شرح الموطأ – كتاب القسامة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين والحاضرين يا حي يا قيوم.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-:
كتاب: القسامة
باب: تبدئة أهل الدم في القسامة
حدثني يحيى عن مالك عن أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره رجالاً من كبراء قومه أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهم، فأتي محيصة فأخبر أن عبد الله بن سهل قد قتل، وطرح في فقير بئر، أو عين، فأتى يهود فقال: أنتم –والله- قتلتموه، فقالوا: والله ما قتلناه، فأقبل حتى قدم على قومه، فذكر ذلك لهم، ثم أقبل هو وأخوه حويصة -وهو أكبر منه- وعبد الرحمن، فذهب محيصة ليتكلم، وهو الذي كان بخيبر، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كبر كبر)) يريد السن، فتكلم حويصة، ثم تكلم محيصة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إما أن يدوا صاحبكم، وإما أن يؤذنوا بحرب)) فكتب إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، فكتبوا: إنا –والله- ما قتلناه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن: ((أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟)) فقالوا: لا، قال: ((أفتحلف لكم يهود؟)) قالوا: ليسوا بمسلمين، فوداه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عنده، فبعث إليهم بمائة ناقة حتى أدخلت عليهم الدار.
قال سهل: لقد ركضتني منها ناقة حمراء.
قال مالك -رحمه الله-: الفقير هو البئر.
قال يحيى: عن مالك عن يحيى بن سعيد عن بُشير بن يسار أنه أخبره أن عبد الله بن سهل الأنصاري ومحيصة بن مسعود خرجا إلى خيبر، فتفرقا في حوائجهما، فقُتل عبد الله بن سهل، فقدم محيصة فأتى هو وأخوه حويصة وعبد الرحمن بن سهل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذهب عبد الرحمن ليتكلم لمكانه من أخيه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كبر كبر)) فتكلم حويصة ومحيصة فذكرا شأن عبد الله بن سهل، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أتحلفون خمسين يميناً وتستحقون دم صاحبكم أو قاتكلم؟)) قالوا: يا رسول الله لم نشهد ولم نحضر، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فتبرئكم يهود بخمسين يميناً؟)) فقالوا: يا رسول الله كيف نقبل أيمان قوم كفار؟!
قال يحيى بن سعيد: فزعم بُشير بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وداه من عنده.
قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا، والذي سمعت ممن أرضى في القسامة، والذي اجتمعت عليه الأئمة في القديم والحديث أن يبدأ بالأيمان المدعون في القسامة فيحلفون، وأن القسامة لا تجب إلا بأحد أمرين: إما أن يقول المقتول: دمي عند فلان أو يأتي ولاة الدم بلوث من بينة، وإن لم تكن قاطعة على الذي يدعى عليه الدم، فهذا يوجب القسامة لمدعي الدم على من أدعوه عليه، ولا تجب القسامة عندنا إلا بأحد هذين الوجهين.
قال مالك: وتلك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا، والذي لم يزل عليه عمل الناس أن المُبَدّئين بالقسامة أهل الدم، والذين يدعونه في العمد والخطأ.
قال مالك: وقد بدّأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحارثيين في قتل صاحبهم الذي قُتل بخيبر.
قال مالك: فإن حلف المدعون استحقوا دم صاحبهم، وقتلوا من حلفوا عليه، ولا يُقتل في القسامة إلا واحد، لا يقتل فيها اثنان، يحلف من ولاة الدم خمسون رجلاً خمسين يمنياً، فإن قل عددهم، أو نكل بعضهم ردت الأيمان عليهم، إلا أن ينكل أحد من ولاة المقتول ولاة الدم الذين يجوز لهم العفو عنه، فإن نكل أحد من أولئك فلا سبيل إلى الدم إذا نكل أحد منهم.
قال يحيى: قال مالك: وإنما ترد الأيمان على من بقي منهم إذا نكل أحد ممن لا يجوز لهم العفو عن الدم، فإن نكل أحد من ولاة الدم الذين يجوز لهم العفو عن الدم، وإن كان واحداً فإن الأيمان لا ترد على من بقي من ولاة الدم إذا نكل أحد منهم عن الأيمان، ولكن الأيمان إذا كان ذلك ترد على المدعى عليهم، فيحلف منهم خمسون رجلاً خمسين يمنياً، فإن لم يبلغوا خمسين رجلاً ردت الأيمان على من حلف منهم، فإن لم يوجد أحد يحلف إلا الذي أدعي عليه حلف هو خمسين يميناً وبرئ.
قال يحيى: قال مالك: وإنما فرق بين القسامة في الدم والأيمان في الحقوق أن الرجل إذا داين الرجل استثبت عليه في حقه، وأن الرجل إذا أراد قتل الرجل لم يقتله في جماعة من الناس، وإنما يلتمس الخلوة، قال: فلو لم تكن القسامة إلا فيما تثبت فيه البينة، ولو عمل فيها كما يعمل في الحقوق هلكت الدماء، واجترأ الناس عليها إذا عرفوا القضاء فيها، ولكن إنما جعلت القسامة إلى ولاة المقتول يُبَدّؤون بها فيها ليكف الناس عن القتل، وليحذر القاتل أن يؤخذ في مثل ذلك بقول المقتول.
قال يحيى: وقد قال مالك في القوم يكون لهم العدد يتهمون في الدم فيرد ولاة المقتول الأيمان عليهم، وهم نفر لهم عدد: إنه يحلف كل إنسان على نفسه خمسين يميناً، ولا تقطع الأيمان عليهم بقدر عددهم، ولا يبرؤون دون أن يحلف كل إنسان عن نفسه خمسين يميناً.
قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت في ذلك.
قال: والقسامة تصير إلى عصبة المقتول، وهم ولاة الدم الذين يقسمون عليه، والذين يُقتل بقسامتهم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
كتاب: القسامة
القسامة مأخوذة من القسم وهو اليمين؛ لأنها أيمان مكررة، عدتها خمسين يميناً، أو عدتها خمسون يميناً، يحلف أولياء الدم خمسون، فإن نكلوا ردت على أولياء المدعى عليه، ردت على المدعى عليهم، والقصة ثابتة في الصحيحين وغيرهما، وشبه القسامة باللعان من حيث أنها أيمان على أمر لا يمكن الشهادة الواضحة البينة عليه، حيث يقتل الرجل خفية في مكان يكون فيه شيء من الخفاء والغموض، وكذلك إذا أدعى الزوج على زوجته أنها زنت يصعب عليه أن يحضر البينة، وكذلك إذا قتل القتيل بين قوم لا يمكن إحضار البينة عليهم، فيُبدّأ أولياء المقتول كما يبدأ الزوج المدعي بالأيمان، ولا شك أن هذه القسامة إنما تتجه على من يُتهم بها، أما الناس البرآء الذين لا يتهمون لا يقبل قول من يدعي عليهم، إلا إذا أحضر بينة ضعيفة لا تقبل في مثل هذا الحكم استقلالاً، ولا بد من قرينة تدل على اتهامهم بذلك من لوث لا تثبت به الحجة، ولذا اليهود لا شك أنهم قوم خونة وأهل غدر، إذا تمكنوا من المسلم قتلوه، فهذه تهمة، ولو وجد قتيل بين قريتين بينهما عداء قديم، أو بين قبيلتين بينهم ثارات وضغائن وأحقاد يتجه الإدعاء عليهم، أما إذا خلت المسألة من ذلك فلا يتجه حينئذٍ قسامة.
