شرح الموطأ - كتاب الزكاة (07)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا بحث في المسألة التي طرحت في أول كتاب الزكاة وإخراج أكثر من المطلوب ويبحثه أهل العلم في كتب الأصول في القدر الزائد على الواجب، هل يلحق به أو يكون الواجب واجبًا وما زاد عليه مسنونًا؟ ويفرقون بين الزيادة المتميزة المنفصلة عن الواجب وبين الزيادة المختلطة به، غير المتميزة.
هذا يقول: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فهذا بحث في القدر الزائد على الواجب
إلى أن قال: من وجبت عليه عبادة فأتى بما لو اقتصر على دونه لأجزأه، هل يوصف الكل بالوجوب أو قدر الإجزاء منه؟
إن كانت الزيادة متميزة منفصلة فلا إشكال أنها نفل بانفرادها، كإخراج صاعين منفردين في الفطرة ونحوه، يعني كال صاعًا الواجب عليه في الفطرة، وجعله في كيس، ثم كال صاعًا آخر فجعله في كيس منفصل عن الأول، هذه متميزة، ولا أحد يقول بوجوب الثاني، بمعنى أنه لو فرط في إخراجها ثم سرق قبل أن يسلم الفقير الصاعان معًا، فإنه لا يلزمه إلا الواجب، لكن لو جعلهما في كيس واحدة، ولم يميز الواجب من غيره مثل ذلك لو أخرج دينارًا عن عشرين، هذا محل الخلاف.
يقول: إن كانت الزيادة متميزة منفصلة فلا إشكال أنها نفل بانفرادها، كإخراج صاعين منفردين في الفطرة ونحوه، وأما إن لم تكن متميزة، ففيه وجهان مذكوران في أصول الفقه، وينبني عليه مسائل:
منها: إذا أدرك الإمام في الركوع بعد فوات قدر الإجزاء منه، هل يكون مدركًا له في الفريضة، يعني قدر الإجزاء مع الإمام ينحني الإمام ويطمئن ويأتي بالذكر مرة واحدة، قائلًا: سبحان ربي العظيم، ثم إذا بعد ذلك إذا زاد ثانية وثالثة وسابعة هذا كله مسنون، لكن هذه الزيادة غير متميزة، فهل يكون الجميع واجب، الركوع من أوله إلى الرفع منه كله واجب؟ وإلا يكون القدر الواجب أوله والزيادة عليه سنة، هذه الزيادة غير متميزة وهي محل الخلاف، لكن على مذهب الحنابلة هل يقولون: إن هذه الزيادة مستحبة وعلى هذا لا يجوز اقتداء المفترض بالإمام؛ لأنه متنفل حينئذ في القدر الزائد، ولا يرون صلاة المفترض خلف المتنفل، يقولون بهذا؟
يقول هنا: ظاهر كلام القاضي وابن عقيل تخريجها على الوجهين، إذا قلنا: لا يصح اقتداء المفترض بالمتنفل، قال ابن عقيل: ويحتمل أن تجرى الزيادة مجرى الواجب في باب الاتباع خاصة، إذ الاتباع قد يسقط الواجب، كما في المسبوق ومصلي الجمعة من امرأة وعبد ومسافر.
ومنها: إذا وجب عليه شاة فذبح بدنة، فهل كلها واجبة أو سبعها؟ على وجهه.
ومنها: إذا أدى عن خمس من الإبل بعيرًا، وقلنا: يجزئه، من أهل العلم من يقول: لا يجزئه البعير عن الشاة.
فهل الواجب كله أو خمسه؟ الواجب حكى القاضي أبو يعلى الصغير فيه وجهان فعلى القول بأن خمس الواجب يجزئ عن عشرين بعير أيضًا، وعن الآخر لا يجزئ عن العشرين إلا أربعة أبعرة.
ومنها: إذا مسح رأسه كله دفعة واحدة، وقلنا: الفرض منه قدر الناصية، فهل الكل فرض أو قدر الناصية منه؟
ومنها: إذا أخرج في الزكاة سنًّا أعلى من الواجب، فهل كله فرض أو بعضه تطوع؟
قال أبو الخطاب: كله فرض، قال القاضي: بعضه تطوع، وهو الصواب؛ لأن الشارع أعطاه جبرانًا عن الزيادة، فأما ما كان الأصل فرضيته ووجوبه ثم سقط بعضه تخفيفًا إذا فعل الأصل غصب الكل بالوجوب على الصحيح.
فمن ذلك: إذا صلى المسافر أربعًا فإن الكل فرض في حقه، وعن أبي بكر أن الركعتين الأخيرتين نفل لا يصح اقتداء المفترض به فيهما، وهو متمش على أصله، وهو عدم اعتبار نية القصر والمذهب الأول.
ومنها: إذا كفر الواطئ في الحيض بدينار فإن الكل واجب وإن كان له الاقتصار على نصفه، ذكره في المغني؛ لأنه مخير، الكفارة دينار أو نصفه كما جاء به الخبر على خلاف في ثبوته.
ومنهم من يجعل أو ليست للتخيير، وإنما هي للتنويع والتقسيم، ففي وقت إقبال الحيضة أو فورتها دينار، وفي وقت إدبارها وضعفها نصفه.
ويتخرج فيه وجه من قول أبي بكر: فأما إن غسل رأسه بدلًا عن مسحه، وقلنا بالإجزاء ففي السائل منه وجهان: أحدهما أنه مستعمل.
طيب عندنا المرأة ليس عليها حلق وإنما عليها التقصير، لو جاءت بأكثر من الواجب، حلقت، يجزئ وإلا ما يجزئ؟ مثلما عندنا هنا يقول: ومنها إذا غسل رأسه بدلًا عن مسحه، الواجب المسح، والغسل قدر واجب على ما جاء به الشارع، فهل يمكن أن يوصف هذا بوجوب، وهو خلاف مراد الشارع، فهل يجزئ عن الواجب؟ لأنه هو الواجب وزيادة، فيه زيادة على الواجب المطلوب، وقل مثل هذا فيما لو حلقت المرأة شعرها في النسك، نعم، قل مثل هذا فيما لو غسل العضو عشر مرات مثلًا، جاء بالواجب وما يزيد عليه.
يقول: ففي السائل منه وجهان: أحدهما أنه مستعمل في رفع حدث؛ لأن الأصل هو الغسل وإنما سقط تخفيفًا، والثاني: وهو الصحيح أنه طهور؛ لأن الغسل مكروه، فلا يكون واجبًا، وقد يقال: الإتمام في السفر أيضًا مكروه.
والواجب الذي لا يتقيد بعدد محدود كالطمأنينة في الركوع والسجود، ومدة القيام والقعود إذا زاد على أقل الواجب فالزيادة ندب واختاره أبو الخطاب.
وقال القاضي: الجميع واجب؛ لأن نسبة الكل إلى الأمر واحد، والأمر في نفسه أمر واحد، اركعوا مع الراكعين، فالركوع واجب، فالذي يتم به امتثال الواجب كله واجب، على كلامه والأمر في نفسه أمر وحد، وهو أمر إيجاب، ولا يتميز البعض عن البعض فالكل امتثال.
يقول: ولنا أن الزيادة يجوز تركها مطلقًا من غير شرط ولا بدل، وهذا هو الندب؛ لأن الأمر أن مقتضى إيجاد ما تناوله الاسم فيكون هو الواجب, والزيادة ندب، وإن كان لا يتميز بعضه عن بعض فيعقل كون بعضه واجبًا، وبعضه ندبًا، كما لو أدى دينارًا عن عشرين.
أصل العشرين فيها كم زكاة؟ نصف دينار، ربع العشر، فلو أدى دينارًا عن عشرين، هل الكل واجب أو بعضه؟ على الخلاف؛ لأن الزيادة غير متميزة، ويلتحق بهذا مسائل كثيرة، يحتاجها طالب العلم، أحيانًا يحتار في تخريجها على أصل فإذا ضبط القاعدة، نعم في كتب القواعد يتركون الطالب يكون محتاجًا إلى الشيخ باستمرار، يتركونه أحيانًا في حيرة، يطلقون الوجهين والروايتين والقولين ولا يرجحون، لكن بصدد تقرير قاعدة وتوضيح قاعدة، وليسوا بصدد تقرير أحكام.
