التعليق على تفسير القرطبي - سورة الأحقاف (03)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصل الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.
قال الإمام القرطبي- رحمه الله تعالى-:
قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ}.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا} الْآيَةَ تَقَدَّمَ مَعْنَاهَا. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ. والآية تعم." جزاء" نصب على المصدر."
الآية تعم؛ لأنها صدرت باسم الموصول، وهو من ألفاظ العموم، إن الذين قالوا يعم كل من قال: ربنا الله، ثم استقاموا على صراط مستقيم، وإن نزلت في أبي بكر كما قيل، لكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
"قوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }. فِيهِ سَبْعُ مَسَائِلَ:
الْأُولَى: قَوْلُهُ تَعَالَى: { وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً} بَيَّنَ اخْتِلَافَ حَالِ الْإِنْسَانِ مَعَ أَبَوَيْهِ، فَقَدْ يُطِيعُهُمَا وَقَدْ يُخَالِفُهُمَا".
يعني قد يمتثل هذه الوصية فيطيع، وقد يخالفهما كغيرهما من الأوامر بالنسبة إلى لبعض الناس فيعصي ويعق والديه.
"أَيْ فَلَا يَبْعُدُ مِثْلُ هَذَا فِي حَقِّ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَوْمِهِ حَتَّى يَسْتَجِيبَ لَهُ الْبَعْضُ وَيَكْفُرَ الْبَعْضُ. فَهَذَا وَجْهُ اتِّصَالِ الْكَلَامِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، قَالَهُ القشيري."
إذا كان الإنسان أمر بطاعة أبويه وبرهما على الرغم مما بذلاه ومحضاه من نصح وعناية، وهما السبب في وجودهما فقد يبرهما وقد يعصيهما، وهكذا الأمر بالنسبة للنبي – عليه الصلاة والسلام-مع قومه، وهو أصدق قومه لهجة وأبرهم وأنصحهم لهم، ومع ذلك قد يطاع وقد يعصى.
" الثانية: قوله تعالى:" حسنا" قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ: " حُسْنًا"، وَكَذَا هُوَ فِي مَصَاحِفِ أَهْلِ الْحَرَمَيْنِ وَالْبَصْرَةِ وَالشَّامِ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْكُوفِيُّونَ: " إِحْساناً"، وَحُجَّتُهُمْ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الأنعام وبني إسرائيل: {وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً} [الأنعام: 151]، وَكَذَا هُوَ فِي مَصَاحِفِ الْكُوفَةِ. وَحُجَّةُ الْقِرَاءَةِ الأولى قوله تَعَالَى فِي سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً} [العنكبوت: 8]، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهَا. وَالْحُسْنُ خِلَافُ الْقُبْحِ. وَالْإِحْسَانُ خِلَافُ الْإِسَاءَةِ. وَالتَّوْصِيَةُ الْأَمْرُ. وَقَدْ مَضَى الْقَوْلُ فِي هَذَا وَفِيمَنْ نَزَلَتْ".
يعني القراءة الأولى قراءة العامة" حُسنًا لها ما يؤيدها ويشهد لها مما لم يختلف فيه، والقراءة الثانية: إحسانًا بالمصدر لها أيضًا ما يؤيدها، ويشهد لها مما لا يختلف فيه، فالقراءتان جائزتان، ولكن كلٌّ يتبع قراءة إمامه.
طالب:.....
حسنًا وإحسانًا، أحسن يحسن إحسانًا، هذا المصدر، والحُسن هو اسم المصدر، هم يقولون: إن زيادة المبنى زيادة الحروف تدل على زيادة المعنى، يعني هذا في الغالب، لكن قد يكون لقلة الحروف شيء مما يدل على المبالغة كحذر مثلاً بدلاً من حاذر، فحذر أبلغ من حاذر، وغيرها من صيغ المبالغة، أما ما عداها فزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى عندهم.
طالب:....تفيد التكرار والاستمرار.
هو من هذا الباب يعني كونه على مزيد من حروفه فلا يكون زائدًا في معناه.
" الثَّالِثَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً"} أَيْ بِكُرْهٍ وَمَشَقَّةٍ. وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بِفَتْحِ الْكَافِ. وَاخْتَارَهُ أَبُو عُبَيْدٍ، قَالَ: وَكَذَلِكَ لَفْظُ الْكَرْهِ فِي كُلِّ الْقُرْآنِ بِالْفَتْحِ إِلَّا الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَة،ِ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} [البقرة: 216]؛ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْمٌ، وَهَذِهِ كُلُّهَا مَصَادِرُ."
كَرها بالفتح مصدر كره، فعل فعلاً قياس المصدر المعدل من ذي ثلاثة كرد ردًّا هذا المصدر، وأما الكره فهذا اسم المصدر.
"وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ" كُرْهًا" بِالضَّمِّ. قِيلَ: هُمَا لُغَتَانِ مِثْلُ الضُّعْفِ وَالضَّعْفِ وَالشُّهْدُ وَالشَّهْدُ، قَالَهُ الْكِسَائِيُّ، وَكَذَلِكَ هُوَ عِنْدَ جَمِيعِ الْبَصْرِيِّينَ".
قالوا: إن الضُّعف هو لغة قريش الضم، بالضم لغة قريش، وبالفتح لغة غيرهم ضَعف، {ثم جعل من بعد ضَعف}، وقريش يقولون: ضُعف، وبهما قُرئ، نعم منهم من يقول: الضُّعف البدن، والضَّعف الرأي، الضَّعف في الرأي، والضُّعف في البدن.
" وَقَالَ الْكِسَائِيُّ أَيْضًا وَالْفَرَّاءُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا: إِنَّ الْكُرْهَ (بِالضَّمِّ) مَا حَمَلَ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ، وَبِالْفَتْحِ مَا حمل على غيره، أي قهرًا وغصبًا."
إذا أكره نفسه على شيء قيل: كُره، وإذا أكره غيره قيل: كَره.
" وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ: إِنَّ كَرْهًا (بِفَتْحِ الْكَافِ) لَحْنٌ."
مع أنها قراءة العامة على ما تقدم، واختيار أبو عبيد من أئمتهم، من أئمة العربية.
طالب: أحسن الله إليك يا شيخ، مثل غُسل وغَسل يا شيخ ما يقال مثل غَسل، ما يقال غُسل الإنسان إذا أراد الغُسل.
أحيانًا تكون الدلالة الأصلية الواحدة، لكن يفرقون ليجعلوا كل لفظ له مصطلح خاص، لتفترق المصطلحات بعضها عن بعض، وإن كانت الدلالة أصلية على المعنى المراد واحد، فيفرقون بين الوُضُوء والوَضوء والغَسل والغُسل والغِسل، وهكذا.
الرَّابِعَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا حَمَلَتْ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ أَرْضَعَتْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ شَهْرًا، وَإِنْ حَمَلَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَرْضَعَتْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ شَهْرًا."
