شرح العقيدة الواسطية (21)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذه أسئلة:
طالب:.............؟
يعني كونه يخاطبه وهو ميت، والياء هذه ما موضعها؟ مخاطبته وهو ميت، تخاطبه في الصلاة أنت "السلام عليك يا أيها النبي" ما في إشكال إن شاء الله.
طالب:..............؟
((حتى يريه)) في الحديث الصحيح: ((لئن يمتلئ جوف أحدكم قيحاً حتى يريه)) حتى يمتلئ، بحيث لا يقبل معه شيء، فكون الجوف مملوء من الشعر بحيث لا يستوعب هذا الجوف، والمراد به القلب وما يخزن به الحفظ بحيث لا يستوعب غيره، لا من آيات، لا من قرآن ولا من سنة ولا من علم ولا من شيء، إذا كان ليس في جوفه إلا الشعر، هذا صار على حساب غيره من المهمات، صار على حساب القرآن والسنة، والعلم الشرعي، إذا كان بهذه المثابة، فلئن يمتلئ قيحاً خيرٌ من أن يمتلئ شعر، بحيث لا يستوعب معه غيره، أما إذا كان فيه شعر كثير، وفيه أكثر منه من كتاب الله ومن سنة نبيه -عليه الصلاة والسلام- فهذا لا يضر.
صفة الكلام لله تعالى:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد قال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-: وقوله: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا}[(87) سورة النساء] وقوله: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً}[(122) سورة النساء] وقوله:{وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ}[(116) سورة المائدة] وقوله: {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً}[(115) سورة الأنعام] وقوله: {وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}[(164) سورة النساء] وقوله: {مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ}[(253) سورة البقرة] وقوله: {وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ}[(143) سورة الأعراف] وقوله: {وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا}[(52) سورة مريم] وقوله: {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[(10) سورة الشعراء] وقوله: {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ}[(22) سورة الأعراف] وقوله: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ}[(62) سورة القصص] وقوله: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ}[(65) سورة القصص] وقوله: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ}[(6) سورة التوبة] وقوله: {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}[(75) سورة البقرة] وقوله: {يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ قُل لَّن تَتَّبِعُونَاُ}[(15) سورة الفتح] وقوله: {وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ}[(27) سورة الكهف] وقوله: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ}[(76) سورة النمل].
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- مثبتاً صفة الكلام لله -جل وعلا- مستدلاً بما جاء عنه في كتابه الكريم من الآيات؛ لأن هذا الفصل موضوع للأدلة القرآنية التي أثبت الله بها لنفسه هذه الصفات المذكورة، ومنها صفة الكلام، قال -رحمه الله-:
وقوله: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا}[(87) سورة النساء] {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً}[(122) سورة النساء] أي لا أحد أصدق من الله حديثاً، ولا أحد أصدق من الله قيلاً، فالحديث هو الكلام، والقيل: أيضاً هو القول، والقول هو الكلام، وإن كان القول أعم عند النحاة، القول أعم من الكلام عند النحاة، لكنه هنا المراد به الكلام، والحديث يراد به الكلام، والحديث المراد به هنا كلام الله -جل وعلا- في كتابه المنزل على نبيه وعلى من قبله من الأنبياء، فهو يعم كلام الله -جل وعلا- من القرآن وغيره مما أنزله الله -جل وعلا- على رسله، وكذلك القيل والقول فهو الكلام المنزل على أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم.
الحديث عند بعض الطوائف في غير هذا الموضع، يقولون: إن السنة -سنة النبي عليه الصلاة والسلام- يقال لها حديث، نعم يقال لها حديث، لكن هم يرون أن التسمية بحديث مقابلة للقرآن؛ لأنه قديم، قالوا: ما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- حديث؛ ليكون مقابلاً للقرآن الذي هو قديم، فالحديث ضد -وإن شئت قلت نقيض- القديم، فمادام القرآن عندهم قديم فالسنة حديث، هذا الكلام صحيح وإلا ليس بصحيح؟ لماذا؟
طالب:...........
لا، لا الحديث حجة عندهم، وهم يقولون بهذا، يقولون الحديث حجة، لكن تسميته حديث ليقابل القديم الذي هو القرآن، وهذا مبنيٌ على مذهبٍ...
طالب:......القرآن حادث........
لا، لا ما نقوله، هم يقولون قديم ما يقولون حادث.
الطالب:.........
إيه لكن ليش هم قالوا قديم وهذا حديث؟؟
طالب:...........
كلامنا في كلام الله -جل وعلا- الذي هو القرآن، ... مسألة محددة، الحديث عندنا آيتان: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا}[(87) سورة النساء] {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً}[(122) سورة النساء] نريد أن نبطل كلامهم من الآيتين.
