بلوغ المرام - كتاب الحدود (6)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في كتابه بلوغ المرام: باب حد الشارب وبيان المسكر عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدتين نحو أربعين قال وفعله أبو بكر فلما كان عمر استشار الناس فقال عبد الرحمن بن عوف أخف الحدود ثمانون فأمر به عمر متفق عليه ولمسلم عن علي رضي الله تعالى عنه في قصة الوليد بن عقبة جلد النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعين وأبو بكر أربعين وعمر ثمانين وكل سُنَّة وهذا أحب إلي وفي الحديث أن رجلاً شهد عليه أن رآه يتقيأ الخمر فقال عثمان إنه لم يتقيأها حتى شربها وعن معاوية رضي الله تعالى عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في شارب الخمر «إذا شرب فاجلدوه ثم إذا شرب فاجلدوه ثم إذا شرب الثالثة فاجلدوه ثم إذا شرب الرابعة فاضربوا عنقه» أخرجه أحمد وهذا لفظه والأربعة وذكر الترمذي ما يدل على أنه منسوخ وأخرج ذلك أبو داود صريحًا عن الزهري وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه» متفق عليه وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا تقام الحدود في المساجد» رواه الترمذي والحاكم وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال لقد أنزل الله تحريم الخمر وما بالمدينة شراب يشرب إلا من تمر أخرجه مسلم وعن عمر رضي الله تعالى عنه قال نزل تحريم الخمر وهي من خمسة من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير والخمر ما خامر العقل متفق عليه وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال «كل مسكر خمر وكل مسكر حرام» أخرجه مسلم وعن جابر رضي الله تعالى عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «ما أسكره كثيره فقليله حرام» أخرجه أحمد والأربعة وصححه ابن حبان وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينبذ له الزبيب في السقاء فيشربه يومه والغد وبعد الغد فإذا كان مساء الثلاثة شربه واستقاه فإن فضل شيء أهراقه أخرجه مسلم وعن أم سلمة رضي الله تعالى عنها عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم» أخرجه البيهقي وصححه ابن حبان وعن وائل الحضرمي أن طارق بن سويد رضي الله تعالى عنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الخمر يصنعها للدواء فقال «إنها ليست بدواء ولكنها داء» أخرجه مسلم وأبو داود وغيرهما.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: باب حد الشارب وبيان المسكر حد الشارب يعني للمسكر الشارب للخمر والحد هو العقوبة المقدرة شرعًا كما تقدم في تعريف الحدود في أول الكتاب كتاب الحدود ويختلف أهل العلم في حد الشارب بناء على الأحاديث التي أوردها المؤلف وغيرها هل هو من ذوات الحدود المقدرة شرعًا أو مما يوجب التعزير ولا حد فيه أو فيه الحد ومن قال ذلك يختلفوا هل الحد هو الأربعون أو الثمانون كل هذا يأتي من خلال الأحاديث التي ذكرها المؤلف رحمه الله تعالى فمن من النصوص ما يدل على التخفيف كما في الحديث الأول والذي يليه من أنه جرى ضرب بالجريد والنعال وأطراف الثياب وما أشبه ذلك ومنها ما هو في غاية الشدة من الأمر بقتله في الرابعة وأقوال أهل العلم ترد إن شاء الله تعالى في شرح الأحاديث ولا شك أن كثرة الشُرَّاب وعدم انصياعهم للأوامر والنواهي لها أثر في هذا التشديد حتى وصل الأمر إلى القول بقتله يعني المدمن إذا شرب في الرابعة على كل حال عامة أهل العلم على أن فيه الحد والجمهور على أن الحد ثمانون جلدة على ما استقر عليه الأمر في عهد عمر واتفاق الصحابة على ذلك والإمام الشافعي وبعض العلماء يرون أن الحد أربعون على ما كان عليه الأمر في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- وعهد صاحبه أبي بكر ومنهم من يقول يجلد الأربعين حد ويعزر إلى الثمانين وهذا رأي جمع من أهل العلم وفيه التوفيق بين النصوص والتعزير يخضع أيضًا للظروف والأحوال والأوقات والأماكن بخلاف الحد الذي لا يجوز تجاوزه ولا التقصير عنه وبيع المسكر يعني حقيقة المسكر حقيقة المسكر الذي يختلف فيه أهل العلم فجمهور أهل العلم أن المسكر الذي فيه الحد ما خامر العقل وغطاه لأن النصوص جاءت بالخمر والخمر ما خامر العقل وغطاه من أي مادة كان سواء كان من التمر أو من العنب أو من الزبيب أو من الشعير أو من العسل أو من غيرها من المواد ويدخل فيه كل ما يسكر فيغطي العقل كالحشيشة والمخدرات بأنواعها وأيضًا البنج عند بعضهم أدرجوا فيه البنج لكن البنج يختلف تختلف حقيقته عن حقيقة الخمر لأن الخمر يتلذذ به صاحبه ويحصل له به نشوة وإطراب بخلاف البنج صحيح يغطي العقل لكنه كالإغماء ليس فيه نشوة وليس فيه إطراب وليس فيه تلذذ فيجوز استعماله للضرورة بخلاف الخمر على ما سيأتي في آخر الباب يعني بعضهم أدرج البنج في المسكرات باعتبار أنه يغطي العقل لكن عامة أهل العلم على خلاف ذلك لأن حقيقته تخلتف عن حقيقة الخمر قال رحمه الله وبيان المسكر جمهور أهل العلم مثل ما ذكرنا على أن الخمر كل ما خامر العقل وغطاه من أي مادة كان والحنفية يرون أن الخمر الذي فيه النص وحقيقته اللُّغوية ما كان من العنب فقط وإطلاق الخمر على ما خامر العقل من غير العنب من باب المجاز ولا يعني هذا أنه لا يحد شارب الخمر الذي أصله من التمر لا، الخلاف بينهم في التسمية فقط في التسمية فقط لكن إذا أسكر وغطى العقل يجلد عند الجميع وهذا محل اتفاق بينهم لكن الخلاف في التسمية هل يسمى خمر أو لا يسمى خمر؟ هل تسميته حقيقة لغوية أو من باب القياس اللغوي إذا كان من غير العنب؟ هذا محل الخلاف قال رحمه الله عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أتي برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدتين نحو أربعين فجلده بجريدتين نحو أربعين منهم من يقول أنه بمجموع الأربعين مع الأربعين في كل جريدة أربعين يكون المجموع ثمانون ثمانين وهذا الكلام ليس بصحيح المجموع أربعون كما بينت ذلك الأحاديث المفصلة المفسرة قال وفعله أبو بكر يعني جلد أربعين فلما كان عمر استشار الناس لماذا استشار الناس؟ لأن الناس لم يرتدعوا لم يرتدعوا بالحد الذي هو أربعين فزاد عليهم فيه ليرتدعوا لا شك أنه هذه القاذورات في عصره -عليه الصلاة والسلام- قضايا محدودة جدًا يعني قضايا الزنا خمس والخمر لا تزيد على هذا العدد فالمقتضي للتغليظ غير موجود ثم بعد ذلك في عهد الصديق كما كان الأمر في عهده -عليه الصلاة والسلام- لقصر المدة وقرب العهد لما جاء عهد الخليفة الراشد عمر رضي الله تعالى عنه وتوسع الناس وفتحت الأمصار واختلط المسلمون بغيرهم كأنهم تساهلوا في هذا الشأن فرأى عمر أن الحد الذي كان على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يردع الناس عن هذا التتابع والاستهتار والتساهل في شرب الخمر فجمع الناس واستشارهم ولهذا نظائر لهذا نظائر يعني مسألة الطلاق كان الثلاث واحدة على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- وعلى عهد أبي بكر وصدرًا من خلافة عمر رأى الناس استهتروا واستخفوا بأحكام الله فرأى من باب السياسة الشرعية أن يزيد عليهم أن يشدد عليهم فيجعل الثلاث ثلاث ووافقه الصحابة وجمهورة أهل العلم على هذا واجتهاد عمر ليس من فراغ يعني قد يقول قائل هل لحاكم من الحكام أن يجتهد في مثل هذا الناس يشربون الخمر بكثرة فهل لحاكم أن يجعل الحد مائة أو مائة وخمسين ليس له ذلك وإنما عمر جاء فيه قول النبي -عليه الصلاة والسلام- «اقتدوا بالذَين من بعدي» «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» فعمر له موافقاته التي نزل القرآن بتأييدها وهو الملهم المحدث الذي لو كان في الأمة نبي بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- لكان عمر ولا يعني هذا أنه أفضل من أبي بكر لا، لكن مع ذلك هو موفق ومسدد واستشار الناس يعني لم يصدر عن رأيه فقط بل استأنس بآراء الصحابة رضوان الله عليهم فقال عبد الرحمن بن عوف في بعض الروايات ما يدل على أن عليًا رضي الله تعالى عنه قال مثل ذلك أخف الحدود ثمانون أخف الحدود ثمانون وجاء في بعض الروايات أنه إذا شرب هذى وإذا هذى افترى وحد الفرية ثمانون قذف قال أخف الحدود ثمانون فأمر به عمر رضي الله عنه متفق عليه هذا الحديث في الصحيحين ولهذا اختلف العلماء كما اختلفوا في النظير الذي ذكرناه وهو الطلاق منهم من يقول إذا نقتصر على ما كان في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنه هو القدوة وهو المشرع فتكون الثلاث واحدة وهنا يكون الحد أربعين ومنهم من قال أن اجتهاد عمر صائب وموفق بدليل موافقة الصحابة رضوان الله عليهم وهذا قول الجمهور جمهور أهل العلم يقولون أن الحد ثمانون والشافعي رحمه الله يقول إن الحد أربعين ومثل ما ذكرنا الفارق بين الأربعين والثمانين التي زادها عمر رضي الله تعالى عنه قال بعضهم إنها من باب التعزير لا من باب الحد اللازم لكل شارب وهذا له وجهه كما أن القتل الوارد في حديث معاوية يختلفون فيه فالجمهور على أنه منسوخ على ما سيأتي ومنهم من يقول أنه ثابت ومحكم وله من ينصره ويؤيده ومنهم من يقول إن القتل تعزير القتل تعزير إذا رأى الإمام أن مثل هذا الشارب لا يرتدع ولا يرفض غيره إلا بالقتل يقتل المدمن ويأتي الكلام في حديث معاوية وما جاء في معناه قال رحمه الله ولمسلم عن علي رضي الله تعالى عنه في قصة الوليد بن عقبة جلد النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعين الوليد بن عقبة شرب الخمرة في عهد عثمان رضي الله عنه ورُفع أمره إلى عثمان فأعطاه عليًّا ليقيم عليه الحد ليقيم عليه الحد فوكل علي رضي الله عنه أمره إلى الحسن فقال الحسن ليتولى حارَّها من تولى قارَّها فدلع إلى عبد الله بن جعفر فجلده قال جلد النبي -صلى الله عليه وسلم- يعني بأمر بأمر علي بتكليف عثمان رضي الله عن الجميع لما جيء بالوليد بن عقبة إلى علي ودفعه إلى عبد الله بن جعفر ليجلده حضر فلما جلده أربعين جلدة قال جلد النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعين وجلد أبو بكر أربعين وجلد عمر ثمانين فما الذي اختاره علي رضي الله عنه وأرضاه وكلٌ سنة ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- سنة بلا إشكال فالسنة ما أضيف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وما أضيف إلى عمر إلى أبي بكر يندرج تحت ما أضيف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- لأنه لم يحصل فيه اختلاف وجلد عمر ثمانين باجتهاده ومشاورة الصحابة وهو أيضًا سنة لأنه خليفة راشد أمرنا باتباعه «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي» «اقتدوا باللذين من بعدي» وكلٌ سنة يعني كل ما تقدم من جلد النبي -عليه الصلاة والسلام- وأبي بكر أربعين وجلد عمر ثمانين كل ذلك سنة وهذا أحب إلي لما جلد أربعين قال هذا الكلام جلد النبي -عليه الصلاة والسلام- أربعين وجلد أبو بكر أربعين وجلد عمر ثمانين قال وهذا أحب إلي الضمير يعود إلى جلد الرسول -عليه الصلاة والسلام- وأبو بكر أو إلى جلد عمر؟ نعم لأنه يعود إلى أقرب مذكور فأتم الثمانين كيف يكون فعل عمر رضي الله تعالى عنه أحب إلى علي من فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- وأبي بكر فعل عمر رضي الله تعالى عنه ليس اجتهادًا محضًا لا يستند إلى نصوص يعني إذا رأيت من له اطلاع واسع على نصوص الشرع وعلى مقاصد الشريعة وقواعدها العامة ثم رأيت في اجتهاداته ما لم تسمعه من قبل وقد تصفه بالجرأة يعني هذه الجرأة ما جاءت من فراغ بخلاف من يتصدر الفتوى الآن ويجرؤ عليها ويضرب بالنصوص وأقوال أهل العلم عرض الحائط هذه الجرأة جاءت من فراغ لكن جرأة مثل عمر رضي الله تعالى عنه أو مثل شيخ الإسلام ابن تيمية ما جاءت من فراغ يعني شيخ الإسلام تفرد بمسائل يعني سبق إليها لكنه لخفاء من قال بها نُسب فيها إلى خرق الإجماع نسب فيها إلى أنه خرق الإجماع وخالف الأمة وشُنَّع عليه بسببها لكن ابحث تجد من قال بذلك يعني فرق بين من يأتي بقول يؤديه إليه اجتهاده المبني على النصوص والاطلاع الواسع على مصادر الشريعة ومواردها ومقاصدها وقواعدها وبين من هو كالقدح المعلَّق الذي لا ناقة له ولا جمل نسمع أقوال شاذة ونقرأ أقوال شاذة وكثرت ورفع المتعالمون رؤوسهم هل مثل هؤلاء يقتدى بهم؟! أبدًا التفسير بالرأي حرام وجاء الوعيد الشديد فيه لكن هل معنى هذا أننا لا نتكلم في القرآن إلا بالمأثور؟! ليس هذا معناه وإنما هو بالنسبة لمن لا اطلاع له على نصوص الشرع ولا على قواعد الشرع ولا على مقاصده لكن من كانت لديه الأهلية إلى التفسير يُفسر ولو جاء بقول لم يسبق إليه وقد نجد في كلام أهل العلم من يزيد على ما تقدم لا يأتي بحكم جديد إنما قد يأتي بوجه من وجوه الاستنباط لم يسبق إليه ويدل على هذا «رب مبلَّغ أوعى من سامع» فقد يستنبط الحكم الذي لم يسبق لأنه لأنه لأن المسألة من النوازل أما أن يأتي بقول لم يسبق إليه مما بحثه السلف فهذا لا يوافق عليه مهما كانت منزلته لأنه إحداث ونفرق بين شخص لديه الأهلية شخص أدمن النظر في التفاسير في تفاسير السلف وأهل العلم الموثوق بعلمهم ثم سئل عن تفسير آية ولا يحضره كلام أحد من أهل العلم ثم أبدى رأيه فيها هذا يأوي إلى علم لكن شخص ليست عنده أهلية ولا قرأ في كلام أهل العلم مثل هذا يقال له التفسير بالرأي حرام ومثل هذا تفسير النصوص الواردة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لأن من يفسر من غير أصل ولا مصدر يصدر عنه كأنه يقول مراد النبي -عليه الصلاة والسلام- بهذا كذا فيدخل في حديث من كذب لكن إذا كانت لديه الأهلية للنظر في هذه النصوص وأدمن النظر وكرره في كتب أهل العلم من الشروح وكتب الغريب وأقاويل أهل العلم الذين يستنبطون من هذه النصوص صار لديه ملكة يستطيع بها أن يتعامل مع هذه النصوص ففرق بين شخص وبين شخص فرق بين من له