أما فروع هذه القاعدة التي يحتاج فيها الطالب إلى ترجيح الراجح فمحله كتب الفروع؛ ولذلك لا تجدهم يرجحون، يطلقون الروايتين والوجهين والقولين، ثم بعد ذلك الطالب إذا رجع إلى كتب الفروع عرف الراجح من المرجوح.
سم.
أحسن الله إليك.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المؤلف -رحمه الله- تعالى: باب العمل في صدقة عامين إذا اجتمعا:
قال يحيى: قال مالك -رحمه الله-: الأمر عندنا في الرجل تجب عليه الصدقة وإبله مائة بعير، فلا يأتيه الساعي حتى تجب عليه صدقة أخرى، فيأتيه المصدق وقد هلكت إبله إلا خمس ذود.
قال مالك رحمه الله تعالى: يأخذ المصدق من الخمس ذود الصدقتين اللتين وجبتا على رب المال شاتين في كل عام شاة؛ لأن الصدقة إنما تجب على رب المال يوم يصدق ماله، فإن هلكت ماشيته أو نمت فإنما يصدق المصدق زكاة ما يجد يوم يصدق، وإن تظاهرت على رب المال صدقات غير واحدة فليس عليه أن يصدق إلا ما وجد المصدق عنده، فإن هلكت ماشيته أو وجبت عليه فيها صدقات، فلم يؤخذ منه شيء حتى هلكت ماشيته كلها، أو صارت إلى ما لا تجب فيه الصدقة، فإنه لا صدقة عليه، ولا ضمان فيما هلك، أو مضى من السنين.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف رحمه الله تعالى: باب العمل في صدقة عامين إذا اجتمعا:
إذا اجتمعا، الزكاة في الأموال الظاهرة كانت تؤدى عن طريق الساعي، فالساعي هو الذي يقبض زكاة المواشي، من قِبل ولي الأمر، يكلفه بهذا، ويجمعها من الناس، والخارص من قبل ولي الأمر يخرص الزروع والثمار، التمر والعنب وغيرهما، والحبوب، على ما سيأتي، ويأخذ الزكاة نيابة عن ولي الأمر، فإذا لم يأت الساعي، شخص عنده عدد كبير من المواشي يجب فيها الزكاة، ما جاء الساعي، هل نقول: يلزمك أن تذهب بصدقتك وتسلمها الفقراء أنت، أو تسلمها الإمام؟
الأصل أن الزكوات تؤخذ من أصحاب المواشي على مياههم، لكن ما جاء الساعي، من السنة التالية جاء، وقال: أنا والله ما جئتكم العام الماضي، لكن أنا آخذ زكاة سنتين، خلال هاتين السنتين الإبل تغير وضعها، إما أن تكون زادت زيادة واضحة، أو تكون أيضًا نقصت نقصًا بينًا، فكيف يزكي؟ هل يزكي على حسب الموجود الآن وقت مجيء الساعي، مائة صارت خمسًا، يأخذ خلال العامين النقص تدريجي، لما حال عليها الحول فإذا هي ستون، الحول الأول، لما حال الحول الثاني صارت خمسًا، هل نقول: يأخذ عن العام الماضي زكاة الستين، وعن العام الذي يليه يأخذ زكاة الخمس، أو يأخذ ما استقر عليه الأمر عند مجيء الساعي؟ خمس فيأخذ شاة عن هذه السنة وشاة عن السنة التي قبلها، هذا موضع بحث الإمام رحمه الله تعالى في هذا الباب.
يقول: قال يحيى قال مالك: الأمر عندنا في الرجل تجب عليه الصدقة وإبله مائة، إبله مائة بعير، فلا يأتيه الساعي حتى تجب عليه صدقة أخرى، يتأخر الساعي، ما يأتي، فيأتيه المصدق، يعني الساعي، وقد هلكت إبله إلا خمس ذود.
الآن هذا في تأخير الزكاة، من المعلوم عند أهل العلم أنه لا يجوز تأخير الزكاة إذا حان وقتها، ويتجاوزون عن الشيء اليسير يومًا أو يومين أو ثلاثة، أما بالنسبة للتعجيل فلا بأس به إذا كانت مصلحة الفقير تقتضيه، والنبي عليه الصلاة والسلام قال بالنسبة لزكاة العباس: ((هي علي ومثلها)).
في كلام الإمام مالك رحمه الله تعالى: الأمر عندنا في الرجل تجب عليه الصدقة وإبله مائة، فلا يأتيه الساعي حتى تجب عليه صدقة أخرى، فيأتيه المصدق، وقد هلكت إبله إلا خمس ذود.
افترض أن الساعي ما جاء خمس سنوات، والإبل كانت مائة، بعد سنة صارت مائتين، بعد سنة صارت ثلاثمائة، في السنة الرابعة صارت مائة، في السنة الخامسة صارت خمسًا، ثم جاء المصدق ليأخذ زكاة خمس سنوات، ماذا يأخذ؟ خمس عنده الآن، يأخذ خمس شياة؟
يقول رحمه الله تعالى: قال مالك: يأخذ المصدق من الخمس ذود الصدقتين اللتين وجبتا على رب المال، شاتين في كل عام شاة.
افترض هذا في شخص عنده دراهم، في رصيده مائة ألف، لما حال عليها الحول صارت مائة وخمسين، الحول الثاني صارت مائتي ألف، الثالث رجعت إلى مائتين، الرابع صارت مائة، الخامس انتهت ما فيه شيء، لما جاءه الساعي قال: والله ما عندي شيء، أو نقول: زكاة النقود تختلف، الأموال الخفية يختلف وضعها عن الأموال الظاهرة؟
لأن هذه لا تحتاج إلى ساعٍ، بل يأثم بتأخيرها، ولو كلف رب المال بإخراج الزكاة بالنسبة للمواشي في وقتها، وهو بعيد عن الإمام، والإمام ما كلف أحدًا يقبض منه الزكاة، وبينه وبين المدن مفاوز، ويحتاج إلى عناء ومشقة لجلب هذه الزكاة إلى الإمام، ويفترض أنه ليس عنده فقير يدفع إليه مباشرة، وإلا لو وجد الفقير فهو مصرفها يعطى.
يقول: يأخذ المصدق من الخمس ذود الصدقتين اللتين وجبتا على رب المال، أما بالنسبة للدراهم، للأموال الخفية فيخرج جميع ما وجب عليه، يخرج جميع ما وجب عليه، لكن بعض الناس يقول: يحول علي الحول وعندي بضاعة، لكن ما عندي سيولة أخرج الزكاة، ينتظر وإلا يقترض؟ يقول: أنا والله عندي أموال ولله الحمد باقية موجودة، محتويات هذا المحل ملايين، افترض خمسة مليون مثلًا، زكاتها مائة وخمسة وعشرين ألف، يقول: والله ما عندي مائة وخمسة وعشرون، لا أستطيع أن أدبر مائة وخمسة وعشرين، هل نقول يقترض أو يبيع شيئًا من المحل، ولو اضطر أن يبيعه برخص؟ نعم، هذا دين حلّ، دين الله أحق بالقضاء، فيلزمه أن يخرج الزكاة.
يقول مالك: يأخذ المصدق من الخمس ذود الصدقتين اللتين وجبتا عليه، على رب المال، شاتين في كل عام، في كل عام شاة؛ لأنه ما بقي عنده إلا خمس، والخمس زكاتها شاة، لكنه قبل عام يعني في حلول العام الأول كانت خمسين مثلًا، نعم فعلى كلام الإمام رحمه الله تعالى المصدق ما له إلا الذي هو يرى، ليس له إلا ما أمامه.
