اللؤلؤ المكنون في أحوال الأسانيد والمتون (08)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين برحمتك يا أرحم الراحمين، أما بعد:
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
وَحَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ وَسَابِقٌ دُرِي |
| عُيِّنَ نَسْخُ حُكْمِهِ بِالآخِرِ |
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى- بعد أن ذكر ما ذكر من وجوه الجمع والتوفيق بين النصوص مع الإمكان، إذا أمكن الجمع تعين؛ لأنه عملٌ بالنصوص كلها، فيحمل أحد النصين على حال، والنص الآخر على حال، ولو كان الجمع بحمل العام على الخاص، والمطلق على المقيد؛ لأن ذلك وإن كان رفعاً جزئياً للحكم إلا أنه أسهل من الرفع الكلي الذي يكون بالنسخ؛ لأن النسخ رفعٌ كلي للحكم، وأما التخصيص والتقييد فهو رفعٌ جزئي، كما تقدم بيانه والتمثيل له.
"وحيث لم يمكن" التوفيق بين النصوص على ما سبق تفصيله "وسابقٌ دري" يعني عرف المتقدم من النصين.
"عين نسخ حكمه بالآخر" يعني تعين حكم المتقدم بالمتأخر، ولا يلجأ إلى النسخ ولا الترجيح إلا إذا لم يمكن الجمع، فإذا لم يمكن الجمع وعرف المتقدم من المتأخر حكم بالنسخ، والنسخ رفع حكم شرعي ثابت بدليل بخطابٍ آخر، بدليل آخر متراخٍ عنه، رفع الحكم بالكلية يسمى نسخ، وجاء في تعبير السلف عن التخصيص بأنه نسخ، نعم هو نسخٌ جزئي لا نسخٌ كلي، وأما الاصطلاح عند المتأخرين وهو الذي استقر عليه العمل عند أهل العلم أنه الرفع الكلي، فإذا تعذر وانسدت جميع المسالك مسالك الجمع يلجأ حينئذٍ إلى القول بالنسخ، فإذا وجدنا نصاً يعارضه نصٌ آخر، وعرفنا المتقدم من المتأخر حكمنا بأن المتأخر ناسخ للمتقدم.
فمثلاً في حديث شداد بن أوس يقول: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) وجاء في بعض طرق الحديث أنه كان في عام الفتح، وفي حديث ابن عباس أن النبي -عليه الصلاة والسلام- احتجم وهو محرم، وفي رواية: "احتجم وهو صائم ومحرم" دلت الروايات الأخرى أنه كان في حجة الوداع، كان في حجة الوداع، ومعلومٌ أن حجة الوداع متأخرة عن عام الفتح، فمع هذا التعارض الذي يفيد حديث شداد بن أوس أن الحجامة تفطر الصائم، والذي يفيده حديث ابن عباس أن الحجامة لا تفطر الصائم، فالناسخ هو المتأخر وهو حديث ابن عباس لأنه في آخر عمره -عليه الصلاة والسلام-، والمنسوخ حديث شداد، وبهذا حكم الإمام الشافعي، وبهذا حكم الإمام الشافعي.
هل لقائلٍ أن يقول: هذا من قوله -عليه الصلاة والسلام- والقول ينتابه العموم وذاك من فعله -عليه الصلاة والسلام- والفعل لا عموم له فيحمل على أنه خاصٌ به؟ أو كما يعبر بعضهم أنه قضية عين لا عموم لها، ويبقى: ((أفطر الحاجم)) بالنسبة لعموم الأمة، وهذا خاص به -عليه الصلاة والسلام- كونه احتجم، هذا يلجأ إليه بعضهم، لكن لنعلم أن كلَّ كمالٍ يطلب من البشر لا سيما إذا اقترن بعبادة التي طلب من المسلمين تعظيمها كالصيام مثلاً فإذا طلب من الأمة هذا الكمال ألا يكون الأولى به النبي -عليه الصلاة والسلام- أن ينزه صومه الذي نهى عن غيره ينزه صومه على أن يخدش بمثل هذا؟ لا بد.
لأن بعض الناس عند التعارض تعارض القول مع الفعل يقول: الفعل خاص به -عليه الصلاة والسلام-، أولاً: الخصوصية لا تثبت إلا بدليل، الأمر الثاني: أنه ينبغي أن نستحضر أن كل كمال يطلب من الأمة فالنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به.
يعني مثل ما قالوا في النهي عن استقبال القبلة واستدبارها ببولٍ أو غائط، ثبت النهي من قوله -عليه الصلاة والسلام-، وثبت من فعله من حديث ابن عمر أنه استدبر الكعبة واستقبل الشام وهو يقضي حاجته، منهم من يقول: هذا خاص به -عليه الصلاة والسلام-، نقول: تعظيم الجهة جهة القبلة من تعظيم شعائر الله، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به من غيره، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أولى به من غيره، فكيف نقول: إن للنبي -عليه الصلاة والسلام- أن ينتهك مثل هذه الأشياء والأمة تنزه عنه؟!
للعلماء وجوه كثيرة للجمع بين هذه النصوص، لكني مثلت بها لنكون على علمٍ من هذا، ما هو كل ما اختلف عندنا هذا وهذا قلنا: هذا خاص بالنبي وهذا..، الخصوصية تحتاج إلى دليل، وينبغي أن نفهم ما يليق به -عليه الصلاة والسلام-، يعني كمال يطلب من الأمة والنبي -عليه الصلاة والسلام- ينتهك هذا الكمال؟!
يعني مثل ما قيل في حديث جرهد: ((الفخذ عورة)) ((غط فخذك)) وحسر النبي -عليه الصلاة والسلام- كما في حديث أنس عن فخذه، قالوا: حسر الفخذ خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، لكن يقال: أيهما أكمل تغطية الفخذ أو حسره؟ أيهما أكمل؟ التغطية، ولذا غطى النبي -عليه الصلاة والسلام- لما دخل عثمان واستحيا منه، فهذا أكمل بلا شك، فهل نقول: إن الكمال يطلب من الأمة ودون الكمال يطلب من نبيها؟ نقول: لا يا أخي، فلا نلجأ إلى مثل هذا إلا إذا دل الدليل على الخصوصية، وكان الفعل الذي يختص به -عليه الصلاة والسلام- لائقاً به، نعم، لو كان العكس قلنا: مقبول.
ويعرف النسخ بنص الشارعِ |
| ................................... |
النسخ يعرف بأمور، منها: أن ينص الشارع في الخبر نفسه أو بخبرٍ آخر ((كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها)) فـ(كنت) دل على أنه نهاهم في الماضي وهذا مستقبل؛ لأن الأمر متحمضٌ للاستقبال، والماضي للزمن الماضي، فدل على أن النهي متقدم على الأمر، فهذا يعلم أن النهي منسوخ بنصه -عليه الصلاة والسلام- "بنص الشارع".
"أو صحبه" أو بنص الصحابي، كقوله: "كان آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك الوضوء مما مست النار"، "كان آخر الأمرين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ترك الوضوء مما مست النار"، فدل على أنه كان في السابق، أول الأمرين كان يتوضأ مما مست النار ثم ترك.
ترْك الوضوء مما مست النار مفهومه: أنه كان في أول الأمرين يتوضأ مما مست النار، دلالة هذا الحديث على عدم الوضوء مما مست النار بما في ذلك لحم الإبل، دلالته على ذلك بالعموم، وهو مخصوصٌ بما جاء في لحم الإبل على وجه الخصوص.
ومثل هذه المسائل فيها بحوث دقيقة جداً، الآن عندنا في هذا الحديث: "كان آخر الأمرين ترك الوضوء"، بعمومه يتناول الإبل وغير الإبل، فدل على أن أول الأمرين بمفهومه..، دل بمفهومه على أن أول الأمرين الوضوء مما مست النار بما في ذلك لحم الإبل، فالحديث بعمومه متناول للحم الإبل، لكن جاء حديث بخصوصه يدل على أن لحم الإبل ناقض ولو مسته النار، فعندنا استدلال بالعموم مع العلم بكونه متأخر: "كان آخر الأمرين" واستدلال بالخصوص مع الجهل بتقدمه أو تأخره فهل نقول: بحمل العام على الخاص أو نقول: بالنسخ لعلمنا بالمتأخر؟ نعم؟
طالب:.......