عناية ولديه الأهلية لتفسير القرآن وبين من ليست لديه الأهلية لأنه اختلط الآن الحابل بالنابل يعني أدنى طلاب العلم مستعد يرد على أكبر أهل العلم سواء كان من المتقدمين أو المتأخرين يقول القرآن عربي ونحن عرب نفهم هذا الكلام ليس بصحيح أنت يقال لك أن التفسير بالرأي حرام وهذا في جميع العلوم هذا في جميع العلوم لو أن طبيبًا درس الطب وباشره ومهر فيه أجرى عملية معقدة ثم جاء من يتطاول على هذا العلم وقال أنا لدي الأدوات موجودة ورأيت العملية السابقة لفلان وما الذي يمنع أن أصنع مثله أنت ليست لديك الأهلية وإذا مات المريض تضمن عليك الدية والكفارة وإذا مات بين يدي الطبيب المشهود له ليس عليه شيء هدر. لأن هذا موطن يعني صنيع عمر رضي الله عنه موطن من أراد أن يغمز لا سيما من الطوائف الضالة ولا يرون الاجتهاد لا من عمر ولا من غير عمر كما سبق لنا في حديث نعمة البدعة حيث قال من قال البدعة بدعة ولو كانت من عمر وفي هذا الموضع أيضًا قيل ما قيل لكن نفرق بين عمر وغير عمر يعني هل عمر عنده من الجرأة أن يتخطى النصوص عمر عند أدنى مسألة يجمع عليها أهل بدر وأقواله محفوظة في هذا الباب والله المستعان لما جيء بالوليد بن عقبة وأمر عثمان أو وكل أمره إلى علي رضي الله تعالى عنه ثم أمر عبد الله بن جعفر أن يجلده الحد لما جلده أربعين قال علي رضي الله عنه جلد النبي -صلى الله عليه وسلم- أربعين وجلد أبو بكر أربعين يعني هل أتوقف عند هذا الحد؟ ثم قال وجلد عمر ثمانين وكل سنة وهذا أحب إلي يعني هل تستعمل قواعد التعارض والترجيح في مثل هذا النص؟ نقول أيها أرجح الأربعين أو الثمانين؟! أو نقول إنها يندرج بعضها في بعض كل سُنَّة يعني قد يقول قائل كيف يقول علي رضي الله عنه أن الأربعين سنة والثمانين سنة وهل الحق يتعدد أو واحد؟ يعني في مسألة واحدة هل يقول أحد أن الحق يتعدد؟ نعم من أهل العلم من يقول أن كل مجتهد مصيب كل مجتهد مصيب لكن الذي عليه الجمهور أن المصيب واحد بدليل «إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد» فواحد مصيب والثاني مخطئ لكن نعم وكل منهما نصيب من الأجر المصيب أجره مضاعف والمخطئ له أجر الاجتهاد وكل سنة أقوال مختلفة أربعين أو ثمانين كل سُنة؟! يعني كلها مصيبة؟! لو نظرنا مثلاً إلى مسائل الذي تيمم وصلى مع الذي تيمم وصلى ثم توضأ وصلى الذي أعاد الصلاة قال له النبي -عليه الصلاة والسلام- «لك أجران» والذي لم يعد قاله له -عليه الصلاة والسلام- «أصبت السنة» يعني الذي أصاب السنة واحد لكن الذي له أجران ما أصاب السنة؟! له أجر على الصلاة الأولى وأجر ثاني على الإعادة لا شك أن الذي أصاب السنة أفضل من الذي أعاد ولو ضوعف أجره الذي يقرأ القرآن وهو يتتعتع فيه له أجران والماهر فيه مع السفرة الكرام البررة أيهما أفضل؟ الماهر بلا شك وإن كان الذي يتتعتع وهو عليه شاق له أجر على القراءة وأجر على المشقة لكن يبقى أن إصابة السنة أفضل من مضاعفة الأجر هنا يقول كل سنة يعني هل الإمام مخيَّر بين أن يجلد أربعين أو يجلد ثمانين لأن كل منهما سنة على القول بأن الأربعين هي الحد وما زاد على ذلك تعزير نعم له ذلك له أن يجلد أربعين ويقتصر عليها وله أن يزيد إلى الثمانين تبعًا لاختلاف الأشخاص وتبعًا لاختلاف الظروف والأحوال ومدى التزام الناس بالحدود وما يعتري ذلك من تقصير وتجاوز لهذه الحدود له ذلك إذا قلنا كل سنة له أن يجلد أربعين ويقتصر عليها ولا سيما إذا قلة المخالفات في مجتمع أو في زمان أو في بلد وأما إذا كثرت فالإمام له أن يزيد إلى الثمانين كما حصل من عمر رضي الله عنه وكأن القول بأن الحد هو الأربعون والزيادة تعزير هو الذي يجمع بين هذه النصوص فلو اقتصر على الأربعين بالنسبة لشخص بعينه حصلت منه هفوة أو زلة أو ضعفت نفسه أمام هؤلاء الفساق الشراب فرأى الإمام الاكتفاء على الأربعين كل سنة وأما المستهتر المستخف بالحدود فمثل هذا يعزر بالزيادة إلى الثمانين وفي الحديث أن رجلاً شهد عليه يعني على الوليد بن عقبة أنه رآه يتقيأ الخمر فقال عثمان إنه لم يتقيأها حتى شربها لم يتقيأها حتى شربها هل اكتفى عثمان بهذه البينة يعني شهد عليه شخص أنه رآه يتقيأ الخمر يكفي هذا والا ما يكفي؟ يعني نظير ما تقدم في حد الزنا أو كان الحبل يعني الحمل يعني هل حملت من غير زوج إلا من زنا؟! قد يكون شبهة وقد يكون إكراه وقد يكون يعني يعتريه ما يعتريه لكن ليس من الزوج وهنا قد يكون مثلاً هذا الذي تقيأ الخمرة شربها على أنها عصير أو أكره عليها أو أخطأ في إناء دون إناء يعني قد يوجد عنده ما يدرأ عنه الحد لكن بالفعل يعني ما تقيأها حتى شربها وتلك ما حبلت حتى زنت لأنها ليست بذات زوج يعني جاء في بعض الروايات المفسرة أن حمران مولى عثمان شهد عليه أنه شرب الخمر وشهد عليه آخر أنه تقيأها وبهذا تتم البينة وبهذا تتم البينة الرائحة رائحة الخمر إذا شُمت من شخص هل يكفي في إثبات الحد أو نقول إنه قرينة قوية قرينة قوية موجبة للتعزير وإن لم توجب الحد إلا إذا اعترف إذا قُرر فاعترف في حديث ماعز الذي تقدم قال له النبي -عليه الصلاة والسلام- «هل شربت خمرًا؟» وقال لبعضهم «استنكهوه» يعني شموه هل شرب خمر والا ما شرب خمر وهل هذا الاستشمام لإقرار الحد أو لنفي الحد؟ بالنسبة للزنا لا شك أنه لنفي الحد وهل يدرأ الحد عن كل شخص؟ تقدم هذا في قصة ماعز وأن من الناس لاسيما أصحاب الزلات اليسيرة والهفوات مثل هؤلاء يستر عليهم قبل وصول الحد إلى السلطان وقبل ثبوته ويُعرَّض لهم بالنكول عن الإقرار كما تقدم لكن أصحاب الجرائم والسوابق لا بد من إيقافهم عند حدهم وإلا فكيف يقطع دابر الفساد وما الحكمة من مشروعية هذه الحدود إلا قطع دابر المفسدين؟ يعني لا يقال هذا بإطلاق ولا هذا بإطلاق قال رحمه الله بعد ذلك في الحديث الثالث وعن معاوية رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في شارب الخمر يعني في القصة السابقة في قصة الوليد بن عقبة وحصلت في عهد عثمان بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- بوقت طويل الخليفة عثمان ويكل الأمر إلى علي رضي الله عنه وعلي يستشهد بجلد عمر رضي الله عنه هل يبقى لمن يدعي أن هناك خلاف بين هؤلاء الجلة هؤلاء الكبار يعني لو كان عمر رضي الله عنه أو عثمان مرتدًا على حسب وعلى زعم من يقول بذلك الآن موقف علي ناب عثمان في الجلد واستشهد بجلد عمر رضي الله عنهم في عهد عثمان يعني بعد وفاة النبي -عليه الصلاة والسلام- بعقود ويدعي من يدعي من طوائف الضلال من يقول إن إن هؤلاء الكبار ارتدوا بعد النبي -عليه الصلاة والسلام- فإذا كان قدوتهم أمير المؤمنين وهو قدوة لنا ولهم علي بن أبي طالب يستدل بفعل عمر ويقول هذا أحب إلي وعثمان يكل الأمر إلى علي ويمتثل السمع والطاعة ويقبل الوكالة باعتباره ولي أمر ملزِم يلزم قبوله والإذعان لأوامره فلا يبقى مستمسك ولا أدنى شبهة لمن يدعي أن بينهم خلاف وبينهم خصومات حصل ما حصل بعد مقتل عثمان رضي الله