كتاب الإيمان (05)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أبا عبد الله، السابع من الفتاوى.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا يقول: فيما له صلة بما نحن بصدده، وهو الكلام على حقيقة الإيمان، يقول: ذكر السيوطي -رحمه الله- أن الإيمان لا تُشترَط له النية، حيث قال في الأشباه والنظائر: المبحث الثالث: فيما شُرعَت النية لأجله. المبحث الثالث: فيما شُرعَت النية لأجله.
المقصود الأهم منها تمييز العبادات من العادات، وتمييز رُتَب العبادات بعضها من بعض، ثم قال: ومن ثمَّ ترتب على ذلك أمور: أحدها عدم اشتراط النية في عبادةٍ لا تكون عادة، عدم اشتراط النية في عبادة لا تكون عادة، أو لا تلتبس بغيرها، يعني من العبادات، بحيث تُمَيَّز عنها، كالإيمان بالله تعالى، الإيمان بالله تعالى لا يمكن أن يكون عادة، لماذا؟ لأن محله القلب، ولو اشتُرِطَت له النية لكانت كاشتراط النية للنية، والنية لا يُشتَرَط لها نية، لماذا؟ لأنه يلزم عليه ماذا؟
طالب: الدور.
التسلسل، ما هو بالدَّور لا، التسلسل، وهو تسلسلٌ في الماضي، وهذا ممنوع عند عامة أهل العلم، بينما يجيزون التسلسل في المستقبل، ولا يمنعون من إطلاق الشُّكر على التوفيق للشُّكر، فالشُّكر نعمة، تحتاج إلى شكر، ما يمنعون هذا، لماذا؟ لأنه من المرغَّب فيه شرعًا ألا يزال الإنسان شاكرًا، ألا يزال الإنسان شاكرًا، فهذا كما قالوا يلزم عليه التسلسل في الماضي، نية تحتاج إلى نية، طيب النية التي قبلها تحتاج إلى نية، وهكذا إلى ما لا نهاية. قال: ومن ثمَّ ترتب على ذلك أمور: أحدها عدم اشتراط النية في عبادة لا تكون عادة، أو لا تلتبس بغيرها، الإيمان بالله تعالى ومعرفته والخوف منه ورجاؤه قال: والنية وقراءة القرآن والأذكار؛ لأنها متميزة بصورتها؛ لأن مبحث ودخول حديث الأعمال بالنيات من جهتين: من هذه الجهة التي أشار إليها المؤلف، ومن جهة إخلاص العمل لله تعالى، ولذلك لما شرح الحافظ ابن رجب الحديث في شرح الأربعين بيَّن هاتين الجهتين، فذكر ما يتعلق بتمييز العبادات عن العادات أو العبادات بعضها عن بعض، يقول إن هذا ما يهتم به الفقهاء؛ لأنها إذا حصلت على هذا الوجه صحّت، وأما ما يتعلق بإخلاص العمل لله -جل وعلا- فإن هذا وظيفة أرباب القلوب.
المثال الذي ذكرناه مرارًا وهو من حجَّ من بغداد ثلاث مرات ماشيًا، يصلُح للتفريق بين المبحثين، حجّ لله ماشيًا، بل حجّ قاصدًا الحج، لا يقصد غيره، والحجّ معروف أنه متميز، لكن يبقى تمييز فرضه عن نفله، فذهب إلى مكة قاصدًا الحج فتحققت النية عند الفقهاء، وأدى مناسك الحج ثلاث مرات ماشيًا ورجع إلى بغداد، وفي المرة الأخيرة كما يقول من ترجم له إنه طلبت منه أمه أن يسقيها ماءً؛ لأنه دخل البيت والأم نائمة، فنام بجوارها، فقالت له: يا فلان، اسقني ماءً، تعبان جاء من آلاف الأميال، فكأنه لم يسمع وقد سمع، ثم طلبت منه ثانية، فلم ينهض، طلبت منه الثالثة فراجع نفسه، وقال: آلاف الأميال ماشيًا وبضعة أذرُع الماء داخل البيت، والأمّ تجب طاعتها، وعصيانها من عظائم الأمور؛ لأن فيه العقوق، حاسب نفسه، قال: لا بد أن أسأل، لا بد أن أسأل عن صنيعي هذا، سأل عالمًا من النوع الثاني، لو سأل فقيهًا وقال: إنك ما دمت ذهبت إلى مكة فأنت قاصد الحج، وأحرمت من الميقات، ونويت الدخول في النُسك، وأديت الحج بشروطه وأركانه وواجباته انتهى الإشكال، حجك صحيح، لكن قال له هذا: أعِد حجة الإسلام. بالنسبة للنظر الثاني لا بالنسبة للنظر الأول، وهذا الذي يبحثه، كما قرر ابن رجب -رحمه الله- أرباب القلوب، مع ما عندهم من علم، لكن عندهم دِقة نظر في هذا الجانب، وإلا فحجه صحيح، بمعنى أنه مُسقِط للطلب ولا يُطالب به مرة ثانية وما بينه وبين ربه هذا الله- جل وعلا- يتولاه، من هذه الحيثية إذا آمن وصدّق بقلبه ونطق بلسانه، وعمل بأركانه ما يصحّح إيمانه كفى، هذا مراد السيوطي في مثل هذا.
