شرح الموطأ - كتاب الزكاة (01)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا ذا الجلال والإكرام.
قال المصنف -رحمه الله تعالى-: كتاب الزكاة
باب ما تجب فيه الزكاة:
حدثني عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه قال: سمعت أبا سعيد الخدري -رضي الله عنه- يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس فيما دون خمس ذود صدقة، وليس فيما دون خمس أواق صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)).
وحدثني عن مالك عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري، ثم المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة، وليس فيما دون خمس أواقي من الورق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة)).
وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عامله على دمشق في الصدقة: "إنما الصدقة في الحرث والعين والماشية".
قال مالك -رحمه الله-: "ولا تكون الصدقة إلا في ثلاثة أشياء: في الحرث والعين والماشية".
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: بسم الله الرحمن الرحيم، كتاب الزكاة.
الكتاب مر التعريف به مرارًا، والزكاة في الأصل في اللغة النماء والزيادة والتطهير، فإذا قيل: زكى المال يزكو نما ينمو وزاد، ويدل له حديث: ((ما نقص مال من صدقة)).
والزكاة طهرة للمال، وتطهير للمزكي، {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم بها} فهي طهرة للمال، بمعنى أنها تنقيهم، وتكفر بعض ما يحصل فيه من دخن، وتنقيه من ذلك، وهي أيضًا تطهر صاحبها من وصف البخل، البخل والشح، وهي تطهره أيضًا من أدران الذنوب والمعاصي، ويطلق عليها أيضًا الصدقة، الصدقة تشمل الواجب والمندوب، وإن خصها بعضهم بالصدقة المندوبة، لكن جاءت في النصوص الصحيحة الصريحة التي منها أحاديث الباب، ومنها حديث معاذ لما بعثه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن قال: ((فإن هم أطاعوا لك بذلك وأجابوا لك بذلك)) بعد فرض الصلاة (فأعلمهم أن الله قد فرض عليهم صدقة)) فرض صدقة، والمراد بذلك الزكاة، ((تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم)) وهنا في الحديث الذي معنا ((ليس فيما دون خمس ذود صدقة)).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: باب ما تجب فيه الزكاة:
باب ما تجب فيه الزكاة يعني من الأموال.
حدثني عن مالك، القائل راوي الرواية التي بأيدينا عبيد الله بن يحيى عن أبيه يحيى بن يحيى الليثي أنه حدثه عن مالك، حدثني عن مالك، وبالمناسبة في ذكر الروايات خرج أخيرًا طبعة للموطأ برواياته برواية يحيى والقعنبي وأبي مصعب سويد الحدثاني وابن بكير، وابن القاسم، وابن زياد، ومحمد بن الحسن بزياداتها وزوائدها واختلاف ألفاظها، حققه وضبط نصوصه وخرج أحاديثه وآثاره وشرح غريبه ووضع فهارسه أبو أسامة سليم بن عيد الهلالي، طبعة معتنىً بها، طبعة نفيسة والمحقق معروف يعني بجودة تحقيقاته واهتمامه وعنايته، لكن مثل هذا العمل والتلفيق بين الروايات، التلفيق بين الروايات مع إبقاء اسم الكتاب الأصلي الموطأ، تصنيف إمام دار الهجرة مالك بن أنس، كما قال المحقق وفقه الله، التلفيق بين الروايات في الصلب هذا يأباه أهل الحديث على طريقتهم، بل يوصون بأن تكون قراءة طالب العلم وعنايته برواية واحدة، تكون قراءته على رواية واحدة، إن احتاج إلى ما عداها يشير إليها في الحاشية، أما التلفيق بين الروايات في صلب الكتاب، فله آثاره، ولو لم يقل هذا أهل الحديث، لو لم يكن فيه إلا تشتيت القارئ، القارئ في هذه الطبعة مع أنها بذل فيها جهد موفق بلا شك، يعني الطالب يتصور من الروايات كلها، لكن هذه الطريقة التي أخرج فيها هذا الكتاب تعوق القارئ وتشوه ذهنه، فلو اعتمد رواية من الروايات، وجعل اختلاف الروايات برموزها في الحاشية، كما صنع بصحيح البخاري بعناية اليونيني -رحمه الله تعالى-، الذي قارن بين الروايات وأشار إلى الروايات في الحاشية، وعن نسخته طبعت الطبعة السلطانية، الطبعة السلطانية، التي هي أصح نسخ الصحيح، أشير إلى جميع الروايات في الحاشية، هذا عمل طيب جدًّا، أما أن يقول مثلًا -وفقه الله- في كتاب الزكاة مثلًا حدثني عن مالك بين قوسين يفتح قوس ابن أنس، قاف عين، وحاء دال، هذه رموز ثم يغلق القوس، عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أنه قال، أحيانًا يأتي هذا في المتن.
وحدثني عن مالك عن في رواية ميم حاء أخبرنا، لو كانت هذه في الحاشية، واعتمد رواية واحدة كما أوصى بذلك أهل الحديث، ترك هذه الرموز مع هذه الاختلافات في الحاشية لكان عمله جيد إلى الغاية، يعني ما عليه استدراك، لكن مثل هذا شوف الآن ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة، وليس، وبعدين فتح قوس، في رواية مح ولا فيما دون خمسة أواق، وفي رواية ميم صاد وميم حاء، وقاف عين، وفي وقاف سين، وحاء دال، أواق، طيب القارئ كيف يتصرف؟
فأهل العلم يوصون بأن تكون عناية طالب العلم برواية واحدة، إن احتاج إلى ما عداها يشير إليه في الحاشية، تكون روايته وعنايته بالكتاب على رواية واحدة.
ومعروف أن روايات الصحيح تتفاوت بعضها يزيد في الأحاديث، وبعضها ينقص، وبعضها الخلاف بينها مجرد حروف، وبعضها كلمات، فما جمعت روايات الصحيح.