لكن هل هذا الخبر ملزم بمعنى أنه لا تجوز لا تفيد مثلاً الرضاعة بعد الحولين؛ لأن مقتضى ذلك أن حمله ستة أشهر وفصاله رضاعه سنة أربعة وعشرون شهرًا هل هذا على سبيل التحديد بمعنى أنه من حيث الحكم واضح عند جمهور أهل العلم لا يحرم بعد الحولين، لا يحرم، لكن من حيث الحكم باعتبار الوالد والوالدة إذا تنازعا، إذا طلب الوالد زيادة في إرضاعه عن السنتين أو مثلاً أرادت أمه فطامه قبل السنتين وما أشبه ذلك هذا لا شك أن هذا هو الأصل ليبقى أن السنتين أصل، مع أنه يوجد من الأطفال من يرفض الرضاعة قبل ذلك، ومنهم من يستمر على الرضاعة بعد ذلك فما خرج عن هذا الحد لا حكم له، لو حصل أن الرضيع رفض، ولو أن الأب استأجر ظئرًا أو استأجر الأم؛ لترضع ولده سنتين، ثم بعد مضي سنة رفض الطفل الرضاعة ماذا عن الأجرة في السنة الثانية هل نقول: إن هذا الأمر محدد شرعًا، والاتفاق حصل عليه، فلا يُحل أو نقول: إن المنظور في مصلحة الطفل ، نعم.
طالب: مثل لو تعطلت المستأجر ...عطل منهم واحد..
تدفع أجرة؟
طالب: لا، لا يفسخ العقد.
يفسخ.
طالب: العقد نعم.
لو صار هذا التعطل بسبب المرأة صارت المرأة تقول: أنا لا أرفض الرضاعة، واللبن موجود، لكن الولد رفض بطريقة أو بأخرى، جعل يكره الرضاعة، وهي تقول: أنا مستعدة والإجارة عقد لازم.
طالب: إذا .... بسببها فلا تستحق.
إذا كان بسببها فلا تستحق بلا شك، لكن جعل يذكر شيئًا من هذه المسائل مع أنه تقدم، تقدم الكلام في مسائل الرضاع في البقرة {والوالدات يرضعن أولادهن}.
طالب: سلام عليكم هل يقال: رضاع الحولين حق من حقوق الولد.
نعم من حقه، نعم من حقه على أبويه أن يرتضع حولين كاملين.
طالب: ولا ينبغي التقصير.
لأن التقصير ليس بوارد ليبقى أنه إذا رفض مثلاً ما يلزم إلا إذا كان يتضرر بذلك فيكون كالدواء، كالعلاج.
طالب: أحيانًا- وهذا كثير- تلجأ الأم إلى الحليب الصناعي.
هذا هو الواقع الآن ما نستطيع أن نغيره، الكلام على الأصل، الأحكام مرتبطة بالأصل.
طالب: هل هذا يا شيخ يعد تقصيرًا في حق الولد أنه من حق الولد على والديه أن يتم رضاعه.
هذا الأصل أنه يرضع رضاعة طبيعية، لكن إذا وجدت وتضافرت الأسباب على انقطاع الرضاعة الطبيعية في مدة يسيرة، وجرى الناس على هذا، والأسباب خارجة عن اليد مع بذل الأسباب فلا تكلف شيئًا.
طالب: الكلام على أنه فيه إمكانية الرضاعة، فيه دواعي منع الحمل أو دواعي كذا تعبت، يعني أقصد يا شيخ.... أحسنت إليه.
الكلام على التحديد المذكور في النص هل هو على سبيل الإلزام أو لا؟ يعني حق الولد على والديه أن يرتضع من أمه أو من غيرها رضاعًا ينفعه نفعًا كرضاعة أمه، كرضاع أمه، سواء كان من لبن أمه أو من غيرها، وجرت العادة باستئجار المرضعات، والنبي– عليه الصلاة والسلام- رضع في بني سعد، مثل هذا يكفي لو صار هناك مشادة بين الأم والأب لا يضار الولد، ولا يضار الوالد، ولا الأم، نعم.
طالب: {وإن تعاسرتم} الآية {وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى}.
نعم إن تعاسرتم، فإذا حدثت المعاسرة بما لم يتعين على الأم الرضاع بحيث لا يوجد غيرها، أو لا يقبل ثدي غيرها فإنه حينئذ يلزمها.
"وَرُوِيَ أَنَّ عُثْمَانَ قَدْ أُتِيَ بِامْرَأَةٍ قَدْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَأَرَادَ أَنْ يَقْضِيَ عَلَيْهَا بِالْحَدِّ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً}، وَقَالَ تَعَالَى {وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ} [البقرة: 233]، فَالرَّضَاعُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ شَهْرًا وَالْحَمْلُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، فَرَجَعَ عُثْمَانُ عَنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يَحُدَّهَا. وَقَدْ مَضَى فِي" الْبَقَرَةِ". وَقِيلَ: لَمْ يَعُدَّ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ فِي ابْتِدَاءِ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ فِيهَا نُطْفَةٌ وَعَلَقَةٌ وَمُضْغَةٌ فَلَا يَكُونُ لَهُ ثِقَلٌ يُحَسُّ بِهِ."
يعني ما في البطن ما يستحق أن يسمى حملاً، ويُحمل، ومحمول به، ولا يحس به أصلاً في الثلاثة أشهر الأولى كأنه لم يعد، لم تعد هذه المدة، فعدوا من الحمل الستة أشهر التي يحس فيها الحمل، نعم.
" وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ} [الأعراف: 189]. وَالْفِصَالُ الْفِطَامُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي " لُقْمَانَ" الْكَلَامُ فِيهِ. وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَيَعْقُوبُ وَغَيْرُهُمَا: " وَفَصْلُهُ" بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الصَّادِ. وَرُوِيَ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، وَكَانَ حَمْلُهُ وَفِصَالُهُ فِي ثَلَاثِينَ شَهْرًا، حَمَلَتْهُ أُمُّهُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ وَأَرْضَعَتْهُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ شَهْرًا."
هذا الكلام الذي قيل في أبي بكر –رضي الله عنه- يمكن أن يتصور في جميع الناس، يتصور إذا كان الحمل تسعة أشهر، والفصال يمكن أن يتم خلال واحد وعشرين شهرًا؛ لأنه بعد هذه المدة يمكن أن يطعم، ولا هناك فرق واضح بين الواحد والعشرين، والأربعة والعشرين شهرًا. مثل هذا، يعني كونه في أبي بكر حملته أمه تسعة أشهر، وأرضعته إحدى وعشرين شهرًا، كثير من الأمهات تفطم قبل ذلك، فلا يكون هناك مزية وخصيصة يمكن أن يذكر بسببها.
وهل يختلف الحكم فيما إذا أرضعته الأم أربعة وعشرين شهرًا أو عشرين أو أقل من ذلك أو أكثر، تكون هذه خصيصة للولد أو ميزة يمكن أن يذكر بسببها؟ بعضهم يذكر أن من يرفض رضاع غير أمه أن هذا دليل على ذكائه؛ لأنه لا يريد إلا الأم؛ لأنه يميز بين لبن الأم ولبن غيرها، وهذا موجود من يرفض أن يرتضع من غير أمه، والناس يقولون: علامات ذكاء، وعلامات نبوغ، والنبي– عليه الصلاة والسلام- رضع من غير أمه إلا أن يقال: إن حال النبي – عليه الصلاة والسلام- حال ضرورة؛ لأنه لابد أن يرتضع؛ لعدم وجود الأم، الأم موجودة.
طالب: موجودة.
موجودة نعم، الذي مات والنبي – عليه الصلاة والسلام- حمل الأب، والأم استمرت، عاشت بعد ذلك، ومع ذلك بعث، وهذه طريقة عند العرب حتى بعد الإسلام، يبعثون أولادهم؛ ليرتضعوا في القبائل المعروفة بالكرم والشجاعة، لذلك يكرهون أن يرتضع الولد ممن اتصف باللؤم والجبن والبخل وما أشبه ذلك، فيطلبون لأولادهم الرضاعة من أناس عرفوا بكريم الصفات والخلال.