يقول الإمام رحمه الله: لأن الصدقة إنما تجب على رب المال يوم يصدق ماله، أي يزكيه، وعندهم شرط الوجوب مجيء الساعي، افترض أن شخصًا عنده أموال طائلة، مواشي كثيرة، لكن ما جاءه ساعٍ أبدًا، هل الزكاة مرتبطة بالساعي؟ مجيء الساعي شرط عندهم؟ عندهم نعم، يزكي الموجود عدد السنوات الماضية يعني عن السنتين يزكي شاتين، ولو كانت قبل سنة مائة، هذا نص كلامه، فيزكي على مقتضى الوضع الراهن، وقت مجيء المصدق، وشرط الوجوب عندهم مجيء الساعي إن كان فلا ضمان عليه فيما تلف، يعني لو تلف، المسألة التي تصورناها فيها تلف، مات كمية كبيرة، فيما تلف لانعدام شرط الوجوب، سواءً تلف بأمر سماوي، أو بأمر عادي، يعني فرط في حفظها، غنم وفرط في حفظها فماتت من البرد، لكن شريطة ألا يقصد الفرار من الزكاة، لا يفرط هذا عند مالك وأصحابه.
قال أبو حنيفة: إن أتلفها هو ضمن، يعني فإن تلفت بآفة سماوية لا ضمان عليه، لكن أتلفها هو ضمن، لا سيما إذا فرط في حفظها، طيب، إن لم يكن هناك ساعٍ تعطل الزكاة؟ يعني على مقتضى كلام الإمام مالك أن الزكاة تعطل حتى يأتي الساعي، ومجيء الساعي شرط لوجوبها، فالذي لا يأتيه الساعي نعم لا زكاة عليه، افترض أن شخصًا انزوى في زاوية بحيث لا يمكن الوصول إليه، يعني هذا ما عليه زكاة؟ نعم؟ أنت لا تستصحب أن قصده في هذا الفرار من الزكاة، نعم، جاء شخص إلى أحد المشايخ وقال: إن الساعي أعفاني من الزكاة، فقال: الحق به عله أن يعفيك من الصلاة، قال: له، أبد، نعم.
طالب:......
هذه فريضة، فريضة من الله جل وعلا، لا يملك الإعفاء منها ولا ولي الأمر، ما يملك، هذه فريضة مفروضة، ركن من أركان الإسلام لا يملك أحد أن يعفي منها، لكن على رأي الإمام مالك أن الساعي لو خان الأمانة ولا طلع، أو طلع مثلما يطلع بعض المتساهلين يقول: والله ما لقينا أحدًا يزكي، نأخذ منه الزكاة، أو رب المال صاحب المال انزوى في زاوية بحيث لا يطلع عليه ولا الطيور، نعم، مقتضى قول مالك أنه ما عليه شيء؛ لأن مجيء الساعي شرط، لكن عند الأكثر عليه الزكاة، قد يقول قائل: كيف نكلف هذا صاحب المال أن يحمل هذه الزكاة إلى حيث الإمام، كلفناه فوق ما كلف به شرعًا، لكن على كل حال إذا حصل التفريط في الأمور الواجبة من جهة، أو من طرف، فإنه لا يجوز التساهل منا للطرف الآخر، فشعائر الله لا بد من القيام بها، وعلى هذا لو فرط الإمام مثلًا، ولا وضع سعاة، وطالب الناس بالزكوات فعليهم دفعها، كونهم يوفر لهم من يستلم منهم على مياههم بحيث لا يكلفون تبعة النقل، وتكاليف أداء الزكاة هذا من حقوقهم على الإمام، ودفعهم الزكاة من حق الله عليهم، فكل إنسان مطالب بما يخصه، فهم مطالبون بما افترض عليهم، والإمام مطالب ببعث السعاة لجباية الزكاة، فيؤدون الذي عليهم، ويسألون الله -جل وعلا- الذي لهم، فإذا كلفهم مبلغ عندهم حقة وجذعة وبنت لبون، يجمعونها في سيارة مثلًا أجرتها إلى محل الإمام خمسمائة ريال، على الإمام أن يدفع لهم هذه الأجرة، فإن دفعها وإلا فيسألون الله -جل وعلا- الذي لهم يؤدون الذي عليهم، ويسألون الله جل وعلا الذي لهم.
وقل مثل هذا لو كان عنده زكاة مال، عليه أن يؤديها إلى مصرفها، ولو كلفت ما كلفت؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، لا يتم توزيع هذه الزكاة وإيصالها إلى أربابها إلا بمؤونتها، نعم.
طالب:......
صاحب الزكاة؟ الأصل المتصدق، المتصدق الأصل أن تؤخذ زكاته على مائه، والإمام يبعث السعاة إلى هؤلاء أرباب الأموال ولا يكلفهم بنقلها إلى الإمام، هذا الأصل، نعم، فإذا قصر الإمام مثلًا أو قصر الساعي خان، كلف براتب وإلا بجزء من الزكاة فما راح، نعم؛ لأن بعض الناس يتساهل في أداء ما وجب عليه، بعض الناس يطلب خارج دوام ولا يروح، أو يطلب انتداب ولا يسافر، وقل مثل هذا في الساعي، الساعي وكله الإمام بأن يقبض زكاة الجهة الفلانية وما راح، قال: رحنا ولا لقينا أحدًا، نعم، فإثمه عليه، لكن يبقى أن هذا مطالب بدفع الزكاة، والإمام مطالب ببعث السعاة، كون الإمام بعث ساعيًا ورأى أن الذمة تبرأ ببعث مثله، اجتهد؛ لأنه على الإمام أن يجتهد في انتقاء من يوليه على أي عمل من الأعمال، ولا يجوز تولية إلا القوي الأمين الذي يليق بالولاية، المقصود أن الإمام توسم في هذا الشخص أنه يصلح لهذا العمل، ثم بعد ذلك هذا قصر، وذاك يقول: لا أنا والله ما أنا بدافع زكاة، هذا المفروض أن الساعي يجيء يأخذه، الحاجة لهم، الحاجة لك أنت يا أخي ما هي لهم، هذا حق الله جل وعلا، زكاة نماء تطهير، لكن ولمالك، فأنت يجب عليك أداء الزكاة، وهم يجب عليهم أن يأخذوها منك على مائك، فإذا قصروا بما أوجب الله عليهم وجب عليك أن تؤدي ما افترض الله عليك.
هو إذا لم يبعث له الإمام، ورأى أن التقصير من الإمام فإنه يتصرف، وسيأتي في خطاب عمر بن عبد العزيز.
يقول: فإن هلكت ماشيته أو نمت، يعني زادت، يعني هذه المائة سواءً وصلت خمسمائة أو وصلت خمسًا، فإن هلكت ماشيته أو نمت فإنما يصدق المصدق، يعني يأخذ الساعي، زكاة ما يجد يوم يصدق، يعني تأخر سنتين، نعم، ثم قال: وجد المال ألف رأس من الغنم، قال: آخذ عليك زكاة ألف في اثنين، سنتين، يا أخي العام الماضي خمسمائة هي، قال: لا، لا بد نأخذ، ما الدليل على ذلك أنها خمسون، يمكن ألفان الآن، نعم، والإمام مالك يقول: فإنما يصدق المصدق زكاة ما يجد يوم يصدق، وإن تظاهرت على رب المال صدقات غير واحدة، يعني لسنوات متعددة، فيصدق ما يجد، ويعمل حسابه على ما وجد، لماذا؟ لاحتمال أن رب المال لا يقر ولا يعرف بالحقيقة، فالذي يجده الأصل أنه موجود من قبل، لا سيما إذا كانت الأسنان تحتمل ذلك، لكن هل رب المال يصدق فيما يقول، ويدين بينه وبين ربه في العدد، افترض أن المصدق وجد مائة رأس من الإبل، وقال له صاحب المال: كانت على رأس الحول الأول مائتين، هل نقول: إنه ليس بصادق؟ لأن هذا أقر بما يضره لا بما ينفعه، المسألة مسألة ضرر ظاهر يعني، ما هو بضرر حقيقي؛ لأن الزكاة ليس فيها ضرر، فإذا أقر بما يلزم به يصدق، لكنه قال: كانت العام الماضي خمسين، على كلامه ما يصدق، بل يؤخذ منه زكاة الموجود مضروبة في عدد السنوات، هذا رأي الإمام مالك رحمه الله تعالى.
