المسلم؛ لأن الحد ينطبق عليه أنه نكح أو وطئ بنكاح صحيح، إذا نكح إحداهن فأصابها.
نعم.
أحسن الله إليك.
باب نكاح المتعة:
حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه-م عن أبيهما -رضي الله تعالى عنه- عن علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- فقالت: إن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة فحملت منه فخرج عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- فزعا يجر رداءه، فقال: "هذه المتعة ولو كنت تقدمت فيها لرجمت".
يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى: باب نكاح المتعة:
وهي النكاح والزواج المؤقت، ينتهي بأمد محدد، يتزوج فلانة إلى يوم كذا من شهر كذا، أو إلى رأس الشهر أو رأس السنة، هذا هو نكاح المتعة، هذا إذا اتفق عليه الطرفان، وكان الأمد معلوما عند الطرفين، أما إذا تزوج وفي نيته أن يفارق، ولو حدد في نفسه وقتا وأمدا لهذا النكاح، لكنه لا يتفق عليه في العقد، بحيث لو أعجبته هذه المرأة واستمر معها، أو لم تعجبه وطلقها قبل الوقت المحدد الأمر عند أهل العلم يسمى بالنكاح بنية الطلاق، نكاح بنية الطلاق وعامة أهل العلم على جوازه، وما عرف المخالفة فيه إلا من الأوزاعي، الأوزاعي -رحمه الله- ورواية في المذهب عند الحنابلة لكن عامة أهل العلم على جوازه شريطة ألا يعلم الطرف الثاني لا تصريحا ولا تلويحا، لا بإخبار لفظي ولا عرفي، بمعنى أنه لا يصل الخبر إلى الطرف الثاني بأي وسيلة كانت، ولو كان بواسطة العادة المطردة، يعني بعض الناس عرف بهذا، فإذا ذهب إلى بني فلان، أو إلى البلد الفلاني يعرفون أنه سوف يطلق في مدة كذا، وهذا جرى من عادته، أو عرفوا من هذا السمسار أنه لا يأتي إلا بهذا النوع، أو أهل هذا البلد عرفوا أنهم واستفاض عندهم هذا بحيث يغلب على الظن أن النكاح لا يستمر بل هو مؤقت، هذا يأخذ حكم المتعة، نعم.
طالب:.....
من دون الطرف الثاني؟
طالب:.....
لا، هذا يحرم عليه هو فقط، عليه هو، إذا ما عرفوا ما لهم علاقة، على كل حال ما لهم علاقة.
قال: حدثني يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي بن أبي طالب، المعروف بابن الحنفية، عن أبيهما محمد بن الحنفية -رحمه الله- عن علي بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن متعة النساء يوم خيبر، حرمت المتعة، كانت جائزة ثم حرمت، ثم أبيحت للحاجة، ثم حرمت إلى قيام الساعة، استمر تحريمها المؤبد، فهي حرام عند كل من يعتد بقوله من أهل العلم وذكر عن بعض الصحابة، ذكر ابن حزم عن ثمانية من الصحابة أنهم أباحوها، لكن الحافظ ابن حجر ذكر عنهم بالأسانيد الصحيحة أنهم رجعوا عن هذه الأقوال، رجعوا عن هذه الأقوال، فثبت تحريمها فصار إجماعا تحريم المتعة، ولم يقل بذلك، ولا يعرف من يقول بذلك إلا الروافض، نهى عن متعة النساء يوم خيبر، استمر النهي إلى قيام الساعة حتى قال عمر: إني لا أوتى برجل نكح المتعة إلا جلدته الحد، ولذا يختلف أهل العلم في ناكح المتعة هل يحد أو يعزر، هل يحد حد الزنا أو يعزر؟ لأنه نكاح باطل، وجوده مثل عدمه، فقول عمر يدل على أنه يحد، ومن أهل العلم من يدرأ هذا الحد بهذه الشبهة بشبهة العقد.
وعن أكل لحوم الحمر الإنسية.
الحمر الأهلية كانت تؤكل، فلما كان يوم خيبر جاء من جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال: أكلت الحرم، ثم جاء من يقول: أفنيت الحرم، فأمر بإهراق القدور وهي تفور بلحوم الحمر، وأرسل من يقول إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الإنسية فهي حرام، والوصف بالإنسية وصف مؤثر، يدل على أن غير الإنسية لحمها مباح.