الحديث يعني ما يتحدث به وهو الكلام، والقيل هو القول فهو الكلام، انتهينا من هذا بالنسبة لما يضاف إلى الله -جل وعلا- بالنسبة لما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- هو قوله وهو كلامه -عليه الصلاة والسلام- وإن كان في الأصل هو وحي؛ لأنه لا ينطق عن الهوى "إن هو إلا وحيٌ يوحى"، لكن في التسمية هم قالوا: إن ما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يقال له: حديث في مقابلة ما يضاف إلى الله -جل وعلا-؛ لأنه قديم، هذا مبني على قول الأشاعرة في القرآن، ماذا يقولون؟ يقولون: القرآن قديم، الله -جل وعلا- تكلم في الأزل، ولا يتكلم بعد ذلك، خلاص تكلم وانتهى، فكلامه قديم، وهو شيء واحد، تكلم وانتهى، إن كان بلغة كذا فهو كذا، إن كان بلغة كذا فهو كذا، إن كان..، فالكلام واحد، لكن إن عبر عنه بالعبرانية صار توراة، بالسريانية يصير إنجيلاً، بالعربية يصير قرآنًا، وإلا هو كلام واحد؛ لأنه قديم!!.
أهل السنة يقولون: هو قديم النوع، كلام الله قديم النوع بلا شك؛ لأن الله -جل وعلا- لم يزل متكلماً، لكنه قديم النوع لكنه وإن كان قديم النوع إلا أنه حادث متجدد الآحاد؛ لأنه -جل وعلا- يتكلم متى شاء إذا شاء، فكلامه مربوطٌ بمشيئته -جل وعلا- أما عند الأشاعرة خلاص تكلم في الأزل ولا يتكلم، غير مرتبط بالمشيئة، فهو صفةٌ ذاتية، وليست صفة فعل، عرفنا كيف دخل عليهم الدخل؟
كلامهم أنه كلامٌ واحد، وإنما يختلف باختلاف اللغات، يعني أصله واحد يختلف باختلاف اللغات، هل هذا الكلام له وجه؟ فهل التوراة والإنجيل والقرآن متطابقة؟ يعني لو ترجمت التوراة إلى العربية صارت قرآنًا، لو ترجم الإنجيل إلى عربية صار قرآنًا على حد زعمهم أو العكس، يعني لو ترجمت {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ}[(1) سورة المسد] إلى العبرانية والسريانية، هل نجد لها نظيرًا في التوراة والإنجيل؟ هل نجد لهذه السورة نظيرًا في التوراة والإنجيل؟ ما يمكن.
الأمر الثاني: أول ما نزل القرآن على النبي -عليه الصلاة والسلام- في الغار، ذهب النبي -عليه الصلاة والسلام- به ترجف بوادره، يرجف فؤاده، ترجف بوادره، جمع بادرة وهي اللحمة التي بين المنكب والعنق من الخوف، وعرض ذلك على خديجة، وخديجة عرضت على ورقة بن نوفل، وكان قد تدين بالديانات السابقة اليهودية والنصرانية، وكان يقرأ الكتاب العبراني، ويترجمه إلى العربية والعكس، من العربية إلى السريانية يترجم باللغات؛ لأنه عرف هذه الكتب وعرف اللغات، لما سمع ما أنزل على النبي -عليه الصلاة والسلام-: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[(1) سورة العلق] هل قال هذا الكلام الذي أنزل على موسى؟ أو قال: هذا الناموس الذي نزل على موسى؟ الناموس الذي هو جبريل عليه السلام.
ما قال: إن هذا القرآن هو الذي نزل على موسى، وإلا هو مقتضى ذلك أن يقول: هذا عندي ها أنا مترجمه، عندي مترجم من التوراة والإنجيل، هل يتصور مثل هذا؟ يعني كان ما يستغرب ولا يكون كلامًا جديدًا عنده، يقول: هذا معروف، ولانتشر هذا القرآن قبل نزوله على النبي -عليه الصلاة والسلام- بين العرب؛ لأنه يوجد من يقرأ التوراة ومن يقرأ الإنجيل ويترجم كورقة، والوقائع والحوادث والواقع يرد هذا الكلام، ويجعله لا أساس له، ولا حظ له من النظر البتة، يعني وإن قال به ناسٌ من الكبار من الأذكياء من العقلاء، من... لكن العقل ماذا ينفع إذا تجرد عن الاتباع والتسليم؟
هم ذكروا أقوال استندوا فيها إلى عقولهم، ولم يسلموا لما جاء عن الله -جل وعلا- بل حكموا عقولهم في النصوص ثم ألزموا بلوازم ثم التزموها ووصلوا إلى هذا الحد؛ لأنه إذا لزمت اللوازم، فإما أن يرجع صاحب القول أو يلتزم باللازم.