فإن هلكت ماشيته أو وجبت عليه فيها صدقات متعددة فلم يؤخذ منه شيء حتى هلكت ماشيته كلها، أو صارت إلى ما لا تجب به الصدقة لنقصها عن النصاب، فإنه لا صدقة عليه، ولا ضمان فيما هلك أو مضى من السنين، يعني الإمام مالك يطرد قوله، يطرده، العبرة متى؟ بوقت مجيء الساعي، طيب الساعي تأخر خمس سنوات، وجد مائة رأس يزكي مائة رأس في خمسة، كانت مائة وصارت خمسًا، يزكي خمسًا في خمسة، الذي قدامه، بحيث لا يكلف بإلزام، بإحضار بينات، ولا دعاوى، ولا شهود، ولا أيمان، سواءً كانت أقل، أو أكثر، هذا فيه نوع من ضبط، لكن الزكاة وهي ركن من أركان الإسلام فعلى أصحاب الأموال الذين لا تنضبط أموالهم ولا تطرد عليهم أن يحاسبوا أنفسهم، كما يقول أهل العلم: محاسبة الشريك الشحيح، ولا ضمان فيما هلك، أو مضى من السنين، يعني هل يتهم الإنسان بالتفريط في حفظ ماله فرارًا من الزكاة، عنده مائة من الإبل، أو ألف رأس من الغنم، ماتت كلها، هل يمكن أن يقول له الساعي: أنت فرطت في حفظها فعليك الزكاة، يمكن أن يقال له هذا؟ نعم؟ هل يمكن أن يفرط الإنسان بألف لئلا يخرج عشرًا؟ نعم؟ ما يمكن، لا يمكن أن يفرط؛ ولذا في درس مضى قلنا: إنه لو كان شخص عنده عمارة قيمتها خمسة ملايين، يحول عليها الحول في رمضان، أوقفها في شعبان لجهة خيرية، هل نتهمه بأنه أوقفها فرارًا من الزكاة؟ ما يمكن يتهم مثل هذا، نعم.
المقصود أن مثل هذا لا يمكن أن يتهم، المقصود بالوقف النافذ.
طالب:......
بلا شك.
طالب:......
أين؟
طالب:......
لا بد من البينة، إذا دلت القرائن على عدم صدقه ببينة، وإن دلت القرائن على صدقه فيدين.
طالب:......
هو ثقة؟
طالب:......
إذا كان ثقة يقبل وإلا، نعم.
طالب:......
هي دين في ذمته، هي دين، و؟؟؟؟ ولذلك يؤمر بالعمل في الأموال؛ لئلا تأكلها الصدقة، وهذا فرط في إخراج الزكاة ولو أتت على المال، أين؟
طالب:......
مثلما ذكرت الرأي المعتبر أن الزكاة المطالب بها بالدرجة الأولى صاحب المال، الإمام مطالب ببعث السعاة، هذا له خطاب، وهذا له خطاب، توفير الساعي، وتوفير من يوصل هذه الأموال إلى مصارفها لا شك أنه من حق صاحب المال، فهذا من حقه الذي يجب في بيت المال، والقدر المخرج من هذه الزكاة من حق الله جل وعلا على صاحب المال، فإذا لم يؤدِ إليه حقه بتوفير ما ينقل هذه الأموال إلى الإمام، فيؤدي الذي عليه، ويسأل الله جل وعلا الذي له، كسائر المستحقات.
طالب:......
نعم، الأصل أن يخرجها فورًا، طيب، هل ارتباط هذه المسألة يعني كون المصدق ينظر إلى الموجود، ولا يأخذ من الهالك، نعم، يعني المصدق كانت الإبل، اشترى خمسين، على رأس الحول الأول صارت مائة، على رأس الحول الثاني صارت خمسًا، قول مالك رحمه الله تعالى يتخرج على القول بأن الزكاة متعلقة بنفس المال، أو في الذمة؟ بنفس المال، واضح، لكن على القول أن الزكاة تثبت في الذمة، يقال له: كم بلغت على رأس الحول الأول، فتؤخذ منه، كم بلغت في الحول الثاني؟ تؤخذ منه بقدرها، هذا إذا قلنا: إنها بالذمة، ومعروف أنها الأصل في عين المال، ولها تعلق بالذمة، والمسألة التي ذكرناها في درس مضى فيها القاعدة.
طالب:......
بنهاية الحول نعم، لكن هذا حول ثان، نهاية الحول الأول مائة، ونهاية الحول الثاني خمس، نعتبر وجوب الزكاة في الحول الأول باعتبار أعيان هذه المائة، وباعتبار انشغال ذمة المزكي يزكي مائة، على قول مالك ما يزكي إلا الخمس؛ لأنه ما فيه ارتباط ذمة خلاص، المسألة مرتبطة بالمال، وهذه المسألة التي قرأناها قبل، هل الزكاة تجب في عين النصاب أو في ذمة مالكه؟ اختلف الأصحاب وفيها طرق قرأناها قبل، لكن واضح أن رأي الإمام مالك متجه إلى عين المال، وأن الذمة لا علاقة لها، ولا ارتباط بالمال، نعم.
أحسن الله إليك.
طالب:......
كيف؟
طالب:......
والله هو الذي يظهر، والقواعد العامة تقتضي هذا، نعم.
أحسن الله إليك.
وإلا كل إنسان يفرط ويسوف ويرى ماذا يصير عليه إلى أن تتلف الأموال، ثم بعد ذلك لا يطال بها، نعم.
طالب:......
الوقف الذري، الوقف، الذي يسمونه، هذا على الخلاف في ثبوته، وهل يثبت أو لا يثبت؟ شيخ الإسلام له رأي في المسألة من أحسن ما يكون، يقول: إذا كان الوقف لا يحقق الهدف الشرعي من الوقف، فلا يثبت وقفه، ما يثبت وقفه، يعني افترض وقف ومصارفه في أعمال البر، نعم، ويؤجر على جهات تزاول محرمات مثلًا، هل هذا الوقف يحقق الهدف الشرعي، أو مثلًا وقف عمارة تبنى والعمال يبنون وقت، والناس يصلون، عندنا اضطراب في كثير من المسائل، قد يخفى على الموقف بعض التصرفات، لكن عليه أن يتابع؛ لأنه يقصد بهذا الوقف وجه الله جل وعلا، فإذا كان لا يحقق الهدف.
افترض وقف مثلًا في أسفلها بنوك، وفي أعلاها أمور محرمات أو ناس لا يجوز تأجيرهم أصلًا، هذا يحقق الهدف الشرعي من الوقف؟ لا، نعم.
أحسن الله إليك.
باب النهي عن التضييق على الناس في الصدقة:
حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن القاسم بن محمد عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: "مر على عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بغنم من الصدقة فرأى فيها شاة حافلًا ذات ضرع عظيم، فقال عمر: ما هذه الشاة؟ فقالوا: شاة من الصدقة، فقال عمر: ما أعطى هذه أهلها وهم طائعون، لا تفتنوا الناس، لا تأخذوا حزرات المسلمين، نكبوا عن الطعام".
وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان أنه قال: أخبرني رجلان من أشجع أن محمد بن مسلمة الأنصاري كان يأتيهم مصدقًا فيقول لرب المال: "أخرج إلي صدقة مالك" فلا يقود إليه شاة فيها وفاء من حقه إلا قبلها.
قال مالك رحمه الله: "السنة عندنا والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا أنه لا يضيق على المسلمين في زكاتهم، وأن يقبل منهم ما دفعوا من أموالهم".
يقول المؤلف رحمه الله تعالى: باب النهي عن التضييق على الناس في الصدقة:
الأصل في الصدقة ما كان وسطًا بين قوله عليه الصلاة والسلام: ((إياك وكرائم أموالهم)) وبين قوله جل وعلا: {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون} فعلى هذا الزكاة من الأوساط، فإذا كان فيها الرأس من الغنم الذي يستحق ألفًا، وفيها العدد الذي يستحق ثلاثمائة ومائتين، وفيها ما بين ذلك، فيؤخذ المتوسط، هذا الأصل، لا من كرائم الأموال، ولا من أرذالها، وهذا هو العدل؛ لأن الأخذ من الكرائم مضر بالأغنياء، والأخذ من الأرذال مضر بالفقراء، فتلاحظ مصلحة الأغنياء، وتلاحظ أيضًا مصلحة الفقراء، فلا يضار الناس بأموالهم.