قال: ومن ثمّ ترتب على ذلك أمور: أحدها عدم اشتراط النية في عبادة لا تكون عادة؛ لأنه لا حاجة إلى التفريق بينها وبين العادات، أو لا تلتبس بغيرها كالإيمان بالله تعالى والمعرفة والخوف والرجاء والنية وقراءة القرآن. يعني شخص يقرأ القرآن هل يحتاج إلى أن يميز بين هذه القراءة ويذكر الله -جل وعلا-؟ هذه متميزة بنفسها، فلا تحتاج إلى تمييز بنية، فبالنسبة للنظر الأول الذي هو نظر الفقهاء، وهو الذي يبحثه السيوطي في هذا الكتاب، كلامه صحيح.
على كل حال، مثل ما ذكر هذه الأمور متميزة بنفسها، لا تحتاج إلى نية.
الغُسل يكون لأغراض متعددة، منها التبرُّد من غير نية تعبُّد، ومنها ما فيه تعبُّد من واجبٍ ومندوب، لا بد من النية للتفريق بين هذه الأنواع، ثم بعد ذلك من جهة النظر الثاني الذي هو إخلاص العمل لله -جل وعلا- هو دخل ليغتسل من جنابة، نوى هذا الغسل لرفع الحدث الذي هو الجنابة، المقصد الأول من النية تحقَّق، لكن قد يكون قصده في الغُسل مع أنه يقصد رفع الجنابة قصده من هذا الغُسل في هذه الليلة الشاتية وفي سفر مراءاة الرفقة يقولون: ما شاء الله عليه، أخذ بالعزيمة، وما عدل إلى الرخصة؛ لقوة إيمانه ويقينه، وحرصه على براءة ذمته، هذا النظر الثاني الذي ألمح إليه الحافظ ابن رجب -رحمه الله-.
ذكرنا في الدرس الماضي أن شارح الطحاوية قرَّر أن الخلاف بين أبي حنيفة وبقية الأئمة من أهل السُّنَّة خلافٌ صوري، خلافٌ صوري، يعني لا يترتب عليه أثر عملي، يعني خلاف لفظي، ولا يترتب عليه أثر، يعني لبيان هذه الحقيقة لا بد من تفصيل، من جهة الاهتمام بالأعمال وتأثيم المخالِف فيها لا يظهر بينهم فرقٌ في الحقيقة وحينئذٍ يكون الخلاف كما ذكر ابن أبي العز؛ لأن الحنفية لا يختلفون في أن الزاني آثم، ويجب عليه الحد، وقد فعل فاحشة وكبيرة من كبائر الذنوب ولا يختلفون مع بقية الأئمة في أن شارب الخمر ارتكب كبيرة من الكبائر وهكذا. لكن من جهة كون مرتكب الكبيرة لا يتأثر إيمانه بهذه الكبيرة، ولا يخرج فيها عن مسمى الإيمان، وإنما يخرج عن مسمى الإيمان بالكفر الاعتقادي، بينما أهل السُّنَّة، البقية من الأئمة يفصِّلون في هذا، فإن كانت الكبيرة مُكفِّرةً أو شرك فهي مخرجة عن الإيمان وإن كانت عملية، فعلى هذا يكون الخلاف حقيقيًّا.
شيخ الإسلام -رحمه الله- في الفتاوى يقول: ولهذا –كلام طويل لكن...-، لما ذكر كلام المرجئة مرجئة الفقهاء، ذكر شبهتهم أيضًا قال: ولهذا دخل في إرجاء الفقهاء جماعةٌ هم عند الأمة هم عند الأمة أهل علمٍ ودين، ولهذا لم يُكفِّر أحد من السلف أحدًا من مرجئة الفقهاء، بل جعلوا هذا من بدع الأقوال والأفعال، لا من بدع العقائد، بل جعلوا هذا من بدع الأقوال والأفعال، لا من بدع العقائد، فإن كثيرًا من النزاع فيها لفظي، لكن اللفظ المطابِق للكتاب والسُّنة هو الصواب، فليس لأحد أن يقول بخلاف قول الله ورسوله، لا سيما وقد صار ذلك ذريعةً إلى بدع أهل الكلام من أهل الإرجاء وغيرهم، وإلى ظهور الفسق.