نقول بالنسخ؟ يعني الوضوء من لحم الإبل منسوخ بحديث: "كان آخر الأمرين"، "وحيث لم يمكن" متى يلجأ إلى القول بالنسخ؟ إذا لم نستطع الجمع، ومن وجوه الجمع حمل العام على الخاص على ما تقدم، إذاً يحمل العام على الخاص ولا نلجأ إلى القول بالنسخ، والسبب في ذلك أن النسخ رفع كلي للحكم، إلغاء للحكم بالكلية، بينما التخصيص رفع جزئي للحكم.
فمثل هذه المسألة تدخل في قوله: "وحيث لم يمكن" وهنا أمكن الجمع بحمل العام على الخاص، فلا نلجأ إلى القول بالنسخ في مثل هذه الصورة، أظن هذا ظاهر؟ ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ والمسألة كما تعرفون خلافية بين أهل العلم، خلافية.
................................... |
| أو بصحبه ثم بتاريخ فعِ |
التاريخ، عرف تاريخ حديث شداد، وفيه قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) حديث شداد: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) وحديث ابن عباس: "احتم النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو صائمٌ محرم" عرفنا التاريخ وحكمنا بالنسخ.
منهم من يحمل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) بأن مآل الحاجم والمحجوم إلى الفطر، لا أنهما أفطرا حقيقةً، فالمحجوم يضعف بالحجامة فيضطر إلى الفطر، والحاجم قد يصل إلى جوفه شيء مما يمتصه من بدن المحجوم، فمعنى أفطر باعتبار ما سيكون، وما سيؤول إليه الأمر.
ومنهم من حمل الحديث على حالةٍ خاصة، وهو أنه رأى حاجماً ومحجوماً يغتابان الناس، يغتابان الناس، فقال: ((أفطر الحاجم والمحجوم)) لا بالحجامة وإنما بالغيبة، لكن ابن خزيمة يقول: لو سئل هذا القائل: هل الغيبة تفطر الصائم؟ لقال: لا؛ لأن هذا القائل لا يرى أن الغيبة تفطر الصائم، إذاً كيف يحمل الحديث على أنهما كانا يغتابان الناس؟ وعلى كل حال القول بالنسخ قال به الشافعي وجماعة من أهل العلم وهو متجه.
وبعضهم يرى أن الحجامة تفطر الصائم لحديث شداد بن أوس، وحديث ابن عباس أجابوا عنه بعضهم بالخصوصية، وبعضهم بـ..، على كل حال أجابوا عنه، منهم من رجح قال: إن المثبت للحجامة مقدم على النافي للفطر بها، على العموم وجوه الجمع كثيرة تطلب في مظانها، والحازمي في الاعتبار أطال في تقريرها.
وليس الإجماع على ترك العمل |
| بناسخٍ لكن على الناسخ دل |
وجدت حديث نقل الإجماع على ترك العمل به، وذكر أكثر من عشرين حديث وكلها صحيحة، كلها صحيحة من حيث الصناعة، نقل الإجماع على ترك العمل بها، ويقول الترمذي في علل جامعه: "وليس في الحديث مما أجمع العلماء على عدم العمل به إلا حديث: جمع النبي -عليه الصلاة والسلام- بالمدينة من غير خوفٍ ولا مطر، وقتل الشارب -حديث معاوية- في المرة الرابعة، قتل مدمن الخمر، وبهذا يقول: إن العلماء أجمعوا على ترك العمل بهذين الحديثين، وابن رجب في شرح العلل أضاف أحاديث كثيرة، والمعلق أيضاً أضاف أحاديث، فالإجماع على ترك العمل بخبر يقول:
وليس الإجماع على ترك العمل |
| بناسخ............................. |
لأن النسخ من خصائص النصوص، ما في نسخ إلا بدليل من كتاب أو سنة، النسخ لا يثبت بمجرد احتمال، ولا يثبت بقاعدة، ولا يثبت بإجماع وإن كان قطعياً، إنما الإجماع يدل على وجود ناسخ ولو لم نطلع عليه، يدل على وجود ناسخ ولو لم نطلع عليه.
النووي يقول: أجمع العلماء على ترك العمل بحديث ابن عباس بالجمع، ونقل أيضاً الإجماع على عدم قتل الشارب ولو تكرر منه ذلك، وكلٌ من الإجماعين مخدوش، أما بالنسبة لقتل الشارب فداود وابن حزم يقررون بأن الشارب يقتل إذا لم يردعه الحد في المرة الأولى والثانية والثالثة يقتل في الرابعة، ويرجحه السيوطي وأحمد شاكر، لكن لا يستدرك على النووي بمن تأخر عنه، ولا بالظاهرية لأنه لا يعتد بقولهم.
شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم يرون أن الشارب إذا لم يردعه الحد وتواطأ الناس على الشرب، وكثر الشرب في المجتمع الإسلامي ولم يرتدع الناس بالحد أن الشارب يقتل تعزيراً؛ لكي يرتدع هو وغيره، يرتدعون عن الشرب، فهو محكم وليس بمنسوخ.
وعند فقد العلم بالمقدمِ |
| فأرجح النصين فليقدمِ |
"وعند فقد العلم بالمقدمِ" عندنا نصان متعارضان في الظاهر، وما استطعنا أن نوفق بينهما بأي وجه من وجوه الجمع ولا عرفنا المتقدم من المتأخر ماذا نصنع؟ نرجح، "فأرجح النصين فليقدمِ" وجوه الترجيح كثيرة جداً بين النصوص، وجوه الترجيح كثيرةٌ جداً هي عند الحازمي بلغت الخمسين، وعند الحافظ العراقي في نكته على ابن الصلاح زادت على المائة، والترجيح كما تعرفون إذا أمكن أولى من التوقف، وأحياناً يرجحون بالقشة، وكثير من المرجحات لا تنهض للترجيح، وكثيرٌ منها مختلفٌ فيها اختلافاً متبايناً.
فمثلاً: من وجوه الترجيح عندهم: إذا وجدنا نصاً يتضمن التيسير ونص يتضمن التشديد قال بعضهم: نرجح ما تضمن التيسير؛ لأن طبيعة الشريعة سهلة، والدين يسر، وقال بعضهم: العكس، نرجح ما تضمن التشديد؛ لأن الشريعة شريعة تكاليف وعبودية، والخروج من العهدة بيقين في الأشد، هذا مرجح عندهم.
المقصود أن هذه المرجحات الكثيرة التي ذكروها كثيرٌ منها مختلفٌ فيه، وكثيرٌ منها في غاية الضعف، لكن هناك وجوه للترجيح معروفة ومتفق عليها عند أهل العلم.
................................... |
| فأرجح النصين فليقدمِ |
"ككونه أشهر" ككونه أشهر، عندنا نص صحيح وجدنا آخر يعارضه صحيح أيضاً، لكن أحدهما أشهر، يعني يروى من طرق كثيرة متباينة سالمة من القوادح مثل هذا يرجح على غيره، وسبق أن قلنا: إن الشهرة قرينة على القطع بقبول الخبر.
"ككونه أشهر أو أصح" كونه أشهر يعني من حيث تعدد الطرق "أو أصح" ولو كان هذا من طريق واحد، وهذا من طريق واحد، لكن الأصحية مرجعها ومردها إلى ثقة الرواة واتصال الأسانيد، فإذا كان هذا أنظف إسناد، أو أقوى من جهة الاتصال رجحناه على غيره، وعملنا بهذا دون هذا.