قد يقول قائل: لماذا لا يؤخذ زكاة كل صنف منه، عنده ألف رأس منها مائة من الكرائم، نأخذ كريمة واحدة، وعنده ثلاثمائة من الأوساط نأخذ ثلاثًا من الأوساط، وعنده البقية من الرديء، يؤخذ من الرديء، لكن مثل هذا ما ينضبط؛ لأنه قد يعتبر الساعي هذه كريمة، ويقول صاحب المال: أبدًا، ليست، أو العكس، فيحصل فيه المشاحة؛ ولذا دائمًا الشرع ينظر إلى أمر تندرج فيه جميع الصور، ولا يذكر تفصيلات تكون مثار خلاف وجدل بين الآخذ والمعطي.
يقول: حدثني يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن يحيى بن حبان عن القاسم بن محمد، الفقيه من الفقهاء السبعة، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: "مر على عمر بن الخطاب بغنم من الصدقة"
مر، فعل ماذا؟
طالب:......
أمر وإلا ماضي؟ نعم؟
طالب:......
ما زال الإشكال؛ لأن الصيغة تحتمل الماضي وتحتمل الأمر، هل عائشة قالت للقاسم بن محمد: مر على عمر، أو هي تخبر القاسم بن محمد أن عمر مر عليه في زمن مضى ما هو بالآن، تخبر، مر على عمر بن الخطاب بغنم من الصدقة فرأى فيها شاة حافلًا، يعني مجتمع لبنها في ضرعها، ذات ضرع عظيم، ثديها ملآن من الحليب، فقال عمر: ما هذه الشاة؟ فقالوا: شاة من الصدقة، فقال عمر رضي الله تعالى عنه: ما أعطى هذه أهلها وهم طائعون، يعني افترض رضي الله تعالى عنه أسوأ الاحتمالات، ما يقول الأصل في المسلم: إنه تجود نفسه بما يطلب منه، نعم، لا، يقول: ما أعطى هذه أهلها وهم طائعون، فتوقع عمر رضي الله تعالى عنه أن صاحبها مظلوم بأخذ هذه وهي من الكرائم؛ ولذا جاء في حديث بعث معاذ: ((إياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم)) لأن من يؤخذ منه أكثر مما أوجب الله عليه يكون مظلومًا، طيب مادام عمر توقع أنه مظلوم هل أمر بردها؟ ما أمر بردها؛ لاحتمال أن يكون عمر رضي الله تعالى عنه توقع أن جميع المال بهذه الصفة، والزكاة تؤخذ منه.
ما أعطى هذه أهلها وهم طائعون، لا تفتنوا الناس، لا تفتنوا الناس، مثل هذا التضييق على الناس لا شك أنه يجعلهم يكرهون ما أوجب الله عليهم، بل يحمل بعضهم على البخل بما أوجب الله عليهم، جاء الساعي وأخذ الكرائم، في السنة القادمة يضطر صاحب المال أن يخفي هذه الكرائم، نعم، أو إذا قيل له -ثقة به-: كم عدد ماشيتك؟ قال: مائة وهي ألف؛ لأنه في العام الماضي دفع أكثر مما أوجب الله عليه، فيحاول يسدد ما دفعه في العام الماضي من هذه السنة، هذه فتنة، الأصل في المسلم أنه يقبل على ما أمر به شرعًا بنفس مطمئنة مرتاحة منساقة، مشتاقة، ويدفع ما أوجب الله عليه دون تردد، لكن إذا حصل أنه يظلم لا شك أن هذا يحمله على بعض التصرفات التي لا تحمد.
لا تفتنوا الناس، لا تأخذوا حزرات المسلمين، في بعض الروايات: "حرزات" بالزاي ثم الراء أو العكس، والحزرات هي خيار الأموال جمع حزرة، والحرزات كذلك، هي ما يحرزه الإنسان ويدخره لنفسه.
لا تأخذوا حزرات المسلمين، نكبوا عن الطعام".
" نكبوا عن الطعام" هو رأى شاة حافلاً، ثديها مليء باللبن، يقال: نكبوا عن الطعام، يعني اتركوا الطعام؛ لأن مطعم أهل المواشي ومشربهم من مواشيهم، فأطلق الطعام وأراد منشأه، نعم، منشأه، وهو ماذا؟ الذي هو نفس الشاة أو البقرة أو الناقة، نعم؛ لأنها محتوية على هذا الطعام فهي ظرفه، وكان الناس إلى وقت قريب قبل أن تفتح الدنيا، الشخص الذي، أو الأسرة التي عندها التمر بقدر ما يكفي، يعني أسرة متوسطة عندها مائة صاع من التمر مثلًا، وعندهم بقرة يشربون من لبنها، هؤلاء ملوك، عندهم ما يكفيهم، طعامهم من هذه البقرة ومن هذا التمر، ونفس الشيء، هذه طعام أهلها، فالمراد طعام ذوات الدر، اللبون من المواشي.
يقول: وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان أنه قال: أخبرني رجلان من أشجع أن محمد بن مسلمة الأنصاري كان يأتيهم مصدقًا فيقول لرب المال: "أخرج إلي صدقة مالك" فلا يقود إليه شاة فيها وفاء من حقه إلا قبلها.
يعني تصلح لأن تؤدى في مثل هذا الدين، توفي هذا الدين، يعني من أوساطها.
قال: أخبرني رجلان من أشجع، أن محمد بن مسلمة، رجلان، ما معنى رجلان؟ مجهولان، قال: أخبرني رجلان من أشجع، أن محمد بن مسلمة الأنصاري، صحابي جليل، نعم، كان يأتيهم مصدقًا، رجلان من أشجع، يعني لو أردنا أن نحكم على هذا الخبر من خلال هذا السياق ماذا نقول؟ هل نقول فيه راو أو رواة مجهولون؟ الإبهام أضعف أنواع الجهالة؛ لأنها جهالة ذات، وجهالة الذات أشد من جهالة العين والحال، لكن هما رجلان، ليسوا بواحد، وتوافر على إخباره، وهل يتوقع أن هذين الرجلين ضعفهما شديد؟ هم من التابعين، نعم، هل يتوقع أن ضعفهما شديد؟ الجهالة بالنسبة لكبار التابعين يتجاوز كثير من أهل العلم فيها، ويقبلونها، وصرح ابن الصلاح أن هناك نفر من المجهولين تقادم العهد بهم يعني من كبار التابعين، مثل هؤلاء يتسامح فيهم، المقصود أنهما اثنان وليسو بواحد، وضعفهما المتوقع أنه ليس بشديد لقدمهما، لكن هل نقول: إن أحدهما يشهد للآخر فينجبر الخبر؟ نعم؟
طالب:......
كيف؟
طالب:......
نعم، لكن واحد يجبر الثاني، يعني من أهل العلم من يصحح بها، لو جاء من رواية رجل واحد قلنا: نحتاج إلى ما يشهد له؛ لأن المجهول ينجبر خبره، فإذا اجتمع عندنا اثنين مجهولين، لو جاءنا من طريق رجل مجهول، ومن طريق ثان رجل مجهول قلنا: إن المجهول هو هو، ما تغير، في الطريقين واحد، لكن صرح بأنهما اثنان، فيجبر أحدهما الآخر، وهذه طريقة بعض العلماء، يقول: إذا توافر مثلًا، حدثني أشياخ من جهينة مثلًا، مثل قول ابن عدي: حدثنا شيوخنا، شيوخ إمام من الأئمة اجتمعوا يجبر بعضهم بعضًا، ويصحح بمثل هذا عند بعضهم، وإلا بعضهم يرى أن مثل هذا الجهالة مثل هذا الرجلان احتمال أن يكونا من الوضاعين، أو من المتهمين، فلا يجبر بعضهم بعضًا، نعم، لكن هناك قرائن، مثلًا هؤلاء من التابعين، نعم، والجهالة في مثلهم لا سيما إذا كانوا أكثر من واحد يستروح بعض أهل العلم إلى أنه يجبر بعضهم بعضًا، على كل حال المسألة خلافية والأمر فيها سهل؛ لأنها ليست مرفوعة إلى النبي عليه الصلاة والسلام، موقوف.