قال: وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطاب فقالت: إن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة، يعني نكحها نكاحا مؤقتا، استمتع بامرأة فحملت منه فخرج عمر بن الخطاب فزعا يجر رداءه، فقال: "هذه المتعة، ولو كنت تقدمت".
تقدم بالبيان للناس وتحذير الناس، أو تقدمت على ما سبق يعني سبقت بالرجم لرجمت، أو تقدمت يعني سبقت بالرجم لرجمت، وعلى هذا فالولد هذا الحمل ينسب إليها، أو ينسب إليه، يقال: الولد للفراش، أو ينسب إليه يقال: هذا ولد شبهة؟ على الخلاف في حد ناكح المتعة، من قال يحد حد زنا يقول: هذا ولد زنا، ومن قال: يدرأ عنه الحد بشبهة العقد يقول: الولد ولد شبهة ينسب إلى أبيه، نعم.
طالب:.....
إيه لكن من سمع أن ابن عباس مثلا يجيز المتعة، وما عرف أن ابن عباس رجع عن هذا القول، نعم، هل له شبهة وإلا ما عنده شبهة؟
ابن حزم ذكر هذا عن جمع من الصحابة لكن الحافظ ابن حجر قرر بالأسانيد الصحيحة النقل عن هؤلاء أنهم رجعوا عن ذلك فصار إجماعا، نعم.
أحسن الله إليك.
باب نكاح العبيد:
حدثني يحيى عن مالك أنه سمع ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول: "ينكح العبد أربع نسوة".
قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت في ذلك.
قال مالك: "والعبد مخالف للمحلل إن أذن له سيده ثبت نكاحه، وإن لم يأذن له سيده فرق بينهما والمحلل يفرق بينهما على كل حال إذا أريد بالنكاح التحليل".
قال مالك في العبد إذا ملكته امرأته أو الزوج يملك امرأته: "إن ملك
إن، إن ملك، إن ملك
أحسن الله إليك.
إن ملك كل واحد منهما صاحبه يكون فسخا بغير طلاق وإن تراجعا بنكاح بعد لم تكن تلك الفرقة طلاقا".
قال مالك: والعبد إذا أعتقته امرأته إذا ملكته وهي في عدة منه لم يتراجعا إلا بنكاح جديد.
يقول -رحمه الله- تعالى: باب نكاح العبيد:
نكاح العبيد يعني زواجهم بالعقد إما أمة كما هو الغالب أو يكون نكاح العبد لحرة إذا رضيت بذلك.
قال: حدثني يحيى عن مالك أنه سمع ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول: "ينكح العبد أربع نسوة".
يعني كالحر، {فانكحوا ما طالب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} فهو كالحر.
قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت في ذلك.
أن الأمر فانكحوا يتجه إلى العبيد كما يتجه إلى الأحرار.
قال مالك: "والعبد مخالف للمحلل، العبد مخالف للمحلل، إن أذن له سيده ثبت نكاحه" يعني يثبت نكاحه موقوفا على إذن سيده، يعني لو نكح وتزوج بغير إذن سيده هل نقول: النكاح باطل مثل نكاح المحلل، أو نقول: موقوف؟ كالتصرف الفضولي، نعم، يقول: العبد مخالف للمحلل، إن أذن له سيده ثبت نكاحه، وإن لم يأذن له سيده فرق بينهما، فرق بينهما والمحلل يفرق بينهما على كل حال؛ لأنه نكاح باطل على ما تقدم، إذا أريد بالنكاح التحليل"
قال مالك في العبد إذا ملكته امرأته أو الزوج يملك امرأته، العبد يملك امرأته، يمكن عبد وامرأته أمة، نعم.
طالب:.....
هو متزوج من الأصل متزوج بها من الأصل، وعلى رأي مالك أنه يملك بالتمليك، إذا ملكها
العبد إذا ملك امرأته أو الزوج يملك امرأته، الزوج يعني الحر، يملك امرأته التي تزوجها وهي أمة بالشرطين المعروفين، يعني لا يجد طول حرة، ويخشى على نفسه العنت ثم يملكها، تجتمع لديه قيمتها ثم يشتريها من سيدها.