كيف ظهر الفسق مع بدعة الإرجاء؟ أنهم أخرجوه عن مسمى الإيمان، وقالوا: إن إيمانه كامل، ولو فعل ما فعل من المعاصي، بالغوا في ذلك، وغلوا فيه فقالوا: إن إيمان أفسق الناس كإيمان جبريل، هذا يُهوِّن من شأن المعصية.
قال: لا سيما وقد صار ذلك ذريعةً إلى بدع أهل الكلام من أهل الإرجاء، يعني الغلاة، ما دام وافقهم في أصل قولهم علماء محسوبون على العلم والدين، الإمام أبو حنيفة من العُبَّاد، المعروفين المعدودين إذا ذُكِرُوا، ما يقال: أبو حنيفة الذي جره إلى هذا القول التخفُّف من التخفُّف من العبادات لا، اجتهاد، وهذا ما توصل إليه؛ لأن بعض الناس ينصر ما يوافق هواه، مثل هذا يُلام إذا رجَّح غير الحق، ومن الناس من ينصر ما يراه الحق، من الناس من ينصر ما يراه الحق، ولا يتبع هواه، مثل هذا يقال في أبي حنيفة ما يقال في أبي حنيفة لما أخرج الأعمال عن مسمى الإيمان أنه من أجل أن يتخفَّف من الأعمال، لا، يعني أبو حنيفة معروف بقيام الليل، ومعروف بقراءة القرآن، ومعروف بنوافل العبادات فضلاً عن فرائضها.
المقصود هنا يقول الشيخ: فصار ذلك الخطأ اليسير في اللفظ -قرُب جدًّا كلام الشيخ من كلام شارح الطحاوية-، فصار ذلك الخطأ اليسير في اللفظ سببًا لخطأ عظيم في العقائد والأعمال، فلهذا عظُم القول في ذم الإرجاء، حتى قال إبراهيم النخعي: لفتنتهم يعني المرجئة أخوف على هذه الأمة من فتنة الأزارقة. أخوف من فتنة الأزارقة الذين هم الخوارج. وهم مع الأزارقة مع الخوارج على طرفي نقيض، وقال الزهري: ما ابتدعت في الإسلام بدعةٌ ما ابتدعت في الإسلام بدعةٌ أضر على أهله من الإرجاء، وقال الأوزاعي: كان يحيى بن أبي كثير وقتادة يقولان: ليس شيء من الأهواء أخوف عندهم على الأمة من الإرجاء، وقال شريك القاضي، وذكر المرجئة، فقال: هم أخبث قوم، حسبك بالرافضة خبثًا، ولكن المرجئة يكذبون على الله. وقال سفيان الثوري: تركت المرجئة الإسلام أرَق من ثوبٍ سابرِ. وقال قتادة: إنما حدث الإرجاء بعد فتنة فرقة ابن الأشعث.
ولعل هذا التشديد على المرجئة الغلاة منهم، وقد تصدر مثل هذه الأقوال في حق بعض من ابتدع بدعة ولو لم تكن عظيمة، مثل مرجئة الفقهاء في بداية الأمر، في وقت نشوء البدع تجدون الأئمة يشددون على أهلها في النكير عليهم، من أجل أن تُجتَث من أصولها، لكن إذا طال العهد، واستقرّت عند فئام من المسلمين صار النقاش بالدليل، صار النقاش بالدليل ووضع النقاط على الحروف، ولذا تجدون في كلام في كلام الأئمة على الإمام أبي حنيفة منهم من أوصله إلى حد الكفر، وبدعته ليست بالشديدة حتى قال: الخطأ اليسير في اللفظ صار سببًا لخطأ عظيم في العقائد والأعمال، نعم هم هونوا من شأن الأعمال حينما أخرجوها من مسمى الإيمان، حينما أخرجوا الأعمال من مسمى الإيمان، الناس لا شك أنهم يهتمون بالإيمان الذي هو الأصل الذي لا تصح أي عبادة بدونه. فإذا أخرجوا الأعمال من مسماه كثيرٌ من الناس ما يميز، فيظن أن أنه لا أثر لهذه الأعمال فيه مع أن من نُسِب إليه المذهب ومن عُرِف عنه المذهب يهتم بالأعمال أشد من غيره. يقول: حسبك بالرافضة خبثًا، ولكن المرجئة يكذبون على الله.