طالب:......
وله ما يشهد له، معناه صحيح.
قال مالك: "السنة عندنا والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا أنه لا يضيق على المسلمين في زكاتهم، وأن يقبل منهم ما دفعوا من أموالهم".
وعلى من ولاه الله أمر هذه الأمور جباية الزكوات والصدقات، أن يتعامل مع المسلمين بالمسامحة، لتطيب أنفسهم بهذا، أما مشاحتهم والتضييق عليهم، لاشك أن هذا له آثاره، يؤدي على فتنة الناس عن هذه الشعيرة، نعم، هو وقت خروج السعاة مضبوط، وقت خروجهم إلى هذه الجهة معروف، خرجوا هذه السنة، وخرجوا من السنة التي تليها في مثل الوقت؛ لأنك تتصور أن كل شخص يبعث له ساع مستقل، لا، والمسألة ديانة يعني إذا ظهرت أمارات صدقة، الأصل صدقه، نعم، الأصل صدقه.
سئل مالك: أيقسم المصدق الماشية ويقول لصاحبها: آخذ من أيها شئت؟ فقال: لا، العادة أن من اشترك أو اشتركوا في عين قابلة للقسمة أن أحد الشريكين يقسم والثاني يتخير، نعم، الثاني يتخير، فهل يأتي المصدق ويقول لصاحبه: نقسم الماشية ونأخذ من أيهما، يقول الإمام مالك: لا؛ لأن هذا فيه نوع تضييق، فيه نوع مشاحة، وقد أمر الخارص أن يترك الربع لأهل الثمار، كل هذا من باب حسن التعامل مع أرباب الأموال، لتطيب أنفسهم، إذا طابت نفسه تصدق بما فتح الله عليه به وقد يتصدق بأكثر من الواجب، وقد يتصدق بأضعاف الواجب، لا شك أن حسن التعامل مع أرباب الأموال يجعلهم تطيب أنفسهم بزكواتهم، نعم.
أحسن الله إليك.
باب أخذ الصدقة ومن يجوز له أخذها:
حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لغاز في سبيل الله، أو لعامل عليها، أو لغارم، أو لرجل اشتراها بماله، أو لرجل له جار مسكين، فتصدق على المسكين فأهدى المسكين للغني)).
قال مالك رحمه الله: "الأمر عندنا في قسم الصدقات أن ذلك لا يكون إلا على وجه الاجتهاد من الوالي، فأي الأصناف كانت فيه الحاجة والعدد أوثر ذلك الصنف بقدر ما يرى الوالي، وعسى أن ينتقل ذلك إلى الصنف الآخر بعد عام أو عامين أو أعوام فيؤثر أهل الحاجة والعدد حيثما كان ذلك، وعلى هذا أدركت من أرضى من أهل العلم".
قال مالك رحمه الله: "وليس للعامل على الصدقات فريضة مسماة، إلا على قدر ما يرى الإمام".
يقول المؤلف رحمه الله تعالى: باب أخذ الصدقة ومن يجوز له أخذها:
الله جل وعلا تولى قسمة الصدقات وخصها بالثمانية: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} المصارف الثمانية، وإن اختلف أهل العلم في بعض التفاصيل في هذه الأصناف.
يقول: حدثني يحيى عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تحل الصدقة لغني))؛ لأن الله جل وعلا يقول: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ}، والغني يطلق ويراد به الغني فعلًا، أو حكمًا؟ يعني بالقوة القريبة من الفعل.
شخص عنده الأموال هذا غني بالفعل، وشخص ليست عنده أموال لكنه قادر على تحصيل الأموال، القوي المكتسب الذي يستطيع أن يكتسب، تدفع له الزكاة، نعم؟ لا، تدفع له الزكاة، طيب هذا قادر شاب في الثلاثين من عمره، وليست لديه آفة، ولا عنده أدنى إشكال في أن يكتسب، حقيقةً، لكنه حكمًا في حكم العاجز، كحال كثير من الذين يقدمون إلى هذه البلاد، بلاد الخير، وبلاد الفرص لكن قدومهم غير نظامي، نعم، تجد بعض الناس ما شاء الله في الثلاثين من عمره لو تقول له: احمل أي حمل تريده، حمله، لكن بقاءه غير نظامي، يعني ما عنده إقامة، نقول: هل هذا عجز حكمي، له حكم العجز الحقيقي، هو ممنوع من العمل إلا بإقامة، صح وإلا لا؟ ممنوع من العمل إلا بإقامة، فهل نقول: إن هذا العجز ينزل منزلة العجز الحقيقي، أو نقول: إن مثل هذا يخالف الأنظمة ولا يعان على بقاءه إلا بالنظام، والنظام ما دام أوجد من أجل المصلحة ودفع مفاسد، نعم، لا سيما وأنه وجد من بعض هذه النوعيات بعض الأمور التي اضطرهم إليها عدم تمكينهم من العمل، فتجد منهم من يكسب بعض الأموال من غير وجهها، إما باعتداء أو سرقة وإلا بحيل وإلا يوجد هذا، أو هو بمزاولة محرمات، هذه المسألة عمت بها البلوى، الآن يوجد عدد كبير بدون إقامات، وإذا قيل له، قال: والله ما أقدر أشتغل، نقول: هل هذا عجز، هو عجز حكمي، وليس عجزًا حقيقيًّا، نعم، عجز حكمي، كعجز الرقيق، الرقيق من أنشط الناس ومن أقواهم، لكنه عاجز حكمًا، ولذا يقال: الرق عجز حكمي، وهذا عجز حكمي، وليس بعجز حقيقي، فهل نقول: والله ما عندنا لك شيء، اذهب واحتطب وبع واشتغل، هو إرجاع، وهذا سبيل، لكن يقول: ما أنا بذاهب، يقول: أنا ببلدي ميت ميت، ما له شيء، المسألة تابعة لمسألة كبرى، وهي أن هذه الأنظمة التي سنت وشرعت من أجل تقرير مصلحة ودفع مفاسد، على حسب أو من وجهة نظر من قررها، من وجهة نظر من قررها، وإلا فالأصل أن البلاد للمسلمين عمومًا، هذا قبل وجود الحدود السياسية التي أوجدت مثل هذه الأمور، المقصود أن وجود مثل هؤلاء بهذه الصفة ويوجد منهم عدد، يعني لو جاءوا مثلًا إليك، وقال: أنا والله ممنوع، وأنت عندك كذا أريده، تعطيه وإلا ما تعطيه، وهل تبرأ ذمتك بدفعها إليه، أو لا تبرأ؟ هذه مسألة يحتاجها الناس كلهم، نعم، الحاجة ليست قائمة أو داعية إليها، يعني تركت مسكينًا، ماذا يفعل، أنت إن منعته من الزكاة التي أوجبها الله جل وعلا عليك وأنت تدفعها لمثل هذا الممنوع حكمًا عن العمل، وهو بحكم العاجز، وإلا اضطررته إلى أن يزاول المحرمات، فتكون ساهمت في إيجاد مثل هذه المحرمات، أو تقول: والله النظام شرع لمصلحة ولو ترك الناس بدون تحديد وبدون حدود وبدون جوازات، وبدون إقامات، تكالبت الناس على بلد واحد، وتركت المصالح في البلدان الأخرى، فلا شك أن المسألة يعتريها الأمران، لكن ما المرجح؟ المرجح حاجة هذا المسكين الذي قام من أجل أن ينقذ نفسه من الهلكة من الجوع في بلده، وقد يكون له أهل يرسل لهم، أو نقول: لا، نحن نضطره إلى أن يصحح وضعه، يصحح وضعه، يلزمه أن يصحح وضعه.