باب: تبدئة أهل الدم في القسامة
لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- طلب من أهل القتيل أن يحلفوا خمسين يميناً، ثم اعتذروا عن ذلك بأنهم لم يحضروا ولم يشهدوا، والشهادة لا بد أن تكون على أمر بيّن ((على مثلها فاشهد)) فاعتذروا عن هذه الأيمان، "قال: ((فتبرئكم يهود بخمسين يميناً؟))" خمسين يمين "قالوا: كيف نقبل شهادة كفار؟" أو أيمان، أو قسم من شخص كافر لا يقيم له وزناً، هذه المسألة لا شك أن فيها شيء من مخالفة بعض القواعد المقررة، يعني اليمين على غلبة ظن، يعني لما طلب النبي -عليه الصلاة والسلام- اليمين من أهل القتيل لو حلفوا يأثمون و لا يأثمون؟ وهم ما عندهم إلا أن هؤلاء قوم أهل غدر، ما عندهم أكثر من هذا، وأنه قُتل بينهم، هل يتصور أن مسلماً يقتل مسلماً يقيم بين يهود؟ هذا الاحتمال قائم، لكنه ضعيف، فاليهود ألصق به، وإلا يحتمل أن يكون بين مسلم وبين أخيه المسلم ثارات وأمور قديمة، ثم يستغل الفرصة في كونه وجد بين أعداء فيقتله لتلصق التهمة بهم، لا شك أن الحلف على اليهود مسألة غلبة ظن أنهم قتلوا، وهل يكفي في مثل هذا غلبة الظن؟ يعني الذي حلف أنه لا يوجد بين لابتيها أهل بيت أفقر منه، ومن أهل بيته، هذا حلف ما قال له النبي -عليه الصلاة والسلام- لماذا تحلف احتمال أن يوجد بالمدينة أهل بيت أفقر منكم؟ يجوز أهل العلم الحلف في مثل هذه الصورة، لا سيما وأنها لا يتضرر بها أحد، لكن في مثل القتل؟ يعني لو حلفوا يأثمون أو لا يأثمون؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو الذي..، هو المبلغ عن الله -جل وعلا- الشرع طلب منهم ذلك، ولو كان هذا لا يجوز لطلبه منهم أو لا ما طلبه منهم؟ لو كان هذا الأمر لا يجوز، لو كان ليس لهم أن يحلفوا؟ ما طلب منهم، فغلبة الظن مع هذا اللوث الموجود، والبينة الضعيفة التي لا يثبت بها قود ولا دية ولا كفارة بمفردها إذا دعمت بهذه الأيمان الخمسين قويت، على أن تكون بينة كاملة، أيضاً بالمقابل المدعى عليهم يهود، هل تقبل منهم أيمانهم أو لا تقبل؟ وهم قوم كفار، ما قبل أهل القتيل أيمان اليهود لأنهم كفار، ومثل ما قلنا في الطرف الأول نقول في الطرف الثاني، يعني لولا أن الأيمان مقبولة منهم لما طلبها النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولما أشار بها، فأيمان مثل هؤلاء الذين يقرون ويعترفون بربوبية الله -جل وعلا-، نعم، كما أن شهادتهم في بعض الصور، يعني في السفر مثلاً لا يوجد غيرهم مقبولة وإلا غير مقبولة؟ مقبولة يعني كما جاء في سورة المائدة، وآخران من غيركم، نعم في بعض الحالات إذا احتيج إلى شهادة من لا تقبل شهادته في الأصل، إذا احتيج إليها بحيث لا يوجد بينة غيرها تقبل، كشهادة الصبيان بعضهم على بعض عند جمع من أهل العلم إذا لم يتفرقوا، ولم يوجد من يستقل بالشهادة.
باب: تبدئة أهل الدم بالقسامة
قال -رحمه الله-: "حدثني يحيى عن مالك عن أبي ليلى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سهل عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره رجال من كبراء قومه" هؤلاء الرجال تقبل شهادتهم على الجهالة وإلا ما تقبل؟ تقبل وإلا ما تقبل؟ تقبل؛ لأنهم صحابة، افترضنا أنهم غير صحابة، أنهم من التابعين، في مثل هذه الصورة جمع من أهل العلم يرى أنه إذا كانوا ممن تقادم العهد بهم كالتابعين مثلاً وهم جمع أن الجهالة هذه مع العدد يجبر بعضهم بعضاً، حتى ولو تأخروا، من أهل العلم من يقبل رواية العدد ولو كانوا مجهولين، كما قالوا في قصة اختبار الإمام البخاري بقلب الأحاديث حيث يرويها ابن عدي عن عدة من شيوخه، قالوا: شيوخ ابن عدي أئمة، وإن كانوا مجهولين إلا أن العدد يجبر بعضه بعضاً، وعلى كل حال الحديث في الصحيحين ليس لأحد كلام، في حديث الباب ليس لأحد كلام فيه.
"أنه أخبره رجال من كبراء قومه أن عبد الله بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهم" حاجة، فاقة، فقر شديد أصابهم "فخرجوا إلى خيبر، فأتي محيصة فأخبر أن عبد الله بن سهل قد قُتل" وهو رفيقه في السفر، لكن لما تفرقا استُغلت الفرصة فقُتل "أن عبد الله بن سهل قد قتل، وطرح في فقير بئر" قالوا: الفقير البئر هذه قعرها قريب، وفمها واسع، ويسمونها عند العوام، وش يسمونها يا أبو عبد الله؟ يعني البئر القريب ماؤها؟ نعم؟ هبات، ما شاء الله عليك، استغفر الله.
"في فقير بئر أو عين، فأتى يهود" محيصة أتى يهود "فقال: أنتم -والله- قتلتموه" وما أشبه الليلة بالبارحة، هؤلاء هم يهود، يقتلون في الليل والنهار، ولولا الحبل الممدود من الناس ما استطاعوا أن يقتلوا ذباب، لكن لحكمة بالغة يريدها الله -جل وعلا-، سلط الله -جل وعلا- على بعض المسلمين هذه الفئة المقيتة البغيضة التي ضربت عليها الذلة والمسكنة لتعود هذه الأمة إلى دينها، وتراجع نفسها، لما انصرفوا عن دينهم سلط الله عليهم هذه الفئة التي ضرب عليها الذلة والمسكنة، ولولا الحبل من الناس لما قامت لهم قائمة، لكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً، والله المستعان.