فمثلاً: لو وجدنا حديث مروي بإسناد في صحيح البخاري مثلاً، وحديث آخر يعارضه بنفس الإسناد في سنن أبي داود نرجح الذي في البخاري، رجحناه لأن رواته أوثق؟ الرواة هم الرواة، رجحناه لأنه أشد اتصال؟ الاتصال هو الاتصال، لكن رجحناه برجحان الكتاب الذي تلقته الأمة بالقبول، وقد يكون هذا الراوي الذي خرج عنه البخاري وخرج عنه أبو داود لهذا الظرف أو بهذا الحديث أتقن وضبط أكثر من أحاديث أخرى، فالانتقاء عند أرباب الصحيح معروف عند أهل العلم.
على كل حال المرجحات كثيرة، ومنها الترجيح بالشهرة، والترجيح بالقوة لكونه أصح، أو ناقله أجل، جاءنا حديث من طريق سالم عن ابن عمر، وجانا آخر من طريق نافع عن ابن عمر، الأكثر يرجحون ما يرويه سالم؛ لأنه أجل من نافع، ناقله أجل عند من رووا عند أهل العلم، عند أهل العلم الناقل هذا أجل إذاً يرجح على صاحبه وإن كان السند صحيحاً نظيفاً، قد يرد على كلامهم هذا أنه قد يعرض أحياناً للمفوق ما يجعله فائقاً، فنقف على حديث في صحيح مسلم أرجح من حديث في صحيح البخاري، لكن المسألة إجمالاً، المسألة إجمالية، وأما النظر في آحاد الأحاديث المتعارضة فينزل وينظر في كل حديث على حدة.
فقد يرجح حديث في صحيح مسلم على حديث في صحيح البخاري، ورجح الأئمة أحاديث على أحاديث لأنها احتف بها ما يرجحها، وقد يعرض للمفوق ما يجعله فائقاً.
أو حكمه فيمن رواه قد أتى |
| ................................... |
حكمه فيمن رواه قد أتى بأن يكون الراوي صاحب القصة، إذا كان الراوي صاحب القصة يرجح على غيره؛ لأنه أدرى بقصته، فمثلاً: ميمونة لما قالت: تزوجها النبي -عليه الصلاة والسلام- وهما حلالان معارضٌ بحديث ابن عباس وهو في الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- تزوجها وهو محرم، يرجح حديثه على حديث ابن عباس وإن كانت خالته، لأنها هي صاحبة الشأن، وصاحب الشأن يضبط أكثر من غيره.
ابن عمر لما روى حديث اقتناء الكلب، ولم يذكر فيه كلب الزرع، أبو هريرة -رضي الله عنه- روى حديث الاقتناء وأضاف الزرع في روايته، هل الإضافة من عنده؟ ابن عمر -رضي الله عنه- يقول: "وكان صاحب زرع" يعني أبا هريرة، فما دام صاحب زرع وهو يحتاج إلى الكلب وسمع هذه الكلمة من النبي -عليه الصلاة والسلام- ضبطها وأتقنها.
أنت بحاجة إلى معاملة من المعاملات مثلاً، بحاجة ماسة إليها، وعندك زملاء مثلاً جالسين في مجلس ويسمعون مثلاً نورٌ على الدرب، ما لهم علاقة بهذه المسألة، مرت هذه المسألة، سئل عنها أحد المشايخ فأفتى بها، تتصور إخوانك ذولا اللي يسولفون يبي يضبطونها مثل ما تضبطها أنت لأنك محتاجٌ إليها؟
يعني نظير لو اجتمع فئام من الناس ينتظرون إعلان النتيجة، إعلان النتيجة، واحد يقرأ النتيجة بورقة ومكبر ويسمعون، فلان ابن فلان وفلان ابن فلان، تبي تضبط اسمك لأنه مر، لكن لو سئلت عن غيرك احتمال، على حسب اهتمامك لهذا الشخص تبي تضبط اسمه، وهنا نقول:
أو حكمه فيمن رواه قد أتى |
| ................................... |
لا شك أن هذا سوف يضبط ما يتعلق به، ولذا رجح حديث ميمونة على حديث ابن عباس، ورجح حديث أبي هريرة على حديث ابن عمر الذي ليس فيه الكلمة، وإن كانت هذه مقبولة من باب قبول زيادة الثقة.
يبقى مسألة التنبيه عليها مطلوب، وهو أن بعض الشراح أساء الأدب، وظن بابن عمر أنه يتهم أبا هريرة، وهذه يستغلها بعض المغرضين وبعض المبتدعة، ويشنشنون حولها، ونقول: أبداً، ابن عمر لا يتهم أبا هريرة، وإنما يشهد له بأنه ضبط وأتقن، كيف لا وهو حافظ الأمة؟! أتقن أحاديث الزكاة، أتقن أحاديث الزكاة وهو ليس لديه مال، ما عنده مال، هل الفقير بحاجة إلى ضبط أحاديث الزكاة؟ ما عنده مال يزكي، ليس عنده مال يزكي، قد يقول قائل: إنه طرف، هو معطى من الزكاة، هو معطى معطى، فقه الزكاة أم لم يفقه، لكن الذي عنده مال يزكيه لا بد أن يضبط، ويعرف الواجب عليه، ويخرج من العهدة بيقين، فيضبط ما يروي، أبو هريرة مع فقره أتقن أحاديث الزكاة، وأتقن أحاديث غيرها من الأبواب.
نعم هو ما هو بحاجته أشد ضبطاً ويضبط غيره، وأبو هريرة لا مجال للكلام فيه فهو حافظ الأمة على الإطلاق، ولا شك أن الإنسان بحاجة إلى أن يضبط كل ما يتعلق به، ولا يقول: أنا والله أنا فقير، ما لي دعوة ما أنا بدارسٍ كتاب الزكاة، واحد من طلاب العلم الأيام هذه يقول: والله أنا لي عناية بالفقه لكن تركت كتاب الزكاة ما لي دعوة، أقول: يا أخي كتاب الحيض ليش تدرسه....؟ إذا قلنا بهذا انتهينا، كل واحد بيجدع له باب وينتهي الإشكال، لا، لا، أبداً طالب العلم عليه أن يحيل بالعلوم من جميع أطرافها.
وأبو هريرة أتقن الصحابة وأضبطهم، ولا يقدح في أبي هريرة إلا شخصٌ في نفسه دخن، وقد دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يحببه إلى الأمة ويحبب الأمة إليه، واستجاب الله دعاءه -عليه الصلاة والسلام-، فما رآه أحدٌ إلا حبه، ولا يبغضه إلا شخصٌ في نفسه شيء.
قد يقول قائل: لماذا يتعرض الناس لأبي هريرة أكثر من غيره؟ لماذا نجد الكلام في أبي هريرة ولا نجد شخص يتكلم في أبيض بن حمال؟ لماذا؟ هذا إذا طعن في هذا الراوي الذي حمل السنة طعن في السنة من أساسها، لكن يطعن في راوٍ يروي حديث واحد ما هي مشكلة حديث واحد أو حديثين ما تشكل بقدر ما يشكل ألوف مؤلفة من الأحاديث.
أو حكمه فيمن رواه قد أتى |
| ومن نفى قدم عليه المثبتا |
ومن نفى قدم عليه المثبت، شخص ينفي حكم هذه المسألة بدليل، معه دليل ينفي أو دل الدليل على نفي الوجوب، أو دل الدليل على نفي التحريم في هذه المسألة، ثم جاء حديثٌ آخر يثبت الوجوب أو يثبت التحريم، النافي ماشي على الأصل، وهذا ناقل عن الأصل، المثبت للأصل المثبت للبراءة الأصلية يقدم عليه النافي، النافي للحكم هو ماشٍ وجارٍ على البراءة الأصلية، والمثبت للحكم ناقل عن البراءة الأصلية إلى حكم جديد، فيحتمل أن هذا الخبر في أول الأمر، ثم نسخ بهذا الحكم الناقل.