إن ملك كل واحد منهما صاحبه يكون فسخا بغير طلاق، يكون فسخا بغير طلاق، لماذا؟ لأن النكاح على هذه الصفة خلاف الأصل، نعم كان نكاح بالشرطين المعروفين لا يجد طول حرة، نعم، ويخشى على نفسه العنت، لكن مثل هذا هل يمنع من ملك اليمين، يمنع من نكاح الأمة، لكن لا يمنع من ملك اليمين، أبيح له نكاح الأمة بالشرطين المعروفين فتيسر له ملك اليمين الذي لا خلاف في جوازه.
يقول: إن ملك كل واحد منهما صاحبه يكون فسخا بغير طلاق، يكون فسخا بغير طلاق، بغير طلاق، وإن تراجعا بنكاح بعد، يعني عقد، جدد العقد من جديد، لم تكن تلك الفرقة طلاقا" يعني لا تحسب من الطلقات الثلاث، لا تحسب من الطلقات الثلاث، هي مجرد فسخ لا طلاق.
قال مالك: والعبد إذا أعتقته امرأته، عبد تزوج حرة، فصار عندها من المال ما يساوي قيمة هذا العبد فاشترته وأعتقه، والعبد إذا أعتقته امرأته إذا ملكته وهي في عدة منه لم يتراجعا إلا بنكاح صحيح.
كيف في عدة منه؟ نعم؟ طلقها، هو طلقها وهي مازالت في العدة، لم يتراجعا إلا بنكاح صحيح، إلا بنكاح جديد، لكن وإن تراجعا بنكاح بعد وما حصل طلاق، حصل فسخ، فلن تحسب، وهنا إذا طلقها حسبت، لم يتراجعا إلا بنكاح جديد، نعم.
طالب:.....
يعني فرقة دائمة، نعم.
طالب:.....
مو بيتزوج، هو ما يتزوج إلا أربع، إيه.
يقول: ينكح العبد أربع نسوة، مثل الحر، أربعة أحرار، نعم.
أحسن الله إليك.
باب نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله:
حدثني مالك عن ابن شهاب أنه بلغه أن نساء كن في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسلمن بأرضهن وهن غير مهاجرات، وأزواجهن حين أسلمن كفار، منهن: بنت الوليد بن المغيرة وكانت تحت صفوان بن أمية فأسلمت يوم الفتح وهرب زوجها صفوان بن أمية من الإسلام، فبعث إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابن عمه وهب بن عمير برداء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمانا لصفوان بن أمية، ودعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام، وأن يقدم عليه، فإن رضي أمرا قبله وإلا سيره شهرين، فلما قدم صفوان على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بردائه ناداه على رءوس الناس فقال: يا محمد إن هذا وهب بن عمير جاءني بردائك وزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك فإن رضيت أمرا قبلته وإلا سيرتني شهرين فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((انزل أبا وهب)) فقال: لا والله لا أنزل حتى تبين لي فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((بل لك تسير أربعة أشهر)) فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل هوازن بحنين فأرسل إلى صفوان بن أمية يستعيره أداة وسلاحا عنده، فقال صفوان: أطوعا أم كرها فقال: ((بل طوعا)) فأعاره الأداة والسلاح الذي عنده، ثم خرج صفوان مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو كافر فشهد حنينا والطائف وهو كافر، وامرأته مسلمة، ولم يفرق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينه وبين امرأته حتى أسلم صفوان واستقرت عنده امرأته بذلك النكاح.
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: "كان بين إسلام صفوان وبين إسلام امرأته نحو من شهر".
قال ابن شهاب: "ولم يبلغنا أن امرأة هاجرت إلى الله ورسوله وزوجها كافر مقيم بدار الكفر إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها، إلا أن يقدم زوجها مهاجرا قبل أن تنقضي عدتها"
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام، وكانت تحت عكرمة بن أبي جهل فأسلمت يوم الفتح وهرب زوجها عكرمة بن أبي جهل من الإسلام حتى قدم اليمن فارتحلت أم حكيم حتى قدمت عليه باليمن فدعته إلى الإسلام فأسلم، وقدم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح فلما رآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وثب إليه فرحا وما عليه رداء حتى بايعه فثبتا على نكاحهما ذلك".