"أنتم -والله- قتلتموه، فقالوا: والله ما قتلناه" حلفوا، قدموا اليمين "فأقبل حتى قدم على قومه، فذكر لهم ذلك، ثم أقبل هو وأخوه حويصة وهو أكبر منه وعبد الرحمن، فذهب محيصة ليتكلم، وهو الذي كان بخيبر" يعني هو الذي أقرب إلى القصة من غيره، وعبد الرحمن بن سهل أخو المقتول، لكن لما كان السن له قدر، وله حق في التقديم قدمه النبي -عليه الصلاة والسلام- "فذهب محيصة ليتكلم، وهو الذي كان بخيبر، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كبر كبر)) يريد السن" ما الذي نحتاجه من قوله: يريد السن؟ لئلا يظن السامع أنه قل: الله أكبر، هذا كبر، كبر يعني قل: الله أكبر، لكن لما قال: يريد السن، يعني دع الأكبر هو الذي يتكلم "فتكلم حويصة" لأنه الأكبر "ثم تكلم محيصة" الذي هو صاحب القصة، وهو الذي أقرب الناس إليها "فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إما أن يدوا صاحبكم، وإما أن يؤذنوا بحرب))" بناء على أنهم قتلوه، ولم ينكروا، هذا إذا لم ينكروا ((إما أن يدوا صاحبكم، وإما أن يؤذنوا بحرب)) يعني هل يكتفى من المعاهد بأخذ الدية إذا قتل عمداً؟ أو يكون بهذا قد نقض العهد؟ ((إما أن يدوا صاحبكم، وإما أن يؤذنوا بحرب)) الدية هنا أعم من مسألة قود أو أخذ دية، إما أن يذعنوا لما يحكم به عليهم، وإما أن يؤذنوا بحرب؛ لأنهم يكونوا بهذا قد نقضوا العهد.
"فكتب إليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في ذلك، فكتبوا: إنا -والله- ما قتلناه" وعلى هذا الحكم لا بد أن تكون بينته كاملة، ما قال: هذا مسلم، المدعي مسلم، والمقتول مسلم، والمدعى عليهم يهود {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [(8) سورة المائدة] لا بد من تطبيق المقدمات الشرعية للحكم الشرعي، ويخطئ بعض الناس حينما يبادر بالحكم على خصمه، أو خصم قريبه أو حبيبه، أو من كانت بينه وبينه شيء من أمور الدنيا، بعض الناس يحكم مباشرة، أبداً صاحبنا ما يكذب، ليش ما يكذب يا أخي؟ قد يخطئ، قد يغلط، لا بد من استعمال المقدمات الشرعية ليخرج الحكم شرعياً، سواء كان الخصم حبيب إلى القلب أو بغيض، هذا لا أثر له في الحكم.
"فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن: ((أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟)) فقالوا: لا" قالوا: "لم نشهد ولم نحضر" كما في الرواية اللاحقة، كيف يحلف الإنسان على شيء لم يشهده ولم يحضره؟ وغلبة الظن تقبل في مثل هذا أو لا تقبل؟ يعني حينما طلب النبي -عليه الصلاة والسلام- منهم اليمين هذا في ظاهره يسوّغ لهم أن يحلفوا؟ نعم؟ أو المسألة مسألة حكم شرعي بيحكم بهذه الأيمان صدقوا أو كذبوا؟ كما في ((البينة على المدعي، واليمين على من أنكر)) قد يحلف المدعى عليه ويكذب، وكون القاضي يطلب منه اليمين هل معنى هذا أنه مما يسوغ له اليمين ولو كان كاذباً؟ لا، إذاً مجرد طلب اليمين لا يسوغ اليمين، بل الإنسان يتدين بهذا اليمين لله -جل وعلا-؛ لأنه عبادة، فلا يجوز له أن يحلف إلا على أمر بيّن واضح.
"((أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟)) فقالوا: لا، قال: ((أفتحلف لكم يهود؟)) فقالوا: ليسوا بمسلمين" والذي ليس بمسلم الفاسق من المسلمين قد لا يتورع عن الحلف وهو كاذب فكيف بغير المسلم؟! "فوداه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من عنده" فدل على أن دم المسلم لا يهدر، وأقل أحواله أن يودى من بيت المال، وهل دفع الدية من بيت المال على سيبل اللزوم والوجوب أو أن هذا تبرع من النبي -عليه الصلاة والسلام- فيبقى لولي الأمر أن يدفع أو لا يدفع؟ لكن الأولى أن يدفع كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- "فبعث إليهم بمائة ناقة، حتى أدخلت عليهم الدار، فقال سهل: لقد ركضتني منها ناقة" رفستني منها ناقة "حمراء" ورفس الإبل يقال له؟ في عرف الناس نعم رَمْح، ما هو برُمح، ولا رِمح، مصدر رمح أو رمحت ترمح رمحاً، نعم.
"قال مالك: الفقير هو البئر" يعني الذي ألقي فيه.
"قال يحيى: عن مالك عن يحيى بن سعيد عن بُشير بن يسار أنه أخبره أن عبد الله بن سهل الأنصاري ومحيصة بن مسعود خرجا إلى خيبر، فتفرقا في حوائجهما، فقتل عبد الله بن سهل، فقدم محيصة فأتى هو وأخوه" الفصل هنا لا بد منه؛ لأنه عطف على ضمير رفع متصل "فأتى هو وأخوه حويصة وعبد الرحمن بن سهل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فذهب عبد الرحمن يتكلم" صاحب الشأن، أخوه هو المقتول، في القصة الأولى محيصة أراد أن يتكلم، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((كبر كبر)).
"فذهب عبد الرحمن ليتكلم لمكانه من أخيه، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((كبر كبر)) فتكلم حويصة" لأنه أكبر "ثم محيصة" لأنه أكبر من عبد الرحمن بن سهل، وهو صاحب أيضاً..، أو هو أقرب الناس إلى الحدث "فذكرا شأن عبد الله بن سهل، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أتحلفون خمسين يميناً وتستحقون دم صاحبكم أو قاتكلم؟))" كيف تستحقون دم صاحبكم؟ يعني بدل الدم، الدية أو تستحقون القاتل لتقتلوه "قالوا: يا رسول الله لم نشهد ولم نحضر، فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((فتبرئكم يهود بخمسين يميناً؟)) فقالوا: يا رسول الله كيف نقبل أيمان قوم كفار؟" وفيه ما تقدم.
"قال يحيى بن سعيد: فزعم بُشير بن يسار أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وداه من عنده".
"قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا، والذي سمعت ممن أرضى في القسامة" والذي اجتمعت عليه الأئمة في القديم والحديث "أن يبدأ بالأيمان المدعون في القسامة" والفرق بين المدعي والمدعى عليه المدعي من إذا تَرك تُرك، والمدعى عليه من إذا تَرك لم يُترك، إذا تَرك لم يُترك "أن يبدأ بالأيمان المدعون في القسامة" لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أتجه إلى حويصة ومحيصة وعبد الرحمن بن سهل، قال: ((تحلفون؟)) فبدأ بهم "فيحلفون أن القسامة لا تجب إلا بأحد الأمرين، إما أن يقول المقتول: دمي عند فلان" المقتول يقول: قتله فلان "أو يأتي ولاة الدم بلوث من بينة" بينة يعني ضعيفة لا تستقل بإثبات الحكم، يقول المقتول: دمي عند فلان، في مثل هذه الحالة تكون قسامة أو يؤخذ المدعى عليه فيقرر فإن اعترف قتل، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- باليهودي الذي رض رأس الجارية بحجر؟ سئلت: من قتلك؟ فلان؟ فلان؟ ثم قالت: نعم، أُخذ فقُرر به فاعترف فقُتل بها، إذا قال المقتول: دمي عند فلان يؤخذ فيقرر إن اعترف قتل به، إن لم يعترف تكون قسامة.