يقول: أولًا، الإقامة تحتاج إلى كم ألف، وأنا من أين؟ لازم أشتغل من أجل أن أوفر قيمة الإقامة، فيلزم على هذا الدور، لا بد أن تعطيه من أجل أن يصحح وضعه، وإلا تقول له: اذهب إلى بلدك، الطريق الذي جئت بها تسافر بها، جئت تهريب ترجع تهريب، فالمسألة لا بد من بحثها بعناية؛ لأنهم موجودون، والسبب يعتريه الأمران، فلا بد من بحثها بعناية، فهل نقول: يعطون، أو نقول: لا بد من تصحيح وضعهم؟
ومثل ما قلت: إن الحكم يدور مع شرعية منعهم من العمل إلا بإقامة، وهو من المصالح بلا شك، يعني تحديد الأمور، وتنظيم الأنظمة التي لا تتعارض مع الشرع، نعم، التي لا تتعارض مع نص شرعي لا شك أنه من باب المصالح، والشرع جاء بجلب المصالح ودفع المفاسد، جاء بهذا كله، نعم.
طالب:......
لا، لا هو محتاج، يسمونه محتاجًا، ما عنده شيء أبدًا.
طالب:......
ما عنده شيء، لكنه قوي مكتسب في حكم العاجز.
طالب:......
كيف؟
طالب:......
لا، لا أنا أفترض المسألة في شخص ما فيه شك، ما عنده شيء، ما عليه إلا ثوبه الذي فوق ظهره.
طالب:......
هو قوي مكتسب حقيقة، لكن حكمه عاجز، ما يقدر يكتسب.
طالب:......
لا، هذه المسألة، يعني لا شك أن إعطاءه من الزكاة يعينه على البقاء، نعم البقاء، وعدم إعطائه من الزكاة يلجئه إلى الرجوع إلى بلده، إما الرجوع إلى بلده أو مزاولة محرمات، وقد يكون مزاولة المحرمات فيه اضطرار، أنا أقول: كل هذه المسألة فرع عن مشروعية هذه الأنظمة، والأنظمة إذا كان الهدف منها النظر في المصالح العامة نعم سواءً كانت لأهل البلد أو الوافدين إليها، نعم، وهي لا تتعارض مع نص خاص في هذه المسألة، فهي شرعية؛ لأنها من طاعة ولي الأمر، يعني أنت مثلًا تبحث عن دليل لمنع الموظف عن العمل، ما وجدت دليلًا، لكن الإمام رأى أن في هذا مصلحة، أولًا: من محصلة العمل أن يتفرغ له هذا الأجير، الأمر الثاني: أن غيره من المسلمين الذين ليست لديهم وظائف تتاح لهم الفرص، وإلا فالأصل أن العمل مباح، نعم، فأقول: إن هذه المصالح التي قدرها الإمام وفرضها على الناس وهي لا تتعارض مع نصوص يجب العمل بها، نعم.
طالب:......
حاله، والله لا بد يصحح وضعه والله ما فيه شك أن مسألة الإعفاف، يعني الأمور بمقاصدها وحسب ما يترتب عليها من مصالح، لكن لو أعطي بنية إرجاعه إلى بلده أو أعين على تصحيح وضعه بالمال، هذا شرعي ما فيه إشكال، لكن لا بد أن يصحح وضعه.
((لا تحل الصدقة لغني، إلا لخمسة)) يعني: فتحل لهم وهم أغنياء، لوجود أوصاف أخرى، ((لغاز في سبيل الله)) وهو منصوص عليه في آية المصارف في سبيل الله نعم، ((لغاز في سبيل الله)) هذا يفسر الآية، {وفي سبيل الله} فدل على أن قوله: {وفي سبيل الله} المراد بهم الغزاة، وإن كان اللفظ أعم، الحج في سبيل الله، طلب العلم في سبيل الله، نعم، النفع العام والخاص أيضًا كله في سبيل الله، ((من صام يومًا في سبيل الله)) يعني إذا فهمنا سبيل الله الجهاد فقط، قلنا: الصيام في الجهاد هو الذي يترتب عليه الثواب، ((من صام يومًا في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا)) هل نقول: إن المراد به في الجهاد أو المقصود به وجه الله جل وعلا؟ قيل بهذا وهذا، لكن البخاري أدخل الحديث في كتاب الجهاد، هذا رأي البخاري، وإن كان الأكثر على أنه أعم، يعني من صام يومًا ليس بواجب عليه، ويبتغي بذلك وجه الله والتقرب إليه ما الذي يمنع منه.
((إلا لغاز في سبيل الله، أو لعامل عليها)) وعرفنا أن العامل لا بد أن يكون من قبل ولي الأمر، وإلا صارت المسألة فوضى، كل إنسان يبغي يجمع، يجمع للفقراء، يمر للتجارة ولا هو بخسران، إن أعطي شيئًا أخذ عليه نسبة، وإن ما أعطي شيئًا ما عليه خسارة، نعم، وقلنا: إن بعض الأئمة يتصرف ويجعل بعض صغار السن يجمعون، ويعطيهم نسبًا، ويغريهم بهذا، والأمر ليس إليه، وإنما هو لولي الأمر؛ ولذا لما جاءوا يستأذنون، لما أرادوا العمالة على الصدقة جاءوا يطلبوا من النبي عليه الصلاة والسلام لكنه منعهم؛ لأنهم من بني هاشم.
((أو لعامل عليها، أو لغارم)) مدين، ((أو لرجل اشتراها بماله))
طالب:......
كيف؟
طالب:......
قد يكون غارمًا لمصلحة غيره، للإصلاح، هو ما يكون غنيًّا.
طالب:......
لا ما يكون غنيًّا، وقد يكون غنيًّا باعتبار، وهذا يجرنا إلى مسألة أخرى وأخشى أن تأخذ الوقت، هل يمكن أن يأخذ الزكاة ويدفع الزكاة في آن واحد؟ في حديث معاذ جعل الناس صنفين: آخذ ومعطٍ فقط، ((تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم)) فدل على أن من يأخذ الزكاة فقير، ودل على أن من يدفع الزكاة غني، ولا ثالث، يعني ما يمكن أن يوصف الشخص بأنه غني فقير، إذا افترضنا أن زيدًا من الناس عنده بقدر النصاب عشر مرات، نعم، ولكن ما عنده لا يكفيه لقوت سنته، نصف القوت مثلًا، هل نقول: إن هذا غني بمعنى أنه مطالب بالزكاة؟ أو نقول: إنه باعتباره يجوز له الأخذ ليس بغني؟ أو نقول: يمكن يوصف بالوصفين يدفع الزكاة، ويؤخذ الزكاة، هذه وجدت، صورها العلماء بهذه الصور، لكن هل يتصور؟
طالب:......
واقع يعني، نحن نفترض في هذا المال الذي هو عشرة أضعاف الزكاة، النصاب، متى يزكيه؟ إذا حال عليه الحول، هو يبقى منه شيء لما حال الحول؟ نعم؟ وهو يحتاج أضعاف هذا المبلغ، نعم.
طالب:......
قلنا ماذا؟
طالب:......
نعم، طيب، يدفع العشرين ويأخذ ألف ومائتين، لكن يدفع العشرين الآن وإلا إذا حال عليه الحول؟
طالب:......
وتبغي تقعد عنده الثمانمائة إلى أن يحول الحول؟
طالب:......
يعني ماذا يصرف، يعني أنت نعم.
طالب:......
نعم، لكن نحن افترضنا المسألة في شخص يحتاج على زيادة على ما عنده، هذه الثمانمائة متى يزكيها؟ يبغي يأكلها قبلما يحول الحول، هو الآن يبغي زودًا، الفقهاء صوروا هذه المسألة.
لكن أنت افترض أنها امرأة عندها حلي، تجب فيه الزكاة عند من يوجب ؟؟؟ نعم.
طالب:......