لو أراد أن يؤلف هو كتابًا جامعًا بين روايات الموطأ وصاغه بطريقة مناسبة ملتئمة بحيث لا يقطع التسلسل فكر القارئ له ذلك على أن ينسبه لنفسه، لو سماه الجامع لروايات الموطأ جمع فلان لا بأس، أما الموطأ وينسب إلى الإمام مالك، ويلفق بين الروايات كلها بهذه الرموز وعلى هذه الطريقة، وليس معنى هذا أننا نتنقص المحقق، المحقق من مشاهير المحققين الآن، بل من أعظمهم عناية ودراية، لكن مع ذلك هذه لفتة يمكن تستدرك في كتب أخرى، أنا أخشى أن يمتد الأمر إلى كل الكتب بهذه الطريقة.
يعني لو نظرنا على الطبعة السلطانية من صحيح البخاري، اعتمدوا رواية واحدة وأشاروا إلى ما عداها في الحاشية، هذا لا يقطع تسلسل القارئ، ولا يدخل في الكتاب شيء، والشراح كلهم على هذا، يجرون على رواية واحدة ويشيرون إلى ما عداها، بعضهم يشير إلى كل شيء، وبعضهم يشير إلى ما يحتاج إليه فقط.
يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى: حدثني عن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه، يحيى بن عمارة بن أبي حسن، أنه قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ليس فيما دون خمس ذود صدقة))
خمسِ ذود، أو خمسٍ ذود، أكثر الروايات على الإضافة، خمس ذود، وقطع عن الإضافة بعضهم، خمسٍ ذود، وتكون ذود بدل خمس، وعلى الإضافة والذود ما بين الثلاث إلى العشر منال إبل، أو بين ثلاث إلى تسع، أو بين اثنتين إلى سبع، أقوال لأهل العلم، ومنهم من يطلق الذود على الواحدة.
((ليس فيما دون خمس ذود، خمس ذود صدقة)) الآن الخمس إذا أضيفت إلى مثل هذا في المفرد مثلًا، خمس ذود لو أراد الذود بمعناه عند الأكثر، وهو يطلق على ما هو أكثر من واحد، من اثنين إلى عشرة، من ثلاثة على تسعة على آخره، لاحتجنا إلى أن نقول: خمسة أذواد، إذا قلنا: خمسة أذواد كم يطلع عندنا العدد، يعني أقل تقدير عشرة، خمسة في اثنين عشرة، خمسة في ثلاثة خمسة عشر، خمسة في عشرة خمسين، خمسة في تسعة خمسة وأربعين، إذًا ما يطلع حد لنصاب الإبل، والروايات كلها على هذا، إذا قلنا: خمس ذود والمراد خمسة أذواد، لكن كأن الإضافة هنا من إضافة الموصوف إلى صفته، من إضافة الموصوف وهو الخمس إلى صفته الذود، فالخمس المقصود بها عدد خمس فقط، والذود إن شئت فقل: يطلق على الواحد، يعني خمسة أفراد من الإبل، أو قل: إن الخمس هي الذود، الخمس هي الذود من إضافة الشيء إلى وصفه، وإن شئت فقل من إضافة الشيء إلى نفسه، وهذا وإن كان ممنوعًا عندهم، يمنعون إضافة الشيء إلى نفسه، لكن يوجهونه، المسجد الجامع، المسجد الجامع قالوا: إن المسجد هو الجامع، والخمس هي الذود، والذود يطلق على الخمس أنها ذود، فيكون من إضافة الشيء إلى نفسه لا سيما وأن الإضافة هي رواية الأكثر، أما إذا قلنا: ليس فيما دون خمسٍ ذودٍ تكون بدلاً ولا فيه أدنى إشكال، وهذه رواية البعض.
صدقة، فالذي عنده أربع من الإبل يجب عليه شيء وإلا ما يجب؟ لا يجب عليه شيء، طيب عنده ثلاث من الإبل قيمتها ثلاثمائة ألف، ويعدها للتجارة، اشتراها بنية التجارة، ثلاث، فيها صدقة وإلا ما فيها؟ نعم؟ ليس فيها زكاة بهيمة الأنعام، فهي جارية على هذا الحديث، لكنها تدخل في باب آخر من أبواب الزكاة وهو زكاة عروض التجارة، يعني الواحدة فيها زكاة.
((ليس فيما دون خمس ذود صدقة)) أما زكاة بهيمة الأنعام فليس فيما دون الخمس، ويشترط فيها أن تكون سائمة، أن تكون سائمة، بمعنى أنها غير معلوفة، ترعى الحول أو غالب الحول، والسوم هو الرعي، يعني راعية، بهذا، وجاء وصفها وصح بذلك الخبر بالنسبة للإبل والغنم، وقاس أهل العلم البقر عليها.
وما جاء في تقييدها بالسوم عمل به جمهور أهل العلم فاشترطوا السوم لوجوب الزكاة في بهيمة الأنعام، والإمام مالك يوجب الزكاة في بهيمة الأنعام ولو لم تكن سائمة، الذي جاء من وصفها أو تقييدها بكونها سائمة مما صحت به النصوص يقول الإمام مالك: إن هذا جرى على الغالب من مواشي العرب أنها سائمة، فجاء بناءً على ما جرت به العادة أن مواشيهم سائمة، وهو وصف كاشف لا مفهوم له، وعند الجمهور له مفهوم، معناه أنه إذا لم تكن سائمة فإنها لا زكاة فيها، ليس فيما دون خمس ذود صدقة، سميت الإبل بذلك بالذود؛ لأن الراعي يذود بعضها إلى بعض، يذودها، بمعنى أنه يدفعها إلى مكان الرعي، وإلى مكان الشرب، ويدفع بعضها عن بعض إذا خشي شيئًا يضرها.