ولذا عند أهل العلم وجه للترجيح: المؤسس مقدمٌ على المؤكِّد، والتأسيس عندهم خيرٌ من التأكيد، إيش معنى هذا الكلام؟ هذا يؤسس حكم جديد، وهذا يؤكد أحكام سابقة، فمثلاً: ((الصعيد الطيب وضوء المسلم -أو طهور المسلم- ولو لم يجد الماء عشر سنين)) وهذا يحتاج إليه في فهم النص الواحد ((ولو لم يجد الماء عشر سنين، فإذا وجد الماء فليتقِ الله وليمسه بشرته)) ((فليتقِ الله وليمسه بشرته)) عن الأحداث الماضية أو اللاحقة؟ عما يستقبل من الأحداث أو عما مضى من الأحداث؟ إذا قلنا: لما يستقبل من الأحاديث قلنا: لسنا بحاجة إلى هذا الحديث، كل أحاديث الطهارة تدل على أنه إذا وجد الماء يجب عليه أن يمسه بشرته، فلسنا بحاجة إلى هذا الحديث، فهو مؤكد لأحاديث أخرى، لكن إذا قلنا: ((فليتقِ الله وليمسه بشرته)) مما مضى من حدث قلنا: هذا مؤسس لحكم جديد.
وبهذا يستدل من يقول: بأن التيمم مبيح، مبيح لا رافع، ويظهر مثل هذا الاختلاف..، بل يستدل به من يقول: بأنه يرفع رفعاً مؤقتاً لا يرفع بالكلية، وليس بمبيح بمعنى أنه غير رافع، بل يرفع رفعاً مؤقتاً له حكم الأصل، البدل له حكم المبدل، لكنه مؤقت بوجود الماء.
فمثلاً: شخص توضأ عشر سنين ثم وجد الماء، هل نقول له: توضأ عشر سنين وأعد الصلاة؟ لا، شخص أجنب عليه جنابة، الصلوات التي صلاها بالطهارة السابقة طهارة البدن وهي التيمم صحيحة، لكن شخص أجنب، ثم بعد ذلك صلى بالتيمم سنين، ثم بعد ذلك وجد الماء هل نقول له: اغتسل لأنك وجدت الماء فاتق الله ومسه بشرتك؟ كما أن نقول له: توضأ، أو نقول له: التيمم رافع رفع مطلق ولست بحاجة إلى الغسل إن احتجت إليه فيما بعد فاغتسل؟ ويش....... يا أخي، انتبه يا أخي، ويش القول الراجح في هذه المسألة؟
أنت معنا يا أخي؟ انتبه جزاك الله خير.
فالقول الوسط في هذه المسألة: أنه مثل ما دل عليه الحديث أنه يرفع رفع مؤقت حتى يجد الماء، والترجيح بالقاعدة، وهي أن التأسيس خيرٌ وأولى من التأكيد، فلو قلنا: إنه يمسه بشرته لما يستقبل من أحداث قلنا: جميع نصوص الطهارة تدل على ذلك، وإذا قلنا: يمسه بشرته لما مضى من حدث ولا يعني أنه يعيد الصلوات، الصلوات خلاص انتهى، اتقى الله ما استطاع، وسقط بها الطلب، لكن ما مضى من أحداث يتقي الله ويمسه بشرته، نعم؟
طالب:.......
أي متعلق؟ وحذف إيش؟ أيه؟
طالب:.......
يعني حذف المتعلق يدل على التعميم، إيش معنى هذا الكلام؟ مررتُ ما أقول: مررتُ بعمرو ولا بزيد ولا بالمسجد ولا كذا، يحذفون أحياناً المتعلق، لماذا؟ ليسرح الذهن كل مسرح، كل ما يتصور أن يمر به فقد حصل، كما يقول: ضربت، ويش ضربت؟ عمرو وإلا بكر وإلا إيش؟ كل ما يتصور أنه يضرب ضرب، فحذف المفعول وحذف المتعلق فيه دلالة على التعميم عندهم، ولعله من هذا النوع.
................................... |
| ومن نفى قدم عليه المثبتا |
نعم؟ نعم؟
طالب:.......
يتقي الله ويمسه بشرته يغتسل، يغتسل نعم.
طالب:.......
الوضوء هو بيتوضأ، لازم يتوضأ إذا جاءه شيء يتوضأ، لكن الخلاف يظهر في الغسل، أما الصلوات كلها اتقى الله ما استطاع ولا يعيد شيء.
طالب:.......
كيف؟
طالب:.......
الغسل يغتسل نعم.
كذاك ما خص على العمومِ |
| وقدم المنطوق عن مفهومِ |
ما خص على العموم الخاص مقدم على العام، وأيضاً المنطوق مقدم على المفهوم على ما تقدم، وهذه مسألة ذكرناها بالأمس، وأطلنا فيها شيء من الكلام، ومثلنا لها فلا نعيدها.
إن لم تجد من هذه شيئاً فقف |
| ................................... |
لم تستطع الجمع بأي وجهٍ من وجوه الجمع، ولم تعرف المتقدم من المتأخر، فلا تستطع حينئذٍ تحكم بالنسخ، وليس عندك أي مرجح لأحد النصين على الآخر.
إن لم تجد من هذه شيئاً فقف |
| في شأنه حتى على الحق تقف |
ما وجد مرجح، هل يدخل مثل هذا في حيز الاضطراب؟ يحكم على الخبرين بالاضطراب لوجود التعارض؟ أو الاضطراب من شأن الحديث الواحد؟ الآن عندنا حديثان متعارضان، حاولنا نجمع ما استطعنا بأي وجه من وجوه الجمع، ولا بحمل عام على خاص ولا مطلق على مقيد، ما عرفنا تاريخ، ولا استطعنا الترجيح، ويش الواجب علينا حينئذٍ؟ التوقف، نتوقف؛ لأن عملنا بأحاديث دليلين دون مرجح تحكم، دون مرجح تحكم وهذا شرع، تعمل بأحد النصين تحكم، نعم إذا كان النصان فيهما احتياط وغيره لك أن تحتاط، لكن إذا كان النصان متعارضين واحد يدل على الوجوب وواحد يدل على التحريم، ما يمكن الاحتياط في هذا، لا بد أن تتوقف، وأمور الترجيح يقرر جمع من أهل العلم أنه لا بد منها حتى في الأمور العادية لا بد ترجح، أما بداءتك بشيء قبل غيره من غير مرجح تحكم.
لكن شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يقول: أبداً، الناس في عاداتهم يرجحون في حياتهم العامة من غير مرجح، يقول: كسلوك أحد الطريقين، والبداءة بأحد الرغيفين،...... من غير مرجح، أنت...... على الرغيف وتأكله إيش المانع؟ ما تأخذ واحد والثاني باليمنى واليسرى وتشوف أيهما أفضل؟ أيهما..؟ مثل هذا ما يحتاج إلى مرجح.
لكن النصوص الشرعية أنت عبد لله -جل وعلا- ما تصير تبع هواك، ولا ترجح بغير مرجح، ولا تتحكم بأن تعمل بأحد النصوص وتترك بعضها؛ لأن هذا قد يدخل في الإيمان ببعض والكفر ببعض، هذا إذا استغلق عليك الأمر فقف.
إن لم تجد من هذه شيئاً فقف |
| ................................... |
توقف، والتوقف أولى من تعبير بعضهم بالتساقط، يقول: النصوص مثل البينات، تساوت فتساقطت، نقول: لا يا أخي، هذا في جانب النصوص سوء أدب، أنت بدورك تتوقف؛ لأنك لا تعمل بهذا إلا بمرجح.
هل التوقف قول أو عدم؟ ولذلك حينما يساق الخلاف في كثيرٍ من المسائل المسألة فيها ثلاثة أقوال ثالثها التوقف، إذاً اعتبروه قول، فهل هو قول أو ليس بقول؟ يعني في سياق الخلاف هل نقول: توقف فلان؟ ما الفائدة من قولنا: توقف فلان، هل أعطانا جديد حينما توقف؟ أفادنا حينما توقف؟ نعم؟
طالب:.......