"أو يأتي ولاة الدم بلوث من بينة وإن لم تكن قاطعة" يعني لا تستقل بإثبات الحكم "على الذي يدعى عليه الدم، فهذا يوجب القسامة للمدعين الدم على من أدعوا عليه، ولا تجب القسامة عندنا إلا بأحد هذين الوجهين".
"قال مالك: وتلك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا، والذي لم يزل عليه عمل الناس أن المبدئين بالقسامة أهل الدم، والذين يدعونه في العمد والخطأ" يعني مثل ما قلنا سبق في اللعان أن الذي يبدأ الرجل، كما في الكتاب والسنة، كما دل على ذلك الكتاب والسنة، وذكرنا قولاً للإمام أبي حنيفة يخالف في ذلك أنه لو بدئ بالمرأة جاز، فهل يقول أبو حنفية في هذا الباب مثل ما قال في اللعان أنه لو بدئ بالمدعى عليهم يجوز أو لا يجوز؟ يعني أحد يعرف مذهب أبي حنفية في هذا؟ في أحد يعرف؟ ينظر مذهب الإمام أبي حنفية في هذا، يعني هل يجوز تبدئة المدعى عليهم بالأيمان الخمسين كما في نظيره في مسألة اللعان؟
"قال مالك: وقد بدّأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الحارثيين في قتل صاحبهم الذي قتل بخيبر" حويصة ومحيصة وعبد الرحمن بن سهل، هاه؟
طالب:.......
بدّأ، لو قال: بدأ قال: بالحارثيين.
طالب:.......
البداءة بالمدعى عليهم، وش يقول؟
طالب:.......
يعني اطرد مذهبه في هذا، انتهينا.
طالب:.......
هاه؟
طالب:.......
إيه، لا عاد اللعان وجه الشبه ظاهر بين المسألتين.
طالب:.......
ما في شك أن رواية أبي داود ما تعارض بها رواية الصحيحين أبداً، هذه متفق عليها في هذه الصورة، لكن مذهب الإمام أبي حنيفة يطرد في مثل هذا؛ لأن المدعي عليه البينة وليست لديه بينة إذاً ترد اليمين على المدعى عليه، المنكر عليه اليمين، البينة على المدعي، واليمين على من أنكر، يعني طرداً لقاعدة الدعاوى والبينات في البينات والأيمان، الأصل في المدعي أن عليه بينة، ما أحضر بينة يحلف المدعى عليه، لكن القسامة جُعل فيها أيمان المدعين بمنزلة البينة، ولذا لو حلف المدعون خمسين يميناً ما التفت إلى أيمان المدعى عليهم.
"قال مالك: فإن حلف المدعون استحقوا دم صاحبهم، وقتلوا من حلفوا عليه، ولا يُقتل في القسامة إلا واحد" يعني لو قالوا: قتله أكثر من واحد، هم ليس لديهم من البينة إلا أن صاحبهم قُتل، هذه دعواهم، وعنده من البينة الضعيفة لوث وشبهه، فالقتل يحصل من واحد، والدعوى ضعيفة لاعتمادها على بينة ضعيفة، فلا يؤخذ فيها أكثر من واحد، لو قال المدعون: قتله اثنان، لا يقبل قولهم، إنما لكم أنه قتل، لكم أنه قتل، والقتل يحصل من واحد، وليس عندكم من قوة البينة ما يقتل به أكثر من واحد، لكن لو عُرف أن هذا الشخص بينه وبين اثنين فقط عداوة، وهذان الاثنان يسكنان في مسكن واحد، ووجد القتيل عند بابهما، وبينه وبينهما عداوة، يعني ليست الدعوى متجه إلى أحدهما دون الآخر، بل الدعوى تتجه إلى الاثنين، فيقتل الاثنان أو واحد؟ يعني قول الإمام مالك: ولا يقتل في القسامة إلا واحد، الصورة ظاهرة أو ما هي بظاهرة؟ نعم؟ يعني شخص بينه وبين اثنين عداوة أو ثلاثة، ووجد قتيلاً عند بابهما، أو باب الثلاثة يسكنون في مسكن واحد.
طالب:........
إيه، لكن هل يقتل اثنين أو يقتل ثلاثة أو لا يقتل إلا واحد؟
طالب: واحد.....
السيارة مقفلة على البيت.
نعم؟
نعم الآن الدعوى متجهة، أربعة أشخاص يعملون في مكتب، ثلاثة منهم في هذا المكتب أخذوا رشوة، فبلغ عنهم هذا الرابع، فوجد من الغد هذا الرابع مقتول على مكتبه بين هؤلاء الثلاثة، الدعوى واحدة يعني، تتجه الدعوى على واحد منهم أو على اثنين أو على الثلاثة كلهم؟ لأن الإمام مالك يقول: لا يقتل فيها اثنان، لا يقتل في القسامة إلا واحد، إذا تصورنا أن الدعوى متجه على الثلاثة على حد سواء أو على الاثنين، نعم؟
طالب:........
لكن لو تبرأ الثلاثة من قتله، ولا يوجد ما يثبت إلا هذا اللوث، أن بينهم وبينه عداوة، مبلغ عنهم، نعم؟
طالب:........
كيف؟
طالب:........
القسامة متجه على الثلاثة، لكن إذا حلفوا، حلف أولياء المقتول أن هؤلاء قتلوه، استحقوا دية صاحبهم أو دمه.
طالب:.......
إيه، لا هو الإشكال قول مالك -رحمه الله-: "ولا يقتل في القسامة إلا واحد" ليش؟ لأن دعوى القسامة فيها ضعف، لا تنوء بقتل أكثر من واحد، نعم؟
طالب:........
من القاتل؟
طالب:.......
على كل حال مسألة التقرير وما التقرير والتحقيق قد يظهر القاتل، لكن قد يظهر أن الجميع اشتركوا فيه، اشتركوا في قتله، وحينئذٍ يقتلون به، نعم؟
طالب:........
إذاً ما أدعوا إلا القتل، ما أدعوا على جماعة ولا شيء، هم ادعوا على القتل والقتل يقوم به واحد، لكن إذا قامت القرائن على أن الثلاثة كلهم اشتركوا في قتله، أو لا يوجد مرجح يرجح أحد المدعى عليهم على غيره.
طالب:.......
لا عاد هذا ما يدرى، يعني المسألة مسألة خفاء وغموض، على كل حال يحلف من ولاة الدم خمسون رجلاً خمسين يميناً، فإن قل عددهم أو نكل بعضهم ردت الأيمان عليهم، إن قل عددهم صار العدد مثلاً خمسة وعشرين، كل واحد يحلف يمينين، يقسم مرتين، إن كانوا سبعة عشر نعم، يحلف كل واحد منهم؟ وقربهم من الميت على حد سواء، أولاده مثلاً ثلاثة، كل واحد يحلف سبعة عشر يميناً، وإن كانوا سبعة عشر كل واحد يحلف ثلاثة أيمان، يزيد واحد، ويجبر الكسر، نعم، لو قتلت امرأة مثلاً ولها من يرثها زوجها وابنها فقط، يحلف الزوج؟ نعم؟ ربع الأيمان بقدر إرثه، ويحلف الولد الباقي، الربع ربع الخمسين اثنا عشر ونصف، نقول له: يحلف ثلاثة عشر يمين، والباقي سبعة وثلاثين ونصف، نقول: احلف ثمان وثلاثين يميناً.