((وليس فيما دون خمس أواق صدقة)) خمس أواق من الفضة كما جاء في الرواية التي تليها من الورق والأواقي جمع أوقية، والأوقية أربعون درهم، فعلى هذا يكون النصاب مائتي درهم من الفضة، والمراد بذلك الخالص من الفضة، سواءً كان مضروبًا أو غير مضروب، فالخمس الأواقي والأوقية أربعون درهمًا، إذن النصاب مائتا درهم، وجاء بذلك النص الصحيح الصريح مائتا درهم.
المائتا درهم قدرت بالريال، قدروها بستة وخمسين ريالا، إذا كان الريال الفضة مثلًا قيمته خمسة عشر ريالا يزيد وينقص تبعًا لزيادة المعدن هذا ونقصه، اثنا عشر ريالاً، خمسة عشر ريالاً، عشرين ريالًا، تضرب في ستة وخمسين، عدد الريالات في ستة وخمسين وتخرج النتيجة، نعم؟
طالب:......
قدر بالغرامات، كان فيه واحد جاء لي بخطاب مفصل فيه، لكن هذا قبل سنتين ويقول: إنه حسبه، اليوم مع تجار الذهب والفضة، هذا قبل سنتين، في ورقة عندي خطاب موجودة.
على كل حال هذه طريقتها يذهب الإنسان إذا كان عنده فضة إلى أماكن المجوهرات ويقول: كم يسوى، كم وزنها بالريال مثلًا، أو بالجرام، وكم يسوى جرام، ويزكيها، صدقة.
((وليس فيما دون خمس أواق صدقة)) أوسق: جمع وسق بفتح الواو، ويجوز كسرها، ويجمع على أوساق، كحمل وأحمال، والوسق ستون صاعًا، فيكون النصاب ثلاثمائة صاع، فعلى هذا بداية النصاب بالنسبة للإبل خمس، وبالنسبة للفضة مائتا درهم، وبالنسبة للحبوب والثمار خمسة أوسق ثلاثمائة صاع.
يأتي هذا كله بالتفصيل في زكاة كل مال بعينه إن شاء الله تعالى.
الحديث الذي يليه يقول: وحدثني عن مالك عن محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري ثم المازني عن أبيه عن أبي سعيد الخدري: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة)) هنا تنصيص على التمر باعتباره فرد من أفراد العام الذي سبق ذكره في الحديث السابق، والتنصيص على فرد من أفراد العام بحكم موافق لحكم العام لا يقتضي التخصيص، فنص على التمر، والتنصيص عليه لا يقتضي إخراج غيره.
((وليس فيما دون خمس أواقي من الورق صدقة)) من الورق هذا أيضًا التنصيص هنا، هناك يقول: ((ليس فيما دون خمس أواق صدقة)) قلنا: إن التنصيص على التمر لا يخرج ما يتناوله اللفظ العام من الحبوب والثمار في الحديث السابق، لكن ماذا عنا لجملة الأخرى: ((وليس فيما دون خمس أواقي من الورق صدقة))؟ هل نقول: إن الحديث السابق يشمل الورق وغير الورق، وهذا تنصيص على بعض أفراد العام، مثلما قلنا من التمر؟ أو نقول: إن المقصود بالأول الورق، في الثاني الورق نفس الشيء؟ نعم.
طالب:......
الورق هي الفضة، قلنا فيما سبق: إن المراد بالواقي من الفضة، وهذا نصاب الفضة بخصوصها، نصاب الفضة بخصوصها، أما الخمسة الأوسق التي تقدمت نصاب الحبوب والثمار التي تجب فيها الزكاة، التي تجب فيها الزكاة، فهل نقول في هذه الجملة مثلما قلنا في التي قبلها، تنصيص على بعض أفراد العام؟ أو نقول: إنه ليس بعام، الأول ليس بعام، بل لا يتناول إلا فردًا واحدًا وهو الفضة؟ نعم.
طالب:......
هو لا يتناول إلا فردًا واحدًا، بل ليس بعام، الأصل، وإن كان اللفظ صيغته صيغة العموم ليس فيما ((دون أواق صدقة)) لفظه لفظ العموم، لكنه مما أريد به الخصوص، الأول يراد به العموم، الأول؛ لأن اللفظ العام يأتي ويراد به العموم، ويكون محفوظًا لا يدخله تخصيص، ويأتي ويراد به العموم ثم يأتي ما يخصصه ويأتي مرادًا به الخصوص، فهو خاص من الأصل، {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم} الذين قال لهم الناس، الناس كلهم، على وجه الأرض من الناس جاءوا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وقالوا له: إن الناس كلهم جمعوا لكم، {الذين قال لهم الناس} كم هؤلاء الناس، كم عددهم، كل من على وجه الأرض؟ واحد، شخص واحد، عام أريد به الخصوص، نعيم بن مسعود، إن الناس يعني قد جمعوا لكم، الذين تحزبوا على النبي -عليه الصلاة والسلام- وعلى أصحابه، فهذا عام أريد به الخصوص، ومنه، ((وليس فيما دون خمس أواقي صدقة)) المراد به الخصوص وهو الفضة.
((وليس فيما دون خمس أواقي من الورق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة)).
من التمر، من الورق، من الإبل، من هذه تبعيضية وإلا ماذا تصير؟
طالب:......
بيانية، واجتنبوا الرجس من الأوثان، فمن هذه بيانية.
((وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة)) وهذا تقدم.
والحديثان خرجهما الإمام البخاري في صحيحه من طريق عبد الله بن يوسف التنيسي، وأكثر روايات البخاري أكثر ما يرويه البخاري عن مالك من أحاديث الموطأ يكون من طريق عبد الله بن يوسف.
هل هذا ما مضى حديث واحد أو حديثان؟ نعم؟
طالب:......