على القول بوجوبها، وهو المفتى به الآن، لكن على القول بوجوبها عندها حلي، واحتاجت إلى نفقة، هل تلزم ببيع هذا الحلي لتنفق على نفسها، أو نقول: الحلي حاجة كمتاع البيت، وتزكي هذا الحلي وتأخذ من الزكاة؟ الدراهم ما هي بجالسة لمدة سنة والشخص يأخذ زكاة، وإن ذكرها أهل العلم، نعم، هذا عنده زروع، زروع يأتي فيها لماذا؟ لأن أخذ الزكاة فيها يوم حصادها، وإلا لو كانت تؤجل سنة مثل غيرها انتهت يأكلها وخلاص، يبغي يبيع ويقتات، لكن الزروع باعتبارها تؤخذ زكاتها يوم حصادها.
أو قل: شخص عنده دين على معسر نعم، له دين على معسر، جيد، هذا الدين دفعه اليوم، يزكيه لمدة سنة على القول المرجح، ويأخذ تكملة نفقته، يعني لها صور، لكن في الجملة تصور وجود غني فقير وتجب عليه الزكاة، بعض أهل العلم يقول: لا يمكن تصوره؛ لأن الشرع جعل الناس قسمين: أغنياء وفقراء، تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم، ولا يمكن أن يتصف بأنه غني فقير؛ لأن القسمة ثنائية في الحديث.
طالب:......
وهي عنده؟
طالب:......
هو إذا أراد أن يتخلص من الزكاة، الحل أنه يرجح هذه الرواية، فقط، سددوا ديونكم وخلاص ما تلزمكم زكاة، جاء عن عثمان نحو هذا.
((أو لعامل عليها، أو لغارم، أو لرجل)) اشتراها بماله من الفقير، يعني دفعت هذه الزكاة، دفعت بنت اللبون، إلى الفقير، واستلمها واستقرت عنده ثم باعها، نعم، ((أو لرجل)) اشتراها بماله من الفقير، ((أو لرجل له جار مسكين، فتصدق على المسكين فأهدى المسكين للغني)).
هي عليه صدقة، ولجاره هدية كما جاء في قصة بريرة، هذا اللحم تصدق به على بريرة، والنبي عليه الصلاة والسلام لا تحل له الصدقة، قال: ((هو لها صدقة، ولنا هدية)).
طالب:......
حديث الباب هذا؟
طالب:......
ما فيه إشكال؛ لأن له شاهد من حديث أبي سعيد، وهو موصول أيضًا عند أبي داود، وعند أحمد والحاكم وابن خزيمة، موصول.
طالب:......
صرفت للفقير وملكها ملك تام مستقر وباعها.
طالب:......
نعم، يبغي هذا الغني الذي اشترى هذه الزكاة بماله تحل له، هذه العين صدقة، اشتراها بماله، الفقير يبقى فقيرًا، نعم، لكن هذا الغني اشتراها بماله هل يرتفع عنها وصف الصدقة وإلا يستمر؟ يرتفع، تصير اشتراها بماله، أو أهديت له.
يقول الإمام مالك: "الأمر عندنا في قسم الصدقات أن ذلك لا يكون إلا على وجه الاجتهاد من الوالي" الإمام أو نائبة، يكون على وجه الاجتهاد، بحيث لا تكون من باب المحاباة في بعض الناس دون بعض؛ لأن بعض التجار يضر بعض الناس ويقطع من هو أشد منه حاجة، وبعضهم يسجل أسماء يتابع عطاءهم عشرات السنين، وإن كان بعضهم قد استغنى، وبعضهم حاجته ليست شديدة، ويوجد من هو أحوج منه، لكن عليه أن يجتهد، ولا شك أنه كلما كانت الحاجة أشد كان الأجر أعظم.
"فأي الأصناف كانت فيه الحاجة والعدد أوثر ذلك الصنف" يعني مجاعة، يؤثر الفقراء، بحاجة إلى غزو وإلى جهاد يؤثر الغزاة، وهكذا، فينظر إلى الحاجة القائمة فترفع، "أوثر ذلك الصنف بقدر ما يرى الوالي باجتهاده، وعسى أن ينتقل ذلك إلى الصنف الآخر بعد عام أو عامين أو أعوام" هذا الذي أخذه وهو عامل بوصف العمالة قد يأخذها في العام القادم بوصف الفقر، أو العكس، "فيؤثر أهل الحاجة والعدد حيثما كان ذلك" وجد، "وعلى هذا أدركت من أرضى من أهل العلم".
وعلى هذا يجوز، الأصل أن تصرف الزكاة لمن ذكروا في آية المصارف الثمانية، ويجوز أن تصرف لصنف واحد؛ لأن حاجتهم أشد، إلى صنفين لأن حاجتهما أشد، وهكذا.
قال مالك: "وليس للعامل على الصدقات فريضة مسماة، إلا على قدر ما يرى الإمام".
ما يقال: والله باستمرار للعامل عشرة بالمائة، يصدر نظام عامًّا عشرة بالمائة، خمسة بالمائة، اثنين ونصف بالمائة، هذه على قدر العرض والطلب، لو قال الإمام: نريد عمال للزكاة، وما تقدم أحد، وحدد نسبة خمسة بالمائة، ما تقدم أحد، له أن يزيد لتحقيق المصلحة.
إذا كثر عليه الطلب ينقص، يريد عشرة عمال تقدم ألف، والنسبة عشرة بالمائة، يقول: اثنين بالمائة، نعم ويصفي العدد المطلوب وهكذا، ثم نقصت معروف وضعها، ومن هذا.
طالب:......
يبغي تفصيلاً؟
طالب:......
لا، فقط المسائل اليوم ما تحتاج إلى عملية.
نقف على هذا.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
على كل حال مادام الدين باسمه، وتحت تصرفه، إذا كان المال باسمه، وتحت تصرفه، فإن عليه زكاة، إذا أراد ألا يزكي يسدد الدين، يسدد الدين الذي عليه.
الأخ إذا لم يكن شريكًا في المال فإنه يعطى من الزكاة، يستثني بعضهم، أو يشترط أن لا يكون وارثًا، فإن كان وارثًا بأن تكون هذه المرأة ليس لها أولاد من الذكور، فإن كان لها أولاد يحجبونه من الإرث، فإنه تدفع له الزكاة، وعلى كل حال ليس من الأصل ولا من الفرع، ليس أصلًا لها ولا فرعًا لها، فالأمر فيه سعة إن شاء الله تعالى.
وهل العرض المرهون عليه زكاة؟
نعم عليه زكاة، عند من يقول بأن من عليه دين يزكي، والذي عليه على القول بأنه لا يزكي، ولا زكاة في مال من عليه دين ينقص النصاب، فإن الرهن فرع عن الدين.
نعم إذا كان مليًّا يزكيه كأنه عنده، أما إذا كان المقترض معسرًا فإنه يزكيه إذا قبضه لسنة واحدة.
على كل حال الزكاة كل يخاطب بما يخصه، المقرض يعني الدائن، هنا ما فيه قرض، هذا دين؛ لأن القرض لا يشترط فيه، أولًا: ليست له مدة محددة على قول الأكثر، وإن رأى مالك أنه يمكن تأجيله لمدة معينة، والمسلمون على شروطهم، وهو اختيار شيخ الإسلام، الأمر الثاني: أن القرض ليس فيه زيادة، وهو مال عين بمال مساو له، القصد منه الإنفاق، وليس القصد منه الفائدة، فإذا اشترى أو استدان من البنك أو من أي جهة سيارات وقسطها عليهم لمدة عشر سنوات، البائع يزكي ما حل منها، الدين الحال من هذه الأقساط يزكيها، وأما بالنسبة للمدين فعلى الخلاف، فعلى الخلاف، إن كان ممن يرى أو من مذهبه مثلًا الذي يقلد فيه إمامه أنه يرى الزكاة بالنسبة لمن عليه دين فيزكي، وإذا كان لا يراها تبعًا لإمام تبرأ الذمة بتقليده، فلا زكاة عليه.
لا بسعر المشترى ولا بسعر البيع، إنما بسعر ما تستحقه في يومك، في يوم التقدير، والمسألة مفترضة فيما إذا قيل: كم يقوم ما في هذا المحل من بضاعة؟ نعم، بحيث لو أراد بيعه في الحال جاءت له بهذه القيمة.