طالب: السلام عليكم.
وعليكم السلام.
طالب: أمر بالإحسان إلى الوالدين والحب الجبلي والطبع الذي يدخل في باب....
يعني كون الإنسان يحب والديه ويحسن إليهما مع مخالفتهما له في الدين، هذا المقصود؟
طالب: طبيعي.
حب جبلي، هذا لا يؤَخذ عليه، أليس هو مأمور بالإحسان إليهما؟ يحبهما حبًّا باعتبار أنهما أحسنا إليه في الأول، والنفوس مجبولة على حب من أحسن إليها، وإحسان الوالدين أبلغ وجوه الإحسان، فحبه الطبيعي الجبلي لا يؤاخذ عليه، إنما يؤاخذ على الحب الشرعي، يعني لو أمراه بمعصية فهل يقدم طاعة الله ومحبة الله على طاعتهما؟ هنا المحك.
"وَفِي الْكَلَامِ إِضْمَارٌ، أَيْ وَمُدَّةُ حَمْلِهِ وَمُدَّةُ فِصَالِهِ ثَلَاثُونَ شَهْرًا، وَلَوْلَا هَذَا الْإِضْمَارُ لَنُصِبَ ثَلَاثُونَ عَلَى الظَّرْفِ وَتَغَيَّرَ الْمَعْنَى."
ماذا يكون المعنى { وحمله وفصاله}؟ يعني مدة حمله وفصاله ثلاثون شهرًا مبتدأ وخبر، وإذا قلنا حملها وفصاله ثلاثين شهرًا، يعني مدة ثلاثين شهرًا ما الفرق ؟
طالب:.....
ماذا؟
طالب: ............
وحمله وفصاله ثلاثين شهرًا يتغير المعنى باعتبار أن العطف على نية تكرار العامل، وثلاثين شهرًا تكون متعلقة بالأخيرة دون الأول، والاول يحتاج إلى مدة غير المدة المذكورة، لكن إذا أخبرنا بالثلاثين على المبتدأ الأول، وهي المدة الأولى مدة حمله وفصاله ثلاثون شهرًا، المدة بكاملها ثلاثون شهرًا.
" الْخَامِسَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ} قال ابن عباس: ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ عَطَاءٍ عَنْهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ صَحِبَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَالنَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ابْنُ عِشْرِينَ سَنَةً، وَهُمْ يُرِيدُونَ الشَّامَ لِلتِّجَارَةِ، فَنَزَلُوا مَنْزِلًا فِيهِ سِدْرَةٌ، فَقَعَدَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي ظِلِّهَا، وَمَضَى أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَاهِبٍ هُنَاكَ فَسَأَلَهُ عَنِ الدِّينِ. فَقَالَ الرَّاهِبُ: مَنِ الرَّجُلَ الَّذِي فِي ظِلِّ الشَّجَرَةِ؟ فقال: ذاك محمد بن عبد الله بن عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَقَالَ: هَذَا وَاللَّهِ نَبِيٌّ، وَمَا اسْتَظَلَّ أَحَدٌ تَحْتَهَا بَعْدَ عِيسَى. فَوَقَعَ فِي قَلْبِ أَبِي بَكْرٍ الْيَقِينُ وَالتَّصْدِيقُ، وَكَانَ لَا يَكَادُ يُفَارِقُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي أَسْفَارِهِ وَحَضَرِهِ."
لكن هذه الشجرة التي طال عمرها أكثر من ستة قرون، استظل بها عيسى –عليه السلام-، ثم استظل بها محمد، وبينهما ستمائة سنة، هذا الكلام يحتاج إلى ثبوت، والسِّير تجمع مثل هذا وغيره، تجمع الضعيف والواهي شديد الضعف وعلامات الوضع عليه ظاهرة، كما أنها تضم إلى ذلك الصحيح والحسن، وبعض الغيورين على السنة والسيرة ينادي بتنقية السيرة من الأخبار، ينادي بأن يقتصر فيها على الصحيح والحسن دون الضعيف، وبدأ بعضهم في تجريد السيرة، وصنفوا في صحيح السيرة، فمثل مثل هذا سائغ أو غير سائغ؟
أولاً السير لا يطلب العلماء لها، جمهور أهل العلم ما يطلبون لها ما يطلب ما تثبت به الأحكام، الأحكام يطلب فيها الصحيح والحسن، ويتجاوزون ويتساهلون في أحاديث المغازي والسير والفضائل والتفسير، يتساهلون، علمًا بأن السير لما جُرِّدت عن بعض الأخبار التي تربط بين القضايا، يعني تجد فيها بترًا، قصة متسلسلة تحذف خبرًا من بينها؛ لأن فيه ضعفًا، يبقى تسلسل القصة فيه شيء من الخرم، فيه حلقة مفقودة، فجاءت هذه الكتب على هذه الطريقة، والأولى أن تبقى هذه الروايات وينبه عليها، ينبه على ما فيها من ضعف، ويشدد في هذه القصص إذا كانت مما تتضمن أحكامًا شرعية؛ لأن بعض الأخبار والسير والمغازي فيها أحكام، ككيفية قسم الغنائم وما أشبه ذلك وما يتعلق بها، هذه يشدد فيها، لكن ما لا يترتب عليه حكم شرعي، هي مجرد خبر، لا أثر له في الحكم، فإن هذا يتسامحون فيه، ولا يتطلبون له أن ينظر في الأسانيد، بل يقبلون فيه الضعيف.
وعلى كل حال هذه الطريقة طريقة حقيقة يعني وإن كانت صدرت عن غيرة وحرص على السنة وعلى السيرة وعلى تنقية المصادر، وعلى تنقيتها من شوائب الضعيف، إلا أن هذه المصادر قد يوجد لها ما تثبت به من الطرق مما لم يطلع عليه الكاتب، والأمر الثاني أنها تربط الكلام الأول بالثاني، ثم بعد ذلك ينظر في إسنادها إن كانت مما يترتب عليها حكم شرعي، وفي إسنادها ما يضعف، وإلا فهي مجرد خبر، ولا يترتب عليها شيء في الغالب.
يعني وجهة نظر الشيخ الألباني –رحمة الله عليه – حينما صنف صحيح السنن وضعيف السنن، صحيح أبي داود، ضعيف أبي داود، ضعيف الترمذي صحيح الترمذي، صحيح الجامع ضعيف الجامع، ميز السنة بين صحيحها وضعفيها، هذا لا شك ما حمله عليه الغيرة على السنة، وهذا مذهب اتخذه الشيخ من عقود، وله أجر –إن شاء الله تعالى-، لكن في تقديري أن كتب السنن لو تركت على أصلها، الشيخ اعتنى بالسنن كما وضعها مؤلفوها، وحكم على أحاديثها بطريقته، هذا صحيح، وهذا ضعيف، وتبقى الكتب على حالها لكان هو الأنفع عندي، وفي تقديري، والشيخ إمام لا يمكن أن يقال له مثل هذا الكلام، لكن من باب إبداء وجهة النظر. على أنه أعيدت الكتب من بعض طلاب الشيخ أعادها كما ألفها مؤلفوها، وذكر أحكام الشيخ عليها على ضوء ما تمنيناه قديمًا أول ما صدرت هذه السلسلة في حياة الشيخ، ثم بعد ذلك أعادوا طبعها على ما كانت، وهذا أنفع، أنفع لطالب العلم، طالب العلم يتشتت إن قرأ في كتب الألباني –رحمه الله- حرم أمورًا اشتملت عليها الكتب العظيمة، كتب السنة، ولاسيما السنن الأربع الكتب الأصلية فيها فوائد لا توجد في المختصرات.