من طريقين، يعني يروى عن أبي سعيد من طريقين.
يقول: وحدثني عن مالك أنه بلغه أن عمر بن عبد العزيز الخليفة الراشد المعروف، كتب إلى عامله على دمشق في الصدقة، يعني الزكاة: "إنما الصدقة، يعني قائلًا له: "إنما الصدقة في الحرث والعين والماشية".
هذا حصر، يعني الزكاة لا تجب إلا في هذه الأمور الثلاثة.
قال مالك: "ولا تكون الصدقة إلا في ثلاثة أشياء: في الحرث" وهو كل ما لا ينمو ولا يزكو إلا بالحرث، والمراد به الخارج من الأرض، "في الحرث والعين، الذهب والفضة، والماشية" بهيمة الأنعام: الإبل والبقر والغنم، فلا زكاة إلا في هذه الأشياء الثلاثة.
طيب الحرث يشمل الحبوب والثمار التي تكال أو تدخل، العين الذهب والفضة، الماشية الإبل والبقر والغنم، وماذا عن بقية الأموال؟ ماذا يبقى عندنا؟ الركاز مثلًا، الركاز فيه ما يخصه في الركاز الخمس، أقول: له ما يخصه، نعم.
طالب:......
هو ما فيه إلا عروض التجارة، وهي ملحقة بالأموال التي هي العينية؛ ولذا تزكى زكاة العين، ربع العشر على ما سيأتي، والحصر في الثلاثة يقول ابن عبد البر: لا خلاف في جملة ذلك، ويختلف في تفصيله، يختلف أهل العلم في تفاصيله، وما يلحق، وما يدخل وما يخرج من هذه الثلاثة؛ لأن الحرث كل الحرث فيه زكاة، خضروات وفواكه فيها زكاة؟ يأتي ما فيها، وأن هذه ليس فيها زكاة، العين الذهب والفضة لا شك أن فيها الزكاة إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، والماشية كذلك، نعم.
أحسن الله إليك.
باب الزكاة في العين من الذهب والورق:
حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن عقبة مولى الزبير: أنه سأل القاسم بن محمد عن مكاتَب له قاطعه بمال عظيم هل عليه فيه زكاة؟ فقال القاسم: "إن أبا بكر الصديق -رضي الله تعالى عنه- لم يكن يأخذ من مال زكاة حتى يحول عليه الحول".
قال القاسم بن محمد: "وكان أبو بكر إذا أعطى الناس أعطياتهم يسأل الرجل: هل عندك من مال وجبت عليك فيه الزكاة؟ فإذا قال: نعم، أخذ من عطائه زكاة ذلك المال، وإن قال: لا، أسلم إليه عطاءه، ولم يأخذ منه شيئًا.
وحدثني عن مالك عن عمر بن حسين عن عائشة بنت قدامة عن أبيها أنه قال: "كنت إذا جئت عثمان بن عفان -رضي الله تعالى عنه- أقبض عطائي، سألني: هل عندك من مال وجبت عليك فيه الزكاة؟ قال: فإن قلت: نعم، أخذ من عطائي زكاة ذلك المال، وإن قلت لا دفع إلي عطائي".
وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه-ما كان يقول: "لا تجب في مال زكاة حتى يحول عليه الحول".
وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: "أول من أخذ من الأعطية الزكاة: معاوية بن أبي سفيان -رضي الله تعالى عنه-".
قال مالك -رحمه الله-: "السنة التي لا اختلاف فيها عندنا أن الزكاة تجب في عشرين دينارًا عينًا، كما تجب في مائتي درهم".
قال مالك: "ليس في عشرين دينارًا ناقصة، بينة النقصان زكاة، فإن زادت حتى تبلغ بزيادتها عشرين دينارًا، وازنة ففيها الزكاة، وليس فيما دون عشرين دينارًا عينًا زكاة، وليس في مائتي درهم ناقصة بينة النقصان زكاة، فإن زادت حتى تبلغ بزيادتها مائتي درهم وافية ففيها الزكاة، فإن كانت تجوز بجواز الوازنة رأيت فيها الزكاة دنانير كانت أو دراهم".
قال مالك في رجل كانت عنده ستون ومائة درهم وازنة وصرف الدراهم ببلده ثمانية دراهم بدينار: إنها لا تجب فيها الزكاة، وإنما تجب الزكاة في عشرين دينارا عينا أو مائتي درهم".
قال مالك في رجل كانت له خمسة دنانير من فائدة أو غيرها فتاجر فيها، فلم يأت الحول حتى بلغت ما تجب فيه الزكاة: أنه يزكيها، وإن لم تتم إلا قبل أن يحول عليها الحول بيوم واحد، أو بعد ما يحول عليها الحول بيوم واحد، ثم لا زكاة فيها حتى يحول عليها الحول من يوم زكيت".
وقال مالك في رجل كانت له عشرة دنانير فتاجر فيها فحال عليها الحول، وقد بلغت عشرين دينارًا: "أنه يزكيها مكانها ولا ينتظر بها أن يحول عليها الحول من يوم بلغت ما تجب فيه الزكاة؛ لأن الحول قد حال عليها وهي عنده عشرون، ثم لا زكاة فيها حتى يحول عليها الحول من يوم زكيت".
قال مالك -رحمه الله-: "الأمر المجتمع عليه عندنا في إجارة العبيد، وخراجهم، وكراء المساكين، وكتابة المكاتب، أنه لا تجب في شيء من ذلك الزكاة قَلّ ذلك أو كثر حتى يحول عليه الحول من يوم يقبضه صاحبه".