فقول أهل السنة في كلام الله -جل وعلا- أنه كلامه وقوله حقيقة بحرف وصوت، قديم النوع متجدد الآحاد، فالله -جل وعلا- تكلم في الأزل ويتكلم متى شاء إذا شاء كيف شاء، هذا قوله بحرف وصوت، والأشاعرة يقولون: المراد بالكلام المذكور في النصوص هو الكلام النفسي، يتلقاه جبريل من معدنه ويعبر به بأي لغةٍ تناسب القوم الذين ينزل عليهم وهو واحد، ويستدلون بكلام أو ببيت شعر للأخطل، ومعروف أن الأخطل نصراني والنصارى ضلوا في هذه الصفة، في صفة الكلام.
إن الكلام لفي الفؤادِ وإنما |
|
جعل اللسان على الفؤاد دليلا
|
إن الكلام لفي الفؤاد، يعني أصله ومنبعه من الفؤاد واللسان يعبر عنه، لكن هل يرتب على الكلام النفسي الذي في الفؤاد هل يرتب عليه أحكام؟ أحكام شرعية؟ حديث نفس لا يؤاخذ عليه الإنسان، وعفي للناس عن حديث النفس ما لم تتكلم أو تعلم، فحديث النفس لا شيء؛ ولذا لو طلق امرأته في نفسه هل يقع الطلاق أو لا يقع؟ ما يقع الطلاق حتى يتلفظ، لو قذف في نفسه يجلد وإلا ما يجلد؟ ما يجلد حتى يتكلم، فحديث النفس لا حكم له، ووجوده مثل عدمه، المقصود أن هناك فرقاً بين الكلام وبين حديث النفس وما يدور فيها.
طالب: حديث قدسي يا شيخ: ((................)).
الكلام كثير حول الحرف والصوت، يعني هل يتصور حديث أو قول بدون حرفٍ ولا صوت، هل يتصور قول بدون حرف ولا صوت، هل يتصور؟ ما يتصور، {وَنَادَيْنَاهُ}[(52) سورة مريم] كيف يناديه بدون حرف ولا صوت؟ {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا}[(52) سورة مريم] كيف تكون المناجاة بدون حرف ولا صوت؟ لأن الذي يتجرد عن الحرف والصوت لا يسمع، والذي لا يسمع يفيد وإلا ما يفيد؟ ما يفيد؛ ولذا صار للسمع الأثر الكبير وصار نعمة من الله -جل وعلا-؛ لأنه يفاد من ورائه ما يسمع، أما إذا كان الكلام لا يسمع فليس بكلام، ولا ينتفع به المقابل المراد المقصود بالكلام، هذا إذا تنزلنا وسميناه كلامًا، هل يفاد منه؟ ما يمكن يفاد منه؟ يعني كلم الله موسى تكليماً، كلمه ربه، كلام نفسي، ما يسمع ليس بحرف ولا صوت، كيف يستجب موسى، وكيف يأمر قومه أن يعملوا بما أمر به من خلال هذا الكلام وهو ليس بحرفٍ ولا صوت؟
والنداء بالصوت المرتفع والمناجاة بالصوت المنخفض، بحيث لا يسمعه إلا من قرب منه.
طالب:..............
يا أخي: الإشارة المفهمة حكمها حكم الكلام، الإشارة المفهمة، نقول: نعمة السمع الذي تسمع به الأصوات أعظم من نعمة البصر، كما قرر ذلك أهل العلم، والآيات تدل على ذلك؛ لأن السمع مقدم على البصر في النصوص {وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}[(134) سورة النساء] {وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}[(11) سورة الشورى] فيقدم السمع على البصر لماذا؟ لأنه يدرك الأصوات، لكن إذا كان خلقة لا يدرك أصم، هذا يفوته خير عظيم، قام ما يقوم مقام الكلام بالنسبة لهم من الإشارات المفهمة فانتفعوا، انتفعوا صاروا في حكم من يسمع، وهذه نعمة من الله -جل وعلا- بالنسبة لهذه الفئة، وإلا فالأصل أن من لا يسمع أو الكلام الذي لا يسمع لا قيمة له، والله -جل وعلا- لا يتصور أن يكلف العباد من خلال وجراء كلام لا يسمع، كيف يفهمون وهم لا يسمعون، إذا لم يكن الكلام بالحرف والصوت، كيف يفهمون؟ وإذا لم يفهموا كيف يعملون؟ هذا كلام في غاية الفساد والبطلان.