بناءً على قوة التعارض، طيب رجح إمام وقال بالوجوب، ورجح ثاني وقال بالتحريم، وثالث قال بالتوقف، لماذا يذكر هذا القول؟ يعني لو مثلاً بحثنا مسألة مبدأ اللغات، هل هو توقيفي أو اجتهادي؟ يقول: الأقوال أربعة: توقيف، توفيق، تلفيق، توقف، إيش معنى الأقوال الأربعة؟ هذا باختصار شديد، يعني كما يقولون: إن وأن والثالث أصلان، إذا أرادوا الاختصار الشديد في الخلاف.
توقيف: من الله -جل وعلا- ليست اجتهادية، توفيق: الله -جل وعلا- وفق هؤلاء واجتهدوا بالنطق بهذه الكلمات، تلفيق: بعضها كذا وبعضها كذا، الرابع: التوقف، ما ندري، فهل التوقف بالفعل يعتبر قول؟ وإلا هو سكوت ترك؟ نعم؟
طالب:.......
هذا ما هو بجهل، إمام كبير متبوع من ملايين البشر نقول له: جاهل؟
طالب:.......
يعتبر قول، لماذا؟
طالب:.......
بلا شك، التوقف من الكبار قول؛ لئلا يجرؤ عليه الصغار، يساق مثل هذا لئلا يجرؤ الصغار، وكثير من طلاب العلم يلاحظ عليهم أنهم في عضل المسائل من أسهل الأمور أن يقول رأيه، حتى صرح بعضهم، طالب شبه مبتدئ ما عرف قدر نفسه ويقول: وجماهير أهل العلم كذا، والذي أراه كذا، عجب، وسيأتي الإشارة إليه، الوقت يمشي يا الإخوان.
إن لم تجد من هذه شيئاً فقف |
| ................................... |
عرفنا أن التوقف هو المطلوب من العالم، ومنهم من يحكم بالاستحسان والميل والاسترواح، والقول بالاستحسان قولٌ قال به بعضهم، وأنكره آخرون، حتى قال قائلهم: من استحسن فقد شرع، والترجيح قد يكون باعتبار القائلين لا باعتبار القول ولا باعتبار دليله، الترجيح قد يكون باعتبار القائلين.
نظرت في أدلة..، عندك خلاف بين الإمام أحمد مثلاً وقل: الأوزاعي مثلاً، هذا عنده دليل وهذا عنده دليل، نظرت في الأدلة إذا متكافئة من كل وجه، كيف ترجح؟ أنت مستصحب أن الإمام أحمد أولى بالتقليد من الأوزاعي مثلاً، أنت رجحت باعتبار القائلين، وهذه قشة قد يلجأ إليها بعضهم، ولذا لما ذكروا أصح الأسانيد أصح الأسانيد، وأن المعتمد عند أهل العلم الإمساك عن الحكم على سندٍ ما بأنه أصح مطلقاً، ولذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:
|
| ...........................والمعتمد |
إلى آخره.
يقولون: حتى مع كونه المعتمد أن هذا..، المعتمد أننا لا نخوض ولا نحكم بسند أنه أصح الأسانيد، وهذه مسألة سبق بحثها، إذا كان المعتمد هذا فلماذا تذكر هذه المسألة؟ قالوا: تذكر للترجيح باعتبار القائلين، الإمام البخاري رجح عن مالك عن نافع عن ابن عمر.
وجزم ابن حنبلٍ بالزهري |
| عن سالمٍ أي عن أبيه البري |
فأنت إذا رجحت بين هذين الاثنين رجحت باعتبار القائلين، وإذا نظرت مثلاً إلى حديث ابن عمر في رفع اليدين بعد الركعتين هو عند الإمام البخاري مرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفي نقد الإمام أحمد موقوف، فأنت ترجح باعتبار القائلين، وهذه يحتاجها الذين هم في الأصل مقلدة، مقلدة متبعة، يتبعون الدليل، لكنهم إذا أشكل عليهم شيء من هذا، ولم يستطيعوا الترجيح مالوا مع من يرونه أو الأقوى.
إن لم تجد من هذه شيئاً فقف |
| في شأنه حتى على الحق تقف |
حتى على الحق تقف، حتى تجد مرجح.
ودون برهانٍ بنصٍ لا ترد |
| نصاً فإن بعضها بعضاً يشد |
"ودون برهان بنص" لا بد أن يكون المعول عليه البرهان، وهو الدليل الشرعي، لا ترد نصاً دون برهان، لا ترد نص بنص، لا ترد نصاً بنص بدون برهان ودليل ومرجح لأحدهم على الآخر، "فإن بعضها بعضاً يشد" نعم النصوص يشد بعضها بعضاً، فلعلك تجد شيئاً تشد به أحد النصين، فلعلك تجد شيئاً تشد به أحد النصين وترجحه به على الآخر.
ولا تسيء الظن بالشرع ولا |
| تحكمن العقل فيما نقلا |
تسيء الظن بالشرع، إذا أشكل عليك مسألة يعني بعبارة العوام: ما دخلت مزاجك، أو رأيتها تخالف بعض الأمور التي في قرارة نفسك حق، تسيء الظن بالشرع، يعني الشارع الذي قال: ((لن يفلح قومٌ ولوا أمرهم امرأة)) تسيء الظن بمثل هذا النص الصحيح وتقول: فلانة حكمت، وفلانة نجحت في حكمها، هذا إساءة ظن بالشرع بلا شيء، لكن قد يتطرق إلى فهم الطالب -دعونا من الراسخين- فهم الطالب حينما يصعب عليه إدراك بعض الأمور، يعني ما يهضم بعض المسائل، كيف يقع هذا التعارض في النصوص؟ نقول: يا أخي يقع، القرآن فيه المحكم والمتشابه، وهذا له حكمته وهذا له حكمته؛ لينظر مدى استسلامك وانقيادك، وهذا ينظر مدى امتثالك وعملك، قد لا يستسيغ الطالب يعني غير الراسخ كون الرب -جل وعلا- ينزل في آخر كل ليلة ولا يخلو منه العرش، فيسيء الظن إما ينفي أحاديث العلو أو ينفي أحاديث النزول، نقول: لا يا أخي، هذه أمور غيبية لا تدركها أنت، وما يتعلق بالخالق لا يمكن أن يقاس على ما يتعلق بالمخلوق، فللخالق ما يخصه، وللمخلوق ما يخصه.
قد لا يستسيغ الطالب كون الشمس تسجد كل ليلة تحت العرش بالحديث الصحيحة، ونحن نراها في فلكها، أهل الهيئة يقولون: إنها لا تغيب أبداً، دائماً في فلكها، تغيب عن قوم وتخرج على آخرين فكيف تسجد تحت العرش؟ نقول: يا أخي قل: سمعنا وأطعنا، عليك أن تقول: سمعنا وأطعنا في الأمور التي لا تدركها، ولا تثبت قدم الإسلام إلا على قنطرة التسليم، وعلى هذا ليس لأحدٍ أن يسيء الظن بالشرع، وإنما عليه أن يسيء الظن بنفسه، وينسب إليها القصور والتقصير.
ولا تحكمن العقل فيما نقلا |
| ................................... |
تقول: هذا ما يمكن يقبله عقل، لا يقبله عقل، وهذا كل ما ازداد نصيب الإنسان من الجهل زاد تدخله وتحكيم عقله، في مجلس خطيب من الخطباء ومشهور أيضاً، لما جيء بحديث: البقرة التي ركبها صاحبها فالتفتت إليه، فقالت: ما خلقنا لهذا، قال هذا الخطيب: دعونا من خرافات بني إسرائيل، على مهلك يا أخي الحديث في الصحيحين، ويقول النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((آمنت بهذا أنا وأبو بكر وعمر)) اللي بيعرض مثل هذا الكلام على عقله بيقبل؟ قد لا يقبل العقل مثل هذه الأمور، لكن ما عليك إلا..، أنت عبد، أنت وظيفتك العبودية لله -جل وعلا-، فعليك أن تستسلم، إن كنت مسلماً فعليك أن تستسلم؛ لأن الإسلام هو الاستسلام.
والآن نعرف كثير من قضايانا في وسائل الإعلام بأنها قابلة للنقاش، وليس هناك ثوابت، وكل شيء..، ودخلت الشبه في بيوت المسلمين، وسمعها عوام المسلمين، والله المستعان.
