كتاب البيوع (16)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
طالب: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ بَيْعِ المُزَابَنَةِ، وَهِيَ بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، وَبَيْعُ الزَّبِيبِ بِالكَرْمِ، وَبَيْعُ العَرَايَا. قَالَ أَنَسٌ: «نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عَنِ المُزَابَنَةِ، وَالمُحَاقَلَةِ».
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قال: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، قَالَ: «لاَ تَبِيعُوا التَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهُ، وَلاَ تَبِيعُوا التَّمَرَ بِالتَّمْرِ»".
التمر أم الثمر؟
طالب: التمر. ما هو يا شيخ؟
الثمر، الأول: لا تبع الثمر حتى يبدو صلاحه.
طالب: والثاني؟
لا تبيعوا الثمر بالتمر. التمر الجاف والثمر الرطب، والثمر الأول أعم من أن يكون تمرًا أو عنبًا.
طالب: ..........
بدو الصلاح في التمر أن يحمار أو يصفار، وفي العنب أن يتموه حلوًا، وفي... كل نوع له صلاحه.
طالب: الحديث حديث أنس يا شيخ في البخاري التمر.
على كل حال هذا الذي عندنا ما فيه إشكال معناه صحيح؛ لأن الثمر يشمل التمر وغير التمر، يشمل العنب. وبدو الصلاح كما قال أهل العلم: إذا احمار أو اصفار، هذا بالنسبة للتمر، وللعنب أن يتموه حلوًا.
طالب:.........
ماذا؟
طالب: .......... عن العرايا.
قال سالم.
طالب: "قَالَ سَالِمٌ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، رَخَّصَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي بَيْعِ العَرِيَّةِ بِالرُّطَبِ، أَوْ بِالتَّمْرِ، وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي غَيْرِهِ».
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- نَهَى عَنِ المُزَابَنَةِ»، وَالمُزَابَنَةُ: اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلاً، وَبَيْعُ الكَرْمِ بِالزَّبِيبِ كَيْلاً.
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الحُصَيْنِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، نَهَى عَنِ المُزَابَنَةِ، وَالمُحَاقَلَةِ»، وَالمُزَابَنَةُ اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ". يصح هذا يا شيخ؟
أيش هو؟
طالب: اشتراء الثمر بالتمر.
نعم، الرطب بالجاف.
طالب: أليس هو اشتراء التمر بالتمر؟
الثمر الرطب.
طالب: أليس الأولى أن يقال: الثمر؟
التمر وأيش يطلق عليه؟
طالب: الرطب.
لا، التمر الجاف والثمر الرطب. أما تمر جاف بجاف فما فيه إشكال مع التساوي، لكن ولو وجد التساوي لا يجوز بيع الرطب بالجاف.
طالب: هذا واضح، لكن العرية يا شيخ؟
هذه مستثناة، العرية.
طالب: نعم، هو الآن ..........
ستجيء العرية هذه، ما هي بتبع العرية ذي، هذه داخلة في حيز المنع.
طالب: المزابنة.
نعم.
طالب: "حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قال: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عَنِ المُحَاقَلَةِ، وَالمُزَابَنَةِ». حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، قال: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ-: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أَرْخَصَ لِصَاحِبِ العَرِيَّةِ أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا»".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد،
فيقول المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ بَيْعِ المُزَابَنَةِ" والمزابنة مأخوذة من الزبن، وهو الدفع؛ لأن كل واحد يدفع صاحبه ليستقر البيع أو ليبيعه أو لأمر ما.
المقصود أن معناها هي ما فسره بها المؤلف بقوله: "وَهِيَ بَيْعُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، وَبَيْعُ الزَّبِيبِ بِالكَرْمِ" يعني بيع الرطب باليابس. "وَبَيْعُ العَرَايَا" يعني حكم بيع العرايا يعني مستثناة من المزابنة إلا العرايا؛ لأنها مستثناة كما سيأتي. "وَبَيْعُ العَرَايَا" يعني ما حكم بيع العرايا؟ ما حكمه؟
"قَالَ أَنَسٌ: «نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عَنِ المُزَابَنَةِ، وَالمُحَاقَلَةِ»" المزابنة كما هي مفسرة في الترجمة: بيع الثمر بالتمر، لا يجوز بيع الرطب باليابس؛ لأنه لا يمكن أن تتحقق المساواة لا بكيل ولا بوزن؛ لأن الرطب ثقيل، والجاف خفيف، فإذا بعنا الرطب باليابس حينئذٍ لا يمكن أن تتحقق المزابنة، وكذلك العنب والزبيب.