الشيخ –رحمه الله – لما عمل هذا العمل جرد هذه الكتب من الأسانيد، فبقيت فائدة الكتب أقل، ووزنها أخف في الميزان العلمي الشرعي، فتمنينا حتى في حياة الشيخ، ثم أعادوها، أعاد بعض الطلاب على ضوء هذا.
فأقول إن التصرف في الكتب باختصارها وتمييز بعضها من بعض، وجعلها في أكثر من مصنف هذا يفتت هذه الكتب، ويضعف قيمتها العلمية، ويتشتت القارئ، فالأصل أن تبقى هذه الكتب على وضع مؤلفيها، ثم بعد ذلك للمحقق للمدقق للغيور أن ينبه على ما شاء، يعني ينبه على ما شاء، ووجهة نظر الشيخ على كل حال نابعة من غيرة، غيرة شديدة على السنة، وهو مأجور على كل حال، والله المستعان.
طالب: أيضًا هناك ملحظ في صحيح السيرة النبوية، وكذا أحيانًا ما يكون فيه سند، هناك آيات تشير إشارة واضحة إلى القصة...... فيغفل عن الآيات، وبخاصة أن القرآن يتناول قضايا معينة عن المعارك مما يتناول في السيرة النبوية، وتغفل عن إشارة الكنايات، وتسقط القصة والخبر بسبب أن إسناده فيه ضعف.
عمومًا يتكلم على الأحاديث، يتكلم غلى النص الذي أمامه، بغض النظر عما في الباب مما يثبت به من غير الحديث، قد يوجد حديث آخر ويغفل عنه، حديث آخر في الموضوع ويغفل عنه، ولهذا نقول: لو أن الكتب أبقيت كما هي، ويحكم عليها بما شاء، ولا أحد يقيد، يحكم عليها بما يشاء، ثم يأتي من يستدرك عليه بأنه وجد طريقًا يقوي به، وجد آية صريحة في الدلالة على المراد من هذا الخبر.
يعني حينما قالوا: البدء بالبسملة أو الحمد لله أو كل حديث فيه البسملة والحمدلة بجميع طرقه وألفاظه كله ضعيف، يعني هل الباب خلا من البداءة بالبسملة غير هذا الحديث؟ لا، النصوص كثيرة ومتضافرة، يعني تكاد تكون متواترة بمجموعها معنويًّا البداءة بالبسملة في الأمور كلها، يعني في القراءة، في الأكل، في التزكية، في الوضوء إن صح، في أمور كثيرة من حياة المسلم العملية، فكونه لا يثبت هذا الخبر لا يعني أن المسألة خلاص تجردت مما يدل عليه حتى يقول القائل: كانت الكتب التقليدية تبدأ بالبسملة والحمدلة، يعني فتح جديد نزل على الناس أن البسملة خلاص مادام بعض الأحاديث ما فيه بسملة...
طالب:..{إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم}.
لكن قال هذا الكلام، أنا قرأته بنفسي، كانت الكتب التقليدية تبدأ بالسملة والحمدلة، يعني الألباني –رحمة الله عليه- ضعَّف هذا الحديث وانتهى؟ انتهى كل ما يتعلق بالبسملة؟ كل ما يتعلق بالبسملة؟ حقيقة يعني لما اتجه الناس هذا الاتجاه، وهو اتجاه حميد، يعني بعث السنة من جديد هذا أمر طيب، الشيخ ناصر- رحمة الله عليه- وله أجره وأجر من عمل به إلى يوم القيامة هذا الراجح أو المأمول من الله –جل وعلا-، لكن شدة افتتان طلاب العلم بهذا الاتجاه وثورتهم القوية على كل ما كان قبله جعلتهم يتصرفون مثل هذه التصرفات.
هناك أئمة، وأئمة كبار، يعني وجدت الثورة على التقليد قبل ثلاثين أو خمس وثلاثين سنة، يعني وجدت بقوة، وصار الأئمة كلهم لا شيء بالنسبة لمن يدعو إلى العناية بالسنة وتصحيح السنة، يعتبر الأئمة الكبار مالكًا وأحمد والشافعي والأئمة العظام الأعلام حملة لواء الدين يعني كلهم لا شيء؟ حتى يجتمع مجموعة من الشباب من هذا النوع في رحلة قالوا: من يحفظ في مسألة كذا ونحن ما نرى التقليد؟
طيب ما ترى التقليد هات، الله يقويك، يعني إن كان شيء من قال الله وقال الرسول هات، قال واحد منهم: أنا أحفظ شيئًا عن الشافعي، قالوا: اترك التقليد، قال له واحد ثانٍ: الشيخ بن باز قال كذا، قال: نعم الشيخ صاحب أثر. طيب الشافعي وأحمد أليسوا أصحاب أثر؟
تصوروا، أخذوا صورة وتشبعوا بها أن الأئمة الأربعة بسبب ما حصل من بعض أتباعهم من جهلة المتعصبة صارت ردة فعل في قلوب بعض الناس، صارت ردة فعل تجاه هؤلاء الأئمة، فالعلم يؤخذ بالتعلم، ويؤخذ بالتروي، ويؤخذ بالحكمة، ويؤخذ عن أهله على جادتهم، لا يعني أن الكلام لا يصل إلى الشيخ الذي وجد الناس في صدود تام عن السنة، وجدهم يتوارثون أقوالًا لا دليل عليها من كتاب ولا سنة فاجتهد وحرص وسعى، ونذر نفسه عقودًا طويلة لإحياء السنة، هذه له أجرها، لكن الإشكال فيمن يقلد الشيخ ممن لم يصل إلى منزلة الشيخ –رحمة الله عليه-.
طالب: الشيخ الألباني سمعته في شريط يقول إذا تكلم ابن حجر على حديث ورأيتم لي كلامًا على حديث فخذوا بكلام ابن حجر ودعوا كلامي.
على كل حال سواء كان الشيخ أو ابن حجر أو غيرهما كلهم يؤخذ من قوله، ما فيه أحد معصوم، كلٌّ يؤخذ من قوله ويرد، يمكن أن يرجح قول ابن حجر، يمكن أن يرجح قول الشيخ ناصر، ويمكن أن يرجح أقوال المتقدمين وهي الأصل كما هو معروف وتسمعونه في دروسنا.
طالب:....
لا بد، حتى الشباب والطلاب لابد أن يتأدبوا بأدب العلم، ولا بد أن يكون في دروس المشايخ نصيب وافر من توجيه طلاب العلم إلى أخذه بروية وعقل وعدم شذوذ وعدم منابذة أهل العلم، وعذر من يحصل منه شيء من الخطأ وما أشبه ذلك.
طالب:.....التوثيق بكلام ابن عباس، يعني إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة ثم يقول ابن عباس: ثمان عشرة ....
هذا الأشد، هذا الأشد عنده ثماني عشرة سنة، وبلغ هذا عطف، والعطف يقتضي المغايرة، ما هو من عطف الشيء على نفسه.