إياك والقول على الله بلا |
| علمٍ فلا أعظم منه زللا |
القول على الله بلا علم هو الكذب على الله، القول على الله {وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [(33) سورة الأعراف] جعله في المرتبة بعد الشرك، وهو القول على الله بلا علم هو الكذب عليه {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [(116) سورة النحل] يعني من غير علم، فالأمر جد خطير، والله -جل وعلا- ((لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الرجال، إنما يقبضه بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالماً اتخذ الناس رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)) نسأل الله السلامة والعافية.
في آية الزمر آية مخيفة مخيفة جداً في هذا الباب {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} [(60) سورة الزمر] يعني إذا قلت: هذا حلال وهذا حرام كذبت على الله، فلا تجوز الفتوى على الله بغير علم، وهناك مسائل لو سئل عنها عمر كما قرر كثير من أهل العلم لجمع لها أهل بدر، جمع لها المهاجرين والأنصار، واستشار الصحابة، ومكث مدة يستشير ويستخير، ومع ذلك قد يفتي بها الآن كما هو مشاهد وملاحظ من لم يسمع السؤال كاملاً، في منتصف السؤال بعضهم يفتي، وهذا دليل جهل، دليل رقة دين، دليل عدم توفيق.
وليس باباً للشهرة، ليس باباً للرزق ولا للشهرة مثل هذا، وليس ببابٍ ولا طريقٍ للرفعة لا في الدنيا ولا في الآخرة، ونسأل الله -جل وعلا- العفو والمسامحة، وأن لا يؤاخذنا بما فعلنا، وما فعل السفهاء منا.
إياك والقول على الله بلا |
| علمٍ فلا أعظم منه زللا |
جعل على سبيل الترقي في آية الأعراف {وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} [(33) سورة الأعراف] جعل أعظم من الشرك نسأل الله السلامة؛ لأنه يشمل..، لأن الموقعين عن الله -جل وعلا- يضلون الناس، المفتي موقع عن الله -جل وعلا-، يقول: هذا حكم الله في هذه المسألة.
وبعضهم يكتب: أنت تسأل والإسلام يجيب، كتب، وأكثر الأجوبة اجتهادية، إذا كان ليس هناك مندوحة من الجواب تعين عليك الجواب بعد التحري والتثبت، قل يا أخي: لعل المراد كذا، وإن كنت تحفظ فتوى لإمام معتد به قل: يقول فلان كذا، تبرأ من العهدة، أما إذا كان عندك علم بهذه المسألة لا يجوز أن تسكت ((فمن سئل عن علمٍ فلم يجب ألجم بلجامٍ من نار يوم القيامة)) فالمسألة لا بد من الجواب، ويقرر أهل العلم أنه لا يجوز البقاء في بلدٍ ليس فيه عالم يفتي الناس، والله المستعان.
والله الظاهر ماحنا ماشين، لكن خلنا نسأل الإخوان، أنا أخشى أننا بهذه الطريقة ما ننجز الكتاب.
طالب:.......
نستطيع أن نمشي يعني نأخذ كل يوم عشرين بيت خمسة وعشرين بيت ينتهي الكتاب، لكن بغير هذه الطريقة
إن أردتم أن نمشي مشينا يعني، ما.... نعم؟
طالب:.......
يعني تترك؟ تترك الأسئلة؟
طالب:.......
إيه، تأخذ وقت بلا شك، هي تأخذ وقت لكن بعضهم يرى أنها ضرورية، ولا يستفيد كثيرٌ من الإخوان إلا بالسؤال والجواب، أفضل عند الكثير من مسألة الشرح، لأنه بالسؤال والجواب يتقرر العلم، ولذا جاء جبريل يعلم الناس الدين على طريقة السؤال والجواب ((هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم)) وهذه طريقة معروفة ومألوفة عند أهل العلم، نعم.
نعم يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
وكلما شرط قبول فقدا |
| فهو من المردود لن يعتمدا |
هذا القسم الثاني من قسمي الأخبار؛ لأن الأخبار منها المقبول والمردود، والمقبول بأقسامه، بقسميه الرئيسين، وبأقسامه الفرعية مضى الكلام فيه، وهذا الكلام في المردود، وهو الضعيف بأقسامه.
ابن الصلاح يعرف الضعيف: بأنه ما لم تجتمع فيه شروط الحديث الصحيح والحديث الحسن، ما لم تجتمع فيه شروط الحديث الصحيح ولا شروط الحديث الحسن، فإذا اختل شرط من شروط القبول التي هي شروط الصحيح والحسن صار الخبر ضعيفاً مردوداً غير مقبول.
والحافظ العراقي -رحمه الله تعالى- يقول: لا داعي لأن نذكر الصحيح، لا داعي لأن نذكر الصحيح في الحد لأنه تطويل؛ لأنه إذا فقد شروط الحسن فقد فقد شروط الصحيح، ولذا يقول في ألفيته:
أما الضعيف فهو ما لم يبلغِ |
| مرتبة الحسن وإن بسطٌ بغي |
إلى آخر كلامه.
إذا لم يبلغ مرتبة الحسن فهو عن رتبة الصحيح أقصر، ولتحرير مثل هذا الكلام نحتاج إلى تصور الأقسام الثلاثة.
وأهل هذا الشأن قسموا السنن |
| إلى صحيحٍ وضعيفٍ وحسن |
ما النسبة بين الأقسام؟ هل النسبة بينها التداخل أو التباين؟ وبالمثال يتضح الكلام، هل تقسيم الخبر إلى صحيح وحسن وضعيف مثل تقسيم الكلام إلى اسم وفعل وحرف؟ فإذا كان مثله قلنا: هم يقولون في الحرف: ما لا يقبل علامات الاسم ولا علامات الفعل، ما اكتفوا بواحدٍ منها.
وهل النسبة بين الأقسام الثلاثة من أقسام الحديث التداخل؟ بمعنى أن بعضها يغني عن ذكر بعض؟ يعني أنه غير ما تقول: شباب وكهولة وشيخوخة، فإذا قلت: الشباب من لم يبلغ سن الكهولة يحتاج أن تقول: والشيخوخة؟ يحتاج وإلا ما يحتاج؟ ما يحتاج؛ لأنه إذا لم يبلغ سن الكهولة من باب أولى أن لا يبلغ سن الشيخوخة.
فهل النسبة بين الحديث الصحيح والحسن والضعيف مثل ما بين الاسم والفعل والحرف؟ أو مثل ما بين الشباب والكهولة والشيخوخة من النسب؟ بمعنى أنها إذا تداخلت نكتفي ببعضها، إذا لم يبلغ رتبة الحسن فهو عن رتبة الصحيح أقصر، يعني ما الذي بين الصحيح والحسن؟ هل هما متداخلان أو متباينان؟
طالب: متباينان.
هل هما متداخلان أو متباينان؟ متباينان، والإخوان يقولان: متداخلان، نعم هو لكلٍ منهما وجه، متداخلان من وجه متباينان من وجه، إيش معنى هذا الكلام؟ بين الصحيح لذاته والحسن لغيره تباين، ما فيه التقاء إطلاقاً، بين الصحيح لذاته والحسن لغيره، وبين الصحيح لغيره والحسن لذاته تداخل، فهما متباينان من وجه متداخلان من وجه، والكلام في هذه المسألة يطول، وإذا استطردنا بذكر النظائر طال الكلام.
لكن ابن حجر خرج من هذا الخلاف بكلامٍ يرضي الطرفين، قال: ما لم تتوافر فيه شروط القبول، الضعيف: ما لم تتوافر فيه شروط القبول، وانتهى الإشكال، والقبول يدخل فيه الصحيح والحسن، يدخل فيه الصحيح والحسن، فلسنا بحاجة إلى طول الكلام في هذه المسألة.