طالب:.............؟
هل كل شخص بذاته يلهم الأحكام ويلهم..؟ الرسل... الوحي على أنحاء، الوحي كما جاء في الحديث الصحيح، كيف يأتيك الوحي؟ فقال: ((أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس)) أصوات متداركة، فيلقى في روعه يفهم -عليه الصلاة والسلام- يعني هذه أشياء لا تدركه عقولنا، لكن... البرقيات مثلاً صار الأمر قريب لهم، إن بعض الأصوات المتداركة يفهم منها شيء، فهذا نوعٌ من الوحي، وأحياناً يلقى في روعه -عليه الصلاة والسلام- من غير كلام، لكن هذا خاص بالرسل، وأحياناً يأتيه الملك يتمثل له الملك رجلاً، وهذا هو الكثير الغالب.
يقول في الحديث: ((يناديهم بصوتٍ، يسمعه من بعد، كما يسمعه من قرب))؟
على كل حال الأحاديث كثيرة في الباب، والباب الذي يلي هذا الباب كله فيما ورد من السنة لهذه الصفات.
{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً}[(122) سورة النساء] {وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ}[(116) سورة المائدة]. يعني ناداه بالقول، فالقول وهو الكلام صفةٌ ثابتةٌ لله -جل وعلا- حيث كلم موسى ونادى عيسى، وكلم محمداً -عليه الصلاة والسلام- وتكلم بكلام سمعه جبريل، ونزل به على الأنبياء، هذا أمرٌ مقطوعٌ به، استفاضت به نصوص الكتاب والسنة {وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ} يعني لو قال لنا شخص: إن الله -جل وعلا- ما قال: يا عيسى ابن مريم ماذا نقول؟
يكفر بلا شك، يكفر لكن يتحايلون عن النصوص ويحرفونها، يحرفون معانيها، وإن لم يحرفوا ألفاظها، وجاء من حرَّف اللفظ على ما سيأتي.
طالب:...........
هذا في يوم القيامة {أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ}[(116) سورة المائدة] في آخر المائدة، هذا في يوم القيامة.
{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً}[(115) سورة الأنعام] {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ}[(119) سورة هود] كلمة واحدة وإلا كلمات وإلا كلام؟ كلام كثير, يقول: {لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي}[(109) سورة الكهف] والكلمة هنا مفردة لكنها أضيفت إلى معرفة، فتفيد العموم، تفيد العموم, {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلاً} {وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}[(164) سورة النساء] فاعل: كلم هو الله -جل وعلا- وموسى مفعول؛ لأنه مكلم، وتكليماً تأكيد، نعم, تأكيد, وأهل العلم يقولون: التأكيد ينفي المجاز، {وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} جاء من يحرف ويقول: {كلم اللهَ موسى تكليماً} فجعل المتكلم هو موسى، والمكَلَّم هو الله -جل وعلا-.
تكليماً: وقلنا: إن التكليم مصدر كلَّمَ، وهو مصدر مؤكد لفعله، والتأكيد ينفي إرادة المجاز، حتى عند من يقول بالمجاز؛ لأنهم حينما يقولون: كلَّم يعني جرحه كما يقولون بأظافير الحكمة من الكلم والجرح، لكن هل هذا هو المعنى الحقيقي للتكليم والكلام، فقوله: {تَكْلِيمًا} ردٌ لقولهم.
وتحريف اللفظ من الناحية الإعرابية {كلم اللهَ موسى} يجعلون الرب -جل وعلا- هو المكلَّم وموسى هو المكلِّم والمتكلم هذا يرد عليه بقوله -جل وعلا-: {وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ}[(143) سورة الأعراف] هذه تحتمل وإلا ما تحتمل؟ ما تحتمل، يعني لو قال: {ربَه} يستقيم الكلام وإلا ما يستقيم؟ ما يستقيم؛ لأن الهاء تمنع، الهاء مفعول لا محالة، الهاء مفعول لا محالة, والرب هو الفاعل، ولا يمكن تحريفها كما أمكن تحريف الآية السابقة على حد زعم من حرفها.
{مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ}[(253) سورة البقرة] {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ}[(253) سورة البقرة] لفظ الجلالة إعرابها: فاعل؛ لأن الكلام المباشر دون واسطة لم يحصل للجميع، وإنما حصل لبعضهم، فمن هذه تبعيضية، من هؤلاء الأنبياء من كلمه الله -جل وعلا- والمفعول ضمير يعود على "من" والفاعل هو الله -جل وعلا-.
{وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ}[(143) سورة الأعراف] {وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} هذه لا تحتمل ما احتملته الأولى من التحريف على حد زعم من حرفها، وإلا فالقراءة الثابتة السبعية الواجب اعتبارها بهذا اللفظ: {وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}.
{وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} الميقات مدته أربعون يوماً، {وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} الشاهد هنا حيث أثبت الكلام لنفسه -جل وعلا- أثبت الكلام لنفسه -جل وعلا-.
{وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا}[(52) سورة مريم] ناديناه بصوتٍ مرتفع، ثم لما قرب ناجاه الله -جل وعلا-؛ لأن النداء هذه طبيعته أن الصوت المرتفع، بخلاف المناجاة التي هي الصوت المنخفض.
{وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[(10) سورة الشعراء] {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى} {وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ}.
طالب: ...........؟
الأيمن في سورة طه، والأيمن للجانب، الأيمن أو الوصف هنا, الوصف هنا ليس للطور، ليكون مجروراً على كل حال، هنا من جانب الأيمنِ، وهناك جانبَ الطورِ الأيمنَ، فتابع لجانب، {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا}[(52) سورة مريم].
{وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى}[(10) سورة الشعراء] وهذا النداء بكلام مسموع، بحرفٍ وصوت، سمعه موسى وامتثل -عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام- {أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[(10) سورة الشعراء]؛ لأنه لو لم يكن بصوت ولا بحرف لما تم امتثاله، ولما ذهب إلى فرعون ودعاه إلى الدين القويم.
{وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا}[(22) سورة الأعراف] الله -جل وعلا- نادى آدم وحواء قائلاً لهما: {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ}[(22) سورة الأعراف] عن هذه الشجرة التي أكلتم منها، فتقدم التحذير والنهي عن الأكل قبله، وهذا يدل على أنه كلمهما ونادهما بحرفٍ وصوتٍ سمعاه، لكن حصلت المخالفة؛ لأن الشيطان وسوس لهما.
ثم قال -جل وعلا-: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ}[(65) سورة القصص] في آية قبلها.....
{وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ}[(22) سورة الأعراف] {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[(10) سورة الشعراء] {وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ}.....
{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ}.
.....إن في نقص عندنا......... {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} هذه موجودة عندنا، لكن في آية قبلها، قبلها آية: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيََ}[(62) سورة القصص]...... نعم هذه آية ساقطة من بعض النسخ، يقول: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ}[(62) سورة القصص] يعني يوم القيامة ينادي الله -جل وعلا- المشركين تبكيتاً وتقريعاً لهم، {فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ}[(62) سورة القصص] أنهم أهلٌ يستحقون العبادة من دوني على حد زعمكم، فهذا نداء للمشركين، يقول الله -جل وعلا-: {أَيْنَ شُرَكَائِيَ} أيها المشركون؟ أين شركائي الذين تزعمونهم أنهم مستحقون للعبادة، وصرفتم لهم شيئاً منها؟
ثم بعد هذا الآية التي تليها: {وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} والآية كالتي قبلها فيها النداء من الله -جل وعلا- والنداء لا يكون إلا مسموعاً؛ لأنه بصوتٍ مرتفع يسمعه المقصود به، ويكون النداء بقدر الحاجة، وكلام الله -جل وعلا- يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب، فهو ينادي -جل وعلا- وهو يناجي كما قال -جل وعلا-:{وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا}[(52) سورة مريم] فنجياً إعرابها: حال من أيش؟ صاحب الحال نجي فعيل، بمعنى مناجي أو مناجاة؟ نجي فعيل، فهل هي بمعنى المفعول أو بمعنى الفاعل، مناجي أو مناجاة؟ وإذا قلنا مناجاة فهي حالٌ من الضمير المفعول {وَقَرَّبْنَاهُ} حال كونه مناجاة، وإذا قلنا مناجي فهي حالٌ من الفاعل وهو النون فاعل {وَقَرَّبْنَاهُ} هو على كل حال هذه المناجاة من الله -جل وعلا- ولذا أثبتت في صفاته -جل وعلا-.
{وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ} كما في الآية التي قبلها، النداء لا يكون إلا بحرفٍ وصوت يسمعه المقصود به.
{فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} وفي هذا إثبات الكلام لله -جل وعلا- على ما يليق بجلاله وعظمته، ثم بعد ذلك بعد إثبات صفة الكلام الصفة العامة يأتي الكلام في الكلام الخاص وهو القرآن، في آيات ذكرها الشيخ -رحمه الله تعالى- والكلام في صفة الكلام وفي القرآن يطول، يمكن أن يستغرق ثلاثة دروس أو أكثر,... نبسط المذاهب إن شاء الله تعالى، وننظر في كلام أهل العلم، ونترك الكلام في القرآن للدرس القادم إن شاء الله تعالى.