قال: "حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، قال: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قال: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، قَالَ: «لاَ تَبِيعُوا الثَّمَرَ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهُ»" الثمر يعني على رءوس النخل وهو أخضر صغير، قبل أن يبدو صلاحه بأن يحمار أو يصفار ويتلون، لا يجوز بيعه؛ لأنه لا تؤمن عليه العاهة، وحد بالنسبة للنجوم حتى يطلع النجم وهو الثريا، إذا طلع النجم بإذن الله أمن العاهة، وإذا تلون كذلك بدا صلاحه.
"«وَلاَ تَبِيعُوا التَّمَرَ بِالتَّمْرِ»" لما تقدم؛ لأنه لا يمكن أن تتحقق فيه المساواة المطلوبة لبيع الجنس بالجنس.
"قَالَ سَالِمٌ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، رَخَّصَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي بَيْعِ العَرِيَّةِ بِالرُّطَبِ، أَوْ بِالتَّمْرِ، وَلَمْ يُرَخِّصْ فِي غَيْرِهِ»"، العرية أن تكون عند الشخص الذي لا نخل عنده، عنده باقٍ من تمره الذي ادخره من العام الماضي يبقى تمر جاف، فيحتاج إلى تمر رطب يقتاته هو وأسرته مع الناس، ولا يكون لديه ما يشتري به من النقود، وإذا باع هذا التمر ظُلم فيه، ولم يأتِ بسعر مناسب، رُخص للعرية أن يشتري بهذا التمر الجاف من الثمر الرطب على رءوس النخل إرفاقًا لا من باب المعاوضة التي يشترط فيها ما يشترط في الربويات، وإنما هو إرفاق بهذا المسكين في خمسة أوسق فما دون، ولم يرخص في غيره.
قال: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ" التنيسي، "قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ" الإمام، "عَنْ نَافِعٍ" مولى ابن عمر، "عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- نَهَى عَنِ المُزَابَنَةِ»، وَالمُزَابَنَةُ: اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلاً، وَبَيْعُ الكَرْمِ بِالزَّبِيبِ كَيْلاً"، الأصل أن مثل هذا ممنوع؛ لأنه لا يمكن أن يتحقق به المساواة، لكن إرفاقًا بالمحتاجين والفقراء والمساكين رُخص في ذلك؛ لأنه مثلما قلنا: ليس عندهم إلا هذا التمر وليس عندهم ما يشترون به، وإذا قيل لهم: بيعوا هذا واشتروا به ثمرًا رطبًا يمكن أن يغلبوا بائعين من شاريين، يغلبون في البيع، ويغلبون في الشراء.
طالب: ..........
بيع الكرم بالزبيب، إذا كان على رءوس النخل خرص.
قال: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، قال: أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ الحُصَيْنِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم-، نَهَى عَنِ المُزَابَنَةِ»" تقدم ذكرها، "«وَالمُحَاقَلَةِ»، وَالمُزَابَنَةُ اشْتِرَاءُ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ"، والمحاقلة والمزارعة والمخابرة سيأتي ذكرها.
قال: "حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ" ابن مسرهد، "قال: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ" محمد بن خازم الضرير، "عَنِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عَنِ المُحَاقَلَةِ، وَالمُزَابَنَةِ»". ،
ثم قال: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، قال: حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ-: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- أَرْخَصَ لِصَاحِبِ العَرِيَّةِ أَنْ يَبِيعَهَا بِخَرْصِهَا»"، العرية مثلما ذكرنا: يأتي المحتاج وعنده تمر باقٍ من تمر سابق وجاف، فيشتري به ثمرًا رطبًا على رءوس النخل كيلًا بالتقدير يعني، وعلى رءوس النخل يكون بالخرص، والخرص شرعي. ومنهم من فسر العرية بالعكس: يُعري أو يُهدي صاحب النخل لمحتاج نخلة أو نخلتين أو ثلاثًا أو خمسًا، ثم يتضرر بدخول هذا المعرى أو الموهوب، يتضرر بدخوله؛ لأن بعض الناس ما يصير حكيمًا، وبعضهم قد يكون لئيمًا، يتضرر صاحب البستان، صاحب النخل من كثرة تكرار دخول هذا الرجل، وقد يكون فيه شيء من اللؤم فيتوقع ويتوخى وقت جلوس هذا الرجل وأولاده في مزرعته، فيدخل عليهم بحجة أنه يريد أن يجني من هذا النخل، فإذا تضرر يعطيه مكانه أو يشتري منه، هذا الذي أعطاه ووهبه له بتمر آخر مما هو مجذوذ على الأرض. هذا مما قيل في العرية.