"فإن قل عددهم، ونكل بعضهم ردت الأيمان عليهم، إلا أن ينكل أحد من ولاة المقتول ولاة الدم الذين يجوز لهم العفو، فإن نكل أحد من أولئك فلا سبيل إلى الدم، إذا نكل أحد منهم" لا سبيل إلى الدم؛ لأن الدم لا يثبت إلا بأيمانهم، فإذا نكل أحد منهم كأنه عفا عن القود في قتل العمد، فيعدل حينئذٍ إلى الدية.
"قال يحيى: قال مالك: وإنما ترد الأيمان على من بقي منهم، إذا نكل أحد ممن لا يجوز له عفو" فإن نكل أحد من ولاة الدم الذين يجوز لهم العفو عن الدم، وإن كان واحداً، فإن الأيمان لا ترد على من بقي من ولاة الدم، يعني شخص له ثلاثة أولاد، مثلاً، واحد قال: ما أنا بحالف، واثنين قالوا: بنحلف، هل نقول: كل واحد يحلف خمسة وعشرين؟ لماذا؟ لأنهم الآن لا يملكون القود، لا يملكون دم صاحبهم، وإنما يملكون الدية، وكل يحلف بقدر إرثه، كل واحد يحلف الثلث، سبعة عشر يمين، فإذا حلف سبعة عشر يمين استحق ثلث الدية، والثاني حلف سبعة عشر يمين استحق الثلث، والثالث لا يحلف وليس له شيء من الدية، لا يستحق شيئاً.
"فإن الأيمان لا ترد على من بقي من ولاة الدم إذا نكل أحد منهم على الأيمان، ولكن الأيمان إذا كان ذلك ترد على المدعى عليهم فيحلف منهم خمسون رجلاً خمسين يميناً، فإذا لم يحلفوا خمسين ردت الأيمان على من حلف منهم، فإن لم يوجد أحد إلا الذي أدعي عليه حلف هو خمسين يميناً وبرئ" لأن الأصل البراءة.
"قال يحيى: قال مالك: وإنما فرق بين القسامة في الدم، والأيمان في الحقوق" لماذا طلب في القتل شاهدين مثلاً؟ والأيمان هنا بمنزلة الشهادة، هنا فرق بين القسامة في الدم والأيمان في الحقوق، اليمين على من أنكر، يحلف كم من أنكر؟ يحلف واحدة، المدعي إذا جاء ببينة شاهد واحد يحلف، معه يمين، ما قال: يحلف خمسين يمين.
"وإنما فرق بين القسامة في الدم والأيمان في الحقوق أن الرجل إذا داين الرجل استثبت عليه في حقه" استثتب عليه، كتب عليه، وأحضر الشهود، يعني في مسائل المداينة هل يمكن تحدث خفية؟ لا تحدث خفية، وإنما إذا فرط وأجراها خفية ولم يشهد على ذلك يتحمل، لكن الأصل أنها تعلن، ويشهد عليها، وأن الرجل إذا أراد قتل الرجل لم يقتله في جماعة، ما يأتي يقول: يا فلان وفلان تعالوا اشهدوا علي، نعم "وأن الرجل إذا أراد قتل الرجل لم يقتله في جماعة من الناس، وإنما يلتمس الخلوة".
قال: "فلو لم تكن القسامة إلا فيما تثبت فيه البينة، ولو عمل فيها كما يعمل في الحقوق هلكت الدماء" تضيع الدماء "واجترئ الناس عليها إذا عرفوا القضاء فيها، ولكن إنما جعلت القسامة إلى ولاة المقتول بيدّؤون فيها ليكف الناس عن الدم، وليحذر القاتل أن يؤخذ في مثل ذلك بقول المقتول".
"قال يحيى: وقد قال مالك في القوم يكون لهم العدد يتهمون بالدم، فيرد ولاة المتقول الأيمان عليهم، وهم نفر لهم عدد: إنه يحلف كل إنسان منهم على نفسه خمسين يميناً" يعني كما لو تفرد بالقتل؛ لأنه يدفع عنه نفسه، وهنا ننتبه فيقول: "قد قال مالك في القوم يكون لهم عدد يتهمون بالدم، فيرد ولاة المقتول الأيمان عليهم، وهم نفر لهم عدد: إنه يحلف كل إنسان منهم عن نفسه خمسين يميناً" لماذا لا تقسم الأيمان عليهم؟ أتهم خمسة بقتله، يحلف كل واحد عشرة أيمان وإلا كل واحد يحلف خمسين يمين؟ كل واحد يحلف خمسين يمين، لماذا؟ نعم؟ لأنه يحتمل أنهم قتلوه مجتمعين، وكل واحد منهم يستحق القتل "فيدفع عن نفسه القتل بخمسين يميناً، ولا تقطع الأيمان عليهم بقدر عددهم، ولا يبرءون دون أن يحلف كل إنسان عن نفسه خمسين يميناً".
"قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت في ذلك" يعني هل مثل هذا الكلام من الإمام مالك -رحمه الله- يختلف عن قوله فيما سبق أنه لا يقتل إلا واحد؟ يختلف وإلا ما يختلف؟ نعم؟
طالب:........
يعني لو أريد قتلهم، لو نكلوا، لو كان الإمام مالك يقرر قتل هؤلاء الخمسة لو نكلوا، قلنا: يختلف، الآن هو قرر قتل هنا؟ ما قرر قتل، لكن الدعوى اتجهت إلى هؤلاء الخمسة، إذا نكلوا يلزمهم قتل وإلا دية؟ على كلامه السابق أنه لا يقتل إلا واحد مقتضى كلامه السابق أنه يعدل فيها إلى الدية، وأنه لا يقتل إلا واحد في القسامة لضعفها، ليست مثل البينة يقتل فيها جميع من اشترك في القتل، البينة فيها قوة.
"قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت في ذلك".
"قال: والقسامة تصير إلى عصبة المقتول، وهم ولاة الدم الذين يقسمون" يقسمون وإلا يُقسمون؟ نعم؟
طالب:........
كيف يقسمون؟
طالب:........
"وهم ولاة الدم الذين يقسمون عليه" نعم؟
طالب:........
ما قلنا: القسامة من القسم؟ وإذا أردنا أن نشتق من القسامة ومن القسم نرجع إلى الأصل وإلا نأخذ من الفرع؟ إذا رجعنا إلى الأصل قلنا: يقسمون عليه؛ لأنها من القسم، وإذا رجعنا إلى الفرع الذي هو القسامة قلنا: يقسمون، كيف يقسمون؟ القسم غير القسّم، نعم؟
"والذين يقتل بقسامتهم".
طالب...... لأن الذين يقولون: جماعة تقتل الواحد لا يريدون قوداً، إنما يريدون الدية....
نعم حتى في الصورة التي صورنها في مسألة الموظفين الأربعة لا يتجه عليهم القتل إلا إذا اعترفوا به، أو وجدت بينة، أما قتلهم بمجرد القسامة فلا.
نعم.
أحسن الله إليك.
باب: من تجوز قسامته في العمد من ولاة الدم
قال يحيى: قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أنه لا يحلف في القسامة في العمد أحد من النساء، وإن لم يكن للمقتول ولاة إلا النساء، فليس للنساء في قتل العمد قسامة ولا عفو.