هذا خبر، يخبر بأنه يفدي النبي -عليه الصلاة والسلام- بنفسه، لكن الخبر إذا لم يصدقه العمل صار كذبًا، إذا قال: نفديك بأرواحنا يا رسول الله، وهو مخالفٌ لسنته، ولا يأتمر بأمره ولا ينتهي عما نهى عنه -عليه الصلاة والسلام- هذا كاذب؛ لأنه كيف يفدي النبي -عليه الصلاة والسلام- بروحه وهو لا يتبعه، فمحبة النبي -عليه الصلاة والسلام- التي هو فوق محبة النفس، فضلاً عن الوالد والولد مفادها وأثرها العمل بسنته -عليه الصلاة والسلام- تصديقه فيما أخبر، طاعته فيما أمر، واجتناب عنه نهى وزجر، وألا يعبد الله -جل وعلا- إلا بما شرع، يتبع سنته قولاً وفعلاً، ويهتدى بهديه ويستن بسنته، أما نفديك بأرواحنا يا رسول الله، وعلامات المخالفة ظاهرة، هذا كلام، هذه دعوى، والدعوى إن لم يصدقها العمل، فلا قيمة لها.
إذا كان يتكرر ويعود في كل سنة في مثل غدٍ فهو يسمى عيد، وهو أيضاً بدعة يجب إنكاره، وإن كان خاص بهذا اليوم غد ولا يتكرر بعد ذلك فما يكون في ذلك اليوم من أمور سواءً كانت من المنكرات العملية مثل اختلاط الرجال بالنساء، وتحرش بعضهم ببعض، هذه منكرات يجب إنكارها، وإن كان الأصل المبدأ والفكرة جاءتنا من أعدائنا من اليهود أو من النصارى فهذا من التشبه المحرم أيضاً، فالإنكار على الوجهين, لكن الإنكار يكون بالطرق المناسبة التي لا تترتب عليها آثار ومنكرات أعظم منها.
على كل حال الأشاعرة لا شك أن عندهم من البدع ما عندهم، قهم لا يثبتون من صفات الله -جل وعلا- إلا السبع، وينفون ما عداها، يتأولون ما عداها، وعندهم أيضاً مسائل كثيرة مخالفة لأهل السنة، لما عليه أهل الحق من سلف هذه الأمة، وإن كان المقرر عند أهل العلم أنهم أقربُ الطوائف إلى أهل السنة؛ ولذا أدخلهم بعض أهل السنة في أهل السنة، وجعلوا أهل السنة ثلاثة فرق، فجعلوا الأثرية وإمامهم الإمام أحمد، الأشعرية وإمامهم أبو الحسن، والماتريدية وإمامهم أبو منصور، وذلك لقرب مذهبهم من مذهب أهل السنة، ولا شك أنهم ما داموا يخالفون السنة، ويخالفون أهل السنة، وأئمة السنة، وسلف هذه الأمة في مسائل عديدة من قضايا العقيدة، فهم بهذا الاعتبار ليسوا من أهل السنة، نعم هم في أبواب من أهل السنة، في أبواب، يعني في باب الصحابة يتولون الصحابة، فهم من أهل السنة في مقابل الرافضة، وفي باب الآل يتولون الآل كأهل السنة فهم من أهل السنة في مقابل النواصب، وهم أيضاً لا يكفرون مرتكب الكبيرة، فهم من أهل السنة في مقابل الخوارج، المقصود أنهم يوافقون أهل السنة في كثيرٍ من القضايا، وهم يخالفونهم في بعضها؛ ولذا المحقق أنهم ما داموا يخالفون السنة، وينفون بعض ما دلت عليه السنة، ويخالفون أئمة المسلمين من سلف هذه الأمة في إثبات ما أثبته الله -جل وعلا- لنفسه، فهم بهذا الاعتبار ليسوا من أهل السنة، وشيخ الإٍسلام -رحمه الله تعالى- كتبه طافحة بالرد عليهم ومناقشتهم -رحمه الله-.
{وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ}[(143) سورة الأعراف] فالمكلم هو موسى، وضميره الهاء، والرب هو الفاعل -جل وعلا- وأيضاً الضمير الذي أضيف إليه الرب يعود إلى موسى، ففيه إثبات الكلام ظاهر، ولا تحتمل تأويل، ولا تحتمل تحريف، كما في قوله -جل وعلا-: {وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}[(164) سورة النساء] هم حرفوها لفظاً ومعنى، وذكرنا هذا فيما تقدم، أما هذه الآية لا تحتمل التحريف.