طالب: ..........
المكنوز غير الجاف المبثوث؛ لأنه يمكن .......... المساواة، ما يمكن أن تتم المساواة. يدخل في النهي؛ لعدم المساواة؛ لأن المكنوز يُستغل فيه كل جزء من أجزاء الصاع إذ ما فيه فواصل بين التمر، لكن المبثوث هذا وإن كان جافًّا ففيه فراغات. ولذلك لو جئت بصاع مكنوز وصاع مبثوث ووزنتهما وجدت فرقًا.
طالب:.........
لا، إذا اشترى هذا بالدراهم.
طالب:.........
نعم؟
طالب:.........
لا ليس تبادلًا، لا، تبيع هذا ثم تشتري.
نعم.
طالب: قال الكرماني -رحمه الله-: ("باب بيع المزابنة". قوله: "المزابنة" هي مشتقة من الزبن بالزاي والموحدة والنون وهو الدفع ومر تحقيقه آنفًا. قوله: "بيع الثمر" بالمثلثة، "بالتمر" بالفوقانية، ومعناه الرطب بالتمر، وليس المراد كل الثمار، فإن سائر الثمار يجوز بيعها بالتمر).
إذا اختلفت هذه الأجناس يجوز البيع؛ لأنه لا تشترط المساواة.
طالب: (و"المحاقلة" بالمهملة، والقاف من الحقل وهو الزرع وموضعه، وهي بيع الحنطة في سنبلها بحنطة صافية، وقيل: هي بيع الزرع قبل إدراكه).
وإدراكه يكون باشتداده، إذا اشتد جاز بيعه.
طالب: (قالوا: حرم المزابنة والمحاقلة؛ لأنه لا يحل بيع شيء من المكيل والموزون إذا كانا من جنس واحد إلا مثلاً بمثل، قال الخطابي: المحاقلة بيع الزرع القائم في الأرض بالحب اليابس؛ وذلك لأن معرفة التماثل فيها متعذر، واستثني العرية من المزابنة؛ لحاجة الناس إليها.
قال: والعرية ما أُعري من جملة المزابنة ووقع حكمها معرى عن التحريم، قال النووي: لفظ «بالرطب» فيه دلالة لأحد أوجه أصحابنا: أنه يجوز بيع الرطب على النخل بالرطب على الأرض. والأصح عند الجمهور بطلانه، ويؤولون هذه الرواية على أن أو للشك لا للتخيير، فمعناه رخص في بيعها بأحد النوعين، وشك فيه الراوي، فيحمل على أن المراد التمر كما صرح به في سائر الروايات.
قال: والعرايا جمع العرية، مشتقة من العرى وهو التجرد؛ لأنها عريت من حكم باقي البستان، قال الجمهور: هي فعلية بمعنى مفعولة من عراه يعروه إذا أتاه وتردد إليه، قال: وهي بحسب الاصطلاح أن تخرص نخلات بأن رطبها إذا جف يكون ثلاثة أوسق مثلاً فيبيع ثلاثة أوسق من التمر، وكذا في الكروم).
تخرص نخلات، ما تخرصها وهي على هيئتها وحالها، تخرصها في مآلها، في مآلها إذا جفت كم تكون؟
طالب: (قوله: "داود بن الحصين" بضم المهملة الأولى وبفتح الثانية وسكون التحتانية وبالنون مولى عمرو بن عثمان بن عفان، مات سنة خمس وثلاثين ومائة، و"أبو سفيان" قال الحاكم: لا يعرف اسمه، وقال الكلاباذي: اسمه قزمان بضم القاف وسكون الزاي مولى عبد الله بن أبي أحمد بن جحش بفتح الجيم وسكون المهملة وبالمعجمة المدني. قوله: "أبو معاوية" هو محمد الضرير، "والشيباني" منسوب إلى ضد الشباب سليمان تقدمَا).
ضد الشباب، يعني من الشيب ضد الشباب، وهذا مثلما قدمنا مرارًا أنهم يضبطون بمثل هذا، بالضد وبالمماثلة.