طالب: هناك ثمانية، يعني إذا بلغ أشده..
يعني تظن أنه إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال للجميع يعني إذا بلغ الأشد قال ..
طالب: حتى إذا بلغ أشده..
قال: ربي أوزعني، وإذا بلغ الأربعين قال: ربي أوزعني؟
طالب: حتى يكون الفائدة من الغاية حتى إذا بلغ أشده ممن حوله، لكن المشكلة ابن عباس..؟
لكن هل هذا يدخل في باب التنازع؟
طالب:....
طالب: الإشكالية ابن عباس من البداية ذكر {ووصينا الإنسان} {الذين قالوا ربنا الله} والذي قال نزلت في أبي بكر فكان ملازمة له.
مشى على أبي بكر في جميع الآيات القادمة وطبق على حياته ما جاء في هذه الآيات..
طالب: إن سؤالي كيف يوجه أربعين سنة وبلغ أربعين سنة.... اليهود....
لكن يلزم أنه إذا قلنا الأربعين مثل ما قال واحد سمع شخصًا يقول في دعائه: ربي أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي. التفت إليه وقال: أنت بلغت الأربعين؟ توك. هذا ما يلزم على كلامك؟
طالب:.....
يعني هل الأشد يكون في الأربعين أم قبل الأربعين؟
طالب: قبل الأربعين الواقع يا شيخ.
طالب: قبل الأربعين.
طالب: حتى النبي –عليه الصلاة والسلام- بلغ أشده قالوا أربعين سنة ......
طيب موسى بلغ الأربعين وما استوى..
طالب:.....
لكن ما فيها استوى، صح؟ لكن الاستواء الأربعون قبله أو هما عبارة عن شيء واحد كما هنا بلغ الأشد وبلغ الأربعين؟
طالب: واحد.
هو يلزم عليه أن يكون العطف من عطف الشيء على نفسه.
طالب:.....
لا عطف بيان بدون الواو.
طالب:....أشد العقل .....كونه يدعو ولا يمنع أن يتم قبل الثلاثين..
ابن عباس يقول: ثمانية عشر سنة هذا الأشد، وأخذت به بعض الأنظمة وبعض المذاهب الفقهية أخذوا بهذا.
طالب:.... يعني ما قال حتى إذا بلغ أشده، إذا قلنا إذا بلغ أشده غير الأربعين سنة فما الجواب حتى بلغ أشده..
تعرف شيئًا اسمه التنازع في العمل؟ أليس في النحو باب اسمه التنازع؟
طالب: ما فيه إشكال....
ما فيه إشكال.
طالب: يعني ذكر بلغ أشده تبين النعمة أنه قال: حتى إذا بلغ أربعين سنة، لكن إذا بلغ أشده يعني زيادة اهتمام في بلوغ الإنسان الأشد، ثم جواب الشرط بقوله: الأربعين ..ربي أوزعني
يعني هل النعمة إنما تكتمل ببلوغ الأربعين؟ لأن قوله: رب أوزعني دليل على اكتمال نعمة، فإذا اكتمل النمو واكتمل العقل بالأربعين قال: رب أوزعني..
طالب:.....
ما فيه إشكال، نقول: هل يعني مناسبة قول: رب أوزعني الأربعين؟
طالب: تمام العقل والكمال..
طالب:...أعاده أمه إلى حتى إذا بلغ أشده وحله وفصاله أرضعته كرهًا وحمله وفصاله.
يعني حتى يبلغ الأشد؟
طالب: حتى بلغ ثمانية عشر سنة في رعاية أمه.
يعني الأشد ثلاثون شهرًا؟
لا، لا حتى إذا بلغ أشده بلغ عمره ثمانية عشر كان مراعى من أمه؟
يعني في رعاية أمه إلى الثامنة عشرة؟
طالب: ............
طالب: ما يقال يا شيخ يقول: إن الإنسان إذا شرح كتاب الإيمان بصحيح البخاري، حتى إذا شرح كتاب صحيح البخاري، وشرح صحيح البخاري كله قال: رب أوزعني أن أشكر نعمتك..
يعني من عطف العام على الخاص؟
طالب: نعم.
لا، هذا ما فيه عموم وخصوص، إما أن يقال: إن الأشد أشمل من الأربعين بمعنى أن تكون قبله ومعه وبعده أن الأشد الذي هو مكتمل، فهي حال مصاحبة للإنسان منذ أن اشتد عوده، وقوي، وصلب رأيه إلى أن يبدأ بالضعف هذا أشد، والأربعون خاص في هذه السنة، ويبلغ مثلًا الأشد واكتمال قوى العقل من الثمانية عشر مثلاً إلى الستين أو الخمسين، ثم يبدأ بالضعف، هذا أشد، يمكن أن نسميه الأشد، لكن الأربعين محددة.
طالب: يعين بوصف وعدد.
معن وصف نعم وعدد.
طالب: لا يقال: الأشد اكتمال الجسد والأربعين اكتمال العقل ...اشتد جسده بعد أن ..
هذا إذا قلنا بتحديد الثمانية عشر.
طالب: ويا شيخ يقال: بلغ أشده، بلغ أربعين يعني فهو أنه بلغ أكيد، لكن ذكر بلغ أشد زيادة اهتمام يا شيخ.
مثل واستوى بالنسبة لسليمان مثل واستوى {حتى إذا بلغ أشده وأستوى}
ماذا؟
طالب: هذه معها يا شيخ.
لكن يمكن أن يبلغ الأشد.
طالب: يبلغ الأشد ولا يستوي أو يستوي ولا بلغ الأشد.... بينهما مثل ما هنا أن يبلغ الأربعين إلا وقد اشتد.
إلا إذا كان فيه خلل جسمي.
طالب:.....الإشكال يا شيخ..
نعم.
طالب: في الأمم السابقة وأعمارها..
لا، لا، هذا وقت نزول القرآن، يعني ما هذا في الأمة التي نزل فيها القرآن، ولا يمكن أن ثلاثمائة، أربعمائة طفل مازال، إذا كانت المسألة ألوفًا فالنسبة تقتضي أن هذه الأمم السابقة ما تدخل في مثل هذا، مع أن عيسى –عليه السلام- قبض وهو ابن ثلاث وثلاثين، اثنين وثلاثين، يعني ما وصل للأربعين.
طالب:.......
عمر بن عبد العزيز لما وصل إلى الأربعين ملأ الدنيا عدلًا، ومازال يُذكر على كل لسان، لكن هذه نوادر.
طالب: النووي..
خلائق لا يحصون من هذا.
" فَلَمَّا نُبِّئَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، صَدَّقَ أَبُو بَكْرٍ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ ابْنُ ثَمَانِيَة وَثَلَاثِينَ سَنَةً. فَلَمَّا بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ} الْآيَةَ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَابْنُ زَيْدٍ: الْأَشُدُّ الْحُلُمُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ بُلُوغُ الْأَرْبَعِينَ. وَعَنْهُ قِيَامُ الْحُجَّةِ عَلَيْهِ. وَقَدْ مَضَى فِي " الْأَنْعَامِ" الْكَلَامُ فِي الْآيَةِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ وَالضَّحَّاكُ: نَزَلَتْ فِي سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هِيَ مُرْسَلَةٌ نُزِلَتْ عَلَى الْعُمُومِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ."