أنا ما أدري كيف قيل: أناشيد سميت إسلامية، يعني ما كان المراد بها أنها لنصر الدين لنصر الإسلام هذه تصير إسلامية، إذا كانت لنصر الإسلام فهي إسلامية، وإن كانت في العلوم التي حث على تعلمها الإسلام فهي إسلامية، كما نقول: العقيدة علم إسلامي، الفقه علم إسلامي، الحديث علم... إلى آخره، فمن هذه الحيثية إسلامية، لكن إذا كانت كلامًا عاديًّا إنما هو في الأصل مباح لا يشتمل على معنىً محرم لا غزل ولا فخر ولا هجاء، فهذا الأصل فيها الإباحة، لكن يبقى أن الإنشاد له قيود، أنشد الصحابة بين يدي النبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن بدون آلة، فإذا صحبته الآلة حرم من أجلها لا لذاته، من دون آلة، وأن يؤدى على لحون العرب لا على لحون الأعاجم، وأهل الفسق والمجون، فإذا لم تصحبه آلة صار اللفظ مباحاً، ولم تصحبه آلة وأدي على لحون العرب فهو مباح، وأنشد بين النبي -عليه الصلاة والسلام- أما إذا صحبته آلة أو ما في حكم الآلة؛ لأنهم يقولون: ما نضع الآلات نحن ، لكن نجمع أصوات، ونداخل أصوات بعضها ببعض يطرب لها السامع، الحكم للمعنى، إذا كانت هذه الأصوات المجتمعة، وهذه المؤثرات تطرب السامع مثل ما تطربه الآلة أخذت حكم الآلة، فلا يجوز حينئذٍ.
عورة المرأة عند المرأة كعورتها عند محارمها، تظهر لغيرها من النساء المسلمات فقط ما يظهر لأبيها وأخيها وعمها وخالها وغيرهم ممن لا تحتجب عنهم الحجاب الكامل، {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ...}[(31) سورة النــور] وفي ذلك من ضمن ذلك النساء، فالنساء عطفن على المحارم، فتخرج المرأة عند المرأة ما يخرج غالباً عند محارمها مع أمن الفتنة، يعني نصف الساعد القدم وما فوقه بيسير، الشعر وما يليه، المسألة يعني لا بد من الاحتياط من هذا، والظرف الذي نعيشه على كل غيور على محارمه أن يحتاط أشد الاحتياط لهذا الأمر ولو كانت في أوساط النساء، لا سيما مع انتشار هذه الآلات التي تصور النساء على وضعٍ معين، يعني في أماكن زينة، وما أشبه ذلك من أعراس ونحوها، ثم بعد ذلك تدبلج عليها ما تدبلج، ثم تساوم بهذه الصور، كما هو حاصلٌ الآن نسأل الله السلامة والعافية، فعلى الإنسان أن يحتاط لمحارمه.
يعني هل معنى الهوي من لزومه النزول بقوة، "خرَّ" النزول بقوة؟ ما يلزم، المقصود أن معناه سجد، أما إذا سجد بقوة نزل على الأرض بقوة، سواءٌ قدم يديه أو رجليه، إن وافق البعير وإلا وافق الحمار، والصلاة يطلب فيها الطمأنينة.
أولاً: أنا لا أفسر الأحلام. الأمر الثاني: أنه لم يذكر هذه الرؤيا.
والله كون الإنسان يتخذها مهنة ويتفرغ لها، ويأخذ عليها الأجر هذا ليس من عمل سلف هذه الأمة، فلا يعرف فيهم من نصب نفسه لهذا الأمر وعرف به دون غيره، عرف ابن سيرين بتعبير الرؤيا، لكن شهر بالتفسير شهر بالعلم أكثر بكثير، وما روي عنه وما صح عنه في هذا الباب لا يعادل ما يجلس له بعضهم في هذه الأيام جلسة واحدة، لا أقول يوم، جلسة واحدة يفسر أكثر مما أثر عن ابن سيرين في عمره كله، فهل يمكن أن يتمسك أحد بأن ابن سيرين عرف بالتعبير؟ عرف بالتعبير وأعطي من الإلهام ما يجعله ما يجعل تعبيره يكون صواباً، لكن مع ذلك ما تفرغ لهذا، هو رجل علم، رجل تعليم، رجل دعوة، رجل رواية، ما تفرغ، ولا عرف في سلف الأمة من يتفرغ لا للرؤية ولا لتعبير الرؤى، لكن ((إن استطاع أحدكم أن ينفع أخاه فليفعل)) يعني إذا عرض عارض وجاء مريض، وقال طلب منك أن ترقيه ارقه، وتؤجر على هذا، ولكن تنصب نفسك لهذا الأمر، وتجعل هذا ديدنك، وهذا مصدر رزقك، وتجلس أحياناً يجلسون في المساجد، وذكر لنا أنه في مسجد من المساجد في غرفة ملفات ومواعيد ومراجعات، كأنها عيادة طبية صارت، وفي المسجد، هذا ما عرف عن سلف هذه الأمة، نعم صح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه إذا صلى الصبح التفت إلى أصحابه وقال: ((هل رأى أحدٌ منكم رؤيا)) لكن هل هذا يسوغ لغيره، هو مؤيد بالوحي، ولا خصص نفسه لهذا الأمر، الأمر الثاني: أن هذا ما عرف عن أبي بكر ولا عمر ولا خيار هذه الأمة، فكون الإنسان يفرغ نفسه لهذا الأمر، ليس على الهدي وليس على الجادة.