قال يحيى: قال مالك في الرجل يقتل عمداً: إنه إذا قام عصبة المقتول أو مواليه فقالوا: نحن نحلف ونستحق دم صاحبنا فذلك لهم.
قال مالك -رحمه الله تعالى-: فإن أراد النساء أن يعفون عنه فليس ذلك لهن العصبة والموالي أولى بذلك منهن؛ لأنهم هم الذين استحقوا الدم وحلفوا عليه.
قال مالك: وإن عفت العصبة أو الموالي بعد أن يستحقوا الدم، وأبى النساء وقلن: لا ندع دم صاحبنا، فهن أحق وأولى بذلك؛ لأن من أخذ القود أحق ممن تركه من النساء، والعصبة إذا ثبت الدم وجب القتل.
قال مالك: لا يقسم في قتل العمد من المدعين إلا اثنان فصاعداً، فترد الأيمان عليهما حتى يحلفا خمسين يميناً، ثم قد استحق الدم، وذلك الأمر عندنا.
قال مالك: وإذا ضرب النفر الرجل حتى يموت تحت أيديهم، قتلوا به جميعاً، فإن هو مات بعد ضربهم كانت القسامة، وإذا كانت القسامة لم تكن إلا على رجل واحد، ولم يقتل غيره، ولم نعلم قسامة كانت قط إلا على رجل واحد.
نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: من تجوز قسامته في العمد من ولاة الدم
يعني هل تطلب الأيمان من كل من له صلة بالمقتول، أو لا تطلب إلا من العصبة؟ وهل إذا عفا أحد منهم كانت له أدنى صلة بالمتقول؟ وأي سبب من أسباب القرابة يعدل عن القود كما في قتل العمد، أو هذا خاص بالعصبة نظير قتل العمد؟ هم الذين إليهم العفو على ما تقدم.
"قال يحيى: قال مالك: الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أنه لا يحلف في القسامة في العمد أحد من النساء، وإن لم يكن للمقتول ولاة إلا النساء فليس للنساء في قتل العمد قسامة ولا عفو" لكن لو أدعى النسوة أن هذا قتل قريبهن خطأ، قالوا: دهسه بالسيارة، الآن أخرجنا النساء من مسألة العمد لا في القود عند البينة الكاملة، ولا في القسامة، لكن في الخطأ؟ هل يقسمن في الخطأ أو لا كالعمد؟ يقول: "فليس للنساء في قتل العمد قسامة ولا عفو" عمال يهدمون حائطاً مجموعة على رأس الحائط يهدمون، فنزل قطعة من الحائط على رجل فمات، ولا يدرى من أي العمال؟ امرأة كانت ترى، وهي من قريبات هذا الميت، وقالت: أنا رأيت هذا العامل الذي أسقط هذه القطعة، هذا قتل عمد أو خطأ؟ خطأ، وش نقول؟ نكتفي بشهادتها أو لا بد من قسامة؟ هذه دعوى منها، ولا يكتفى بشهادتها، فهل تدخل في مثل هذا أو لا كالعمد؟ الإمام مالك قرر أنها لا تدخل في العمد، فهل مفهوم قوله: فليس للنساء في قتل العمد قسامة ولا عفو، يعني لو قامت البينة التامة على أن هذا قتل قريبها عمداً ليس لها أن تعفو، إنما العفو للعصبة، والمراد بالعصبة يعني المتعصبون بأنفسهم؛ لأن النساء قد يكن عصبة، يعني مع الغير، بالغير أو مع الغير، ففي هذا الباب لا بد من العصبة بالنفس "فليس للنساء في قتل العمد قسامة ولا عفو".
"قال يحيى: قال مالك في الرجل يقتل عمداً: إنه إذا قام عصبة المقتول أو مواليه فقالوا: نحن نحلف ونستحق دم صاحبنا فذلك لهم".
"قال مالك: فإن أراد النساء أن يعفون فليس ذلك لهن، العصبة والموالي أولى بذلك منهن، لأنهم هم الذين استحقوا الدم، وحلفوا عليه" لأنه ما دام ما تقبل أيمان النساء فلا يقبل عفو النساء، لا تقبل أيمان النساء فلا يقبل عفو النساء.
"قال مالك: وإن عفت العصبة أو الموالي بعد أن يستحقوا الدم وأبى النساء، وقلن: لا ندع قاتل صاحبنا، فهن أحق وأولى بذلك" لأن من أخذ القود أحق ممن تركه من النساء والعصبة، إذا ثبت الدم وجب القتل، معروف أنه إذا عفا بعض العصبة نعم انتهى مسألة القود، كيف يقول الإمام مالك: "إن عفت العصبة أو الموالي"؟ يعني الذين لهم أن يحلفوا، ولهم أن يطالبوا بالقود "بعد أن يستحقوا الدم، وأبى النساء، وقلن: لا ندع قاتل صاحبنا، فهن أحق وأولى بذلك؛ لأن من أخذ القود أحق ممن تركه من النساء والعصبة إذا ثبت الدم وجب القتل" يعني وجب الدم وثبت القتل وأنه عمد بالبينة الكاملة ثم عفا العصبة أو بعضهم وقف النساء قالوا: لا بد من أن يقتل، هل نقول: لا بد من القتل؛ لأن من طالب بالدم أولى ممن عفا؟ أو نقول: خلاص سقط القود وبقيت الدية، وليس لهن إلا ما يستحقونه من الدية؟ ظاهر كلام الإمام -رحمه الله- أن من عفا وجوده مثل عدمه، عفا عن حقه وانتهى، لكن هل يقاد بعد أن عفا العصبة أو بعضهم؟ سواء كان في قتل العمد أو في القسامة؟ إذا وجد من يعفو لأن الدم لا يتجزأ فلا يقتل، كيف يقول الإمام مالك: "وقلن: لا ندع قاتل صاحبنا، فهن أحق وأولى بذلك؛ لأن من أخذ القود أحق ممن تركه من النساء والعصبة، إذا ثبت الدم وجب القتل"؟
طالب:........
يستحق الدم فعفا والد المقتول، وبقيت أمه وأخواته وزوجته وبناته، قالوا: لا، لا بد من القتل؟ لهن ذلك أو لا؟
طالب:........
ليس لهن نصيب في القسامة، ولا ترد عليهن الأيمان، لكن ثبت الدم، حلف أولياء المقتول خمسين يمين واستحقوا الدم، ثم عفوا، كما لو ثبت ذلك في البينة، عفا الوالد مثلاً، أو عفا أحد من العصبة، يعني ظاهر الإمام مالك -رحمه الله-: "لأن من أخذ القود أحق ممن تركه من النساء والعصبة إذا ثبت الدم وجب القتل" أنت افترض أن الجاني يقتل الآن، الإجراءات كلها تمت، وما بقي إلا التنفيذ، ثم قال والد القتيل: عفوت، واعترض أولاده وبناته وزوجته، وأمه اعترضت، القاعدة التي ذكرها الإمام –رحمه الله- هل يوافق عليها؟ "لأن من أخذ القود أحق ممن تركه من النساء والعصبة" نعم؟
طالب:........
إذا ثبت الدم وجب القتل، الآن ما بقي إلا التنفيذ الآن جميع الإجراءات تمت.