قال مالك: "وإذا أسلم الرجل قبل امرأته وقعت الفرقة بينهما إذا عرض عليها الإسلام فلم تسلم؛ لأن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر}".
يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى: باب نكاح المشرك إذا أسلمت زوجته قبله:
يعني في الباب أن زينب بنت النبي -عليه الصلاة والسلام- أسلمت قبل زوجها أبي العاص بن الربيع، ولم يفرق بينهما من أول الأمر، ولذا يرى جمع من أهل العلم أنها تنتظر فإن أسلم زوجها وقت العدة استمر النكاح، وإن انتهت العدة قبل إسلامه فرق بينهما.
وهنا يقول: حدثني مالك عن ابن شهاب أنه بلغه أن نساء كن في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يسلمن بأرضهن وهن غير مهاجرات، وأزواجهن حين أسلمن كفار، ثم ذكر منهن، يقول: منهن: بنت الوليد بن المغيرة وكانت تحت صفوان بن أمية فأسلمت يوم الفتح، هذه القصة لا شك أنها مرسلة، وابن شهاب ما حضر، يحكي قصة لم يشهدها، وأصلها في صحيح مسلم، أصلها في صحيح مسلم، وكانت تحت صفوان بن أمية فأسلمت يوم الفتح، وهرب زوجها صفوان بن أمية من الإسلام، خشية أن يدرك فيقتل، أو يرغم على الإسلام، فبعث إليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابن عمه وهب بن عمير برداء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليكون أمارة وعلامة على صدقه، أمانا لصفوان بن أمية، وتصديقا لوهب بن عمير، ودعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام وأن يقدم عليه، وهذا الأمر معمول به إلى الآن، يعني إذا أراد أن يصدق الرسول بعث معه شيئا يعرف به، يعرف أن هذا لفلان، يدل على صدقه، وأنه بالفعل جاء منه، ودعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام، وأن يقدم عليه، فإن رضي أمرا قبله وإلا سيره شهرين، ثم بعد ذلك قال: بل لك أن تسير أو تسير أربعة أشهر، يعني على ما جاء في أول سورة براءة، {براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر} يعطيه هذه المهلة، فقال: وإلا يسيره شهرين، فلما قدم صفوان على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بردائه، بهذه الأمارة، بهذه العلامة، ناداه على رءوس الناس فقال: يا محمد؛ لأنه مشرك، لا يعتقد أنه رسول من الله -جل وعلا-، قال: يا محمد، إن هذا وهب بن عمير جاءني بردائك وزعم أنك دعوتني إلى القدوم عليك فإن رضيت أمرا قبلته وسيرتني شهرين فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((انزل أبا وهب)) يعني أبا وهب هذه كنيته، فقال: لا والله لا أنزل حتى تبين لي، ويستعمل مثل هذا الأسلوب للضغط على المقابل يعني إذا طرق عليك الباب شخص فقلت له: ادخل، قال: لا والله لا أدخل حتى تجيبني لما أطلب، أو دخل ثم سكبت له الماء أو القهوة أو الشاي قال: والله ما أشرب حتى تجيبني لما أطلب، يعني هذه طريقة معروفة عند العرب، ومتوارثة بينهم.
فقال: لا والله لا أنزل حتى تبين لي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((بل لك تسير أربعة أشهر)) فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل هوازن بحنين؛ لأنه ذهب ليسير أربعة أشهر، وينظر في أمره ويختار، نعم، فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل هوازن بحنين فأرسل إلى صفوان بن أمية يستعيره أداة وسلاحا عنده، أداة وسلاحا عنده، وهذه استعارة واستعانة بمشرك، لكنه قال: أطوعا أم كرها؟ يعني هل تأخذها غصب وإلا عارية مضمونة مستردة؟ بل عارية، طوع، فقال: ((بل طوعا)) فأعاره الأداة والسلاح الذي عنده، ثم خرج صفوان مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو كافر، وهو كافر، ثم خرج صفوان مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو كافر، فشهد حنينا والطائف وهو كافر، وامرأته مسلمة، ولم يفرق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بينه وبين امرأته حتى أسلم صفوان واستقرت عنده امرأته بذلك النكاح.