عنه على يد أولئك النفر الذين خرجوا عليه رضي الله عنه وأرضاه ثم استُغلت هذه الحادثة فحصل ما حصل بين الصحابة رضوان الله عليهم وإلا الكبار ليس بينهم أدنى اختلاف قال وعن معاوية رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في شارب الخمر «إذا شرب فاجلدوه إذا شرب فاجلدوه ثم إذا شرب الثانية فاجلدوه ثم إذا شرب الثالثة فاجلدوه ثم إذا شرب الرابعة فاضربوا عنقه» هذا مدمن نسأل الله العافية والحد لم يردعه قد يقول قائل إذا شرب الأولى يجلد الأربعين وشرب الثانية يجلد ثمانين شرب الثالثة يزاد عليه شرب رابعة يزاد عليه من جنس الحد لكن المدمن لا يرتدع ولذا جاء هذا الحديث وله ما يشهد له ومجموع ما ورد في قتل المدمن يصل إلى درجة الصحيح لغيره «إذا شرب فاجلدوه ثم إذا شرب الثانية فاجلدوه ثم إذا شرب الثالثة فاجلدوه» خلاص صار معتاد والعادة تثبت بثلاث «ثم إذا شرب الرابعة فاضربوا عنقه» أخرجه أحمد وهذا لفظه والأربعة وذكر الترمذي ما يدل على أنه منسوخ ما يدل على أنه منسوخ لأنه قال في علله التي في آخر الجامع قال وليس في كتابي ما أجمع العلماء على ترك العمل به إلا حديثان حديث قتل الشارب في الرابعة وحديث الجمع بالمدينة من غير خوف ولا مطر حديث ابن عباس هذا أجمع العلماء على تركه نقل الإجماع الترمذي وغيره والإجماع كما هو معلوم لا يكفي في النسخ لأن النسخ من خصائص النصوص من خصائص النصوص فالإجماع لا ينسخ ولا يُنسخ به إلا أنه عند أهل العلم يدل على وجود ناسخ يدل على وجود ناسخ ولو لم يطلع عليه مع أن الناسخ صرَّح أبو داود في سننه به من رواية الزهري عن قبيصة بن ذؤيب قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «من شرب الخمر فاجلدوه» إلى أن قال «ثم إذا شرب في الرابعة فاقتلوه» قال فأتي برجل قد شرب فجلده ثم أتي به فجلده ثم أتي به قد شرب فجلده ثم أتي به الرابعة فجلده فرفع القتل عن الناس فكانت رخصة وهذا قوله فرفع القتل دليل على أن هذا الحديث ناسخ لما جاء في حديث معاوية وما جاء في معناه منهم من يقول ليس بمنسوخ وإنما هو محكم وهذا القول يتبناه ابن حزم بقوة ويوافقه السيوطي في تعليقه على الترمذي والشيخ أحمد شاكر رحمه الله له رسالة اسمها "كلمة الفصل في قتل مدمن الخمر" وتعليقه على المسند أيضًا أفاض في بحث هذه المسألة وشيخ الإسلام وابن القيم يرون أن القتل تعزير وليس بحد يعني فرق بين ابن حزم ومن يقول بقوله أنه حد من شرب الرابعة يقتل ما فيه مثنوية وليس للإمام أن يتنازل عن القتل لكن قول شيخ الإسلام وابن القيم أن هذا تعزير وليس بحد إذا رأى الإمام أن المصلحة في قتله يقتل وإلا فالأصل أن حد الشارب الجلد «ثم إذا شرب الرابعة فاضربوا عنقه» أخرجه أحمد وهذا لفظه والأربعة وذكر الترمذي ما يدل على أنه منسوخ واستدل على نسخه بإجماع أهل العلم على ترك العمل به وأخرج ذلك أبو داود صريحًا عن الزهري أخرج الناسخ من حديث قبيصة بن ذؤيب الذي ذكرناه وعامة أهل العلم على أنه لا يعمل به منهم من يرى أنه لا يصل إلى درجة الاحتجاج مع أن له شواهد ويقصر به دون الحسن ولا يتجاوز به حيز الضعف هذا ما عنده مشكلة هذا لكن من يقول إنه حسن أو صحيح لغيره يلزمه العمل به وهؤلاء منهم من أثبته حكمًا شرعيًا وحدا لهذا المدمن ومنهم من أثبته تعزيرًا ومنهم وهم جمهور أهل العلم يقولون إنه منسوخ قال رحمه الله وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه» متفق عليه «إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه» يعني فيما يسوغ له فيه الضرب وإلا فالضرب في أي جزء من أجزاء البدن بغير حق هذا حرام وظلم واعتداء لكن من يسوغ له الضرب إذا وجد المقتضي فليتق الوجه ويستوفي ذلك الحدود والتعزيرات والتأديب وغيره متفق عليه ولا شك أن الوجه هو مجمع محاسن الإنسان وأيضًا هو حساس أكثر حساسية من غيره ويجتنب أيضًا على ما قال أهل العلم المراق والمذاكير التي تعرض الإنسان للتلف واحترام الوجه لأنه هو الصورة كما جاء الأمر باجتناب الصورة في الضرب كما في الحديث فالوجه هو الصورة ولهذا لما قال بعض أهل العلم أن الرأس والوجه بمفرده يجوز تصويره لأن قطع ما عداه عنه لا تبقى معه الحياة وبعضهم يكتفي بوضع خط على الرقبة أو فاصل بين الرأس والجسد لكن يكفي الوجه هذا هو الصورة التي جاء النهي عنها وجاء أيضًا «لا تضربوا الصورة» الذي هو الوجه موافقًا لهذا الحديث وجاء في الحديث أيضًا «فإن الله خلق آدم على صورته» خلق آدم على صورته هذا مع اتقاء الوجه والكلام في الحديث الحديث صحيح ما فيه إشكال «خلق آدم على صورته» هذا ما فيه إشكال صحيح في الصحيح لكن كلام أهل العلم ابن خزيمة والآجري وغيرهم في «على صورة الرحمن» ليس هذا موضعه على كل حال كل ما يتضرر به الإنسان لا يجوز ضربه يتضرر به ضرر بالغ زيادة على ما يردعه عن هذه الجريمة لأنه ليس القصد من إقامة الحد الانتقام ليس القصد من إقام الحد هو الانتقام وإنما التأديب والزجر عن معاودة اقتراف هذه القاذورات لئلا يعود ولكي يرتدع غيره ويزدجر غيره من مقارفة ما ارتكبه «إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه» الرأس الآن الوجه هو مقدم الرأس فماذا عن قفى الرأس هذا مختلف فيه من أهل العلم من يرى أنه لا يضرب ولا شك أنه يعرض الإنسان للخلل قد يؤدي إلى اختلال العقل وارتجاج المخ مثلاً فيتقى أيضًا كما قال أهل العلم يتقى المذاكير والمراق التي قد يتلف بسببها مثل ما قال أهل العلم ليس المراد من إقامة الحدود الانتقام بل على كل من له أدنى صلة بهذه الأعمال بدءًا من رجال الحسبة إلى القاضي الذي يحكم إلى الإمام الذي ينفذ أن يستحضر أن هذه الأمور إنما شرعت لمصلحة الناس وليس المراد منها التشفي منهم والانتقام منهم وهذه من رحمة الله لعباده ﮋ ﮐ ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮊ الأنبياء: ١٠٧ مع وجود هذه الحدود مع وجود القتل مع وجود الرجم مع وجود القطع مع وجود الجلد رحمة للعالمين لأنه لو لم تشرع هذه الحدود كيف يكون حال الناس؟ لا يستقر لهم أمر ولا تستقر حياتهم ولا يأمن الإنسان على دينه ولا على عرضه ولا على نفسه ولا على ولده ولا على ماله ولذلك شرعت هذه الحدود حماية للضرورات الخمس التي اتفقت عليها الشرائع فالجلاد وهو يجلد يرى بعض الناس من قد يوجد من بعض من وكل إليه هذا الأمر أنه كأنه حصل على عدو يريد أن ينتقم منه نعم قد تبعثه تبعثه الغيرة على محارم الله وعلى حدود الله وعلى أعراض المسلمين إلى أن يصل به الحد إلى أن يزيد ويشدد في الجلد لكن المطلوب في ذلك التوسط فالسوط يكون بين سوطين لا جديد ولا خلق والجلد يكون بين جلدين لا قوي شديد يتضرر به المجلود ولا رخو ليّن لا يتأثر به أيضًا لا بد من أن يتأثر تأثرًا يردعه ولا يضره ومع ذلك إذا جلد الشارب أو غيره ممن يقام عليه الحد فإنه لا يزاد على ذلك لا يزاد على ذلك فلا يدعى عليه ولا يبكت ولا يثرب عليه يكفي في حد الله ما يغني هذه الحدود التي حُدت من قبل الشارع لا يجوز الزيادة عليها كما أنه لا يجوز النقص منها إذا بلغت السلطان ومضى في حديث الأمة «إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها ثم إذا زنت فليجلدها الحد ولا يثرب عليها ثم إذا زنت فليجلدها الحد ولا يثرب عليها» ومع ذلك قال إذا تبين زناها أما إذا لم يتبين زناها ولم تقم بينة كافية ولو دلت القرائن فإن ثرب عليها مع التعزير مما لم يبرأ به الحد لا مانع من ذلك لكن إذا استوفي الحد كاملاً لا يجوز أن يزاد عليه لا بفعل ولا بقول قال رحمه الله وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «لا تقام الحدود في المساجد» رواه الترمذي والحاكم والحديث فيه مقال لكن له شواهد لا يقصر معها عن درجة الحسن لغيره «لا تقام الحدود في المساجد» الأصل في المساجد كما جاء الأمر بذلك أن تبنى وتنظف وتطيب وتصان عن كل ما يقذرها تقدم لنا حديث البصاق في المسجد وأهل العلم في باب الاعتكاف يذكرون من أحكام المساجد وأنه لا تقص فيه الأظفار ولا يحلق فيه الشعر وغير ذلك من الأحكام أيضًا لا تقام الحدود في المساجد لأن المحدود قد يتصرف يتصرف تصرف لا يناسب هذا المكان وهذا قول جمهور أهل العلم وذهب بعضهم إلى جواز إقامة الحد في المسجد مع أمن التلويث لكن المساجد لم تقم لهذا نعم الحكم على المحدود لا مانع أن يكون في المسجد لكن إقامة الحد عليه لا، قال رحمه الله وعن أنس رضي الله عنه قال لقد أنزل الله تحريم الخمر وما بالمدينة شراب يشرب إلا من تمر لقد أنزل الله تحريم الخمر وما بالمدينة شراب يشرب إلا من تمر فدل على أن الخمر يطلق على المتخذ من أي مادة سواء كانت العنب أو التمر كما نص عليه في هذا الحديث وفي الحديث وعن عمر رضي الله عنه قال نزل تحريم الخمر وهي من خمسة من العنب وهذا مجمع عليه الحنفية الذين يخالفون يوافقون في العنب وأنه هو المتفق عليه في حقيقته اللغوية في تسمية الخمر لغة وما عداه يقولون مجاز وإذا أسكر يحد حد الخمر قال نزل تحريم الخمر وهو من خمسة من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير، والخمر ما خامر العقل ماذا عن عربية عمر رضي الله عنه إذا كان الحنفية يقولون اللغة مدلول الخمر اللغوي هو ما اتخذ من العنب فكيف يجيبون عن قول عمر رضي الله عنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة وعمر من أقحاح العرب يعني كلام أنس أنزل الله تحريم الخمر وما بالمدينة شراب يشرب إلا من تمر يعني الذي نزل النص وهو يشرب في ذلك الوقت دخوله في النص قطعي يعني عليه تنزل كالتمر في حديث أنس وتفسير عمر رضي الله عنه للخمر وأنه تؤخذ من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير وهو من أقحاح العرب لا يجعل للحنفية أدنى مستمسك في تخصيص مسمى الخمر لغة بالعنب وهي خمسة من العنب والتمر والعسل والحنطة والشعير والخمر ثم جاء بقاعدة عامة تشمل ما عدا هذه الخمسة والخمر ما خامر العقل يعني غطاه والخمار هو ما يغطي الرأس متفق عليه وأيضًا جاءت القاعدة الكلية مرفوعة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- في كلام ابن عمر قال وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «كل مسكر خمر وكل مسكر حرام» إذًا كل خمر حرام يعني المقدمة الأولى «كل مسكر خمر» كل مسكر خمر يدخل فيه العنب والتمر والعسل والشعير والحنطة وغيرها من المواد كل ما تعارف الناس عليه أنه يسكر ويغطي العقل لا يجوز الإقدام على شربه من أي مادة كان وإذا تردد الإنسان في شيء فعليه أن يتركه يسكر أو لا يسكر قال كل مسكر خمر مقدمة شرعية مرفوعة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- مخرج في صحيح مسلم إذًا الخمر كل مسكر وكل من صيغ العموم تشمل جميع ما يسكر من أي مادة كانت ومن أي نوع كان «وكل مسكر حرام» فالحديث بمنطوقه يرد على الحنفية بعمومه يرد عليهم «وكل مسكر حرام» إذًا الخمر، الخمر حرام وكل ما خامر العقل وغطاه أيضًا حرام كل مسكر حرام المسكر يراد به القدر المسكر هذا حرام فهل معنى هذا أن ما دون القدر المسكر حلال؟! ما دون القدر المسكر يعني إذا كان الكأس الواحد يسكر وما دونه لا يسكر ولا شك أن الناس يتفاوتون منهم من يسكره الشم فقط ومنهم من يسكره ملؤ الفم ومنهم من لا يسكر إلا إذا أكثر منه لأنه اعتاده فماذا عن الذي لا يسكر إلا بشرب الكثير؟ هل نقول حلال؟ الحديث الذي يليه حديث جابر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال «ما أسكر كثيره فقليله حرام» يعني الحديث السابق الحديث السابق «كل مسكر حرام» يعني مفهوم الجملة أن الذي لا يُسكر ليس بخمر وليس بحرام جاء ما يبين المراد في حديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «ما أسكر كثيره فقليله حرام» لأن بعض الناس ينازع في الدخان يقول نرى بعض الناس يشرب الدخان ولا يتضرر وقد يعمر يصل إلى تسعين إلى مائة سنة لكن إذا كان يتضرر بالكثير وهذا لا يتناول إلا القليل فما حرم كثيره حرم قليله ولذلك بعض من يفتي الآن يفرق بين من يشرب شيء يسير لا يتضرر به وبين من يشرب شيء كثير يتضرر به والحديث حديث جابر «ما أسكر كثيره فقليله حرام» قليله حرام المتميز أو الممزوج لأنه فرق بين أن تجعل تسكب في فنجان في أسفله شيء يسير من الخمر الذي لا يسكر لأنه قليل ثم تشربه غير مخلوط وبين أن تجعل هذا الشيء اليسير مخلوطًا مع غيره ولذلك يأتي في بعض الأشربة نسب للكحول واحد بالمائة اثنين بالمائة خمسة بالمائة فهل نقول قوله «فقليله حرام» سواء كان متميزًا منفردًا أو مخلوطًا مع غيره؟ النص يتناول الجميع يعني هذا الماء أو هذا الخمر اليسير الذي صُب في سطل من الماء موجود في الحقيقة الخمر موجود في نفس الماء وإذا شرب بمفرده أيضًا هو موجود ولو كان يسيرًا منهم من يقول أن حكم هذا الخمر اليسير بمثابة النجاسة التي تقع في الماء ولا تغير شيئًا من أوصافه على ما تقدم في كتاب الطهارة فإذا كانت النسبة واحدة بالمائة ما تغير شيء من أوصافه ولا تؤثر إسكار ولا غيره ويكون الحديث الذي معنا منصب على ما إذا كان يسيرًا متميزًا يعني خمر كل من رآه قال خمر لكنه لا يسكر هذا لا إشكال في تحريمه لكن هذا اليسير الذي مزج وخلط مع غيره هذا محل الخلاف منهم من يقول أنه يحرُم وينجس به الماء ولا لم يغير شيئًا من أوصافه إذا لم يصل إلى القلتين كما تقدم في كتاب الطهارة ومنهم من يقول أن مسمى الخمر زال عنه زال عنه وصار مكسورًا بالماء ولم يغير شيئًا من أوصاف الماء فلا شيء فيه لكن على الإنسان أن يتقي هذه المحرمات ولذا يكثر السؤال عن العطورات التي تحتوي على شيء من الكحول أو المشروبات والنبي -عليه الصلاة والسلام- جاء الأمر باتقاء الشبهات وجاء عنه أيضًا «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» هذا شأن المسلم والذي يقارف هذه المشبَّهات أو الشبهات لا شك أنه في يوم من الأيام سوف يجد نفسه قد رعى في الحمى وقارف المحرم لأن النفس تنازع النفس