طالب: (قوله: «بخرصها» بفتح الخاء مصدر وبكسرها اسم للشيء المخروص، ومعناه بقدر ما فيها إذا صارا تمرًا).
طالب: "بَابُ بَيْعِ الثَّمَرِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ بِالذَّهَبِ أَوِ الفِضَّةِ.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَطِيبَ، وَلاَ يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهُ إِلَّا بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، إِلَّا العَرَايَا».
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا، وَسَأَلَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الرَّبِيعِ: أَحَدَّثَكَ دَاوُدُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: «أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- رَخَّصَ فِي بَيْعِ العَرَايَا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، أَوْ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ؟» قَالَ: نَعَمْ.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ: سَمِعْتُ بُشَيْرًا، قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، وَرَخَّصَ فِي العَرِيَّةِ أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا، يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا»، وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً أُخْرَى: إِلَّا أَنَّهُ رَخَّصَ فِي العَرِيَّةِ يَبِيعُهَا أَهْلُهَا بِخَرْصِهَا يَأْكُلُونَهَا رُطَبًا، قَالَ: هُوَ سَوَاءٌ، قَالَ سُفْيَانُ: فَقُلْتُ لِيَحْيَى وَأَنَا غُلاَمٌ إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يَقُولُونَ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- رَخَّصَ فِي بَيْعِ العَرَايَا، فَقَالَ: وَمَا يُدْرِي أَهْلَ مَكَّةَ؟ قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَرْوُونَهُ عَنْ جَابِرٍ، فَسَكَتَ، قَالَ سُفْيَانُ: إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنَّ جَابِرًا مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ، قِيلَ لِسُفْيَانَ: وَلَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهُ؟ قَالَ: لاَ".
يقول المؤلف -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ بَيْعِ الثَّمَرِ عَلَى رُءُوسِ النَّخْلِ بِالذَّهَبِ" لا إشكال، ولا يوجد ما يمنع من ذلك بعد أن يبدو صلاحه، شريطة أن يبدو صلاحه. وأما ما يتداوله الناس من التأجير فهو في الحقيقة بيع وليس بتأجير؛ لأن العين المؤجرة ترد كما هي. تأجير النخل، النخل ما يرد كما هو، يؤخذ ثمره ويباع، وهو في الحقيقة تحايل على بيع قبل بدو صلاحه، يأتي فيستأجر هذا الفستان، تُستأجر، وهو حقيقته التوصل إلى بيع التمر قبل بدو صلاحه وإن سموه بتأجير. وأما بيعه بالذهب والفضة فلا بد أن يبدو صلاحه.
طالب:.........
استأجر النخل وهو الذي تولاه، المستأجر هو الذي تولاه، هو الذي لقحه وسقاه وتولى أمره، استأجر هذه النخلة ليستنبتها، هذا قصدك، ويستأجر هذه الدابة ليستولدها، يجوز أم لا يجوز؟ لكن الكلام على الثمر الذي تولاه صاحبه لا يجوز له أن يبيعه حتى يبدو صلاحه ولو سماه تأجيرًا.
طالب:.........
لا، إذا اشتري الثمر تبعًا للنخل فلا بأس؛ لأن البيع يكون للكل
طالب:.........
قبل وبعد، إذا كان البيع على البستان كله. لا في التأجير قبل أن يلقح، إذا كان يريد أن يستأجر النخلة لتثمر له قبل أن يلقحه، أما بعد أن يلقحها فثمرتها تكون لصاحبها، ولا يجوز له حينئذٍ أن يبيعها حتى يبدو صلاحه.
طالب: يصبح عرض تجارة؟
أيها؟
طالب: ..........
مستأجر، هذا أجر هذه المزرعة على فلان، وفلان هو الذي لقحها وهو الذي سقاها.
طالب: ..........
ماذا؟
طالب: الزكاة؟
الزكاة؟
طالب: نعم.
هي زروع وثمار، فإما أن يكون فيها العشر أو نصفه ..........
طالب: تصبح عرض تجارة الآن بالتأجير.
نعم.
طالب: .......... الآن أجر ..........
الذي يدفع الزكاة هو صاحب الثمر.
طالب: أو صاحب الأرض ..........
صاحب الأرض على الأجرة، يزكي الأجرة، لكن المستثمر المستأجر يزكي الثمرة {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141].