يعني لجميع الناس مرسلة نزلت على العموم وإن نزلت بسب شخص بعينه، لكن هل هي متضمنة لحكم شرعي؟ بمعنى أن حال الأربعين وبلوغ الأربعين ينبغي للإنسان أن يغير من حياته ونمط حياته، تكون الأربعون فيصلًا، كما أن الستين أيضًا لها شأن؛ أعذر الله لإمرئ بلغ الستين، يعني له شأن، ينبغي له أن يحاسب نفسه في الأربعين تغير، يستحضر نعمة الله عليه أكثر من ذي قبل، وإن كان على الإنسان من بلوغه التكليف أن يراقب ويلاحظ ويحاسب، لكن إذا بلغ الأربعين ينبغي أن تكون نقطة تحول في حياته، كما أنه إذا بلغ الستين ينبغي أن تكون نقطة تحول ثانية، وإن كان على جميع أحواله ينبغي أن يكون مراقبًا لله-جل وعلا- في سره وعلانيته، {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا} يعني في جميع حياتهم استقاموا على الدين وعلى الصراط المستقيم.
" السَّادِسَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي} أَيْ أَلْهِمْنِي. " أَنْ أَشْكُرَ" فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى الْمَصْدَرِ، أَيْ شُكْر نِعْمَتِكَ".
يعني أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر تقديره أوزعني شكر نعمتك.
" عَلَيَّ "أَيْ مَا أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَيَّ مِنَ الْهِدَايَةِ {وَعَلى والِدَيَّ} بِالتَّحَنُّنِ وَالشَّفَقَةِ حَتَّى رَبَّيَانِي صَغِيرًا."
صارت كلها عليه، هذه النعم رجعت إليه، ما أنعمت به على من الهداية وعلى والدي بالتحنن والشفقة يعني علي حتى ربياني صغيرًا، يعني بما أنعمت به عليهما مثل ما أنعمت علي من الهداية.
طالب: ............
نعم.
طالب: قوله .... هو المصدر..
أن وما دخلت عليه ..
طالب:.....
أين؟
طالب: ............
نعم، مصدر مفعول..
طالب: ......على المصدر.
أين؟
طالب: سريان المصدر..
أوزعني شكرًا.
طالب:....
أوزعني يعني ألهمني شكرًا، يعني لو قلنا: إنه مفعول الشكر وقع عليه الفعل مثل ما تقدم في كلام ابن هشام.
"وَقِيلَ: أَنْعَمْتَ عَلَيَّ بِالصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ وَعَلَى وَالِدَيَّ بِالْغِنَى وَالثَّرْوَةِ. وَقَالَ عَلِيٌّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-! أَسْلَمَ أَبَوَاهُ جَمِيعًا وَلَمْ يَجْتَمِعْ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ أَنْ أَسْلَمَ أَبَوَاهُ غَيْرُه."
يعني ما ذكر من النعم التي يشكر الرب –جل وعلا- عليها هذه إنما هي من قبيل التمثيل، وإلا فنعم الله لا تعد ولا تحصى سواء كانت على الإنسان نفسه أو على والديه أو على أولاده، أو على جميع الناس.
" فَأَوْصَاهُ اللَّهُ بِهِمَا وَلَزِمَ ذَلِكَ مَنْ بَعْدَهُ. وَوَالِدُهُ هو أبو قُحَافَةُ عُثْمَانُ بْنُ عَامِرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ. وأمه أُمُّ الْخَيْرِ، وَاسْمُهَا سَلْمَى بِنْتُ صَخْرِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدٍ. وَأُمُّ أَبِيهِ أَبِي قُحَافَةَ" قَيْلَةُ"" بِالْيَاءِ الْمُعْجَمَةِ بِاثْنَتَيْنِ مِنْ تَحْتِهَا". وَامْرَأَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ اسْمُهَا" قُتَيْلَةُ"" بِالتَّاءِ الْمُعْجَمَةِ بِاثْنَتَيْنِ مِنْ فَوْقِهَا" بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى." وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً ترداه" قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَجَابَهُ اللَّهُ فَأَعْتَقَ تِسْعَةً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يُعَذَّبُونَ فِي اللَّهِ"
تسعة يعذبون منهم أو من هذه الأنفس.
" مِنْهُمْ بِلَالٌ وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَلَمْ يَدَعْ شَيْئًا مِنَ الْخَيْرِ إِلَّا أَعَانَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ. وَفِي الصَّحِيحُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. قَالَ: « فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟ » قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. قَالَ: « فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. قَال: َ« فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟» قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « ما اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ»".
قد يقول قائل فيما تقدم ذكره: {حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال ربي أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليا وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه} يكون لفًّا ونشرًا مرتبًا، فإذا بلغ أشده قال: ربي أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي، يعني ألهمني ذلك، وإذا بلغ الأربعين قال: ربي ألهمني أن أعمل صالحًا ترضاه، لكن ماذا عن: وأصلح لي في ذريتي، وفي الغالب أنه إذا بلغ الأربعين كثرت ذريته، تناسلت بخلاف بلوغه الأشد الأول الثمانية عشرة على حد ابن عباس –رضي الله عنهما-، نعم.
طالب: أبو بكر –رضي الله عنه- تيمي أم قرشي؟
تيمي، تيمي قريبة من قريش.
طالب:....
يرجع، يرجع لهم.
"السَّابِعَةُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي} أَيِ اجْعَلْ ذُرِّيَّتِي صَالِحِينَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَلَمْ يَبْقَ لَهُ وَلَدٌ وَلَا وَالِدٌ وَلَا وَالِدَةٌ إِلَّا آمَنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ. وَلَمْ يَكُنْ أَحَد مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَسْلَمَ هُوَ وَأَبَوَاهُ وَأَوْلَادُهُ وَبَنَاتُهُ كُلُّهُمْ إِلَّا أَبُو بَكْرٍ. وَقَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: الْمَعْنَى اجْعَلْهُمْ لِي خَلَفَ صِدْقً، وَلَكَ عَبِيدَ حَقٍّ. وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ: اجْعَلْهُمْ أَبْرَارًا لِي مُطِيعِينَ لَكَ. وَقَالَ ابْنُ عَطَاءٍ: وَفِّقْهُمْ لِصَالِحِ أَعْمَالٍ تَرْضَى بِهَا عَنْهُمْ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ: لَا تَجْعَلْ لِلشَّيْطَانِ وَالنَّفْسِ وَالْهَوَى عَلَيْهِمْ سَبِيلًا."
ولفظ الآية يشمل جميع ما ذكر أصلح لي ذريتي بجميع ما تحتمل الكلمة من معنى.
" وَقَالَ مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ: اشْتَكَى أَبُو مَعْشَرٍ ابْنَهُ إِلَى طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، فَقَالَ: اسْتَعِنْ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَتَلَا: { رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} {إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: رَجَعْتُ عَنِ الْأَمْرِ الَّذِي كُنْتُ عَلَيْهِ{ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} أي المخلصين بالتوحيد.
قَوْلُهُ تَعَالَى: {أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ} قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ بضم الياء فيهما. وقرئ: " يَتَقَبَّلُ، وَيَتَجَاوَزُ" بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَالضَّمِيرُ فِيهِمَا يَرْجِعُ لِلَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-. وَقَرَأَ حَفْصٌ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: " نَتَقَبَّلُ، وَنَتَجَاوَزُ" النُّونُ فِيهِمَا، أَيْ نَغْفِرُهَا وَنَصْفَحُ عَنْهَا".