................................... |
| فهو من المردود لن يعتمدا |
المردود لا يعتمد عليه، والضعيف لا يحتج به على خلاف بينهم في بعض القضايا، أما بالنسبة للعقائد والأحكام يكادون يتفقون أن الضعيف لا يقبل فيها، وأنه لا بد من ثبوت الخبر، وأن يكون في حيز دائرة المقبول، أما بالنسبة لأبواب من أبواب الدين كالفضائل والمغازي والتفسير وغيرها من الأبواب فقد تسامح الجمهور فيها، فقبلوا فيها الضعيف بشروط: ألا يكون الضعف شديداً، وأن يندرج تحت أصل عام، وألا يعتقد عند العمل به ثبوته وإنما يعتقد الاحتياط، وأضافوا شروط أخرى، وعلى كل حال تطبيق هذه الشروط قد يصعب، ولذا رجح كثير من أهل التحقيق أنه لا يحتج به مطلقاً؛ لأن غلبة الظن تدل على عدم صحة نسبته إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، لأن المسألة مسألة غلبة ظن؛ لأن لو غلب على الظن أن نسبته إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ثابتة احتججنا به، والأحكام مدراها مبناه على غلبة الظن، لكن كونه يدل على الاحتياط في مسألة ما جمهور أهل العلم على هذا، والنووي نقل الاتفاق، وممن نقل عنه هذا صراحة الإمام أحمد وابن مهدي وجمع من أهل العلم من المتقدمين والمتأخرين، ولا شك أن الاحتياط للدين، وسد جميع الأبواب الموصلة إلى البدع التي تجعل الناس يعملون بما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا شك أنه في عدم قبول الضعيف، لكن ماذا نصنع وعامة أهل العلم وجماهير أهل العلم على قبوله في الفضائل؟ نقول: لا بد أن يحتاط للأمر حتى على القول بقبوله، ولا بد أن تنطبق الشروط بدقة، وألا يؤدي الاسترسال فيه إلى ارتكاب بدعة، وألا يؤدي القول به إلى إهدار سنة؛ لأن الذي يعمل بخبر غير ثابت، ويتشرع به، ويتعبد به لا شك أن أثره على الإقتداء ظاهر، من عمل ببدعة حرم سنة، ولا يعني أنه عمل بدعة مثلاً مكفرة أو كبيرة أو من البدع الكبرى لا كما سيأتي في تفصيل البدعة، لا قد تكون بدعة يسيرة لكنها تصد عن سنة في مقابلها، فعلى الإنسان أن يعنى بما صح وحسن ودخل في حيز القبول مما ينسب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- أما ما لم يبلغ مرتبة الحسن الذي هو أقل الأحوال فمثل هذا لا يعتني به طالب العلم، اللهم إلا إذا كان الباب أو المسألة محتاج إليها حاجة شديدة، ولم يقف فيها على نص عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فقد تسامح جمع من أهل العلم في الحديث الضعيف إذا لم يكن في الباب غيره، نقف على جملة الأسباب؛ لأنها كثيرة وتحتاج إلى تتابع، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصبحه أجمعين.
"بلى يدخل، وهم القوم لا يشقى بهم جليسهم.
على كل حال إذا كان متبعاً لهذا الإمام لرجحان أقواله عنده، وهو من أهل التقليد في حكم العامي، يعني ممن لم يتأهل للنظر في النصوص هذا ينتسب إلى المذاهب لا بأس، وكم انتسب إلى المذاهب من الكبار، وعلى كل حال مسألة الانتساب إن كانت بحق ومن يتبع هذا الإمام لكونه لم يتأهل، فهذا حكاية واقع ما فيها شيء، وانتسب أيضاً أئمة كبار من كل مذهب.
أما إذا كان ينتسب وهو لا يعرف من مذهب الإمام شيء، ولا يعنى بمذهب هذا الإمام فهو كاذب في انتسابه.
هذا الحديث مما اختلف فيه، والذي يغلب على الظن أنه لا ينزل عن الحسن -إن شاء الله تعالى-، وصححه بعضهم.
ومن جلس حتى تنتشر الشمس فقد اقتدى بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، كان يجلس -عليه الصلاة والسلام- كما في الصحيح صحيح مسلم حتى تنتشر الشمس، ثم إذا صلى هاتين الركعتين بنية الضحى حصل له الأجر -إن شاء الله تعالى-، ثبت الخبر أو لم يثبت، له أجر صلاة الضحى، وله أجر المكث إلى انتشار الشمس اقتداءً به -عليه الصلاة والسلام-.
ابن القيم -رحمه الله تعالى- في (طريق الهجرتين) لما ذكر طريقة الأبرار وطريقة المقربين، وأنتم تعرفون أن الأبرار في منزلتهم دون منزلة المقربين، قال عن الطائفتين: كلهم يجلسون بعد صلاة الصبح إلى انتشار الشمس، كلهم يجلسون، لكن الأبرار يصلون قبل الانصراف، والمقربون إن شاءوا صلوا وإن شاءوا انصرفوا بدون صلاة هاتين الركعتين، فما السبب في التفريق بينهم؟ وما الذي يفيده كلام ابن القيم؟ هل يفيد ثبوت الحديث أو لا يفيده؟ نعم؟ ويش سبب التفريق؟ الأبرار لا ينصرفون حتى يصلوا ركعتين، وأما المقربون إن شاءوا صلوا وإن شاءوا انصرفوا من غير صلاة، ومعروفٌ أن منزلة المقربين أعلى من منزلة الأبرار، ولهذا يقول أهل العلم: حسنات الأبرار سيئات المقربين.
طالب:.......
نعم صلاة الضحى إذا تأخرت فهي أفضل، لكن لماذا قال: الأبرار يصلون قبل الانصراف والمقربون إن شاءوا صلوا وإن شاءوا انصرفوا؟ نعم؟ وجهة نظره -رحمة الله عليه- أن وقت المقربين معمور بالطاعة، والأبرار معمور بالطاعة وغيرها من أمور الدنيا، فالأبرار على حد كلامه يصلون هاتين الركعتين ثم ينصرفون إلى أعمالهم في أمور الدنيا، أما المقربون فهم متفرغون للعبادة، فهم من عبادة إلى عبادة، إن شاءوا انصرفوا ثم بعد انصرافهم يصلون لا يزالون يصلون ويتعبدون.
أولاً: هذا الزمان كغيره من الأزمان التي يتناولها الحث على طلب العلم، ومن خير ما تصرف فيه الأعمار طلب العلم، ومن أهم العلوم علم السنة بعد علم الكتاب علم السنة، والسنة لا يعرف صحيحها من ضعيفها إلا بواسطة علوم الحديث وعلم المصطلح، فهو من الأهمية بحيث لا يخفى على آحاد المتعلمين، إذا كان موضوع علم المصطلح معرفة الصحيح من الضعيف، المقبول من المردود مما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- الأسوة والقدوة، فكيف يتجه مثل هذا السؤال؟ نعم، قد يقول قائل: إن كثير ممن درس هذا العلم استمروا يقلدون في أحكامهم على الرواة، وفي أحكامهم على الأحاديث، فإذا كان التقليد لازماً لطالب العلم فلماذا يدرس هذه الوسائل التي بها يدرك الصحيح والضعيف؟ أقول: إذا رضي لنفسه بالتقليد فليرضى لنفسه أيضاً بتقليد الأئمة في الأحكام أيضاً، ولماذا يدرس علم الأصول؟ ثم بعد ذلك يتسلسل الأمر إلى أن يقول: أكتفي بسؤال أهل العلم، وبهذا يكون عامياً.
وكلامي موجهٌ لمن يريد طلب العلم، يريد طلب العلم، بعد أن سمع من النصوص ما يحثه على ذلك ويرغبه فيه، فلا مندوحة لطالب العلم الذي عنده العزيمة على طلب العلم الشرعي لا مندوحة له من دراسة المصطلح وأصول الفقه، وعلوم العربية، وعلوم القرآن، كل هذه مما لا بد لطالب العلم من معرفته، وهي تعين على فهم الكتاب والسنة، وهي وإن لم تكن مقاصد إلا أنها وسائل لفهم الكتاب والسنة.