لعل هذا قبل أن تخرج من العدة؛ لأن المدة قريبة.
يقول ابن عبد البر: لا أعلم ويتجه يتصل بوجه صحيح هو حديث مشهور معلوم عند أهل السير، وابن شهاب إمام أهلها يعني إمام أهل السير، وشهرة هذا الحديث أقوى من إسناده إن شاء الله تعالى.
وعلى كل حال الأصل، أصل القصة في مسلم، واستعارة السلاح صحيحة.
قال: وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: "كان بين إسلام صفوان، وبين إسلام امرأته نحو من شهر".
يعني ما خرجت من العدة.
قال ابن شهاب: "ولم يبلغنا أن امرأة هاجرت إلى الله ورسوله وزوجها كافر مقيم بدار الكفر، إلا فرقت هجرتها بينها وبين زوجها، إلا أن يقدم زوجها مهاجرا قبل أن تنقضي عدتها".
وعلى هذا يكون الممنوع في نكاح المشرك المسلمة في ابتداءه لا في استمراره، لا في استمراره على أن الاستمرار له أمد، وهو انقضاء العدة.
قال: وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام، وكانت تحت عكرمة بن أبي جهل فأسلمت يوم الفتح، وكانت تحت عكرمة بن أبي جهل فأسلمت يوم الفتح، وهرب زوجها عكرمة بن أبي جهل من الإسلام حتى قدم اليمن فارتحلت أم حكيم حتى قدمت عليه باليمن فدعته إلى الإسلام فأسلم، هذا من يمنها وبركتها عليه، فذهبت إليه، وحرصت على إسلامه حتى دخل في الإسلام، ولا شك أن النساء لهن تأثير على الرجال، كما أن الزوج له تأثير على امرأته، فكل منهما يؤثر على الآخر، إما بالخير أو بالشر، فهذه تبعته إلى أن وصلت إلى اليمن ودعته إلى الإسلام فاسلم، وعمران بن حطان كان على الجادة، ثم تزوج خارجية فدعته إلى مذهب الخوارج فصار من رؤوسهم ودعاتهم، فلا يتساهل في شأن النساء؛ لأن بعض الشباب وإن كانوا من طلاب العلم، حرصه على الجمال أكثر من الدين، يقول: الدين يأتي بالدعوة، نستغل الدعوة وتهدى إن شاء الله تعالى، لكن الجمال ما يأتي لا بدعوة ولا بغيرها، الجمال خلقي، يقول: الديانة تأتي بالدعوة، والسياسة والرفق واللين بالحكمة وبالتي هي أحسن حتى تستقيم، والذي حصل، يعني يحصل أن تهدى المرأة بسبب زوجها، لكن حصل العكس كثير، يعني من ظل بسبب امرأته كثير.
ولا أنسى شخصا من طلاب العلم لحيته إلى سرته، وطالب في دراسة عالية شرعية ولحيته ملأت صدره، ثم بعد ذلك جاء للدرس حليق بالموسى، يعني مو مسألة يعني تخفيف وإلا تدريج، أبدا، يعني من لحية كثة إلى لا شيء، بالموسى، فلما سئل قال: إن المرأة اشترطت إما أنا وإلا اللحية، ومع ذلك استمر في طلب العلم، يقول: ما في تنافر، لكن انظر إلى التأثير إلى أي حد يكون، يعني التأثير في الأمور الخفية كثير، لكن في الأمور الظاهرة فجأة كذا، هذا أمر موحش، لا شك أن هذا أمر موحش، يعني إذا كانت الاستجابة في الأمر الظاهر، الذي كثير يخشى من نظرة الناس إليه، يعني أمر مقلق، فكيف بالأمور الخفية، يعني لو دعته إلى أن يقتني قناة من قنوات السوء نعم هذا قد يستجيب بدون تردد، قد يستجيب، التردد فيه أقل من أن يحلق لحيته حلقا تاما؛ لأن هذا أمر خفي لا يرى أمام الناس، وكثير من الناس يردعه رؤية الخلق، ولا يردعه رؤية الخالق، والله المستعان.
هذه ارتحلت إلى اليمن، حتى قدمت عليه فدعته إلى الإسلام فأسلم، هذا يدل على أن المرأة لا شك أن لها تأثير على الزوج.