وقال مالك: "في الذهب والورق يكون بين الشركاء إن من بلغت حصته منهم عشرين دينارًا عينًا أو مائتي درهم فعليه فيها الزكاة، ومن نقصت حصته عما تجب فيه الزكاة فلا زكاة عليه، وإن بلغت حصصهم جميعًا ما تجب فيه الزكاة، وكان بعضهم في ذلك أفضل نصيبًا من بعض، أخذ من كل إنسان منهم بقدر حصته إذا كان في حصة كل إنسان منهم ما تجب فيه الزكاة، وذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة)).
قال مالك: "وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك".
قال مالك: "وإذا كانت لرجل ذهب أو ورق متفرقة بأيدي أناس شتى فإنه ينبغي له أن يحصيها جميعًا، ثم يخرج ما وجب عليه من زكاتها كلها"
قال مالك -رحمه الله-: "ومن أفاد ذهبًا أو ورقًا إنه لا زكاة عليه فيها حتى يحول عليها الحول من يوم أفادها".
يقول المؤلف -رحمه الله- تعالى: باب الزكاة في العين من الذهب والورق:
حدثني يحيى عن مالك عن محمد بن عقبة، أخي موسى بن عقبة، صاحب المغازي المشهور، مولى الزبير: أنه سأل القاسم بن محمد، في بعض الروايات: سمع القاسم بن محمد، سأل القاسم بن محمد بن أبي بكر أحد الفقهاء السبعة، الذين يجمعهم قول الشاعر:
فخذهم عبيد الله عروة قاسم سعيد أبو بكر سليمان خارجة
أنه سأل القاسم بن محمد عن مكاتَب له قاطعه بمال عظيم، بمال عظيم، عن مكاتَب له قاطعه بمال عظيم، قاطعه، كيف قاطعه؟ يعني اتفق معه على مال عظيم، وما زالت هذه اللفظة دارجة، قاطعه هذه اتفق معه، نعم،؟ قاطعه بمال عظيم، لكن هل الآن هذه المكاتبة ابتداءً بما لم يتفق معه على مال يدفعه له؟ كما هو شأن الكتابة، أو إنما هو تعجيل بعض ما اتفقا عليه، كأن يكونا اتفقا على ألف مثلًا مؤجلة، كل سنة مائة، فقال: تعطيني خمسمائة حالة، وننتهي، يعني كالدين ضع وتعجل، ضع وتعجل، كأن ابن عبد البر فهم هذا أنه اتفق معه على بعض ما اتفقا عليه ليكون معجلًا، فهل فيه زكاة؟ كل منهما مستفيد، المكاتب يتعجل المالك الدائن، والمكاتب كالمدين يقل عليه الدين، وفيه رفق بالطرفين، فهل فيه زكاة؟
قاطعه بمال عظيم هل عليه فيه زكاة؟ فقال القاسم: "إن أبا بكر الصديق لم يكن يأخذ من مال زكاة حتى يحول عليه الحول".
واشتراط الحول مجمع عليه، مجمع عليه في الماشية والنقد المعشرات، لكن بالنسبة لما يخرج من الأرض فزكاته، {آتوا حقه يوم حصاده} فالحول ثابت بالنصوص المرفوعة، وهو مجمع عليه بالنسبة لما عدا الخارج من الأرض.
لم يكن يأخذ من مال زكاة حتى يحول عليه الحول، وهذا الجواب، جواب القاسم بن محمد من فعل أبي بكر -رضي الله تعالى عنه-، وفعل صحابي من الخلفاء الراشدين الذين أمرنا بالاهتداء بهديهم، والاستنان بسنتهم، وجاء فيه الحديث الصحيح المرفوع، حتى يحول عليه الحول، فعلى هذا إذا قبض المال، إذا قبض المال سواءً كان كراء أجرة، أو كسب، أو تعجيل لدين كما هنا، والدين يختلف وضعه من مليء وغير مليء، فالدين على المليء يزكى في وقته، كلما حال عليه الحول يزكى، والدين على المعسر ينتظر حتى يقبض فيزكيه إذا قبضه، وهنا مال معجل قبل استحقاقه فلا زكاة فيه إذا قبض حتى يحول عليه الحول.
قال -رحمه الله-: قال القاسم بن محمد: "وكان أبو بكر إذا أعطى الناس أعطياتهم" يعني من بيت المال، جمع عطايا، والعطايا جمع عطية، "يسأل الرجل: هل عندك من مال وجبت عليك فيه الزكاة؟ يعني بأن كان نصابًا وحال عليه الحول، فإذا قال: نعم، أخذ من عطائه زكاة ذلك المال، الذي عنده، وإن قال: لا، أسلم إليه عطاءه، ولم يأخذ منه شيئًا.
يعني لعدم وجوب شيء عليه فذمته فارغة فيسلم له عطاءه كاملًا، وعلى هذا لو كان هناك المستحق على شخص له في بيت المال عطاء مرتب، أو له راتب مقابل عمل يقوم به، سواءً كان عمله بدون ما يعطاه من بيت المال بدون عمل، أو بعمل، له راتب يتقاضاه من بيت المال، ويجب عليه إما لبيت المال أو لغيره من الفقراء والمساكين، المقصود أن للإمام أن يأخذ من هذا العطاء، ومن هذه الأجرة بقدر ما تبرأ به ذمته، بهذا يكون قد أعين هذا الشخص على نفسه، وفيه تصديق الناس في أموالهم التي فيها الزكاة؛ لأن هذه ديانة، فيقبل قوله، عليك زكاة؟ والله ما علي شيء، يسلم كاملا، وإذا قال علي، أخذ منه بقدرها، فتصدق، نعم؟
طالب:......
الجباة، بالنسبة للسعاة، السعاة يبعثهم الإمام لجباية الزكاة، وهذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يبعث، بعث عمر وغير عمر لجباية الزكاة، لكن أنت افترض أن الناس أموالهم تجارات خفية، ومما يعان عليه المرء أن يوجد من ينبه، هل أخرجت الزكاة، عليك زكاة؟ ويعان على إخراجها، فتؤخذ منه، وفيه أيضًا هنا مصلحة الزكاة، تؤخذ من التجار.