طالب:..... وأنه إذا ثبت الدم يعني ثبت أن هذا الرجل قتل عمداً، فالأصل في الشرع......أصلاً هو القتل، وهو يريد أن يعمل بهذا الأصل، لو قلن النساء: لا، نريد القود، فهن على الأصل؟ يعني هو يريد أن الأصل الذي ثبت هو الأصل القصاص، القتل...؟
طيب يقتل وإلا ما يقتل؟
طالب: يقتل هذا هو الأصل عندنا، فقال: إذا منعت امرأة من الدية أو من العفو فهي على الأصل، وإعمال الأصل أقوى من إعمال......، هذا على ما يبدو.
الشرح وش يقول؟
وش يقول الشارح؟
ما في شيء؟
الشرح ما فيه شيء؟
يقول: "وإن عفت العصبة أو الموالي بعد أن يستحقوا الدم" يعني ثبت القتل عمداً بالبينة التامة، وأكملت جميع الإجراءات ما بقي إلا التنفيذ الآن "عفا العصبة أو الموالي بعد أن يستحقوا الدم، وأبى النساء، وقلن: لا ندع دم صاحبنا، فهن أحق وأولى بذلك" يعني كون نصيب النساء من الدية، أو نصيب من لم يعفو من الورثة من الدية هذا ما فيه إشكال، يأخذ نصيبه إذا لم يعفو من الدية، أما بالنسبة للقود إذا عفا عنه بعضهم يسقط بلا شك.
والإمام -رحمه الله- يقول: "وقلن: لا ندع دم صاحبنا فهن أحق وأولى بذلك؛ لأن من أخذ القود أحق ممن تركه من النساء والعصبة، إذا ثبت الدم وجب القتل" على كل حال تنظر هذه المسألة في كتب المالكية.
"قال مالك: لا يقسم في قتل العمد أو لا يقسم في قتل العمد من المدعين إلا اثنان فصاعداً، ترد الأيمان عليهما حتى يحلفا خمسين يميناً، ثم قد استحقا الدم، وذلك الأمر عندنا" على ما تقدم.
"قال مالك: وإذا ضرب النفر الرجل حتى يموت تحت أيديهم قتلوا به جميعاً" لأنهم اشتركوا "لو تمالأ أهل صنعاء على قتل رجل قتلوا به" كما في كلام عمر -رضي الله عنه-، وقتل الجماعة بالواحد تقدم "فإن هو مات بعد ضربهم كانت القسامة" يعني ضربوه، اجتمع عشرة فضربوا رجل إلى أن..، ضرباً مبرحاً فأدخل المستشفى على إثرها، ثم مات بعد شهر، فإن هو مات بعد ضرب كانت القسامة، فيحلف أولياؤه أنه مات بسببها، ويحلف أولياء القاتل إن نكل أولياء المقتول أنه لم يمت بسببها، وإذا كانت القسامة لم تكن إلا على رجل واحد، يعني مذهب الإمام -رحمه الله- مطرد، ولو كانوا عشرة، إلا على رجل واحد ولم يقتل غيره، ولم نعلم قسامة كانت قط إلا على رجل واحد.
سم.
طالب:.......
وين؟
طالب:.......
مثل ما تقدم يعني الأدخل في المسألة.
طالب:.......
يقررون حتى يتبين الأقوى أثراً منهم.
طالب:.......
إذا ما تبين مثل ما افترضنا في المسائل السابقة.
نعم.
باب: القسامة في قتل الخطأ
قال يحيى: قال مالك: القسامة في قتل الخطأ يقسم الذين يدعون الدم ويستحقونه بقسامتهم، يحلفون خمسين يميناً تكون على قسم مواريثهم من الدية، فإن كان في الأيمان كسور إذا قسمت بينهم نُظر إلى الذي يكون عليه أكثر تلك الأيمان إذا قسمت، وتجبر عليه تلك اليمين.
قال مالك: فإن لم يكن للمقتول ورثة إلا النساء فإنهن يحلفن، ويأخذن الدية، فإن لم يكن له وارث إلا رجل واحد حلف خمسين يميناً وأخذ الدية، وإنما يكون ذلك في قتل الخطأ، ولا يكون في قتل العمد.
يقول -رحمه الله تعالى-:
باب: القسامة في قتل الخطأ
عرفنا مثل المسألة التي ذكرنها في هدم الحائط.
"قال يحيى: قال مالك: القسامة في قتل الخطأ يقسم الذين يدعون الدم ويستحقونه بقسامتهم، يحلفون خمسين يميناً تكون على قسم مواريثهم من الدية" يعني إذا وجد زوج وابن -كما ذكرنا سابقاً- يحلف الزوج ربع الأيمان، ثلاثة عشرة يميناً، ما نقول: يحف اثنا عشر ونصف؛ لأنه لا يتجزأ، ويحلف الابن الباقي، ثمان وثلاثين يمين.
طالب:........
كيف؟
طالب:........
لا هو مستحق عليه سبعة وثلاثين ونصف.
طالب: يصير واحد وخمسين.
إيه "تكون على قسم مواريثهم من الدية، فإن كانت في الأيمان كسور إذا قسمت بينهم نُظر إلى الذي يكون عليه أكثر تلك الأيمان إذا قسمت فتجبر عليه تلك اليمين" يعني مثل الرد في الفرائض، في قسم المواريث.
"قال مالك: فإن لم يكن للمقتول ورثة إلا النساء فإنهن يحلفن ويأخذن الدية" يعني في العمد لا مدخل لهن، لكن في الخطأ لهن دخل "فإنهن يحلفن ويأخذن الدية، فإن لم يكن له وارث إلا رجل واحد حلف خمسين يميناً وأخذ الدية، وإنما يكون ذلك في القتل الخطأ، ولا يكون في قتل العمد" يعني في قتل العمد لا يدخل فيه النساء على ما تقدم، وإنما يدخلن في قتل الخطأ.
نعم.
أحسن الله إليك.
باب: الميراث في القسامة
قال يحيى: قال مالك: إذا قبل ولاة الدم الدية فهي مورثة على كتاب الله، يرثها بنات الميت وأخواته، ومن يرثه من النساء، فإن لم يحرز النساء ميراثه كان ما بقي من ديته لأولى الناس بميراثه مع النساء.
قال مالك: إذا قام بعض ورثة المقتول الذي يقتل خطأ يريد أن يأخذ من الدية بقدر حقه منها، وأصحابه غيب لم يأخذ ذلك، ولم يستحق من الدية شيئاً قل ولا كثر، دون أن يستكمل القسامة، يحلف خمسين يميناً، فإذا حلف خمسين يميناً استحق حصته من الدية، وذلك أن الدم لا يثبت إلا بخمسين يميناً، ولا تثبت الدية حتى يثبت الدم، فإن جاء بعد ذلك من الورثة أحد حلف من الخمسين يميناً بقدر ميراثه منها، وأخذ حقه حتى يستكمل الورثة حقوقهم، إن جاء أخ لأم فله السدس، وعليه من الخمسين يميناً السدس، فمن حلف استحق من الدية، ومن نكل بطل حقه، وإن كان بعض الورثة غائباً أو صبياً لم يبلغ حلف الذين حضروا خمسين يميناً، فإن جاء الغائب بعد ذلك، أو بلغ الصبي الحلم حلف كل منهما، يحلفون على قدر حقوقهم من الدية، وعلى قدر مواريثهم منها.