وقدم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عام الفتح فلما رآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وثب إليه فرحا، عكرمة بن أبي جهل أحد الشجعان المعروفين، له أثر وغناء في الحروب، هذا يفرح بإسلامه، وثب إليه فرحا، وما عليه رداء حتى بايعه فثبتا على نكاحهما ذلك".
قال مالك: "وإذا أسلم الرجل قبل امرأته وقعت الفرقة بينهما، يعني ما ينتظر إلى عدة، إذا اسلم الرجل قبل امرأته، إذا أسلمت قبله ينتظر إلى انتهاء العدة، لكن إذا أسلم قبلها وقعت الفرقة فورا، إذا عرض عليها الإسلام فلم تسلم؛ لأن الله -تبارك وتعالى- يقول في كتابه العظيم: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر}".
لا تمسكوا، لا مدة طويلة ولا قصيرة، يعرض عليها الإسلام فإن أسلمت وإلا لزمت الفرقة.
ابن القيم -رحمه الله- تعالى في إغاثة اللهفان في باب الحيل امرأة حاولت فراق زوجها بشتى الوسائل بالطلاق، بالخلع، بأي وسيلة فعجزت، تمسك بها، فأفتاها من أفتاها بأن ترتد، نسأل الله العافية؛ لأنها إذا ارتدت خلاص انتهت، يجب عليه فراقها؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} فسئل ابن المبارك قال: من أفتى بهذه الفتوى فقد كفر، من أفتى بهذه الفتوى فقد كفر، وقال بهذا القول جمع من أهل العلم، ولا شك أن فيه تحذير وتنفير من مثل هذه الفتوى، وتشديد في أمرها، والأمر عظيم، خطير أن يفتى المرء بأن يكفر، نسأل الله العافية.
سم.
أحسن الله إليك.
باب ما جاء في الوليمة:
حدثني يحيى عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- أن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله تعالى عنه- جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبه أثر صفرة فسأله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبره أنه تزوج فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كم سقت إليها؟)) فقال: زنة نواة من ذهب فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أولم ولو بشاة)).
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: "لقد بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يولم بالوليمة ما فيها خبز ولا لحم".
وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنه-ما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليأتها)).
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- أنه كان يقول: "شر
الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويترك المساكين، ومن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله".
وحدثني عن مالك عن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك -رضي الله تعالى عنه- يقول:
إن خياطا دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لطعام صنعه قال أنس -رضي الله عنه-: فذهبت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك الطعام، فقرب إليه خبزا من شعير ومرقا فيه دباء، قال أنس -رضي الله تعالى عنه- فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتتبع الدباء من حول القصعة فلم أزل أحب الدباء بعد ذلك اليوم".
يقول -رحمه الله- تعالى: باب ما جاء في الوليمة:
والمقصود بها وليمة العرس، وليمة العرس، وهي في الأصل على الزوج في اليوم الأول من أيام النكاح، وإجابتها واجبة إذا لم يكن ثم منكر، أما إذا كان ثم منكر ولا يستطيع الإنكار ولا التغيير فإنه لا يجوز له المجيء، وإذا جهل الأمر ثم حضر ووجد منكر، إن استطاع الإنكار والتغيير وإلا لزمه الانصراف، ومعلوم مستفيض ما في أفراح المسلمين في بلدان المسلمين من المنكرات التي تجعل الإنسان يعيد النظر في إجابة هذه الدعوات، بأن يجيب أهل الاستقامة، وأهل التحري، وأهل فرض الكلمة على غيره، وبعض الناس وإن كانوا من أهل الاستقامة إلا أنه يغلب في هذا الباب، وإذا كان سلمان وأبو الدرداء أجابا دعوة ابن عمر، فلما رأيا الستور على الجدران رجعا، رجعا ما طعما معه فأين هذا المنكر من منكرات تحصل اليوم في أعراس المسلمين، وفي أفراحهم، لا سيما في مجتمع ومحيط النساء، يحصل أشياء مجرد ذكرها أو مجرد تخيل وقوعها بين نساء المسلمين يعتصر له القلب، يعني يحصل أشياء في داخل القصور، وفي حواليها، مما يعرفه أهل الحسبة أكثر من غيرهم، فالمتحري الحريص على عرضه وعلى نفسه يدرس وضع الداعي قبل أن يستجيب هو بنفسه أو يزج بأهله، بزوجته، ببناته إلى هذه المجتمعات التي فيها من المنكرات اللازمة والمتعدية أيضا؛ لأنه إضافة إلى ما يتصف به بعض النساء من التحلل أيضا قد يتعدد هذا الضرر وهذا الشر بالتصوير وغيره، حصل كوارث، حصل فواجع من هذا الاختلاط المشين، وإذا كان في بلادنا ولله الحمد لا يختلط الرجال بالنساء لكن المنكرات موجودة، المنكرات موجودة وهي كافية في عدم الإجابة، فالذي يمنع منعا باتا زوجته أو زوجاته أو يمنع بناته من حضور هذه الأفراح له عذره، ولا يأثم بذلك، بل هو مأجور إن شاء الله تعالى، ولو كانت الدعوة من أقرب الناس إليه؛ لأن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فكيف إذا وجدت هذه الأعراس في بلدان يختلط فيها الرجال بالنساء، ويحصل ما يحصل من منكرات، مما يعرفها أهل تلك البلاد، ومن حضرهم من غيره.