من أين أُتي المرجئة؟ ومن أين أُتي الخوارج في التهوين من شأن الأعمال وفي التشديد من شأن الأعمال؟ من أين أُتوا؟ من قصور النظر في النصوص، من قصور النظر في النصوص، فالمرجئة نظروا إلى أحاديث الوعد، نظروا إلى نصوص الوعد، وغفلوا عن نصوص الوعيد، {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}[سورة الزمر: 53] هل يمكن أن تؤخذ هذه الآية على إطلاقها، مع ما جاء بعدها من الآيات في التشديد على المعاصي على ترك العمل؟ يعني جاءت آيات بعدها مباشرة، لكن أهل الأهواء من عادتهم الاقتصار من النصوص على ما يريدون فقط، على ما يؤيد أهواءهم، فتجده يقتصر على هذا، كمن قال: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ}[سورة الماعون: 4]، لكن ما الذي بعدها؟ اقرأ ما بعد الآية في سورة الزمر تجد التشديد في مسألة المعاصي، ما يقابلهم من الطوائف كالخوارج نظروا إلى نصوص الوعيد، وغفلوا عن نصوص الوعد، والعلاج في النظر إلى الأمرين والتوفيق بين هذه النصوص والتأليف بينها، وحمل بعضها على حال، وحمل البعض الآخر على حال؛ ولذا جاءت النصوص الشرعية علاج للأدواء، لأدواء الشبهات والشهوات، للأفراد والمجتمعات. ولذا حينما تعالج داءً سرى في مجتمع من المجتمعات كالتساهل والتفريط، تعالجهم بنصوص الوعيد، قد لا يكون من المصلحة أن تتعرض لنصوص الوعد؛ لأنك بصدد هدايتهم، وإذا كنت في مجتمع على النقيض، فيه تشديد، وفيه تطرف وفيه، تعالجهم بنصوص الوعد. النظر إلى أحد الطرفين ولو من خلال النصوص لا شك أنه يؤدي إلى إلغاء الطرف الثاني من النصوص والعكس، ولا يجوز إلغاء نصّ شرعي محكَم، بل لا بد من التوفيق بين النصوص على طريقة أهل العلم.
سُئل ميمون بن مهران عن كلام المرجئة فقال: أنا أكبر من ذلك. وقال سعيد بن جبير لذرّ الهمذاني: ألا تستحيي من رأي أنت أكبر منه؟ وقال أيوب السختياني: أنا أكبر من دين المرجئة.
طالب:...
نعم، مُحدَث وقول يترفع عنه العالم وطالب العلم، أنا أكبر من دين المرجئة، إن أول من تكلم في الإرجاء رجلٌ من أهل المدينة من بني هاشم يقال له: الحسن. وقال زادان: أتينا الحسن بن محمد فقلنا: ما هذا الكتاب الذي وضعت؟ وكان هو الذي أخرج كتاب المرجئة، فقال لي: يا أبا عمر، لوددتُ أني كنتُ مِتُّ قبل أن أُخرِج هذا الكتاب أو أضع هذا الكتاب.
نستحضر ما قلناه في الدرس الثاني، ولعلنا نعيد شيئًا منه؛ لنقارن بينه وبين هذا الكلام. إن أول من تكلم في الإرجاء رجلٌ من أهل المدينة من بني هاشم يقال له الحسن، وقال زادان: أتينا الحسن بن محمد، فقلنا: ما هذا الكتاب الذي وضعت؟ هذا كلام في الفتاوى لشيخ الإسلام، وكان هو الذي أخرج كتاب المرجئة، فقال لي: يا أبا عمر، لوددتُ أني مِتُّ قبل أن أُخرِج هذا الكتاب أو أضع هذا الكتاب، فإن الخطأ في اسم الإيمان ليس كالخطأ في اسمٍ مُحدَث ولا كالخطأ في غيره من الأسماء، إذ كانت أحكام الدنيا والآخرة متعلقة باسم الإيمان والإسلام والكفر والنفاق.
هذا الكلام يثبت أن أول من ابتدع البدعة هو الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب. وفي ترجمته من كتب الرجال يقولون: هو أول من قال بالإرجاء. هو أول من قال بالإرجاء، ونقلنا كلامًا عن الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب ماذا قال فيه؟
طالب: ........
نعود إليه، هذا هو معنا، يقول: جاء في ترجمة الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبو محمد المدني وأبوه يُعرف بابن الحنفية، وهو أول من تكلم في الإرجاء، قال ابن حجر في تهذيب التهذيب: قلت: المراد بالإرجاء الذي تكلم فيه الحسن بن محمد غير الإرجاء الذي يعيبه أهل السُّنَّة المتعلق بالإيمان. وذلك أني وقفتُ على كتاب الحسن بن محمد... نذكر الموضع من الفتاوى؛ لأنه مؤثر في المسألة.