قال: "حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، قال: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَطَاءٍ، وَأَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-، قَالَ: «نَهَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَطِيبَ، وَلاَ يُبَاعُ شَيْءٌ مِنْهُ إِلَّا بِالدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ، إِلَّا العَرَايَا»".
يعني لا يباع بتمر بدله ما دام ثمرًا فإنه لا يجوز أن يباع بتمر كما تقدم، إنما يباع بالدراهم والدنانير لا بأس سواء كان رطبًا أو يابسًا.
قال: "حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ مَالِكًا، وَسَأَلَهُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الرَّبِيعِ: أَحَدَّثَكَ دَاوُدُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ" أبو سفيان هو الذي تقدم ابن أبي أحمد، "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: «أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- رَخَّصَ فِي بَيْعِ العَرَايَا فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، أَوْ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ؟» قَالَ: نَعَمْ" وهي التي ذكرناها، فإما أن يكون في حال الشراء من قبل المحتاج فقير أو في حال البيع من قبل صاحب المزرعة متضرر من دخول هذا المعرى، على التفسيرين في خمسة أوسق ما دون دفعًا للضرر.
قال: "حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ" وهو المعروف بابن المديني، "قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ" ابن أبي عيينة، "قَالَ: قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ" وهو الأنصاري، "سَمِعْتُ بُشَيْرًا" وهو ابن سعد، "قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ، وَرَخَّصَ فِي العَرِيَّةِ أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا، يَأْكُلُهَا أَهْلُهَا رُطَبًا»، وَقَالَ سُفْيَانُ مَرَّةً أُخْرَى: إِلَّا أَنَّهُ رَخَّصَ فِي العَرِيَّةِ يَبِيعُهَا أَهْلُهَا بِخَرْصِهَا يَأْكُلُونَهَا رُطَبًا، قَالَ: هُوَ سَوَاءٌ، قَالَ سُفْيَانُ: فَقُلْتُ لِيَحْيَى وَأَنَا غُلاَمٌ إِنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يَقُولُونَ: إِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- رَخَّصَ فِي بَيْعِ العَرَايَا، فَقَالَ: وَمَا يُدْرِي أَهْلَ مَكَّةَ؟ قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَرْوُونَهُ عَنْ جَابِرٍ، فَسَكَتَ، قَالَ سُفْيَانُ: إِنَّمَا أَرَدْتُ أَنَّ جَابِرًا مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ، قِيلَ لِسُفْيَانَ: وَلَيْسَ فِيهِ نَهْيٌ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلاَحُهُ؟ قَالَ: لاَ".
استدراكه لجابر، وأنه من أهل المدينة هم الأقرب والألصق به -عليه الصلاة والسلام- والأكثر اطلاعًا على أقواله.
طالب: ..........
وليس فيه نهي.
طالب:.........
قيل لسفيان. يعني قال له بعض الحاضرين. يعني حذف الفاعل أغراضه متعددة، ما هو بالتمريض ما هو في سياق إثبات أو نفي.
طالب: (قوله: "أبو الزبير" بضم الزاي وفتح الموحدة محمد بن مسلم بن تدرس بلفظ مخاطب مضارع الدرس مر في باب من شكا إمامه. قوله: «حتى يطيب» أي طعمه، والغرض منه حتى يبدو صلاحه، و«منه» أي من الطيب.
قوله: "عبد الله بن الربيع" ضد الخريف، و"الأوسق" جمع الوسق بفتح الواو وكسرها، وهو ستون صاعًا، والصاع خمسة أرطال وثلث، قال الشافعي: الأصل تحريم بيع المزابنة، وجاءت العرايا رخصة، والراوي شك في الخمسة، فوجب الأخذ باليقين وطرح المشكوك فبقيت الخمسة على التحريم الذي هو الأصل).
فيكون فيما دون الخمسة.
طالب: (قوله: "بشير" بضم الموحدة وفتح المعجمة وسكون التحتانية، "ابن يسار" ضد اليمين المدني، مر في كتاب الوضوء، في باب من مضمض من السويق، و"سهل بن أبي حثمة" بفتح المهملة وسكون المثلثة عبد الله بن ساعدة الأنصاري، روي له خمسة وعشرون حديثًا للبخاري منها ثلاثة.
قوله: «أن تباع» هو بدل من العرية، و«رطبًا» بضم الراء وفي بعضها بفتحها وهو متناول للعنب أيضًا، فيشمل نوعي العرية كليهما.