يقول -رحمه الله- تعالى: وحدثني يحيى عن مالك عن حميد الطويل عن أنس بن مالك أن عبد الرحمن بن عوف جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبه أثر صفرة، ردع أو ردغ من زعفران، وقد جاء النهي عن لبس الثوب المزعفر، وأجاب أهل العلم عن مثل هذا بأنه لحق ثوبه من ثوب امرأته من غير قصد، أو أنه يتجاوز في وقت في أيام العرس أكثر من غيرها، لكن الجواب المرضي عند أكثر أهل العلم أنه لصق به من ثوب امرأته من غير قصد.
وبه أثر صفرة، فسأله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأخبره أنه تزوج، يعني ما هذا الأثر؟ أنه تزوج، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كم سقت إليها؟)) فقال: زنة نواة من ذهب، منهم من يقول أن زنة النواة معيار محدد عند أهل الذهب، ومنهم من يقول إن المراد بالنواة نواة التمر، بقدرها من الذهب، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أولم ولو بشاة)).
أمر، مما يدل على وجوب الوليمة، ولو بشاة، يعني أقل شيء تكون الشاة، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أولم بأقل من ذلك، وغيره أولم بأقل من ذلك، لكن مثل هذا الأمر يتجه إلى مثل عبد الرحمن بن عوف؛ لأنه قادر ومستطيع، فالقادر والمستطيع لا تقل الوليمة عنده عن شاه، وغيره كل بقدره وحسبه.
قال: وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: "لقد بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يولم بالوليمة ما فيها خبز ولا لحم".
لأنه لا يتيسر له -عليه الصلاة والسلام- في كل وقت وفي كل حين، الخبز واللحم، ويرى الهلال ثم الهلال ثم الهلال ثلاثة أهلة في شهرين وما أوقد في بيته -عليه الصلاة والسلام- نار.
قال: وحدثني عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إذا دعي أحدكم إلى وليمة فليأتها)).
هذا يدل على وجوب الإجابة إلى وليمة العرس بالشرط المعروف عند أهل العلم إذا لم يكن ثم منكر.
قال: وحدثني عن مالك عن ابن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة أنه كان يقول: "شر الطعام طعام الوليمة يدعى لها الأغنياء ويترك المساكين، لماذا يدعى الأغنياء ويترك المساكين؟ لأن الظرف ظرف مباهاة، الزوج يريد أن يتجمل عند أصهاره عند أنسابه ولا يأتي بمساكين، يأتي بأعيان ووجهاء، ليبين أن له قيمة وأن له مركز اجتماعي ومرموق، لكن لو جمع المساكين والفقراء وذهب بهم وترك هؤلاء الأغنياء يخيل إليه أنه يسقط من عيون أصهاره، وأنسابه، وعرفنا من كبار أهل العلم من يكثر المساكين على مائدته، ويجلسون مع الأغنياء ولا فرق، وقد يقدمون عليهم، وما زادهم ذلك عند الله -جل وعلا- وعند خلقه إلا رفعة، والله المستعان.