على كل حال هذا المأثور.
فإذا قال نعم، أخذ من عطائه زكاة ذلك المال، الذي عنده، وإن قال: لا، أسلم إليه عطاءه، ولا يحتاج أن يحضر بينة، ولا يستحلف إلا إذا شك في أمره، أن ظاهره الثراء، قيل عندك زكاة؟ قال: أنا والله ما أملك شيئًا، فمثل هذا قد تطلب منه البينة، وقد يُستحلف، لا سيما إذا ظهرت عليه أمارات وقرائن تدل على أنه عنده أموال ولا يزكيها، بدليل أن الذي يدعي أنه أصابته فاقة مثلًا، وظاهره على خلاف ما يدعيه أنه لا يقبل قوله حتى يشهد له ثلاثة من ذوي الحجا، وإلا فالأصل أنه لو جاء شخص لم يعرف بغناه، وطلب الزكاة، وظاهره يدل على ذلك يعطى، من غير بينة ولا استحلاف، لكن إذا كان ظاهره على خلاف ما يدعيه، فلا بد من التأكد من حاله ووضعه.
يقول: وحدثني عن مالك عن عمر بن حسين بن عبد الله الجمحي مولاهم، عن عائشة بنت قدامة بن مظعون، وهي صحابية وأبيها صحابي، عن أبيها أنه قال: "كنت إذا جئت عثمان بن عفان في خلافته، أقبض عطائي، سألني: هل عندك من مال وجبت عليك فيه الزكاة؟ قال: فإن قلت: نعم، أخذ من عطائي زكاة ذلك المال، وإن قلت: لا، دفع إلي عطائي".
يعني كاملًا، وصنيع عثمان مثل صنيع أبي بكر -رضي الله تعالى عنه-، فالإنسان يصدق في ديانته، وعلى هذا لو قيل لفلان: صليت يا فلان؟ قال: نعم، ما يقال له: احلف أنت صليت وإلا ما صليت، هذه ديانة بين المرء وربه، ديانة بين العبد وربه، إلا إذا ظهرت عليه أمارات تدل على أنه كاذب، حينئذ يحتاط في أمره.
الزكاة وإن كان وجوبها في عين المال، إلا أن لها تعلقًا بالذمة، وهذا يدل على أن صنيع أبي بكر وصنيع عثمان يدل على أن الزكاة تؤخذ من غير المال، إذا كان من جنسه فلا إشكال، يعني زكاة فلان عشرة آلاف من ماله الذي في محله التجاري، فطلبت منه عشرة آلاف، قال: والله ما عندي شيء، خلوني أبيع هذه السيارة ومن ثم أعطيكم قيمتها، هل يقال: لا، لا تعطينا إلا من نفس المحل؟ لا يلزم، بدليل أن أبا بكر من الأعطية يحسم الزكاة، ليست من عين المال، نعم الوجوب الأصلي في عين المال ويتعلق بالذمة والأموال من جنس واحد ينوب بعضها عن بعض.
يقول: ألا يفرق بين الملي الباذل وغير الباذل؟
غير الباذل ليس بملي، الشخص الذي لو كانت عنده الأموال، لكن لا يستطيع إخراج المال منه، ليس بملي.
يقول: وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول: "لا تجب -يعني الزكاة- في مال حتى يحول عليه الحول". حتى يحول عليه الحول، هكذا رواه مالك موقوفًا على عبد الله بن عمر، ووصله ابن عبد البر في التمهيد من طريق عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر، قال: قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول)) فيثبت مرفوعًا.
يقول الدارقطني: والصحيح وقفه كما في الموطأ، لكن إذا جاء خبر مرفوعًا وجاء موقوفًا والاحتمال أن الراوي رواه مرة هكذا، ومرة هكذا، نشط مرة فرفعه، ومرة لم ينشط فوقفه، فالمسألة خلافية بين أهل العلم، وليست هناك قاعدة يعني مطردة يمكن أن يحكم بها أنه يحكم للرفع مطلقًا أو للوقف مطلقًا، المقصود أن مثل هذا جاء رفعه بخبر صحيح، وهو مجمع عليه أيضًا، دل الإجماع على ثبوت الخبر فيه.
يقول: وحدثني عن مالك عن ابن شهاب أنه قال: "أول من أخذ من الأعطية الزكاة معاوية بن أبي سفيان".
مالك عن ابن شهاب أنه قال: "أول من أخذ من الأعطية الزكاة معاوية بن أبي سفيان" طيب ماذا عن صنيع أبي بكر وعثمان، نعم؟
طالب:......
نعم قد يكون خفي عليه صنيع أبي بكر وعثمان، أو حمله على وجه من الوجوه، نعم أو بعد انقراض عصر الخلافة الراشدة، على كل حال تأويله سهل، وإلا فقد ثبت عن أبي بكر وعثمان وهما قبل معاوية.
قال مالك: "السنة التي لا اختلاف فيها عندنا، يعني في المدينة، أن الزكاة تجب في عشرين دينارًا عينًا، كما تجب في مائتي درهم".