طالب:............؟
شوف يا أخي الأضغاث فسرت، وتراهن اثنان على اختبار واحدٍ من العابرين فكذبوا، يعني ابتكروا رؤيا ما رأوها، وسألوا واحد من العابرين وعبرها لهم، يعني رؤيا مكذوبة وعبرت.
يقول: تقدم رجلٌ يظهر عليه الاستقامة إلى أختي من غير بلدنا فوافقنا عليه بعد أن أظهر لنا أنه حريصٌ على أختي، وأنه سيسعدها، وأنه وأنه، ثم يسر الله له ودخل بها الآن وله الآن شهران ولم يعطها أي درهم، علماً أن المتفق عليه كان ستة آلاف دولار، وللأسف ظهر لنا وجهه الآخر، فهو للأسف كذب علينا، فلم يسعدها بل ظلمها، ولم يدفع لها مهرها، وأختي الآن تعيش حالة نفسية شديدة، وتدعو عليه كلما أصبحت وأمست، فما الواجب على هذا الزوج، وهل تأثم أختي في دعائها عليه؟
أولاً: أنتم قصرتم في السؤال عنه، وإلا لو سألتم عنه أهل الخبرة به ممن يعرفه من الثقات ما تبين لكم غير ما ظهر لكم في أول الأمر.
الأمر الثاني: عليه أن يتقي الله -جل وعلا-، فوصية النبي -عليه الصلاة والسلام- في النساء في أعظم المواقف في يوم النحر في حجة الوداع، وأمرنا بأن نعاشرهن بالمعروف {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [(229) سورة البقرة] وهن عوان: يعني أسيرات عند الرجال، فعليهم أن يحسنوا إليهن، ويأثم بذلك، وهذا ظلم نسأل الله السلامة والعافية، ظلم، والله -جل وعلا- حرم الظلم على نفسه وجعله بين الناس محرماً، ولعظمة الظلم حرمه على نفسه، فعليه أن يتقي الله -جل وعلا- وأن يؤدي إليها ما التزمه لها من مهرٍ، وأيضاً عليه أن يمسكها بالمعروف، لا يطالب بأكثر مما يطالب به غيره من أمثاله.
وهل تأثم أختي في دعائها عليه؟
إذا كانت تدعو عليه بقدر المظلمة فلا تأثم، والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((واتق دعوة المظلوم)) فدل على أن المظلوم له دعوة مستجابة، ولولا أن دعوته مستجابة لما جاز له أن يدعو، يعني كون دعوته مستجابة دل على أن دعوته مباحة على من ظلمه، والله -جل وعلا- يقول: {لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ}[(148) سورة النساء] فالمظلوم له أن يدعو على ظالمه بقدر مظلمته.
يظهر أنه ذكره خالياً، الذكر لا يتم إلا بتواطؤ القلب مع اللسان، وإن خلا عن تحريك اللسان والشفتين صار فكر وتفكر، وليس بذكر، ولذا قابل النبي -عليه الصلاة والسلام- في الحديث القدسي قابل: ((وإن ذكرني في ملأٍ ذكرته في ملأٍ خيرٍ منه)) فدل على أنه إذا ذكره منفرداً ذكره الله -جل وعلا- في نفسه، وإن ذكره في ملأٍ يعني في مجتمع من الناس ذكره الله -جل وعلا- في ملأٍ خيرٍ منه، والله أعلم.
ذكرنا في درس -أظن في شرح الزمزمية- وأطلنا في مسألة المجاز، وقلنا: إنه لا مجاز لا في النصوص ولا في لغة العرب على القول المحقق الذي اختاره شيخ الإسلام وابن القيم، وأهل التحقيق، وأما كونهم يقولون: هذا ينفي المجاز يعني عند من يقولون به، يعني حتى على سبيل التنزل عند الخصم الذي يرى أنه مجاز ينتفي المجاز بالتأكيد، ويقولون: إذا قلت: جاء زيد، احتمال أن يكون جاء أهله، جاء أمره، جاء خبره، جاء شيء يتعلق به، وإذا قلت: جاء زيدٌ نفسه أو عينه ما يحتمل مجاز أبداً هذا.
سيأتي في كلام ابن القيم، لكن في قوله: قد استوى بشر، ليس المراد قوله قد استوى بشر لا، المراد به:
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما
جعل اللسان على الفؤاد دليلاً