"يدعى لها الأغنياء ويترك المساكين، ومن لم يأت الدعوة فقد عصى الله ورسوله".
هذا يدل على وجوب إجابة الدعوة، ومع الأسف الأيام التي نعيشها تفاوت تصورات الناس، وفساد تصوراتهم، يوجد في كثير من الناس، يعني ليسوا قلة، تجد من الناس من إذا دعي تضايق، تضايق تضايقا شديدا، وعد هذا تكليف بما لا يطاق، وإذا لم يدعى هذا الذي تضايق لو لم يدعى لوقع في نفسه أمر عظيم، فكيف إذا دعي تضايق، وإذا لم يدعى حصل في نفسه هذا الأمر؟ لا شك أن هذا من فساد القلوب وتغير الفطر، وإلا فالأصل إن كنت صادقا في أنك لا تستطيع الحضور أو يشق عليك الحضور، أن تفرح إذا لم تدعى، ما هو بيقع في نفسك أنك لم تدعى، وأنك أهملت، وأنك لا تستحق الدعوة، أو يخيل لك الشيطان ويوسوس لك ما يوسوس، وإن كنت بالفعل تتضايق إذا لم تدعى، فكيف تتضايق إذا دعيت، والله المستعان، والنفوس مشحونة بمثل هذه التصرفات.
قال: وحدثني عن مالك عن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك يقول:
إن خياطا دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لطعام صنعه قال أنس: فذهبت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى ذلك الطعام، النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يرد الداعي، يجيب الدعوة -عليه الصلاة والسلام- جبرا لخاطر الداعي.
فقرب إليه خبزا من شعير ومرقا فيه دباء، وأضافه يهودي فأجاب الدعوة من باب التأليف، وقدم له خبز من شعير وإهالة سنخة، يعني متغيرة، أشرف الخلق يقدم له هذا لكن الواحد منا لو يدعى إلى وليمة أو إلى طعام، ويقدم له شيء أقل مما توقع صار في نفسه مثل الجبل، وهو لن يأكل ولا عشر معشار ما قدم، لكن هكذا النفوس، يعني عودت على شيء فيصعب فطامها عنه.
فقرب إليه خبزا من شعير ومرقا فيه دباء، واحد من المشايخ العباد المعروفين توفي -رحمه الله- تعالى، قال له شخص: عندي لك هدية يا أبا فلان، ثم رآه مرة ثانية فقال: عندي لك هدية، ثم رآه ثالثة قال: عندي لك هدية يا فلان ونسيت أحضرها، أحضرها لك في المسجد في صلاة كذا، فلما صلى في الوقت المحدد وإذا بالهدية معه، وإذا به سواك أعوج، اتكرر الأمر ثلاث مرات وأربع مرات، عندي هدية، وبالنهاية سواك أعوج، ثم رجع إلى نفسه، فقال: هو محسن على كل حال، قل المهدى أو كثر، هذا إحسان منه، دون مقابل، فليس له من الجزاء إلا أن أدعو له، ثم رجع إلى نفسه يعاتبها المنة والفضل أولا وآخرا لله -جل وعلا-، الذي خلقك من عدم، ورزقك وجعلك مسلما، وجعلك من أهل طاعته، وذكره وشكره، ونم أهل العلم، ومن أهل الفضل، والله المستعان، وتقدم له من العبادات التي افترضها عليك ما هو من العوج بمثابة هذا السواك، رجع إلى نفسه يؤنبها، لكن لو يؤتى بمثل هذا السواك يمكن يرميه عليه، وقد يتكلم عليه، إيش معنى هدية هدية، وفي النهاية سواك أعوج، والله المستعان.
الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقرب إليه خبز من شعير ومرق فيه دبأ، قرع، قال أنس فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يتتبع الدباء، كان يحبها، يتتبع الدبأ من حول القصعة، وهذا إذا كان المقدم له أجزاء ينفصل بعضها عن بعض لا بأس من الاختيار، كالتمر والدبأ وما أشبه ذلك، واللحم أيضًا، لكن إذا كان متساويا فكل مما يليك، فلم أزل أحب الدباء بعد ذلك اليوم".
يقوله أنس، لمحبة الرسول -عليه الصلاة والسلام- إياها.
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
"