وبهذا قال جمهور العلماء، وقالت طائفة: لا زكاة في الذهب حتى يبلغ صرفها مائتي درهم، فيكون الأصل في النقود الفضة، يرد إليها الذهب، إذا كان صرف الذهب مثلًا الدينار بعشرة دراهم، استوت الفضة مع الذهب، فإذا ملك عشرين دينار وجبت فيه الزكاة؛ لأنه يبلغ نصاب الفضة، مائتي درهم، أما إذا كان صرف الدينار تسعة دراهم مثلًا، فصار العشرون دينارًا مائة وثمانين درهمًا لا تجب فيها الزكاة، هذا على هذا القول، وإذا قلنا: إن الذهب أصل برأسه، فإذا بلغ عشرين دينارًا وجبت الزكاة سواءً بلغت المائتي درهم أو لم تبلغ، وهذا هو القول المرجح عند الجمهور أن الذهب أصل برأسه، والفضة أصل برأسها، ثم بعد ذلك يختلفون في العروض، هل مردها الذهب أو الفضة؟ كل له رأي، وقل مثل هذا في السرقة ونصابها، المقصود أن مثل هذا محل خلاف بين أهل العلم، والأولى التقدير بالأحظ للفقراء، والمساكين، التقدير بالأحظ، عندك عروض تجارة، هل نقومها بالذهب أو نقومها بالفضة؟ إذا قومناها بالذهب فنحتاج إلى أن تكون العروض قريبة من ألفين مثلًا، إذا قلنا: نصاب الذهب كم؟
طالب:......
نعم كله، هذا القدر، نصاب الذهب عشرون مثقالاً، يعني إحدى عشر جنيهًا، وأربعة أسباع الجنيه، النصاب، كم إحدى عشر جنيه، الجنية بكم؟ بأربعمائة ريال، نعم.
طالب:......
قال: ثلاثمائة، باعتبار أن الجنيه ثمانية جرامات، والجرام يساوي أربعين، يعني قل ثلاثمائة ريال، نحتاج إلى ثلاثة آلاف وكسور، بينما إذا قلنا: نصاب الفضة ستة وخمسين ريالاً عربيًّا سعوديًّا فضة، وافترض مثلًا أن الريال العربي خمسة عشر ريالاً، كم؟ ثمانمائة ريال، أكثر من ثمانمائة بقليل، فنقدر بالفضة؛ لأنها أحظ للمساكين.
طيب افترض أن شخصًا يملك نصاب فضة، عنده ثمانمائة ريال، وقدرناها بالفضة فإذا هي نصاب، وهذا الشخص الذي عنده ثمانمائة لا يكفيه شهري مع أسرته إلا ألفين ريال، هذه مسألة مهمة جدًّا، ويختلف فيها أهل العلم.
بمعنى أنه هل يمكن أن يوصف الشخص في آن واحد بأنه معطٍ للزكاة وآخذ في آن واحد أو لا؟ لأنه في حديث معاذ قسم الناس إلى قسمين: أغنياء تؤخذ منهم الزكاة، فقراء يعطون الزكاة، فهل نقول: إن هناك من الناس من يأخذ ويعطي في آن واحد؟ تؤخذ من أغنيائهم، فالذي يزكي غني، والغني لا تحل له الزكاة، فإذا أخذنا منه الزكاة وصفناه بأنه غني، والأصل أن الغني لا يأخذ الزكاة، تؤخذ منه ولا يأخذ، فهل نقول: إن هذا الشخص الذي عنده ثمانمائة ريال، ويحتاج إلى ألفين مصروف نأخذ منه عشرين ريالاً ونعطيه ألف ومائتين؟ لا، مسألة الوقت وغيره، يعني المسألة أنه هل يمكن أن نصف الشخص بأنه غني فقير في آن واحد؟ نعم؟
طالب:......
دعنا بما نحن فيه، الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم)) فالذي تؤخذ منه الزكاة غني، بالنص غني، فهل نقول: إن له أن يأخذ وهو غني، أو إذا أخذنا الزكاة من غني في حال دفع الزكاة، ثم ينقلب بعد ساعة إلى فقير، إذا أخذنا منه عشرين ريالاً من الثمانمائة انتقل إلى فقير يأخذ الزكاة.
طالب:......
ما أظنكم، ما فهمتم قصدي من طرح الإشكال، النص يدل على أن الناس أحد اثنين: غني يدفع الزكاة، فقير يدفع الزكاة، ولا واسطة، فكيف نقول لشخص: إنه يدفع ويأخذ؟ فإما أن نعطيه أو أن نأخذ منه، نعم.
طالب:......
الحديث جرى على الغالب، ولا يمنع أن تكون هناك حاجة قائمة مع وجود نصاب حال عليه الحول، لكن قد يقول قائل: وهذا متصور، يمكن تبغي أن تقوله أنت، نعم، كيف تريد أن تمكث عنده هذه الثمانمائة لمدة سنة فيحول عليها الحول ويحتاج إلى ألفين شهريًّا، نعم، أو دين في ذمة شخص، ثم سلمه إياها، يعني المسألة متصورة لكن يعني ما يمكن أن تبقى الثمانمائة لمدة سنة نعم ومع ذلك يأخذ، افترض هذا في امرأة عندها حلي وتجب فيه الزكاة عند من يقول بوجوب زكاة الحلي، نعم، تزكي الحلي وتأخذ من الزكاة، وهذا لا إشكال فيه، إنما يرد الإشكال من الوصف، الوصف بالغنى والفقر معروف أنه أمر نسبي؛ لأنه الآن من عنده ثمانمائة فقير، قد يكون في وقت من الأوقات من أصحاب الأموال، الثروات، من أصحاب الدثور، الذي عنده ثمانمائة، نعم.
قال مالك: "ليس في عشرين دينارًا ناقصة بينة النقصان زكاة؛ لعدم بلوغ النصاب، قد يقول قائل: كيف تكون عشرين، وتكون ناقصة، نعم.
طالب:......
طيب، يعني نقص وزنها، أو نقصت بالغش مثلًا، بل هناك دراهم صحاح، ودراهم مكسرة، يعني معروفة عندهم، نعم، شخص عنده عشرين دينارًا، إحدى عشر جنيهًا، وأربعة أسباع الجنية عيار ستة عشر، نعم، عيار ستة عشر، عليه زكاة وإلا ما عليه زكاة؟ عيار أربعة وعشرين ناهي، وما دونه ينقص بحسبه، ويأتي في كلام مالك أن هذه الدراهم التي نقصها لا أثر له في السوق وإن كانت ناقصة، تنفق، يعني في السوق تمشي مشي التامة، هذا لا أثر له على النقص، لكن إذا كان نقصًا بينًا، عيار أقل من ستة عشر، بالعيار اثني عشر مثلًا، الدينار عن نصف دينار، مثل هذا مؤثر في الزكاة.