يقول ابن حجر: قلتُ: المراد بالإرجاء الذي تكلم فيه الحسن بن محمد غير الإرجاء الذي يعيبه أهل السُّنَّة المتعلق بالإيمان، وذلك أني وقفتُ على كتاب الحسن بن محمد المذكور أخرجه ابن أبي عمر العدني في كتاب الإيمان له، في آخره قال: حدثنا إبراهيم بن عيينة عن عبد الواحد بن أيمن قال: كان الحسن بن محمد يأمرني أن اقرأ هذا الكتاب على الناس: أما بعد، فإنا نوصيكم بتقوى الله، فذكر كلامًا كثيرًا في الموعظة والوصية لكتاب الله واتباع ما فيه، وذكر اعتقاده ثم قال في آخره": ونوالي أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما-، ونجاهد فيهما؛ لأنهما لم يقتتل عليهما الأمة، ولم تشك في أمرهما، ونرجئ من بعدهما ممن دخل في الفتنة، فنكِل أمرهم إلى الله إلى آخر الكلام. فمعنى الذي تكلم فيه الحسن أنه كان يرى عدم القطع على إحدى الطائفتين المقتتلتين في الفتنة بكونه مخطأً أو مصيبًا، وكان يرى أنه يرجئ الأمر فيهما، هذا كلام ابن حجر: وأما الإرجاء والذي يتعلق بالإيمان فلم يُعَرِّج عليه، فلا يلحقه بذلك عابٌ، والله أعلم.
فرق بين كلام ابن حجر وبين كلام شيخ الإسلام. هل كلام ابن حجر يُتوقَّف فيه على صحة نسبة هذا الكتاب إليه؟ والكتاب تفرّد بتخريجه العدني ابن أبي عمر، وإذا تفرد بتخريجه هل يكون مظنة للصحيح أو مظنة لما لم يصح؟ لأن العلماء يجعلون من القرائن على الخبر بالضعف أو الوضع ألا يوجد في الدواوين المعتبرة عند أهل العلم. تمس إليه الحاجة ولا يوجد في الدواوين المعتبرة، أنت وقفت على حديث يرويه أحمد عن الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كذا.. سند كالشمس، بل يثبت بعض أهل العلم ما يروى بهذا السند أنه مقطوع بصحته، ولو لم تتعدد طرقه؛ لأنه لا يزال يتداوله إمام عن إمام، لكن ما وجدته إلا في الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني أو العقد الفريد لابن عبد ربه أو في كتاب من كتب التواريخ أو ما أشبه ذلك. تجزم بصحته، أو توجس ريبة من كونه يتفرد به هذا الأديب وهو بهذا السند؟
طالب:...
العلماء يقولون: إن تفرُّد هذه الكتب وخلو دواوين الإسلام من الأحاديث التي تحتاج إليها الأمة هذا دليل، بل حكم بعضهم على أنه موضوع، إذ كيف يروى بهذا الإسناد ويكون موضوعًا؟ نجزم بأن الإسناد مُركَّب، الإسناد مُركَّب، يكون سرقه بعض الرواة، وهذا ما يُسمى بسرقة الأحاديث، وهناك أيضًا سرقة الكتب وتكلم عليها العلماء كالذهبي وغيره، الآن نحن بين كلام ابن حجر وبين كلام شيخ الإسلام، شيخ الإسلام في كلامه الجزم بأنه أول من تكلم في الإرجاء وابتدع هذه البدعة وندِم على ذلك؛ لأنه قال: وددتُ أني مُتُّ، ويجوز ضم الميم وكسرها، لوددتُ أني كنت مِتُّ قبل أن أخرج هذا الكتاب أو أضع هذا الكتاب، فإن الخطأ في اسم الإيمان ليس كالخطأ في اسم محدث. الآن كلام شيخ الإسلام مسند إلى الحسن أم غير مسند؟ غير مسند، غير مسند، لكن شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- من أهل الاطلاع الواسع من أهل الاطلاع الواسع لا ندّعي له العصمة؛ لأن الإنسان مهما بلغ من العلم قد يهجم عليه، قد يهجم على قلبه شيء منسوب أو مذكور عن شخص تلقّاه من القِدم وردَّده في مناسبات، واستقر في ذهنه، بحيث لا يقبل النقاش، لكنه إذا نُبِّه تنبه. يمشي على هذا، أحيانًا نقرأ كلامًا في الكتب ولا نُنبِّه على خطئه ولا نعلّق عليه؛ لأنه لم يرد علينا ما يثير نقاش هذا الكلام أو مناقشة هذا الكلام، مثل ما قلنا في ترك الشيخ ابن باز -رحمه الله- التعليق على قول ابن حجر أن أهل السُّنَّة يرون أن الأعمال شرط كمال، بينما في مناسبات أخرى ذكر الشيخ ابن باز -رحمه الله- أن من قال: إن الأعمال شرط كمال هو قول المرجئة، طيب ما علّقت يا شيخ؟ هذا التعليق له أربعون سنة، ما جاء ما يثير أو يستدعي التعليق على مثل هذا، فكثير من الكلام يُمَر، ما ينتبه له إلا إذا أُثير حوله إشكال. يعني شيخ الإسلام لو اطلع على ما في مسند ابن أبي عمر يمكن يعيد النظر، أو أن ابن حجر لو اطلع على كلام شيخ الإسلام يمكن أن يعيد النظر.