تنازع نفترض أن هذا وضع في هذا السطل مثلاً أو في هذا الإناء شيئًا يسيرًا بزعمه أنه يطيب طعمه أو رائحته تنازعه نفسه من الغد أو بعد حين أن يزيد في هذه النسبة «كالراعي يرعى حول الحمى» فالمطلوب من المسلم أن يجتنب وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا كان بعضهم يفتي بأن النسب اليسيرة مغمورة في هذا الطاهر الطيب الكثير فلا شك أن أقل أحواله أن تكون شبهة أقل الأحوال أن تكون شبهة «من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه» والمقارفة مقارفة الشبهات وتعريض النفس لمثل هذه الانتهاكات تيسر وتسهل على الإنسان ارتكاب المحرمات وإذا كان منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم ترك الكثير من الحلال خشية أن يستدرجهم إلى المكروه أو إلى الشبهة فضلاً عن المحرم فينبغي أن تكون هذه الاحتياطات موجودة عند كل مسلم «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» دع ما تشك فيه إلى الشيء الذي لا تشك فيه وأما الشيء اليسير القليل إذا كان متميزًا بنفسه خير مخلوط بغيره فهذا لا إشكال في تحريمه ولو كان لا يسكر ولو كان لا يسكر الخمر ذكرنا عن أهل العلم أنه.. جمهور أهل العلم على أنه كل ما خامر العقل وغطاه وستره وحجبه عن مزاولة ما خلق من أجله فإن هذه العلة يدخل فيها كل ما يشاركه كل ما يشارك الخمر فيها هناك أمور مركبة مستحدثة هناك أيضًا ما ظهر في المائة السادسة مما يعرف بالحشيشة ونقل الإجماع على تحريمها حتى قال جمع من أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية أنها أشد من الخمر أشد من الخمر حتى قالوا أنه يصعب الفطام منها من وقع فيها وهذا حكم المخدرات التي انتشرت في بلاد المسلمين بعمل الأعداء الذين يكيدون للإسلام والمسلمين بصرفهم عن دينهم وعن الدفاع عن أعراضهم وأديانهم وأوطانهم أن يكونوا في هذه المخدرات حتى صار كالبهائم لأن الله جل وعلا ميز الإنسان بالعقل فإذا سلب هذا العقل لا فرق بينه وبين البهيمة لأن مناط التكليف هو العقل فإذا زال هذا العقل ارتفع التكليف فلا فرق حينئذٍ بين هذا الإنسان وبين البهيمة من السائمة بل هم أضل نسأل الله العافية قال رحمه الله وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينبذ له الزبيب في السقاء ينبذ يطرح الزبيب في الإناء والسقاء معروف أنه إناء ووعاد من جلد وعاء من جلد وجاء النهي عن الانتباذ في الأوعية الصلبة الحنتم والمقير والمزفت والدباء والترخيص في الانتباذ بالأسقية لماذا؟ لأن الأسقية من أدَم من جلد أو شبهه إذا تغير ما فيه انتفخ إذا انتبذ من من التمر أو من الزبيب أو من العنب أو من الشعير أو من البر في سقاء من أدَم من جلد إذا تغير اشتد فإنه حينئذٍ ينتفخ ويعرف أنه تغير لكن إذا حصل الانتباذ في وعاء صلب من حديد أو من خشب أو من شيء لا يتأثر ولا ينتفخ إذا تغير ما في جوفه فإنه قد يشربه الشارب وهو لا يشعر قالوا هذا النهي سابق ثم بعد ذلك لما استقر التحريم في نفوس الناس وصار الناس لديهم الاحتياط والتحري بعد الجزم بتحريمه أبيح الانتباذ في الأسقية كلها حتى ما نهي عنه سابقًا ونسخ النهي عن الانتباذ في الأوعية الصلبة لأن الناس تربوا على التحريم وعرفوه وعندهم من الإيمان والخوف من الله جل وعلا ما يجعلهم لا يقدمون على الشرب من المتغير قد يقول قائل أنه حتى في الإناء الصلب إذا تغير هذا المشروب يخرج عن الإناء لأن الذي ينفخ الإناء من الجلد هو هذا الزبد وإذا وجد هذا الزبد في إناء صلب فإنه حينئذٍ يخرج عنه فيعرف أنه تغير هم في السابق الذين يخمرون وينتبذون في الأوعية هم يحكمون غطاءها يغطونها فالذي يصنع الخمر لا يجعله مكشوف والعلة قائمة إلا أن ما في قلوب الناس تجاه الخمر تغير واختلف أول الأمر في أول الأمر كان الناس قد ألفوا الخمر وأحبوها وأشادوا بها تتابعوا على ذلك وصفها شعراؤهم ثم بعد ذلك لما أذعن الناس للحكم اجتنبوا كل ما يوقعهم في أدنى شبهة تحريم الخمر على ما لا يخفى جاء بالتدريج جاء في بيان المضار دون جزم بالتحريم جاء بالأمر باجتناب قرب وقت الصلاة ثم جاء التحريم القاطع الباتّ كل هذا التشريع المتدرج في منع الخمر كله لأن الناس قد ألفوها ولا يستطيعون تركها جملة بل لا بد من أن يتدرجوا في تركها وعلى هذا من تاب من شرب الدخان مثلاً هل نقول إنه يعامل معاملة من كان يشرب الخمر في أول الإسلام يتدرج معه بدلاً من أن يشرب عشر سجائر في اليوم يقال له اشرب من الغد ثمان وبعده ست وبعده أربع وبعده اثنتين إلى أن ينقطع أو يكون بأن يترك واحدة لأن مفارقة المألوف صعب على النفوس أو نقول ﮋ ﭝ ﮊ المائدة: ٩٠ انتهى التدريج في أول الأمر ويعامل شارب الدخان مثل ما يعامل شارب الخمر هل يتدرج بشارب الخمر في هذا الوقت؟ لا يتدرج به الحكم واضح ومحسوم ومنتهي فلا يتدرج فيه كسائر المعاصي هل نقول للمرابي خفف النسبة اليوم وبعد غد.. أبدًا ﮋ ﭝ ﮊ المائدة: ٩٠ انتهى الإشكال وكذلك في سائر المعاصي، قال رحمه الله وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينبذ له الزبيب يعني يطرح ويلقى في الماء ليكون طعمه حلوًا وكذلك التمر لكن إلى أي حد قال فيشربه يومه لم يتغير في يوم والغد لم يتغير من الغد لم يصل إلى حد المسكر في اليوم أو الغد وبعد الغد ثلاث ليال في الجو المعتدل في الجو المعتدل لكن في الجو الحار يسرع إليه الفساد ويتخمر وهذا في الجو المعتدل في اليوم والغد وبعد الغد فإذا كان مساء الثالثة شربه وسقاه يعني آخر الوقت يشرب منه ويسقي غيره فإن فضل شيء أهراقه لأنه لو بقي إلى اليوم الرابع أو ليلة اليوم الرابع فإنه في الغالب أنه يشتد ويقذف بالزبد ويسكر حينئذٍ قد يقول قائل أنه نجد العصيرات من أشهر من أشهر وليست في أسقية في أوعية من زجاج أو من الحديد ومع ذلك تشرب ولا تؤثر ولا يقول أحد يتحريمها المدار على العلة إذا كانت تسكر تمنع لكن في السابق ما عندهم مواد حافضة ما عندهم مواد حافظة تحفظها إلى شهر وشهرين وثلاثة فالثلاثة مظنة للإسكار فمنع بعد الثالث مازاد على الثلاثة مظنة للإسكار وأما مع المواد الحافظة فإنه يستمر المشروب الأسابيع بل الأشهر ولا يتغير لكن إذا أسيء حفظه فحفظ في مكان غير مناسب في درجة من الحرارة مرتفعة فإنه أيضًا مظنة لأن يسكر ولو وجدت هذه الحوافظ ولذا تجدون بعض المواد ينتفخ إناؤها ولو كان من حديد هذا الانتفاخ ما جاء من فراغ هذا الانتفاخ دليل على أن ما في جوفه قد تغير وحينئذٍ لا يشرب فإذا كان مساء الثالثة شربه وسقاه فإن فضل شيء أهراقه أخرجه مسلم ثم قال رحمه الله وعن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم» يقول أخرجه البيهقي وصححه ابن حبان والحديث لا يصل إلى درجة الصحة إنما هو حسن والحديث الذي يليه «إنها ليست بدواء ولكنها داء» حديث صحيح مخرج في مسلم وهو شاهد للحديث الذي قبله قال وعن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم» الشفاء من الله جل وعلا وما عند