يقول: "ليس في عشرين دينارًا ناقصة بينة النقصان، يعني نقص عيار واحد مثلًا ما يضر، لكن أكثر من ذلك، بحيث يعتبرها أصحاب الذهب معيبة فمثل هذه النقص مؤثر.
"ليس في عشرين دينارًا ناقصة بينة النقصان زكاة؛ لعدم بلوغ النصاب؛ لأن المسألة مسألة الكلام كله على الصافي، يعني لو وجد كسر ذهب مثلًا، المقصود بمجموعها بوزنها، فإن زادت حتى تبلغ بزيادتها عشرين دينارًا، وازنة ففيها الزكاة، يعني اعتبر مثلًا شخص عنده إحدى عشر جنيهًا، وأربعة أسباع الجنية من عيار ستة عشر، إذا نسبناها إلى عيار أربعة وعشرين قلنا: ناقصة، لو افترضنا أنها عيار اثنا عشر احتجنا إلى أن نضاعف العدد لنوجب الزكاة، احتجنا إلى أن نضاعف العدد لنوجب الزكاة.
وليس فيما دون، يعني أقل من عشرين دينارًا عينًا الزكاة، النصاب عشرون دينارًا، وفيها نصف دينار، في العشرين النصف، لكن لو أخذ دينار كامل، فما الواجب عليه؟ شخص عنده عشرين دينارًا، فقال: هذا الدينار زكاة، هل نقول: النصف واجب، والنصف الثاني صدقة مستحبة؟ أو نقول: الكل واجب؟ نعم؟
طالب:......
ما عنده إلا عشرون، وهذا مثلوا به بالروضة، روضة الناظر، لمسألة من أهم المسائل، الزيادة على القدر الواجب إن كانت متميزة بنفسها، أو غير متميزة كمن أدى دينارًا عن عشرين، بالروضة مثال، تصير واجبة وإلا مندوبة، يعني فرق بين من يدفع صاعًا مكيسًا زكاة فطر، ثم يدفع ثاني مثله مكيسًا، الثاني ندب اتفاقًا، لكن لو جاء بكيس مثلًا كامل، يسع خمسة عشر صاعًا، وهو فرد واحد، وقال: هذه زكاة فطر، واجبة عليه، وإلا الواجب عليه صاع؟ غير متميز هذا، إذا كان متميزًا هذا ما فيه إشكال، لكن هذه غير متميزة، نعم.
طالب:......
نعم، قاعدة، حتى ذكرها ابن رجب وغيره، قاعدة مهمة من قواعد الفقه ولها فروع، يعني إخرج كيس زكاة فطر، ثم سرق هذا الكيس قبل أن يسلمه الفقير بتفريط منه، يلزمه صاع، وإلا يلزمه كيس؟ ولا يلزمه صاع، ما هو بالواجب عليه هذا الكيس، لا نحكم بآرائنا وعندنا قواعد منتظمة ومرتبة عند العلماء، يعني فرط في مال وجب عليه للفقير، ويفرقون بين الزيادة المتميزة بنفسها، والزيادة غير المتميزة، ولذلك الحنابلة ما يرد عليهم مشكلة في كون الإمام إذا أطال الركوع عن القدر الواجب ثم لحق به آخر يعني مسبوق، وأدرك الركوع بعد مضي الوقت الواجب عليه، وهم لا يجيزون المتنفل خلف المفترض، يقولون: كله واجب؛ لأن الزيادة غير متميزة بنفسها، هذا من فروع هذه القاعدة، لا نذر ولا لفظ، ولا قال: لله علي، ولا شيء، قال: بدل ما أدفع صاعًا، وأنا الحمد لله، الكيس بمائة ريال، ندفعه كاملاً، نعم.
طالب:......
إن كنتم تريدون مراجعتها أعدناها غدا وإلا ما ينفع نأتي فارغين.
طالب:......
يعني زيادة غير متميزة واجبة، هل تلزم الصدقة قبل القبض؟ إذا قلنا ليست بواجبة، وإن قلنا واجبة خلاص يضمن الواجب بواجب، وضمان الجميع واجب عليه إن قلنا واجبة، تبحثونها يا إخوان وإلا ما تبحثونها؟ يعني ما ينفع.
يا إخوان العلم ترون يحتاج، مترابط ما ينفك بعضه عن بعض، القواعد التي يقعدها أهل العلم ويفرعون عليها ترى ما جاءت من فراغ، والله نحتاج إلى أن نأخذ العلم بجميع فروعه، والقواعد التي قعدها أهل العلم هي مأخوذة من النصوص، وهي تضبط لطالب العلم فقهه، أما إذا كان ما يأوي إلى أصل ولا إلى قاعدة كيف يتفقه؟ خلافًا لمن يقول: نحن نريد نخرج محدثين، ولا نريد أن نخرج متكلمين، يعني جعلوا كل ما يتعلق بالفقه والقواعد الأصولية، والفقهية، وأصول الفقه كلها من صنيع المتكلمين، ولقائل أن يقول: أنت تريد أن تخرج ظاهرية ولا تريد أن تخرج فقهاء.
على كل حال الأصل والأساس هو الكتاب والسنة، لكن طالب العلم بحاجة ماسة على ما يحسن به التعامل مع نصوص الكتاب والسنة، وإلا ما يختلف أحد أن الكتاب والسنة هما المصادر الذي لا ثالث لهما إلا ما دل الدليل على اعتباره كالقياس مثلًا، والإجماع.
والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.