أيهما أولى بالقبول كلام شيخ الإسلام أو كلام ابن حجر؟ كلام شيخ الإسلام في المسألة كلام متخصِّص في العقائد، ومن له باع في معرفة المذاهب والأهواء ومعرفة أهلها، ونشأتها، فهو مُقدَّم من هذه الحيثية، والحافظ ابن حجر أيضًا له اطلاع، وله أيضًا اختصاص بما هو بصدده من إثبات ما أثبته من خلال كتب الحديث، فكلٌ له مرجِّح، وإذا جرَّدنا النظر وقلنا: هل ننسب إلى الرجل أو لا ننسب إليه؟ يعني حصلت له براءة ونحن نبحث عن إيش؟ هل نحن نبحث عن إدانته أو براءته؟ نعم نبحث عن براءته، ما نبحث عن إدانته، ما دام ثبت أنه ما قال ما قال، لكن يبقى النظر في صحة ما أخرجه ابن أبي عمر؛ لأن الحافظ ابن حجر اقتصر على بعض السند، على بعض السند، وما اقتصر عليه صحيح، لكن ماذا عن بقية السند إلى ابن أبي عمر؟ هذا يُراجَع في الزوائد، وزوائد ابن أبي عمر في...
طالب: ............
لحظة لحظة، نحن نريد أن نراجع ما أثبته ابن حجر -رحمه الله- بإسناده، وزوائد ابن أبي عمر ألا توجد في المطالب؟ طالب: .........
نعم؟ المطالب العالية.
طالب: .........
بلى توجد. في المطالب العالية. فيُراجَع الكتاب هذا في المطالب، ثم بعد ذلك يُنظَر ثبوته وعدم ثبوته.
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
من معه الأصل؟ من الذي معه الأصل؟ المثبِت أم النافي؟ لا سيما وأن الإثبات مما يُعاب به، يعني لو كان منقبة قلنا: المثبِت مقدَّم على النافي؛ تحسينًا للظن بالمسلمين، ومن له صلة أيضًا من ذوي القربى، فكل ما أمكن الذب عنه فهو أولى، لا سيما وأنه يتشبث به طوائف.
على كل حال سواءً ثبت القول عنه أو لم يثبت العبرة بالقول، بغض النظر عن القائل.
طالب:...
هو إذا ثبت إسناده نقول: هو خفي على شيخ الإسلام، لا يمنع أن يخفى على شيخ الإسلام.
طالب:...
هو مسألة الإرجاء.
طالب:...
لا، هو الإشكال الاغترار باللفظ، الاغترار باللفظ، وهذه دقيقة يحتاج إليها طالب العلم لتحرير المسائل العلمية، نُقِل عن محمد بن الحسن أنه يرى مسح القدم، وأن الكعب هو الذي على ظهر القدم عند معقِد الشرِاك، هذا ثابت عن محمد بن الحسن، لكن هل قوله مثل قول الرافضة في مسح القدم إلى هذا المحل في الوضوء؟ كلام محمد بن الحسن سُئل عن قطع الخف إلى الكعب بالنسبة لمن لم يجد النعلين، قال: إلى معقد الشِراك إلى الكعب الذي على ظهر القدم، فسمع من سمع ونقل عن محمد بن الحسن أنه يرى أن الكعب الذي على ظهر القدم فصار قوله جِير للرافضة فصار محسوبًا عليهم ومعدودًا منهم، لكن لما نظرنا إلى أصل السؤال الذي لا ينقل مع الجواب، ومعلوم عند أهل العلم أن السؤال كالمُعَاد في الجواب. أن السؤال كالمُعَاد في الجواب. فعرفنا أن محمد بن الحسن يرى أن الكعب الذي يتحدث عنه إنما هو في قطع الخف لا في غسل الرجل إلى الكعبين، ومثله تقديره الصاع بثمانية أرطال، وخلافه مع الجمهور في أنه خمسة، هو يتحدث عن الماء، الماء، ولا شك أن الماء أثقل من غيره، كالبُرّ مثلاً، فإذا كِلنا الصاع والذي فيه من البُرّ لا شك أن وزن الماء أثقل مما يوضع فيه من غير الماء؛ لأن الماء لا يترك فراغًا، بينما البُرّ يترك فراغًا، وكل ما كبُر المكيل.. التمر يترك فراغًا أكثر من البُرّ، ولو وضعت تفاحًا مثلاً في الصاع يمكن الفراغ النصف، بينما البُرّ له نسبة من الفراغ، والتمر له نسبة من الفراغ، بينما الماء ما فيه فراغ، فإذا وَزَنتَ الصاع من الماء تجده أثقل من الصاع من البُرّ، وعلى هذا حمل قوله، فلا يختلف كثيرًا مع قول الجمهور، وإن كانت المسألة أمرها سهل من هذه، لكن الكلام فيما ينسب إليه في غسل الرجل، بل مسح الرجل إلى الكعب الذي هو معقد الشِراك على ظهر القدم، فلا بد من الانتباه لمثل هذه الأمور؛ لئلا تؤخذ الأقوال على ظاهرها من غير نظرٍ في بواطنها وخوافيها، فيُضلل الإنسان بسبب فهم خاطئ.