قناة المجد ذكرنا مراراً أن المعافى من جميع القنوات السلامة لا يعدلها شيء لا المجد ولا غير المجد، وأما المبتلى فالمجد من خير ما يرى، ومن خير ما يعرض في هذه الأيام، هذا المبتلى.
يبيعها هذه عكس مسألة العينة، مسألة العينة: يشتريها ممن يملكها بثمنٍ مرتفع، ثم يبيعها عليه بثمنٍ أقل هذه مسألة العينة، هذه عكس مسألة العينة، يبيعها على شخص يسدد بقيمتها ديونه ثم بعد ذلك يشتريها منه هو ورجلٌ آخر، يعني شركة بينهما بالتقسيم هذه عكس مسألة العينة، وفيها من التحايل على الربا ما في مسألة العينة، فيها من التحايل ما في مسألة العينة.
ما يدري أنه اختير العام الماضي، وذكرنا السبب في اختياره.
وهل هذا يعتبر من المتون التي يبتدئ بها أم ماذا أحسن الله إليكم؟
هو متن من المتون، العلوم التي في النخبة موجودة فيه يعني، المسائل والبحوث التي في النخبة وفي جميع كتب علوم الحديث هي موجودة فيه، ومعروف أن المتون في فنٍ واحد على مذهبٍ واحد معروف أنها تكاد تتفق على قضايا، كليات العلم تكون متفق عليها، ثم بعد ذلك كل كتاب يزيد من عنده بعض المسائل، ولذا لا يقول قائل: إن تصنيف الطلاب وتقسيمهم إلى مبتدئين ومتوسطين ومنتهين هذا تكرار للعلم، ما فيه فائدة.
طيب أنا بأقرأ النخبة ليش بأقرأ اختصار علوم الحديث لابن كثير وبينهما اتفاق بنسبة ثمانين بالمائة؟ ولماذا لا أقتصر على الزائد من اختصار علوم الحديث؟ ثم بعد ذلك أقتصر على الزائد من ألفية العراقي، أو توضيح الأفكار من الكتب المطولة أو التدريب؟ نقول: لا يا أخي، هذا التكرار مقصود لأهل العلم، وبهذه الطريقة يثبت العلم، أنت تضبط الكتاب الأول الذي فيه من العلم بنسبة عشرين ثلاثين بالمائة باعتبارك مبتدئ، لكن إذا ارتقيت إلى كتب الطبقة التي تليها أنت ضمنت هذه العشرين بالمائة، فتفهمها مرة ثانية على صيغة واحدة وعلى تصورٍ ثاني، أقول: بصيغة أخرى وتصورٍ آخر، قد تكون مختصرة في ذلك الكتاب وبسطت في الكتاب الأخر، قد تكون بأسلوب مرت عليك عسر عليك فهمها تفهمه مرة ثانية، ثم بعد ذلك تبني على ذلك المسائل الزائدة، ولذا الذين يعتنون بالزوائد يخالفون الطريقة المتبعة.
هذه تقول: هناك بعض الأخوات ممن لديهن عذر شرعي يأتين للمسجد لحضور الدورة للاستفادة، وحباً في الخير، وخشية فوات العلم، ويجلسون على الدرج..، -إيش؟ إيه المسجد لأنها ناقصة- الداخلي فهل الدرج من المسجد؟ وهل يحل لهن الجلوس فيه؟ نأمل منكم توضيح الأمر وتيسير مكان للأخوات.
أولاً: إذا كان الدرج داخل سور المسجد فهو حكمه حكم المسجد، إذا كان داخل سور المسجد فحكمه حكم المسجد، والمرأة التي عليها الدورة المعذورة مثل هذه تعتزل مكان الصلاة الذي هو المسجد، فلا يجوز لها أن تمكث في المسجد، لقوله -عليه الصلاة والسلام-: ((وليعتزل الحيض المصلى)).
وهل يحل لهن الجلوس فيه؟ نأمل منكم توضيح هذا الأمر، وتيسير مكان للأخوات إن كان لا يجوز دخول المسجد جزيتم خيراً.
عاد الإخوان المشرفين على المسجد وأعماله وأنشطته لا بد أن ييسروا هذا الأمر.
هل يصح وصف الله -عز وجل- بأنه مخالفٌ للحوادث؟ هم يقصدون بالحوادث المخلوقات، الأمور الحادثة بعد الله -عز وجل-، الأمور الحادثة، ويقصدون بذلك المخلوقات، والله -جل وعلا- هو الخالق، وهو الأول بلا بداية، الأول وليس قبله شيء.
هذه أيضاً إذا لم تتمكن من الحضور إلا بطفلها الذي يزعج الناس ويشغلهم عن تحصيل العلم هذه جلوسها في بيتها وسماعها الدرس من الأشرطة أو من غيرها أفضل في حقها؛ لأن ضرر الأولاد متعدي إلى غيرها، وإن خصص لذوات الأطفال مكان كذوات الأعذار فلا بأس، لكن مثل هؤلاء النسوة التي معهن أطفال يصدر منهم أصوات يشغلون الناس بحيث لا تتمكن الحاضرة من سماع الدرس فمثل هذا يمنع حضورها، نعم حضرن الصلاة مع النبي -عليه الصلاة والسلام-، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يسمع صياح وبكاء الصبي ويخفف الصلاة من أجله، والصلاة أيضاً مما يطلب لها راحة البال، لكن يبقى أن الحضور إلى الصلاة والحث عليه ما هو مثل الحضور إلى الدروس، الدروس يحتاج إلى مزيد من تفريغ البال للفهم، فالدرس يحتاج إلى الفهم.
هم طوائف المبتدعة الذين بنوا مسائل العقائد على علم الكلام.
هذا من باب الإطلاق والتقييد، في النص الأول مطلق لم يقيد بالخيلاء، وفي الثاني مقيد بالخيلاء، وحمل المطلق على المقيد له صور، لكن منها: إذا اختلفا في الحكم والسبب لم يحمل المطلق على المقيد، وهنا اختلفا في الحكم والسبب، حكم مجرد جر الثوب أو إنزال الثوب إلى الكعبين من أسفل من الكعبين هذا ففي النار، وهو أخف من حكم من جر ثوبه خيلاء، فالحكم مختلف، والسبب مختلف، فهذا مجرد إنزال للثوب، وهذا مقترن بالخيلاء، فإذا اختلفا في الحكم والسبب لا يحمل المطلق على المقيد.
إذا كانوا لا يستطيعون إعادته مرةً ثانية، بمعنى أنه على الهواء وانتهى، إذا كانوا لا يستطيعون إعادته مرةً ثانية لم يسجل عندهم على شريط فهذا ليس بتصوير، يعني مثل الكاميرات التي تراقب الأسواق مثلاً، أو الكاميرات التي في الحرمين وغيرها من المجامع الكبيرة التي يراقب منها الناس من بعد بحيث لا تثبت صورها.
لا لا، شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- إنما شرح العمدة، عمدة الموفق، عمدة الفقه.
الطالب يتدرج في المتون من الصغير إلى المتوسط والكبير، لكن بالنسبة للقواعد النظرية لعلم المصطلح يكفي الطالب ثلاثة كتب، يبدأ بـ(النخبة) يحفظها ويقرأ ما كتب حولها، ويسمع الأشرطة، ويناقش ما يشكل عليه، ثم بعد ذلك: (اختصار علوم الحديث) للحافظ ابن كثير، مع حاشية الشيخ أحمد شاكر عليه، ومع الشروح التي سجلت عليه، ثم بعد ذلك يجعل همته لـ(ألفية العراقي) فيحفظها، ويقرأ شروحها، وإذا كان عليها أشرطة مسجلة يعنى بها، وإذا أشكل عليه شيء يسأل عنه، وإن كان هناك دروس مقامة لشرحها فليلزمها، فكلُّ الصيد في جوف الفرا، والله المستعان.
لا شك أن الأولى: علماء السوء الذين يبدلون الدين بالتحريف والتأويل، والثانية: ذكر الحكام الظلمة.