قال يحيى: قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت.
نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الميراث في القسامة
عرفنا أن الأيمان توزع في القسامة على أولياء المقتول، فالدية التي تسبب عنها هذه القسامة يرثها أولياء المقتول، وأيمانهم بقدر إرثهم؛ لأن الإرث هو الأصل الذي يرد عليه.
"قال يحيى: قال مالك: إذا قبل ولاة الدم الدية فهي موروثة على كتاب الله تعالى، يرثها بنات الميت وأخواته ومن يرثه من النساء" يعني كما يرثه زوجته وأبناؤه ووالداه، ومن يرثه من النساء "فإن لم يحرز النساء ميراثه كان ما بقي من ديته لأولى الناس بميراثه مع النساء" يعني فلأولى رجل ذكر.
"قال مالك: فإذا قام بعض ورثة المقتول الذي يقتل خطأ يريد أن يأخذ من الدية بقدر حقه منها، وأصحابه غيب" يعني أصحابه غائبون، وأراد أن يستعجل محتاج، ولم يستحق من الدية..., "لم يأخذ ذلك" إذا كانوا غائبين ينتظرون، لم يأخذ نصيبه، ولو احتاج إليه، ولو اضطر إليه "لم يأخذ ذلك، ولم يستحق من الدية شيء قل ولا كثر دون أن يستكمل القسامة" يحلف خمسين يميناً كأنه لا يوجد وارث غيره؛ لأنه استعجل، وهذه ضريبة الاستعجال، يحلف ويأخذ "قل أو كثر دون أن يستكمل القسامة، يحلف خمسين يميناً، فإن حلف خمسين يميناً استحق حصته من الدية" إنما اتجه إليه خمسين يمين لتثبت الدية، يعني الدية لا تثبت إلا بخمسين يمين، ثم إذا ثبتت هذه الدية ليس له إلا ما فرضه الله له، وقسمه له "فإن حلف خمسين يميناً استحق حصته من الدية، وذلك أن الدم لا يثبت إلا بخمسين يميناً، ولا تثبت الدية حتى يثبت الدم، فإن جاء بعد ذلك من الورثة أحد حلف من الخمسين يميناً بقدر ميراثه" يعني له ثلاثة أولاد، اثنان غائبان، فجاء الثالث قال: والله أنا عجل، أنا مضطر، محتاج، أبي ثلث الدية، قيل له: تحلف خمسين يمين، فحلف خمسين يمين استقرت الدية، فيأخذ ثلث الدية، ثم جاء الثاني فقيل له: تحلف خمسين وإلا نصيبك فقط سبعة عشر يمين؟ ثم جاء الثالث كذلك "فإن جاء بعد ذلك من الورثة أحد حلف من الخمسين يميناً بقدر ميراثه، وأخذ حقه حتى يستكمل الورثة حقوقهم" فإن جاء الأخ لأم فله السدس، الأخ لأم يرث السدس في حالة؟ في مسألة الكلالة، حيث لا والد ولا ولد، فله السدس، وعليه من الخمسين يميناً السدس، يعني بعد أن تستقر الدية بمضي خمسين يمين ممن استعجل من الورثة يحلف خمسين يميناً، نعم بقدر إرثه، يرث بقدر إرثه السدس من الخمسين، إذا قسمنا خمسين على ستة، تسعة، نعم، تسعة، يجبر الكسر "فمن حلف استحق من الدية، ومن نكل بطل حقه" جاء أخ لأم قال: والله ما أنا بحالف، قلنا: مالك شيء من الدية، جاء ولده قال: والله أنا با تورع عن اليمين، أنا ما حضرت ولا..، قلنا: ليس لك شيء من الدية، لا تستحق شيء من الدية "ومن نكل بطل حقه، وإن كان بعض الورثة غائباً أو صبياً لم يبلغ، حلف الذين حضروا خمسين يميناً، واستحقت الدية" لكن يحجر نصيب الغائب حتى يأتي ويحلف، ويبلغ الصغير حتى إذا بلغ حلف فاستحق نصيبه "وإن كان بعض الورثة غائباً أو صبياً لم يبلغ حلف الذين حضروا خمسين يميناً، فإن جاء الغائب بعد ذلك أو بلغ الصبي الحلم حلف كل منهما" يحلفون على قدر حقوقهم من الدية، وعلى قدر مواريثهم منها.
"قال يحيى: قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت".
نعم.
أحسن الله إليك.
باب: القسامة في العبيد
قال يحيى: قال مالك: الأمر عندنا في العبيد أنه إذا أصيب العبد عمداً أو خطأ، ثم جاء سيده بشاهد حلف مع شاهده يميناً واحدة، ثم كان له قيمة عبده، وليس في العبيد قسامة في عمد ولا خطأ، ولم أسمع أحداً من أهل العلم قال ذلك.
قال مالك: فإن قتل العبد عبداً عمداً أو خطأ لم يكن على سيد العبد المقتول قسامة ولا يمين، ولا يستحق سيده ذلك إلا ببينة عادلة، أو بشاهد، فيحلف مع شاهده.
قال يحيى: قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت.
نعم، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: القسامة في العبيد
القسامة في العبيد كأن الترجمة فيها إثبات للقسامة في العبيد، وإن كان الواقع في كلام الإمام -رحمه الله تعالى- خلاف ذلك، وأنه لا قسامة في العبيد؛ لأنه في الأصل حكمه حكم السلع التي تباع وتشترى، فإذا أتلفت السلعة فيها قسامة؟ لا، فيها البينة على المدعي، واليمين على من أنكر، وهكذا حكم العبيد.
"قال يحيى: قال مالك: الأمر عندنا في العبيد أنه إذا أصيب العبد عمداً أو خطأ، ثم جاء سيده بشاهد حلف مع شاهده يميناً" يعني كما لو حلف على دين في ذمة زيد من الناس، وأتى ببينة بشاهد، يحلف مع الشاهد يميناً ليكمل هذه البينة الناقصة، ثم كان له قيمة عبده، وليس في العبيد قسامة في عمد ولا خطأ، يعني مثل ما ذكرنا أن أحكام العبيد أحكام السلع "ولم أسمع أحداً من أهل العلم قال ذلك" يعني لو افترضنا أن العبد قتله عبد، يعني مع التكافؤ ألا يقتل به؟ يقتل به، والعبد بالعبد، هل نقول: إنه في هذه الصورة حكمها حكم السلع أو حكم الأحرار؟ لأن فيه قود، إطلاق الإمام "ولم أسمع أحداً من أهل العلم قال ذلك" "وليس في العبيد قسامة في عمد ولا خطأ، ولم أسمع أحداً من أهل العلم قال ذلك" يعني مقتضى كلام مالك أنه ولو كان القاتل عبداً.
"قال مالك: فإن قتل العبد عمداً أو خطأ لم يكن على سيد العبد المقتول قسامة ولا يمين، ولا يستحق سيده ذلك إلا ببينة عادلة" البينة على المدعي، واليمين على من أنكر، أتى ببينة كاملة استحق قيمة العبد، أتى ببينة ناقصة كمل باليمين على ما تقدم "إلا ببينة عادلة أو بشاهد فيحلف مع شاهده".
"قال يحيى: قال مالك: وهذا أحسن ما سمعت" نعم.
والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.