طالب:...
نعم هذا يؤيد، لكن ندمه على هذا، وددتُ أني متُّ، لو ثبت مثل هذا...
طالب:...
لا، كونه يندم يدينه، كونه يندم على تأسيس هذه البدعة لا شك أنه يدينه أنه أول من قال بها، هو ما يعرف قبله أحد، توفي سنة تسعة وتسعين.
طالب:...
نعم.
طالب:...
أين؟
طالب:...
نعم.
طالب:...
هذا كلام ابن حجر هذا الذي يدور عليه كلام ابن حجر وينفي عنه تهمة الإرجاء العقدية المعروفة.
طالب:...
أين؟
طالب:...
والله ليتنا حضرنا من المطالب العالية...
طالب:...
نعم. الخلاف في معنى الإرجاء الذي نُسِب إليه، فكلام شيخ الإسلام يدل على أنه إرجاء الاعتقاد، وتأخير العمل عن الإيمان، وكلام ابن حجر ينصب على أن المراد بالإرجاء: تأخير الحكم على من بعد أبي بكر وعمر، شتان بين المسألتين.
طالب:...
أين؟
طالب:...
لا، ما هو بشك في إيمانهم، المسألة في الحكم على المحِق من غيره من معه الحق مع غيره؛ لأن الأمة اختلفت فيهم، فلوجود هذا الاختلاف يتوقف، ويرجئ ويؤخر الحكم، أما أبو بكر وعمر فما اختلف عليهم أحد، هذا مفهوم الخطاب، لفظ الخطاب الذي أورده ابن حجر.
يا إخوان مسائل الإيمان ما تنتهي، والآن هذا الدرس الخامس، وما زلنا في الترجمة.
طالب: .......
من ترجم له يُطبِق على أنه أول من قال بالإرجاء، كل من ترجم له، وهذه من فوائد ابن حجر، ونبهنا عليها في وقتها، وأن سعة الاطلاع لا شك أنها تثري وتكشف، يعني مثل ما قال أهل العلم الحديث إذا لم تُجمَع طرقه لم يتبين خطؤه، وقلنا في مناسبات: إن العلم تمام التصور إنما يكون مع سعة العلم.
وقلنا: إن مثل واسع الاطلاع مع ضده كمن أحضر خارطة، ولتكن خارطة جغرافية العالم مثلاً، ثم مزَّقها وذرّها في الهواء، بقدر ما تجمع من هذه القطع تتكشف لك الأمور على حقائقها، لكن إذا فقدت بقدر ما تفقد لا شك أنها تخفى عليك الأمور بقدر ما فقدت، هكذا التصوّر إنما يتم بتمام وسعة الاطلاع. بقدر سعة الاطلاع يكون نورك وبصيرتك. ولذلك إحاطة شيخ الإسلام -رحمه الله- كما في كلام رشيد رضا الذي ذكرناه سابقًا جعلت التصور عنده واضحًا، وجعلته ينهل من علم الكتاب والسُّنة بطريقة لا تُوازى، وتتوارد عليه المعلومات، بحيث تسابق القلم، وعُرِف -رحمه الله- أنه لا يرفع القلم عن الورقة، يجلس مستوفذًا يكتب الفتوى في مائتي صفحة وصاحبها مستوفذ يريدها، والواحد منا إذا أراد أن يحرر مسألة لا بد أن يأتي بالكتب، التي يظن هذه المسألة مبحوثة فيها ويراجعها واحد بعد واحد، ويستعين بالحواسب، ويسأل أهل الاطلاع وأهل الخبرة، ثم يتمخض عن صفحة. فرق.
في كلام للحافظ ابن رجب -رحمه الله-، هنا ما يتعلق في الحسن بن محمد، في حديث أبي إسحاق قال: حدثنا أبو جعفر أنه كان عند جابر بن عبد الله هو وأبوه وعنده قوم فسألوه عن الغسل فقال: يكفيك صاعٌ، فقال رجل: ما يكفيني، فقال جابر: يكفي من هو أوفى منك شعرًا، وخيرٌ منك، ثم أمّنا في ثوب واحد.
الخبر لا علاقة له بما نحن بصدده، لكن فقال رجلٌ، يقول ابن رجب: وقد قيل: إن هذا الرجل الذي قال لجابر: ما يكفيني هو الحسن بن محمد بن الحنفية، وهو أول من تكلم بالإرجاء. وقيل: إنه كان يميل إلى بعض مذاهب الإباضية، في كثرة استعمال الماء في الطهارة، والذي في صحيح مسلم من حديث جعفر بن محمد عن أبيه، عن جابر قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا اغتسل من الجنابة، إلى آخره.