الله لا ينال بما يسخطه إذا كنت ترجو الشفاء من الله جل وعلا والشفاء بيده فكيف ترتكب ما حرمه عليكم تستشفي به «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم» ولهذا يقال أنه لا يجوز التداوي إلا بحلال كما جاء الأمر بذلك «تداووا عباد الله ولا تتداووا بحرام» وإذا كان هذا في المحرمات التي لا تخرج عن دائرة الإسلام بل هي مفسقة فكيف بالتداوي بالشرك بالسحر نسأل الله السلامة والعافية وبهذا نعرف خطأ من أفتى المسحور أن يحله عند ساحر يتداوى بالشرك نسأل الله العافية بالشرك الأكبر «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم» قد يقول قائل الضرورات تبيح المحظورات تبيح المحظورات نعم ما نص عليه ووصل الأمر فيه إلى حال الضرورة فالضرورة تبيح لكن من الذي يقدر هذه الضرورة الله جل وعلا أباح أكل الميتة للمضطر أباح أكل الميتة للمضطر فهل يسترسل في مثل هذا أن كل مضطر يتناول ما حرم الله عليه الضرورة ما لا تبقى معه حياة هذه الضرورة ويخلط الناس بين الحاجيات والضروريات إذا بقيت الحياة فلا ضرورة ولو وجدت المشقة ولو وجدت المشقة البالغة فلا يباح حينئذٍ ما نص على تحريمه نعم الحاجيات تبيح ما منع بالقواعد ما منع بالقواعد العامة أما ما نص عليه بالنصوص نصوص الكتاب والسنة فلا تبيحه إلا الضرورات التي لا تبقى معها الحياة وأما الحاجيات فلا تبيح المحرمات وأهل العلم يقولون إن الكراهة تزول بالحاجة فعندنا ضرورات وحاجيات وكماليات تحسينيات والضرورات لا يبيح لا تبيح الضرورات التي لا تبقى معها الحياة تبيح ما حرم بالنص التي لا تبقى معها الحياة لكن الحاجيات التي تبقى معها الحياة ولو شقت هذه الحياة مهما بلغت المشقة فإنها حاجة لا تبيح ما حرم بالنص وإنما تبيح ما حرم بالعمومات والقواعد وأما المكروهات اللاتي لا تصل إلى محرمات فإنها تزول بالحاجة «إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم» بهذا قال جمهور أهل العلم وأنه لا يجوز التداوي بحرام ومنهم من يقول التداوي بالحرام للحاجة ومن ذلكم الخمر إذا وجدت الحاجة قياسًا على التداوي بأبوال الإبل حيث أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- الوفد من عكل وعرينة أن يشربوا من ألبان الإبل وأبوالها وهذا عند من يقول بأن أبوال الإبل نجسة وأما على القول بطهارتها وهو المرجح بل هو الصحيح لا يبقى مستمسك لمن يقول بجواز التداوي بمحرم يعني منهم من يقيس الخمر على بول الإبل ويجعل بول الإبل من النجاسات وهذا معروف عند الشافعية يقولون بنجاسته وإذا جاز التداوي بالبول جاز قياس الخمر عليه لكن الخمرة نجسة عند جمهور أهل العلم بما في ذلك الشافعية ومع كونها نجسة تقاس على الأبوال النجسة عندهم فهل المقيس مطابق للمقيس عليه من كل وجه أو مجرد الاشتراك بالنجاسة لا يعني التطابق لأن الخمرة يعني تمنع لأكثر من وجه لتغطيتها العقل ولكونها نجسة عند من يقول بنجاستها وهو قول عامة أهل العلم حتى نقل الإجماع عليه فتحريمها والمنع منها والتداوي بها لأكثر من وجه هذا على القول بأن الأبوال نجسة وإلا فالقول الصحيح أن أبوال الإبل وأبوال ما يؤكل لحمه كله طاهر نعم يتم الاستدلال لو كان النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرهم أن يتداوو وأن يشربوا من أبوال الحمر أو أبوال الكلاب أو أبوال الآدميين نعم هذه نجسة بالإجماع ففي حال المناظرة والمناقشة لا يورد على الخصم دليل ينازع فيه دليل ينازع فيه يعني مثل هذا الكلام لا يمكن أن يورد على من يقول بطهارة أبوال الإبل يعني مثل ما تقدم لنا إذا قاس الحنبلي أو الشافعي الحصى التي سبق الرمي بها في الجمرات على الماء المستعمل قالوا لا يجوز الرمي بحصى سبق الرمي به قياسًا على الماء المستعمل نقول عند المناظرة يقرر أهل العلم أن يورد من الأدلة أو من الأقيسة ما يوافق عليه الخصم هذا إذا وجد التطابق من كل وجه مع أنه لا تطابق في المسألتين من كل وجه الماء مع الاستعمال يتأثر الماء مع الاستعمال يتأثر والحصى مع الرمي والرجم لا يتأثر أيضًا الأبوال حتى على القول على سبيل التنزل بنجاستها تختلف عن الخمر البول ما فيه سكر والخمر فيه سكر ولذا جاء الحديث «إنها ليست بدواء ولكنها داء» وأعظم وأي داء أعظم من اغتيال العقل أي داء أعظم من اغتيال العقل أثر يجيز أهل العلم دفع الغصة غص الإنسان بأكل فلم يجد ما يسيغه به إلا خمر يعني هنا المنفعة ظاهرة والا خفية؟ ظاهرة وهذه ضرورة ضرورة فالغصة تساغ كما قرر ذلك كثير من أهل العلم والخمر منهم من يطرد الحديث ويقول لا يجوز ولا إساغة الغصة قال وعن وائل الحضرمي وائل بن حجر الحضرمي أن طارق بن سويد رضي الله عنه سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الخمر يصنعها للدواء فقال «إنها ليست بدواء» نعم لم يجعل الشفاء فيما حرم عليكم وما عند الله لا ينال الشفاء عند الله جل وعلا لا ينال بما يسخط الله ويغضبه وإذا دل الدليل الصحيح الصريح على أنها داء لم يبق لمن يقول يجوز التداوي بها أدنى مستمسك لأنها ليست بحاجة الآن يعني شربها وعدمه سواء كالصحيح يشربها المريض يشربها مادامت داء تزيد في دائه كما قال في الحديث «إنها ليست بدواء لكنها داء» هذا لو قدر أنها ليست بداء أيضًا بل هي ليست بدواء هي محرمة وليست بداء وليست بدواء شربها من قبل المريض كشربها من قبل الصحيح وإذا قلنا إنها داء زاد الأمر على مجرد شرب الاستشفاء بالمحرم إلى تناول ما يضر وإذا كانت تضر لا يجوز تناولها ولو لم تكن مسكرة لا يجوز تناولها ولو لم تكن مسكرة يعني لو أن إنسانًا أراد أن يستشفي ببول الحمار مثلاً أو بلبن الأتان كما يذكر في كتب الطب القديم السعال يعالج بلبن الأتان ويستعمل أيضًا في الطب الشعبي إلى أن وجد البديل يستعمله بعض الجهال عن السعال هذا لا يجوز لأنه نجس ولم يجعل الشفاء فيما حرم الله جل وعلا «تداووا ولا تتداووا بحرام» وهذا إذا كان لا يضر فكيف به إذا كان يضر؟ فالذي يضر محرم ولا شك أن أنه إذا وجدت المسألة محققة أو راجحة فالتحريم وإذا وجدت المصلحة المحققة أو الراجحة فالإباحة وإذا تساوت المصلحة مع المفسدة فالحظر مقدم على الإباحة يقول «إنها ليست بدواء ولكنها داء» طيب المنافع التي أشير إليها المنافع التي أشير إليها في القرآن جاء ما يدل على أنها سُلبت هذه المنافع سلبت هذه المنافع وأيضًا قد لا تكون المنافع قد لا تكون هذه المنافع طبية بدنية قد تكون تجارية مثلاً أو اقتصادية ولا شك أنه ولو وجدت هذه المنافع الدنيوية الاقتصادية من كسب للمال من هذا الوجه المحرم فإنه لا يبرر تجويز صناعتها أو شربها أو بيعها أو تداولها الحمر الإنسية الحمر الأهلية كانت مباحة ثم حُرِّمت مع قول الله جل وعلا ﮋ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ﮉ ﮊ ﮊ الأعراف: ١٥٧ يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث طيب الحمار بالأمس لما كان حلالاً طيب ثم لما حرم صار خبيثًا فهل المعنى أن المادة تغيرت انقلبت يعني لحم الحمار لما كان يؤكل وحلال يندرج في قوله ﮋ ﮅ ﮆ ﮇ ﮊ الأعراف: ١٥٧ فلما حُرِّم اندرج في قول الله جل وعلا ﮋ ﮈ ﮉ ﮊ ﮊ الأعراف: ١٥٧ فهو بالأمس طيب واليوم خبيث يعني بعد التحريم والله جلت قدرته بيده الأمر ما المانع أن يكون بالأمس طيب لأنه حلال أو باليوم خبيث لأنه حرام لمنطوق الآية ومنهم من يقول أن الطيب والخبث ولو لم يكن محسوسًا يدور مع الحكم الشرعي يدور مع الحكم الشرعي فإذا كان مباحًا صار طيبًا وإذا كان محرمًا صار خبيثًا فالذي يصاد في الحرم أو يصيده المحرم ما الفرق بين الذي يصيده المحرم وبين الذي يصيده الحلال؟ محرم صاد حمامة وحلال صاد حمامة في غير الحرم هذه حلال وهذه حرام هل نقول هذه طيبة وهذه خبيثة؟ أو نقول كلها طيبة لكن المانع عارض وليس بأصلي وإذا حرمت هذه المصيدة بعينها على زيد وحلت لعمرو هل تكون بالنسبة لزيد لأنها صيدت من أجله صيدت من أجله حرام خبيثة وعمرو التي لم تصد من أجله حلال طيبة يعني هل المادة تنقلب بهذا التصرف أو بمجرد هذه النية؟ النبي -عليه الصلاة والسلام- رد الصيد «إنا لم نرده إلا أنا حُرُم» وقبل من أبي قتادة لأنه لم يصد من أجله هذه من الدقائق التي لا بد من التنبه لها ويختلفون أهل العلم يختلفون في المفاضلة بين أكل الميتة وبين ما يصيده المحرم أو يُصاد في الحرم أيهما أشد يعني إذا وجد المضطر ووجد ميتة ووجد صيد في الحرم أو صاده وهو محرم يأكل من أيهما؟ هذه مسألة خلافية بين أهل العلم الميتة أبيحت بالنص الميتة أبيحت بالنص ولم يرد ما يبيح صيد الحرم أو ما يصيده المحرم بعضهم يقول الميتة أشد وبعضهم يقول ما يصيده المحرم أو في الحرم أشد للتنصيص على إباحة الميتة للمضطر وعدم التنصيص على تلك ومنهم من يقول هما سيان كلاهما محرم يختار ومنهم من يقول لا سيما من يرجح أن يأكل من الصيد أن المحرم لعارض يختلف عن المحرم لذاته ولو نص على حله وعلى كل حال المسألة قابلة للنظر ومن حيث أن الحكم عارض ومن حيث ما يقرر في الطب أن الميتة ضارة لما فيها من حبس للدم الذي يتحول إلى مادة ضارة في جسد الميتة بخلاف ما ذكيت تذكية شريعة أو صيدت وأبيحت في الأصل ثم عرض ما يمنعها من كونها في الحرم أو في الإحرام لا شك أن النفس تميل إلى هذا أكثر من غيره يعني يصيد من صيد.. يأكل من صيد الحرم وكثير من النفوس تنفر من أكل الميتة ولا شك أن صيد الحرم إنما حرم لعارض بينما الميتة حرمت للضرر المترتب عليها لذاتها ولكل وجه.
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه...
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعن.
"لا تأخذكم بهما رأفة في دين الله بحيث تتركون الحد أو تقصُرون دونه كما أو كيفا ما يقال والله يرحم هذا الشخص إلا إذا كان عنده من الضعف ما لا يحتمل إقامة الحد على الرجل العادي أما الرجل العادي وكذلك المرأة الذي يجب عليه الحد لا بد من إقامته على الصفة المشروعة ولا يجوز التنازل عن ذلك ولا يجوز أن تأخذ الرحمة والرأفة الشيء.. الشخص الذي ينفذ أن يتنازل عن شيء مما أوجب الله عليه.
هي من التصوير الممنوع ولا شك أن الأمر والإفادة والاستفادة تتم بدونها فلا يجوز الاحتفاظ بها.
نعم هو على ظاهره والاشتراك في الصورة حتى على رواية «على صوة الرحمن» لا يعني التطابق من كل وجه بمعنى أنه خلق على صورة الرحمن يشتمل على ما يشتمل عليه وجه الرب جل وعلا مما ثبت في النصوص الصحيحة فيه عينان وفيه سمع وفيه فيه الأوصاف التي جاءت به النصوص ولا يعني التطابق من كل وجه وأول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر على صورة البدر أول زمرة تدخل الجنة على صورة البدر فهل هذه مطابق لهذا أبدًا ما فيه عينان ولا أنف ولا فم هل نقول أن الزمرة الأولى ما لها عيون ولا أنف ولا فم ولا شيء؟! ما أحد يقول بهذا وإن شبهت الصورة بالصورة لكن التشبيه لا يقتضي المطابقة.
علم الرجل لا شك أنه يحتاج إلى إدامة للنظر في كتب الرجال ويحتاج إلى حافظة ويحتاج أيضًا إلى تحفظ ويحتاج إلى النظر في مواقع الاستعمال ما يكفي النظري لا بد من اقتران النظري بالعملي يعني لو أن إنسانًا أراد أن يدرس علم الرجال وجعل المحور الذي يدور عليه بحثه ودراسته التقريب مثلاً فنظر في التقريب هذا الرجل الأول فلان وماذا حكم عليه الحافظ ابن حجر بحكم في كلمة نظر إلى أصول التقريب من الكمال والتهذيب وتهذيب التهذيب والتذهيب وغيرها من من المؤلفات التي فيها أقوال أهل العلم وهذا لا يتأهل له كل طالب علم لأن هذه المرحلة لاحقة لمن أراد أن يجتهد في الأحكام على الرواة من خلال أقوال أهل العلم لأن أحكام ابن حجر وابن حجر إمام في هذا ونظر في أقوال العلماء في الراوي الواحد وحكم عليه من خلال النظر في جميع الأقوال مع ملاحظة مرويات هذا الراوي لأن لها أثر في الحكم عليه هذه المرحلة لا شك أنها ليست للمبتدئين ولا للمتوسطين يعني لمن أراد أن يجتهد في هذا الفن ولا يقلد ابن حجر ولا غير ابن حجر ينظر في راوي من الرواة يجد فيه في المصادر عشرين قول عشرة أقوال أكثر أقل وينظر أيضًا في مرويات هذا الراوي ولها أثر كبير في سبر ضبطه وحفظه مع موافقة غيره من الثقات أو مخالفة غيره فينظر في التقريب في الترجمة الأولى ويرجع إلى أصوله ثم قد يوافق ابن حجر وقد يخالف بعد التأني والنظر العميق في دراسة الرجال لأن بعض الناس وجد دراسات على التقريب كثيرة منها فيها تعجل وفيها تخطئة لابن حجر مع أن الصواب في الغالب بجانبه ولا يُدَّعى له العصمة فأقول إن طالب العلم عليه أن يتريث ويتأنى فإذا نظر في هذا الراوي من التقريب وفي أصوله ونظر إلى مرويات هذا الراوي وجدها مناسبة ما فيها مخالفات.. له أن يختار القول الذي يرجحه إذا كانت لديه الأهلية لأن هناك قواعد لمعرفة الجرح والتعديل ثم ينتقل منه إلى الثاني والثالث هناك من الطرق المناسبة لدراسة علم الرجال وهي من أمثل الطرق لتثبيت ما يقال في الراوي النظر في الشروح شروح الأحاديث لا سيما التي عرفت بالتكرار مثل إرشاد الساري إذا مر الرجل في الحديث الأول جاء باسمه كاملاً ثم يمر في الحديث الثاني ويجد به اسمه العاشر يأتي به.. ما ينتهي القارئ من إرشاد الساري إلا وقد عرف رجال البخاري وهذه ميزة في الشروح والذي يقرأ الشروح قراءة كاملة إذا انتهى من قراءته لا شك أنه يتكون لديه رصيد من جميع ما يتطلبه الشارح سواء كان في مفردات الألفاظ أو في معاني الجمل أو في الأحكام المستنبطة أو في تراجم الرواة إذا انتهى من الشرح كاملاً يجد عنده رصيد لا شك أنه يتميز به على غيره ممن لم يفعل وبعض الناس يمسك التقريب ويحفظه حفظ هذا جيد والحفظ لا شك أنه مطلوب لطالب العلم لكن مع ذلك لا يغفل عن أقوال الآخرين لأنه ليس ابن حجر وحده في الميدان هناك أقوال لأئمة معتبرين وابن حجر معوله على المتقدمين فلا يقال أن ابن حجر هو الحكم في هذا الباب لا، ابن حجر اجتهد وله أجره إن شاء الله تعالى والإصابة في كلامه غالبة لكن ليس معنى هذا أنه معصوم