الأمثلة على اختلاف بين القرآن المدخل في التفصيل وبين ما أعتمده المؤلف من قراءة وسبق التنبيه على ذلك مرارا نعم.
"وَالتَّجَاوُزُ أَصْلُهُ مِنْ جُزْتُ الشَّيْءَ إِذَا لَمْ تَقِفْ عَلَيْهِ. وَهَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ الَّتِي قَبْلَهَا {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ} إِلَى آخِرِهَا مُرْسَلَةٌ نَزَلَتْ عَلَى الْعُمُومِ. وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ. وَمَعْنَى {نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ} أَيْ نَتَقَبَّلُ مِنْهُمُ الْحَسَنَاتِ وَنَتَجَاوَزُ عَنِ السَّيِّئَاتِ. قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ- وَيَحْكِيهِ مَرْفُوعًا-: إِنَّهُمْ إِذَا أَسْلَمُوا قُبِلَتْ حَسَنَاتُهُمْ وَغُفِرَتْ سَيِّئَاتُهُمْ. وَقِيلَ: الْأَحْسَنُ مَا يَقْتَضِي الثَّوَابَ مِنَ الطَّاعَاتِ، وَلَيْسَ فِي الْحَسَنِ الْمُبَاحِ ثَوَابٌ وَلَا عِقَابٌ، حَكَاهُ ابْنُ عِيسَى."
دل على أن الحسن الأحسن هو الذي يترتب عليه الثواب من الطاعات، والحسن هو المباح الذي لا ثواب فيه ولا عقاب بأنه إنما طُلب أن يتقبل الأحسن، فدل على أن ما دونه هو الحسن ليس بطاعة حتى يطلب قبوله، فالمباح حسن، والمستحب والواجب أحسن ما يترتب عليه ثواب هو الأحسن، وما لا ثواب فيه ولا عقاب هو حسن، هذا ما جرى عليه المؤلف.
" {فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ} "فِي" بِمَعْنَى مَعَ، أَيْ مَعَ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ، تَقُولُ: أَكْرَمَكَ وَأَحْسَنَ إِلَيْكَ فِي جَمِيعِ أَهْلِ الْبَلَدِ."
يعني في ضمنهم في جميع أهل البلد، يعني في ضمنهم في أصحاب الجنة بعضهم ومجموعة أهل الجنة.
" أَيْ مَعَ جَمِيعِهِمْ. { وَعْدَ الصِّدْقِ} نُصِبَ؛ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِمَا قَبْلَهُ، أَيْ وَعَدَ اللَّهُ أَهْلَ الْإِيمَانِ أَنْ يَتَقَبَّلَ مِنْ مُحْسِنِهِمْ، وَيَتَجَاوَزَ عَنْ مُسِيئِهِمْ وَعْدَ الصِّدْقِ. وَهُوَ مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الصِّدْقَ هُوَ ذَلِكَ الْوَعْدُ الَّذِي وَعَدَهُ الله، وهو كقوله تعالى: {حَقُّ الْيَقِينِ"} [الواقعة: 95]. وَهَذَا عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ."
يعني تجوز إضافة الشيء إلى نفسه عند الكوفيين تقول: مسجد الجامع والحبة الحمقاء أو حبة الحمقاء هذا عند الكوفيين جائز أن تضيف الشيء إلى نفسه، أما عند البصريين فلا بد من تقدير مضاف إليه غير الشيء نفسه تكون مسجد المكان الجامع يكون الجامع المكان وليس المسجد، وحبة البقلة الحمراء فلا تمون الحبة هي الحمقاء.
" فَأَمَّا عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ فَتَقْدِيرُهُ: وَعْدُ الْكَلَامِ الصِّدْقِ أَوِ الْكِتَابُ الصِّدْقِ، فَحَذَفَ الْمَوْصُوفَ. وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ. { الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ} فِي الدُّنْيَا عَلَى أَلْسِنَةِ الرسل، وذلك الجنة."
طالب: ............
نعم.
طالب: النساء يدخلن في هذه الآيات، النقص عندهم في العقل.
لكن العقل أمر نسبي، لكل إنسان ما كتب له منه، كما أن الرجال يتفاوتون هكذا النساء يتفاوتن، ولا يقال لمن أدرك أن في عقله ضعفًا أو في بدنه ضعفًا أنه ليس من أن أهل هذه الآية، ولا يسوغ أن يدعو بها رب أوزعني، نعم نسبية، منعم عليه بشيء لا يطيق شكره إذا نظر إلى من دونه، وهكذا في جميع أمور الدنيا.
"قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما أَتَعِدانِنِي أَنْ أُخْرَجَ" أَيْ أَنْ أُبْعَثَ." وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي" قِرَاءَةُ نَافِعٍ وَحَفْصٍ وَغَيْرِهِمَا: " أُفٍّ" مَكْسُورٌ مُنَوَّنٌ. وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ محيسن وَابْنُ عَامِرٍ وَالْمُفَضَّلُ عَنْ عَاصِمٍ: " أُفّ" بِالْفَتْحِ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ. والْبَاقُونَ بِالْكَسْرِ غَيْرِ مُنَوَّنٍ، وَكُلُّهَا لُغَاتٌ، وَقَدْ مَضَى فِي" بَنِي إِسْرَائِيلَ"."
هذه الكلمة المخففة الخفيفة أُف يعني من حرفين أو إذا اعتبرنا الفاء مشددة بحرفين قلنا ثلاثة حروف هذه الكلمة ضبطت في تفسير أبي حيان بخمسة وأربعين ضبطًا، نعم ضبطت بخمسة وأربعين في تفسير أبي حيان، لكنها بالحركات، وليست بالحروف، هنا في تفسير ابن عطية بالحروف.
طالب: ............
نعم في تفسير الإسراء.
" وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ" {أَتَعِدانِنِي} بِنُونَيْنِ مُخَفَّفَتَيْنِ. وَفَتَحَ يَاءَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ. وَأَسْكَنَ الْبَاقُونَ. وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ وَالْمُغِيرَةُ وَهِشَامٌ: " أَتَعِدَانِّي" بِنُونٍ وَاحِدَةٍ مُشَدَّدَةٍ، وَكَذَلِكَ هِيَ فِي مَصَاحِفِ أَهْلِ الشَّامِ. وَالْعَامَّةُ عَلَى ضَمِّ الْأَلِفِ وَفَتْحِ الرَّاءِ مِنْ" أَنْ أُخْرَجَ". وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَنَصْرٌ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَالْأَعْمَشُ وَأَبُو مَعْمَرٍ بِفَتْحِ الْأَلِفِ وَضَمِّ الرَّاءِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيُّ وَأَبُو الْعَالِيَةِ وَمُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، وَكَانَ يَدْعُوهُ أَبَوَاهُ إِلَى الْإِسْلَامِ فَيُجِيبُهُمَا بِمَا أَخْبَرَ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-. وَقَالَ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ أَيْضًا: هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ قَبْلَ إِسْلَامِهِ، وَكَانَ أَبُوهُ وَأُمُّهُ أُمُّ رُومَانَ يَدْعُوَانِهِ إِلَى الْإِسْلَامِ وَيَعِدَانِهِ بِالْبَعْثِ، فَيَرُدُّ عَلَيْهِمَا بِمَا حَكَاهُ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- عَنْهُ، وَكَانَ هَذَا مِنْهُ قَبْلَ إِسْلَامِهِ. وَرُوِيَ أَنَّ عَائِشَةَ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَنْكَرَتْ أَنْ تَكُونَ نَزَلَتْ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ أَيْضًا: هِيَ نَعْتُ عَبْدٍ كَافِرٍ عَاقٍّ لِوَالِدَيْهِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: كَيْفَ يُقَالُ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَبْلَ إِسْلَامِهِ وَاللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ- يَقُولُ: { أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ} أَيِ الْعَذَابُ، وَمِنْ ضَرُورَتِهِ عَدَمُ الْإِيمَانِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنْ أَفَاضِلِ الْمُؤْمِنِينَ، فَالصَّحِيحُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَبْدٍ كَافِرٍ عَاقٍّ لِوَالِدَيْهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ: كَتَبَ مُعَاوِيَةُ إلى مروان بن الْحَكَمِ حَتَّى يُبَايِعَ النَّاسَ لِيَزِيدَ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: لَقَدْ جِئْتُمْ بِهَا هِرَقْلِيَّةَ، أَتُبَايِعُونَ لِأَبْنَائِكُمْ! فَقَالَ مَرْوَانُ: هُوَ الَّذِي يَقُولُ اللَّهُ فِيهِ: " وَالَّذِي قالَ لِوالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُما" الْآيَةَ. فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا هُوَ بِهِ. وَلَوْ شِئْتُ لَسَمَّيْتُ، وَلَكِنَّ اللَّهَ لَعَنَ أَبَاكَ وَأَنْتَ فِي صُلْبِهِ، فَأَنْتَ فَضَضٌ مِنْ لَعْنَةِ اللَّهِ. قَالَ الْمَهْدَوِيُّ: وَمَنْ جَعَلَ الْآيَةَ فِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَانَ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: { أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} يُرَادُ بِهِ مَنِ اعْتَقَدَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ."
يعني هو خُتم له به، أما من مَنَّ الله عليه بالهداية وأسلم فلا يدخل في مثل هذا على سبيل التنزل أنها نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر.
طالب: أحسن الله إليك، قوله: فقال والله ما هو به، من القائل؟
أين ما هو بالذي يعني نفسه يعني ما أنا، يعني ليس هو المراد ولو شئت سميت..
طالب: أحسن الله إليك.....الكبرى القائل عائشة – رضي الله عنها-.
والكلام السابق لعائشة، عائشة أنكرت، لكنه كأنه في الكتاب هنا قطع، قطع الكلام عن كلام عائشة، نعم.
" فَأَوَّلُ الْآيَةِ خَاصٌّ وَآخِرُهَا عَامٌّ. وَقِيلَ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ لَمَّا قَالَ: {وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي} قَالَ مَعَ ذَلِكَ: فَأَيْنَ عَبْدُ الله ابن جُدْعَانَ، وَأَيْنَ عُثْمَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَأَيْنَ عَامِرُ بْنُ كَعْبٍ وَمَشَايِخُ قُرَيْشٍ حَتَّى أَسْأَلَهُمْ عَمَّا يَقُولُونَ. فَقَوْلُهُ: {أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} يَرْجِعُ إِلَى أُولَئِكَ الْأَقْوَامِ.
قُلْتُ: قَدْ مَضَى مِنْ خَبَرِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فِي سُورَةِ (الْأَنْعَامِ) عِنْدَ قَوْلِهِ: { لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى} [الانعام: 71] مَا يَدُلُّ عَلَى نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ فِيهِ، إِذْ كَانَ كَافِرًا، وَعِنْدَ إِسْلَامِهِ وَفَضْلِهِ تَعَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ}، وَهُما" يَعْنِي وَالِدَيْهِ. { يَسْتَغِيثانِ اللَّهَ} أَيْ يَدْعُوَانِ اللَّهَ لَهُ بِالْهِدَايَةِ. أَوْ يَسْتَغِيثَانِ بِاللَّهِ مِنْ كُفْرِهِ، فَلَمَّا حَذَفَ الْجَارَّ وَصَلَ الْفِعْلَ فَنُصِبَ. وَقِيلَ: الِاسْتِغَاثَةُ الدُّعَاءُ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْبَاءِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: أَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ وَغُوَاثَهُ"
لأن الاستغاثة تتعدى بالحرف، والدعاء يتعدى بدون حرف، فإذا كان معنى الاستغاثة الدعاء تعدت بدون حرف من باب التضمين.
{ وَيْلَكَ آمِنْ} أَيْ صَدِّقْ بِالْبَعْثِ، { إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} أَيْ صِدْقٌ لَا خُلْفَ فِيهِ، { فَيَقُولُ مَا هَذَا} أَيْ مَا يَقُولُهُ وَالِدَاهُ، { إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ} أَيْ أَحَادِيثَهُمْ وَمَا سَطَرُوهُ مِمَّا لَا أَصْلَ لَهُ، { أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} يَعْنِي الَّذِينَ أَشَارَ إِلَيْهِمُ ابْنُ أَبِي بَكْرٍ فِي قَوْلِهِ أَحْيُوا لِي مَشَايِخَ قُرَيْشٍ، وَهُمُ الْمَعْنِيُّونَ بِقَوْلِهِ: { وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي} فَأَمَّا ابْنُ أَبِي بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ أَوْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَقَدْ أَجَابَ اللَّهُ فِيهِ دُعَاءَ أَبِيهِ فِي قَوْلِهِ { وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي } [الأحقاف: 15] على ما تقدم. ومعنى {حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ} أَيْ، وَجَبَ عَلَيْهِمُ الْعَذَابُ، وَهِيَ كَلِمَةُ اللَّهِ "هَؤُلَاءِ فِي الْجَنَّةِ وَلَا أُبَالِي وَهَؤُلَاءِ فِي النَّارِ وَلَا أُبَالِي " فِي أُمَمٍ" أي مع أمم، {قَدْ خَلَتْ} تقدمت ومضت {مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ}"
في بمعنى مع كما تقدم قريبًا، في أصحاب الجنة أي معهم، ومثل ما قال في القوم أي مع القوم، يعني في ضمنهم ومن بينهم.
"{ قَدْ خَلَتْ} تقدمت ومضت {مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} الْكَافِرِينَ،" إِنَّهُمْ" أَيْ تِلْكَ الْأُمَمُ الْكَافِرَةُ {كانُوا خاسِرِينَ} لِأَعْمَالِهِمْ، أَيْ ضَاعَ سعيهم وخسروا الجنة.
"قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ}".
فيكون التنوين في كل تنوين عوضًا عن الكلمة كل واحد.
" أَيْ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ مَرَاتِبٌ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَعْمَالِهِمْ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: دَرَجَاتُ أَهْلِ النَّارِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ تَذْهَبُ سَفَالًا، وَدَرَجَ أَهْلُ الْجَنَّةِ عُلُوًّا {وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ"} قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَعَاصِمٌ وَأَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ بِالْيَاءِ لِذِكْرِ اللَّهِ قَبْلَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى {إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} وَاخْتَارَهُ أَبُو حَاتِمٍ. والْبَاقُونَ بِالنُّونِ رَدًّا عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ}، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي عُبَيْدٍ، {وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}" أَيْ لا يزاد على مسيء، ولا ينقص من محسن."
لا يزاد على مسيء، ولا ينقص من محسن، قف على هذا.
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
"