الذي قال لجابر: ما يكفيني هو الحسن بن محمد بن الحنفية، وهو أول من تكلم بالإرجاء، وقيل: إنه كان يميل إلى بعض مذاهب الإباضية.
الآن بالنسبة للإرجاء ما يراه أو الإرجاء يوافق مذهب الإباضية أو يناقضه؟
طالب: .........
يناقضه.
وقيل: إنه كان يميل إلى بعض مذاهب الإباضية في كثرة استعمال الماء في الطهارة. يعني لا يوافقهم في اعتقادهم، الذين هم فرع من الخوارج.
ثم قال: قال البخاري: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا معمر بن يحيى بن سام، قال: حدثني أبو جعفر قال: قال لي جابر: أتاني ابن عمك يعرّض بالحسن بن محمد بن الحنفية، قال: كيف الغسل من الجنابة؟ فقلت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأخذ ثلاثة أكف فيفيضها على رأسه، ثم يفيض على سائر جسده، فقال لي الحسن: إني رجلٌ كثير الشعر، فقلت: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر منك شعرًا.
هذا مُخرّج في البخاري، برقم مائتين وستة وخمسين، وهناك قال الحافظ ابن رجب قبله بورقات: وقد قيل إن هذا الرجل الذي قال لجابر: ما يكفيني هو الحسن بن محمد، وصاغه بصيغة التمريض لا داعي له. بل يُجزَم به.
طالب: ........
نعم.
طالب:...
هو موجود في مسلم أيضًا، لكن الكلام على البخاري الآن.
تعرفون يا إخوان أن السبت القادم ما فيه درس؟ وهذا آخر الدروس، وتستأنف إن شاء الله بعد الحج.
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
والله ما ترونه، أول أسبوع أنا أقول: حتى يجتمع الناس في الأسبوع الثاني. ما نرجع إلا في ثمانية عشر.
طالب:...
ما نرجع إلا في ثمانية عشر، الدراسة متى تبدأ؟
طالب:...
ماذا؟
طالب:...
نعم.
طالب:...
لا لا الأسبوع الثاني، ما ننتهي إلا يوم ثمانية عشر.
يقول: لو قال قائل: العلماء أكبر من أن ينسبوا هذا القول إلى الحسن بن محمد بمجرد وجود كلمة ونرجئ. الآن عرفنا كلام شيخ الإسلام، وكلام ابن رجب، وكلام ابن حجر. ولا شك أن الإنصاف مطلوب، والعلماء أيضًا لهم نصيبهم من التقدير، ولهم أيضًا أقدامهم الراسخة في العلم، وما فيه شك أنهم لن ينسبوا إلى شخص مثل هذه التهم لا سيما في عقيدة أنه بمجرد هذا الكلام، لكن مع ذلك لا بد من دراسة القولين، دراسة كافية.
قد يقول قائل: إن الذي يهمنا القول، لا من قال به، لكن ما فيه إشكال أن الإنسان يبحث عن منشأ البدعة وأصلها وأول من قال بها، والظروف التي قيلت فيها.
يقول: فالسلف قالوا: هو اعتقاد القلب ونطق باللسان وعمل الأركان، وأرادوا بذلك أن الأعمال شرطٌ في كماله. هل العبارة الأخيرة مستقيمة؟
نحن كم رددنا هذا الكلام فيما يتعلق بهذه العبارة، قلنا: إن الشيخ- رحمة الله عليه- نوقش لماذا ما علقت على فتح الباري في هذا الموضع، بينما في مناسبة من المناسبات وهي مقابلة مع مجلة المشكاة كما ذكرنا في درس سابق، أنه قال: من يقول: إن الأعمال شرط كمال في الإيمان هذا قول المرجئة، طيب لماذا ما علقت؟
قال: والله كلام له أربعون سنة، يعني ما وُجد ما يثيره، ويجعل الإنسان ينتبه له.
يقول: نريد توجيه كلام شيخ الإسلام؟
يقول: وقد تقدم أن جنس الأعمال من لوازم إيمان القلب، وأن إيمان القلب التام بدون شيء من الأعمال الظاهرة ممتنع. وذكرنا في درس سابق أن من أهل العلم من يجعلها ركنًا داخلًا في ماهية الإيمان، ومنهم من يجعلها شرطًا لصحته، وإن كانت خارجة عن ماهيته.
هذا ذكرناه في درس سابق.
والله أعلم.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
طالب:...
ذكرناه نعم.
طالب:...
البدعة لا، البدعة ثابتة، لكن هل هي ثابتة عنه أم لا؟
طالب:...
لا، ابن حجر ابن حجر نبّه على أن المراد بالإرجاء المنسوب إليه هو هذا.
طالب:...