فإن قلتَ: أهل النخلة هم البائعون لا المشتري، والآكل هو المشتري لا البائع؟ قلتُ: الضمير في «يأكلها أهلها» راجع إلى الثمار التي يدل عليها الخرص، وأهل الثمار هم المشترون. قوله: "هو سواء" أي هذا القول مثل القول الأول سواء بلا تفاوت بينهما إذ الضمير المنصوب في «يأكلونها» عائد إلى الثمار كما في الأول، والمرفوع إلى أهل المخروص فحاصلهما واحد، ويحتمل واحد، يحتمل أن يراد بسواء المساواة بين التمر والرطب على تقدير الجفاف.
قوله: "سفيان" وهو ابن عيينة المكي، "ليحيى" ابن سعيد الأنصاري، والمقصود من هذا الكلام أن الحديث يدور على أهل المدينة. قوله: "فيه" أي في هذا الحديث، والقائل بلفظ قيل هو علي بن عبد الله المديني).
تفسير العرايا.
طالب: "بَابُ تَفْسِيرِ العَرَايَا. وَقَالَ مَالِكٌ: العَرِيَّةُ: أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ النَّخْلَةَ، ثُمَّ يَتَأَذَّى بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ، فَرُخِّصَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِتَمْرٍ، وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ: العَرِيَّةُ لاَ تَكُونُ إِلَّا بِالكَيْلِ مِنَ التَّمْرِ يَدًا بِيَدٍ، لاَ يَكُونُ بِالْجزَافِ، وَمِمَّا يُقَوِّيهِ قَوْلُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: بِالأَوْسُقِ المُوَسَّقَةِ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي حَدِيثِهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: كَانَتِ العَرَايَا أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ فِي مَالِهِ النَّخْلَةَ وَالنَّخْلَتَيْنِ، وَقَالَ يَزِيدُ: عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ: العَرَايَا نَخْلٌ كَانَتْ تُوهَبُ لِلْمَسَاكِينِ، فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَنْتَظِرُوا بِهَا، رُخِّصَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهَا بِمَا شَاءُوا مِنَ التَّمْرِ.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ مُقَاتِلٍ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قال: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ-: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- رَخَّصَ فِي العَرَايَا أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا كَيْلاً»، قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: وَالعَرَايَا نَخَلاَتٌ مَعْلُومَاتٌ تَأْتِيهَا فَتَشْتَرِيهَا".
يقول -رَحِمَهُ اللهُ تعالى-: "بَابُ تَفْسِيرِ العَرَايَا. وَقَالَ مَالِكٌ: العَرِيَّةُ: أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ النَّخْلَةَ" يعني يعيره إياها بثمنها يستفيد منها يأكل من ثمرها ويهديه هذا الثمر، تكون النخلة عارية، والثمر يستفيد منه المعرى، "ثُمَّ يَتَأَذَّى بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ" وقت جلوس صاحب البستان يدخل عليه هذا الرجل بحجة أن له نخلة يريد أن يأخذ منها ما يأكل، "فَرُخِّصَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِتَمْرٍ" ليتخلص من هذا.
"وَقَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ" وهو الإمام محمد بن إدريس الشافعي -رحمه الله-: "العَرِيَّةُ لاَ تَكُونُ إِلَّا بِالكَيْلِ مِنَ التَّمْرِ يَدًا بِيَدٍ" يعني إذا رُخص في عدم المساواة للفرق بين الرطب واليابس فإنه لا يرخص في التقابض، "لاَ يَكُونُ بِالْجزَافِ" إنما يكون بالخرص، "وَمِمَّا يُقَوِّيهِ قَوْلُ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ: بِالأَوْسُقِ المُوَسَّقَةِ" يعني بالكيل، الوسق ستون صاعًا، والصاع مكيل، "وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي حَدِيثِهِ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: كَانَتِ العَرَايَا أَنْ يُعْرِيَ الرَّجُلُ فِي مَالِهِ النَّخْلَةَ وَالنَّخْلَتَيْنِ" ثم يتضرر ويتأذى ثم يعطيه مكانها يابسًا ، أو على التفسير الأول. "وَقَالَ يَزِيدُ: عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ: العَرَايَا نَخْلٌ كَانَتْ تُوهَبُ لِلْمَسَاكِينِ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَنْتَظِرُوا بِهَا، رُخِّصَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهَا" لأنهم هم المتضررون، المساكين يتضررون بالانتظار، فيبيعونها بتمر جاهز يأكلونه في وقته، "رُخِّصَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهَا بِمَا شَاءُوا مِنَ التَّمْرِ".
"حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ مُقَاتِلٍ، قال: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ، قال: أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ-: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم- رَخَّصَ فِي العَرَايَا أَنْ تُبَاعَ بِخَرْصِهَا كَيْلاً»، قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: وَالعَرَايَا نَخَلاَتٌ مَعْلُومَاتٌ تَأْتِيهَا فَتَشْتَرِيهَا".
على ما تقدم.
طالب: (قوله: "يُعري" أي يجرد الرجل للرجل نخلة من نخلات بستانه ويعطيها له، ثم يتأذى الواهب بدخوله عليه، فرخص للواهب أن يشتريها منه، وقد يقال: أعريت الرجال النخلة إذا أطعمتَه الثمرة، يعروها أي يأتيها متى شاء. قال التيمي: ذهب مالك إلى أن المراد منها أن الرجل إذا وهب نخلة لرجل وشق عليه دخول المتهب إلى البستان جاز له أن يشتري من المتهب الرطب الذي على النخلة التي وهبها منه بالتمر، ولا يجوز لغيره، وهو تخصيص، والحال أن اللفظ عام، وأبو حنيفة إلى أنها هو أن يهب رجل ثمر نخلة ويشق عليه تردد الموهوب إليه إلى بستانه فكره أن يرجع في هبته فيدفع إليه بدلها تمرًا ويكون هذا في معنى البيع لا لأنه بيع حقيقة، ولفظ الأحاديث صريح في أنها بيع، وحاصلة أن الإمامين خالفا ظاهر الألفاظ) يعني مالكًا وأبا حنيفة.
طالب: (قوله: "ابن إدريس" هو الإمام محمد بن إدريس الشافعي المطلبي، قال البيهقي: أراد البخاري بابن إدريس الشافعي حيث قال: والعرية لا تكون إلا بالكيل أي لا بد أن يكون معلوم القدر، إذ لا بد من العلم بالمساواة، "ويدا بيد" أي لا بد من التقابض في المجلس. قوله: "بالجزاف" بضم الجيم وفتحها وكسرها هو مما يقوي كونه مكيلاً معلوم المقدار. فإن قلتَ: ما فائدة ذكر الموسقة؟ قلتُ: التوكيد كقوله تعالى {وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ} [آل عمران: 14]، وكقولهم: ألوف مؤلفة.
قوله: "ابن إسحاق" هو محمد بن إسحاق بن يسار، "ويزيد" من الزيادة ابن هارون أحد الأعلام مر في كتاب الوضوء في باب التبرز، "وسفيان بن حسين" الواسطي من تابعي التابعين.
قوله: "ينتظروا" أي جذاذها، والجمهور على أنه بعكس هذا، قالوا: كان سبب الرخصة أن المساكين الذين ما كان لهم نخيلات ولا نقود يشترون بها الرطب، وقد فَضلَ من قوتهم التمر، كانوا وعيالهم يشتهون الرطب، فرخص لهم اشتراء الرطب بالتمر).
هذا على المعنى الأول الذي ذكر في الأبواب الأولى.
طالب:.........
نعم، ماذا؟
طالب:.........
لكن ما عندهم ما يشترون به، ولا فضل إلا شيء يسير.
طالب: يريدون الخمسة ..........
لا لا، يكفي لمدة سنة. لو كان طعامهم التمر ما هم مثلنا تجلس الخمسة الأوسق سنتين ثلاثة؛ لأنه فضلة التمر ليس هو بأصل، لكن ما عندهم إلا هو والماء.
طالب:.........
متضررين بالانتظار، يشترون بهذه الأوسق.
طالب: (قوله: "موسى بن عقبة" بضم المهملة وسكون القاف. فإن قلتَ: كيف صح كلامه تفسيرًا للعرايا وهو صادق على كل ما يباع في الدنيا من النخيلات بأي عوض كان؟ قلتُ: غرضه بيان أنها مشتقة من عروت إذا أتيت، وترددت إليه، لا من العري الذي بمعنى التجرد، وتقدم وجوه اشتقاقها وتسميتها بها أول الباب، أو يقال: المقصود معلوم من المبحث وهو اشتراء عريِّها بالتمر، وللعلم به لم يتعرض له).
اللهم صل على محمد.